عرض مشاركة واحدة
  #2663  
قديم 06-07-2012, 10:13 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

السامرى واليقظة


مالك مصطفى


سامرى ثورتنا، صنع البقرة وقال للناس، هذه ثورتكم، سامرى الثورى جعل البقرة تطلق ريحا وخوارا، وزعق فى الناس هذه هتافاتكم -مطالبكم، إنها أصواتكم التى أسمعها فى أذنى.
«أخذوا ذهب الثورة، وسيفها، ابتدؤوا تقتيلا فى أبنائها ومنحهم تعويضات من الدموع فى مقابلها، أخذوا الذهب وصنعوا به عجلا صغيرا، وأركبوه على الكرسى، صائحين هذه ثورتكم، وهذا رئيسكم، لقد انتصرت ثورتكم، وانتصرتم، فليفرح من يفرح، ولينتحر من ينتحر، لا نبالى».
السامرى لم يعِ أنه يفتن المؤمنين بالثورة، وأنه استحال إلى دجال لها ونبى كاذب، السامرى لم يقصد أن يضيع تضحياتهم فى التيهة الطويلة هباء، فقط رأى أن ثمانين عاما من الضياع كانت كافية على الحلم، وأن الثورة الحاصلة الآن ليست كافية، وبعيدة المنال، فعليه أن يخلق ما يستطيع أن يلمسه الآن، ويسمع له صوتا، ويحادثه، ويفضى إليه بكل أوجاعه.
«أتى إليه الذهب من كل مكان، كل «الغير» مصدقين أتوه، حاملين إليه ثرواتهم، حاملين إليه أحلامهم الخاملة، وآمالهم التائهة، مخبرينه أنهم لن يستطيعوا مع مثل هذه الثورة صبرًا، وأنه لا بد من تحقيق أحلامهم أمامهم، لم ينتظروا رجوع الثورة، لم يطيقوا البعاد والتيه، لم يؤمنوا بشكل كاف بإمكانية حدوثها، فاتوه فاتحين خزائن ذهبهم، إن هيت لك، وبك سنصنع ثورتنا، ولتكن عجلا لا نبالى».
فى صحراء جوعهم، قبل الثورة الموعودة، كانت آلامهم أمامهم، لم يستطيعوا أن يكتموا أصوات صراخهم، لم يستطيعوا أن يهربوا من كل خطاياهم، لم يستطيعوا أن ينظروا فى قطع الزجاج المتهشم المكونة لانعكاس صورة وجوههم، ولم يستطيعوا الانتظار، رغم أن الأبواب كانت أمامهم، رغم أن الرياح المعلنة لعودة ثورتهم كانت تصفِّر فى آذانهم، لكنهم لم يعيروها أى انتباه، تخندقوا داخل لحمهم وهياكلهم العظمية، ولم يستطيعوا الرؤية، لم يستطيعوا الصبر.
السامرى أصبح نبى الثورة، وقائدها، السامرى وأتباعه، أصبحوا الآن بعقود موقعة بدماء ثورتهم، رموزها، السامرى رأى فى ما يرى الدجال، أنه أصبح الآمر، أصبح الأول والآخر، أصبح الناهى، لقد دانت له الأرض، ودعت باسمه فوق جبالها، السامرى صدق كذبته، وأصبح أمام نفسه «مهدى» الثورة المنتظر.
على الرغم من أنه وافق واعترض على عجله المقدس، لم يكونوا الكثرة، على الرغم ممن تحمسوا، وأطلقوا صيحات الحرب، لم يكونوا كثرة، وعلى الرغم من أن من قرر الصمت، والابتعاد، كسلا أو إيمانا، كانوا السواد الأعظم، لكنه هو وأتباعه، ظنوا أن عقودهم الممهرة بالدماء، تمثل الثورة، ظنوا أنهم النبى وحواريه، ظنوا أنهم المتحدثون باسم «الثورة»، ورسل تعاليمها، ومضوا فى طريقهم بهذا الإيمان.
لم يعلموا أن لكل غفلة يقظة، ولكل جذر ثورة مد، وكلما قوى الجذر، أصبح المد طوفانا وثورة، وكلما طالت الغفلة، أصبحت اليقظة أكثر عنفا ومفاجأة مما يحسبون.
اليقظة آتية، أقرب مما تعلمون، وأسرع مما تتهيؤون، تتبعها الثورة المنتظرة، أضخم مما اعتقدتم، وأوضح مما اختبرتم.
اليقظه آتية بمعجزاتها التى لم يسمعوا عنها، عن رصاص يخترق جسد «صنائعى» من جهة، ويخرج من الجهة الأخرى، دون أن تترك حتى أثرا يعجز المداوين عن إخفائه.
اليقظة آتية، بأطفال انتشروا حول الخيام، متلمسين أى دفء من داخلها، متلمسين أى أحضان من أم «افتراضية» أو من أب يشبه تلك الأم.
أطفال رأوا النيران ولم يخشوها، وتنفسوا غازات الموت وضحكوا من تأثيرها، ومن مطاطى، أشبه بالحلى البلاستيكية فى عيونهم، يجمعونها ليزينوا بها جلودهم، محتفلين بأيهم يمتلك آثارا أكثر من الآخر، ليعلن عن نفسه «ذكرا» «أولا» جديدا، حتى انتهاء الحفل، والتنصيب.
اليقظة آتية، بنساء عبرن خطوط الموت، لتحيى ابتسامة منهن جريحا، ولتسقط أحجار من أيديهن، ذوات ظنت أنفسها، ستظل معزة ومذلة، ولم يعلموا أن عزتهم حرقت، وأن ما تبقى لهم لن يكون سوى مذلة، دائمة.
دماء وموت، حولتها تلك النسوة إلى احتفالات بداخل الجميع، احتفالات بنصر مؤقت شعروا به على أطراف شفاههن، ورأوه داخل أعينهن.
حتى فى أسوأ ومضات الذاكرة، سيظللن هن أحلى ما فيها، حينما تتركك إحداهن لثانية، وأنت غارق فى خوفك، لتلقى حجرا، أو تطلق هتافا، لتعود إليك مشرقة، لتضىء تلك الذاكرة المعتمة إلى الأبد.
اليقظة آتية، تخبرنا الوجوه فى الشوارع، تتناقلها الأيدى فى مشاريع النقل العام، تصرخ بها العيون فى طوابير «البقاء»، وتتقلص بطوننا، تنبئ بقدومه.
اليقظة آتية، بفقرائها.. قديسيها، وأطفالها.. رسلها، ونساء يعلون فوق أى آلهة.
__________________

رد مع اقتباس