الموضوع
:
خطر الحكم بغير الشرع والرضا بالقوانين الوضعية
عرض مشاركة واحدة
#
6
12-06-2012, 10:15 PM
مجدي المهدي
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 8
رد: خطر الحكم بغير الشرع والرضا بالقوانين الوضعية
مناطات الحكم في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ثلاث هي :
1- ترك الحكم بما أنزل الله
2- تشريع حكمٍ مُخالف لحكم الله
3- الحكم بغير ما أنزل الله
وأقوال أهل العلم المذكورة في هذه المسألة تتناول مناطاً أو أكثر من هذه الثلاثة.
ومن هؤلاء العلماء:
1
ــ الإمام ابن حزم الأندلسي رحمه الله (456 هـ)
تكلـم في مـواضـع مـن كتابـه (الإحكـام في أصـول الأحكام) عمن أجاز الحكم بالشرائع المنسوخة كالتوراة والإنجيل وأن هذا كفر، وتكلم عمن شرع مالم يأذن به الله أو أبطل ماشرعه الله وأن هذا كله كفر. وكلامه هذا ينطبق على واقعنا من حيث اختراع شرائع مخالفة لشرع الله وإيجاب الحكم بها والتحاكم إليها، مع تضمن هذه الشرائع المخترعة لإبطال ماشرعه الله تعالى. ومما قاله ابن حزم في بيان ذلك:
(أ) قـال رحمه الله
(فإن كان يعتقد أن لأحدٍ بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرم شيئا كان حلالا إلى حين موته عليه السلام، أو يحل شيئا كان حراما إلى حين موته عليه السلام، أو يوجب حداً لم يكن واجبا إلى حين موته عليه السلام، أو يشرع شريعة لم تكن في حياته عليه السلام، فهو كافر مشرك حلال الدم والمال حكمه حكم المرتد ولافرق.)
(الإحكام) 1/ 73.
(ب) وقـال ابن حـزم أيضا (
وأمـا مـن ظـن أن أحـداً بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينسخ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويُحدث شريعة لم تكن في حياته عليه السلام، فقد كَفَر وأشرك وحَلَّ دمه وماله ولحق بعبدة الأوثان، لتكذيبه قول الله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». و
:«ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين». فمن ادعى أن شيئا مما كان في عصره عليه السلام على حكم ٍ ما، ثم بُدّل بعد موته فقد ابتغى غير الإسلام دينا، لأن تلك العباداتِ والأحكام والمحرمات والمباحات والواجبات التي كانت على عهده عليه السلام، هى الإسلام الذي رضيه الله تعالى لنا، وليس الإسلام شيئا غيرها. فمن ترك شيئا منها فقد ترك الإسلام، ومن أحدث شيئا غيرها فقد أحدث غير الإسلام. ولا مرية في شيء أخبرنا الله تعالى به أنه قد أكمله، وكل حديث أو آية كانا بعد نزول هذه الآية، فإنما هى تفسير لما نزل قبلها، وبيان لجملتها، وتأكيد لأمر متقدم. وبالله تعالى التوفيق.)
(الإحكام) 2/ 144 ــ 145.
(جـ) وقـال ابن حزم رحمه الله
(من حكم بحكم الإنجيل مما لم يأت بالنصّ عليه وحيٌ في شريعة الإسلام فإنه كافر مشرك خارج عن الإسلام)
(الإحكام) 5/ 173. فهذا حُكْم من حَكَم بالشرائع المنسوخة فكيف بمن حَكَم بالقوانين المخترعة؟.
(د) وقال ابن حزم أيضا
(وأيضاً فلا فرق بين جواز شرع شريعة من إيجاب أو تحريم أو إباحة بالرأي لم ينص تعالى عليه ولا رسوله عليه السلام، وبين إبطال شريعة شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بالرأي، والمفرق بين هذين العملين متحكم بالباطل مفتر، وكلاهما كُفر لاخفاء به)
(الإحكام) 6/ 31.
(هـ) وقـال ابن حـزم أيضـا
(لأن إحـداث الأحـكـام لايخـلـو مـن أحـد أربعـة أوجـه: إمـا إسقـاط فــرض لازم، كإسقاط بعض الصلاة أو بعض الصيام أو بعض الزكاة أو بعض الحج أو بعض حد الزنا أو حد القذف، أو إسقاط جميع ذلك، وإما زيادة في شيء منها، أو إحداث فرض جديد، وإما إحلال محرم كتحليل لحم الخنزير والخمر والميتة، وإما تحريم محلل كتحريم لحم الكبش وماأشبه ذلك، وأي هذه الوجوه كان، فالقائل به كافر مشرك، لاحق باليهود والنصارى، والفرض على كل مسلم قتل من أجاز شيئا من هذا دون استتابة، ولا قبول توبة إن تاب، واستصفاء ماله لبيت مال المسلمين، لأنه مبدل لدينه، وقد قال عليه السلام «مـن بـدل ديـنـه فاقتلـوه» ومن الله تعالى نعوذ من غضبة لباطل أدت إلى مثل هذه المهالك.)
(الإحكام) 6/ 110.
وكـلام ابن حزم هـذا ينطبـق على واقعنـا، فالقوانين الوضعية قد أتت بما قاله من إسقاط حد الزنا وحد القذف وسائر الحدود، وأتت بإباحة الربا والخمر والزنا والميسر، وأتت بتحريم الجهاد في سبيل الله وغير ذلك مما هو معلوم.
ولابن حزم رحمه الله كلام مماثل في (الإحكام) جـ 2 صـ 9، جـ 6 صـ 77 ــ 78 و 109 و 117.
