#56
|
||||
|
||||
رد: ابطال غير معروفين (متجدد) ملفات من المخابرات
فؤاد حمودة...الجاسوس العاشق... الحلقة الثانية خرجت من السفارة الإسرائيلية منهك القوى وكأنني كنت أحارب في معركة شرسة. كنت أبحث عن سريري لأرتمي عليه. وتوقعت أن أجد سيلفيا تنتظرني بالحجرة لكنها لم تكن موجودة. فاستغرقت في نوم طويل وأفقت في الصباح أنتظر اتصالاً من سيلفيا أو إبراهيم فلم يحدث. لقد طلب مني إبراهيم أن أظل بالفندق ولا أغادر بون حتى يتصل بي. . ومرت علي خمسة أيام طويلة دون أن يتصل بي أحد. وكلما طلبت هاوزن في كولون لا أجده. وفجأة طرق الباب أحد موظفي الفندق وأخبرني أنه موظف بالحسابات. . وبدماثة خلق أخبرني أنني مدين للفندق بمبلغ 1600 مارك ويجب الإسراع في السداد. ارتديت ملابسي وربكت سيارة الى السفارة الإسرائيلية. . ولكن موظفة الاستعلامات أتت من الداخل وبيده امظروف بداخله مائتا مارك وقالت إن إبراهيم في مهمة وسيعود خلال أيام. وعدت الى الفندق لأحصي المبلغ كله الذي أملكه فوجدته يقل عن الخمسمائة مارك.. وقلت في نفسي . . لا بد أن أتصرف وأسدد الفندق وإلا فستقبض علي الشرطة. وتعجبت. . ذلك أن سيلفيا أكدت لي أنني لن أدفع حساب الفندق. فماذا حدث إذن؟ وأين سيلفيا هي الأخرى؟ استلقيت على سريري أفكر في هذا المأزق وفي آلاف الماركات والدولارات التي وعدت بها. . واضطربت لسوء موقفي بسبب قلة النقود معي. . لكني لازمت الفندق ولم أغادره انتظاراً لاتصال إبراهيم أو سيلفيا. وبعدما فقدت الأمل فيهما جاءتني مكالمة من السفارة الإسرائيلية تطلب مني أن أذهب إليها حالاً. وهناك تعرفت على أبو علمون الذي اعتذر لسفر إبراهيم المفاجئ. . واصطحبني الى غرفة بها صفوف من المقاعد . . ولما أطفأ الأنوار وأدار آلة عرض شاهدت أنواعاً مختلفة من الدبابات والمدرعات والسيارات المجنزرة. وشرع أبو علمون في تلقيني كيفية التمييز بينها وعندما سألته لماذا؟ أجابني بأن هذا هو صميم عملي الذي سيكون في ميناء الاسكندرية وسألني بحزم: ألست مغامراً يبحث عن النقود ؟ أجبت في ذعر: بلى .. ولكن . . قاطعني بحسم: نحن نريد أن نمنع الحرب بين مصر وإسرائيل. والشرق الأوسط الآن منطقة ملغومة وسوف ندفع لك مليون مارك – فوراً – إذا عرفنا بواسطتك أن مصر ستحارب. وكيف سأعرف؟ من السهل جداً أن تعرف ذلك . . فإن تدفق الأسلحة من الاتحاد السوفياتي الى مصر لدليل قوي على نية الحرب عند المصريين، كذلك حركة تنقلات وحدات الجيش المصري .. وما عليك إلا أن تكون عيناً لنا وأذناً. عيناً على ميناء الاسكندرية الذي يستقبل السفن المحملة بالأسلحة والمعدات .. وأذناً لنا نسمع بها ما يدور سراً في الجيش المصري. . كان جسدي يرتعش وحل اضطراب شديد بأعضائي. . الآن .. الآن فقط عرفت مهمتي بالضبط. استغرق أبو علمون في الحديث الذي كان "يطعمه" بالإغراءات المادية. . وبالخير الذي سينصب فوق رأسي بتعاوني معهم . . ويتعمد أن يذكرني كل لحظة بظروفي المعيشية الصعبة .. وبأنني لست في محطة باص ولكن في سفارة إسرائيل. . . كانت نبرة التهديد واضحة ومخيفة تحمل خلفها الموت والدمار. . وتعقبها نبرة مغلفة بالوعود البراقة .. فحوصرت .. ورفعت الراية البيضاء في النهاية. . دون أن أحسب حساباً لمصير أسود ينتظرني . .فقد ملئت ثقة بأنني في مأمن كامل معهم. العملاق الذي مات أعاد أبو علمون تشغيل آلة العرض الـ 16 مليمتراً .. وأخذ يشرح لي الكثير عن الأسلحة المختلفة والمعدات العسكرية. . وبقيت طوال اليوم في السفارة الإسرائيلية أتدرب على تحديد أنواع المعدات وموديلاتها. وعندما عدت الى الفندق – قامت "كاتيا" التي رافقتني من السفارة، بدفع المتأخرات وصعدت معي الى غرفتي وقالت لي أنها ستصاحبني الى سهرة خاصة ستعجبني. أبدلت ملابسي وخرجت معها تقود سيارتها وهي تغني أغنية لأم كلثوم فصرخت بها: أنت فلسطينية؟ نظرت إلي ثم استمرت تردد مقاطع الأغنية وتخترق شوارع بون. . حتى وصلنا الى شارع تصطف على رصيفيه أشجار البونسيانا التي تغطيها الزهور الوردية البديعة وقالت كاتيا: أنا مغربية من كازا بلانكا. وأضافت قبلما نغادر السيارة: ستقضي هنا سهرة العمر. . دلفنا الى فيلا من طابقين بلا حراسة .. وعندما اجتزنا الحديقة سمعت ضحكات نسائية تدور وانفتح الباب عن رجال ونساء لا أعرفهم ولا يعرفونني .. لكن بعضهم أومأ تحية لكاتيا . . وبعد دقائق جاءتني زجاجات الخمور أنتقي منها ما أريد . . ودارت عجلة المجون وصاح البعض في اندهاش وهم يرون فتاة صغيرة شقراء .. لا تتعدى التاسعة عشرة .. ترقص وتخلع ملابسها قطعة . . وراء قطعة وكلما تخلصت من واحدة تزداد أصوات الهمهمات . . وظلت لدقائق عارية الصدر ترقص بورقة التوت الصغيرة ثم تخلصت منها أيضاً والآهات تعلو. وظهر شاب على البيست احتضن الفتاة العارية وأخذا يرقصان في خلاعة .. وتخلص الشاب أيضاً من ملابسه ومارس الجنس بحرية أمام الحضور. عدت الى حجرتي لأستعد للقاء المرتقب مع إبراهيم فأخبرتني كاتيا أنني سأنتقل الى إحدى الشقق لاستكمال الدورة المكثفة، وفي الشقة الجديدة على أطراف المدينة جاء إبراهيم. . وبدأ امتحانه لي بأن أطلعني على صور لبعض المعدات وطلب مني التمييز بينها. . ودربني على ذلك كثيراً، ثم أفاض في شرح كيفية اصطياد المعلومات العسكرية. وفي شبه معسكر مغلق أقمت في الشقة مع كاتيا. معظم النهار في دورات تدريبية مكثفة. . أما الليل فهو ملك كاتيا نمضيه معاً في شرب الخمر وتعاطي الجنس وننام آخر الليل سكارى. وبعد أسبوعين تقريباً كنت قد تعلمت الكثير، ودربت على كيفية الحصول على ما أريد من معلومات من العسكريين. وتعلمت الكتابة على الورق المشبع بالمواد الكيماوية وذلك بكتابة خطاب عادي. . ثم أستخدم الكربون المعد للكتابة السرية لأكتب الرسالة المطلوبة بين السطور . . ثم أمرر الرسالة على بخار براد الشاي لثلاث دقائق. . فتتلاشى آثار الضغط ويصبح شكلها كالرسالة العادية بعد وضعها بين صفحات كتاب كبيرة لعدة دقائق. كانت هذه هي طريقة الكتابة السرية التي دربت عليها وأجدتها عدة مرات. وهكذا أصبحت جاسوساً لإسرائيل دون أن أقاوم. . أو أسعى في محاولة لأن أقاوم. ولم أستطع أن أتراجع. فلقد أغرقوني بالنقود والخمر والنساء الفاتنات. . وأحاطوني بكل الإغراءات فسقطت ولم أفق. لكن بعد عدة أيام . . وفي أواخر سبتمبر 1970 . . حدثت كارثة زلزلتني . . إذ شاهدت في التليفزيون مشاهد عن مصر. وعندما دققت كثيراً – عرفت أن جمال عبدالناصر قد مات .. صرخت دون وعي . . وجاءت كاتيا مسرعة من الحمام وأغلقت التليفزيون وعندما قفزتُ لأفتحه وأنا ألعنها حاولت منعي. فلم أشعر إلا ويدي تنهال ضرباً على وجهها. . وظللت أضربها وهي تصرخ . . ولما اشتد ضربي لها فتحت باب الشقة وخرجت هاربة من جنوني. . وبعد نصف الساعة فوجئت بإبراهيم أمامي . . يصوب مسدسه نحوي ومن خلفه كان هناك اثنان لا أعرفهما . . يحملان رشاشات "عوزي" الأوتوماتيكية. وكان الغضب يطفح على وجههم جميعاً . . وأدركت أنها لحظة النهاية .. !! فؤاد حمودة...الجاسوس العاشق... الحلقة الثالثة كيف يصنع الجواسيس. . ؟ كنت منكفئاً على وجهي أبكي بصوت مرتفع . . تحاصرني انفعالات شتى وأنا أتخيل مدى حقارتي ووضاعتي . . وامتدت نحوي يد إبراهيم – ضابط المخابرات الإسرائيلي – في محاولة لتهدئتي . . فصرخت في وجهه أن يدعني وشأني. وانفجرت باكياً كأنما أبكي أبي. وملأني شعور غريب. . شعور بالضعف والانكسار والوحدة. واجتاحني إحساس بالضياع. وقال إبراهيم: نحن نقدر أحزانك .. لقد كان ناصر عظيماً. . وأردف بفخر: هناك اتصالات دولية لإرسال وفد إسرائيلي للتعزية. . إنه زعيم عربي لن تنجب مصر مثله .. لقد استشهد وهو يكافح لاحتواء أزمة الفلسطينيين في الأردن.. علا بكائي ولم أستطع كتمان موجات الشجن وسمعت إبراهيم يقول في التليفون: أرسلوا "هيمبل" حالاً ومعه أدواته . . . . . . . . يفضل ذلك. وعلى وجه السرعة. إنها ستساعدنا كثيراً. دقائق وجاء الدكتور هيمبل. . نظر في وجهي سريعاً وهو يضع حقيبته على السرير. . وفتحها باهتمام وأخرج سماعته الطبية . .ولما اقترب مني دفعته بقوة فسقط على الأرض وحاولت الهرب من الحجرة. . لكن إبراهيم وحارسيه كانوا قد تمكنوا مني.. وأسرع هيمبل وملأ السرنجة بسائل أصفر .. وبينما كنت أصرخ وأحاول الإفلات كانوا يشلون حركتي .. وحقنني هيمبل في الوريد ورأيت بعدها خيالات أشباح تلف حولي . وعندما أفقت لمحت وجهها الجميل يبتسم. ويدها الرقيقة تداعب شعيرات صدري فلم أكن أتصور أنها هي بلحمها وشحمها وعندما نطقت باسمها صاحت وهي تحتضنني: حبيبي . . حبيبي . . !! نظرت حولي فلم أجد سواها .. ورمقتها بنظرة عتاب فقبلتني قبلة سريعة ملأى بالحنان وقالت: جئت لأجلك حالاً من إسرائيل . . ولن أتركك وحدك أبداً. . احتوتني سيلفيا بحنانها . . ومهدت الطريق لأبو علمون الذي جاءني منتفخ الأوداج يبدو كديك شركسي. . وبعد أن جلس قليلاً ربت على كتفي وقال: فؤاد . . بوفاة ناصر سنكون أكثر احتياجاً إليك. . فالأمور في مصر غير واضحة الآن. لقد كنا نعرف قدرات ناصر جيداً ولكن بمجيء آخر. . ستكون هناك شكوك في نياته . . وعلى ذلك فاحتمالات الحرب مع مصر قائمة. وعلينا أن نتعاون معاً لنحبط الصدام المسلح ونعمل على إفشاله. وبعد انصراف أبو علمون جاء إبراهيم بخطوة الواثق وقال لي: إنها فرصة العمر بالنسبة إليك .. ويجب أن تنتهزها وإلا ضاعت منك الى الأبد . . إنها لحظة رائعة يا فؤاد عندما نخبرك أنك حصلت على مليون مارك ألماني . . لا بد أن تتحرك فهناك من ينتظر هذه الفرصة التي منحناها لك. وقبل أن ينصرف ناولني مظروفاً بداخله ألفا مارك. كانت سيلفيا – عملية الموساد – لا تكف عن ترديد حكايات عجيبة عن المخابرات الاسرائيلية تكاد تكون أساطير من نسج الخيال. وكيف تحمي الموساد رجالها وعملاءها في كل أرجاء المعمورة. ولم تمر سوى أربعة أيام وعاد إبراهيم ليكمل الدورة التدريبية.. وجرى تدريبي على استعمال الشفرة بالراديو . . وكان علي أن أستقبل إشارات معينة على إحدى الموجات فأقوم بمطابقتها على كتاب الشفرة. وسملني أيضاً جهاز راديو خاص وقمت بحل التمارين عدة مرات. . حتى تأكد نجاحي تماماً في استقبال الرسائل وترجمتها. بعد ذلك دربني على استعمال الميكروفيلم في تلقي المعلومات أو إرسالها. فضابط المخابرات يكتب أوامره على صفحة فولسكاب. . ثم يقوم بتصغيرها عدة مرات حتى تصل الى حجم رأس الدبوس. وعندما أتسلمها فوراً أقوم بتكبيرها الى حجمها الأصلي وقراءة الأوامر . . وإرسال المعلومات الى مكاتب وفروع الموساد في العواصم الاوروبية بذات الأسلوب. وبعد عدة أيام لازمني خلالها إبراهيم معظم ساعات النهار استطاع أن يشرح لي أساليب التخفي والتمويه والهرب من المراقبة وإخفاء أدوات التجسس . . وكذلك طرق "جلب" المعلومات من المصادر العسكرية. . وتتبع حركة تنقلات وحدات الجيش. . وكان الأهم. . خاصة بعدما حصلت على دورة سابقة في التمييز بين أنواع الأسلحة والمعدات. وبعد هذا النجاح المثير أعاد إبراهيم حكاية المليون مارك .. ثم وعدني بـ 50 ألف دولار أمريكي إذا أفشيت سر أي عميل للمخابرات المصرية داخل إسرائيل ويقبض عليه فعلاً. وعندما استفسرت عن هذا الأمر وقلت لإبراهيم: كيف لي أن أعرف جواسيس مصر في إسرائيل؟ أجابني بثقة زائدة: من خلال معارفك الذين لهم علاقات بأفراد من القوات المسلحة. . أو من ضباط الجيش أنفسهم . . فالمصري دائماً يتباهى بأنه يحمل معلومات خطيرة مما يعطي انطباعاً بأهميته. فقلت له على الفور: مستحيل أن تصل الدردشة العادية لدرجة البوح بأسرار كهذه. سأقوم بتعليمك كيفية إدارة الحوار مع أشخاص مهمين . . وعليك أن تسعى لخلق صداقات جديدة مع أشخاص في مواقع حساسة للحصول منهم على معلومات. أية معلومات لا بد أن تكتبها لنا. وعليك أن تفهم جيداً أن هؤلاء الذين يشغلون مناصب مهمة لديهم اتصالات بآخرين في مواقع أهم. وأثناء جلسات اللهو والمرح. . "يفضفض" كل واحد بما لديه من معلومات وأسرار. . .