العودة   مصر موتورز مجتمع السيارات > النادى الثقافى الاجتماعى > ثورة الحرية 25 يناير

ثورة الحرية 25 يناير ساحة ثورة الحرية 25 يناير تحوى كل الموضوعات المتعلقة باﻷحداث التى مرت و تمر بها مصر الغالية منذ هذا اليوم و حتى اﻵن ... و هى ساحة الحوار السياسى الراقى و المسئول


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #46  
قديم 16-03-2012, 01:15 AM
الصورة الرمزية AbOnOrA
AbOnOrA AbOnOrA غير متواجد حالياً
Aِِbo(Nora&Islam&Judy)
Wael Magdy Salah
من انا؟: ابو نورا واسلام
التخصص العملى: IT Consultant
هواياتي: Computers, Automotives
 
تاريخ التسجيل: May 2008
الموقع: ام الدنيا مصر
المشاركات: 17,076
AbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond repute
افتراضي رد: عسكر متأمرون


دروس انتفاضة يناير 1977

بحسب الاشتراكيين الثوريين

اندلعت الشرارة الأولى لانتفاضة يناير بخطاب نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية، الدكتور عبد المنعم القيسوني، أمام مجلس الشعب في 17/1 بمناسبة تقديم مشروع الميزانية عن 1977 حيث أعلن إجراءات تقشفية لتخفيض العجز، ومنها تخفيض الدعم للحاجات الأساسية بصورة ترفع سعر الخبز بنسبة 50 % والسكر 25 % والشاي 35 % وكذلك بعض السلع الأخرى ومنها الأرز وزيت الطهي والبنزين والسجائر وربط هذا بضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدبير الموارد المالية الإضافية اللازمة. وقد بدأ التنفيذ الفعلي في يومها أي قبل الإعلان أمام مجلس الشعب، فرفع التجار وبعض المحلات أسعار المواد الغذائية، وكذلك فعلت المطاعم الصغيرة على الفور، فأحست الجماهير بالكارثة مباشرة فضلاً عن إذاعة الخبر في الراديو والتليفزيون. وقد أثار الغضب إدراك الجماهير بالتواء سياسة الدولة وكذبها وخداعها للجماهير في تصريحاتها فقامت تجمعات جماهيرية وعمالية في بعض أحياء الإسكندرية والقاهرة ومنطقة حلوان الصناعية خاصة منذ مساء يوم 17/1 وتوقفت المواصلات بين حلوان والقاهرة بعض الوقت.

لكن المظاهرات اندلعت بصورة هائلة منذ صباح يوم 18/1 عندما فوجئ الناس بشكل ملموس بالسعر المضاعف للرغيف. وكان عمال حلوان هم الذين بدءوا التحرك. فقبل الساعة التاسعة صباحًا، خرج عمال شركة مصر / حلوان للغزل والنسيج في مظاهرة طافت الضاحية الصناعية، وانضم إليهم عمال مصانع أخرى ومنها المصانع الحربية وكانت الهتافات موجهة ضد زيادة الأسعار وبسقوط الحكومة وتحمل عداءًا صريحًا للسادات وعائلته. وقامت قوات الشرطة بمحاولة عزل منطقة حلوان عن القاهرة لمنع العمال من النزول إلى العاصمة، في نفس الوقت الذي وضع فيه العمال الحواجز على قضبان قوات النظام. وألقيت الحجارة على السيارات التي رفضت تهدئة السير. ووصلت مظاهرة العمال إلى القاهرة فتشكلت بهم وبغيرهم مظاهرات أخرى في الأحياء الشعبية كما انضم بعضهم إلى مظاهرة لطلبة جامعة عين شمس.

وفي شبرا الخيمة المنطقة الصناعية العريقة بتاريخها النضالي، اضرب العمال واعتصموا في بعض المصانع فتوقف الإنتاج.

واجتمع طلبة هندسة عين شمس في مؤتمر يندد برفع الأسعار، ثم خرجوا في مظاهرة انضم إليها طلبة من الكليات الأخرى واتجهوا نحو مجلس الشعب لتقديم احتجاج على قرارات القيسوني وأثناء مرورهم بشارع الجيش انضم إلى المظاهرة نساء الأحياء الشعبية وفي ميدان التحرير انضم إليهم موظفون وطلبة جامعة القاهرة. وتلاقت المظاهرة الواحدة بالأخرى وذهبت هذه الكتل في معظمها إلى مجلس الشعب مرددة هتافات عدائية للحكومة والنظام ودخل وفد من الطلبة إلى رئاسة المجلس لتقديم المطالب وعند غياب الوفد تصدرت النساء محاولة للهجوم على حرس المجلس على ظن أن أفراد الوفد قد اعتقلوا فقام البوليس بتفريق المظاهرة، وتشتتت في مجموعة من المظاهرات في الأحياء المجاورة.

قال بعض الصحفيون أن المظاهرات كانت سليمة تمامًا حتى الساعة حيث اصطدمت بها قوات البوليس بعد أن كانت شبه غائبة من قبل، وقوات الأمن المركزي أيضًا. إلا أنه في الواقع قد وقعت مصادمات قبل ذلك فقد هاجم المتظاهرون بعض الأقسام مثل قسم شرطة الأزبكية بميدان العتبة والذي حاولوا إشعال النار فيه وكذلك قسم السيدة زينب وقسم الدرب الأحمر. وجرت محاولات لاقتحام مبنى مديرية أمن القاهرة بباب الخلق وقذفت قسم الساحل بالأحجار وتم تدمير عدد من الأتوبيسات وواجهات المحلات ومصابيح صورة كبيرة للسادات في أحد الميادين المركزية ورشقوا قوات الأمن المركزي بالأحجار فألقت عليهم القنابل المسيلة للدموع التي كانوا يجمعوها ويعيدوا إلقائها على الجنود. وكذلك ألقيت الأحجار على مباني الجامعة الأمريكية الواقعة في ميدان التحرير والتي كانت تمثل في أعين الكثيرين مركز الأغنياء ومع ذلك فصحيح أن المظاهرات اشتدت عنفًا واتساعًا في المساء حيث تدفقت عليها عشرات الآلاف من سكان القاهرة الأشد فقرًا وعمت أعمال قذف السيارات الفاخرة بالأحجار وفي الجيزة وإمبابة قذف مكتب البريد حيث يقف كبار السن لساعات طويلة لتحصيل معاشاتهم كما وضعت المواسير بعرض الطرق لعرقلة المرور وقذف المتظاهرون وفندق شيراتون الفاخر بالأحجار وحطموا إعلانات النيون البراقة عن السلع الكمالية التي لم يكن في استطاعة محدودي الدخل شرائها.

وفي الإسكندرية بدأت المظاهرات بعمال الترسانة البحرية في صبيحة 18 يناير وكانت هذه المظاهرات أكثر حدة من غيرها نتيجة لشدة توتر الجو العمالي في ترسانة الإسكندرية بسبب موجات الفصل التي بلغت يوميًا 26 عاملاً مفصولاً في هذه المنشأة الصناعية الكبيرة. وانضم إليهم عمال الشركات المجاورة واتجهت المظاهرات إلى قصر الاتحاد الاشتراكي تهتف ضد الحكومة وتقذف قوات الشرطة والأمن بالحجارة. وانضم إليهم طلبة الجامعة. وحطمت السيارات وعربات الترام والأتوبيسات وألقيت الأحجار على استراحتى رئيس الجمهورية ونائبه حسني مبارك، واقتحمت نقط الشرطة وأحرقت سينما أوديون ومباني لشركات كبرى ومجمعات استهلاكية حيث تتفشى المحسوبيات والرشاوى ولا يأخذ الفقير غير الرديء من السلع. كما حطمت المظاهرات واجهات محلات عديدة وأصيب 132 شخصًا بالأعيرة النازية.

واندلعت مثل هذه المظاهرات في مدن الأقاليم في المنصورة والمنيا وقنا والسويس وفاقوس وأسوان، حيث جرت الهجمات على مراكز الشرطة والأتوبيسات ومباني المصالح الحكومية ومحلات بيع السلع الكمالية، وفي أسوان، أحرقت أقواس النصر المخصصة لزيارة تيتو الملغاة في الوقت الذي كان فيه السادات بالمدينة.

