العودة   مصر موتورز مجتمع السيارات > النادى الثقافى الاجتماعى > نادى المبدعين

نادى المبدعين كل ما يخص اعضاء المنتدى من ابداعات ادبيه او فنيه و كذلك عرض قراءات اﻷعضاء من الكتب المختلفة بشرط ان تكون الموضوعات خاصه باعضاء المنتدى لا منقوله


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #21  
قديم 27-12-2009, 08:51 PM
الصورة الرمزية Moh.Osama
Moh.Osama Moh.Osama غير متواجد حالياً
التخصص العملى: طالب فى كلية الادارة والاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الموقع: مصر ام الدنيا
المشاركات: 576
Moh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant future
افتراضي رد: دعوة لجمع مذكرات د. مصطفى محمود

«المصرى اليوم» تواصل نشر مذكرات المفكر الكبير د.مصطفى محمود التى سجلها قبل وفاته:الحلقه السادسة.. محاكمة الناصرية

كتب المذكرات السيد الحرانى- محمد الساعى ٢٧/ ١٢/ ٢٠٠٩
■ إن غروب الشمس وانسدال العتمة فى حنان والنظام المحكم الذى يمسك بالنجوم فى أفلاكها وإطلالة القمر من خلف السحاب وانسياب الشراع على النهر وصوت السواقى على البعد وحداء فلاح لبقراته ونسمات الحديقة تلف الشجرات التى فضضها القمر كوشاح من حرير، إذا اقترنت هذه الصورة الجميلة من النظام والتناسق بنفس تعزف داخلها السكينة والمحبة والنية الخيرة فهى السعادة بعينها، أما إذا اقترنت هذه الصورة من الجمال الخارجى بنفس يعتصرها الغل والتوتر وتعشش فيها الكراهية وتنفجر داخلها قنابل الثأر والحسد والحقد ونوايا الانتقام فنحن أمام خصومة وتمزق وانفصام، نحن أمام هتلر لا حل له إلا أن يخلق حرباً خارجية تناسب الحرب الداخلية التى يعيش فيها، نحن أمام شقاء لن يهدأ إلا بأن يخلق شقاء حوله
مصطفى محمود
لم يستطع مصطفى محمود أن ينسى أيام العزلة.. أيام النفى.. رغم مرضه الشديد، لايزال يتصفح أوراق الحياة التى انطوت ويتذكر أيام الشباب التى ولت.. أيام من ربيع العمر.. فقبل أن يتكلم تنهد تنهيدة طويلة وقال: ليت الشباب يعود يوماً ثم قال: كانت أيام الشباب مليئة بالحيوية والصراع والمنافسة، التى ربما كانت تغضبنى كثيراً، ولكنها كانت أياماً جميلة مرت كالنسيم فى ظلمات ليال صيفية بديعة ثم ابتسم قائلاً.. وكانت هذه الأيام أيضاً جميلة بالنسبة لهيكل.. التى تبدلت بعد ذلك فى عهد السادات إلى أيام صعبة بالنسبة له انتهت باعتقاله..
فهو الصحفى الوحيد المقرب لجمال عبدالناصر فيثق فيه ويستمع إليه وكان منتشراً بين جميع الصحفيين والكتاب والمفكرين سواء كانوا صغاراً أو كباراً أنه «يا ويل من يغضب عليه هيكل»، وأرجح أن غضب هيكل قد أصابنى وكان سبباً فى حرمانى من الكتابة عاماً كاملاً فبعد أن كتبت مقالتين حملتا عناوين «هتلر والنازية والخروج من مستنقع الاشتراكية» وقبل أن أنشرهما قال لى أحد الأصدقاء: «المقالتان ستثيران غضب هيكل الذى لن ينسى أو يسهو أن ينقل غضبه لعبدالناصر وأنت تعلم مدى انصياع عبدالناصر له وثقته فيه»، ولكننى أصررت على نشرهما فى «روزاليوسف» وبعد نشر المقالتين بشكل متتال، ما توقعه صديقى تحقق فبعد النشر مباشرة صودرت أعداد روزاليوسف من الأسواق وخرج قرار إيقافى عن الكتابة وكان المضحك أنه غير مسبب بمعنى «لم يصاحبه بشكل واضح سبب قرار الإيقاف»، ولكنى بالطبع كنت أعلم سبب الإيقاف وقام بإبلاغى قرار الإيقاف كما ذكرت من قبل إحسان عبدالقدوس.
ولقد تضمنت المقالتان هجوماً عنيفاً ضد عبدالناصر والذى لم تكن له حسنات تذكر على الإطلاق، فمن البداية استولى على قيادة الثورة ونشر العمل المخابراتى فى جميع أرجاء مصر فأصبح الجميع يكتبون تقارير سرية فى بعضهم البعض، وأصبح داخل كل أسرة شخص منها يتجسس عليها ويرفع التقارير إلى القيادات، فهذا بمنتهى البساطة وصفى لعهد عبدالناصر، وقد اكتفى الفيلسوف الكبير مصطفى محمود فى هذه الحلقة بهذه الكلمات التى تبدو قليلة ولكنها تحمل فى مضمونها معانى خطيرة ليطلع القراء على نص المقالتان اللتين تسببتا فى حرمانه عاماً كاملاً من الكتابة وهزتا كيان عبدالناصر، ولكن بعد أن قام بتعديلهما (وذلك لكى تشمل المقالتان العهد الناصرى بكامله وما ترتب عليه وأضاف لهما الأحداث الزمنية الجديدة) وقام بنشرهما مرة أخرى بعد موت عبدالناصر أيام السادات وفى وسط الثمانينيات.
المقالة الأولى:
تتكلم عن هتلر والنازية وحملت عنوان- سقوط اليسار- والتى قال فيها.. لو سئلت ما المشكلة المصرية التى لها الأولوية المطلقة الآن لقلت دون تردد: الفساد والسرقة والغش وخراب الذمم والكسل والسلبية والأيدى الممدودة التى تريد أن تأخذ ولا تعطى والأصوات التى تطالب بالحق دون أن تنادى بالواجب والنهم والجشع وتعجل الربح وضياع القيم وعدم الانتماء.. المواعظ لم تعد تجدى لأنها تخرج من أفواه لا تعمل بها، الكل يهدى ولا مهتد لو سئلت ما السبب لقلت سقوط الهيبة وانعدام القدرة وتراخى قبضة الحكم فى محاولة لإرضاء الكل، والحاكم الأمثل لا مفر من أن يغضب البعض ويصدم البعض ويواجه البعض بما لا يرضى لقد وقفت «تاتشر» أمام إضراب عمال المنجم ولم تهادن ولم تلن وطرحت القطاع العام للبيع رغم الاحتجاج والهتاف وأصوات الاستنكار، وأنقذت اقتصاد بلادها وعالجت التضخم،
وأعلنت أنها عائدة لتستأصل الاشتراكية من إنجلترا وحملتها أصوات الأغلبية إلى الكرسى من جديد تقديراً لشجاعتها، والإصلاح أحياناً يحتاج إلى جراحة وإلى إسالة بعض الدم لإنقاذ المريض من موت محقق والطبيب لا يكون طبيباً إذا افتقد هذا الحد الأدنى من الجرأة ليجرح ويضمد عند اللزوم وفى مصر تركة من الأخطاء القاتلة لابد من مواجهتها فى جرأة، مجانية التعليم الجامعى التى حولت الجامعات إلى مجموعة كتاتيب لا تعليم فيها ولا تربية ولا حتى مجانية وأضعف الإيمان أن يحرم الطالب الراسب من هذه المجانية،
وأن يدفع تكاليف تعاليمه وإلا كان حالنا من يمول الفشل والرسوب والإهمال من الخزانة العامة والخمسون فى المائة عمالاً وفلاحين فى مجلس الشعب التى لا مثيل لها فى الصين أو الهند أو فى روسيا أو فى أى بلد رأسمالى أو اشتراكى والتى لم تكن سوى رشوة قدمها عبدالناصر ليستدر بها التصفيق والهتاف وحق التعيين لخريج الجامعة فى الوظائف الحكومية سواء وجدت هذه الوظائف أم لم توجد وسواء كانت هناك مسوغات وضرورات للتعيين أم لم توجد وهى رشوة أخرى
وبدل بطالة قدمه عبدالناصر من خزانة مفلسة ترزخ تحت عبء الديون لكل عاطل متبطل ليقود له المظاهرات ويوقع على الاستفتاءات، غوغائية زعيم أراد أن يكتل الشارع خلفه ليضرب به أى طبقة تناوئه، الدرس الأول الذى تعلمه فى سنة أولى شيوعية فى كيفية الحفاظ على الكرسى اضرب الطبقات بعضها ببعض واشعل فتيل الحقد الطبقى ثم احتفظ بعربة الإطفاء الوحيدة يلجأ الكل إليك ويقبل الكل قدميك ويستنجد بك الخصم والصديق لأنك تكون حينئذ مرفأ الأمان الوحيد فى بحر الفتن والأحقاد والتناقضات وهكذا فعل صاحبنا فقد وعى الدرس وطبقه بحذافيره وهكذا ترك البلد بحراً من الفتن والأحقاد والتناقضات وميراثاً من الخراب لكل من حمله من بعده.
لأنهم يعلمون أنها القنابل الموقوتة التى تركها عبدالناصر بعد موته لتفرخ التناقضات والأزمات والمشاكل حتى تأتى على البنيان المتهالك من قواعده ولقد كان عبدالناصر يعلم حينما زرع هذه الوعود فى التربة المصرية أن الوفاء بها سيكون مستحيلاً كما أن الرجوع عنها سيكون مستحيلاً وأنها ستظل الشرخ القاتل الذى يقصم ظهر كل من يأتى بعده و«تاتشر» باعت القطاع العام فى المزاد بإنجلترا ووقفت فى وجه عمال مناجم الفحم المطرودين وأعلنت أنها عائدة لتستأصل الاشتراكية من بلادها وعادت تحملها إرادة الأغلبية إلى كرسيها من جديد وما ظن اليسار أنه مستحيل لم يعد مستحيلاً ولم يعد اليسار بالقوة التى كان عليها فى الخمسينيات والستينيات،
لقد تحول التيار السياسى فى العالم كله وسقط الفكر الماركسى حتى فى بلاده وتراجع اليسار فى إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وفقد أكثر مقاعده فى هذه الدول وفقد سمعته وفقد شرفه واليسار المصرى مجرد أعمدة فى الصحف وشعارات ولافتات وصيحات ولكن فى لحظة الامتحان لا يجد له رصيداً شعبياً ولا سنداً جماهيرياً وهو مجرد بقية مما ترك عبدالناصر وقد جاء وقت المواجهة ولا مهرب.. مواجهة الفكر بالفكر.. مواجهة الأكاذيب بالإحصاءات والأرقام الدقيقة.. مواجهة التزييف بالوقائع وبالتاريخ الثابت..
كما أن هناك من يقولون إن عبدالناصر ليس مسؤولاً عن الفساد والتدمير والإهمال والرشوة والخراب الذى وصل بنا إلى ما نحن فيه وهم يعلمون جيداً أن الفساد ما ولد إلا فى حكم عبدالناصر الذى غابت فيه الحرية وقطعت الألسن وقصفت الأقلام وسادت مبادئ النفاق والانتهازية وحكمت مراكز القوى وانطلقت عصابة القتل تعيث فى الأرض فساداً وما ولد الإرهاب الذى نعانى منه اليوم إلا فى زنازين التعذيب فى السجن الحربى بأمر وإشراف عبدالناصر فقد تسبب عبدالناصر وحكمه فى هزيمة منكرة وأرض محتلة ومصر صغيرة أصغر مما ورثها عبدالناصر بمقدار سيناء وبمقدار حجم السودان كله ثم يظهر أحمد بهاء الدين ليقول إن عبدالناصر ترك الخزانة مدينة بأقل من ألف مليون
