بيريجيب:
(لفظة بيريجيب هي مصطلح روسي ومعناه (محاولة تقويم العصا المثنية مما يؤدي إلى ثنيها في الاتجاه المعاكس) وهي تشابه كثيرا المثل المصري الشعبي الشهير (جه يكحلها عماها)، وهو مصطلح استعملته الصحافة الروسية بعد فشل سياستيّ البروسترويكا والجلاسونيست، وهي لفظة تنطبق كثيرا على ما يحدث حاليا في مصر... ألا ترى هذا معي فيما يلي؟)
منذ بداية ثورة 25 يناير حتى اليوم السابق للتنحي مباشرة ظل الأخ توفيق عكاشة (صاحب قناة الفراعين) يدافع عن مبارك وعن رموز النظام بالكامل، بل وخصص حلقة كاملة للدفاع عن أحمد عز وجمال مبارك، ثم بعد التنحي لم يكف عن التنديد والشماتة بما فعله النظام السابق من سرقة أموال البلاد ونفاق الرأي العام.. لو تجسد النفاق في شكل رجل لصار هو توفيق عكاشة بلا زيادة أو نقصان.
مصطفى بكري ... يتشابه موقفه كثيرا مع توفيق عكاشة حتى أنك ليدهشك كيف يمكن للمرء أن يكون منافقا لهذه الدرجة... هذا الرجل ظل يدافع عن مبارك حتى لحظة التنحي، وفي الأيام التالية جعل لحياته هدفا واحدا وهو تقديم بلاغات للنائب العام عن تضخم ثروات الفاسدين الذين كان يدافع عنهم حتى سقطوا.
تعلمنا من دراسة علم النفس أن هناك خلل نفسي معيّن تجعل الإنسان يبالغ في الفخر بامتلاكه بما لم يمتلكه أصلا، فتجد المرأة التي لا تكف عن الحديث عن سعادتها وحب زوجها لها تعاني من هجره، وتجد الرجل الذي بالغ في وصف قدراته الجنسية عاجز جنسيا أصلا، لهذا أشعر بالارتياب كثيرا عندما يتحدث كل الأحزاب المصرية الجديدة التي تمخضت عنها الثورة عن العدل والمساواة الاجتماعية والديمقراطية.
يتحدث الشيخ العبقري مرشح الرئاسة (حازم صلاح) في هذه الحلقة عن أن شركة بيبسي Pepsi هي شركة تم إنشائها أساسا لدعم إسرائيل معللا تفسيره العبقري هذا بأن كلمة بيبسي Pepsi هي أصلا عبارة عن الحروف الأولى من عبارة (Pay Every Penny Saving Israel) ومعناها (ادفع كل بنس إنقاذا لإسرائيل) أي أن الشركة العملاقة (وبالمناسبة هي شركة كومبرادور أي شركة عابرة للقارات) قد جعلت هدفها الأول هو إنقاذ إسرائيل، ويتجاهل العبقري أن شركة بسبسي تأسست أصلا عام 1890 وسميت بهذا الاسم لأن المشروب ببساطة يحتوي على إنزيم الببسين الذي يساعد على الهضم، وفي عام 1890 لم يكن هناك ما يسمى بإسرائيل أصلا. فالأحسن (بلاش تفتي يا عم الشيخ الله يصلح حالك).
عند بداية البحث عن ثروات مبارك المتضخمة، ساد رأي يقول بأن الكلمة الأخيرة تكون للأستاذ محمد حسنين هيكل، وعند سؤاله عن ثروة مبارك وكيف علم بها قال: (علمت بها من وكالات الأنباء العالمية) ولم يعجب رأيه الكثيرون الذين تحدثوا كثيرا عن تقدم هيكل في السن وكذبه وتخاريفه، وكأنه كان على هيكل أن يفتش في حسابات البنوك أو كأنه كان عليه تعليق المشنقة لمبارك ليفصح له عن ثرواته... إذا أردت رأيي فلتقبل به بغض النظر عن صحته أو خطأه فأنت من طلبت رأيي ولست أنا مطلبا بأن يكون رأيي على هواك.
