يا ثوار مصر‏..‏ اعيدوا قراءة مانديلا ( من فضلك أقرأ بعناية وتركيز )

محمد السعدني

أزمة مصر الآن ليست في أحمد شفيق أو محمد مرسي‏..‏ ولكنها باختصار شديد وبدون طبطبة أو لف ودوران في شباب الثورة الذين يبدو أنهم لم يصل اليهم بعد المعني الحقيقي للثورة‏ والا كانوا قد بادروا فور خلع مبارك الي تنظيم أنفسهم في حزب حقيقي يجمع شملهم وينظر الي المستقبل بكل الأمل بدلا من تشتيت الجهد في الغضب لمجرد الغضب تحت شعار الثورة مستمرة.

لقد انتفض شباب مصر ضد نظام مبارك الفاسد وصمموا علي ألا يتركوا الميدان الا بعد أن يغادر هو منصبه.. ولأن الرجل كان فاسدا بالفعل وغاصبا للسلطة فقد انهار في ظرف 18 يوما فقط.. وعندها غادر الثوار أصحاب النية الحسنة الميدان وبقي من يطمع في ملء الفراغ علي مزاجه الخاص وطبقا لأجندات داخلية وخارجية.. كل في فلك يسبحون وكان من المستحيل أن يجتمعوا علي كلمة سواء وأن يؤسسوا حزبا او اثنين علي الأكثر يمثلانهم أمام جموع الشعب..
لم يقرأ ثوار مصر من الشباب الرسالة التي وجهها اليهم الزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا بعد شهور قليلة من اندلاع الثورة, وان كانوا قد قرأوها, فهم بالتأكيد لم يقدروا الرجل حق قدره وهو الزعيم الذي قاد نضال شعبه ضد أسوأ انواع الحكم العنصري في العصر الحديث وهو الذي قضي 27 عاما من زهرة عمره وشبابه في ظلمات سجون الظلم والطغيان, ولا أظن أن أحدا من شباب الثورة الذين انتفضوا في ميدان التحرير قد أمضي يوما واحدا في سجون مبارك, وحتي لا أكون مجحفا بحق الثوار فليس شرطا أن يكون المرء قد عاني ويلات السجون حتي يكون قادرا علي التعبير عن ضمير الأمة في رفض السياسات الفاسدة التي كانت منهاجا منظما لفترة حكم مبارك.
ماذا قال الزعيم مانديلا في رسالته الي المصريين التي ضاعت هباء منثورا ؟.. لقد بارك لهم ثورتهم وقدم لهم خبرته السياسية مناشدا أبناء مصر أن لا ينجرفوا وراء شهوة التشفي والمطاردة لكل ما يتصل بالنظام القديم, مؤكدا أهمية العمل علي بناء النظام الجديد والانتقال بالدولة وبنيتها إلي الديمقراطية الحقيقية, قائلا إن' إقامة العدل أصعب كثيرا من هدم الظلم'.. متسائلا: كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلا ؟ موضحا كيف أن هذا السؤال هو ما كان يدور في عقله لحظة الإفراج عنه من سجون النظام العنصري البغيض.. ويذكرنا مانديلا من دون أن يدري عندما أصبح رئيسا لجنوب افريقيا بما فعله رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام لحظة أن تمكن من فتح مكة عندما أطلق مقولته الشهيرة مخاطبا الكفار الذين طالما ناصبوه العداء والكراهية' اذهبوا.. فأنتم الطلقاء'.. وكيف تمني علي الله تعالي أن يعز الاسلام بخالد بن الوليد بطل موقعة' احد' التي ذاق فيها المسلمون مرارة وهوان الهزيمة.. تلك الموقعة التي لم تمنع الرسول الكريم من أن يطلق علي' خالد' كنية' سيف الله المسلول' والتي شاع معها قوله وهو الذي لم يكن ينطق عن الهوي' خيركم في الجاهلية خيركم في الاسلام'.. ومع خالد كان الكثير من كفار قريش الذين آمنوا واتقوا وكانوا خير أجناد الدولة الاسلامية التي أسسها الرسول الكريم.
وأعود الي رسالة مانديلا التي لم يفهمها الثوار حيث يقول' إن معظم الوقت مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظام البائد, وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفي والإقصاء, ويكمل مانديلا' يبدو لي أن الاتجاه العام عندكم يميل إلي استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالنظام السابق, وذاك أمر خاطئ في نظري'.. ثم يشرح مانديلا وجهة نظره من واقع خبرته النضالية بقوله:' إن الشعب المصري عليه أن يتذكر أن أتباع النظام السابق في النهاية هم مواطنون ينتمون لهذا البلد, وأن احتواءهم ومسامحتهم هي أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة, أعلم أن مما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه التي كانت تنافق للنظام السابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة, لكن الأسلم أن لا تواجهوهم بالتبكيت إذا مجدوا الثورة, بل شجعوهم علي ذلك حتي تحيدوهم, وثقوا أن المجتمع في النهاية لن ينتخب إلا من ساهم في ميلاد حريته'.
ويختتم المناضل رسالته بقوله' إن النظر إلي المستقبل والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير.. أذكر جيدا أنني عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهني هو أن قطاعا واسعا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق, لكنني وقفت دون ذلك, وبرهنت الأيام أن هذا الخيار كان هو الأمثل, ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلي الحرب الأهلية أو إلي الديكتاتورية من جديد'.
ياسبحان الله.. وكأن نيلسون مانديلا يعيش بيننا ويقرأ مأساتنا بكل تفاصيلها..
النظام القديم لا يمكن ان يعود من جديد بأي شكل وفي أي ثوب والحديث هنا ليس عن أحمد شفيق, ولكن عن نظام حسني مبارك التسلطي المعاند الذي أضاع علي مصر فرصا تاريخية حقيقية لكي تكون في مقدمة الصفوف طبقا لوزنها وتاريخها وقوتها الذاتية.. النظام المصري الجديد شاء من شاء وأبي من أبي هو افراز ثورة يناير المجيدة بكل قيمها ومبادئها في العيش- والعيش هنا ليس كما يفهم البعض ويختزله في الخبز ولكنه الحياة بكل معانيها الانسانية الراقية, والكرامة والحرية والحق في الدولة المدنية التي تساوي بين جميع الأبناء وتضمن التداول السلمي للسلطة من خلال الصندوق الانتخابي الذي لم نكن نعرف له أي معني لولا ثورة يناير ولولا اصرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة- رغم كل المهانات التي تعرض لها علي استكمال جميع مراحل العملية الديمقراطية للوصول بالوطن الي بر الأمان وتسليم السلطة الي الرئيس المنتخب, وليتحمل الشعب نتيجة اختياراته لمدة أربع سنوات مقبلة يتعلم خلالها الصح والخطأ في عملية الاختيار الحر المباشر.
ما نراه الآن من بوادر للتمرد علي اختيارات الشعب بدعوي' الثورة المستمرة' والتهديد, بل وعمل بروفات لمليونيات جديدة عقب انتخاب الرئيس سواء كان محمد مرسي أو أحمد شفيق, من شأنه أن يكون بداية النهاية للثورة المصرية وليس كما يظن البعض أن الثورة ستكون مستمرة, اذ لا يمكن لدولة محورية في المنطقة ودولة بكل هذه الأهمية الاستراتيجية أن تظل هكذا في حال من الفوضي المستمرة تتزايد خلالها معدلات الفقر والتراجع الاقتصادي وتقفز معدلات الجريمة ويكفر الناس بكل شئ وتصبح الحياة لاقيمة لها وتتساوي مع الموت.
علينا جميعا القبول والخضوع لنتائج الصندوق والتعايش مع هذه النتائج لمدة السنوات الأربع المقبلة.. وخلالها نصلح ما تبقي من فساد بالطرق الديمقراطية ومن خلال مجالس تشريعية ورقابية حقيقية وارادة شعبية جارفة بضرورة أن يكون لنا جميعا المكان اللائق بين الأمم.