واليوم هى مدينة بأربعين ألف مليون والظاهر أنه نسى أصول الجمع والطرح ونسى جدول الضرب أو تناسى أين أنفقت الأربعون ألف مليون وكيف أنفقت لإنشاء بنية أساسية تركها عبدالناصر منهارة مخربة أنفقت ليجد تليفونا يتكلم فيه ومواصلة يركبها وماء يشربه ومدناً سكنية.. يجد فيها الشباب غرفة يأوى إليها.. وكهرباء يقرأ عليها ومصادر طاقة وأمناً غذائياً يغطى احتياجات عشرين مليوناً زادوا فى التعداد منذ رحيل رجله وكل هذا بأسعار الثمانينيات وبالدولار الحاضر ثم حرب منتصرة محت عار وخزى ٦٧ بكل ما تكلفه الحرب المنتصرة ثم يمن علينا أحمد بهاء الدين بالسد العالى الذى أقامه صاحبه ولنذكره بالإنجازات الحافلة التى أنجزها صاحبه وكيف انتهت كلها إلى الإحباط وفى حياته الإنجليز الذين أخرجهم من القنال دخل مكانهم اليهود..
والقناة التى أممها ردمها.. والوحدة التى أعلنها مع سوريا رفضتها سوريا.. والاشتراكية التى تصورها راية قومية تجمع العرب تحولت إلى معركة تفرقهم.. ومجانية التعليم انتهت إلى حال لا هو مجانية ولا هو تعليم.. والإصلاح الزراعى هبط بالزراعة حتى جاء اليوم الذى أصبح فيه القمح يأتينا تبرعاً من أخوة لنا فى السعودية خضروا الصحارى وزرعوها دون اشتراكية أو شعارات.. وأخيراً انتهى عبدالناصر وانتهت سياسته إلى الهزيمة والخراب الاقتصادى وجميع أفكاره أخذت حظها من الامتحان وسقطت.
فماذا يحاول الناصريون الإيحاء به وما التقدمية والعلمانية التى يكلموننا عنها كل يوم.. إن مدلول الكلمة الحرفى والصريح هو نظام لا يؤمن إلا بهذا العالم ولا يعمل إلا من أجله ويرى فى حكاية الآخرة والله والحساب والعقاب أنها غيبيات، وسائل غير مطروحة لا تخص سوى أصحابها ولا تتخطى باب المسجد أما فى الشارع وفى المجتمع فلا حكم إلا للقانون الوضعى الذى ارتضاه البرلمان فإذا وافق البرلمان بأغلبية على إباحة الزنى والشذوذ والخمر والقمار والربا فإنها تصبح مشروعة وتكتسب قوة القانون وإن خالفت الأديان وصادمت الشرائع.
هذه هى علمانية أحمد بهاء الدين والأمثلة الموجودة والحاضرة لهذه العلمانية فى البلاد الإسلامية والعربية هى لبنان واليمن الجنوبى وبنجلاديش ونظام أتاتورك وجميعها أمثلة متفاوتة للأزمات الاقتصادية والديون والتخلف والتبعية وفقدان الهوية بل إن الكعبة التى يتجه إليها العلمانيون ويتلقون عنها وحيهم وإلهامهم نرى فيها العمال الكادحين يقفون فى طوابير ليشتروا الكرنب بالبطاقة بينما أعضاء الحزب الشيوعى يأكلون الكافيار ويركبون عربات فاخرة ونقرأ عن برجنيف أنه كان يمتلك جراجاً به أكثر من عشرين عربة فاخرة من أغلى وأفخر أنواع المرسيدس والليموزين وذلك ما يقوله دفتر أحوال هؤلاء العلمانيين برواياتهم وتوقيعهم وبدون تشنيع ومن أجل هذا سقط اليسار فى العالم كله وتراجع جورباتشوف عن أفكار لينين وستالين وبرجنيف وضرب بها عرض الحائط،
كما تراجعت الصين، كما انتكست الأحزاب الشيوعية الأوروبية على رؤوسها ولم يبق من دراويش الماركسية إلا اليسار المصرى يرفع رايات عتيقة بالية انتهت موضتها ويحلم بأمجاد ويقول لنا الزميل أحمد بهاء الدين موتوا بغيظكم وما مات بغيظه إلا صاحبه بل لقد مات بحسرته بهزيمة منكرة وإحباط لم يشهده زعيم قبله والزملاء الرفاق الذين يلبسون قميص عبدالناصر ينسون أن القميص أدركه البلى، وأنه دخل فى تركة ماض انتهى وأصبح مخلفات وأن العصر بمشكلاته ومتغيراته تجاوز عبدالناصر وفكر عبدالناصر وأن المشاكل التى استجدت تحتاج فكراً جديداً وأن نقود أهل الكهف التى يدورون بها فى الأسواق لن تشترى لهم شيئاً افتحوا النوافذ يا رفاق واستنشقوا الهواء نحن على أبواب التسعينيات.
المقالة الثانية
وقد حملت عنوان «الخروج من مستنقع الاشتراكية» والتى قال فيها.. مات الفكر الماركسى بالسكتة فى ساعة دون أن نطلق رصاصة تحية لجيته بمجرد أن الشعوب سمح لها بالكلام ولم تكن البورجوازية هى التى لعنت ماركس هذه المرة بل العمال والفلاحون والبروليتاريا والكادحون فى المناجم والطبقات المطحونة التى زعمت الماركسية أنها جاءت لنجدتها ظهرت الحقيقة وبرح الخفاء، ولم يعد هناك ما يدعو لأن نستمر فى الكذب وفى التستر على الأخطاء فلم تكن الاشتراكية العلمية إلى المحض الخبيث الذى خرجت منه هذه السلالة من السفاحين من لينين إلى ستالين إلى بريل إلى عملاء قتلة أمثال «هوبيكر وجيفكوف وميلوش ياكشى وتشاوتشيسكو» حولوا أوروبا الشرقية إلى زنزانة وسجن وساحة إرهاب وميدان للرعب تقطع فيه الألسن وتقصف الأقلام ولم تكن الاشتراكية العلمية اشتراكية
ولم تكن علمية وإنما كانت تلفيقاً فلسفياً ومكراً يهودياً صنعه ماركس وجر به العالم إلى حمامات دم وإلى صراعات رهيبة بين يمين ويسار استنزفت طاقات الشباب وضيعت أمماً ودمرت اقتصاديات وألقت بشعوب فى شباك عنكبوتية من الأكاذيب وظلت الأكاذيب تتناسب وتتوالد تحت حراسة حديدية من قوة السلاح وفى رعاية قبضة فولاذية من القوة المطلقة لا تتراخى حتى أذن الليل ورفع جورباتشوف قبضته وسمح بالكلام والمكاشفة والمصارحة فإذا به يفاجأ بشعوب تنتفض من سبات لتلعن الملة الاشتراكية ولتثور على سدنتها ولترفض أحزابها وزعماءها ولتطرد سفاحيها،
وإذا به يفاجأ بزعماء الأمس يفرون كالجرذان المذعورة من وجه شعوب تطاردها بالمظاهرات والهتافات واللعنات ومن عاد منهم وكابر أعدمه شعبه رمياً بالرصاص، وقد آن الوقت لمثقفين عرب كرسوا أنفسهم لخدمة هذا الفكر الفاسد أن يراجعوا أنفسهم وهم يرون أمامهم التاريخ فى أوروبا يصنع من جديد على نهج مضاد لما كانوا يرجون من آراء وتنبؤات خابت جميعها وكذبها الواقع وفى بلادنا حان الوقت لنصلح ما أفسده الاقتصاد الشمولى فى هيكل إنتاجنا المتداعى، وما صنعه التأميم والقطاع العام والأداء الفاشل للشركات الخاسرة ما لا تفعله مجانية شاملة لعشرة ملايين طالب من الحضانة إلى الجامعة بدون ميزانية ولمجرد الفشر بأننا نعلّم الفقير والمعدم مجاناً ولا مجانية هناك ولا تعليم ولا تربية
وإنما إهدار واستنزاف بلا عائد سوى الخلل الذى أدى إلى هجرة الفلاحين، من الريف إلى المدينة حيث المدارس والجامعات ليصبحوا جميعاً وزراء وبكوات ومهندسين وأطباء ومحامين، واختلت البنية الاجتماعية فلا يمكن أن نتصور جيشاً كله جنرالات وقادة بدون جنود وتوقفت الزراعة فى الريف ونزل الفلاحون لشراء الخبز والزبد والبيض والدجاج من المدينة ومدت المدينة يدها لتستورد القمح والدجاج والبيض من هولندا وأمريكا، وأنا وزير وأخويا أمير وابن عمى مدير يبقى مين حيسوق الحمير ومن يجمع الزبالة بالقاهرة والمحافظات..
أخطاء القرارات الاشتراكية التى أعلنت فى الستينيات ألقت البلاد فى مستنقع من التناقضات والصراعات والعقم الاقتصادى والتدهور الإنتاجى ولا أحد يواجه الكارثة، والنتيجة هو منطق عام اسمه لا مساس لا مواجهة لا حسم ولا أدرى ما السبب أهو الخوف من عواقب المواجهة ولكن الخوف له فاتورة تتراكم هى الأخرى وقد عاش عبدالناصر فى الخوف من الجيش وفى الخوف من المخدرات فظل يؤجل المواجهة، الحاسمة من سنة إلى أخرى لا مساس بهذا ولا مساس بذلك وظلت فاتورة الخوف تتراكم حتى دفعها عبدالناصر مرة واحدة فى هزيمة ٦٧ ولم تجد بعد ذلك قرارات محاكمة صلاح نصر ولا اعتقال عبدالحكيم عامر، لأن أوان الحسم كان قد فات وحمل عبدالناصر وحده خزى الدهر واقترنت الهزيمة باسمه وبسياسته..
وكل ما تفعله أنها تؤجل المواجهة وتؤدى إلى عواقب تراكمية يرتفع فيها المد وراء السد حتى يحطم السيل ويقول صاحب المشكلة اتركها لمن يأتى بعدى يحلها، وأوفر على نفسى المصادمات ولكن من أدراه متى يأتى الطوفان..
ولا توجد روشتة شافية ولا وصفة منجية تخلص أى صاحب مسؤولية من مسؤوليته ولا يوجد إلا حل واحد هو الخروج من مستنقع الاشتراكية بمواجهة أخطائها وإصلاح ما أفسدته فى البنية الاجتماعية ودول أوروبا الشرقية تفعل هذا، وعلينا نحن أيضاً أن نفعله، ظروفنا أحسن فلسنا فى المأزق التراجيدى الذى تمر به دول أوروبا الشرقية، لأننا قطعنا أكثر من نصف الطريق بقرارات العادات الجريئة ولم يبق إلا أن يعيش طريق اليسار فى خزى ووجهه بلون الأرض وهو لا يفتح فمه إلا بهراء وقد تغير اتجاه الريح وانتهى عصره وبدأ عصر جديد لابد أن يسود فيه فكر جديد ومنهج جديد فالآن وليس غداً..
ومن ليل العذاب تجمع ملايين اليابانيين على أنقاض هيروشيما ليضعوا اليد على اليد فى ميثاق عمل.. ميثاق عرق.. ميثاق سهر وقد فعلوها وصنعوا قنبلة اقتصادية.. فجروا ثورة إنتاجية.. قادوا مظاهرة علمية بهرت العالم.. ردوا على أمريكا بتحد أكبر وأخطر، هذه أمم مرشحة لقيادة التاريخ فى السنوات المقبلة، لقد رفع أجدادنا أهرامات بدون حديد وبدون مسلح وبقيت على الزمان خمسة آلاف عام ونحن نرفع عمارات من الأسمنت والخرسانة والمسلح لتقع منهارة بعد شهور من بنائها والفرق الوحيد هو هذا الشىء الذى نتحدث عنه، روح الجد عندهم..
وروح اللعب والعبث عندنا إن العمر قصير والإنسان لم يولد ليعيش عبثاً ويموت عبثاً، ويجب أن نعمل شيئاً فى حياتنا.. وهناك شىء فى الذوق العام وفى الفهم وفى الوعى وفى الإدراك يجب أن يتغير وعلينا أن نجدول أولوياتنا من جديد بحيث يكون العمل الجاد فى البند الأول واللعب فى البند الأخير.
__________________