وتصبح أدق المعلومات العسكرية مادة سهلة التداول، وعليك حينئذ أن تدير الحوار ببراعة .. كما سأعلمك استخلاص ما هو أكثر مما قيل. وفي دورة أخيرة لإدارة حوار مع شخصية مهمة .. أخذ ابراهيم يعلمني كيف أثير الطرف الآخر وأجعله ينطق ويبوح بكل ما هو سر لديه.. وذلك بعدة طرق منها أن أذكر له معلومات خاطئة فيصححها لي . . وإذا كان ضابطاً في الجيش . . أتعمد تذكيره بهزيمة الجيش أمام حفنة من جنود إسرائيل .. فيندفع ثائراً ويقول ما عنده من أسرار الاستحكامات والتدريبات. . والأسلحة الحديثة التي وصلت ويتدربون عليها. . وأيضاً دور الخبراء السوفييت في إدارة بعض النواحي الفنية في الجيش المصري. وفي النهاية – طمأنني ضابط المخابرات الإسرائيلي أنني أصبحت جاهزاً للعمل في مصر بما لدي من خبرة ودراية كبيرة بعد هذه الدورات التدريبية المكثفة. وأخبرني بأن راتبي الشهري ابتداء من الآن هو 300 دولار أمريكي عدا المبالغ الأخرى التي ستخصص لي بعد كل خطاب أرسله اليهم به معلومات مفيدة. وقال إبراهيم أن بإمكاني الحصول على ألف دولار شهرياً – بخلاف الراتب - .. وهذا يتوقف على أهمية المعلومات التي أرسلها لهم "مع العلم أن مرتب الموظف خريج الجامعة كان لا يزيد عن 18 جنيهاً". وطلب مني الاستعداد للعودة الى مصر.. وإيهام أهلي وأصحابي بأنني كنت أعمل في تجارة السيارات في ألمانيا .. حتى لا تثير النقود الكثيرة التي معي أية شبهة. وقبل أن يتركني لقضاء عدة أيام مع سيلفيا قبل سفري الى مصر . . كنحني ألف مارك وأعدت سيلفيا رحلة ممتعة الى الجنوب الألماني حيث بحيرة كونستانس الواقعة على الحدود مع سويسرا والنمسا . . وأمضينا عدة أيام في "فريدر كسهافن" وتجولنا حتى وصلنا الى حيث انتهى نهر الدانوب الشهير ومروراً بمدينة فريبورج في الغابة السوداء. وفي شتو تجارت نزلنا بفندق "برات" واشتريت بعض الهدايا .. وركبت الطائرة مودعاً سيلفيا الى روما ومن روما الى القاهرة. نوسة . . التي أطلت كان أفراد أسرتي في انتظاري والسعادة تملأ وجوههم وهم يرون أعداد الحقائب التي معي محملة بالهدايا. وفي الإسكندرية كان أول ما خطر ببالي الاتصال بنوسة . . فذهبت سريعاً الى صديقي حاتم ورجوته أن يطلعني على أخبارها. . وعندما تبين لي أنه لا يعرف أكثر مما ذكره لي في رسالته قررت نسيانها.. والعمل فوراً فيما جئت من أجله. بدأت أبحث عن صداقات جديدة وأوطد علاقاتي ببعض الموظفين في ميناء الإسكندرية. . وكنت أسجل المعلومات التي أحصل عليها أولاً بأول وأرسلها في الحال الى العنوان الذي طلبوا مني مكاتبتهم عليه في لندن "مستر طومبسون ص. ب. 329". . وكانت رسائلي لا تحوي معلومات عسكرية فقط. . بل حوت أخباراً اقتصادية عن رسو عدد من السفن العملاقة تحمل بداخلها آلاف الأطنان من الحبوب أو السكر . . كانت حركة الميناء من وارد وصادر تقريباً مرسلة إليهم في لندن.. وأصبح العمل بالنسبة لي بعد مرور عدة أشهر من أسهل ما يمكن. فعلاقاتي تعددت وتشعبت. . وتجيئني المعلومات دون جهد يذكر من خلال الأحاديث العادية التي لم تكن تحمل ما يدل على اهتمامي. وذات يوم في نوفمبر 1971 جائتني رسالة غريبة بواسطة الراديو . . كانت الرسالة تحمل تحذيراً واضحاً. . ومخيفاً في ذات الوقت: "لا تقرأ في الصحف المصرية – مطلقاً – أية أخبار تتعلق بإلقاء القبض على جواسيس لإسرائيل. هذا أمر وعليك تنفيذه". انزعجت كثيراً لهذه الرسالة التي لفتت انتباهي وأثارت قلقي . . ودفعتني رغماً عني لقراءة كل الصحف المصرية صباح كل يوم، حتى قرأت خبراً عن سقوط جاسوس مصري يعمل لصالح إسرائيل. . فاضطربت حياتي وامتنعت عن الخروج من المنزل لعدة أيام. كانت الرسالة تأتيني عن طريق الراديو – مكررة – حتى بعدما قرأت الخبر – فيحل الرعب بي وتهرب المغامرة .. وكانت أية أصوات أقدام تصعد السلم تصيب أطرافي بالشلل. فكتبت رسالة تحمل ما أشعر به وتترجم معاناتي. . وفوجئت بالرد يصلني سريعاً بالراديو يطلب مني السفر الى لندن في أسرع وقت. وبينما كنت أعد حقيبتي . . دق جرس التليفون وكانت على الطرف الآخر .. نوسة!! مرت ساعة واحدة وكنت أجلس في أحد أركان كافيتريا فندق فلسطين.. وكان اللقاء مدهشاً.. وظل كفها الصغير بين كفي لفترة طويلة. وعندما همست باسمي طلبت منها ألا تتكلم.. أردت فقط أن أنظر لوجهها الذي حرمت منه لمدة عامين. . ومن داخلي كنت أرقص طرباً وأجريت مقارنة سريعة بينها وبين سيلفيا وكريستينا وكاتيا وغيرهن. . إنها أجمل منهن جميعاً. . بل تكفي ابتسامتها لتبدل مذاق حياتي وتضفي عليها البهجة. . إن مذاقها لعجيب .. عجيب والجنس معها له طعم ونكهة لا يوجدان في أية امرأة أخرى قط. وفي آخر يناير 1972 كنت في لندن. . وكان في استقبالي ضابط المخابرات الإسرائيلية المسؤول عني – إبراهيم يعقوب – وبصحبته ضابط آخر اسمه "بوب" في السفارة الإسرائيلية في لندن. وطلبا مني أن أهدأ وألا أتوتر لهذا الحد. . وقالا لي: إذا كانت الصحف المصرية قد نشرت أخباراً عن إلقاء القبض على جاسوس يعمل لصالح الموساد .. فهذا ليس سوى دعاية مضادة.. وأسلوب تخويف لجواسيسهم في مصر . . ومثل هذه الشائعات معروفة لديهم وأسلوب قديم تستخدمه أجهزة المخابرات كل مدة. لم أهدأ رغم ما قالاه لي. . فرأى إبراهيم أن يوكل إلي عملاً آخر في لندن. وكان عملي منصباً علي التعرف الى المصريين الموجودين في لندن أو القادمين الجدد .. لعلي أنجح في تجنيد أحدهم وأتقاضى مكافأة ضخمة .. ووجد إبراهيم أنني بحاجة الى تمرين فأخذني الى إحدى الشقق . . وجرى تدريبي على العمل الجديد في اصطياد مصري يصلح جاسوساً لإسرائيل. وبعد دورة مكثفة من إبراهيم. . جاء بوب هو الآخر لتدريبي على كيفية العيش في لندن . . وتقصى أماكن تجمع المصريين كالفنادق والمقاهي والمطاعم المختلفة. وكانت لندن حينئذ تستقبل مئات الشباب من مصر بدعوى الدراسة أو السياحة أو العلاج. وفشلت في مهمتي.. فظروف النكسة كانت مختلفة وغالبية المصريين الذين يسافرون الى لندن كانوا على درجة من الوعي والثقة في النظام السياسي الجديد. . خاصة بعد تصفية مراكز القوى وانشغال الرأي العام بوعود الرئيس السادات. ولكن في مصر كانت مساحة الوعي السياسي تختلف. أدرك بوب بحاسته كضابط مخابرات أنني لم أنجح في لندن. ولأنني أيضاً أدركت ذلك بعد أن فشلت كل محاولاتي في الإيقاع بمصري واحد. . فقد عرضت على بوب أن أسافر الى مصر فالمجال هناك أفضل بالنسبة لي. وبعد عدة أيام وصل إبراهيم من بون ووافق دون تردد على عودتي الى مصر . . وأعطاني راتبي المتراكم بخلاف مكافآتي وكانت 4500 دولار. ولكني بعدما عرفت قيمتي لديهم .. وبأن الموساد لا تبخل على جواسيسها. . اعترضت قائلاً إن المكافأة هزيلة جداً. وأن قيمة المعلومات التي قمت بإرسالها تزيد عن هذا المبلغ كثيراً. ووصفني إبراهيم بأنني أصبحت لحوحاً. . فطلبت منه زيادة المبلغ الى 7000 دولار. . وإضافة مبلغ آخر قدره 5000 دولار كمقدم إيجار شقة أستطيع من خلالها أن أمارس عملي في التجسس بحرية . . وقد كان
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم من اهم مواضيعى مصر بلد الوحوش http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4 حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010 http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013 صور مضحكة من مصر !!!!! http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756 لا اله الا الله محمد رسول الله |
#57
|
||||
|
||||
رد: ابطال غير معروفين (متجدد) ملفات من المخابرات
"محمد إبراهيم فهمي كامل" الجاسوس محمد ابراهيم كامل ...الشهير بماريو....!!!!! الحلقة الأولى يعد من أشهر عملاء إسرائيل في مصر الذين يتم تجنيدهم بسهولة يكاد العقل لا يستوعبها أو يصدقها. وأيضاً كانت قصة سقوطه في قبضة مخابراتنا أكثر سهولة .. أما نهايته البشعة فلم يكن ليصدقها هو أو يتخيل خطوطها السوداء. . جذور متآكلة منذ تفتحت عيناه على ضجيج الحياة في حي محرم بك المزدحم ذاب عشقاً في جرس الترام . . الذي كلما ملأ أذنية خرج الى الشرفة يبتسم في انبهار وحيرة .. فنشأت بينه – منذ طفولته – وبين الترام قصة غرام دفعته للهرب من مدرسته . . والسعي وراءه راكباً لجميع خطوطه المختلفة ومحطاته. ولم يدم هذا الحب كثيراً إذ اندفع فجأة نحو السيارات فالتصق حباً بها . . والتحم عقله وقلبه الصغير بموتور السيارة مستغرقاً وقته كله.. حتى أخفق في دراسته الابتدائية. . وأسرعت به خطاه الى أول ورشة لميكانيكا السيارات يمتلكها إيطالي يدعى الخواجة "روبرتو" الذي اكتشف هذا الحب الجارف بين الولد والموتور فعلمه كيف يتفاعل معه؟! ويفهمه ويستوعبه. ولم تكد تمضي عدة أشهر فقط إلا وكان محمد أشهر صبي ميكانيكي في ورشة الخواجة روبرتو. كانت السيارات تقف موازية للرصيف بجوار الورشة بأعداد كبيرة. . تنتظر أنامل محمد الذهبية وهي تداعب الآلة المعدنية الصماء. . وتمر بين أجزائها في تناغم عجيب فتعمل بكفاءة ويتحسن صوت "نبض" الموتور .. ويزداد الصبي شهرة كل يوم. ورغم محاولات البعض استدراجه واستثمار خبرته وشهرته في عمل ورشة "مناصفة" بعيداً عن روبرتو، أجبروا على أن يتعاملوا معه كرجل لا كصبي في الخامسة عشرة من عمره. وكثيراً ما كان ينزعج عندما كان يخرج الى الكورنيش مع أقرانه بسبب توقف السياراة ودعوة أصحابها له ليركب حتى منزله، فكبرت لدى الصبي روح الرجولة وارتسمت خطوطها المبكرة حيث كان مبعثها حبه الشديد للعمل والجدية والتفكير الطويل. وبعد عدة سنوات كانت الأحوال والصور قد تغيرت. صار الصبي شاباً يافعاً خبيراً بميكانيكا السيارات. تعلم اللغة الإيطالية من خلال الخواجة روبرتو والإيطاليين المترددين على الورشة وأصبح يجيد التعبير بها كأهلها.. فأطلق عليه اسم "ماريو". وعندما لسعته نظرات الإعجاب من "وجيدة".. دق قلبه بعنف وانتبه لموعد مرورها أمام الورشة حين عودتها من المدرسة. فواعدها والتقى بها ولم يطل به الأمر كثيراً. . إذ تقدم لأسرتها وتزوجها بعدما اقنعتهم رجولته وسمعته الحميدة وشقته الجميلة في محرم بك. ثمانية أعوام من زواجه وكانت النقود التي يكسبها تستثمر في ورشة جديدة أقامها بمفرده. ومنذ استقل في عمله أخذ منه العمل معظم وقته وفكره حتى تعرف على فتاة قاهرية كانت تصطاف مع أهلها بالإسكندرية وأقنعها بالزواج.. ولأنها كانت ابنة أسرة ثرية فقد اشترى لها شقة في الدقي بالقاهرة وأثثها.. وأقام مع عروسه "تغريد" لبعض الوقت ثم عاد الى الاسكندرية مستغرقاً في عمله متنقلاً ما بين وجيدة وتغريد ينفق هنا وهناك. وعندما توقف ذات يوم على الطريق الصحراوي بالقرب من الرست هاوس بجوار سيارة معطلة. . أعجبته صاحبة السيارة ودار بينهما حوار قصير. . على أثره ركبت معه السيارة الرائعة الى القاهرة .. وفي الطريق عرف أنها راقصة مشهورة في شارع الهرم .. لسهر معها في الكباريهات وتنقل معها هنا وهناك. . ثم جرجرته معها الى شقتها. .واعترف ماريو أن هذه الراقصة كانت أول من دفعه والخطوة الأولى نحو حبل المشنقة. . ويقول في اعترافاته التفصيلية الجسد ينادي الجاسوس محمد ابراهيم كامل.. الشهير بماريو..!!! الحلقة الثانية في تلك الليلة شربت كثيراً وكلما رأيت جسد الراقصة المثير يرتعش أمام الزبائن ترتعش في جسدي خلجات الرغبة، وبعدما انتهت من فقراتها الراقصة في أربعة كباريهات . . عدنا الى شقتها في المهندسين وبدلاً من أن أنام أو أذهب لشقتي حيث تنتظرني تغريد . . وجدتني أطوق خصرها بشدة وأطلب منها أن ترقص لي وحدي، فأبدلت ملابسها وعادت لي بلباس الرقص الشفاف الذي سلب عقلي وأفقدني الصواب. وذهبت الى تغريد التي وجدتها تشتاق الى جيوبي قبلما تشتاق الي .. فافتعلت مشاجرة معها وعدت ثانية الى الراقصة التي استقبلتني فرحة .. ومنذ ذلك اليوم وأنا لا أكاد أفارقها أو أبتعد عنها لأواصل عملي في الوشة. لقد استعنت ببعض الصبية الذين دربتهم على القيام بالعمل بدلاً مني .. فكنت أتغيب لعدة أيام في القاهرة وأعود لأجمع ما ينتظرني من مال لديهم . . وسرعان ما أرجع لأنفقه على الداعرات والراقصات . . ونساء يبعن بناتهن ورجال يبيعون لحم زوجاتهم من أجل جنيهات قليلة. ولأن للفلوس مفعول السحر فقد كنت أعامل كملك . . لأنني أصرف ببذخ على من يحطن بي من فتيات ونساء أشبعنني تدللاً . . وصورنني كأنني الرجل الأول لديهن، فأطلقت يدي ومددتها الى مدخراتي في البنك شيئاً فشيئاً حتى أصبح رصيدي صفراً وتحولت الورشة الى خرابة بعدما سرق الصبيان أدواتها وهرب منها الزبائن. حاولت أن أثوب الى رشدي وكان الوقت قد فات، وخسرت سمتي بعدما خسرت نفسي. . وأصبحت مصاريف وجيدة وتغريد تمثل عبئاً قاسياً على نفسي وأنا الذي لم يعضني الجوع أو تثقلني الحاجة من قبل . . فتألمت لحالي وقررت أن أخطو خطوة سريعة الى الأمام وإلا . . فالمستقبل المجهول ينتظرني والفقر يسعى ورائي بشراسة ولا أستطيع مجابهته. تشاو .. تشاو .. تشاو .. استخرجت جواز سفر وحصلت على عناوين لبعض زبائني القدامى في إيطاليا وركبت السفينة الإيطالية "ماركو" الى نابولي. . وبعدما رأيت أضواء الميناء تتلألأ على صفحة المياه صحت بأعلى صوتي تشاو .. تشاو نابولي. وفي بنسيون قديم حقير وقفت أمام صاحبه العجوز أسأله هل زرت مصر من قبل؟ فقال الرجل لا . . ضحكت وقلت له أنني رأيتك في الاسكندرية منذ سنوات فجاءتني زوجته تسبقها حمم من الشتائم قائلة: ماذا تريد أيها المصري من زوجي؟ أتظن أنك فهلوي؟ انتبه لنفسك وإلا . . ففي نابولي يقولون: إذا كان المصري يسرق الكحل من العين .. فنحن نسرق اللبن من فنجان الشاي. وكان استقبالاً سيئاً في اول أيامي في إيطاليا. في اليوم التالي حاولت أن أتعرف على السوق وبالأخص أماكن بيع قطع الغيار المستعملة . . ولكن صديقاً إيطالياً توصلت إليه أخبرني أن في "ميلانو" أكبر أسواق إيطاليا للسيارات القديمة والمستعملة . . وثمنها يعادل نصف الثمن في نابولي. فاتجهت شمالاً الى روما وقطعت مئات الكيلو مترات بالقطار السريع حتى ميلانو .. وبالفعل كانت الأسعار هناك أقل من نصفها في نابولي.. والتقيت في ميلانو بأحد زبائني القدامى الذي سهل لي مهمتي. . ولفت انتباهي الى أماكن بيع منتجات خان الخليلي في ميلانو بأسعار عالية. ابتعت طلباتي من قطع غيار سيارات الفيات 125 غير المتوافرة في السوق المصرية وعدت الى الاسكندرية وخرجت من الجمرك بما معي من بضائع بواسطة زبائني الذين يعملون في الدائرة الجمركية .. وقمت ببيع قطع الغيار بأضعاف ثمنها وذهبت الى خان الخليلي واشتريت بعضاً من بضائعه وسافرت مرة ثانية الى إيطاليا. . واعتدت أن أنزل ببنسيون "بياتريتشي" في روما ثم أتجه الى ميلانو لعدة أيام .. أنجز خلالها مهمتي وأعود ثانية الى روما ونابولي ثم الى الاسكندرية. اعتدت السفر كثيراً وبدأت الأموال تتدفق بين أصابعي من جديد .. واتسعت علاقاتي بإيطاليين جدد بالإضافة للأصدقاء القدامى الذين يكنون لي كل الود. وفي ذات مرة وبينما كنت في خان الخليلي أنتقي بعض المعروضات التي أوصاني صديق إيطالي بشرائها. . سألتني فتاة تبيع في محل صغير عما أريده .. وساعدتني في شراء بضائع جيدة بسعر رخيص وتكررت مرات الذهاب للشراء بواسطتها ولما عرفت أنني أسافر الى إيطاليا بصفة مستمرة عرضت علي أن تسافر معي ذات مرة. . لتشتري سيارة فيات مستعملة لتشغيلها تاكسياً في القاهرة. واطمأنت "زينب" وهذا هو اسمها – عندما أخبرتها أنني أعمل ميكانيكياً وأقوم بالإتجار في قطع الغيار. وتركتها لتجمع المبلغ المطلوب ثم أرسل لها من إيطاليا لأنتظرها هناك. أراد أصدقائي الإيطاليين أن أظل بينهم وأمارس عملاً ثابتاً أحصل بمقتضاه على إقامة في إيطاليا. وقد كان. . إذ سرعان ما وجدوا لي عملاً في شركة "راواتيكس". . وبعدما حصلت على تصريح عمل وإقامة .. لم تتوقف رحلاتي الى الاسكندرية . . فالمكسب كان يشجع على السفر بصفة مستمرة لكي أعرف احتياجات سوق قطع غيار السيارات في مصر . . والذي كان يمتصها بسرعة فائقة. وفي إحدى هذه السفريات وبينما كنت في مطار روما تقابلت بالصدفة مع صديق إيطالي قديم – يهودي – كانت بيننا "عشرة" طويلة واسمه "ليون لابي" فتبادلنا العناوين، وبعد عدة أيام جاءتني مكالمة تليفونية منه وتواعدنا للقاء في مطعم مشهور في ميلانو. أشفق "لابي" كثيراً على حالي بعدما شرحت له ظروفي وتعثراتي المالية وزواجي من امرأتين .. وسألته أن يتدبر صفقة تجارية كبيرة أجني من ورائها أموالاً طائلة . . فضحك "لابي" وقبل أن يقوم لينصرف ضربني على ظهر يدي وقال لي: "لا تقلق ماريو . . غداً سأجد لك حلاً، لا تقلق أبداً". القتيــــــــــــل المصيدة الجاسوس محمد ابراهيم كامل.. الشهير بماريو..!!! الحلقة الثالثة في اليوم التالي وفي الثامنة مساء وقفت مرتبكاً للحظات أمام الباب المغلق. . ثم نزلت عدة درجات من السلم وأخرجت علبة سجائري وأشعلت سيجارة . . وعندئذ سمعت وقع خطوات نسائية بمدخل السلم فانتظرت متردداً. . وعندما رأيت الفتاة القادمة كدت أسقط على الأرض. كانت هي بنفسها الفتاة التي واقعتها في شقة "لابي" لكن ابتسامتها حين رأتني مسحت عني مظاهر القلق وهي تقول: بونجورنو فرددت تحيتها بينما كانت تسحبني لأصعد درجات السلم ولا زالت ابتسامتها تغطي وجهها وقالت في دلال الأنثى المحبب: أنا لم أخبر سنيور لابي بما حدث منك .. قلت في ثقة الرجل: لماذا؟ ألم تهدديني بالانتحار من النافذة؟ بهمس كأنه النسيم يشدو: أيها الفرعوني الشرس أذهلتني جرأتك ولم تترك لي عقلاً لأفكر .. حتى أنني كنت أحلم بعدها بـ "أونالترا فولتا"، لكنك هربت!! قلت لها: ياليتني فهمت ذلك. وانفتح الباب وهي تقول: هل ترفض دعوتي على فنجان من القهوة الايطالية؟ ووجدت نفسي في صالة القنصلية الاسرائيلية والفتاة لا زالت تسحبني وتفتح باب حجرة داخلية لأجد "لابي" فجأة أمامي. قام ليستقبلني بعاصفة من الهتاف: ميو أميتشو . . ماريو . . أهلاً بك في مكتبك. وهللت الفتاة قائلة: تصور . . تصور سنيور لابي أنه لم يسألني عن اسمي؟ قهقه لابي واهتز كرشه المترهل وهو يقول بصوت جهوري: شكرية . .شكرية بالمصري سنيور ماريو تعني: جراتسيللا. واستمر في قهقهته العالية وصرخت الفتاة باندهاش: أيكون لاسمي معنى بالعربية؟ اشرحه لي من فضلك سنيور ماريو. وكانت تضحك في رقة وهي تردد: شوك . . ريا . . شوك . . ريا . جراتسيللا شوك .. ريا. ولم يتركني لابي أقف هكذا مندهشاً فقال للفتاة: أسرعي بفنجانين من الـ "كافي" أيتها الكافيتييرا جراتسيللا. واستعرض لابي في الحديث عن ذكرياته بالاسكندرية قبل أن يغادرها الى روما في منتصف الخمسينيات. . وأفاض في مدح جمالها وشوارعها ومنتزهاتها. . ثم تهدج صوته شجناً وهو يتذكر مراتع صباه وطال حديثنا وامتد لأكثر من ساعتين بينما كانت سكرتيرته الساحرة جراتسيللا لا تكف عن المزاح معي وهي تردد: شوك . . ريا .. سنيوريتا شوك . . ريا . . وعندما سألتني أين أقيم فذكرت لها اسم الفندق الذي أنزل به. . فقالت وكأنها لا تسكن ميلانو: لم أسمع عن هذا الفندق من قبل. رد لابي قائلاً: إنه فندق قديم غير معروف في الحي التاسع "الشعبي". قالت في تأفف: أوه . . كيف تقيم في فندق كهذا؟ قال لابي موجهاً كلامه اليها: خذيه الى فندق "ريتزو" وانتظراني هناك بعد ساعتين من الان. وربت لابي على كتفي في ود وهو يؤكد لي أنه يحتاجني لأمر هام جداً لن أندم عليه وسأربح من ورائه الكثير. ليوباردو . . ماريو وركبت السيارة الى جوار جراتسيللا فانطلقت تغني أغنية "بالوردو بيلفا" أي "أيها الوحش الضاري" وفجأة توقفت عن الغناء وسألتني: هل تكسب كثيراً من تجارتك يا ماريو؟ قلت لها: بالطبع أكسب . . وإلا . . ما كنت أعدت الكرة بعد ذلك مرات كثيرة. . كم تكسب شهرياً على وجه التقريب؟ حوالي ستمائة دولار. قالت في صوت مشوب بالحسرة: وهل هذا المبلغ يكفي لأن تعيش؟ إن لابي يشفق لحالك كثيراً سنيور ماريو. سنيور لابي صديقي منذ سنوات طويلة .. وأنا أقدر له ذلك. إنه دائماً يحدثني عن الإسكندرية .. له هناك تراث ضخم من الذكريات . .!! وفي فندق ريتز .. صعدنا الى الطابق الثاني حيث حجزت لي جراتسيللا جناحاً رائعاً وبينما أرتب بعض أوراقي فوجئت بها تقف أمامي في دلال وبإصبعها تشير لي قائلة: "أونالترا فولتا" أيها المصري وهذه المرة "للإيطاليا نيتا" . . "محبة الوطن الإيطالي". وغرست أظافرها بجسدي بينما كنت أرتشف عبير أنوثتها وأتذوق طعمها الساحر وكانت لا تكف عن الهتاف: ليوباردو . .ليوباردو .. ماريو إيجتسيانو . وعندما جاء لابي كان من الواضح أننا كنا في معركة شعواء انتهينا منها تواً.. أخرج من جيبه مظروفاً به خمسمائة دولار وقال لي إنه سيمر علي صباح الغد. . وأوصاني أن أنام مبكراً لكي أكون نقي الذهن. وانصرفا بينما تملكتني الأفكار حيرى. . ، ترى ماذا يريد مني؟ وما دخلي انا فيما يريده لابي؟؟ وفي العاشرة والنصف صباحاً جاء ومعه شخص آخر يتحدث العربية كأهلها اسمه "ابراهيم" . . قال عنه لابي إنه خبير إسرائيلي يعمل في شعبة مكافحة الشيوعية في البلاد العربية. رحب ابراهيم بماريو وقال له بلغة جادة مفعمة بالثقة: إسرائيل لا تريد منك شيئاً قد يضرك . .فنحن ناحرب الشيوعية ولسنا نريدك أن تخون وطنك. . مطلقاً. . نحن لا نفكر في هذ الأمر البتة. وكل المطلوب منك.. أن تمدنا بمعلومات قد تفيدنا عن نشاط الشيوعيين في مصر وانتشار الشيوعية وخطرها على المنطقة. وأردف ضابط المخابرات الاسرائيلي: كل ذلك لقاء 500 دولار شهرياً لك. وعندما أوضحت له أنني لا أفهم شيئاً عن الشيوعية أو الاشتراكية. وأنني أريد فقط أن أعيش في سلام. ذكرني لابي بأحوالي السيئة بالاسكندرية والتي أدت الى تشتتي هكذا بعدما كنت ذا سمعة حسننة في السوق. واعتقدت أنني يجب ألا أرفض هذا العرض. . فهي فرصة عظيمة يجب استغلالها في وسط هذا الخضم المتلاطم من الفوضى التي لازمتني منذ أمد .. وتهدد استقرار حياتي. الحصار في روما عندما تسلمت زينب الرسالة الوافدة من إيطاليا، لم تكن تصدق أن يهتم بها هذا العابر المجهول الى هذا الحد. كانت قد نسيته بعدما مرت عدة أشهر منذ التقت به في خان الخليلي حيث تعمل بائعة في محل للأنتيكات والتحف. وبعدما تردد عليها عدة مرات عرضت عليه السفر معه الى إيطاليا لتشتري سيارة لتشغيلها سيارة أجرة في القاهرة .. فوعدها بأن يساعدها ثم اختفى فجأة ولم يعد يذهب اليها . . حتى جاءتها رسالته تحمل طابع البريد الايطالي وعنوانه وتليفونه هناك. أسرعت زينب بالخطاب الى خالها الذي يتولى أمرها بعد وفاة والديها، ولكنه عارض الفكرة وعندما رأى منها إصراراً رضخ للأمر ووافقها.. سنوات وزينب تحلم بالسفر الى الخارج للعمل. لقد بلغت الرابعة والعشرين من عمرها، ولم ترتبط بعد بعلاقات عاطفية تعوق أحلامها. لذلك تفوقت في دراستها بكلية الآداب – جامعة عين شمس وعشقت اللغة الإنجليزية عشقاً كبيراً. . والتحقت بعد الجامعة بالعمل في خان الخليلي بالقرب من بيتها في شارع المعز لدين الله بحي الجمالية. . حيث مسجد الحسين ورائحة التاريخ تعبق المكان وتنتشر على مساحة واسعة من الحي القديم العريق. حجزت زينب تذكرة الطائرة ذهاباً وإياباً على طائرة مصر للطيران .. وبحقيبتها كل ما لديها من مال وفرته لمثل هذه الفرصة. وفي مطار روما كان ماريو بانتظارها يملؤه الشوق لأول الضحايا الذين سيجندهم للعمل لصالح المخابرات الاسرائيلية. وعندما رأته كانت كمن عثر على شيء ثمين. إذ صدمتها اللغة الإيطالية التي لا تعرف منها حرفاً واحداً. . وسرت كثيراً عندما وجدت ماريو يتحدث بها "كالطليان" أصحاب البلد. اصطحبها الى فندق رخيص في روما ثم تركها لتستريح وذهب هو الى مسكنه ليرتب خطة تجنيدها التي رسم خطوطها عدة مرات. . وفي الصباح ذهب الى الفندق حيث كانت الفتاة تنتظره فأخذها في جولة رائعة بسيارته لمنتزهات روما وأماكنها السياحية. ثم ذهب بها في اليوم التالي الى أماكن بيع السيارات المستعملة. معتمداً أن يرفع لها أسعار السيارات مستغلاً جهلها باللغة الايطالية. . واعتمادها عليه أولاً وأخيراً. وتعمد أيضاً أن تطول مدة إقامتها في روما للبحث عن فرصة شراء سيارة أفضل وأرخص وأقنعها بشراء فيات 125 دفعت فيها معظم ما تملكه من مال. . وما تبقى معها كان يكفي بالكاد مصاريف الشحن الى الاسكندرية. وصدمت الفتاة بعدما تبين لها أن فاتورة الفندق امتصت النصيب الأكبر من نقودها .. ولم تعد تملك مصاريف الشحن كاملة. لقد خدعها ماريو عندما ذكر لها أرقاماً تقل بكثير الحقيقة عند شحن السيارة. صيد الغزلان تركها ماريو لعدة أيام دون أن يتصل بها بحجة أنه كان في ميلانو. وبكت زينب في حرقة وهي تحكي له عن حالها. . وكيف انها لم تعد تملك أية أموال لتعود الى مصر بالسيارة الواقفة أمام الفندق ومتوسلة رجته أن يساعدها فوعدها بذلك. ومرت ثلاثة أيام أخرى كانت زينب قد باعت حليها ولم تتبق معها سوى ساعة يدها الجوفيال التي لا تساوي شيئاً يذكر. حاصرها ماريو جيداً وأفقدها التفكير واستعمل معها أسلوب "صيد الغزلان" بأن أغلق أمامها كل الطرق.. وترك لها فتحة ضيقة لتنفذ منها الى شبكته لتقع فيها ولا تخرج. وظهر لها فجأة بعد غياب عدة أيام معتذراً بشدة .. واصطحبها للعشاء بأحد المطاعم الراقية. . وبعد أن جلسا عزفت الموسيقى مقطوعة إيطالية شهيرة عنوانها "مولتي جراتسي ميو أميتشو" أي "شكراً جزيلاً يا صديقي" فقالت زينب لماريو: طلبت منك قرضاً أرده لك في مصر فلم تجبني. اعتدل ماريو في مقعده وقال بسرعة: نعم . . نعم . . لا مشكلة إذن . . بعد غد سأتلوى شحن سيارتك الى الاسكندرية. ولِم بعد غد؟ مشغول أنا غداً. . ولا أملك وقتاً مطلقاً "قالها ماريو وتعمد ألا ينظر لوجهها". لقد وعدتني أن تدبر لي عملاً هنا في روما. فإن ذلك سيعفيك من إقراضي أية أموال. ماذا تقولين؟ ألم أخبرك أنني أبحث بالفعل عن عمل مناسب لك؟ أنت تقول "قالتها زينب مليئة بالحسرة والإحساس بالندم" فما كان من ماريو إلا أن أجاب: عموماً . . بعد غد ستكون سيارتك على ظهر السفينة. أفهمت؟ وفي تلك اللحظة .. اقترب منها رجل وسيم تعدى الخمسين بقليل وقال بالإنجليزية بأدب جم: أتسمحان لي بأن أطلب من إدارة المعطم إغلاق جهاز التكييف الحار حتى لا نصاب جميعاً بالبرد عند الخروج؟ ردت زينب في حماس بالغ ممزوج بالعرفان: تفضل . . وشكراً يا سيدي أردف الرجل قائلاً: معذرة . . هل أنت تونسية؟ أجابته بأن لكنتها تدل على ذلك وضحكت وقالت في افتخار: أنا من الجمهورية العربية المتحدة. من القاهرة. هتف الرجل سعيداً: أوه . .ناسر . . يا له من زعيم عبقري. وفي حركة مسرحية سريعة مد الرجل يده الى محفظته.. وأخرج منها صورة لعبد الناصر يشرب من "القلة" ويجلس على الأرض بجوار صلاح سالم وأردف قائلاً: تمنيت أن أراه وأصافحه ذات يوم. فهل يتحقق لي ذلك؟ تعال الى القاهرة يا سيدي وأعتقد أن ذلك ليس بالشيء الصعب. هكذا قالت زينب بفخر، وهي تتكلم الانجليزية بطلاقة. .، وتكلم ماريو يخاطب الرجل بالإيطالية: أنتم تكرهون ناصر في الغرب . . وفي الشرق تتوقف الحياة تماماً حينما يتكلم .. تناقض غريب. أجاب الرجل في بشاشة: نعم يا سيد .. ؟ ماريو . . ماريو إيجتسيانو "ماريو المصري". نعم . . نعم سنيور ماريو هذه حقيقة لا ننكرها.. فمنذ أزمة القناة والغرب لا ينسى ذلك لناصر أبداً. واعترضت زينب على حوارهما بالإيطالية فقال لها ماريو إن لغته الإنجليزية ضعيفة جداً .. وجاءت فاتورة الحساب ففوجئت زينب بالرجل الغريب يصر على دفعها.. وعندما تمسك ماريو بأريه قال الرجل: إذن .. هلا قبلتما دعوتي على العشاء غداً؟ أجاب ماريو موافقاً بينما تحرجت زينب ثم فاجأهما ماريو بإعلان اعتذاره لارتباطه طوال الغد .. فأبدى الرجل الأنيق تفهمه ونظر الى زينب فتراجعت الكلمات على لسانها .. عندها لم يمهلها وقتاً طويلاً لتفكر وقال موجهاً حديثاً اليها أنه سيلتقي بها في الثامنة مساء الغد في مطعم "فريسكو" .. فقالت زينب في اضطراب "بعدما نظر اليها ماريو موافقاً" إنها لا تعرف الأماكن جيداً. وبدأ الرجل سيلاً من الأسئلة عن جوانب حياتها فأجابته زينب بحسن نية وأخيراً قال لها في دبلوماسية شديدة تدل على خبرة عالية في إدارة حوار: لقاء الغد ستترتب عليه أشياء كثيرة مهمة لكلينا .. !! وبعد انتهاء السهرة صحبهما بسيارته الفارهة وأنزل زينب أمام فندقها وانصرف. . وقضت هي وقتاً طويلاً تفكر فيما يقصده بعبارته الأخيرة. وماذا سيترتب عليها من أشياء مهمة؟؟ وفي مساء اليوم التالي كان في انتظارها بردهة الفندق كما اتفقنا بالأمس . . وأخذها في جولة ليلية بنوادي روما وشوارعها ثم دلفا معاً الى مطعم فريسكو الشهير .. حيث الأنواع الغريبة من الأسماك والمحار وكائنات بحرية مدهشة. كان الرجل قد التمس مكاناً هادئاً في ركن بعيد وتوقعت زينب بأنه من زبائن المطعم المعروفين، للاحترام الجم الذي قوبل به. ولكنه انتشلها من حيرتها وقال لها بحرارة: آنسة زينب .. منذ الأمس وأنا في حيرة شديدة. . وكما تعلمين فأنا رجل أعمال بريطاني معروف . . والذي لا تعرفينه أنني انفصلت عن شريك لي منذ مدة قصيرة .. وكنت أنوي توسيع أعمالي في لندن لكن أشار علي البعض باستثمار مشاريع إنمائية في جنوب أفريقيا . . وقمت بالفعل بالسفر الى جوهانسبرج وزيارة كيب تاون وحصلت على بعض تقارير اقتصادية لتساعدني في اتخاذ قراري. حتى كان لقاء الأمس الذي سبب لي حيرة شديدة فبرغم حبي لناصر إلا أنني لم أفكر من قبل في السفر الى القاهرة لدراسة السوق المصرية وإقامة بعض مشروعاتي بها. وتنهد الرجل فيما يشبه إحساساً بالندم وأردف: إنني الآن – وبإصرار وثقة – أريد اقتحام السوق العربية من خلال مصر. ومن خلالك أنت. قالت له زينب في دهشة: من خلالي أنا؟ نعم . . فأنت مصرية وجامعية طموحة .. تملكين اللغة العربية والإنجليزية والثقافة. . ويمكنني الاعتماد عليك في إعداد تقرير اقتصادي عن أحوال مصر الاقتصادية ومشاكل التنمية بها ومعوقات السوق. ومن خلال هذا التقرير سأقرر ما إذا كنت أستطيع إقامة مشاريع إنمائية في مصر من عدمه. ولذلك فهذا الأمر مهم بالنسبة لي ولك .. لأنك ستكونين مديرة لفرع القاهرة وتملكين حق اتخاذ قرارات لصالح مؤسستنا.