لأسباب خارجة عن إرادتي اضطررت منذ أسبوع لركوب ميكروباص من موقف كلية الزراعة، وكان السائق يعاني من حالة مرعبة من تضخم الشعور بالذات و "الفتونة" ويعلق المحمول في جراب على حزامه كأنه أحد قوات المارينز ولا يكف عن سب الدين وشتيمة كل سائق ملاكي في الطريق بطريقة خالية من أي تهذيب على الإطلاق، وفجأة راح يهدأ من سرعة السيارة حتى صارت بطيئة جدا لأنه رأي فتاة ترتدي زيا عاريا قليلا ليقول لها عبارة تتلخص في أنه يغازلها، من وجهة نظره طبعا، ثم راح يسب الدين لهؤلاء الذين لا يراعوا صيام المسلمين.... الغريب أنه اختتم كلامه البذيء بعبارة (اللهم إني صائم).
تلك الفتاة التي تخرج من بيتها صباحا وتضع ماكياجا كاملا وترتدي (جيبة قصيرة) وبلوزة ضيقة ثم تتضايق من معاكسات الشباب، أو الزحام في المترو... هذا نموذج كامل عن فصام الشخصية الذي نعانيه... رأيت موقفا كهذا ذات مرة في المترو وصرخت الفتاة في وجه الشاب (أنا مدرسة محترمة)... لماذا تغضبين إذن يا صغيرتي... أنتِ قدمتِ نفسك كأنثى وليس كمدرسة فتحملي تبعات ذلك بصبر... سبحان الله... يتمتع هذا النوع من الفتيات ببراءة غير مسبوقة يا أخي.
بعد مباراة الجزائر إياها كانت غضبة الشعبيّن، المصري والجزائري، مخيفة... تحولت الجزائر إلى العدو الوحيد لمصر، وتحولت مصر إلى العدو الوحيد في الجزائر... كم نحن بارعون في إضاعة الفرص وعداوة الصديق سواء كانت الجزائر أو إيران... ليرحم الله زمنا كان فيه العدو واحدا هو إسرائيل ثم أمريكا ... ليت الإخوة ذوي الدم الحامي والحس الوطني المتضخم والذين لا يقبلون الإهانات يدخرون تعصبهم الغبي إلى من أهان دينهم ومقدساتهم واغتصب نسائهم وقتل أطفالهم فعلا.
في عيد القيامة الماضي، وفي ظل احتفالات الإخوة الأقباط بعيدهم، نشرت جريدة المصري اليوم مقالا للدكتورة مش عارف إيه الأستاذ في الأديان المقارنة عن فكرة الصلب وعن كفر المسيحيين... أنا كمسلم لا أقبل طبعا فكرة الصلب، ولكن ما هي جدوى نشر هذا المقال في هذا التوقيت بالذات؟ هل لو أفحمني مسيحي مثلا برأي معين ولم أتمكن من الرد عليه سأعتنق الدين المسيحي؟ لا طبعا، ونفس الشيء ينطبق عليه فلن يؤمن بالإسلام يا دكتورة فلا داعي لإذكاء نار الفتنة أرجوكِ، وتذكري دائما نظرية نيوتن القائلة بأن (كل فعل له رد فعل، مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه) فمن أنتِ يا دكتور لكي تتحدي قوانين الطبيعة؟ أحيانا يكون الصمت نعمة.
أخيرا أود القول بأن يوم العاشر من رمضان مر علينا دون أن يتذكر أحد انتصارات أكتوبر العظيمة، ولعل من الأفضل دائما أن نذكر انتصاراتنا.... ربما كان ذلك راجعا إلى جو الترقب العام لما ستسفر عنه نتائج محاكمات مبارك والعادلي، ولكن ذلك ليس مبررا لننسى أهم حرب في تاريخ مصر الحديث.