[مروتي 31]

كنت دائما أرافق حبات الغبار المتطايرة في الجو و التي تظهر للعيان بمجرد دخول شعاع الشمس من فتحات الشباك فأتخيلها تتراقص و أحيك لها القصص و الحكايا و كأنها شخصيات أسطورية .

كنت دائما أراقب فنجان قهوتي و الدخان يتصاعد منه و أحس بدفئه بين يدي و أتخيله شاطئا ذهبيا أمشي عليه و أنا أردد ترانيم أغنية شعبية .

كنت دائما أرى زوايا غرفتي الصغيرة و أتخيلها كهوفا مظلمة و فيها المارد الشرير و أنتظر ساعتها الفارس المغوار لعله يأتي ليخلصني منه .

خيالي كان واسعا لدرجة غريبة , قد يظن المرء أن بي بعض الجنون , كبرنا و كبرت معنا الهموم و أصبحنا نبتعد عن الخيال و الأحلام الوردية .

تقدم بنا العمر و دخلنا معرك الحياة فأصبحنا نطعن بالخناجر المسمومة و نسقى أمر السموم حتى عفنا بسببها الحياة .

لم تعد أحلامنا تكفينا و لا الخيال يريحنا لأنه ما عاد بريئا كأيام زمان , فقد دخل إليه الغدر و بين أركانه عاث و ساد .

بالنسبة لي أظنني سألون عالمي بألوان قوس قزح رغم كل الآلام , و سأبحث عن أماكن أخرى أستمد منها القوة لأحلم فيها حتى أستطيع أن أواصل المشوار , لكني سأسحب معي نجوم سمائي و هما أطفالي إلى عالمي هذا فقد يكونان سند و عون لي ضد السحرة الأشرار و الشمطاوات الفاسدات.

لابد لنا من فسحة للتنفيس عن الهموم , لابد لنا من سحابة تأخذنا لعالم الخيال , حيث لا قواعد و لا أعباء , الكل يستطيع أن يكون ما يريد , يمكن للسيد أن يصبح أسير و يمكن للجارية أن تصير ملكة , و يمكن للخير أن ينتصر على الشر .

عالم الخيال هذا مفتاح قصره هي الكلمات الجميلة التي تدعو للتفائل المستمر , و بساطه سيكون أحلامنا الورية .

لكن أعزائي نصيحتي إليكم لا تطيلوا البقاء فيه إدخلوه بسرعة خدوا ما استطعتم من التفاؤل و اتركوا فيه الهموم و غادروه بسرعة , لأن إطالة المكوت ستحبسك للأبد هناك فلا تستطيع الرجوع للعالم الواقعي و لن تستطيع تحمل المزيد من ما يحدث لنا بهذا العالم المرير .

تحياتي لكم .