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم من اهم مواضيعى مصر بلد الوحوش http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4 حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010 http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013 صور مضحكة من مصر !!!!! http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756 لا اله الا الله محمد رسول الله |
#58
|
||||
|
||||
رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية
رجب عبد المعطي...الجاسوس المنتحر..!!!! حلقة 1 في الأول من أكتوبر 1937 .. امتلأ منزل الحاج عبد المعطي بلفيف من الأهل والأصدقاء جاءوا يباركون مقدم مولوده الأول "رجب". ولأن الحاج عبد المعطي تاجر مشهور في حي القباري بالاسكندرية فقد انهالت عليه الهدايا من حيث لا يدري. فالمولود جاء بعد انتظار طويل مليء بالقلق والصبر والترقب. وتجارب لا حصر لها مع الأطباء والأدوية. وفي شهر رجب – جاء رجب. وبعد عدة أشهر حمل الرجل وزوجته أمتعتهما وحطا الرحال بأطهر أرض ورفعا أيديهما عند الكعبة يطلبان من الخالق جل شأنه أن يبارك لهما في رجب ويشكرانه على "عطيته". وشب الوحيد نبتاً طرياً يأكل بملعقة من ذهب كما يقولون. . فقد وفر له أبوه كل أسباب الرغد، وجعل منه شاباً خنوعاً مدللاً كان مدعاة لأن يخفق إخفاقاً ذريعاً في الحصول على الثانوية العامة .. ومع عدة محاولات أثمرت جميعها عن خيبة أمل للأب اغتر الابن وأوهم نفسه بأن له من العقل ما لم يملكه غيره. . ويستطيع – بدون شهادات – أن يصبح رجل أعمال مشهوراً ينافس عمالقة السوق والميناء . . ووسوس له الشيطان أنه فقط بحاجة الى فرصة يثبت من خلالها أنه عبقري زمانه الملهم. حاول الحاج عبد المعطي إفاقة ابنه من سكرة الغرور وإعادته الى طريق الصوات ففشل. إذ سيطرت على رجب عبقرية كاذبة نشأت من فراغ العقل والثقافة. وصار يحلم ليل نهار بشركة رجب للخدمات البحرية. ولما امتنع والده عن إمداده بالمال اللازم حتى يتحصن بالخبرة .. مضطراً وافق رجب على العمل في وظيفة كاتب حسابات بميناء الاسكندرية . . إرضاء لوالده. واستغرق في عمله الجديد حتى توسعت مداركه واستوعب الكثير من الخبرة بعد الاحتكاك الفعلي في الحياة. وبعد ثلاث سنوات من العمل في الميناء .. لم ينس حلمه الكبير ففاتح أباه . . وهذه المرة كان عنده إصرار عنيد على ألا يرجع. فلما عارضه والده بشدة غادر المنزل غاضباً.. وتحت ضغوط الأهل والأصدقاء.. رضخ الأب أخيراً أمام رغبة ابنه وأمده بعدة آلاف من الجنيهات وهو على ثقة من فشله وخسارته. وغمره للمرة المليون إحساس بندم شديد لأنه دلل ابنه وفتح له منذ الصغر خزينة أمواله بسحب منها كفيما يشاء. .وتمنى بينه وبين نفسه لو أن الزمن عاد به الى الوراء فيقوم على تربيته بالشكل الصحيح .. وينشئه فتى معتمداً على ذاته فيشب رجلاً يعرف قيمة العلم والقرش .. ويدرك جيداً أن للحياة ألف وجه ووجهاً.. ولكن . .فات الأوان وحسم الأمر . . !! من ناحية أخرى كان رجب يدرك ما يدور بعقل والده، وأراد أن يؤكد له كذب ظنه واعتقاده.. فتوسع في أعماله دون خبرة كافية بمنحنيات السوق وتقلباته. وكانت النتيجة المؤكدة خسارة جسيمة مُني بها وفشلاً ما بعده فشل .. وديوناً تزاحمت بأرقامها دفاتره. وجاءت نكسة يونيو 1967 وتعم حالة كساد ازدادت معها الأمور سوءاً، وحاول رجب باستماتة أن يقوم التيار القوي فخارت قواه وغرق في ديونه. . وقام بتصفية الشركة وحزم حقائبه ووجد نفسه على ظهر مركب يشق مياه البحر الى ميناء "بيريه" في اليونان. (1) نزل ببنسيون "بروتاجوراس" وحاول جاهداً أن يعثر على عمل لكنه باء بالإخفاق .. فلجأ الى بحار يوناني يدعى "زاكوس" ربطتهما معاً إحدى سهرات الاسكندرية.. وكذب عليه مدعياً أنه ينجز إحدى صفقاته التجارية واستولى منه على خمسمائة دراخمة وخرب الى "أثينا" العاصمة حيث ضاقت به المدينة الساحلية الساحرة. ووجد في أثينا أن الحياة بها أكثر ضجيجاً وحركة. (2) وفي بنسيون "زفيروس" جلس يفكر فيما وصل اليه من حال سيئة: لقد مر به شهر تقريباً ولم يعثر على عمل بعد. إنه الآن عاطل ينفق ليعيش. . وعما قريب ستنفذ دراخماته فماذا سيعمل؟ هل ضاقت به الحياة أيضاً في أثينا؟ مئات من المصريين جاءوا الى اليونان يعملون في أي شيء وكل شيء.. لكنه يبحث عن عمل من نوع آخر يتناسيب وعبقريته. وكثيراً ما حدث نفسه قائلاً "لا أحد يفهمني في هذا العالم". . لقد صور له خياله أنه مضطهد .. ومعظم عباقرة العالم اضطهدوا أيضاً قبله وها هو يواجه قوى الاضطهاد التي تطارده أينما حل وعليه بالصبر حتى يكتب له النجاح. (3) وبينما هو يتجول في شارع "سوفوكليس" التقى بشاب مصري من برديس جنوبي سوهاج يعمل في مصنع للعصائر .. عرض عليه أن يعمل معه في قسم التغليف لكنه أبى بشدة أن يعمل بوظيفة تافهة كهذه.. واستعرض له سيرة حياته السابقة في مصر. . فما كان من الشاب الصعيدي الى أن نصحه بالعودة الى الاسكندرية لكي لا يقع فريسة سهلة في قبضة المخابرات الاسرائيلية. . التي تتصيد الشباب المصري العاطل في اليونان وتغريه بالعمل معها مقابل مبالغ كبيرة. وسخر رجب في داخله من نصيحة الشاب له بالعودة. . فقد كان والده يعاني الأمرين من حجم الديون التي خلفها له ومن مطاردة الدائنين في المتجر كل يوم. هرول رجب إليهم...سعى للخيانة بنفسه... حلقة 2 تزاحمت الأفكار في رأسه وغمرته إحساسات اليأس من صلاح أمره في أثينا .. والخوف من العودة يجر أذيال الخيبة والفشل .. وداهمه شعور بالضآلة وقال لنفسه "لن أيأس .. لن أستسلم أبداً مهما حدث". أيقظته دقات الباب من أفكاره. وكان الطارق موظف حسابات البنسيون. فطلب منه إمهاله عدة أيام .. وما كانت جيوبه تحوي سوى دراخمات قليلة لا تكفي لأسبوع واحد إلا بالكاد. هرب منه النوم واختنق صدره واهتزت أمامه الرؤى وعندما تذكر مقولة الشاب الصعيدي "المخابرات الإسرائيلية تدفع الكثير" قال لنفسه "لن أخسر أكثر مما خسرت" وأمسك بالقلم ليكتب: السيد المبجل / سفير دولة إسرائيل في أثينا أنا موظف مصري أقيم في بنسيون زفيروس. ضاقت بي الدنيا وظلمتني في الاسكندرية وفي أثينا. قال لي البعض إنكم تمدون يد المساعدة لكل من يلجأ إليكم وأنتم الملجأ الأخير لي. فأرجو أن أنال عطفكم واهتمامكم. رجب عبد المعطي أثينا 27/12/1967 ولم تكد تمر ثلاثة أيام – حتى فوجئ بمندوب من السفارة الإسرائيلية ينتظره في صالة الاستقبال .. فاصطحبه الى السفارة وهناك قابلوه بود وقالوا له: وصلتنا رسالتك ولم نفهم منها ماذا تريد بالضبط؟ أجاب بصوت يغلفه الرجاء: أريد أن أعمل في أثينا. سلمهم جواز سفره وتركوه ثلاث ساعات بمفرده .. ثم جاءوا له باستمارة من عدة صفحات . . تحمل اسم السفارة وشعار دولة إسرائيل .. وطلبوا منه أن يملأها ويكتب سيرة حياته وأسماء أصدقائه وأقاربه ووظائفهم. وبعدما تبين لهم أنه أمضى ثلاث سنوات في العمل داخل ميناء الاسكندرية. . طلبوا منه أن يكتب تقريراً مفصلاً عن الميناء وأهميته الاقتصادية والعسكرية ففعل. واستعرض ما لديه من مظاهر "العبقرية" الفذة في شرح كل شيء عن الميناء بتفصيل مطول. . فأذهلتهم المعلومات التي كتبها عن الميناء . . وأدرك ضابط الموساد الذي شرع في استجوابه بأنه وقع على كنز ثمين عليه أن يعمل على استثماره و"حلْب" ما لديه من معلومات. وفي الحال سددوا حسابات البنسيون كافة ونقلوه الى فندق "أورفيوس". . وهو ابن ربة الفن الإغريقية .. وأعطوه مائتي دولار أمريكي وتركوه عدة أيام يمر نهاره وهو يغط في سبات عميق . . وفي الليل يتذوق طعم السهر في حانات وكباريهات أثينا المتحررة . . ويصاحب أجمل فتياتها وداعراتها في شارع "ارستيديس" الشهير. وعندما نفدت نقوده تماماً ود لو عاد إليه مندوب السفارة الإسرائيلية ببعض المال ليكمل مسيرة اللهو والسكر. وحدث ما توقعه وجاءه المندوب بمائتي دولار أخرى. . فاستغرق في مجونه وتمنى لو استطاع أن يفعل أي شيء في سبيل أن يحيا حياة مرفهة في أثينا. أغرقته المخابرات الاسرائيلية بالمال حتى اطمأن الى رجالها.. وكلما نفدت نقوده ذهب بنفسه لمقابلة أبو ابراهيم في السفارة الاسرائيلية يعرض عليه خدمات مقابل الدولارات التي يأخذها. فيؤجل ضابط الموساد الحديث في هذا الأمر لوقت آخر . . وينصرف رجب بالنقود فيرتع بين الحسان عاريات الظهر والنهود هو بينهن يختال اختيالاً. إن المال والنساء أهم أسلحة أجهزة المخابرات. بل هما الأساس الذي تبني عليه عملية صنع جاسوس أو اصطياد عميل. وأجهزة المخابرات ليست بالسذاجة التي تجعلها تنفق الملايين لاصطياد ضعاف النفوس والخونة الذين يسهل شراؤهم بالمال والفساد. . ولذلك أقامت فروعاً لها ومكاتب في الخارج تحمل أسماء شركات وهمية لا نشاط حقيقي لها سوى البحث عن الخونة. ويعمل بهذه الفروع ضباط مخابرات على أعلى مستوى من الخبرة والكفاءة. . وتخول لهم سلطات واسعة .. وتحت أيديهم مئات الآلاف من الدولارات. . وطابور طويل من السكرتارية والمساعدين الأكفاء . . بخلاف أجمل الفتيات اللاتي اخترن الطريق الصعب وخطون خطوات طويلة من الخبرة والحنكة. فهن يعرفن عملهن جيداً ويبدعن فيه وطريقهن الى الإبداع يبدأ وينتهي بالجسد. إنه السلاح السحري الذي يقتل مقاومة الهدف. . ويحرك فيه غريزته المجنونة التي تحيله الى إنسان بلا عقل أو إرادة. (1) والمخابرات الإسرائيلية – الموساد – تفوقت كثيراً في هذه الأمور. . وأصبحت أكثر أجهزة المخابرات خبرة في استخدام لغة الجسد. . تلك اللغة التي يفهمها الجميع ولا تحتاج الى مترجم أو قواميس تفسر مفرداتها.. ولكن الذي لا يعرفه أحد. . أن الخونة الذين يسقطون في براثن الموساد .. يتحولون في لحظة ما الى مجرد بهائم تدور في الساقية . . تطاردهم سياط الأوامر والطلبات التي لا تنتهي أبداً.. وأنها تقدر ما تدفع تريد المقابل أضعاف ما دفعته. وعندما يجف معين عميلها تنبذه ك***** الأجرب وتلقي به في زوايا الذل والنسيان. . وتعامله كخائن باع وطنه وأهله ولا قيمة لإنسان فقد انتماءه، وسلك كل المسالك نحو المال واللذة رجب في المصيدة التي إختارها لنفسه...حلقة 3 لم يدرك رجب عبد المعطي هذه الحقائق بل اندفع بكل ثقله باتجاه المخابرات الاسرائيلية . . وصادق الكثير من ضباطها في أثينا ظناً منه أنهم سينقذونه من شبح الإفلاس الذي تعلق بتلابيبه ولا يود مفارقته. ورحب كثيراً بضابط الموساد – ابو ابراهيم – الذي فوجئ به يزوره في حجرته بالفندق الفخم . . ويحدثه طويلاً عن أزمة الشرق الأوسط والوضع المتفجر في المنطقة بسبب الحروب مع العرب . . وحقهم في أن يعيشوا فوق أرض الميعاد في سلام وأمان . . وأنهم ليسوا شعباً يحب سفك الدماء بل أمة مشردة ضعيفة تسعى الى العيش في هدوء بلا حروب أو صراعات. واستعرض ابو ابراهيم في سرد اساطير وأحاجي اللص الذي يبرر مشروعية سرقاته ثم سأل رجب فجأة: هل ترحب بالعمل معنا لصالح السلام؟ والابتسامة تملأ وجهه .. بالطبع . . ولكن .. أي عمل بالتحديد؟ أخرج ضابط الموساد الخبير أربع ورقات ذات المائة دولار ودسها في يد رجب وهو يقول: أنت كثير الأسئلة . . هل تعتقد أننا نريدك سفيراً لنا في مصر؟ إذن .. ما هو المطلوب مني؟ ألا تسأل كثيراً لكي لا أغضب منك .. عليك فقط أن تعرف أننا أصدقاء .. وأن لكل حديث أوان. هز رجب رأسه علامة على الرضوخ والطاعة ولحقه ابو ابراهيم بسؤال ذا مغزى: هل لك صديقة في أثينا؟ أجابه على استحياء: هجرتني فتاة تدعى انكسيميندرا لأنني لا أعرف اللغة اليونانية وقد ضاقت بإنجيلزيتي الركيكة. أوه . . أتقصد تلك الفتاة التي يملأ النمش وجهها؟ دعك منها وسوف أعرفك بفتاة رائعة تتحدث بالعربية وستكون معك ليل نهار في أثينا. تهلل وجهه وارتفع حاجباه دهشة وقال: أين هي؟ أريدها حالاً. . ستكون الى جوارك في الطائرة أثناء رجوعك من تل أبيب. بهت رجب ووقف فجأة كالملسوع وقال بصوت متلعثم: تل أبيب؟ نعم . . !! بسرعة قالها ضابط الموساد بلغة الواثق، وأضاف كأنه يأمره بتنفيذ قراره الذي لا رجعة فيه: ستسافر إسرائيل بعد عدة أيام .. وفي الغد عليك أن تحضر اجتماعاً مهماً في السفارة لمناقشة خطوات تنفيذ هذا الأمر فهل عندك اعتراض؟ هربت الكلمات وغاصت في قرار عميق . . وأجاب رجب الذي بدا كالأبله لا يضبط خلجاته: لا . . لا . . أنا لا أعترض . . إنها مفاجأة لي. عندما كتبنا تقريراً عنك وأرسلناه الى إسرائيل. . طلبوا منا أن نأخذك في رحلة سريعة الى هناك ليتعرفوا عليك أولاً. وثانياً هناك مفاجأة سارة تنتظرك. وثالثاً: لتختار صديقتك بنفسك من بين أجمل فتياتنا وتصحبها معك الى أثينا. سكت رجب ولاحقه أبو ابراهيم: المخابرات الاسرائيلية إذا أعطت فهي سخية بلا حدود. وإذا غضبت ومنعت فطوفان من الهلاك قادم. وثق يا رجب أننا ودودون معك الى أقصى درجة .. أعطيناك أكثر من ألف وخمسمائة دولار حتى الآن ولم نطلب منك أدنى شيء. ألا يدل هذا على كرم منا أيها المكار؟ وربت كتف رجب الغارق في ذهوله وهو يقول في لغة ظاهرها الثقة وباطنها التهديد والبطش: عليك ألا تضيع هذه الفرصة .. انتهزها. . واركب قارب النجاة تنج نفسك من الطوفان والهلاك. وعندما قام ضابط الموساد منصرفاً لم يستغرق رجب في التفكير كثيراً. لقد ثبتت لديه النية واتخذ قراره. .