عرض مشاركة واحدة
  #2786  
قديم 19-07-2012, 04:47 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

الحليم إذا كان رئيسا


وائل عبد الفتاح

يبدو أن المرسى لم يعرف بعد ماذا يعنى أنه تحول إلى شخصية عامة. رئيس، أىْ المنصب الذى إما أن تحميه بالدراسة البوليسية والمخابرات وإما أنه سيكون محور نقد عنيف يصل إلى ما لا يتحمله إنسان عادى، وعلى عكس ما يروج الطيبون أنصار فكرة هيبة الرئيس، هذا المنصب فى الدول الديمقراطية لا احترام له إلا بالأفعال.. ومنذ أن انزعجت الديمقراطية بالوضع الاستثنائى عن الحاكم ولم يعد سليل عائلة أو بطل حروب إلا فى دول حملت تخللها إلى نُظم ما بعد الاستعمار.
الرئيس أصبح عاديا والحاكم بلا استثناء، وهذا ما يجعل النقد حتى بدرجته اللاذعة سلاح المجتمع أمام سلطة الحاكم.. حدث هذا فى مصر العشرينيات حين حكمت المحكمة ببراءة متهم بإهانة سعد زغلول لأنه كتب مقالا يعتبر أن نزوعه إلى المفاوضات أقرب إلى الخيانة.. ويحدث هذا كل يوم فى دول مثل فرنسا وأمريكا وغيرها من الدول التى لا تمنح الرئيس قداسة لكنها تمنح لموقعه احتراما تواجهه حرية فى النقد بلا حدود.
لكن المرسى فى سنة أولى ويهدد بإنهاء غضب الحليم، وهو ما يمثل انفلاتا يستعير فيه أدوات رؤساء عصور الاستبداد، حينما كان الرئيس يشكو معارضته، كما فعل السادات عندما قرأ مقتطفات من نقده فى خطاب رسمى قبل أن يقرر حبس ١٥٠٠ من معارضيه وإغلاق كل الصحف الخارجة عن طاعته.
الاعتقال جريمة بشعة ليس مهما أن تغطيها بالشكوى وكلمات مهذبة من نوع «الديمقراطية لها أنياب».
هكذا فإن الرئيس حليم ليس بمزاجه الشخصى ولكن بما يمنحه القانون من حق النقد واستخدام شتائم النفايات الإعلامية ذريعة لتهديدات المرسى فهذا ليس إلا عجزا مبكرا.
المرسى لم يتدرب بعد، والحاشية المحيطة به ليس لديها إلا حيل التنظيم السرى والسير على خطى كل المستبدين… هل يستطيع مرسى منح فوزه بالمنصب معنى فعليا أم سيكتفى بشطارة الإخوان فى اللعب على كل الخطابات ومحاولات إرضاء كل الأطراف التى لا تعنى فى النهاية إلا رضا طرف واحد هو الجماعة؟ فى السياسة لا تستطيع أن تُرضِى كل الأطراف. لا يمكن مثلا أن ترضى الشهداء وأهلهم، وترضى العسكر، لأن الشهداء لم يُقتلوا فى فيلم تليفزيونى أو فى لعبة افتراضية. حقهم ضاع ليس لأن موتهم كان دون أدلة، بل لأن أجهزة الدولة الأمنية قررت حماية نفسها، أولا بإعاقة المحاكمات، وثانيا بمحو الأدلة ودائما بالاستمرار فى قتل وسحل وتعذيب المتظاهرين. كيف ستُرضِى كل الأطراف هنا؟ كيف ستُرضِى الجماعةُ مثلا الثوارَ فى الميدان وتهتف معهم: «يسقط حكم العسكر»، ثم فى جامعة القاهرة يُسكت نوابُ الجماعة من يهتف الهتاف نفسه، ويحشدون لهتاف مضاد، هو «الشعب والجيش إيد واحدة»؟
الأوجه المتعددة لمرسى يمكن أن تربك أجهزة الدولة التى هندست حركتها فى ٣٠ سنة على مقاس موظف بيروقراطى يستمتع بالملل، ويجعله شرعيته الأقوى، لكنه إرباك مرحلى، ومحدود التأثير، وشكلى، لأننا فى لحظة فرز قوية واستحقاق لا يمكن أن تتجاهل فيها الطلبات بهذه الشطارة الإخوانية المعتادة، ولا تدفع الثمن. هذه فاتورة الأوجه المتعددة التى لا تخلو من مزايا، فهى قد تكون تلوُّنا سريعا، و«فهلوة»، ويمكنها أيضا أن تؤدى دورا فى انتقال شكل السلطة من تقديس الحاكم وأُبوّة الدولة إلى شكل آخر وجديد. لا يزال مرسى مرتبكا، يحشد شطارته وخبراته على قدر ما يستطيع، لكنه مثقل بأحلام جماعته فى التمكين، وهو ما لن يحدث بسهولة أو دون جراح عنيفة. هو مثقل بصراعات الجماعة أولا مع قوى مدنية عفيفة وعفوية، ضعيفة فى التنظيم، لكنها قوية فى التأثير. تلك القوى أسهمت فى نجاح مرسى وتشعر بغربتها بعض الشىء عن احتفالات تنصيبه، إلا أن الصراع الأقوى هو مع السلفيين، الحليف الأقرب، لكنْ الثقيل على حركة الشطارة الإخوانية، لأنه لا يعترف بالحسابات ويورِّط الإخوان إما فى الدفاع عن الموقف المائع، وإما فى الدفاع عن الاتهام بالتخلى عن المشروع الأصلى. هكذا فإن الجماعة والرئيس الذى هو منها، معرضان للتمزُّق بين مشروعهما الأصلى الذى يهدده السلفيون فى قيادته، والوجود فى دولة عصية على الاحتواء، ومجتمع يرفض الانقلاب على حياته كما اختارها.
الحيل القديمة عاجزة أمام هذه المعضلة الجديدة، وبخاصة أن المجال السياسى بعد الثورة تغير، وأصبح للثوار، رغم عدم التنظيم، فاعلية مجموعات الضغط القوية التى تستطيع سلب الطمأنينة من المنتصرين. وهذا هو المعنى الخفى من فوز مرسى. إنها التجربة الأخيرة لتيار سياسى عاش بالتوازى مع استبداد مبارك، وفى علاقات معقدة مع دولته الأمنية وجهازه السياسى. إننا أمام حصاد مبارك، ونتاج تجريفه للمجال السياسى وتدجينه لتيارات معارضة احتمت به عندما توحش التيار الإسلامى. الدولة كانت الحاضنة فى مواجهة تيار انقلب عليها بالسلاح، فهزمته وأدخلته الحظيرة لتلغى به التفاعل. المعنى إذن أن مرسى أمامه فرصة تاريخية لهندسة طرق جديدة بعيدا عن المرشد والمشير.
__________________

رد مع اقتباس