رد مع اقتباس
  #22  
قديم 30-12-2009, 05:22 PM
الصورة الرمزية Moh.Osama
Moh.Osama Moh.Osama غير متواجد حالياً
التخصص العملى: طالب فى كلية الادارة والاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الموقع: مصر ام الدنيا
المشاركات: 576
Moh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant future
افتراضي رد: دعوة لجمع مذكرات د. مصطفى محمود

«المصرى اليوم» تواصل نشر مذكرات المفكر الكبير د.مصطفى محمود التى سجلها قبل وفاته:الحلقه السابعة.. وثيقة التكفير

كتب المذكرات محمد الساعى - السيد الحرانى ٢٩/ ١٢/ ٢٠٠٩
■ حينما خطوت أول خطوة وأنا داخل المجلة لمحتها.. لمحت تلك النظرة المرتبكة المدفونة فى الأرض.. الكل (حارس الأمن.. الموظفون.. الزملاء) يحيوننى فى ارتباك.. وهم ينظرون فى الأرض.. فقد كانت سكرتيرة إحسان عبدالقدوس تنظر لى نظرة ممتقعة وهو بنفسه دافن نظراته بين أوراقه لا ينظر إلىّ مباشرة
■ الصدمة أصابت الكل.. أول حركة تكفير يسمع عنها الناس فى القرن العشرين.. هل تعلمون من هو أول من صدم.. الشيخ حسن مأمون.. صاحب الفتوى نفسه.. فالأزهر الشريف لم يكن هو أزهر اليوم.. كان إمام الوسطية العالمى عندما اعترضوا عليه وعلى أفكارى لم يذكروا اسمى فى نص الفتوى بل كل ما ذكروه عنى هو الأستاذ (م. م) وسمونى الدكتور المتعلم.. لأنهم لا يريدون تعبئة الناس ضدى.
مصطفى محمود
التشرذم.. المعاناة.. الاكتئاب.. الاعتقال.. النفى.. الحجب.. انتهاك جميع الحقوق كل هذه تعبيرات أطلقها المفكر الكبير مصطفى محمود على فترة حجبه عن الكتابة وحرمانه من الحرية والتحليق فى سماء بلاط صاحبة الجلالة.. وقال.. أصعب ما يقابله الكاتب أن ينساه جمهوره.. لا يفرق معك المال أو الشهرة.. القهر كل القهر هو أن تجد نفسك قد اصبحت منسيا.. تصبح كالعارى.
كان مصطفى محمود لا يريد أن يطيل الكلام عن عهد الناصرية أو الناصريين بالمرة.. فقد ذكرنا عدة عشرات من المؤلفين والمؤلفات تناولت هذا العصر باستفاضة.. فمنهم من جعل من ناصر نبيا ومنهم من رماه بكل لعنات الأرض..
أما مصطفى محمود فيقول إن هذا لا يهمنى فى شىء فالأنظمة فى مصر غالبا ما تبدو قوية جدا من الخارج لكن الحقيقة أنها من الداخل كيان ضعيف جدا.. هى قوية على اهل مصر.. ولا أريد أن أقول إنها ضعيفة أمام العالم الخارجى.. لأن العالم الخارجى عموما لا يعرف بوجودنا.. ليس لا يعترف بنا بل لا يعرف.. وإن كان يعرف عنا شيئا فهى صورة البدوية التى تحمل جرة أعلى رأسها والبدوى الذى يرتزق من حملهم فوق النياق ليلهوا أمام الأهرامات يتصورنا بدوا مازلنا نعيش فى خيام ونرعى الأغنام ونعيش فى الصحراء.
هنا ينهى هذا العهد بنشر الوثيقة التى ادعى البعض أنها كفرت الدكتور مصطفى محمود.. نشروا اتهامات بالتكفير.. وقالوا إنها اقتطفت من نص فتوى الأزهر فى كتابه (الله والإنسان ).. الأمر الذى حشد وجيش اللاعنين فى حقه.. لم يذكر أحد الحقيقة.. ولم يعرفها أحد حتى الآن.. فتزييف الحدث «كان حريقة».
الصدمة أصابت الكل.. أول حركة تكفير يسمع عنها الناس فى القرن العشرين.. هل تعلمون من هو أول من صدم.. الشيخ حسن مأمون.. صاحب الفتوى نفسه.. فالأزهر الشريف لم يكن هو أزهر اليوم.. كان إمام الوسطية العالمى عندما اعترضوا علىّ وعلى أفكارى لم يذكروا اسمى فى نص الفتوى بل كل ما ذكروه عنى هو الاستاذ (م. م) وسمونى الدكتور المتعلم.. لأنهم لا يريدون تعبئة الناس ضدى.. ليست هذه وظيفة الدين أو الازهر أو لجنة الفتوى.
هناك سؤال سيفرض نفسه بعد قراءة هذه الوثيقة.. والتى كانت لجنة الفتوى بالأزهر أكثر رقة مما كنت اتصور فيها .. من وراء الهجوم الذى لاحقنى؟؟ وهذا السؤال سأنهى به هذا العهد تماما.. وفى هذه الوثيقة ستجدون رأى فتوى هيئة علماء الأزهر فى كتابى الأول الذى أثار الجدل والضجة والذى سبق أن ذكرت فى حلقات سابقة أننى تراجعت عنه بعد أن وصلت لليقين الإلهى.
( الآتى نص فتوى ورأى علماء الأزهر فى كتاب الله والإنسان حرفيا كما هى محفوظة داخل مجمع البحوث):
« سؤال: من الأستاذ: م.ح.أ بطلب قيد برقم ١٣٥٧ سنة ١٩٥٧ يرغب فيه منا أن نطلع على كتاب (الله والإنسان) ونبدى رأينا فيه.
أجاب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده . وبعد:
فقد اطلعنا على هذا الكتاب الذى ألفه الدكتور (م.م) وأخرجه فى مارس سنة ١٩٥٧ بعد أن نشر بعض فصوله فى مجلة روزاليوسف. ونظرا لأن هذا الكتاب قد أثار ضجة كبيرة.
وطلب منى الطالب بصفته ممثلا لمجمع البحوث العلمية، وجماعة البر والتقوى إبداء رأيى فيما نشر بمجلة روزاليوسف من الكتاب، وفى الكتاب نفسه بعد طبعه وتوزيعه على القراء.
وقد قرأت هذا الكتاب من أوله إلى آخره قراءة هادئة غير متأثر بما أثير حوله، لأننى لا أحب أن يصدر حكمى عليه فى جو عدائى له أو جو تسيطر عليه فكرة سيئة عنه.
ولذلك أجد من الإنصاف أن أقول: إن الكاتب عنى فى كتابه بتمجيد العقل والعلم والحرية، وإظهار أثرها فى تقدم الفرد والأمة. ولا جدال فى أن الدين الإسلامى قد سبقه إلى ذلك فقد عرف للعقل قيمته وقدره. وطالب الناس بالتفكير فى خلق الله، وبالنظر والاعتبار، ونجد آيات القرآن الكريم حافلة بذلك.
كما أنه دعا إلى العلم بكل ما يحتاج اليه الإنسان فى حياته وفى مماته، وكل ما يرفع شأن البشرية، ويحقق على الوجه الأكمل معنى خلافة الإنسان عن الله فى أرضه، يعمرها ويستخرج كنوزها ويفيد من كل ما وضع الله فيها، وأيضا فإن الإيمان الذى فرضه الإسلام وسائر الأديان السماوية.
وهو الإيمان بأن للعالم إلها واحدا هو الله سبحانه وتعالى وهو المستحق وحده للعبادة والذى يستعان به ولا يستعان بغيره فى كل شؤون الحياة يحقق معنى حرية الإنسان فى أسمى صورها وأعلى مراتبها. فالمؤمن. إيمانا صادقا لا يكون عبدا لغيره، ولا عبدا لشهواته، ولا لأى شىء آخر سوى الله سبحانه وتعالى الذى خلقه وخلق كل شىء.
فدعوة الكتاب إلى تخليد العقل والعلم، وإلى أن يفكر الإنسان تفكيرا حرا مستقيما، دعوه لا ننكرها عليه، ولا ينكرها الدين الإسلامى. فما جاء فى آخر الكتاب من الدعوة إلى أن يتكاتف السياسى اليقظ والمفكر الحر ورجل الدين العصرى إلى أن يكونوا فى توثب دائم ليكسروا الدروع السميكة حول أعدائنا، ويمزقوا عن وجوههم القبيحة النقاب لاشىء فيه وهو مما نوافقه عليه.
غير أن الكتاب لم يخل من أخطاء لا نستطيع أن نمر عليها بدون إبداء رأينا وعلى الأديان كلها هجوم واضح نلمسه فى كتابه فى كثير من المواطن.
واعتقد أن هذا الكاتب وأمثاله لم يقعوا فيما وقعوا فيه من خطأ إلا لأنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء دراسة الأحكام التى دعا الإسلام الناس إلى اتباعها بدليل أنى لم اجد فى كتابه شيئا منسوبا للدين يستحق أن ينتقد أو يزدرى وسنذكر بعض الأمثلة من خطاه الذى لا نقره عليه بل إننا نعتقد أنه لو راجع نفسه لا يقر هذا الخطأ.
ص ٢٤
(والطريقة العصرية فى بلوغ الفضيلة ليست الصلاة، وإنما هى الطعام الجيد والكساء الجيد، والمسكن الجيد. والمدرسة والملعب والموسيقى).