ولم يذهب الى سريره لينام بل خرج ينزف دولارات الموساد على الخمر وجسد داعرة صحبها الى شقتها وهو يمني نفسه بالجارية الاسرائيلية التي ستكون تحت إمرته. وفي الصباح الباكر كان يقف أمام باب سفارة إسرائيل تعلوه سحابة انكسار وبعينيه بريق خنوع ديّوث باع لحمه لمزايد !! استغرق الاجتماع به نحو الساعة .. كانوا أربعة من ضباط الموساد في أثينا وخامساً جاء من فيينا كان يبدو أنه أكبرهم دراية بالتعامل مع الخونة وتطويع الجواسيس. طلب من رجب أن يرسم له خريطة الميناء في الاسكندرية وأين يقع مكتبه بالضبط؟!! وفوجئ رجب بماكيت مصغر للميناء دخل به موظفان ووضعاه على منضدة تتوسط الحجرة .. أخذ رجب يشرح بتفصيل أكثر معلوماته عن الميناء. بل ويحدد أماكن مخازن التشوين التجارية . . ورصيف الميناء الذي يستقبل السفن الحربية السوفيتية. . وسفن الشحن التي تجيء بالأسلحة المختلفة من ميناء أوديس السوفييتي على البحر الأسود . . ومخازن تشوين السلاح المؤقتة .. وبوابات التفتيش والمداخل والمخارج. وهكذا استمر يشرح لهم أسرار الميناء الحيوي، ولم يتركوا أدق التفاصيل إلا وسألوه عنها ثم طلبوا منه الانصراف والعودة صباح اليوم التالي ومعه أربع صور فوتوغرافية وجواز سفره. وبعد أن سلمهم الصور تسلم منهم وثيقة سفر إسرائيلية ذكر بها أنه إسرائيلي من تل أبيب واسمه "دافيد ماشول". . تسلم كذلك تذكرة سفر بالدرجة السياحية – أثينا تل أبيب على شركة العال الإسرائيلية – وأوصله مندوب من السفارة الى المطار وتأكد من صعوده الى الطائرة المتجهة الى إسرائيل. وعندما جلس رجب في مقعده بالطائرة كان جسده يرتجف بشدة .. وتشوشت أفكاره للدرجة التي أصبح فيها كالمخمور الذي فقد تركيزه واتزانه . . وسرعان ما استعاد ثقته بنفسه وهو يرسم في خياله أحلام الثراء الذي ينتظره . . ووجه الفتاة المليحة التي سيختارها في إسرائيل . . وخطرت بباله فجأة فتاة من بورسعيد اسمها مايسة كانت قد هاجرت مع أهلها الى المنصورة وتعرف عليها في إحدى الحفلات العائلية وأحبها بسرعة إيقاع عجيبة وافترقا أيضاً بلا وداع. لماذا خطرت بباله في تلك اللحظة بالذات؟ ضحك بصوت مسموع فرمقته سيدة تجلس بالقرب منه بنظرة تعجب وابتسمت .. وأغمض عينيه ثم نام.. واستيقظ والطائرة تحوم فوق مطار بن جوريون تنتظر الإذن بالهبوط
جمال حسنين . . الجاسوس الذي مات مرتين. . !! حلقة 1 ليس ضرورياً أن يكون الجاسوس ملماً بالنواحي العسكرية، أو يملك خبرة فنية في تخصص ما، أو ذو علم غزير يستفيد من ورائه العدو. فالجاسوسية الحديثة لا تشترط وجود أي من هذه الصفات لدى الجاسوس. كل ما في الأمر، أن يكون منزوع الانتماء . . فقيد الضمير، يسعى بين أهله ومواطنيه كالحية الرقطاء تتربص بالفريسة. لكن .. ماذا بعد السقوط وقضاء ربع قرن بين جدران السجون؟ هل تغيرت الحية وتبدلت؟ لا أحد يعرف . . ولم يكتب أبداً أي صحفي في مصر عن حياة جاسوس خارج السجن . . لا أحد يعرف !! منذ ثلاث سنوات تقريباً. . أفرج عن الجاسوس جمال حسنين بعد أن أمضى 25 عاماً خلف جدران سجن المزرعة في أبو زعبل. حيث لا يزال بين جدرانه عدد من الخونة الذين جندتهم المخابرات الاسرائيلية للتجسس على مصر. لا ندري كيف يمضي هؤلاء الخونة مدة عقوبتهم طوال هذه السنوات .. كما لا ندري هل لسعتهم أوجاع الندم .. أم أنهم فقدوا الإحساس بعظم جرمهم في حق الوطن؟ وهل كلهم هكذا، أم أن هناك بعضهم أفاقوا الى رشدهم بعد فوات الأوان؟ ولكن . . كيف سيواجهون الحياة في المجتمع بعد ربع قرن في الزنزانة؟ وكيف يستقبلهم المجتمع والأسرة بعد الإفراج عنهم؟ لا أحد يستطيع التكهن بما في نفوس هؤلاء الخونة، ولم يسبق لصحفي أن أجرى حوار مع جاسوس قضى مدة عقوبته ليصف لنا حاله بالضبط. وعلى كل حال . . بقدر ما يهمنا البحث عن سلوك خائن منح حريته يهمنا أيضاً البحث في الأسباب التي أدت الى سقوطه في شباك الجاسوسية ودراستها. فلكل جاسوس خائن ظروف اجتماعية ونفسية مختلفة قادته الى مستنقع الخيانة، ولكل جاسوس وسيلة اتبعتها الموساد معه . . ونقطة ضعف أسقطته حتى أذنيه .. ليصير جاسوساً .. لا يدخر وسعاً في إطلاع العدو على أسرار بلده، وتنفيذ أوامره في التخريب والتدمير وبث الإشاعات المغرضة. ولا زالت الدراسات الجادة تبحث في الصراعات والمعارك. . التي تشتعل في نفوس هؤلاء الخونة .. وارتطامهم بالمشاكل التي تدمر فيهم خلايا الوعي وإدراك النتائج. . فيسقطون صيداً سهلاً في يد الأعداء.. ويكونون له عيوناً تنقل إليه ما لا يراه أو يفهمه. إنها الخيانة .. داء قذر قد يصيب بعض الذين يطمعون في مال.. أو جسد أنثى .. أو منصب فقده في وطنه. بل يصاب بالخيانة بعض أناس لا يلتفتون الى تلك الأشياء مطلقاً. . كأن يسيطر عليهم هاجس غريب. . يصور لهم الأعداء بصورة مغايرة تدعو الى الشفقة أو الموازرة. لكن هناك حقيقة لا يجب أن تفوتنا وهي أن الجاسوسية – برغم ما ينشر عنها من دراسات كل يوم – إنما هي "أمر" سري يغلفه الصمت ويحيطه الكتمان .. وما يكتنفها من غموض هو محاولة لإخفاء وجه الجاسوسية ونشاط العاملين فيها. ولأن الجاسوسية هي "السلاح الرابع" كما يطلقون عليها – بعد سلاح الطيران والبحرية والقوات الجوية – فهي أولاً وأخيراً تعتمد على عقول ماهرة تبني الحقائق. . وتحلل المعلومات وتستخلص النتائج وتضع الخطط، وتصنع ما لا يتخيله عقل أو منطق من خداع وحرب خفية أسلحتها الذكاء، والشيفرة، والرموز، وأجهزة الإرسال اللاسلكي، وآلات التصوير. . هذا الى جانب العامل البشري. . واللجوء لشتى السبل من إغراء أو تهديد أو إرهاب وخلافه لتجنيد الجواسيس. لذلك .. أصبحت الجاسوسية هي الأداة الأساسية في تحديد السياسات الدبلوماسية للدولة الحديثة. . وكذلك هي "المستشار الخفي" لرؤساء الجمهوريات والحكومات عند اتخاذ القرارات المصيرية. وبالرغم من اختلاف جاسوس اليوم عن جاسوس الأمس . . وتطوير التكنولوجيا الحديثة والتقاط الصور الجوية بواسطة أقمار وطائرات التجسس، إلا أن الوسائل "البشرية" لا يمكن إهمالها أو الاستغناء عنها، وستظل الجاسوسية أبد الدهر تعتمد على العملاء والجواسيس، مهما قيل عن احتلال الأجهزة والوسائل التكتيكية التي تلاشت أمامها حجب الأسرار وخفاياها. بل إن فكرة تجنيد الجواسيس بالإغراء أو بالمال أو بالفضيحة والتهديد أصبحت فكرة قديمة وعقيمة. والجديد هو استغلال ثقافة ومعتقدات البعض. . الذين يتفقون في أهدافهم وآرائهم أو نظرتهم الى الحياة معمثيلاتها في جهاز المخابرات الذي يجندهم.. إنهم جواسيس الفكر الأيديولوجي ومدعو التحضر والثقافات. وحتى الآن .. هناك من أمثال هؤلاء الكثيرين. . الذين سعوا بأنفسهم لدى جهاز المخابرات الذي يتوافق مع أفكارهم لتجنيدهم. . دون النظر الى أي مطالب أو حاجات. وأقربهم الى الذاكرة الآن .. الجاسوسة هبة سليم التي انخرطت في سلك الجاسوسية دون حاجة الى مال أو رغبة تود تحقيقها، بل تجسست لأنها آمنت بأن إسرائيل قوة لا يمكن هزيمتها، وكانت ترفض مراراً آلاف الدولارات التي هي مقابل للمعلومات "الدسمة" التي أمدتها بها. ولأنها تصورت أن تجسسها واجب فكان من الطبيعي أن تكون أكثر "إخلاصاً" و "أمانة" في نقل المعلومات. بل إنها تطوعت وأسلمت جسدها وبكارتها طواعية الى ضابط الجيش المصري "فاروق الفقي" من أجل الحصول على معلومات منه. يا الله . . إنه عالم عجيب وغريب، مليء بالأسرار والغموض، عالم يقبض على قوة الحياة والموت .. ! ومعارك الجاسوسية بين العرب وإسرائيل مستمرة ولا زالت برغم حالة السلم .. ولن تتوقف مطلقاً طالما هناك أرض اغتصبت بالقوة .. وشعب أجبر على هجر أرضه أو يدفن بها حياً. ولأن إسرائيل هي الدولة المغتصبة . . صاحبة التاريخ الأسود الطويل المليء بالمذابح والإرهاب. . فهي تخشى يقظة العرب وصحوتهم ذات يوم. ولذا .. أطلقت جواسيسها داخل الوطن العربي. . يجمعون لها أسرارنا العسكرية وشتى المعلومات التي تتعلق بالنشاط الاقتصادي أو الصناعي. . وتنوعت ألوان الجاسوسية الإسرائيلية . . فالجاسوس لم يعد مجرد شخص يتقصى المعلومات ويلتقط صوراً لأماكن حيوية .. بل أصبح مكلفاً ببث الفوضى والإشاعات المغرضة وإثارة القلق في الشارع العربيز أما عن الجاسوس جمال حسنين الذي أفرج عنه منذ قليل بعد 25 عاماً وراء القضبان . . فقصته مع التجسس مثيرة ومادة شيقة للتناول. وعظة للشباب الذي يسافر الى أوروبا بحثاً عن عمل بعدما ضاقت به السبل وأغلقت دونه أبواب الأمل. ولد جمال في 29 أكتوبر 1941 بالقاهرة لأسرة موظف صغير في وزارة الشؤون الاجتماعية يعول سبعة أفراد. دخل مرحلة التعليم الابتدائي وشق طريقه في التعليم . . متعثراً. وتمكن عام 1962 من الحصول على دبلوم في المساحة .. وعين فوراً في مصلحة المساحة بالقاهرة. . وكان راتبه الصغير يشعهر بأنه قزم تافه. لذلك سعى للحصول على دبلوم المعهد الأوليمبي بالاسكندرية في محاولة للارتقاء بوضعه الوظيفي، وأمكن له بالفعل الحصول على دبلوم المعهد عام 1968، وكانت مصر حينئذ في حالة يرثى لها . . وتسعى للنهوض من عثرة النكسة وتنظيم صفوفها من جديد استعداداً للثأر من العدو الإسرائيلي. في ذلك الوقت لم يكن جمال حسنين بعيداً عن نبض الجماهير. . والإحساس بالمهانة لهزيمة الجيش واحتلال أرض عربية أخرى. وحنق كثيراً على القيادة العسكرية. . وكثيراً ما كان يجادل أصحابه ويثور لأنه لم يلتحق بالقوات المسلحة بسبب "الفلات فوت" اللعين. وكظم غيظه وأحلامه وحبس طموحه بداخله الى أن تحين اللحظة المناسبة للتحرك. ولكن الوقت يجري و "سماح" تنضج وتفور أنوثتها ولا يزال كما هو بلا حركة .. وخطابها عرفوا الطريق لبيتها فتملكه الرعب لمجرد أن تخيل خطبتها لآخر. ولما أضناه الأرق وهده الفكر . .صارح والده بحبه للفتاة ورغبته في الزواج منها. . فقال له "عليك أن تدبر حالك". أسرع الشاب العاشق الى أسرة فتاته يطلب يدها .. فاشترطوا عليه ما يعجز عن تحقيقه. . ولكنه في سبيل الفوز بها قرر المغامرة وتملكته فكرة السفر الى بيروت للعمل. كانت بيروت وقتئذ قبلة الباحثين عن الرزق الوفير وتتعدد بها مصادر الرزق لكل من سعى. وتقدم جمال حسنين بطلب الحصول على أجازة من عمله بدون راتب "كان راتبه 16 جنيهاً" فسمح له بإجازة ستة أشهر. وقبل أن يغادر الإسكندرية الى بيروت بحراً. . أخضع لدورة توعية تثقيفية مع غيره من الراغبين في السفر خارج مصر لأول مرة. والمحاضرون بالطبع ضباط في جهازي المخابرات العامة والمخابرات الحربية. وكان هذا النظام معمول به في ذلك الوقت نظراً لاكتشاف العديد من الجواسيس والذي تبين أن غالبيتهم وقعوا في براثن الموساد بعد إغرائهم بالمال والنساء. وفي قرارة نفسه. . سخر جمال حسنين من ضعاف النفوس الذين سقطوا في شباك الموساد واحتقرهم. وانتبه جيداً للطرق المختلفة التي يصفها الضابط المحاضر للإيقاع بالشباب المصري في الخارج. بداية الطريق........!!!!!!!!!!! ! وفي السفينة الى بيروت تمدد على سطحها يتأمل وجه حبيبته فتخيله ماثلاً أمامه على صفحة المياه الممتدة .. والتي لا نهاية لها. ولم تكن يده تمتد كثيراً الى محفظته الجلدية التي تحوي صورتين لسماح الجميلة، فوجهها الرائع النقاء بكل بهائه محفور في فؤاده وموشم على خلاياه. كان يمني نفسه بعمل مربح في بيروت، أي عمل، لا يهم، إنها حرب عليه أن يخوضها ليفوز بالحبيبة. وأيقظه من تخيلاته وأفكاره شاب سوري يعمل في التجارة ما بين بيروت والاسكندرية. وتناول الحديث بينهما نواح عديدة .. ولما سأله جمال عن إمكانية العمل في بيروت أفاده بأن لبنان سوق مفتوح للعمل. . وفرص الكسب به متوفرة إذا ما ذهب الى مقهى فاروق. . ومجرد أن غادر السفينة توقفه الزحام وصافحته الوجوه بتجاهل. . وقادته قدماه الى حي المزرعة جنوبي الميناء . . وفي بنسيون رخيص وضع الرحال وذهب الى مقهى فاروق أشهر المقاهي هناك . . حيث بالإمكان العثور على صاحب عمل، فالمقهى يعرفه كل المصريين في بيروت ويرتادونه ويتواعدون على اللقيا به. لذا فهو يموج بالوجوه المصرية المرهقة التي تغربت من أجل الحصول على المال. ومرت الأيام وجمال حسنين ينفق من الجنيهات القليلة التي حولها الى ليرات لبنانية. ولم تظهر في الأفق بشائر خير أو تبدو بارقة من أمل. حاول كثيراً ففشل. . وقبل أن تنفذ نقوده حمل حقيبته خائباً وعاد الى القاهرة. . تعشش الكآبة بأعماقه ويحس بالقهر يطحن أعصابه. استقبلته سماح فرحة بعودته بعد ثلاثة أشهر من الغربة. . وحاولت إقناعه بالعمل في إحدى الشركات بعد الظهر لإنجاز المطلوب منه للزواج. . لكنه كان دائم الشكوى وسب الحال وغير قانع بالمقسوم له. وبات يحلم من جديد بالسفر الى اليونان. . إنها الحلم الكبير الذي سيتحقق.. وفشل رحلة بيروت لن يتكرر. لقد ثبت لديه أن لا مناص من الخروج من أزمته إلا بالسفر. وعقد العزم على الاستماتة هذه المرة. وعندما رفض الانصات لمعارضة سماح.. تركته يائسة يفعل ما يريد. ولما تقدم للعمل بطلب أجازة أخرى.. رفض طلبه . .فقدم استقالته على الفور. . وركب سفينة قبرصية الى ميناء بيريه لا يملك سوى مائتي دولار أمريكي وعدة جمل بالإنجليزية. ولأن بيريه أشهر موانئ اليونان ففرص العمل بإحدى الشركات البحرية متوفرة. هكذا قيل له في القاهرة، وأظلمت الدنيا في وجهه بعد ما تأكد من كذب المقولة. وكلما يمر به يوم بدون عمل. . تضطرب أعصابه ويختنق صدره ويقترب من حافة الجنون. وفي خضم معاناته يتلقي بشاب مغربي يدعى سمعان ويشكو حاله. . فيطمئنه بأنه سيسعى من أجل توفير عمل له. وظل يعده يوماً بعد يوم الى أن فرغت جيوبه حتى من كسور الدراخمة. فأقنعه سمعان ببيع جواز سفره والإبلاغ عن فقده فوافق جمال حسنين . . واصطحبه المغربي الى القنصلية الاسرائيلية في بيريه. . بحجة وجود صديق له هناك سيشتري منه جواز السفر . .