منقول

خسارة
مقالة مهمة
المشاهدة 24
التعليق بدون
دا يثبت ان هناك ناس بتدخل المنتدى ودماغها ف حاجة واحدة بس
قلة الادب وكيفية اثارة ونرفزة المخالفين ليهم في الرأي
لكن حد يقرأ ويتعب نفسة ويفكر
للاسف لا يوجد الا قليل (الا من رحم ربي )

[kimo10]

السلام عليكم
رسالة هامة ومفيدة ولكن هل يا ترى يوجد فى زماننا هذا من يستحق التشبيه بسيف الله المسلول خالد ابن الوليد الذى نزل فى ابيه الوليد ابن المغيره قران يتلى الى يوم قيام الساعة ويعلم ابنائه انه داخل النار لا محالة
فان لست من الاخوان ولن انضم الى جماعتهم يوم ما ولن انضم وافتخر بكونى مسلم اعبد الله واحب رسوله الكريم لان الله عز وجل امرنا بهذا ولتعلم اخى الحبيب ان الله عز وجل اختار افضل القلوب وجعلهم صحابة النبى صل الله عليه وسلم فهل تجد فى زماننا هذا من يشبه سيدنا عثمان الذى استحت منه الملائكة او من سباق فى الخيرات كصديق الامة الذى لو وضع ايمانه فى كفة ووضعت الامة كلها فى كفة لربح ابو بكر الصديق اعتقد لا يوجد مجال للتشبيه
فخالد ابن الوليد عندما عزله الفارق عمر رضى الله عنه من امارة الجيش كان انشط الجنود لله درك ياخالد يا ابن الوليد

[azzat 55]

شكراً يا أ/ وليد على الموضوع

[azzat 55]

فعلاً يا ا/ وليد لابد من المصالحة الوطنية والبعد عن تصفية الحسابات والتشفى والأنتقام لأن هذا سيدخلنا فى دوامة لا تنتهى نحن فى غنى عنها