[silverlite]

مات لنا عَمٌّ


إبراهيم عيسى


نجم مات.. مات المناضل المكافح المبدع البديع الجميل الأصيل الزاهد العبثى العدمى الحالم المحارب المجاهد الساحر الساخر الجامد الصلب المرن الليِّن الحاد المندفع المعتذر المسامح، السافر المسافر المهاجر الساكن القَلِق المطمئن، الأنيس النافر المعافر الراضى القانع المتمرد الشرس الغلبان، المغرور بتواضعه، اللئيم الطيب الخبيث الساذَج الحر السيد عبد الحرية، المنشد شاعر الربابة والصبابة، العاشق المواطن الوطنى الأهلاوى، المستخفّ المستغنى النَّهِم المتعفف العابث الملتزم الواضح المتناقض، البذىء شديد الأدب صاحب المزاج وصاحب الناس كلها، اليتيم اللى مش متربِّى الذى ربَّى مبدعى مصر، خريج الملاجئ الذى جعل بيته ملجأ لكل الأحرار. أخشن حنون ممكن تشوفه وأحن خشن ممكن تعرفه، لم يكمل تعليمه فأكمل تعليمنا كلنا أستاذًا ومدرسة وجامعة وورشة وقهوة ومصطبة وغرزة. صبور، ضيق الصدر، يحب الحب، مش مركز فى المحبوب، لم يكلّ ولم يملّ حتى إنه زهق من أمله وتشاءم من تفاؤله، لم ينحنِ أبدًا ولم يفرِّط فى كبريائه أبدًا، ولم يهدر كرامته أبدًا ولم يكن يفكر فى «أبدًا» دى خالص، فهو يعيش باليومية، عمِّى وعم الناس دى بحالها.
مات عمّى أحمد فؤاد نجم، وما كنا نظن أنه يعملها فينا ويموت.
الله يرحمه كان ابن لذين!