وقد يدبر له عملاً في أحد الفنادق. وبسذاجة شديدة ذهب معه ليلتقي داخل القنصلية الإسرائيلية بأحد ضباط الموساد الذي يعده بإيجاد عمل له خلال أيام .. وطلب منه أن يجيب على الأسئلة المكتوبة في استمارة التعارف عن حياته وأسرته وأصدقائه ووظائفهم وعناوينهم ليتمكن من توفير فرصة عمل مناسبة له. . وتفاوض معه بخصوص جواز السفر فاشتراه بمائتي دولار .. بعد ذلك اصطحبه سعفان الى فندق "ايسخيلوس" الشهير وحجز له غرفة رائعة تخوف جمال حسنين من سعرها المرتفع لكن عميل الموساد طمأنه بأنه ضيف على القنصلية الاسرائيلية .. التي لا تدخر وسعاً في مساعدة الشباب العربي بقصد إبراز الصورة الحقيقية للإسرائيليين التي يعمل الإعلام العربي على تشويهها. السقوط السهل وبعدما خلا جمال الى نفسه تساءل عما يدور حوله، وتذكر الدورة الإرشادية التي تلقاها في مصر قبل سفره. . وما قيل له عن أساليب المخابرات الإسرائيلية المختلفة في استقطاب المصريين بالخارج. . والحيل المموهة الذكية – التي تبدو بريئة – لجرهم الى التعاون معهم. . بدعوى العمل على مساعدتهم .. وبشعارات زائفة رنانة يعملون على إزالة حاجز الخوف من التعامل معهم. . وما كان قصدهم في النهاية إلا الإيقاع بضعاف النفوس الذين تواجههم ظروف صعبة في الخارج. وقطع تفكيره اتصال من شخص لا يعرفه اسمه "يوسف" أبلغه بأنه مكلف بإيجاد عمل له. فرح جمال كثيراً بذلك الضيف البشوش ودار بينهما حديث يغلفه الود عن الحياة والدين والطبيعة وتربية ******.. ثم تطرق يوسف الى مشكلة الشرق الأوسط، والسلام الذي يجب أن يسود المنطقة. . وحقوق الجار التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم. ولم اعرف منه أن له علاقة خطبة بفتاة في مصر وأطلع على صورتها. . ضحك ضابط الموساد نم تواضع ملامحها وقال له: إنك في اليونان فلماذا لا تستمتع كما يحلو لك؟ وأخذه الى سهرة لم يصادفها من قبل. وعلى الباب الخارجي للنادي الليلي وقفت سيدة عجوز تمسك بعدسة نظارة ذات عين واحد تستقبل الزوار بحفاوة كبيرة .. وعندما رأت جمال حسنين هتفت في سعادة قائلة: - أوه أيها المخلص. . ألا زلت تتذكرني؟! وهي تنظر باندهاش الى الضابط: إنه زبون قديم عندي. ضحك جمال بينما يدلف من الباب الداخلي وهو يقسم بأنه لم ير المرأة من قبل. وبعد سهرة جميلة عاد جمال الى حجرته ترافقه فتاة لعوب استطاعت على مدى يومين أن تستنزف دولاراته. . وتركته خاوي الوفاض في بلاد الغربة. . يطوف ضباط المخابرات الإسرائيلية من حوله ويخططون لاصطياده. وفي قمة محنته ذهب اليه بالفندق شخص آخر اسمه إبراهيم. . وذكر له بأنه صديق يوسف وأنه قرأ استمارة بياناته ومعجب جداً به. كان إبراهيم ضابط مخابرات ماهر. . استطاع التعرف على نقطة الضعف التي يعاني منها جمال. . فركز عليها جيداً. . واستغل جهله بالسياسة والتاريخ وأخذ يلقي على مسامعه الأكاذيب والمفتريات عن مشكلة اليهود . . وفي خلال المسجل بينهما، واستطاع أن ينتزع منه اعترافاً ضمنياً بحق اليهود في فلسطين. . ثم أخذ يضغط على مشكلة الأزمة الاقتصادية التي تعاني مصر منها. . بدليل تواجده في اليونان بحثاً عن عمل ليتمكن من الزواج، وأرجع الضابط هذه الأزمة الى حالة التأهب الدائم للحرب التي تدمر خطط مصر للتنمية. ولأنه أحمق غرير . . اقتنع جمال حسنين بآراء الضابط الذي شحنه نفسياً ومعنوياً .. ووصل به الى المدى المطلوب في الاندفاع والتهور وسب النظام في مصر وانتقد الحياة بها. كان الطرق على الحديد الساخن أسهل الطرق لتشكيله. . وأمام حالة الضعف التي وصل اليها جمال فلا مال لديه ولا حصانة من وطنية .. بالإضافة الى كلمات متناثرة فهم منها أن له صوراً عارية مع الفتاة الداعرة. . أمور كلها هيأت مناخاً مناسباً لتجنيده. خاصة بعدما أقنعه ضابط الموساد بأن الجاسوس الذي يسقط في أيدي المخابرات المصرية. . لا بد لهم من مبادلته في صفقة سرية بواسطة الصليب الأحمر الدولي أو الدول الصديقة، وعدد له أسماء كثيرة لجواسيس مصريين تمت مبادلتهم. . ويعيشون في إسرائيل في فيلات فاخرة، وجرى سحب أسرهم من مصر تباعاً. هكذا كانوا يقنعونه ويضيقون عليه الخناق فيجد صعوبة في التفكير أو الفرار. وسقط جمال حسنين في قبضة الموساد. وفي شقة مجهزة بكل أدوات الرفاهية .. أقام الخائن برفقة ضابط الموساد ليتعاطى شراب الخيانة وليتعمل مبادئ الجاسوسية. ولأنه لم يلتحق بالقوات المسلحة فقد دربوه على كيفية تمييز الأسلحة المختلفة بواسطة عرض أفلام عسكرية وأسلحة.. وعقد اختبارات له لبيان مدى استيعابه. ولكونه يعمل في مصلحة المساحة، فقد كانت لديه خبرة كبيرة في وصف المباني والمنشآت ورسم الخرائط المساحية، وتقدير المسافات والارتفاعات، وبالتالي رسم الأشكال المختلفة وكل مظاهر الحياة التي تصادفه. ولم تكد تمر أربعة أسابيع إلا وأنهى جمال حسنين الدورة التدريبية ببراعة . . وتخرج من تحت يد ضابط الموساد جاسوساً خبيراً، وخائناً مخلصاً لإسرائيل. الرسالة الوحيدة كان – ضابط الموساد – إبراهيم هو المسؤول عن تلميذه النجيب. وعلى عاتقه تقع مسؤولية توجيهه ومتابعته. ويلزم لذلك ربط علاقة إنسانية قوية بينه وبين الجاسوس. وفي أمسية سمر لاحظ شروده وقلقه، وحاول جاهداً مساعدته حتى لا تتوقف مراحل خيانته، فصارحه جمال بمدى تعقله الشديد بسماح، وخوفه من عودته خاوياً فتضيع منه. فطمأنه إبراهيم وأمده بألف دولار مكافأة، فضلاً عن راتب شهري قدره مائتي دولار، ومكافأة أخرى "50" دولاراً عن كل رسالة تحمل معلومات قيمة يرسل بها الى روما لاسم "كاستالا يوستالي" ص. ب. 117. وأمضى الخائن التعس في بيريه أربعة أشهر حتى لا يثير الشكوك بالأموال التي معه، ثم أعد حقيبته وسافر بالطائرة الى القاهرة يحمل فستان الزفاف لعروسه هدية من المخابرات الاسرائيلية. كان عجولاً جداً. . إذ لم ينتظر حتى تزف اليه حبيبته، بل شرع في الحال في كتابة رسالة عاجلة – بدون حبر سري – الى صديقه الوهيم يوستالي – يخبره فيها بوصوله سالماً وزواجه قريباً. وبعدها عمد الى زيارة أقاربه واصدقائه من عسكريين ومدنيين وسؤالهم عن أحوال الجيش والحرب. . وكان يسجل كل ما يصل اليه في مفكرة خاصة حتى جمع بعض المعلومات التي اعتبرها مهمة لإسرائيل. . وأغلق عليه حجرةه وسطر – للمرة الأولى – رسالة بالحبر السري . . حوت ما جمعه من معلومات وأرسل بها الى روما. وادعى أنه يحمل رسائل من أصدقاء في اليونان الى ذويهم في الاسكندرية ودمياط والمنصورة ومرسى مطروح. وقام بزيارة لهذه المدن لعله يصادف ما يثير انتباهه من تحركات عسكرية . . أو تنقلات للأسلحة بواسطة القطارات أو سيارات النقل العملاقة. كانت مصر في تلك الأثناء . . نوفمبر 1972 . . تعيش أوقاتاً عصيبة بسبب حالة اللاسلم واللاحرب التيت هيمنت على الطقس العام. وهناك حالة من القلق والتذمر تسود الشارع المصري يأساً من خطب الرئيس السادات التي لا تحمل أية نية للرد على الصلف الاسرائيلي المستفز، بل تفيض بالوعود الكاذبة بالحرب مما خلق شعوراً بالإحباط لدى الشعب. وكانت المخابرات الاسرائيلية ترسل بجواسيسها الخونة .. لاستقصاء حالة الشعب والجيش . . ففي تلك المرحلة الحرجة كان الغليان العربي على أشده. خاصة وأن عمليات المقاومة الفلسطينية اتخذت مساراً آخر في مواجهة إسرائيل . . بعدما تقاعست دول المواجهة عن الإقدام على ضربها.
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم من اهم مواضيعى مصر بلد الوحوش http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4 حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010 http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013 صور مضحكة من مصر !!!!! http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756 لا اله الا الله محمد رسول الله |
#59
|
||||
|
||||
رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية
انشراح موسى ـ الجاسوسة التي ضاجعت مسؤول الموساد في تل ابيب..حلقة 1 المرأة . . عندما تعشق جاسوساً.. فإن حبها له قد يحوله – أحياناً – من ثعبان قاتل الى قط أليف لا يستخدم مخالبه. . وربما منحه الثقة ليعمل بفاعلية أكثر . . تدعوها الى مشاركته والدخول معه الى وكر الجواسيس. فالحبيبة التي صارت حية رقطاء. . تضحي – تأكيداً لحبها – بكل ثمين في سبيل حبيبها. وفي عالم الجاسوسية . . من باعت الوطن في سبيل الحب . . ما عزّ عليها بيع أولادها. . أو قذفهم الى وكر الثعابين.. وهذا ما فعلته انشراح بسبب الحب . . !!! أزمة لم تطلْ في مدينة المنيا ولدت انشراح علي موسى عام 1937 لأسرة متوسطة الحال .. وبرغم التقاليد المتزمتة في ذلك الوقت دخلت الفتاة الصعيدية المدرسة وواصلت تعليمها حتى حصلت على الشهادة الاعدادية عام 1951. وبعد نجاحها بأيام قليلة أراد والدها مكافأتها فاصطحبها معه الى القاهرة لحضور حفل عرس أحد أقاربه. كانت انشراح ذات وجه مليح وعينان نجلاوان .. وجسد دبت به معالم الأنوثة وخرطته خرطاً. . فبدت أكبر كثيراً من سنها.. مما لفت الأنظار اليها واخترقتها سهام الباحثين عن الجمال. . فكانت تقابل تلك النظرات بحياء فطري غلف ملامحها مما أزادها جمالاً فوق جمال. وفي حفل العرس اصطدمت نظراتها البريئة بنظراته.. فتملكها الخجل وتوردت خدودها للسلع لذيذ أحست به يجتاح مشاعرها.. فيوقظها من رقدتها.. معلناً عن مولد مشاعر جديدة غزت عقلها وقلبها لأول مرة. كان فتاها الذي حرك فيها دماء الأنثى هو إبراهيم سعيد شاهين ابن العريش المولود عام 1929. . الذي ما غادر الحفل إلا وعرف عنها كل شيء. وبعد أيام قلائل فوجئت به يطرق باب بيتها في المنيا برفقته والده.. طارت انشراح من السعادة وحلقت بين السحب بخيالها تستطلع مستقبلها الهنيء. . فمنذ رأته في الحفل انغرس حبه بصدرها. . وباتت ليالي تحلم به وتترقب الليل لتسرح معه طويلاً. . وتطوف مع نظراته الحانية في عوالم الأمل. . والحبور. . وانزعجت الفتاة الصغيرة عندما اعترضت والدتها في أمر زواجها منه. . متحججة ببعد المسافة بين المنيا والعريش. . وبكت بحرقة وهي ترى أحلامها الوردية تكاد أن تحقق. . ثم سرعان ما تنهار في ذات الوقت .. دون أن تقدر على عمل شيء.. وأمام عيونها الصامتة .. سألها أبوها: أتوافقين عليه يا ابنتي.. ؟ فكان في صمتها إجابتها.. وأعلنت الخطبة.. وفي أول حديث مع خطيبها صارحته بأنها أعجبت به مذ رأته في حفل القاهرة. . وازداد إعجابها به حينما سعى وراءها حتى المنيا ليطلب يدها. وأكد لها الشاب الولهان أنه تمناها زوجة له منذ النظرة الأولى.. ويومها عاهد ربه ألا تضيع منه أبداً.. وفي حفل أكثر من رائع انتقلت انشراح الى بيت الزوجية في العريش. . تحفها السعادة بحبيبها الذي أيقظ فيها مشاعر دفينة لم تكن تدركها. . وأرسل الى قلبها سهام الحب فأسلمت اليه نفسها.. وتدفقت موجات متلاحقة من الحب مع كل نبضة من نبضات قلبها الصغير. كان إبراهيم شاهين يعمل كاتب حسابات بمكتب مديرية العمل بالعريش. . وهو أيضاً لم يحصل سوى على الإعدادية مثلها. . لذلك. . اتفق وانشراح على أن يواصل أولادهما تعليمهم حتى أعلى الشهادات العلمية. . وأصبح هذا الأمل هو هدفهما الذي يسعيان اليه ويعملان على تحقيقه مهما كانت الظروف. ومرت بهما الشهور حلوة هنيئة تحفل بالبشاشة والانسجام. . فلم يكن إبراهيم يرى في الدنيا زهرة أجمل من وجه حبيبته. . ولا يسمع صوتاً أرق من صوتها. . وكانا إذا ما أظلتهما سحابة حزن فسريعاً ما تنقشع. . حتى اشتهر حبهما بين الأهل والأقارب وبدا قوياً عتياً لا يقطعه الملل أو يضعفه الكلل. وفي أواخر عام 1955 زرقا بمولودهما الأول "نبيل". . ثم جاء المولود الثاني محمد عام 1956، ثم عادل في 1958، فعظم حبه لها لأنها ملأت عليه الدنيا بهجة. . وملأت بيته بضجيج الأبناء الثلاثة. . وهكذا سارت بهما الحياة ترفل في أهازيج الفرح وأغاريد الوئام. وفي عام 1963 – وكما اتفقا من قبل – أرسلا بأولادهما الى عمهم بالقاهرة ليواصلوا الدراسة هناك. . وليعيشوا حياة رغدة بعيداً عن مظاهرة البداوة وظروف الحياة الأقل حظاً من العاصمة.. وفي أكتوبر 1966 ضبط إبراهيم يتلقى الرشوة وحبس ثلاثة أشهر.. خرج بعدها ليكتشف مدى قسوة الظروف التي تمر به. . والمعاناة الشديدة في السعي نحو تحقيق آماله في الارتقاء والثراء. وذات يوم من أيام التاريخ المكفهرة – اجتاحت إسرائيل سيناء واحتلتها في يونيو 1967 . . وأغلقت فجأة أبواب السبل أمام السفر الى القاهرة. . فتأزمت انشراح نفسياً قلقاً على أولادها. . وكانت كلما نامت تراهم في المنام يستغيثون بها فتصرخ وتستيقظ. . ويحتضنها الزوج الملتاع في حنان ويهدئ من روعها. . وإن كان هو الآخر لا يقل عنها قلقاً واشتياقاً لهم. هكذا تظل انشراح تبكي معظم الليل والنهار حتى قارب عودها على الذبول.. وأوشك جمالها أن ينطفئ.. ووجد إبراهيم أن الحياة في العريش كما لو كانت في الأسر.. فالحزن يخيم على البيت الذي ما عرف إلا الضحك والفرح.. والمعيشة أضحت في أسوأ حال.. فمنذ الغزو وهو عاطل عن العمل لا يملك المال الذي يشتري به أبسط الأشياء.. كالشاي.. والشاي عند البدوي يعد من الضروريات الأساسية في حياته. . فاستعاض عنه إبراهيم بعشب بري يعرف باسم "المرمرية" له مذاق طيب.. وأصبحت المرمرية مشروباً مستقلاً في بيته بعدما كانت وريقاتها تضاف الى الشاي كالنعناع. وسط هذا المناخ كانت المخابرات الاسرائيلية تعمل بنشاط زائد.. وتسعى لتصيد العملاء بسبب الضغوط المعيشية الصعبة وظروف الاحتلال. . فالاحتلال الفجائي لسيناء وقع على سكانها كالصاعقة، فاختنقت نفوس الأهالي برغم اتساع مساحات الأرض والجبال. . ولكونهم ذوي تقاليد بدوية ومحبين للحركة والتجوال والتنقل، أحسوا بثقل الأمر ولم يطيقونه . . لكن الظروف التي وضعوا فيها اضطرتهم الى محاولة تحملها لثقتهم أنها أزمة لن تطول. لكن ما كان يحز في نفوسهم هو تضييق الخناق عليهم في المعيشة والتنقل.. فكانت التصاريح التي يمنحها الحاكم العسكري الإسرائيلي لا تتم بسهولة. . وأصبح السفر الى القاهرة يحتاج لمعجزة من السماء. فالتعنت في منح التصاريح بلغ منتهاه.. واشتدت عضات الغضب في الصدور.. الى جانب آلام الجوع التي تنهش الأبدان وتجتث الصبر والقوة. الأفعى النائمة..