ص٢٦
( لقد صنعنا الصلاة على المذاهب الأربعة ولم يبق إلا أن نجرب الطعام الجيد)
وهذا من أمثلة الخطأ.. فهو خطأ فاضح فليس من الإنصاف أن يقول كاتب: إننا صنعنا الصلاة، فالصلاة لم يصنعها الإنسان، وانما أمر بها الله ولا أدرى ما الذى دعاه إلى مثل هذا التهجم على أوامر الله إنكار فائدتها أولا، وبنسبة صدورها لا إلى الله بل إلى الناس ثانيا. ولو قال بدل هذه العبارة أننا امتثلنا إلى أوامر الله بالصلاة وذقنا أثرها وحلاوتها فى صدورنا فلنضف إليها أيضا ما تحتاج إليه أجسامنا ومقومات حياتنا لنكون أقوياء بإيماننا وبأجسامنا وأرواحنا حتى نستطيع أن نواجه عدونا بهذه الأسلحة مجتمعة.
ص ٥٤
تهجم على الأديان
والأديان سبب من أسباب الخلط فى معنى السعادة لأنها هى التى قالت عن الزنى والخمر لذات وحرمتها فتحولت هذه المحرمات إلى أهداف يجرى وراءها البسطاء والسذج على أنها سعادة، وهى ليست بسعادة على الاطلاق .
ليحفظ للواقع: أن الدين وهو يحرم بعض ما يشتهيه الإنسان ويلذ له إنما يحرمه للضرر الذى يعود عليه من الجرى وراء ملذاته فقد حرم الخمر ليحفظ للناس عقولهم.. وحرم الزنى ليحملهم على الزواج والتناسل فيحفظ بذلك النوع الإنسانى على أكمل وجه ويقيه شر الانحلال والانقراض والانهيار.. هذه هى الحقيقة التى ما أظن أن الكاتب غفل عنها ولكنه مع هذا يخطئ فى التعبير فيقول: إن الأديان سبب من أسباب الخلط فى معنى السعادة وأن السعادة ليست تحررا بحيث يفعل الإنسان كل ما يريد وكل ما تشتهيه نفسه ولو كبه ذلك على وجهه وأوقعه فى الهلاك.
ص ١١١
الله فكرة، أنه فكرة فى تطور مستمر كما تدل على ذلك قصة تطور الأديان.. وفى فقرة أخرى يقول (وشريعة هذا الدين- أى الذى يدعو إليه- بسيطة جميلة وهى الولاء للحياة).
يقول المفتى.. الكاتب هنا يطعن فى الذات الإلهية فيتحدث حديثا ما كان واجبا أن يتحدث بمثله.. ويضيف.. لا أيها الكاتب المتعلم تعليما جامعيا ليس الله فكرة كما تقول، وإنما سبحانه وتعالى ذات منزهة عن صفات الحوادث ومتصفة بجميع صفات الكمال، وهو الذى خلقك وخلق كل ما تراه حولك فليس الله فكرة متطورة كما تقول وليست الأديان قصة كباقى القصص التى لا أصل لها وانما الأديان السماوية حقيقة أيدها الله سبحانه وتعالى بالمعجزات، التى أجراها على أيدى رسله.
ص١٨
أنا فتحت عينيى فى يوم لأجد نفسى وحيدا وإلى جوارى مصحف وحجاب لمنع الفقر.
ويقول المفتى عن القرآن الكريم.. إن هذه المعجزة معجزة خالدة باقية.. عجز العرب وغيرهم أن يأتوا بمثلها.. وهى القرآن الكريم.. فالمصحف الذى وجدته ولا يمكن لمثلك أن يكون بعيدا عنه هو المعجزة التى يكفيك أن تقرأه وتمعن النظر فيه لتعرف الأسس التى تضمنها، والتى لو عمل بها الفرد وعملت بها الأمة لتحقق الفرد الصالح والأمة الصالحة، ولما صار الشرق كما نراه الآن بعيوبه وبضعفه، فإن الإسلام لا يعرف الضعف والضعفاء ولا يعرف السعادة التى يحققها حجاب أو دعاء.. كما تريد أن تلمز به الإسلام بحملك الحجاب مع المصحف، فلا يوجد فى الشريعة الإسلاميه حجاب يمنع الفقر أو يجلب السعادة وإنما يوجد عمل دائب مستمر لتحقيق معنى السعادة الحقيقية..
السعادة المؤسسة على قوة المادة وقوة الروح معا، ولعلك لو تحدثت عن الشرق وقد استحال أمره إلى أن يكون له جيوش ومصانع وطيارات، وغير ذلك مما يوجد فى الغرب، الذى لا يحول الإسلام بينه وبين أن يبلغه لما كان حديثك عن الإسلام هذا الحديث المتأثر بحالة الشرق الآن تأثرا دعا إلى أن تمجد المادة التى وصل إليها الغربيون التى لم يصل إليها الشرق بعد لا لأن الدين قد حال بينه وبين بلوغه، ولكن الاستعمار الذى رزخ على صدر الشرق والشرقيين فى القرون الأخيرة هو السبب الأكبر فى ذلك».
ص ١١٩
فلا محل لافتراض فى بقاء آخر روحانى لهذا الترابط المادى البحثى.. إنها نهاية طبيعية إذن.. أن يبعث الإنسان حيا بعد الموت هو والدودة التى فى بطنه والقملة التى فى رأسه فهذه تعنى روحية الأديان.
وفى فقرة أخرى «أن دعوى الخلود الشخصى لا يسندها العلم ولم تعد تسندها الضرورات الاجتماعية القديمة».
كانت هذه الدعوى العريضة التى يدعيها الكاتب فى كتابه ويقول عنها دعوى الخلود الشخصى لا يسندها العلم.. لم يقل لنا اسم العلم الذى ينكر الحياة الآخرة اللهم أن يكون قولا لبعض العلماء المتطرفين، الذين مجدهم الكاتب فى أثناء كتاباته أما العلماء الذين بحثوا فى أصل الإنسان، وعرفوا عظمة الله وقدرته فيما كشفوه عن بعض آثارها فى الأرض والسماء، فما أظن أنهم ينكرون الحياة الثانية أو ينكرون وجود الله وقدرته وعظمته.
ص١٣١
إن الله ليس فوق الجدل.. وليس فوق العقل.. وليس فوق الواقع.. إن الله هو العقل وهو الواقع، وهو مجموع القوى الكونية التى تعمل خيرنا فى كل وقت، وهو قوى تقبل المراجعة والتفكير والبحث والتطوير.
هنا إنكار الله بتعبيرات ضعيفة لا يسندها منطق ولا دليل ولا شبة دليل ما الذى يريده الكاتب من هذه العبارات؟ هل يريد أن يوحى إلى قارئيه بأن الكون الذى يعيش فيه ويعيش فيه الناس خلق هكذا دون خالق؟ وهل العقل الذى يمجده ويقول إنه هو الله الذى أوجد هذه المخلوقات كلها، وإذا كان العقل هو الموحد كما يقول فلماذا وجد عند قوم وكان ضعيفا ومعدوما عند آخرين.
دعاء المفتى للكاتب
نسأل الله لهذا الكاتب وأمثاله الهداية والرجوع إلى الحق ـ فإن الرجوع إلى الحق فضيلة.. والله أعلم»
والآن بعد أن خرجت هذه الوثيقة لأول مرة أحب أن أنوه إلى أننى لم ألق عليها أى نظرة.. منذ أن خرجت حتى قريبا.. لدرجة أننى توقعت صدق ما قيل.. لم أمسكها بيدى أو أعرف محتواها إلا عندما كلمنى الشيخ جاد الحق على جاد الحق.. وأعطانى نسخة منها.
■ هل تعلمون ما الشىء الكريم فى هذه الفتوى؟.. وفى صاحبها؟
- حسن مأمون «١٨٩٤ إلى ١٩٧٣» الذى كان أبوه إمام مسجد الفتح بقصر عابدين، وكان حسن مأمون ملما بالثقافتين العربية بالإضافة إلى الفرنسية وكان إمام أو رئيس «دار الإفتاء منذ ١٩٥٥ إلى ١٩٦٤، ويذكر أنه خلف الشيخ شلتوت فى مشيخة الأزهر.
■ هل تعلمون ماهو العجيب؟
- إن المفتى ذكر ما يتفق فيه معى قبل ذكر الاختلافات.. إضافة إلى أن الفتوى لم تذكر أى اتهامات بالتكفير أو التفسيق أو التبديع أو عنف لفظى ضد الكاتب رغم «ظهور افتراءات زعم نقلها من نص الفتوى، التى ذكرت بالكامل ورقمها هو ١١١٦ وبعنوان رأى الإفتاء فى كتاب الله والإنسان.
لم تنشر الفتوى وقتها أبدا لعدم التشهير حتى إنهم ذكروا اسمى بالدكتور مصطفى بحرفين «م.م»
وهنا نلاحظ ما يحدث الآن من مهاجمة بعض المؤلفين المغمورين فيجعلون منهم نجوم مجتمع، ويقبل الناس على شراء كتاباتهم التافهة.
لم تذكر الفتوى أى دعوى بمصادرة الكتاب، ولم تطلب ذلك بل اكتفت بمناقشتى وأفكارى والسؤال النهائى الذى يلقى بنفسه إذا كان موقف الأزهر ودار الإفتاء يظهر واضحا من خلال هذه الوثيقة.. فمن وراء كل دعوات التكفير التى هاجمتنى.. ودعاوى الزندقة التى هاجمتنى طوال عقد من الزمان؟
__________________



