عرض مشاركة واحدة
  #5573  
قديم 13-11-2012, 04:14 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

محمد محمود «تابع اليوم الأول»


نوارة نجم



بما أننى لا أحمل ساعة، وهو ما يسبب لى مشكلات جمة فى أثناء الإدلاء بشهادتى أمام لجنة تقصى الحقائق، حيث كنت نسخة طبق الأصل من سرحان عبد البصير، فأقول إننى وصلت إلى ميدان التحرير للمرة الثانية فى يوم 19 نوفمبر فى فترة الظهيرة. ما إن وصلت إلى الميدان حتى وجدت تجمهرة محدودة على مدخل شارع محمد محمود وصوت طلق نار، تقدمت فوجدت مالك مصطفى فى الصف الأول فناديت عليه: مالوكى.. حاولت الوقوف بجواره، لكن مالك مصطفى لا يقف بجوار أحد، دائما ما يتقدم ليحتمى الناس بظهره حتى وإن لم يرغبوا فى ذلك. كلما تقدمت خطوة لأقف بجواره، تقدم هو عشر خطوات ليبقينى خلف ظهره. كنت أنظر نحو قوات الأمن التى تصوب فوهات أسلحتها ناحيتنا حين رأيت مالك مصطفى يقع على الأرض ويتحامل ليقف على قدميه مرة أخرى، حريصا على أن يكون ذلك دون مساعدة أحد، هرعت نحوه فوجدت ابتسامة على شفتيه، وعينه اليمنى تنزف دما.
طفقت آتى بحركات عصبية فى محاولة لإقناع نفسى بأننى أقوم بشىء مفيد إنقاذا لمالك، كأن أسير فى المقدمة وأسرع السير حتى يكون مالك ومن معه خلفى، وكأننى أشعر بالذنب من عدم تمكنى من دفعه، بعيدا عن مرمى الرصاص والتقدم مكانه، فحاولت أن أمحو الذنب بالتقدم نحو سيارة الإسعاف، وقفت أمام سيارة الإسعاف وهى تفتح بابها لمالك، بينما أقول أنا: افتحوا الباب.. قال يعنى أنا لولا قلت افتحوا الباب ما كانوش فتحوه، قال يعنى أنا لما اطلع قدامه وهو رايح المستشفى أكون محوت الصورة المخزية لى وأنا أقف خلفه بثلاث خطوات، لكن كان علىّ أن أفعل أى شىء يوهمنى بأننى أدفع البلاء عن مالك مصطفى، للحظة بحثت فى الأرض عن عين مالك علها تكون قد وقعت فأتمكن من إعادتها مرة أخرى. ركبت بجواره فى سيارة الإسعاف ومعنا عدد من الأصدقاء، بينهم رشا عزب التى كانت قد أصيبت فى ذقنها بطلق خرطوش. بعد استقرارى فى سيارة الإسعاف بدأت أستوعب أننى لم أفلح فى أى شىء، لم أدفع الأذى عن مالك، ولم أقم بواجبى نحوه وهو الذى لم يخذلنى طوال فترة صداقتنا، لا بل أخوتنا، لا بل أبوته لى على الرغم من أنه يصغرنى فى السن.
مالك مصطفى صديق يغيب عنك شهرين ثم يتصل فجأة وأنت تمر بمحنة طاحنة لا تجد من يشاركك فيها ليقول لك: مالك يا نوارة؟ بتزنِّى على دماغى ليه؟ إنتِ مش كويسة.. إنت فين وأنا أجيلك. مالك مصطفى شرطة النجدة التى أتصل بها فتأتينى أسرع من البرق، هو من يحسن الإدارة فى الأزمات، ومن ينتشل من الاكتئابات رغم كآبته الشخصية، ومن ينظم الإعاشة فى الاعتصامات، بل هو من كان يتقن التصرف مع عناصر التحريات العسكرية والأمنية المدسوسة فى الاعتصامات، وهو من ينظم اللجان الشعبية، وهو فى النهاية من يتوارى عن الأضواء والأنظار وتنفلت أعصابه غضبا، أو استهزاء، أو سخرية أمام المديح والثناء. لم يكن ليقف مالك مكتوف اليدين إذا ما كنت أنا المصابة… ولماذا أقول لم يكن ليقف مكتوف اليدين، وهو بالفعل تعمد أن يتقدم علىّ حتى يبقينى خلف ظهره ومعى من الناس الذين كان يحرص مالك على التقدم عليهم، وقد فداهم بعينه. ومالك هو زرقاء اليمامة الذى يخبرنى بنبوءات تتحقق بعد عدة سنوات، والله على ما أقول وكيل.
حين راجعت تغريداتى فى هذا اليوم وجدتنى كتبت: «عين مالك تسوى عندى كراسيكم كلكم يا مجلس يا عسكرى يا***»، وكتبت بعدها: «المجلس العسكرى عرف يحرق قلبى فعلا». كل هذا التنفيس والهذيان والتقدم فى الصفوف الأولى عسى أن ينعم علىّ الله بالاستشهاد وأتمكن من منح مالك عينى كما كتبت فى وصيتى لا يمحو، ولو قيد أنملة، هذا الشعور العميق بالمرارة والغضب والألم والغيظ.. إذا كان الإخوان يكررون علينا: موتوا بغيظكم. نعم أنا أكاد أموت بغيظى من فشلى فى درء البلاء عن الأصدقاء، بل وحتى فشلى فى الاستشهاد.
ذهبنا، أنا وبعض الأصدقاء، مع مالك مصطفى للمستشفى حيث لحقت بنا زوجته الناشطة فاطمة عابد، والتى كانت ترعى المصابين إبان وقوف مالك فى المواجهة، هناك علمت أن الناشط والصديق، وملتقط صورتى الشهيرة ذات الإيشارب الملون بألوان تشبه علَم نيجيريا كما يقول محمد الوشيحى، أحمد عبد الفتاح، أصيب فى عينه هو الآخر، إضافة إلى ذلك، علمت أن الناشط والطبيب أحمد حرارة قد فقد عينه الأخرى، بعد أن فقد عينه الأولى يوم 28 يناير
__________________

رد مع اقتباس