وفي اليوم التالي اندلعت المظاهرات بشكل واسع وأعنف من الصباح حتى صارت العاصمة عند الظهر ميدان قتال تجوبه مظاهرات بعشرات الألوف. ففي حوالي الساعة الثامنة صباحًا، أضرب عمال الوردية الأولى لشركة الحرير الصناعي وعمال مصنع 45 الحربي في حلوان عن العمل وخرجوا في مظاهرة. وتوقفت المواصلات بين حلوان والقاهرة بسبب الأحجار التي وضعت على خطوط القطار. وتجمع عمال حلوان أمام محطة القطار المؤدي إلى المصانع ففرقتهم قوات الشرطة فتحولوا إلى مظاهرات تجوب وسط المدينة. وخرجت مظاهرة عمالية في الصباح أيضًا من مصانع “سوجات” بحدائق القبة. ثم قامت المظاهرات في جميع أنحاء المدينة، تهاجم الحكومية وخاصة أقسام الشرطة ومديريات الأمن وغيرها. وهاجموا دار أخبار اليوم وحرقوا كميات من ورق الطباعة، وحاولوا اقتحام بنك مصر فلم ينجحوا فحكموا وأتلفوا 30 طن أسمنت مخصصة لعمليات كوبري رمسيس. وجرت مصادمات بين المتظاهرين ورجال الشرطة الذين أطلقوا النار على المتظاهرين لمنعهم من الاستيلاء على أسلحة الأقسام وكذلك اتجه هجومهم إلى الملاهي الليلية والفنادق الكبرى. وبعد الظهر تجمعت أعداد كبيرة من العمال وطلبة الجامعة في ميدان التحرير وتوجهوا إلى مجلس الشعب حيث رفضوا أوامر البوليس بالتفرق وجرت مظاهرات مماثلة في العتبة والسيدة زينب والدرب الأحمر وأحياء أخرى عديدة، وأطلقت قوات الأمن المركزي الرصاص على مظاهرة في حي الأزهر فقتلت صبيًا. وفي إمبابة تظاهر عمال مصنع الشوربجي شركة الشرق وقذفوا مركز إمبابة فأطلق البوليس عليهم النار فوضعوا العوائق على السكة الحديدية في المنطقة وأشعلوا النار في أحد القطارات.

وشهدت الجيزة أيضًا معارك مماثلة بين الجماهير والأمن المركزي وهاجموا أقسام الشرطة والمصالح الحكومية وأشعلوا النيران في بعض سيارات الشرطة. وفي هذه الصدامات استخدمت الشرطة كميات كبيرة من القنابل المسيلة للدموع والأعيرة النارية ودرت أحداث مماثلة في الأقاليم وفي السويس اقتحم المتظاهرون مخزن السلاح في قسم الشرطة وأخذوا يطلقون النار أما في المنصورة فأخرجوا أثاث منزل المحافظ وأحرقوه. وشهدت قنا والمنيا وأسوان وأغلب المدن المصرية الأخرى أحداثًا مشابهة.

وروى أحد شهود العيان حادثة شخصية تعبر عن روح الجماهير التي خرجت تواجه السلطة وتحطم رموزها فعندما كان مارًا على كوبري قصر النيل ورأى شباب يحرقون السيارات قال لأحدهم: إنك تحرق بلدك؟ فرد عليه الشاب: إنها ليست بلدي، إنها بلد الآخرين.

وفي الساعة الثانية والنصف يوم 19/1 أذاعت الحكومة قرارها بإلغاء رفع الأسعار فهدأت بعض المناطق في حين أن بعض الأحياء استمرت تقاتل حتى ساعة متأخرة من الليل وفجر يوم 20 في صدامات مع قوات المشاة الميكانيكية والصاعقة والشرطة العسكرية التي نزلت بعد إعلان حظر التجول الساعة الرابعة بعد ظهر 19/1 في القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس ووقفت الدبابات أمام منزل السادات. وقد أشعل المتظاهرون النار في مقر الاتحاد الاشتراكي بميدان التحرير في الليل وبقيت حرائق صغيرة مشتعلة بالقرب من مجلس الشعب.

وكانت هناك إشارات متفرقة عن تردد في صفوف جنود الشرطة في قمع المظاهرات حيث أن زيادة الأسعار تصيبهم أيضًا. كما أن هناك إشارات عن امتعاض قوات الجيش الموجود حول القاهرة لقمع الجماهير مما اضطر الحكومة إلى سحب تشكيلات الجيش المرابط في الجبهة مع إسرائيل.

على الرغم من مرور 24 عامًا على انتفاضة 19،18 يناير إلا أنها ما زالت مثالاً حيًا على الطاقات الثورية الهائلة لدى الجماهير ومثالاً فذا أيضًا على الدور التفجيري الذي تلعبه الطبقة العاملة في الحركة الجماهيرية التي انطلقت شرارتها الأولى من شركة حلوان للنسيج والترسانة البحرية بالإسكندرية لتمتد إلى باقي أنحاء مصر احتجاجًا على رفع الأسعار.

وعلى الرغم من الخبرات الهامة والدروس الغالية التي قدمتها انتفاضة يناير 1977 إلا إنه لم تتم الاستفادة من هذه الخبرات والدروس بما يتناسب مع حجم الانتفاضة وطبيعتها، فأتساع نطلق الانتفاضة ليشمل أنحاء الجمهورية وعجز قوات الشرطة عن قمع الانتفاضة واضطرار النظام إلى استخدام الجيش لقمعها والتردد الشديد داخل صفوف الجيش إزاء أوامر القمع ضد الجماهير الثائرة وإجبار نظام السادات على التراجع عن قرارات رفع الأسعار إلى جانب عجز أحزاب اليسار الرسمية والراديكالية عن لعب دور فاعل ومؤثر في الانتفاضة ودفع قاطرة الثورة إلى الأمام جميعها أمور تحتاج إلى مناقشة جدية ومستفيضة واستخلاص خبرات تعين الثوريين على القيام بمهامهم بطريقة أفضل وفي اتجاه صحيح، لن نستطيع تناول جميع الجوانب المعلقة بالحدث وسنكتفي بتناول نقطتين نراهما على جانب خاص من الأهمية. النقطة الأولى هي طبيعة الأزمة التي فجرت الانتفاضة، والنقطة الثانية هي القصور في دور اليسار وطبيعة الدور المفترض أداءه من قوة ثورية في حدث كهذا. وإذا بدأنا بتناول الأزمة التي فجرت الانتفاضة فسنجد أن الفشل المبكر لمشروع رأسمالية الدولة الذي بدأه عبد الناصر على المستوى الاقتصادي والضربة القاضية سياسيًا لهذا النظام في يونيو 1967 كانت إيذانا بحتمية التحول من نظام رأسمالية الدولة إلى نظام السوق المفتوح أو الرأسمالية التقليدية بما يعني ضرورة تقديم الدعم الكافي للرأسمالية وتحسين شروط عملها في السوق المصري، ولن يتأتى هذا بالطبع سوى بالعصف بمكاسب الطبقة العاملة والفقراء بإلغاء الدعم على السلع الأساسية وخفض الضمان الاجتماعي ورفع الحماية عن العمال وتجريد الحركة العمالية من كل أدواتها الكفاحية إلى أخرى الإجراءات.

وربما ساعد خروج نظام السادات منتصرًا عسكريًا في حرب أكتوبر بغرض تشجيعه على التقدم في هذا الاتجاه بعد الدعاية المهولة التي صنعها حول الحرب. وإذا كانت سنوات ما بين حربي 1967 و1973 قد ساهمت في تأجيل تلك الإجراءات نسبيًا حلضمان استقرار أيضًا في تعميق الأزمة وتطويرها نتيجة لاستنزاف عملية الاستعداد للحرب جزء كبيرًا من موارد الدولة، لذا فقد أصبح التحول من نظام رأسمالية الدولة إلى السوق المفتوح أكثر إلحاحًا.

بلامبالاة شديدة أقدم النظام على القيام بهذه التحولات بنظام الصدمات الكهربائية على الرغم من قيام مجموعة الاحتجاجات في مواقع عمالية مختلفة في عامي 75 و76 كان من المفترض أن تكون صفارات إنذار تردع النظام عن المضي قدمًا في هذا الاتجاه، ولكن استعصاء الأزمة وحتمية التحول إلى جانب الغرور الذي انتابه بعد حرب أكتوبر دفعته دفعًا للمضي قدمًا، وقبلها وتحت وطأة الاحتجاجات العمالية المتلاحقة وخوفًا من عواقب القرارات الذي هو مقدم عليها أطلق النظام عبر أجهزة إعلامه سيلاً من التصريحات حول قدوم الرخاء والرفاهية ورفع المعاناة عن الشعب وغيرها. مما جعل وقع قرارات رفع الأسعار أكثر صدمة واستفزاز للجماهير، فتفجرت الانتفاضة.