رد مع اقتباس
  #23  
قديم 01-01-2010, 06:47 PM
الصورة الرمزية Moh.Osama
Moh.Osama Moh.Osama غير متواجد حالياً
التخصص العملى: طالب فى كلية الادارة والاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الموقع: مصر ام الدنيا
المشاركات: 576
Moh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant future
افتراضي رد: دعوة لجمع مذكرات د. مصطفى محمود

«المصرى اليوم» تواصل نشر مذكرات المفكر الكبير د.مصطفى محمود التى سجلها قبل وفاته:الحلقه الثامنة.. نساء فى حياتى

كتب المذكرات محمد الساعى - السيد الحرانى ٣١/ ١٢/ ٢٠٠٩مصطفي محمود

■ أحيط قلبى بغلاف من الزجاج وعزلة عن كل المشاعر.. وفى وسط زحمة آلاف المعجبات.. ومئات اللاتى يتصلن بى.. وعشرات الفنانات اللاتى أقابلهن يوميا ظل ذلك الحاجز قابعاً على قلبى لا ينقشع.. ولم تستطع إحداهن اختراقه.. وكل صباح كان يهتف: ألم يحن الوقت؟.. ألن أقابلها؟
■ أريد زوجة هادئة شقية.. أحترمها وتحن علىّ.. أضمها وتحتوى جنونى.. تمد يدها لتزيل غلاف الحزن الرابض على صدرى.. ألن أقابل مَنْ تعتصر قلبى بمشاعرها.. ألم يحن الوقت بعد؟!
مصطفى محمود
عاش مصطفى محمود مثلما مات تماما.. وحيدا.. ووحدته المقصودة هنا لا تعنى أنه عاش وحيدا، لأن الجميع كانوا يحيطون به.. تشكيلة الصفات التى تمتع بها (مثل هدوئه وعصبيته، رقته وقوته، حنانه وجموده، طيبته وقسوته) عند الحاجة إليها وهبته كاريزما غير تقليدية.. كان دائما ما يجد نفسه محاطا بالجميع.. لكنه مع ذلك وحيد.. وحدته فى تفرد نفسه ومشاعره وبالتالى لم يجد من يتعمق داخله ويفهمه ويروض تلك المشاعر.. فعن الحب يقول مصطفى محمود: «الحب بالنسبة لى هو الحياة.. الماء.. الهواء.. التنفس لا أستطيع أن أعيش بدون حب ولا يستطيع أى إنسان أن يتجرد منه.. إنى أكاد أجزم بأن حبى الآن مختلف عن حب الآخرين».
الفنانات والمطربات.. كبار الكاتبات.. كل النجمات فى مصر جلسن بين يدى مصطفى محمود.. حتى بنات العائلات، فهو كان أول من أطلق باب اعترافات عشاق، واعترفوا له فى مصر والوطن العربى فكن يفضفضن.. ويستمعن إلى خلاصة كلامه.. سعاد حسنى.. شادية.. مديحة كامل.. ليلى طاهر.. نادية لطفى.. وكلامه عن هؤلاء يحين دوره فيما بعد.. خصوصا أن آلاف النساء والفتيات.. و.. و.. كن موجودات أمامه، والجميع يخفقن لرؤية مصطفى محمود.
لم يكن فى وسامة عمر الشريف.. ولا فحولة رشدى أباظة ولا فى حنان وشجن حليم، ولكن مع ذلك - والكلام على لسان صديقه الأول الفنان عبدالوهاب - «كانت الفتيات عندما يجدن مصطفى محمود يركب بجوار عبدالوهاب فى مقعد سيارة أى منهما الخلفى، كن يفتحن الباب فى إشارات المرور ويرتمين على الدكتور حاضنات إياه ومقبلاته.. ولم يكن يخلصه منهن إلا سائق محمد عبدالوهاب.. ولكنه على الرغم من ذلك.. وفى وسط كل هؤلاء كان بداخله يهتف: ألم يحن الوقت بعد؟.. ألن أقابلها؟.. ألن أقابل من تعتصر قلبى بمشاعرها؟.. أريد فتاة رقيقة هادئة شقية تصفق الأبواب بقدمها تشعل ما بداخلى..».
النساء فى حياة مصطفى محمود قليلات.. والمقصود بهن هنا النساء اللاتى دخلن إلى أعماقه.. ويتلخصن فى أمه، وأخته زكية.. وزوجته الأولى سامية، أم اولاده، وابنته أمل، وأخيرا زوجته الأخيره زينب.. وبعد طلاقه وانفصاله عنها ليزهد النساء.. وربما الحياة عموما.
وعن أولى هذه النساء.. قال: أخبرتكم من قبل أن أمى هى الزوجة الثالثه لأبى.. وهو كان الزوج الثالث لأمى.. لا أريد أن أقول كلاما تقليديا عن كونها أعظم أم فى العالم أو أطيب أم فى الخليقة لأننى لا أحب الكلام بهذه الطريقة الكلاسيكية.. لكن بالفعل أمى كانت أعظم أم فى العالم.. يكفى أننى كلما تذكرت صفة واحدة من صفاتها أبكى.. عندما ماتت وخرج السر الإلهى كنت أقف بجوارها أبكى بشدة وأقول لها «كلمينى ولو كلمة واحدة فقط، قولى إنك راضية عنى، واغفرى لى شقاوتى وتمردى اللذين تسببا فى إرهاقك طوال هذه السنوات».. هل تعلمون ما أعلم؟..
الحمد لله أنى ملم بكل خواص الأمومة وصفات كل الأمهات فى جميع الأجناس.. عند جميع الحيوانات.. عند كل فصائل الطيور.. والأسماك.. بالطبع أنتم لا تحتاجون أن أضيف أن سبب اهتمامى بصفات الأمومة عند كل هذه الكائنات كان منبعه الأثر الذى تركته أمى بداخلى.. تركت بداخلى شيئا مثل قلب آخر فكأنى أعيش بقلبين.. قلبى العادى وقلبى الآخر الذى ينبض كلما لمحت لمحة أمومة عند كائن حى ليذكرنى بست الكل وتاج رأسى المرحومة أمى..
وللأسف أنى لا أمتلك صورا لها كنت أعطيتها لكما، لكنى مازلت أحتفظ بصورة لوالدى سوف أعطيها لكما.. إذاً تستطيعان أن تقولا إنى قد أغرقت المشاهدين الذين تابعوا معى برنامجى (العلم والإيمان).. بكل حلقات الأمومة عند الحيوانات والطيور، وكان السبب فى ذلك هو أننى كنت أبحث عن الأثر الذى تركته أمى بداخلى.. أحيانا لا أتذكر كل التفاصيل عنها وأحيانا لا أتذكر كل المواقف لها، لكن لو تذكرت لن أنسى ذلك المشهد وأنا عائد ذات يوم من القاهرة بينما كنت كبيرا بالغا أستطيع فيه السفر إلى أى مكان، ونظرت من نافذة القطار وأنا مقترب من محطة طنطا حيث نعيش فوجدتها تقف مستترة فى زاوية أحد المنازل القريبة من المحطة بعباءتها وغطاء الرأس الخاص بها وتنتظر فى قلق..
وعندما نزلت من القطار ذهبت إليها فلم أجدها.. وعدت إلى المنزل سريعا فوجدتها تمارس أمور معيشتها بملابس البيت، عادى جدا وكأنها لم تكن موجودة.. لم أحدثها فى الأمر، وسرعان ما غادرت إلى القاهرة لأننى كنت فى تلك الفترة التى سبق أن أخبرتكما - أنى كنت أبحث عن نفسى فيها.. كنت أتعمق فى الموسيقى وأذهب إلى الحفلات لأعزف بها مجانا حتى لو وراء راقصة.. ثم أحسست بضآلة الأمر وأن هذا ليس مقصدى فبدأت التفكير جديا فى دراسة الطب.. والتركيز فيه وبدأت أحول مرحلة الكتابة من مجرد أفكار إلى التنفيذ ومن ثم ترددت على المجلات والصحف الشهيرة فى هذه الأيام.. وفى كل مرة من المرات التى كنت أغادر فيها إلى القاهرة كنت أجد أمى تقف نفس الوقفة.. وبنفس الطريقة.. لا يطمئن قلبها أو يهدأ بالها إلا بعد أن تتأكد من عودتى.
كنت أستمد منها الإكسير الذى أعيش به رغم أنى كنت أشقى مخلوقات الله.. بالمناسبة الشقاوة فى الأطفال ليست عيبا، فهى إذا وجدت من يوجهها ويروضها تحولت إلى طاقة بناءة ومنتجة.. كنت مصدر تعب وإرهاق دائما وأبدا.. فى كل مرحلة وفى كل خطوة أتخذها هى من تتعب معى، مثل اليوم الذى أحضرت فيه الجثة تحت سريرى لأمارس عليها التشريح، ولأننى حافظ ردود أفعال أمى خبّأتها تحت السرير ولم أعمل حساب اليوم الذى اكتشفتها فيه.. ولكنكما مؤكد ممكن أن تستنتجا.