حلقة 2 ضاقت الحياة باتساعها على إبراهيم وانشراح في العريش.. وخلا البيت من الطعام والشراب والسرور. . وخيمت قتامة سوداوية على نفسيهما. . فازدادا يأساً وشوقاً الى الأبناء في العاصمة.. وأمام البكاء المستمر الذي تورمت له عينا انشراح. . اندفع ابراهيم الى مكتب الحاكم العسكري يطلب تصريحاً له ولزوجته بالسفر الى القاهرة. ولما ماطلوه كثيراً بوعود كاذبة .. صرخ في وجه الضابط الاسرائيلي قائلاً إنه فقد عمله ودخله ولا يملك قوت يومه. . فطمأنه الضابط "أبو نعيم" ووعده بالنظر في أمر التصريح في أسرع وقت. . وبعد حديث طويل بينهما حاول ابراهيم خلاله التقرب اليه لإنجاز التصريح. . أمر له أبو نعيم بجوال من الدقيق وبعض أكياس الشاي والسكر. . فحملها فرحاً الى زوجته وهو يزف اليها السفر الى القاهرة عما قريب. استبشرت انشراح خيراً وغمرتها السعادة بما جاءها به، وغاصت في أحلامها وتخيلاتها باللقاء الحميم مع فلذات أكبادها. لكن الأيام تمر وأبو نعيم يعد ولا ينفذ .. ويعود إبراهيم في كل مرة محبطاً. . لكنه كان يحمل معه دائماً أكياس المواد التموينية التي أصبحت هي المصدر الوحيد للإعاشة.. ولولاها لمات جوعاً هو وزوجته. وذات صباح فوجئ بمن يستدعيه لمكتب أبو نعيم.. فذهب اليه في الحال وقدم له الشكر على الإعانة الدورية التي يمنحها له.. فأخبره الضابط بأن الحاكم العسكري وافق على منحه تصريح السفر هو وزوجته.. تهلل وجه ابراهيم بشراً وقبل ظهر يده شكراً لله.. فباغته أبو نعيم وقال له بأن موافقة الحاكم العسكري جاءت بشرط أن يكون متعاوناً ويأتيه بأسعار الفاكهة والخضروات في مصر.. والحالة الاقتصادية للبلد بواسطة أخيه الذي يعمل بالاستيراد والتصدير. أجاب إبراهيم على الفور أن الشرط بسيط للغاية. . فبإمكانه القيام بهذه المسألة خير قيام. . وأضاف بأنه سيأتيهم بأسعار السلع الاستهلاكية والبقالة والسمك أيضاً.. ولو أنهم أرادوا أكثر من ذلك لفعل. عندئذ.. وضحت الرؤية للضابط الإسرائيلي.. فقد نجح ابراهيم شاهين في الاختبار الأول.. وكان عليه أن يتصرف معه حسبما هو متبع.. ويحيله الى الضابط المختص لإكمال المهمة.. فدوره ينحصر فقط في "الفرز" لا أكثر. وبينما ابراهيم وانشراح يحتفلان بالأمل الجديد الذي راودهما طويلاً.. توقفت سيارة جيب أمام المنزل، وطلب منه جندي أن يرافقه الى مكتب الأمن. . وهناك كان ينتظره ضابط يدعى "أبو يعقوب" بالغ في الاحتفاء به بدعوى أن أبا نعيم أوصاه به خيراً. فشكره ابراهيم وأثنى على أبو نعيم وامتد بينهما الحوار لوقت طويل. . استشف أبو يعقوب بحاسته أن ابراهيم يدرك ما يبتغيه منه.. فطلب منه أن يذهب معه الى بئر سبع .. حيث المكتب الرئيسي للأمن المختص بالتعامل مع أبناء سيناء. وفي بئر سبع استضافوه وأكرموه بكل السبل، ولوحوا له بإغراءات ما كان يحلم بمثلها يوماً. . نظير إغراقه بالنقود وتأمين حياته وذويه في العريش وافق إبراهيم على التعاون مع الإسرائيليين في جمع المعلومات عن مصر.. وتسلم – كدفعة أولى – ألف دولار في الوقت الذي لم يكن يملك فيه ثمن علبة سجائر. لم تكن تلك الإغراءات أو التهديدات المغلفة هي وحدها السبب الأول في سقوطه.. لكن تشريح شخصيته يعطينا مؤشراً عن استعداده الفطري للخيانة.. فلا يمكن لشخص سويّ أن يستسهل بيع نفسه ووطنه هكذا بسهولة.. لمجرد منفعة مادية مؤقتة.. فالمؤكد أن خلايا الخيانة كانت قابعة بين أنسجته منذ ولادته. . وكان يجاهد كثيراً حتى وجد لها منفذاً فأخرجها. ففي بئر سبع تغير المشهد.. إذ تحول ابراهيم شاهين من مواطن يسعى للحصول على تصريح بالسفر الى القاهرة .. الى جاسوس لإسرائيل وعيناً لها على وطنه. تناقض شاسع بين الحالين يدعونا للبحث في تقلبات النفس البشرية التي لا يعلم سرها إلا خالقها.. أخضع الجاسوس الجديد لدورة تدريبية مكثفة تعلم أثناءها الكتابة بالحبر السري وتظهير الرسائل.. ووسائل جمع المعلومات من الأهل والأصدقاء. . درب أيضاً على كيفية التمييز بين الطائرات والأسلحة المختلفة.. واجتاز العميل الدورة بنجاح أذهل مدربيه. . فأثنوا عليه ووعدوه بالثراء وبالمستقبل الرائع. . وبحمايته في القاهرة حتى وهو بين ذويه . . فعيونهم في كل مكان لا تكل. دربوه أيضاً على كيفية بث الإشاعات وإطلاق النكات السياسية التي تسخر من الجيش والقيادة .. الى جانب الاحتراز وامتلاك الحس الأمني العالي، ولقنوه شكل الاستجواب الذي سيتعرض له حال وصوله القاهرة من قبل أجهزة الأمن، وكيف ستكون إجاباته التي لا تثير الشكوك من حوله. وعندما رجع الى بيته محملاً بالهدايا لزوجته وأولاده. . دهشت انشراح وسألته عن مصدر النقود .. فهمس لها بأنه أرشد اليهود عن مخبأ فدائي مصري فكافأوه بألف دولار. . ووعدوه بمنحه التصريح خلال أيام. بهتت الزوجة البائسة لأول وهلة .. ثم سرعان ما عانقت زوجها سعيدة بما جلبه لها .. وقالت له في امتنان: كانوا سيمسكونه لا محالة . . إن عاجلاً أم آجلاً. . فسألها في خبث: ألا يعد ذلك خيانة .. ؟ فغرت فاها وارتفع حاجباها في استنكار ودهشة وأجابته: مستحيل . . كان غيرك سيبلغ عنه ويأخذ الألف دولار. . أنت ما فعلت إلا الصح. غمغم ابراهيم كأنه مستاء مما فعل وأضاف: لقد عاملوني بكرم شديد. . ووعدوني بالكثير بسبب إخلاصي.. وتعهدوا بحماية أهلي وأقاربي إذا ما تعاونت معهم في القاهرة . . صرخت انشراح في هلع: تعاونت معهم في القاهرة .. ؟ يانهار اسود يا ابراهيم .. كيف .. ؟ وهي يغلق فمها بيده: طلبوا مني موافاتهم بأسعار الخضر والفاكهة في مصر نظير 200 دولار لكل خطاب. أذهلها المبلغ فسرحت بخيالها وألجمها الصمت ثم قالت له فيما يشبه الهمس: أنا خائفة. جذبها الى صدره واحتضنها بقوة وأخذ يردد: أنا لا أملك عملاً الآن وليس لي مورد رزق. . وبالمعلومات التافهة التي طلبوها سآخذ الكثير وسنعيش في مأمن من الفقر. . ثم إنني لست عسكرياً حتى أخاف على نفسي. . ولأنني رجل مدني فمعلوماتي ستكون هزيلة ولن تفيدهم بشيء. وظل الثعبان ينفث السم الزعاف في أذني زوجته حتى هدأت.. وشمل المنزل سكون لا يقطعه الا صوت ارتطام الرغبة .. .. لامست بخدها خده . . ولفح وجهه شعرها الكث الناعم الرطب. . وأعلنت المفاجأة التي شلت تفكيره. . وتركيزه أيضاً. . قالت له إنها لكي لا تكون قلقة خائفة . . يجب أن يطلعها على رسائله أولاً بأول. . وأن تقوم بشطب أية معلومات لا داع لإرسالها لهم. ولما وافقها ابراهيم على الشرط النهائي لموافقتها. . نامت قريرة العين تتوسد ذراعه. . واستغرق هو في تفكير عميق .. بينما أنفاسها المنتظمة الرتيبة تشبه فحيح أفعى تتربص بفريستها. الأولاد أفضل تغطية...حلقة 3 في 19 نوفمبر 1967 وصل ابراهيم وانشراح الى القاهرة بواسطة الصليب الأحمر الدولي .. فمنح سكناً مجانياً مؤقتاً في حي المطرية .. ثم أعيد الى وظيفته من جديد بعدما نقلت محافظة سيناء مكاتبها من العريش الى القاهرة. وبعدما استقرت الأمور قليلاً. . انتقل ابراهيم الى حي الأميرية المزدحم .. ومن خلال المحيطين به في العمل والمسكن . .بدأ في جمع المعلومات وتصنيفها.. وكانت زوجته تساعده بتهيئة الجو الآمن لكتابة رسائله بالحبر السري.. وكثيراً ما كانت تعيد صياغة بعض الجمل بأسلوب أفضل .. وتكتب أيضاً حياتها الى الموساد على أنها شريكة في العمل. . واعتاد ابراهيم أن يختتم رسائله بعبارة: "تحيا اسرائيل العظمى . .موسى". ولأجل التغطية اتجه الى تجارة الملابس والأدوات الكهربائية .. وبواسطة المال والهدايا كان يتغيب كثيراً عن العمل غالبية أيام الأسبوع، ولشهور عديدة تواصلت الرسائل الى روما مزدحمة بالأخبار .. مما حدا برجال الموساد الى دعوته الى روما لاستثمار هذا الثنائي الرائع في مهام أكثر أهمية .. وفي أغسطس 1968 وتحت ستار التجارة لا أكثر . . أبحر الثعبان والحية الى لبنان. . ومنها طارا الى روما حيث التقيا بمندوب الموساد الذي سلمهما وثيقتي سفر إسرائيليتين باسم موسى عمر ودينا عمر .. وعلى طائرة شركة العال الاسرائيلية طارا الى مطار اللد. . كان استقبالهما في إسرائيل بالغ الحفاوة والترحيب . . إذ عوملا معاملة كبار الزوار. . وأنزلا بفيلا خيالية في تل أبيب مكثا بها ثمانية أيام .. حصلا خلالها على دورة تدريبية مكثفة في تحديد أنواع الطائرات والأسلحة .. والتصوير الفوتوجرافي.. وجمع المعلومات .. ومنح ابراهيم رتبة عقيد في الجيش الاسرائيلي باسم موسى . أما انشراح فقد منحت رتبة ملازم أول باسم دينا. وفي مقابلة مع أحد القيادات العليا في الموساد .. أكدت إنشراح على ضرورة زيادة المكافآت لاشتراكها في العمل يداً بيد مع ابراهيم. . ووصفت له صعوبة جمع المعلومات ما لم يشتركا معاً في جمعها وتصنيفها .. وأفاضت في سرد العديد من الحيل التي تقوم بها لانتزاع المعلومات من العسكريين الذين صادقهم زوجها ويجيئون لمنزلهم.. ومن ذلك أنها تعلن بمرارة مدى كراهيتها للإسرائيليين وتنتظر يوم الانتقام منهم .. ولأنهم يتحدثون مع امرأة جميلة سرعان ما تنفك عقدة ألسنتهم . . وتخرج الأسرار منهم بسهولة . . خاصة والخمر تدغدغ الأعصاب وتذهب بالعقل. ونظراً لأهمية المعلومات التي حصلوا عليها من خلال الجاسوس وزوجته. . فقد قرروا لهما مكافأة سخية وأغدقوا عليهما بآلاف الدولارات التي عادا بها الى القاهرة .. حيث استغلا وجودهما وسط حي شعبي فقير في عمل الصداقات مع ذوي المراكز الحساسة من سكان الحي. . وإرسال كل ما يصل اليهما من معلومات الى الموساد فوراً.. لقد برعا خلال حرب الاستنزاف – 1967 – 1970 – في التحليل والتصنيف، وتصوير المنشآت العسكرية أثناء رحلات للأسرة بالسيارة الجديدة فيات 124. يقول الابن الأصغر عادل في حديث نشرته جريدة معاريف الإسرائيلية عام 1997: "لن أنسى ذلك اليوم الملعون من صيف 1969 طيلة حياتي . . فقد استيقظت مبكراً على صوت همسات تنبعث من حجرة نوم والدي. . كان أبي وأمي مستغرقين في نقاش غريب. .وكانت أمي تمسك في يدها حقيبة جلدية بينما كان أبي يحاول إدخال كاميرا الى داخلها لم أر مثلها من قبل في ذلك الحين. كانت أمي غاية في العصبية وقالت له: لا ليس كذلك. . هكذا سيرون الكاميرا. فأخرج أبي الكاميرا وأدخلها مرات ومرات الى الحقيبة.. فجلست أنظر اليهما وهما يتناقشان . . ثم قال لي أبي: نحن ذاهبون الى رحلة الى الاسكندرية. وخلافاً لنا نحن الأولاد الذين سعدنا جداً بالقيام بهذه الرحلة . . كان الوالد والوالدة غاية في القلق. . ولم أرهما متوترين الى هذا الحد من قبل. أخذ أبي يتصبب عرقاً كلما ابتعدنا عن القاهرة، الى أن بلل قميصه تماماً كلما ابعتدنا أكثر فأكثر من القاهرة. وكان يتبادل الكلمات مع أمي بصعوبة، وصمتنا نحن أيضاً لشعورنا أن هذه الرحلة ليست ككل رحلة. وفي تلك الفترة كانت هناك قواعد عسكرية ومصانع حربية كثيرة متناثرة حول الطرق الرئيسية في مصر. لم تخف السلطات شيئاً. ربما كنوع من استعراض القوة. وعندما بدأنا في الاقتراب من إحدى القواعد العسكرية أخرجت أمي الكاميرا وأمرها أبي قائلاً: "صوري . ياللا صوري . . صوري". فقالت له وأصابعها ترتعش: "سنذهب الى الجحيم بسببك". وحركت أمي الجاكيت المعلق على النافذة وبدأت في التصوير، وامتلأت السيارة الصغيرة بصرخاتها الممزوجة بالخوف. فأجابها أبي بنفس اللهجة: "هذه نهايتنا". واستمرت أمي في احتجاجها قائلة: "سنذهب الى السجن". وفي النهاية نظر أبي اليها بعيون متوسلة: "عدة صور أخرى. . فقط عدة صور أخرى". وحاول "محمد" أن يسأل ما الذي يحدث لكن الرد الذي تلقاه كان "اسكت" فلم نسأل أية أسئلة أخرى بعد ذلك. عدنا للبيت سعداء في ذلك اليوم. وعلى الفور أغلق أبي حجرته على نفسه وبعد فترة طويلة خرج وعانق أمي وقال لها: "يا حبيبتي لقد قمت بالتقاط صور رائعة للغاية". وبكت أمي وقالت له: "الى هنا يجب أن نشرح الأمر للأولاد". وكنا ما زلنا في صدمة وغير مدركين لهذه الجلبة التي تحدث. وتحولت الرحلات الأسرية في أنحاء مصر الى روتين. . وكنا نخرج في نهاية كل أسبوع وكنا نسافر الى الأقصر، وأسوان، ليس هناك مكان لم نذهب اليه.. وأحياناً كان أبي يحصل على إجازة في وسط الأسبوع وكنا نسافر لعدة أيام. . وقد صورت قواعد ومنشآت عسكرية في مصر. . وكان أبي يسجل عدد الكيلو مترات في الطريق. . وبذلك يحدد موقع المصانع والقواعد العسكرية. . وكنا نحن الأولاد أفضل تغطية".