ولكن ألا تشبه هذه الأوضاع ما نعيشه اليوم، فتحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الرأسمالية العالمية ومصر يندفع النظام في سياسة الخصخصة والتكيف الهيكلي ملقيا بعبء الأزمة على العمال والفلاحين والطبقات الفقيرة ويدفع بمئات الآلاف إلى سوق البطالة والتشرد ويسن القوانين ويصدر القرارات التي تشجع الرأسمالية على الاستثمار في مصر وبينما تعاني الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين والكادحين من الفقر وارتفاع أسعار السلع والخدمات تصر الحكومة على تصريحاتها حول إشادة البنك الدولي وصندوق النقد بنجاح خطة الإصلاح الاقتصادي في مصر وعن مراعاة الجانب الاجتماعي خلال عملية إعادة الهيكلة وعن تراجع معدلات التضخم وعجز الموازنة وزيادة معدلات النمو وعن أولوية مصالح الفقراء ومحدودي الدخل، كل ذلك بينما يتجاوز سعر الدولار حاجز الأربعة جنيهات منذرًا بقفزة في أسعار السلع ويحجم المستثمرون عن المجازفة برؤوس أموالهم في سوق غير مستقر وتضغط أزمة السيولة بشدة مسببة أزمة ركود خانقة ومازال النظام يصر على نجاح خططه، نفس اللامبالاة التي تصرف بها النظام في يناير 1977.

في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الاحتجاجات العمالية والجماهيرية مثلمًا تصاعدت عشية انتفاضة يناير 1977 بل وتتسع لتشمل قطاعات جديدة في الطبقة العاملة مثل عمال الخدمات والموظفين والمعلمين وغيرهم، ويضاف إلى كل ذلك الحركات الجماهيرية الماثلة أمام الجماهير في أنحاء العالم.

تلك الحركات التي أطاحت بسوهارتو في إندونيسيا وميلوسوفيتش في الصرب وفوجيموري في بيرو لترسم الطريق أمام الجماهير في مصر نحو الذهاب إلى أبعد من ذلك.

إن ذلك هو ما يجعلنا نناقش النقطة التالية وهي القصور في اليسار وطبيعة الدور المفترض أداءه من قبل قوة ثورية إزاء حدث بحجم انتفاضة يناير 1977، ينبغي أن نقر في البداية أن فترة الانقطاع التي شهدتها الحركة الشيوعية في مصر منذ قرار الحل سيئ السمعة في عام 1965 وحتى بداية السبعينات وتصاعد الحركة الجماهيرية المطالبة بحرب تحرير لسيناء هذه الفترة أثرت سلبًا بلك تأكيد على الحركة الجماهيرية، إذ إنها ألغت بضربة واحدة كل الرصيد الدعائي والتحريضي المنظم للحركة الشيوعية وأهدرت أيضًا كل الخبرات الكفاحية للحركة والذي كان منوطا أيضًا بالأحزاب الشيوعية حفظه ودعم الحركة الجماهيرية.

يضاف إلى ذلك أيضًا فترة الاستيعاب الناصري التي نجحت إلى حد بعيد في محاصرة امتصاص الحركة الجماهيرية، هذا ما جعل الحركة الشيوعية بأحزابها على درجة عالية من الضعف والانعزال خلال انتفاضة يناير 1977 وهو احد العوامل التي جعلت تأثيرها في الانتفاضة غير محسوس حتى وإن كان أفرادها شاركوا بدور هام في بداية الانتفاضة وأثناءها. وربما لعبت ظروف الميلاد الثاني للحركة الشيوعية لعد الحل وفي بداية السبعينات دورًا هامًا في طبيعة الحركة الشيوعية في ذلك الوقت، فلقد ولدت الحركة في ذروة القضية الوطنية، أرض محتلة بعد هزيمة عسكرية صادمة ونظام متردد تجاه حرب التحرير، ويتبنى مقولات غامضة مثل عام الحسم ثم الضباب مما أدى إلى أن تلعب القضية الوطنية دورًا محوريًا في فكر وممارسة الحركة الشيوعية الثورية في بلد محتل عليها أ، تضيف إلى جدول أعمالها قضية التحرر الوطني بل وتعتبرها أحد عناصر الثورة العمالية ضد الإمبريالية، ولكن تكمن المشكلة في تراجع باقي عناصر الثورة العمالية وبالذات تراجع قضية الصراع الاجتماعي الطبقي أمام القضية الوطنية، وبالتالي تصبح الحركة الشيوعية مجرد حركة وطنية على الرغم من وجود تواجد ملحوظ للحركة في المواقع العمالية والنقابات إلا أنها أتبعت باستمرار خطين منفصلين عن بعضهما وعن خط الثورة الاشتراكية، الخط الأول هو خط القضية الوطنية دو ربطها بالصراع الاجتماعي أي دون ربط مواجهة الامبريالية والصهيونية بمواجهة الرأسمالية والنظام، دون ربط التحرر الوطني بسلطة العمال. والثاني: خط النضال الاقتصادي في المواقع العمالية وحمايتها دو ربط ذلك بالتغيير الجذري ومختلف القضايا السياسية، التحرير والديمقراطية والعلاقة مع أمريكا وغيرها. كانت حالة من الازدواجية حرمت الحركة الشيوعية في مصر من تطوير إستراتيجية ثورية شاملة وهيكل تنظيمي متماسك وحامل لهذه الإستراتيجية ومستعد للتفاعل مع انتفاضة يناير 1977 على نحو أفضل، بالطبع لا يمكن إغفال التأثير السلبي للاتحاد السوفيتي على الحركة الشيوعية المصرية والذي تراوح ما بين التبعية العمياء للاتحاد السوفيتي والنقد الجزئي له إلا إنه شكل في كل الأحوال مرجعية هامة نظريًا وعمليًا لدى أغلب أحزاب الحركة الشيوعية في مصر والعالم مما أوقعها في هوة سحيقة من التحريف والتخبط انعكس في أدائها في اغلب المواقف ابتداء من قيام إسرائيل وحتى انتفاضة يناير 1977 وما بعدها. كما إنها لم تعد حزبًا ثوريًا متماسكًا يمتلك الجرأة الكافية لطرح مسألة السلطة العمالية على مقدمة مهام الانتفاضة. وبعد الطابع المباغت للانتفاضة هو التبرير الأكثر شهرة لعجز قوى اليسار في ذلك الوقت عن القيام بمبادرات فاعلة وسريعة تجاه الانتفاضة ولكن التبرير كهذا يتجاهل أن العفوية والمباغتة والانفجارية تكاد تكون أساسية في الانتفاضات الجماهيرية.

كانت انتفاضة فبراير 1917 في روسيا عفوية تمامًا بل وأكثر من ذلك سبقتها فترة من الخمود في الحركة جعلت البلاشفة يفقدون أي أمل في انتفاضة قريبة وعلى الرغم من ذلك استطاع حزب البلاشفة أن يحول انتفاضة فبراير إلى مقدمة لثورة أكتوبر. الطابع العفوي والانفجاري لحركة جماهيرية لا يلغي إطلاقًا دور القوة الثورية ربما تقوتها المبادرة الأولى وجائز جدًا أن ترتبك وتفاجأ في البداية ولكن عليها أن تسرع بأقصى سرعة إلى التفاعل المباشر مع حركة الجماهير وتسلحها بخبرات النضال الجماهيري وتناضل بإصرار من أجل تطوير شعارات ومطالب الحركة وتعميمها وتربط بين الأزمة الآتية والمطالب المباشرة وطبيعة السلطة والطبقة الحاكمة دافعة الحركة إلى حدها الأقصى. وأهم من ذلك، في حالة تراجع الحركة سواء بسبب القمع أو الاستيعاب بمكاسب جزئية، فعلى القوى الثورية أن تقوم بعملية الانسحاب المنظم لا يعنى ذلك بالطبع انسحاب الثوريين من الحركة الجماهيرية بل الانسحاب مع الحركة بشكل منظم يهدف أساسًا إلى منع روح الإحباط والانهزامية من التسلل إلى الجماهير وحماية خبرات الحركة ومكاسبها والتحول إلى تكتيكات تتناسب مع تغير الشرط الجماهيري.