وأضاف: «أهم اللحظات التى بكينا فيها معاً فى اليوم الذى خرجت فيه قاصدا القاهرة بدون نية العودة.. كنت أريد لطموحى أن يتحقق حتى لو على حساب دراستى.. المبدأ جاد لكن الأسلوب الذى اتبعته فى الحضور إلى القاهرة قاصدا المجلات والصحف.. لأبدأ فيها مرحلة الكتابة والتأليف ومررت بأيام صعبة ولكنى تعلمت منها خصوصا أننى لم أجبر على فعل ذلك ولم تضطرنى ظروف ما.. وعندما عدت بعد فشل هذه التجربة - لكنى بالطبع تعلمت منها فيما بعد - أحسست بأنى أخطأت كثيرا فى حقها علىّ وفى حضنها بكينا معا».
لم يُرد مصطفى محمود أن يسرد الجزء الخاص بوفاتها، وقد حاولنا احترام هذه الرغبة فى البداية.. ولكننا عدنا فألححنا فقال:كل ما أتذكره أنى دفنت جثمانها الملفوف فى الأبيض داخل قبرها بيدى.. والناس يغلقون المقبرة وأنا لا أريد أن أغادرها حتى كدت أن أدفن معها.. وأنا لا أكاد أرى سوى ذلك الأبيض الذى يختفى شيئاً فشيئاً مقروناً بأصوات صراخ وصوت مقرئ.. وأياد تربت علىّ.. وآخرون يعانقوننى وفراغ بداخلى لم يملأ ولن يملأ!!!!
وعن السيدة الثانية فى قائمة من احتللن قلب مصطفى محمود، وهى الحاجة زكية أخته الكبيرة من الأب - لمصطفى محمود تسعة إخوة من الأب لا يوجد بينهم غير مختار الشقيق - يقول: أختى زكية حاولت جاهدة أن تكمل دور الأم الذى افتقدته فى فترة مهمة للغاية.. فترة البناء، الفترة التى حوربت فيها كما سبق أن ذكرت.. وسأسأل سؤالاً: من من البشر ممكن أن يتحمل الظروف التى ذكرتها إبان نوبة المهاجمة والتكفير وحدى؟ بلا زوجة أو أم؟ وهذه كانت مرحلة أختى بلا منافس..
هل تعرفون الأخت الكبيرة الطيبة التى تبكى بشدة لو سمعت أن قدمك اصطدمت بحجر فى الشارع.. والتى تقف خلفك فى ظهرك وقت شدتك بدون انتظار أى نتيجة منك، هى تفعل ما تراه صواباً.. لا تنتظر منك أن تكون وزيرا أو رئيسا للجمهورية.. هى لا تفرق معها.. نعم ستضحك بعض الوقت ولكنها لا تنتظر مقابلاً ما، فكل ما يهمها أن تجد الابتسامة مرسومة على وجهى..
وأهم من ذلك كله أنها أنقذتنى.. نعم فقد جاءت إلىّ بعد التشهير بى مباشرة وأخذتنى فى حِجْرها.. وغطتنى بطرحتها البيضاء كما تعودت وأنا صغير.. وحمتنى من الصحفيين ومراسلى الراديو والمجلات - لم يكن وقتها هناك وسائل إعلام كما فى الوقت الراهن ولا فضائيات - وبعد شهرين أو أكثر أنهضتنى على قدمى ونظرت فى عينىّ فوجدت أنى ما زلت أمتلك إصراراً على أن أتحدى من وضعنى فى هذا الموقف.. فأجلستنى أمامها وهى تبحث عن مدخل الكلام..
كنت أنظر إليها وأنا أفهمها وأعرف ما تريد أن تقوله لى.. عندما تعدل طرحتها البيضاء عند الكلام ويداها تعبثان بأكواب الشاى وتبدأ الكلام بأبى، فإنى أعرف أن الكلام لن يعجبنى لذا قصرت عليها الطريق وسألتها: إيه الموضوع يا أختى؟ فقالت كلاما كثيرا عن كونى أمل الأسرة جميعا.. وقالت إن نشأتى المختلفة وأحداث الصغر غير العادية جعلت إخوتى جميعا يدركون ما سيكون عليه مستقبلى بإذن الله..
فهل واجبك الأول هو تحقيق آمال أهلك فيك.. أم العبث وراء المجلات والصحف.. كنا نفرح وأنت صغير أثناء قراءتك قصص الأنبياء وغيرها قبل من هم فى مثل عمرك.. كنا نفرح وأنت تجتهد ونزغرد والمدرسون يصفونك لنا بالعبقرى.. لكننا لا نريد منك أن تكون عبقرياً وميتاً نريدك فى وسطنا حتى لو بنصف ما أنت عليه الآن.. يا مصطفى يا عمرى ده مش كلام قصص أو مجلات.
وسكتُّ أمام ناظريها وابتلعت لسانى ولم أقو على الحديث بحرف واحد.. أختى الأمية هذه زرعت بداخلى ناقوس الخطر، وشغلت الإنذار.. أنا عندى أفكار جديدة على الوطن العربى.. لم يقتحمها أحد أبداً.. مثل الخيال العلمى.. أدب وسينما الخيال العلمى غير موجودة فى المنطقة العربية وتحتاج من يغامر بالدخول فيها وأنا مستعد لها من فترة وعندى مجموعة مخطوطات ومشاريع عن قصص وأفلام خيال علمى، ولو أضعت عمرى أحارب وأرد على من هاجمونى لن يكفينى العمر كله وبالتالى سأعطل مشاريعى الجديدة هذه.. وبالفعل نفضت دور الضحية الذى تخللنى فى الفترة السابقة وأنهى كثرة الشكوى والكلام.. وارتديت ملابسى على عجالة وأخذت قصصى وخرجت.
أما السيدة الثالثة.. التى احتلت قلب مصطفى محمود فى نصف عمره الأخير.. فهى أمل مصطفى محمود.. ابنته.. التى أصبحت أمه فى أعوامه الأخيرة.. فالدكتور اهتز عند فقدان كل من أمه وأخته الكبرى وظل يبحث عنهما، وعلى الرغم من زواجه مرتين إلا أنه لم يجد ما وجده عند أمل.. ويقول هنا: لا يعرف شعور فقد الأم غير من فقد أمه.. مهما كنت كبيرا، عندما تموت أمك تعود طفلا رضيعا وتشتاق لمن يحملك ويحن عليك.. حتى لو كنت محاطا بنساء الأرض..
وأنا عوضنى الخالق بأمل طوال الثلاثين عاما الماضية وهى تشعر بى حتى لو لم تكن بجانبى أجدها تفتح الباب فى اللحظة المناسبة وتسألنى ماذا أريد.. لا تستفسر عن كونى ينقصنى شىء أم لا، كانت تسألنى عن الشىء مباشرة وأكون محتاجه فعلا.. منذ طفولتها وأنا أشتاق إليها عندما تذهب إلى المدرسة.. أو أثناء أسفارى المتعددة للخارج.. تكوّن بيننا رابط نادر ونشأت بيننا لغة الأيدى!!
أى أننا كنا نتحدث ويداها الصغيرتان بين يدىَّ وأنا مشغول أو وأنا راقد منهك وكنت أفهمها وتفهمنى - لاحظنا ذلك بالطبع فى ساعات الدكتور الأخيرة عندما أراد أن يخبرها ألا تبكى وتخلى الغرفة وبالفعل وجدنا بينهما تلك اللغة النادرة - أخذتها معى فى حواراتى وأنا صغير وعندما كنت أشعر بأنى مخطئ فى شىء ما كنت أجلسها أمامى وأعترف لها وأعتذر عما بدر منى وهى التى أهدتنى أول حفيد، وأحفادى هم أصدقائى لو أنكما لا تعلمان..
فأنا بالإضافة إلى سعيى المستمر فى الحصول على أحدث الأجهزة للجمعية وأحدث المواد العلمية للبرنامج أسعى دائما للحصول على أحدث الألعاب من العالم فأنا أكبر منافس لأحفادى ومن قبلهم أولادى فى اللعب.. أنا أذكرها بكل صراحة (أنا أكبر عاشق ومتابع لألعاب الأطفال فى العالم حتى الآن.. من السلم والتعبان وبنك الحظ حتى الأتارى والبلاى ستيشن ps ٣).
وعندما سألنا الدكتور مصطفى محمود عن أدهم ابنه قال: نحن نتكلم الآن عن الجنس الناعم..؟ أدهم مشواره طويل معايا.. كفاية إنى مكتفه بمسؤولية الجمعية عشر سنين من غير مقابل وهو راضى بس عشان يرضينى.. وبعدين أقول لكم إيه ولا إيه عنه.. زمانه لسه زعلان منى وهو صغير.. لما كنت بطلع عينه لو صحانى مرة من نومى حتى لو غصب عنه.. عموما نخلى الكلام عن أدهم لما نتكلم عليه مع الرجال اللى أثروا علىّ فى حياتى مع أبويا مثلا!!!
كل الكلام السابق ولم نعرف أول عشق عاطفى للدكتور مصطفى محمود.. ذكر من قبل عديلة.. غرام الطفولة الحارق وصاحبة أول قبلة حقيقية - فى حياة فيلسوفنا الكبير تحت بير السلم - ولكننا لم نعرف غرامياته الأخرى، هو الذى قابل آلاف السيدات ومئات المعجبات وعشرات النجمات والفنانات وتزوج مرتين، أين عشقه الأول؟ وأين غرامه الأخير؟ وأى فتيات العالم وجدها كما قال: «كنت أريد زوجة هادئة.. شقية.. طيبة.. تعتنى بى.. أحبها تخلص لى.. أحترمها وتحترمنى.. أحن عليها وتحتوى جنونى وحزنى.. وكانت سامية.. ملكة جمال مصر.. التى لم أعرف أنها ملكة جمال مصر.. قبل أن أحبها.. لأنى أحببتها من التليفون».
__________________