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم من اهم مواضيعى مصر بلد الوحوش http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4 حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010 http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013 صور مضحكة من مصر !!!!! http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756 لا اله الا الله محمد رسول الله |
#60
|
||||
|
||||
رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية
الولاء للاعداء... و الرواية الإسرائيلية حسب ما نشر في جريدة معاريف ضمان الولاء..حلقة 4 تعددت زيارات ابراهيم وانشراح الى روما. . بعضها كان باستدعاء من الموساد.. والبعض الآخر كانت لاستثمار عشرات الآلاف من الدولارات التي حصلوا عليها من جراء عملهما في التجسس. وفي إحدى هذه الزيارات.. قررا إشراك ولديهما لزيادة الدخل بتوسع حجم النشاط. . ولم يكن من الصعب عليهما تنفيذ ما اتفقا عليه.. يقول الابن عادل في حديثه المنشور بجريدة معاريف: "عاد أبي وأمي ذات مساء من روما يحملان لنا الملابس الأنيقة والهدايا. . وأحسست من خلال نظراتهما لبعضيهما أن هناك أمراً ما يجري الترتيب له وعرفت الحقيقة المرة عندما أجلسني أبي قبالته أنا وأخويّ وقال في حسم: مررنا كثيراً بظروف سيئة.. لم نكن نملك أثناءها ثمن رغيف الخبز.. أو حفنة من الملح.. والآن نعيش جميعاً في رغد من العيش. . ويسكن حوالينا أولاد في عمركم يحيون جوعى كالعبيد. . أما أنتم فتنعمون بكل شيء كالملوك. ولم تسألوني يوماً من أين جئت بكل هذا.. ؟ إن عملي في الحكومة .. وتجارتي أنا وأمكم وشقائي طوال تلك السنوات لم يكن هو سبب النعيم الذي نحن جميعاً الآن. . والحقيقة .. أن هناك أناساً يحبوننا للغاية.. وهم هؤلاء الذين يرسلون لنا الهدايا والمال. . وبفضلهم لدينا طعام طيب وملابس جميلة.. إنهم الاسرائيليون. . وهم الذين أنقذوا حياتنا من الجوع والضياع. . وأمنوا لنا مستقبلاً مضموناً يحسدنا عليه كل من نعرفهم. حدث ذلك في صيف 1971، وكنت وقتها في الثالثة عشر من عمري، وكان أخي نبيل يكبرني بعامين تقريباً وأخي محمد بعام واحد. وكطفل . . لم أعر الأمر أهمية خاصة . . لحقيقة أن أبي "يعمل" مع الاسرائيليين.. ومثل كل الأولاد. . كنت قد كبرت وتربيت على كراهية اليهود. . لكن في البيت تلقيت تربية أخرى . . فقد عرفت أن الاسرائيليين هم المسؤولون عن الطعام الذي آكله. . وعن الملابس الجديدة التي أرتديها. . وعن الهدايا التي أتلقاها. . لذلك .. سعدت لأنني كنت محظوظاً. وكلما كبرت .. بدأت أدرك معنى "عمل" أبي .. وبدأ الخوف ينخر أكثر وأكثر في عظامي. . فقد كانت كماشة من الموت تطبق علينا. . وكفتى بالغ أدركت أنهم لو ضبطونا سيتم شنقنا.. من ناحية أخرى كان الخوف من حياة الفقر يصيبني بالشلل. . فقد كنت ملكاً لديه كل شيء". هكذا انخرطت الأسرة كلها في التجسس. . وأصرت انشراح على الانتقال من الحي الشعبي الفقير الى آخر رقياً وثراء. . وعندما عارض زوجها قالت له: دعنا نستمتع بالحياة فربما ضبطونا. وفي النهاية انتقلوا الى فيلا فاخرة بمدينة نصر.. ونقل نبيل ومحمد وعادل مدارسهم الى الحي الراقي الجديد. احتفظ ابراهيم شاهين بعلاقاته القديمة وأقام أخرى جديدة. . وامتلأ البيت مرة أخرى بالأصدقاء من رجال الجيش والطيارين. . وتحول أولاده الى جواسيس صغار يتنافسون على جلب المعلومات من زملائهم أبناء الضباط في المدرسة والشارع. . ومناوبة الحراسة ريثما ينتهي أباهم من تحميض الأفلام. . فكان نبيل يتولى المراقبة من الخارج. . وعادل من داخل البيت . . وحصل نبيل على أدوار أكثر جدية.. فكان أبوه يسمح له بكتابة الرسائل بالحبر السري وتظهيرها. . وصياغة التقارير وتحميض الصور. وذات مساء بينما هم جميعاً أمام التليفزيون . . عرض فجأة فيلم تسجيلي عن أحد الجواسيس الذي انتهى الأمر بإعدامه شنقاً.. وطوال وقت عرض الفيلم انتابتهم حالة صمت تضج بالرعب والفزع. . واستمروا على تلك الحال لأسابيع طويلة.. امتنعوا خلالها عن كتابة التقارير أو الرسائل. . حتى تضخم لديهم الخوف وأصيبوا بالصداع المستمر.. ومرض ابراهيم فاضطرت انشراح للسفر وحدها الى روما تحمل العديد من الأفلام. . خبأتها داخل مشغولات خشبية. كانت الرحلة الى روما منفثاً ضرورياً للخروج من أزمتها النفسية السيئة.. وفي الوقت نفسه لتطلب من رجال الموساد السماح لهم بالتوقف عن العمل. . فلما التقت بأبو يعقوب ضابط الموساد الداهية. . قصت عليه معاناتهم جميعاً ومدى الخوف الذي يسيطر على أعصابهم.. فطمأنها الضابط ووعدها بعرض الأمر على الرئاسة في تل أبيب.. وصحبها الى ناد ليلي فرقصت وشربت لتنسى همومها.. وعادت معه آخر الليل ثملة لا تعي ما حولها.. وفي الصباح وجدت نفسها عارية بين أحضانه فبكت. . ومع أحضانه الدفيئة تكرر المشهد وهي بكامل وعيها.. فذاقت للجنس طعماً جديداً لا تعرفه.. ولم تتذوقه مع زوجها الذي انشغل عنها ولم يعد يهتم بها. . بعدها عادت الى القاهرة تحمل آلاف الدولارات. وكانت قبلما يفترقا في روما قد طلبت منه أن يرسل في طلبها بمفردها في المرات القادمة. هكذا. لقد نسيت انشراح رغبتها في اعتزال الجاسوسية. . واستمرأت مذاقات اللذة الجامحة مع ضابط الموساد الذي لم يبخل عليها بفحولته المغلفة بالحنان. . وبالرغم من أن ما حدث يخالف وظيفة ضابط المخابرات ومهامه. . إلا أنه ما لجأ الى ذلك سوى لرغبته في احتوائها. . وضمان ولائها لإسرائيل. وفي آخر سبتمبر 1973 كانت انشراح بمفردها في رحلة أخرى الى روما .. فاستقبلها أبو يعقوب المسؤول عن توجييها واستلام التقارير والأفلام منها. لذلك فقد كان عليه أن يسارع بمغادرة بئر السبع الى اللد ثم روما في كل مرة تطير فيها انشراح خارج القاهرة. وفي ذات الوقت كان الضابط الاسرائيلي مكلف بألا يتعدى أية حدود مع الجاسوسة المصرية طالما رغبت هي في ذلك. . لكن ولأن انشراح كانت من النوع الحار لم تجد غضاضة في أن تتغمس في بحور اللذة لا تريد الطفو على السطح أبداً. . حتى فاجأها أبو يعقوب بنبأ هجوم الجيش المصري والسوري على إسرائيل. . وأن احتمال القضاء على دولة اليهود أصبح وشيطاً. كان يقول لها ذلك وهو يبكي ويرتعد جسده انفعالاً.. فأخذت تواسيه وتبكي لأجله ولأجل إسرائيل. . الدولة الصغيرة التي يسعى العرب لتدميرها (!!). وفي أبريل 1974 اقترحت إنشراح على أسرتها السفر الى تركيا للسياحة.. وبينما هم في أنقرة اتصل بهم أبو يعقوب وطلب من ابراهيم أن يسافر الى أثينا لمقابلته. ومن هناك سافر الى إسرائيل. وفي مبنى المخابرات الاسرائيلية سألوه: كيف لم تتبين الاستعدادات للحرب في مصر؟ فأجابهم: لم يكن هناك إنسان قط يستطيع أن يتبين أية استعدادات. فبعض معارفي وأقاربي من ضباط القوات المسلحة تقدموا بطلبات لزيارة الكعبة للعمرة. وأضاف ابراهيم: في حالة ما إذا كنت قد علمت بنية الحرب فكيف أتصل بكم . .؟ فالخطابات تأخذ وقتاً طويلاً وهي وسيلة الاتصال الوحيدة المتاحة. وبعد اجتماع مطول قرر قادة الموساد تسليم ابراهيم أحدث جهاز إرسال لاسلكي في العالم يتعدى ثمنه المائة ألف دولار. فلقد كانت لديهم مخاوف تجاه الفريق سع الدين الشاذلي الذي يريد تصعيد الحرب. . والوصول الى أبعد مدى في سيناء مهما كانت النتائج. . عكس السادات الذي كان يريدها حرباً محدودة. دُرب ابراهيم لمدة ثلاثة أيام على كيفية استخدام الجهاز. . وعندما تخوف من حمله معه الى القاهرة.. عرضوا عليه أن يذهب الى الكيلو 108 طريق القاهرة السويس الصحراوي. وهناك سيجد فنطاس مياه كبيرة مثقوب وغير صالح للاستخدام. . وخلفه جدار أسمنتي مهدم عليه أن يحفر في منتصفه لمسافة نصف المتر ليجد الجهاز مدفوناً. وأخبره ضابط الموساد الكبير أن راتبه قد تضاعف، وأن له مكافأة مليون دولار إذا ما أرسل للإسرائيليين عن يقين بميعاد حرب قادمة. عاد ابراهيم الى أثينا ثم أنقره حيث تنتظره الأسرة. . فقضوا أوقاتاً جميلة يستمتعون بالمال الحرام وبثمن خيانتهم. نهاية كل خائن عندما رجعوا الى القاهرة استقلوا السيارة الى الكيلو 108 وغادرت انشراح السيارة وبيدها معول صغير. .وظلت تحفر الى أن أخرجت الجهاز. . فنادت على ابنها عادل الذي عاونها وحمله الى السيارة ملفوفاً في عدة أكياس بلاستيكية. . وعندما ذهبوا بالجهاز الى المنزل أراد ابراهيم تجربته بإرسال أولى برقياته فلم يتمكن من إكمال رسالته.. بعدما تبين له أن مفتاح التشغيل أصيب بعطل (ربما نتيجة الحفر بالمعول). حزن الجميع. . لكن انشراح عرضت السفر لإسرائيل لإحضار مفتاح جديد.. وسافرت بالفعل يوم 26 يوليو 1974 ففوجئ بها أبو يعقوب ودهش لجرأتها. .ومنحها مكافأة لها 2500 دولار مع زيادة الراتب للمرة الثالثة الى 1500 دولار شهرياً (كان مرتب الموظف الجامعي حينذاك حوالي 17 جنيهاً). وأثناء وجود انشراح في اسرائيل تائهة بين أحضان ضابط الموساد، كانت هناك مفاجأة خطيرة تنتظرها في القاهرة فعندما كان ابراهيم يحاول إرسال أولى برقياته الى إسرائيل بواسطة الجهاز – استطاعت المخابرات المصرية التقاط ذبذبات الجهاز بواسطة اختراع سوفييتي متطور جداً اسمه (صائد الموجات) وقامت القوات بتمشيط المنطقة بالكامل بحثاً عن هذا الجاسوس. ومع محاولة تجربة الجهاز للمرة الثانية أمكن الوصول لإبراهيم بسهولة. وفي فجر 5 أغسطس 1974 كانت قوة من جهاز المخابرات المصرية تقف أمام مكان عمله و توجهوا إلى مكتبه مباشرة وفي الحال دون أن توجه اليه كلمة واحدة قال في هلع: أنا غلطان . . أنا ندمان .. الجوع كان السبب . . النكسة كانت السبب. . اليهود جوعوني واشتروني بالدقيق والشاي. ولما فتشوا البيت عثروا على جهاز اللاسلكي ونوتة الشفرة. . والتزم ابراهيم الصمت. . وكان بدنه كله يرتجف. . سحبوه في هدوء للتحقيق معه في مبنى المخابرات العامة، بينما بقيت قوة من رجال المخابرات في المنزل مع أولاده الثلاثة تنتظر وصول انشراح، تأكل وتشرب وتنام دون أن يحس بهم أحد. وعلى طائرة أليطاليا رحلة 791 في 24 أغسطس 1974، وصلت انشراح الى مطار القاهرة الدولي قادمة من روما بعد شهر كامل بعيداً عن مصر، تدفع أمامها عربة تزدحم بحقائب الملابس والهدايا، ونظرت حولها تبحث عن زوجها فلم تجده، فاستقلت تاكسياً الى المنزل وهي في قمة الغيظ. . وعندما همت بفتح الباب اقشعر جسدها فجأة، فدفعت بالباب لا تكترث. .و همت بسؤال أولادها عن أبيهم.. لكنها وقفت بلا حراك. . وبالت على نفسها عندما تقدم أحدهم. . وأمسك بحقيبة يدها وأخرج منها مفتاحين للجهاز اللاسلكي بدلاً من مفتاح واحد. وكانت بالحقيبة عدة آلاف من الدولارات دسها الضابط كما كانت .. وتناول القيد الحديدي من زميله وانخرست الكلمات على لسانها فكانت تتمتم وتهذي بكلمات غير مفهومة . . وقادوها مع ولديها الى مبنى المخابرات وهناك جرى التحقيق مع الأسرة كلها. ولما كانت المخابرات الاسرائيلية لا تعلم بأمر القبض على أسرة الجواسيس. . وتنتظر في ذات الوقت الرسالة التي سيبعث بها ابراهيم ليطمئنوا على كفاءة عمل الجهاز . . فوجئت الموساد بالرسالة.. لم تكن بالطبع من ابراهيم بل أرسلتها المخابرات المصرية. "لا داعي لإرسال رسائلكم مساء كل أحد. . لقد سقط جاسوسكم وزوجته وأولاده، وقد وصلتنا آخر رسائلكم بالجهاز في الساعة السابعة و الدقيقة الخامسة و العشرين مساء الأربعاء الماضي..نشكركم علي تعاونكم..". وفي 25 نوفمبر 1974 صدر الحكم بإعدام انشراح وزوجها شنقاً، والسجن 5 سنوات للابن نبيل وتحويل محمد وعادل لمحكمة الأحداث. وفي 16 يناير 1977 سيق ابراهيم الى سجن الاستئناف بالقاهرة لتنفيذ الحكم، كان لا يقو على المشي. . والى حجرة الاعدام كان يجره اثنان من الجنود وساقاه تزحفان خلفه بينما هو يضحك في هستيريا ثم يبكي. . وبعدما تيقن من أنه سوف يُعدم أخذ يردد آيات من القرآن الكريم بكلمات غير مفهومة ثم صاح في انهيار: سامحني يا رب. . وتلا عليه مأمور السجن منطوق الحكم .. ثم ردد الشهادتين وراء واعظ السجن . . عندئذ عرضوا عليه آخر طلب له قبل إعدامه فطلب سيجارة.. وبعد أن انتهى من تدخينها جروه جراً الى داخل غرفة الإعدام . . فقام عشماوي بتقييد يديه خلف ظهره. . ثم ألبسه الكيس الأسود ووضع الحبل في رقبته . . وشد ذراعاً فانفتحت طاقة جهنم تحت قدميه. . وظل الجسد معلقاً في الهواء يتأرجح الى أن همد وسكن. . واستمر النبض ثلاث دقائق وعشر ثوان بعد التنفيذ . . حتى أعلن طبيب السجن وفاة الجاسوس الذي ظل يتعامل مع الموساد طوال سبع سنوات. أما انشراح فقد ترددت الأنباء في حينها عن شنقها هي الأخرى .. ولكن في 26 نوفمبر 1989 نشرت صحيفة "حداشوت" الاسرائيلية قصة تجسس ابراهيم على صفحاتها الأولى . . وذكرت الصحيفة أن ضغوطاً مورست على الرئيس السادات لتأجيل إعدام انشراح بأمر شخصي منه. . ثم أصدر بعد ذلك عفواً رئاسياً عنها .. وتمكنت انشراح (في صفقة لم تعلن عن تفاصيلها) من دخول اسرائيل مع أولادها الثلاثة. . حيث حصلوا جميعاً على الجنسية الاسرائلية واعتنقوا الديانة اليهودية.. وبدلوا اسم شاهين الى (بن ديفيد) واسم انشراح الى (دينا بن ديفيد) وعادل الى (رافي) ونبيل الى (يوسي) ومحمد الى (حاييم) . . !!! وقامت الصحيفة بعمل حوارات مع العائلة بل إنها خالفت أمرا عسكريا بعدم نشر صورهم... رافي بن ديفيد حلقة 5 وعن اللحظات الأخيرة التي وضعت نهاية أسرة الجواسيس. . يقول أصغر الأبناء – عادل – في حديثه لصحيفة معاريف الاسرائيلية .. بعد حرب 73 قرر والدي نهائياً أن تكون هذه هي السنة الأخيرة لهم في أعمال التجسس. وكانت الخطة تقضي ببيع البيت والممتلكات والسفر للولايات المتحدة .. وأنا كفتى في الخامسة عشرة من عمره آنذاك فكرت قطعاً في المستقبل .. ووعدني والدي بإرسالي للدراسة في أفضل كلية هناك. وبعد ان اتخذوا قراراً بأن تكون هذه هي السنة الأخيرة لنا في مصر شعرنا أننا أكثر راحة وأزيح حجر ثقيل من على صدورنا. لكن كان هناك حادثان في تلك السنة هزا ثقتنا. فقد أراد والدي تجنيد شقيقه أيضاً. وأتذكر النقاشات التي دارت بين أمي وأبي حول ذلك. . فقد خافت أمي من أن يسلمنا شقيق والدي .. وحتى اليوم لست أعرف هل عرف بذلك الأمر أم لا؟ والحادث الآخر كان بعد الحرب عندما قمنا بزيارة الأخوال .. وتشاجرت شقيقة أمي "فتحية" مع ابنتها نجوى. . وكانت هناك صرخات عالية في البيت وحاول أبي التدخل. . فأغلقت نجوى باب دورة المياة عليها وصرخت في أبي: "لماذا تتدخل؟ فالجميع يعرف أنك تعمل مع الاسرائيليين". فدخل أبي وراءها وصفعها، وحتى اليوم لا أعرف من أين عرفت . . وشعرنا أن الأمور خرجت عن السيطرة. وفي إحدى المرات التي سافرت فيها أمي الى روماكي تحصل على قطع غيار لجهاز البث الذي عطب .. عاد أبي من العمل شاحباً، وجلس على أحد المقاعد ونظر لي وهمس: "أعتقد أنهم قد تمكنوا مني". وصمتنا ، وأضاف: "لقد سألوا عني في العمل". فبعد سبع سنوات من التجسس كان لأبي حواس حادة، وعندما قال لنا أنهم قد تمكنوا منه كان قد عرف ذلك عن يقين. كان لدينا في البيت حوالي 6 شرائط أفلام، وبدأ أبي في تمزيقها وحرقها وحرق الخطابات. . وأدركنا أن الحكاية قد انتهت. . وحتى اليوم لست أدري لماذا لم يأخذنا أبي ويهرب ولماذا لم نطلب منه الهرب؟! وأنا أسترجع تلك الأيام في مخي حتى اليوم لا أفهم لماذا ظللنا في البيت؟ وفي صباح أحد الأيام استيقظنا على صوت طرقات قوية على الباب، وفي المدخل وقف ثلاثة من الرجال وسألوا أين أبي؟ فقلت لهم إنه في العمل، فدخلوا وطلبوا انتظاره. جلس اثنان منهم في الصالون والآخر أخذ مقعداً وجلس بجانب الباب. . وقلت له: "سيدي من فضلك أدخل الى الصالون". فأجابني قائلاً: "أشعر بالراحة هنا". فتبادلت أنا وأخي نظرات فزعة، وحاول نبيل الدخول الى حجرة أبي كي يدمر الوثائق التي كانت هناك . . لكن الأدراج كانت مقفلة وكانت المفاتيح مع أبي، فتبادلنا نظرات يائسة ولم نعرف ما يمكن أن نفعله. مرت ساعة بدت كأنها الدهر ثم سمعنا أصوات سيارات. واقترب من البيت موكب يتكون من عشر سيارات وكانت سيارة أبي تسير ببطء في المنتصف، وتوقفوا أمام المنزل، واقتحم البيت عشرات الجنود ورجال المخابرات وأدخلوا أبي معهم. . وبدأو في قلب البيت. . ولا يمكن وصف صرخات الفرحة التي خرجت من الجنود عندما وجدوا جهاز الارسال وهنأوا بعضهم قائلين "مبروك" وأحنى أبي رأسه وهمس لنا: "آسف يا أولادي". ويكمل عادل الذي غير اسمه الى (رافي بن ديفيد) حسب الرواية الاسرائيلية: بعد القبض على والدي تركتنا السلطات المصرية وكنا في حالة يرثى لها. . وأردت البكاء والصراخ ولم أستطع. . فقد انتهى العالم بالنسبة لي. . وبعد ساعات تحدث أخي محمد للمرة الأولى "ماذا عن أمي؟" يجب أن نحكي لها ما حدث. وفي الرابع والعشرين من أغسطس عام 1974، في ساعات الصباح المبكر، وصلت أمي الى البيت، وفي جيب سري بالحقيبة كانت تخفي قطع غيار الجهاز. . وكانت قد اندهشت من عدم انتظار أبي لها في المطار، وسألت عند دخولها: "أين أبوكم؟" وكان العناق بيننا بارداً فقلت لقد سافر أبي الى الريف، فهكذا طلب منا رجال المخابرات المصرية إخبارها. وفهمت أمي على الفور فلا يمكن الكذب على من يحيا في ظل الموت، فاقتحمت حجرة النوم للبحث عن الجهاز هناك ولم يكن الجهاز موجوداً، فجرت نحو الحمام كي تتخلص من المواد التي تحملها. لكن كان قد فات أوان ذلك، فقد اقتحم البيت اثنان من رجال المخابرات ، قال لها أحدهما: "حمداً لله على سلامتك يا دنيا" فتظاهرت أمي بالبراءة وقالت: "من هي دنيا؟ أنا انشراح". . . قالت ذلك بثقة فابتسم رجل المخابرات في رضا: "لقد اعترف زوجك بكل شيء". ذهبنا الى مبنى المخابرات وأمام المبنى الذي كنت أعرفه جيداً "فقد التقطنا له بعض الصور" استقبلني رئيس النيابة العسكرية محمد السبكي وقال لي: "سترى أبويك قريباً". وفي التحقيق الأول معي أنكرت وقلت إنني لا أعرف شيئاً فأخذني المحقق الى الفناء. وهناك قابلت أمي التي همست في أذني قائلة لن نموت هنا... لا تخف لدينا من يحمينا.. هم لن يتركونا ... و مرت شهور بعدها سمعت بإعدام أبي...و جننت...فالدور قادم على أمي لا محالة..بعد صدور الحكم النهائي بإعدامها, و لكن تأجل الحكم أربع مرات, حتى تم الإفراج عنا جميعا و توجهنا الى إسرائيل مباشرة, في طائرة خاصة من مطار ألماظة, ونجونا جميعا دون أبي...
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم من اهم مواضيعى مصر بلد الوحوش http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4 حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010 http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013 صور مضحكة من مصر !!!!! http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756 لا اله الا الله محمد رسول الله |
|
|