لعب البلاشفة في 1905 هذا الدور فاستطاعوا الحفاظ على خبرات ثورة 1905 وأهما خبرة السوفيت والاستفادة منها في ثورة 1917 كذلك استطاعوا الحفاظ على وجود الحزب وسط جماهير الطبقة العاملة وتطويره بالإضافة إلى كشفهم لانتهازية المناشفة وتخاذلهم أمام حركة الجماهير والقطع معهم إلى الأبد. إن هذا ما يؤكد بشدة أن الحزب الثوري أداة للانسحاب المنظم مثلما هو أداة للهجوم المنظم وعلى الحزب أن يدرك بحساسية شديدة متى يتحول من الهجوم إلى الانسحاب المنظم وبالعكس. فقد كان عدم إدراك عصبة سيارتكوس في ألمانيا لضرورة هذا التحول وتوقيته سببا في سحق الحركة ومقدمة لصعود النازية. ولكن أي قوة ثورية يمكنها القيام بهذا الدور، إن حركة جماهيرية بحجم انتفاضة يناير 1977 كانت تحتاج بالفعل إلى حزب ثوري جماهيري له وجوده الحقيقي والمؤثر في المواقع العمالية وأوساط الجماهير المختلفة وله أدواته المتطور الدعائية والتحريضية المتداولة بين الجماهير وله كوادره الثورية المتماسكة القادرة على المبادرة وسط الجماهير والتفاعل مع حركتها في المواقع المختلفة هذا ما نطلق عليه الشرط الذاتي للثورة، فنضج الشروط الموضوعية من أزمة اقتصادية لعجز الرِأسمالية والنظام وتطور الحركة الجماهيرية العفوية تعني أن المناخ جاهز للثورة ولكن توفر الحزب الثوري بالقدرات السابقة يعد شرطًا ضروريًا لانتصار الثورة وعدم توفره يهدد الشروط الموضوعية المتوفرة. هذا ما حدث مرات عديدة في أنحاء العالم توفرت الشروط الموضوعية لانتصار الثورة في إيران 1979 وفي فرنسا 1968 وفي إندونيسيا وفي مصر 77 وغيرها، ولكن غياب حزب ثوري أهدر تلك الشروط وتراوحت التغيرات الناتجة من إصلاح ديمقراطي إلى تغير شكلي إلى صعود أنظمة ديكتاتورية رجعية. ولكن في ظل غياب حزب جماهيري ثوري وانطلاق حركة جماهيرية كانتفاضة يناير 1977 ماذا سيكون واجب الثوريين تجاه الحركة هل سيعتبرونها مجرد فرصة ضائعة وأن المرة القادمة سيكون حظها أوفر؟ الإجابة بلا شك لا.. ففي غياب حزب العمال الجماهيري الثوري تكون المهمة الأولى للثوريين هي الشروع في بناء هذا الحزب، وهذا لا يتم على الإطلاق بمعزل عن التفاعل الحي مع حركة الجماهير بل على العكس، وكما قال تروتسكي فإن الحزب الثوري يبني تحت النار في قلب الحركة الجماهيرية في جميع مراحلها انتفاضة الجماهير تمثل المناخ الأفضل لقطع أشواطًا هامة في عملية بناء الحزب الثوري ومناخًا ممتازًا لتدريب الثوريين واختبارهم وإثراء تجربتهم في العمل الجماهيري، وهكذا يتضح دور الثوريين أكثر أمام انتفاضة جماهيرية تفتقد لحزب قادر على التفاعل لأقصى درجة ممكنة مع الجماهير المنتفضة ومقاومة صعود القوى الرجعية إلى مقدمة الجماهير وفضحها والتشهير بها، فضلاً عن خلق مواقع وجذور للثوريين كلما أمكن ذلك، وربط طلائع الحركة ومناضليها بمشروع بناء الحزب الثوري، التعلم من الحركة وفهم دروسها وإعادة طرحها على الجماهير.

وحتى بعد تراجع الحركات الجماهيرية سواء بالقمع أو الاستيعاب تظل بذور الأزمة موجودة ففي عالم رأسمالي مأزوم لا تستطيع رأسمالية متخلفة ومشوهة أن تقدم الكثير للجماهير الغاضبة. وليس بعيدًا درس الثورة الروسية فلم تستطع الحكومة المؤقتة في روسيا من فبراير 1917 إلى أكتوبر أن تحقق ولو جزئيًا أي من مطالب الجماهير الثائرة حتى أطاحت بها انتفاضة أكتوبر وقامت سلطة العمال وحدها بتلبية جميع مطالب الجماهير.

وأخيرًا ستظل انتفاضة يناير 1977 مثل كافة النضالات الجماهيرية العظيمة مدرسة للثوريين وإلهامًا لهم ودليل حاسمًا على القدرات الثورية الهائلة لدى الجماهير الكادحة وأيضًا على أهمية بناء حزب عمالي ثوري جماهيري يعرف حجم هذه القدرات ويقودها باتجاه الثورة.





__________________



اخر موضوعاتى
قريباً تقرير وتجربة اداء دايهاتسو تريوس * تويوتا راش

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 16-03-2012, 01:29 AM
الصورة الرمزية AbOnOrA
AbOnOrA AbOnOrA غير متواجد حالياً
Aِِbo(Nora&Islam&Judy)
Wael Magdy Salah
من انا؟: ابو نورا واسلام
التخصص العملى: IT Consultant
هواياتي: Computers, Automotives
 
تاريخ التسجيل: May 2008
الموقع: ام الدنيا مصر
المشاركات: 17,076
AbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond repute
افتراضي رد: عسكر متأمرون



الوثائق السرية البريطانية ـ 1977 عام الســادات العاصف: جديد هذه الوثائق المثير * 1976: السادات فوق رمال متحركة.. بتجربة المنابر والوضع الإقتصادي والسخط الشعبي مصريا: بانتفاضة يناير .. والطلاق مع موسكو .. والعدوان على ليبيا.. وزيارة القدس وظهور التكفير والهجرة: * السفير ويلي موريس في قراءة توقعت معظم ما حدث لمصر:










فوز كارتر كان مفاجاة للرئيس المصري الراحل السادات وحافظ الاسد

كثيرة هي الأحداث التي كان فيها الرئيس المصري محمد أنور السادات بطلها الرئيسي، فمن حرب أكتوبر 1973 والى كامب ديفيد 1978، والى اغتياله في حادث المنصة عام 1981، شغلت مصر السادات كل العالم.
والى ذلك، كان الظن لدينا ونحن نقلب وثائق 1977 السرية البريطانية، والتي أفرج عنها مطلع يناير الحالي، بأن زيارته التاريخية للقدس في 19 نوفمبر 1977 ستكون صيدنا الثمين، لنتفرغ بعدها لدول عربية أخرى كان فيها ذلك العام أيضا محوريا مثلما دأبنا على ذلك في هذه الصحيفة كل عام .
ولكنا وبمراجعة ملفات مصر، على كثرتها، وجدنا أن سفير بريطانيا السير وليام موريس (يوقع رسائله بـ ويلي موريس) وقد تقلد مهامه فيها عام 1975 ليغادرها في 1979، وجد ذلك السفير مستصحبا تجربة الأستاذ الجامعي والاقتصادي الضليع (كانت آخر مناصبه بعد تقاعده مدير بنك للويد العالمي)، وجد ويلي موريس في أحداث 1977، من انتفاضة 18/19 يناير، والى صدور قانون الأحزاب، والمعارك العسكرية مع ليبيا، واغتيال الشيخ الذهبي وانفتاح أفق للتطرف الديني، وزيارة القدس، مادة، بدا واضحا أنه تعشقها وعايشها فكتب فيها لوزير الخارجية بتفاصيل غريبة مصحوبة بخيال ينم عن حس أدبي رفيع.

كل ذلك أحدث انقلابا دراماتيكيا في تفكيرنا قاد إلى أن نولي هذا العام، بهذه الحزمة الكثيفة من الأحداث، أكبر مساحة ممكنة خاصة أن كتابات موريس، وباستطلاع أثرها حتى على الذين قدموا الى هذه الحياة مع تلك الأحداث، وهم الآن، رجالا ونساء، في كامل رشدهم، يمكن أن تثري عقولهم ومنظورهم بأبرز ملامح ذلك العام، وربما كل حقبة السادات، لأن كتابات موريس تتسم بالشمول والاسترجاع على طريقة (الفلاش باك).

نحن لا نقول إن كتابات موريس هي الحقيقة المطلقة، فذلك مستحيل، معه ومع غيره، ولا نقول إن تاريخا بمعنى المصطلح الدقيق، ولكنا نقول إنها قراءة للتاريخ، ويجيء أبسط حكم منا عليها أنها قراءة جيدة تفوق فيها على زملائه البريطانيين في تل أبيب وطرابلس باعتبار أن معظم أحداث العام كانت قد ألقت بظلالها هناك أيضا، ومع ذلك نختتم بأن حكمنا وجب أن لا يكون نهائيا، لأن الحكم النهائي يبقى دائما وأبدا حقا مطلقا للقارئ الكريم.


* وثيقة رقم:111/77
* التاريخ: 14 يناير 1977
* من: ويلي موريس، السفير، القاهرة.
- الى: وزير الخارجية، لندن، سري للغاية.
الموضوع: التقرير السنوي عن مصر 1976


* سيدي:
1/ ربما يقول حتى المتشائم إن عام 1976 كان عاما طبيعيا لمصر داخليا وخارجيا.
2/ فعلى مستوى الشؤون الخارجيـــة ظلت الحكومــة المصرية تنظر بنافد الصبر كل العام لتنجلي لها الانتخابات الأميركية، فيما أنهت العام نفسه وهي تعيش الانتظار لما ستنجلي عنه الانتخابات الإسرائيلية. وفي يناير كان السوريون والفلسطينيون في أعلى حالات الصراخ ضد توقيع مصر لاتفاقية سيناء الثانية، فيما قاد تدخل سورية لمساندة المسيحيين في لبنان الى توحيد المصريين والفلسطينيين ضد السوريين. وآخر أكبر أحداث السنة كان المصالحة، لصالح الفلسطينين، بين الرئيسين السادات والأسد في اجتماع بالقاهرة، في مثال قديم لـ «أشتم اليوم وقم بالتقبيل غدا».