رد مع اقتباس
  #24  
قديم 04-01-2010, 06:12 AM
الصورة الرمزية Moh.Osama
Moh.Osama Moh.Osama غير متواجد حالياً
التخصص العملى: طالب فى كلية الادارة والاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الموقع: مصر ام الدنيا
المشاركات: 576
Moh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant futureMoh.Osama has a brilliant future
افتراضي رد: دعوة لجمع مذكرات د. مصطفى محمود

«المصرى اليوم» تواصل نشر مذكرات المفكر الكبير د.مصطفى محمود التى سجلها قبل وفاته: الحلقه التاسعه..زواجى من ملكة جمال مصر

كتب المذكرات السيد الحرانى - محمد الساعى ٣/ ١/ ٢٠١٠مصطفي محمود

■ أريد لحظة انفعال، لحظة حب، لحظة دهشة، لحظة اكتشاف، لحظة معرفة.
■ أريد لحظة تجعل لحياتى معنى ، فحياتى من أجل أكل العيش لا معنى لها، لأنها مجرد استمرار للبقاء، علامات الحب وشواهده أشبه بالجلوس فى التكييف فى يوم شديد الحرارة، أشبه باستشعار الدفء فى يوم بارد.
■ الحب هو الألفة ورفع الكلفة، الحب هو أن تجد نفسك فى غير حاجة للكذب، أن تصمتا أنتما الاثنان فيحلو الصمت ويتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء.
■ بمنتهى البساطة هذا هو الحب الذى أتمناه.
مصطفى محمود
هل أخبرتكم أن أقوى وأعظم حب فى حياتى كان لملكة جمال مصر؟ وهل أخبرتكم أننى عندما وقعت فى حبها، لم أكن أعرف أنها جميلة بالمرة، نعم، فأنا عرفت الحب، سمعت صوتها وأحببتها أول ما أحببتها عندما كنت أسمع صوتها فى التليفون، كان صوتها دليلى إلى قلبها، فأنتم تلاحظون أن الحيرة هى أكبر وصف ممكن أن يطلق على، دائما أحتار فى البحث عن شىء، عمرى كله كنت أبحث عن نفسى وفى أحيان كثيرة، وبعد كل مرحلة من حياتى أسأل نفسى: هل وجدت ما أبحث عنه؟
هكذا كان الحب ومرحلته.. الزوجة بالنسبة لى لم تكن فقط أم الأولاد، كنت أريد نصفى الآخر الذى ينقصنى، كنت أرغب فى الاستقرار النفسى، قبل الجسدى، وأريده على مقاسى بالضبط، أنا أول من أطلق أبواب الفضفضة فى الصحف والمجلات، باب اعترافات عشاق، والبسطجى فى «روزاليوسف»، وباب اعترفوا لى فى مجلة «صباح الخير»،
ولا أنكر أن الكم الهائل من الاعترافات التى فرغتها المراهقات أمامى، كان بمثابة نقطة تحول فى فكرى وإلمامى بالمرأة، لا أنكر أنه فى أحد الأيام، شدنى صوت إحدى الفتيات، «تلفنت» إلىَّ وأنا فى المجلة، تكلمنا عدة مرات، فى كل مرة تقول لى بعض الجوانب عن مشكلتها، لكنها لا تكملها قط، تتركنى وتنهى المكالمة قبل أن أفهم مشكلتها، كان من الممكن ألا أعيرها اهتمامى، ولكن نداء داخلياً دفعنى لمواصلة الرد عليها بل الاستمتاع بمكالمتها، وجاء اليوم الذى طلبت فيه مقابلتى لتعرض مشكلتها وجها لوجه، ولاقى طلبها عندى راحة والتقينا، أول ما قابلتنى صافحتنى وأخذت يدها بين يدى، ولم أتركها أبداً حتى اليوم.
«سامية» زوجتى الأولى وأم أولادى ونصفى الثانى، الذى لازمنى الجزء الأكبر من عمرى، معها بدأت علاقة الارتباط الحقيقية الأولى فى حياتى، وتكونت على أثرها الأسرة التى خططت لها منذ زمن، واعترفت لى بأنها تحبنى منذ أعوام طويلة، كانت مبهورة بكل عالم يظهر اسمه على الساحة.. فقد كانت متأثرة بصديقة طفولتها سامية مصطفى مشرفة ابنة العالم الكبير الراحل مصطفى مشرفة.. لا أنسى هذه الأيام قط ما حييت..
فبعد أن قابلتها فى المجلة لمساعدتها فى حل مشكلتها عرفت أن مشكلتها العاطفية كانت أنا، ولم أشعر إلا بعد أن انتقلت لى عدوى الحب بسرعة رهيبة، وأحببتها، فكانت جميلة جدا، وذلك رشحها، فى ذلك التوقيت، للحصول على لقب ملكة جمال مصر، بل لقد حصلت حينها على ملكة جمال قلبى، تزوجتها بعد رحلة طويلة من الحياة غير المستقرة، والغريب أنه أثناء فترة الخطوبة حدث الشىء غير المتوقع، وغير المستقر أيضا، فوجئت بأعراض مرض لعين تطاردنى، وعلمت أنى مصاب بمرض غريب لم يعرف له تشخيص وهو نوع من الإسهال غير المعروفة أسبابه، احتار الأطباء فيه، ولم يستطيعوا تحديد نوعه، وتسبب ذلك المرض اللعين فى نقصان وزنى أكثر من خمسة عشر كيلو جراما، وأصبحت مثل الهيكل العظمى.