3/في الداخل، أعيد انتخاب الفرعون الهائج لخمس سنوات بنسبة 97.7 من الذين أدلوا بأصواتهم، وقدم خطابات كثيرة، توسع فيها باستمرار في نصر أكتوبر واعدا بسنوات رخاء تعقب السنوات الصعبة. الخطط أعلنت وأعيد إعلانها لجهة مدن جديدة، ومترو أنفاق للقاهرة وتنمية الصحارى الغربية وسيناء. في غضون ذلك، وعلى صعيد الحياة الحقيقة، انضم مليون مصري، من دون الأموات، الى تعداد السكان، وتسارع إيقاع التضخم، وازداد (الأغنياء الجدد)، وهم في الغالب الأغنياء القدامى ثراء والفقراء ازدادوا فقرا، وفي القاهرة اقتربت أنظمة المجاري والتلفونات من الانهيار. وفي الخريف كان لا بد من إيجاد نصف مليار دولار كعون طارئ لتجاوز فجوة ميزان المدفوعات الذي هدد بترك مصر من دون وسائل لمواجهة دفع الواردات الضرورية مع نهاية العام.

الرئيس 4/ هذا أمر يدعو للريبة. فقد بقي الرئيس السادات أفضل رئيس منظور في الأفق لمصر، وبالنسبة لمصالح العالم الخارجي (وبالتأكيد العالم الغربي)، فقد رأى دفع تسوية عربية ـ إسرائيلية عن طريق التفاوض كأكبر حاجة مصرية، ولهذه الحاجة وحاجيات مصر الأخرى، لا بد له من الحصول على دعم الغرب والعرب، وليس فقط، وإنما بالضرورة على دعم الأغنياء منهم، وأن عليه أن يبقى في السلطة. وإذا كان معظم الذي قدمه في 1976 بدا مدى زمنيا قصيرا، أو مناورات تكتيكية وعرض للشخصية، فلا يعني ذلك أن هذه هي مزاياه البارزة. فعليه أن يبدو دمث المعشر دون أن يقدم حشوا. والمؤهلات التكتيكية لا بد أن تعود بعائدها على الاقتصاد والضعف العسكري لتأكيد البقاء على المدى الزمني القصير والذي من دونه يصبح هدف المدى الزمني مستعصي الحصول.

5/ المهارات في معظمها كانت مبرهنة، فهو لا يزال يصنع كل القرارات الهامة، ويواصل حشد الجماعات الصغيرة من الشخصيات الأساسية حوله. ظل الموجه والمدير لإيقاع وشكل التطور نحو مؤسسات برلمانية ديمقراطية، وعلى غير المتوقع ظل الإيقاع سريعا، فيما أحدث ذلك تقوية واسعة لموقعه أكثر من تشكيل تحد له. ولم تصبح المشاكل الاقتصادية تحديا سياسيا له بعد، فيما، وبالطبع، يكون السخط منه داخل القوات المسلحة، هو الذي يجعل المرء يبدو أكثر قلقا، ولديهم هنا أسباب مهنية وبنفس القدر الأسباب الاقتصادية العامة كدوافع للسخط. وقد حول تدهور العلاقة مع الروس، وتسليم الأسلحة الأميركية لإسرائيل ميزان القدرة العسكرية ضد مصر، ولكن لا خطر مرئيا للرئيس قد تطور من هذا الاتجاه، برغم الإشاعات المتقطعة عن السخط..


6/ ولذلك يبقى الرئيس السادات الرئيس لمصر بلا جدال، كقائم بعمله، ومتسم بالثقة، وبسيطا وحصيفا كما هو، وليست هناك شكوك جديدة حول صحته.

داخليا: الاقتصاد 7/هذه هي منطقة الخذلان الكبرى حيث لم تسعف فقدان السادات للمعرفة والمصلحة الدائمة أي معاونين قادرين أو فعالين، ومن المبكر جدا القول ما إذا كان أن فريق الاقتصاديين الجديد، الذين تم تعيينهم في نوفمبر سيقدم ما هو أفضل..


8/ مضى كل العام تقريبا في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومع نهاية العام، بدا من الواضح أن الصندوق على استعداد للقبول (مع بعض التجاوب الأميركي)، جدلية الحكومة المصرية بأن استقرار النظام سيتهدد إذا تم دفعهم إلى أي تطبيق مزعج لتوصيات صندوق النقد الدولي، مع طوق النجاة القائم على الاعتماد على استمرار المساعدات الخارجية. وكان هذا نجاحا تكتيكيا للحكومة، وإذا ما كان لهم أن يصلوا الآن إلى اتفاقية مرضية مع الصندوق فستقوي من قبضتهم في التفاوض لجهة دعم عربي مالي أكثر.


9/ ليس هناك أفق فوري لدخل جديد من الصادرات، إذ لم تحدث الزيادات من مداخيل النفط وقناة السويس والسياحة أي تأثير كبير، وقد قال الرئيس السادات مرارا أنه يحتاج الى 12 مليار دولار للوصول بمصر إلى مرحلة الانطلاق عام 1980 فيما أنتجت رحلته الخليجية في فبراير ملياري دولار فقط. وأظهرت الدفعيات العربية أنها ستبقي على قبضة اليد الدقيقة على كيس المال.


10/ وعلى كل، فلم يكن هو فقدان الفلوس الذي أعاق التنمية، سواء مع البنية النحتية، أو القدرات الإنتاجية، لأن هناك موارد عون موجودة ولكنها غير مستخدمة. إنها آلة حكومية مرهقة تفرض أولا تأخيرات غير عادية في صناعة القرارات ومن بعد في تطبيقها، ليظل عامل الثقة مانعا من الاستثمار الخارجي الخاص، فيما لا تشجع نفس الصعوبات الإدارية الأرواح الشجاعة القليلة التي حاولت المرور عبر سياسات (الباب المفتوح).


11/ علق مصري بالقول: فشلنا في رفع الإنتاجية في الزراعة، وفشل التصنيع، وربما سننجح فقط بتحولنا الى اقتصاد خدمي متزايد، ساعيا نحو «هيمنة عربية» للسيّاح، تعليم الطلاب العرب في مؤسساتنا التعليمية، وتصدير العمالة والعقول.(وربما كان عليه أن يضيف: وأن نجلب الخدمات السياسية العالمية كعائد للجائزة المالية).


الداخل السياسي 12/ ما لم يحدث داخليا مثير للاهتمام. اتسعت الشكوك والنقد لسياسات الحكومة، وهناك قدر مبرر للسخط الاقتصادي، ومستوى (فساد) الحياة للغالبية العظمى استمر في التدهور، ولكن ليس هناك اضطرابات داخلية بمستوى في جدية أحداث يناير 1977، وكان هناك إضراب لعمال المواصلات في سبتمبر، وطفوحات طلابية في أوقات مختلفة، وحوادث أمنية معزولة، أكثرها خلال الحملات الانتخابية، كعادة مصرية قديمة.


13/ ذهبت الانتقادات السياسية إلى أن تجربة السادات في الديمقراطية البرلمانية خدعة زائفة تتم قيادتها من أعلى. كانت خدعة أم لم تكن، فهي ناجحة في إبقاء الانطباع بمنبر أو مشهد وتوصيل طاقات كثيرين من الناشطين سياسيا، وهذا في جزء منه أمر يعود الى عمل السادات في الإبقاء على المبادرة. ففي مارس أعلن أن ثلاثة (منظمات) سيسمح لها بأن تدخل حملات ضد بعضها البعض، ومبدئيا كأحزاب سياسية مستقلة، لانتخابات أكتوبر، وحينما اجتمع مجلس الشعب في نوفمبر أدهش السادات المنتقدين والانتقادات بإعلانه أن تلك المنظمات ستصبح أحزابا سياسية مستقلة، وبين يوم وليلة، فقد الاتحاد الاشتراكي العربي ما تبقى من بريقه. ومن قبل أن تتمكن الانتقادات من استقلال وقف التنظيم على ثلاثة أحزاب، أعلن السادات في ديسمبر بأن تشريعا سيتم تقديمه للسماح بتكوين أحزاب أكثر. وحتى ومن قبل الانتخابات، أتيح قدر أكبر لنقد سياسات الحكومة في المجلس القديم، وظهر الوزراء لتلقي النقد وأخذه بجدية فيما نشرت الصحف النقاش، وكل ذلك لم يكن مجرد زخرفة، فالانتخابات حين جرت سمحت بحرية أكثر للمرشحين في الجملات وللناخبين في الاختيار أكثر مما عرفه المصريون على مدى جيل.


14/ ومع ذلك فالتجربة ظلت تحت الإدارة، فرئيس مجلس الشعب سيد مرعي، قاد المجلس الجديد، كما قاد القديم، نحو مناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وأسعار المواد الغذائية والمواصلات العامة. وقد أعطت الانتخابات حزب الوسط الحكومي أغلبية ساحقة. وإذا كانت حرية الصحافة بدت شاردة خلف الحدود المقبولة، فتوبيخ من السادات سريعا ما يعيدها، فيما ظل رؤساء التحرير يحتفظون بمواقعهم برضاء منه. وقد أخبرني رئيس مجلس الشعب والأمين الأول للاتحاد الاشتراكي العربي بصراحة أن المعارضة السياسية الحقيقية للنظام هي من الإخوان المسلمين والشيوعيين، وليست ممن يسمون بحزبي «الاشتراكيين الأحرار» (يمين)، و «الاتحاديين القوميين التقدميين» (يسار). ولذلك فالحكومة لن تسمح لورثة حركة الإخوان المسلمين القديمة أو الشيوعيين بتنظيم أنفسهم علنا وقانونيا، وسيقصيهم التشريع الجديد بخرق وحجة الأمة بتأسيس أنفسهم على الدين أو التقسيمات الطبقية.

الشؤون الخارجية 15/ «استراتيجية سالزبيرغ» المتفق عليها بين السادات وفورد هي أن يكون عام 1976 علامة زمنية فاصلة وإعدادا لجهد كلي في 1977 لتسوية عربية إسرائيلية عامة. وقد انشطرت هذه الاستراتيجية لسببين: الأول: رد الفعل العربي تجاه اتفاقية سيناء كان عدائيا أكثر مما توقعه السادات، فيما تمكنت الحكومة السورية لبعض الوقت من عزل مصر دبلوماسيا وقدمت مناقصة لتحل مكانها في قيادة العالم العربي. والثاني: الاستراتيجية تستطيع فقط إلزام الحكومة الأميركية فقط إذا نجح فريق فورد ـ كيسنجر أن ينجح في الانتخابات، فلم تفعل.

16/ وحينما قاد فشل وساطة الأسد لإنهاء الحرب اللبنانية في فبراير، إلى أن يأخذ المخاطرة بتدخل عسكري ضد الجناح اليساري المسلم ومنظمة التحرير الفلسطينية، رأت الحكومة المصرية أن هذه فرصة للهروب من العزلة، وأن تعيد روابطها مع منظمة التحرير الفلسطينية، وأن تربك الحكومة السورية وأن تسعى لهزيمتها بإلقاء مصر لثقلها على الجانب الآخر. وحققت الدبلوماسية المصرية نجاحا محدودا، وانتهت عزلة مصر، وأعيدت علاقات مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحل الارتباك بسورية. ولكن، ومع مرور الأشهر، أصبح من الواضح أن حلفاء مصر قد انهزموا.

17/ ظهرت نوعية المطاط الهندي في الدبلوماسية المصرية بإظهارها الفشل كنجاح، واستخدامه كمنصة انطلاق نحو هجمة سلام مصرية، ففي اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة تم مرة أخرى قبول القيادة المصرية من العرب، فانتشرت بالاعتدال والمهارة، وطاف نائب الرئيس ووزير الخارجية العواصم العربية الشرقية لحشد الدعم، فأنشأ السادات والأسد في قمة القاهرة قيادة سياسية مشتركة. وباحترام مهذب لحالات الفشل السابقة، أصبحت دقة التنظيم المألوفة وصور الأداء في حالة مبهمة.


18/ أصبح الموقف العربي مع نهاية 1976 تجاه سياسة السادات نحو تسوية عن طريق التفاوض أكثر مساندة عما كان عليه من قبل، فيما عوقب الفلسطينيون، وفقد متطرفوهم مكانتهم، لتحاول حكومتا مصر وسورية جمعهما معا مع الحكومة الأردنية.


19/ لم يتزحزح السادات قط عن قناعته بأن مفتاح التسوية يقع في يد الحكومة الأميركية،وكان رد فعله على هزيمة الرئيس فورد سلسلة تحركات مصممة لوضع ضغوط على الإدارة الجديدة للوفاء بدورها تجاه الآلية السابقة وبسرعة. ومن الناحية الرسمية طالبت هجمة السلام المصرية هذه دكتور فالدهايم أن يقدم تقريرا لمجلس الأمن حول الترتيبات لإعادة عقد مؤتمر جنيف بحلول شهر مارس، أن يحفزا معا القوى العظمى والآخرين على التعاون. وبصورة خاصة، انتظر الرئيس السادات بصبر نافد من إدارة كارتر أن تنظم نفسها وأن تقدم بديل هنري كيسنجر، لأن منهج كيسنجر لا يزال يروق له.

20/ أساء السادات الحساب مع لبنان، ولكنها علاقاته مع السوفيات فقط هي التي تجاوزت مجرد سوء الحساب، فقد كان إلغاء معاهدة الصداقة المصرية ـ السوفيتية في مارس إيماءة عدائية، وبعدها تجمدت جهود وزير الخارجية في نوفمبر لبدء عملية تطبيع للعلاقات بعد اجتماع كئيب مع غروميكو في صوفيا، فيما لم يسعف الموقف نشر السادات لمذكراته التي أعلن فيها عدم ثقته في الروس.


21/ واصل الرئيس السادات اهتمامه بأوروبا بزيارات لألمانيا الغربية وفرنسا وإيطاليا والنمسا ويوغسلافيا، وهو يبحث بالطبع عن مساعدات اقتصادية، ولكنه فوق ذلك يحاول أن يقدم دليلا حيا بأن سياساته قد أكسبت مصر صداقة ودعما.
العلاقات الثنائية 22/ نحن نقوم بعمل جيد في تسويقنا في مصر، فمبيعاتنا في 1976 بلغت بالتقريب 170 مليون جنيه استرليني في مقابل 108 ملايين في العام الذي سبقه، وقد حصلنا على مبيعات دفاع مفيدة بما فيها عقد تركيب وإعادة تسليح قوارب روسية للبحرية المصرية بحوالي 50 مليون جنيه رغم أن مشاريع الدفاع الكبرى الأخرى تظل سرابا، فيما واصل المناخ العام لعلاقتنا في المجالات الثقافية والتجارية وفي مجال العون، عكسه للفورة التي أحدثتها زيارة السادات لبريطانيا العام الماضي. في المجال السياسي الضيق، وبخاصة مع وزيرالخارجية، وأولئك الذين من حوله، هناك على أية حال جمود، وهذا يعود في جزء منه الى جفاف الاتصالات الوزارية الشخصية، والتي تناقضها كثافة من الفرنسيين والألمان الغربيين والآخرين، ولكن أيضا بسبب شكوك بأن بريطانيا وهولندا تضعان كابحة موالية لإسرائيل في سياسة السوق الأوروبية تحول دون اتجاهها نحو اتجاه موال للعرب. ولدي أمل، بأن التبادل الحميم للرسائل، في نهاية العام، بينك سيدي، وإسماعيل فهمي سيضع بداية لتحسن، ولكن أداء رئاستنا في السوق الأوروبية المشتركة سيتم رصده بعناية هنا.


نظرة أعمق 23/ يكمن ما تحقق للدولة المصرية والجموع المصرية في القدرة على العيش والبقاء بدون وسائل مرئية للمساعدة، وأتوقع أن النظام سيستطيع الإبقاء على السخط من الاقتصاد محدودا عام 1977. أنا لا أصدق أن القادة المصريين واثقون، كما هم من الأسباب التكتيكية التي يملكونها، للاعتراف بأن الإدارة الأميركية ستقدم على معجزة مختارة لهم للحصول على تسوية عربية إسرائيلية، ولكنهم، ومعهم العرب المعتدلون، أصبحوا ملتزمين بصورة ثقيلة بالتصريحات المعلنة. وإذا لم يحدث شيء مع الجزء الأخير من العام، كما يجب على المرء أن يتوقع الأمر بواقعية، لإظهار ما تحمله التصريحات، فوقتها، ولأن الخيار العسكري غير وارد، فسنسمع حديثا عن فشل الغرب في التجاوب مع سياسات العرب المعتدلة، تاركا لا خيار أمامهم غير مراجعة تلك السياسات، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية، ونشهد تجديدا لطيف المقاطعة النفطية، مهما كان لحديث كهذا أن يكون كارثيا على آمال الرئيس السادات في إعادة بناء الاقتصاد بمساعدة من الغرب.