وغرق فى موجة من الضحك وهو يقول «يعنى جلد على عضم» وكان هذا يعد شيئاً سخيفاً، فأنا مازلت فى فترة الخطوبة، وكان لابد أن تشاهدنى خطيبتى فى منظر لائق جسمانياً وصحياً، ولكن ما حدث لى كان يدعو أى إنسانة أنوى الارتباط بها لأن ترفض، قائلة «لن أتزوج لكى أمارس عمل التمريض»،
وهذا لأن كل طبيب كنت أذهب إليه كان له تشخيص مغاير ومخالف للآخر تماما، فذلك يقول إنها «بلهارسيا قديمة» وآخر يشير إلى أنها مصران غليظ، وثالث يؤكد بعد حيرة وتفكير أنه مرض نادر لم يتعرف عليه إلى الآن، وعشت مرحلة من الإحساس بالخوف والرعب لأن تشخيص معظم الأطباء كان يدور حول مرض غريب، معناه أننى لن أعيش أكثر من شهور معدودة،
وهذا ما كان يؤكده هؤلاء الأطباء، وكان لابد من أن أجنب سامية مثل هذه النتيجة، وهى أن تصبح أرملة وهى فى عنفوان شبابها بعد أيام من الزواج، فقمت فى واحدة من خروجاتنا بإخبارها بالحقيقة وقلت لها إننى أعفيها من أى ارتباط، وسقطت بين ذراعى، وتحملت النتيجة الحتمية، أن أحملها حتى المنزل وظللت بجانبها.
وقهقه الدكتور مصطفى محمود مرة أخرى وهو يتذكر، وقال: «كانت أيام»، ولكن هذه الفترة من العمر بالتحديد كشفت لى عن معدن سامية الأصيل لأنها أصرت على أن يتم الزواج، رغم أننى مهدد بالموت، ورغم إصرارها صممت أنا على الانفصال وفسخ الخطوبة، فلا أستطيع أن أظلمها معى قبل أن أجد حلاً لمرضى، ولكنها إصرت على الوقوف بجانبى، ولم تتركنى، وذهبت إلى الطبيب الكبير، حين ذاك، الدكتور أنور المفتى (أستاذى أيام الجامعة، وطبيب عبدالناصر الخاص، والذى أصبح فيما بعد صديقى، وواحداً من المتابعين لكتاباتى ومن المعجبين بأسلوبى،
ودائما ما كان يناقشنى فيما أتناوله من القضايا والموضوعات المختلفة)، فقال لابد من الكشف عليك، وبعدها قال لى سنجرى لك بعض التحليلات المختلفة للوقوف على نوعية المرض بالتحديد، وبعد خروج نتيجة التحاليل تنفست الصعداء وسجدت شكرا لله، حين عرفت أننى غير مصاب بأى مرض خطير أو غريب، ووجدت أن المرض اللعين رحل «بعد أن ترك لى بعض أحماله، وهى عادة الإسهال، التى لم تتركنى حتى الآن» والذى توقعت أن يتسبب فى موتى،
ولكن، لكى أزداد اطمئناناً وأشفى تماما، طلبت منه ما أثار حفيظته وما جعله ينظر لى باستغراب وتعجب، حين طلبت منه أن يدخلنى جناح العمليات ويشق بطنى ويعرف بالضبط تفاصيل ما بداخلى من آلام وتقلصات أشعر بها فى أحيان كثيرة، ويرى بعينيه المجردة ماذا بها «فلم تكن المناظير ظهرت حتى ذلك الوقت»، واعتبر كلامى مزحة، لكن أمام إصرارى اضطر إلى الاستماع إلى مطلبى وفعلها، والحمد لله تأكدت من عدم إصابتى بأى داء، وأن التقلصات نتيجة أن معدتى حساسة ولا تتحمل نسمة الهواء،
وكان أفضل ما قاله الدكتور المفتى لى عندما ابتسم وهو يقول تأكل كل الممنوعات التى قال لك عنها الأطباء من قبل، وكنت ممنوعاً بأمر الأطباء من أكل كل شىء إلا السمك والموز، وكنت لا أتناول يوميا إلا قطعة من السمك وموزة واحدة، وظللت على ذلك عامين كاملين، والنصيحة الثانية التى أسداها إلى وأسعدتنى عندما قال: لابد أن تغير نظام حياتك فإذا كنت «عازب» تزوج،
والحقيقة أننى اقتنعت بوجهة نظره، فما دام كل شيء فىَّ سليماً، فما هى أسباب هذه الأمراض التى تنتابنى فلابد أن هناك خطأ ما فى حياتى، وأن نفسيتى بها شىء ما خطأ لابد من تغييره، وعلى الفور اتصلت بـ«سامية» لأخبرها بأنه فى أقرب وقت يجب أن نحدد ميعاد الزواج، وتحقق ما طلبت وسط أسرتها وإخوتى، وتزوجتها فى ١٩٦١، وعشت فى السنوات الأولى أسعد أيام حياتى، وكانت هذه الفترة اليسارية، وما صاحبها من حفلات، كانوا ينظمونها داخل السفارات وغيرها، وكانوا يشربون الويسكى والشمبانيا، وفى هذه النقطة أحب أن أرد على سؤال لكم عن الخمر والمحرمات فى حياتى..
فى هذا الموضوع سأرد برد واحد (جربت ولكن لم أستفد منها، فشربت معهم على سبيل التجربة، لأننى فى ذلك الوقت كنت فى مرحلة الشك، وتجربة كل الأشياء، ولكنى أحسست أنها ليس لها طعم بالمرة، وكانت تجعل جسمى ثقيلا جداً، وكانت سامية تنهانى، وتؤكد لى أنها غير مفيدة وتفسد علاقات الناس بالآخرين،
ولهذا فلم أحب الخمور، ولم أعرف لها طعما بعد ذلك)، نعم كنت سأمتنع عنها ولأن بجوارى زوجة حنون كانت مصممة على الحفاظ علىَّ وعلى صحتى فقد انتهت هذه الفترة قبل أن تبدأ واستمر زواجى بـ«سامية» ما يقرب من عشر سنوات، وكان أكثر ما يؤرق حياتنا الزوجية طوال هذه السنوات أنها كانت غيورة جداً رغم أنها كانت تصغرنى بـ ١٥ عاما.. وقد تزايدت غيرتها تدريجيا ووصلت إلى مراحل صعبة جداً، كانت فى البداية تسألنى بعض الأسئلة وتعرف منى كل التفاصيل التى ترضيها..
وبعد مضى الوقت بدأت إجاباتى لا تشبع فضولها بالكامل فبدأت مراحل المراقبة والتليفونات، والبحث داخل الملابس عما لا يرضيها، وعلى فكرة، كل هذه التفاصيل عادية، ولكن غير العادى هو أن يصاحبها ظروف مثل التى ستقرؤها من تسجيل أخى الراحل (عبدالوهاب)، عندما كانت الفتيات تفتح باب السيارة فى إشارات المرور وترتمين علينا، أنت ككاتب وأديب ولك أفكارك التى يتابعها البعض ويتبعها البعض، من المؤكد أنك صعب أن تضرب كل من تقترب منك..
فكانت تحدث مشكلة كبيرة مع كل رقم جديد أضيفه إلى أجندة تليفوناتى، أو أى صورة فى مجلة تظهر فيها سيدة ما بجوارى، فهى معجبة، مجرد معجبة ليس إلا، ولكن طبعا بعد خناقات وبهدلة ومراقبات، تبدأ برقابة على التليفونات، وتفتح خطاباتى وتحولت حياتى إلى جحيم لا يطاق، فأنا كنت متهماً دائماً بأشياء لا أفعلها، وترتب على ذلك حكايات كبيرة ومشاكل أكبر، وكل هذا خلق جواً لا يساعد على الكتابة والإبداع، فكنت لكى أكتب لابد أن أسافر إلى أى مكان،
وأتذكر أن كل كتبى فى هذه الفترة كتبتها فى الفنادق والبلاد التى سافرت إليها، فقد سافرت أيامها إلى السودان واستغرقت فى رحلاتى إلى الصحراء الكبرى والغابات الاستوائية، وأتذكر أننى خلال رحلة إلى المغرب قرأ لى الكف عراف مغربى، وقال لى إنك متزوج من امرأة جميلة، ولكنها عصبية «عصبية حبتين»، فلم أكن أكتب فى مصر أو بالتحديد فى شقتنا فى الدقى، مطلقا، لأن حياتى تحولت إلى مشاكل لا تنتهى لأنها كانت توقظنى فى منتصف الليل، ويحدث بيننا شجار بلا أى سبب أو سابق إنذار، فأقول لها فيه إيه يا سامية،
ولماذا كل هذا الشجار اليومى، ويظهر أن كلام العراف المغربى صحيح، وأقص عليها ما قاله فتزداد ثورة، وتقول لى لقد شاهدت فى الحلم أنك كنت مع واحدة ست، فأقول لها «ما تحلمى ومن حق كل إنسان يحلم، هو لازم حلمك يبقى صحيح هو إنتى السيدة زينب ولا السيدة نفيسة»، ثم ننهمر فى الضحك، وبخفة دم تهدأ الأمور، ولكنى وجدت أننى لا أستطيع أن أعيش باقى العمر بهذه الطريقة، وخلال هذه الفترة كانت الغيرة الزوجية على أشدها، ولكن ما عدا ذلك فهى إنسانة طيبة وست بيت، وهى أم الأولاد (أمل وأدهم) والذى كان ميلادهما فرحة غير عادية بالنسبة لى،
فأتذكر أيام عودة أمل من المدرسة فى سنواتها الأولى، وهى تقول لى هناك الكثير من أصدقائى البنات معجبون بك يا بابا، ويريدون الحضور معى لرؤيتك، وكذلك المدرسون والمدرسات، وكيف أصبحت بعد ذلك عروسة ناضجة تناقشنى فى أفكارى وتقرأ كتبى، وتمدحنى أحيانا وتنقدنى فى أحيان أخرى، وأدهم ابنى الوحيد كان دائما بجوارى، وكنت أصطحبه فى بعض رحلاتى إلى الخارج، أيام إعدادى لبرنامج العلم والإيمان، وكانت أسعد أيام حياتى حين تزوجا وأنجبا لى أحفادى «محمود وأحمد ومصطفى وممدوح»، والأخير كنت أداعبه وأطلق عليه «كلبوشى» وأصبحوا أغلى الأحباب إلى قلبى، ولكن للأسف تحولت حياتنا إلى جحيم فلم أستطع أن أعيش حياتى معها، أكثر من هذا، خاصة وأنا أحتاج وبشكل دائم إلى الهدوء والاستقرار، لكى أنجز كتاباتى وأعمالى فطلقتها ١٩٧٣،
وتركت لها كل شىء وأتذكر أننى فى آخر يوم خرجت بـ«بجامتى» فقط، بعد خناقة كبيرة ولم أعد إلى شقتنا حتى الآن، وبعد ذلك كانت مرحلة صيام عن المرأة، ولكنى لا أنكر أننى كنت أحب أم الأولاد بجنون، وأحبتنى بجنون، ولكن جنون الحب كان السبب الرئيسى والأساسى فى إخفاقه، والقضاء عليه، فقد كنا صغيرين والشباب فى بواكيره، ومن الطبيعى أن تكون العواطف فى هذة الفترة غير مستقرة وحدثت الغيرة وهى أولى مراحل الانهيار الأسرى، فكانت الغيرة القاتلة لهذا الحب الجنونى، والتى كانت دائما تجرنا إلى الخلاف والخناق كل مرة،
ورغم كل هذا لا أنكر أننا قضينا مع بعض سنوات لا تنسى، وهى من أجمل سنوات العمر، كنا نذهب فيها دائمًا، أثناء حصولى على إجازة من العمل، إلى المصايف وإلى الأقصر وأسوان، ولكن كانت النهاية المتوقعة لهذه الغيرة العمياء أن يذهب كل واحد منا فى طريق، رغم أننى كنت أحبها بجنون، ولأنه انقطع فجأة بثورة عنيفة جداً، قبل أن يكتمل، ومازالت لها معزة خاصة فى نفسى وقلبى حتى الآن، فقد عاش هذا الحب فى قلبى فترة طويلة جدا،
وذلك لأن العلاقة التى تربطنى بالمرأة ليست هى الشهوة، فالشهوة وحدها لا تكفى فى نظرى، ولم تكن الشهوة هى الرباط بينى وبين سامية، أو أى إنسانة عرفتها فى حياتى، فالحب شىء أساسى وضرورى، ولذلك كانت علاقاتى العاطفية قليلة، ولذلك أيضا كنت أقول لـ(نزار قبانى شاعر الحب والنساء)، كلما تقابلنا فى حفلة من الحفلات، سواء كانت فى بيت عبدالوهاب أو غيره من أصدقائنا «إنت الوحيد اللى عرفت الستات يا نمس».
وقضيت بعد انفصالنا مدة طويلة، زاهداً فيها الحياة بعدها، ثم تزوجت الثانية وهى الزيجة التى استمرت ٤ سنوات، وانفصلت عنها هى الأخرى، لأعتزل النساء جميعا. الجميل أنه بعد كل هذا تجد سامية وهى تعيش مع ابنتنا أمل، نعيش فى منزل واحد، لكنى أعتزل فى شقتى، هل تعلمون أنى بعد نوبات الغيبوبة التى تنتابنى من عام إلى آخر، أسقط فى غياهب النسيان، وأستيقظ لأجد سامية تتناوب مع أمل السهر على ومداواتى، حتى إطعامى وإعطائى الدواء، تعلمون، رغم كبر عمرى، أننى لو عاد الزمن مره أخرى، سوف أفعل ما فعلته ثانيا سوف أحبها مرة أخرى، وأتزوجها مره أخرى، وأنجب منها أدهم وأمل مره أخرى.
__________________



رد مع اقتباس
  #25  
قديم 04-01-2010, 11:49 AM
الصورة الرمزية AbOnOrA
AbOnOrA AbOnOrA غير متواجد حالياً
Aِِbo(Nora&Islam&Judy)
Wael Magdy Salah
من انا؟: ابو نورا واسلام
التخصص العملى: IT Consultant
هواياتي: Computers, Automotives
 
تاريخ التسجيل: May 2008
الموقع: ام الدنيا مصر
المشاركات: 17,076
AbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond reputeAbOnOrA has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دعوة لجمع مذكرات د. مصطفى محمود

تسلم ايدك يا تيتو ptmnlo123per122
__________________



اخر موضوعاتى
قريباً تقرير وتجربة اداء دايهاتسو تريوس * تويوتا راش

رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

 MasrMotors غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي MasrMotors ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر


الساعة الآن 10:08 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
www.MasrMotors.com ™ Copyright ©2008 - 2024
Egyptian Automotive Community
جميع الحقوق محفوظة - مصرموتورز 2008 - 2017