24/ أرسلت نسخا من هذه الرسالة لممثلي جلالة الملكة في واشنطن، موسكو، جدة، الكويت، عمان، دمشق، بيروت، تل أبيب، والسوق الأوروبية المشتركة.
* توقيع ويلي موريس : السفير ـ القاهرة

__________________



اخر موضوعاتى
قريباً تقرير وتجربة اداء دايهاتسو تريوس * تويوتا راش

رد مع اقتباس
  #48  
قديم 26-03-2012, 01:07 AM
الصورة الرمزية AbOnOrA
AbOnOrA AbOnOrA غير متواجد حالياً
Aِِbo(Nora&Islam&Judy)
Wael Magdy Salah
من انا؟: ابو نورا واسلام
التخصص العملى: IT Consultant
هواياتي: Computers, Automotives
 
تاريخ التسجيل: May 2008
الموقع: ام الدنيا مصر
المشاركات: 17,076
AbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond repute
افتراضي رد: عسكر متأمرون

بعد بياني الإخوان والعسكري.. هل تصل مصر إلى سيناريو 1954؟



"إننا نطالب الجميع أن يعوا دروس التاريخ، لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لانريد له أن يعود، والنظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر، وأن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار".. بهذه الكلمات اختتم المجلس العسكري بيانه الذي أصدره اليوم الأحد.
وذلك يأتي عقب قيام جماعة الإخوان المسلمين، التي تسيطر حاليًا على أغلبية مقاعد البرلمان المصري بغرفتيه الشعب والشورى، بتصعِيد من لهجة بياناتها ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي أشادت به كثيرًا، وكذلك حكومة الدكتور كمال الجنزوري التي طالما طالبت شباب الثورة بالصبر عليها، ومنحها الفرصة للعمل وإعادة تدوير عجلة الإنتاج.
وسرعان ما استعادت جماعة الإخوان المسلمين عبر صفحات حزبها الحرية والعدالة على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ذكريات ما حدث في عام 1954 حين خرجت مظاهرات رافضة للديمقراطية وعودة الحكم للسياسيين القدامى، ورفض عبد الناصر إجراء الانتخابات أو التصديق على الدستور الجديد، وأصدر قرارًا بحل الجماعة التي كانت تجهز نفسها لتولي الحكم.
وقد أشار حزب الحرية والعدالة عبر صفحته لفقرات من كتاب "كنت رئيسا لمصر" وهو من تأليف الرئيس الراحل محمد نجيب، حيث نشر الحزب ما قاله نجيب في كتابه وهو"طَرَدْنا مَلِكًا وجئنا بثلاث عشر ملكا آخر" في إشارة منه لمجلس قيادة الثورة وقت ثورة 1952.
بوابة الشروق تعود بقارئها إلى صفحات التاريخ حتى يستطيع بعد ربط الماضي بالحاضر أن يستكشف مستقبل مصر وهل تتجه إلى سيناريو 1954 أم لا؟.
وبالعودة لصفحات التاريخ يجد القاريء من خلال السطور التالية ملامح تفاصيل ما عرف بأزمة مارس 1954.
فقد بدأت أحداث الأزمة في فبراير من ذات العام وترجع أسبابها إلي تجاهل أعضاء مجلس الثورة للواء محمد نجيب وعدم دعوته لحضور اجتماعاتهم، وكان نجيب يريد ممارسة سلطاته التي كفلها له القانون، وذلك باستثناء "خالد محيى الدين" الذي كان العضو الوحيد المؤيد لمحمد نجيب من بين أعضاء المجلس.
واختلف محمد نجيب مع أعضاء مجلس قيادة الثورة حول مجموعة من السياسات، فبالنسبة للقوات المسلحة، وقف نجيب معارضا لسياسة عبد الحكيم عامر في فصل الضباط ونقلهم وتعيينهم في وظائف مدنية، كل بحسب الرضا عنه أو السخط عليه.
كما واجه نجيب مشكلة امتناع بعض الوزراء عن أداء اليمين القانونية أمامه، إلي جانب محالاوته لتطبيق النظام الديمقراطي، بينما يتم إصدار قرارات الاعتقال، وتشكيل المحاكم لتصفية خصوم الثورة، ولذلك اعترض علي حكم محكمة الثورة بإعدام إبراهيم عبد الهادي (أحد رؤساء الوزارة في ظل الحكم الملكي)، حيث قال حينها أنه يفضل أن يلتف حبل المشنقة حول عنقه دون أن يصدق على هذا الحكم.
وبالفعل تم تخيفف الحكم بعد ذلك إلى السجن المؤبد، ثم أفرج عن "عبد الهادي" صحيا في فبراير ١٩٥٤هذا إلى جانب معارضة نجيب لقرار المجلس بتحديد إقامة مصطفى النحاس رئيس حزب الوفد، وتجاهله تماما من جانب الوفد المصري أثناء المفاوضات بين مصر وبريطانيا بالرغم من رئاسته لهذا الوفد
اليأس يدفع نجيب للاستقالة

أوصلت هذه الخلافات وغيرها نجيب إلى مرحلة اليأس بسبب صعوبة تعاونه مع أعضاء مجلس قيادة الثورة.
وقد اعتبر نجيب أن قرار المجلس بحل جماعة "الأخوان المسلمين" والذي اتخذ بأغلبية أعضائه في ١٥ يناير ١٩٥٤ تعسفا في استخدام السلطة من قبل المجلس.
وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٤
، قرر محمد نجيب أن يضع نهاية لخلافاته المتصلة مع أعضاء مجلس قيادة الثورة ، فقدم استقالته مكتوبة عبر فيها عن عدم قدرته على التعاون مع المجلس واعتراضه على كثير من قراراته .
وخرج مجلس قيادة الثورة علي المواطنين يوم ٢٥ فبراير ١٩٥٤ بإذاعة بيان عبر الإذاعة المصرية يوضح فيه ما يلي:
أولا:
قبول الاستقالة المقدمة من أركان حرب محمد نجيب من جميع الوظائف التي يشغلها .
ثانيا:
يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشي أركان حرب جمال عبد الناصر في تولي كافة سلطاته الحالية إلي أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن .
ثالثا:
تعيين البكباشي أركان حرب جمال عبد الناصر رئيسا لمجلس الوزراء تاركا منصب رئيس الجمهورية شاغرا .
ما أن سمعت جموع الشعب المصري أن رئيسهم محمد نجيب قد استقال فخرجوا في مظاهرات لتأييده في جميع أنحاء مصر مما يعني أن مجلس قيادة الثورة عليه أن يعيد نجيب كرئيس للجمهورية وهو ما حدث في ٢٧ فبراير ١٩٥٤، فقد كان التأييد لمحمد نجيب في صفوف الشعب كبيرا، حينئذ استعاد محمد نجيب منصبه كرئيس للوزراء، ورئيس مجلس قيادة الثورة.
وأذاع المجلس البيان الموجز التالي: "حفظا لوحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة اللواء أركان حرب محمد نجيب رئيسا للجمهورية وقد وافق سيادته علي ذلك".
الطريق إلى أزمة مارس 1954

لم تكن أحداث شهر فبراير ١٩٥٤ سوى جولة واحدة في معركة متصلة، ذلك بأن ما شهده شهر مارس من أحداث كان أشد أهمية وأكثر خطورة، ولكن قبيل حلول الشهر وقعت أحداث ترمي إلي إسقاط حكومة الثورة واتصلت اتصالا وثيقا بأزمة مارس ١٩٥٤، ومهدت لها وهي:
*مظاهرات مسلحة يوم ٢٨ فبراير خرجت من جامعة القاهرة، وعلي أثرها تم وقف الدراسة في الجامعات الثلاث ( القاهرة، عين شمس، الإسكندرية) لمدة أسبوعين، وفي ذات اليوم تم القبض علي بعض زعماء الإخوان، وآخرين من الوفديين والشيوعيين، وكان الهدف هو إثارة الشغب من جديد علي قادة الثورة.
*وقوع حوادث دامية في الخرطوم أول مارس ١٩٥٤ لمناسبة وصول محمد نجيب لحضور حفل الافتتاح الرسمي للبرلمان السوداني .
قرارات ٥ مارس ١٩٥٤

في ٥ مارس ١٩٥٤، وعقب اجتماع لمجلس قيادة الثورة، أصدر المجلس مجموعة من القرارات التاريخية، حيث أعلن اتخاذ الإجراءات فورا لعقد جمعية تأسيسية تنتخب بطريق الاقتراع العام لمباشر علي أن تجتمع في خلال شهر يوليو ١٩٥٤ وتكون لها مهمتان:
أولا:
مناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره
ثانيا:
القيام بمهمة البرلمان إلي الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقا لأحكام الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية
كما قرر مجلس قيادة الثورة أن تلغي الأحكام العرفية قبل إجراء الانتخابات للجمعية التأسيسية بشهر، وقرر أيضا إلغاء الرقابة علي الصحف فيما عدا الشئون الخاصة بالدفاع الوطني.
وفي ٨ مارس ١٩٥٤
قرر مجلس قيادة الثورة عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل أحداث شهر فبراير حيث أعيد تعيين اللواء محمد نجيب رئيسا لمجلس قيادة الثورة ورئيسا لمجلس الوزراء (وزارة نجيب الثالثة) بعد أن تنحي جمال عبد الناصر عن رئاسة الوزارة، وعاد نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة.
قرار ٢٥ مارس ١٩٥٤

في ٢٥ مارس ١٩٥٤ قرر مجلس قيادة الثورة السماح بقيام الأحزاب، وحل مجلس قيادة الثورة في ٢٤ يوليه، أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية، وأخذ أعضاء مجالس الأحزاب المنحلة يجتمعون ويتداولون.
وأقام كل من حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين وعبد الحكيم عابدين وهو من أوائل من بايعوا مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا أمام مجلس الدولة دعوي علي وزارة الداخلية بإلغاء قرار حل جماعة الإخوان المسلمين لوقف تنفيذ قرار الحل للجماعة، لكن لم تتحدد الهيئة التي ستتولى شئون الحكم في الفترة السابقة لاجتماع الجمعية التأسيسية، ولا توقيت عودة الأحزاب المنحلة قبل الانتخابات .
قرارات ضباط الجيش

اجتمع ضباط الجيش من جميع الأسلحة في ٢٧ مارس 1954 لتداول الموقف ورأوا أن قرارات ٥ و٢٥ مارس تهدد الثورة بالانحلال بحسب رأيهم، وأن البلاد ستعود إلي الفوضى وإلي نفس الأحزاب المنحلة، وفي ٢٩ مارس تم إرجاء قرارات ٥ و٢٥ مارس ١٩٥٤ حتى نهاية فترة الانتقال، وتشكيل مجلس استشاري ليمثل مختلف الطوائف، وانتهت الأزمة، وقرر مجلس الثورة في ١٧ أبريل عام ١٩٥٤، أن يكتفي اللواء محمد نجيب بمنصب رئيس الجمهورية فقط، وأن يتولي عبد الناصر منصب رئيس الوزراء.
وخلال فترة عودته البسيطة للسلطة حاول محمد نجيب إدخال بعض الحريات السياسية غير أنه تمت إعاقتها تدريجيا، واستغل عبد الناصر جيدا أنصاره من أعضاء هيئة التحرير والنقابات العمالية لتنظيم مظاهرات شعبية لتأييده وتحويل الكفة لصالحه.
*حرمان الوزراء الحربيين السابقين من حقوقهم السياسية: فقد بدأ مجلس قيادة الثورة بالوزراء الحربيين، وقرر في ٥ أبريل ١٩٥٤ حرمانهم من حق تولي الوظائف العامة ومن كافة الحقوق السياسية، وتولي مجالس إدارة النقابات والهيئات لمدة عشر سنوات كل من سبق وتول الوزارة في الفترة ٦ فبراير ١٩٤٢ إلي ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وبالإضافة إلى من كان منتميا إلي حزب الوفد أو الأحرار الدستوريين أو الحزب السعدي ، أما من لم يكن منتميا إلي هذه الأحزاب، فلا يحرم إلا بقرار مجلس قيادة الثورة
*حل مجلس نقابة الصحفيين: قرر مجلس قيادة الثورة حل مجلس نقابة الصحفيين في ١٥ أبريل ١٩٥٤ وتأليف لجنة تحل محله حتى يصدر قانون الصحافة الجديد، وصدر في ٣٠ مارس ١٩٥٥.
*تأليف وزارة جديدة برئاسة عبد الناصر: تخلي محمد نجيب عن رئاسة الوزارة واقتصر علي رئاسة الجمهورية ومجلس قيادة الثورة، وقرر المجلس في ١٧ أبريل ١٩٥٤ قبول هذا التخلي وتكليف جمال عبد الناصر تأليف الوزارة برئاسته ومعظم أعضاء الوزارة السابقة مع تعديل فيها وإعفاء اللواء نجيب من مناصبه وتحديد إقامته.
أدت محاولة اغتيال جمال عبد الناصر بميدان التحرير بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤ علي يد أحد أعضاء الإخوان المسلمين حسبما أشارت التحقيقات في عهده إلي انتهاز الفرصة لقمع الإخوان، والإطاحة بالرئيس نجيب متهما بمساندته للإخوان وأنه علي صلة بهذه الجماعة، وتم تأليف محكمة الشعب في أول نوفمبر ١٩٥٤ لمحاكمة الأفعال التي تعد خيانة للوطن أو ضد سلامته في الداخل والخارج وكل من يعتبر موجها ضد نظام الحكم والأسس التي قامت عليها الثورة .
وفي١٤نوفمبر ١٩٥٤
جاء قرار مجلس قيادة الثورة بقبول استقالة محمد نجيب من رئاسة الجمهورية، ومن رئاسة الوزراء، ومن جميع المناصب التي يشغلها، مع استمرار مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشي جمال عبد الناصر في تولي سلطاته الحالية وتعيينه رئيسا لمجلس الوزراء، إلي أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهي إجلاء المستعمر عن أرض الوطن.
كما تقرر أن يبقي منصب رئاسة الجمهورية شاغرا وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولي كافة سلطاته بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر.
كانت هذه هي النهاية الرسمية لمحمد نجيب كرئيس للجمهورية، إلا أننا نستطيع القول بأن رئاسته قد انتهت بالفعل مع نهاية أزمة مارس، ذلك بأنه قد ظل طوال تلك الفترة – من ٢٩ مارس ١٩٥٤ وحتى منتصف نوفمبر من نفس العام رئيسا فخريا ورمزيا محروما من السلطة الفعلية، وليس أدل على ذلك من أن اللواء نجيب كان رئيسا للجمهورية وقت توقيع معاهدة الجلاء المصرية البريطانية في ٢٧ يوليو ١٩٥٤، ولكنه لم يشترك في التوقيع عليها.
وفي السياق نفسه انتهى التواجد السياسي لجماعة الاخوان بعد ان احكم عبد الناصر قبضته على البلاد وربما تستعيد الجماعة ذكريات ما مضي والخوف قد يتسرب إليها بحث تفقد مكاسبها التي اقتنصتها عقب ثورة 25 يناير وربما يتكرر سيناريو 1954 في أيامنا الحالية لكن إثبات ذلك من عدمه يبقى لنا أن نراه كما يشاء القدر وفي نهاية المطاف فأي عبث بمستقبل مصر سيدفع ثمنه البسطاء، ويبقى الحكم للقاريء.
__________________



اخر موضوعاتى
قريباً تقرير وتجربة اداء دايهاتسو تريوس * تويوتا راش

رد مع اقتباس
  #49  
قديم 26-03-2012, 02:17 AM
الصورة الرمزية M.TONSY
M.TONSY M.TONSY غير متواجد حالياً

من انا؟: بتعامل بطيبة وحسن نية مع البشر واحتسبه عند الله
التخصص العملى: Administration Development Specialist
هواياتي: السيارات والسباحة والاسلحة وبحب الشغل اليدوى
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الموقع: قاهرة مصر اغلى وطن
المشاركات: 3,458
M.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond repute
افتراضي رد: عسكر متأمرون

انت راجل استاذ والموضوع فى الجون وجاى فى ميعاده تمام
والله يرحمك يا محمد نجيب فعلا مكنش ليك مكان وسط الاوغاد
__________________

لا اله الا الله ..... محمد رسول الله
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


رد مع اقتباس
  #50  
قديم 26-03-2012, 02:20 AM
الصورة الرمزية M.TONSY
M.TONSY M.TONSY غير متواجد حالياً

من انا؟: بتعامل بطيبة وحسن نية مع البشر واحتسبه عند الله
التخصص العملى: Administration Development Specialist
هواياتي: السيارات والسباحة والاسلحة وبحب الشغل اليدوى
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الموقع: قاهرة مصر اغلى وطن
المشاركات: 3,458
M.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond reputeM.TONSY has a reputation beyond repute
افتراضي رد: عسكر متأمرون

واعتقد ان العسكر لن يسلموا الحكم الا على جثثهم او جثثنا ولك الله يا مصر اللهم سلمنا من حكم العسكر
__________________

لا اله الا الله ..... محمد رسول الله
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 MasrMotors غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي MasrMotors ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر


الساعة الآن 03:19 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
www.MasrMotors.com ™ Copyright ©2008 - 2024
Egyptian Automotive Community
جميع الحقوق محفوظة - مصرموتورز 2008 - 2017