2 ــ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (728 هـ)
(أ) قال رحمه الله
(ومعلـوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب، كما قال تعالي: «إن الذين يكفرون بالله ورسله، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا، وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا)
ــ النساء 150 و 151 ــ) (مجموع الفتاوى) 28/ 524. فهذه القوانين الوضعية هى شريعة الكفار وشريعة الجاهلية ، والحكام الذين يحكمون بلاد المسلمين لم يقفوا عند حد تسويغ اتباعها بدلاً من أحكام الشريعة الإسلامية ولكنهم يُلزمون المسلمين باتباعها ويعاقبون الخارج عليها.
(ب) وقال ابن تيمية رحمه الله
(ومـن بدّل شـرع الأنبـياء وابتـدع شـرعاً، فشـرعُه باطل لايجوز اتباعه، كما
«أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله»، ولهذا كَفَرَ اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ)
(مجموع الفتاوى) 35/ 365.
(جـ) وقال أيضا
(مثل أن يقال: نُسَخ هذه التوراة مُبَدَّلة لايجوز العمل بما فيها ومن عمل اليوم بشرائعها المبدّلة والمنسوخة فهو كافر، فهذا الكلام ونحوه حقٌ لاشيء على قائله، والله أعلم)
(مجموع الفتاوى) 35/ 200.
وقـول شـيخ الإسـلام هـنا يشـبه قـول ابن حـزم السـابق ــ وسيأتي لابن القيم كلام مثله ــ أن من عمل بالشرائع المنسوخة كالتوراة والإنجيل كَفَر، مع أنها شرائع سماوية منزّلة من عند الله في أصلها، فكيف بمن يُعرض عن الشريعة الإسلامية الناسخة المهيمنة على ماسواها ويلتزم بالحكم بقوانين بشرية مناقضة لشريعة الله؟.
(د) وقـال ابن تيميـة أيضـا
(الشـرع المنـزّل مـن عنـد اللـه تعـالى وهـو الكتـاب والسنة الذي بعث الله به رسوله، فإن هذا الشرع ليس لأحدٍ من الخلق الخروج عنه، ولايخرج عنه إلا كافر)
(مجموع الفتاوى) 11/ 262. والخروج عن الشرع هو بعدم الالتزام بأحكامه فكيف بمن شَرَع مايضاد أحكامه والتزم بالحكم بها؟.
(هـ) وقـال رحمـه اللـه
(ومعـلـوم أن مـن أسقـط الأمـر والنهـي الـذي بعـث اللـهُ بـه رُسُلـه فهو كافر باتفاق المسلمين واليهود والنصارى)
(مجموع الفتاوى) 8/ 106، وتعطيل الحدود الشرعية وغيرها من أحكام الشريعة مع إباحة المحرمات كالزنا والربا والخمر، هذا هو إسقاط الأمر والنهي الشرعيين الذي يكفر فاعله بالاتفاق.
(و) وقال ابن تيمية أيضا
(والإنسان متى حَلَّل الحـرام ــ المجمع عليه ــ أو حرَّم الحلال ــ المجمع عليه ــ أو بدّل الشرع ــ المجمع عليه ــ كان كافراً باتفاق الفقهاء)
(مجموع الفتاوى) 3/ 267.
ومعلومٌ أن القوانين الوضعية تشتملُ على تحليل الحرام وتحريم الحلال وتبديل الشرع، فكل من وضعها أو أجاز الحكم بها أو أمر بالحكم بها أو حكم بها فهو كافر بالاتفاق.
(ز) وقال ابن تيمية رحمه الله
(ومتى ترك العالِم ماعلمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة،
المص، كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين، اتبعوا ماأنزل إليكم من ربكم ولاتتبعوا من دونه أولياء قليلا ماتذكرون) ــ الأعراف 1 ــ 3 ــ ولو ضرب وحبس وأوذي بأنواع الأذى ليدع ماعلمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه واتبع حكم غيره كان مستحقا لعذاب الله بل عليه أن يصبر وإن أوذِيَ في الله فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم، قال الله تعالى: (الم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) ــ العنكبوت 1 ــ 3 ــ)
(مجموع الفتاوى) 35/ 373.
(ح) وسُئل ابن تيمية رحمه الله عن التتـار الذين يغيـرون على بـلاد الشـام مرة بعد أخرى وهم يٌظهرون الإسلام ولايلتزمون بكثير من شرائعه، ماحكمهم وحكم قتالهم؟ (مجموع الفتاوى) 28/ 501 و 509. فأجاب رحمه الله
(الحمد لله. كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة مع شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائعه، كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة. وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما. فاتفق الصحابة رضي الله عنهم على القتال على حقوق الإسلام، عملا بالكتاب والسنة.
وكـذلك ثبـت عـن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج، وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة، مع قوله:«تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم» فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال. فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لاتكون فتنة. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب.
فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، والأموال، والخمر، والزنا، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته ــ التي لاعذر لأحد في جحودها وتركها ــ التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة تُقَاتَل عليها وإن كانت مقرة بها. وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء)
(مجموع الفتاوى) 28/ 502 ــ 503.
وقـال ابن تيمية أيضا
(كـل طائفـة خرجـت عن شريعـة مـن شـرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين، وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يُصلوا، وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة، وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى إن يُسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن اظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها ــ إلى أن قال ــ قال الله تعالى
وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله) فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله.)
(مجموع الفتاوى) 28/ 510 ــ 511.
إلـى أن سُئل ابن تيمية رحمه الله عن التتـار الذين يغيـرون على بـلاد الشـام مرة بعد أخرى وهم يٌظهرون الإسلام ولايلتزمون بكثير من شرائعه، ماحكمهم وحكم قتالهم؟ (مجموع الفتاوى) 28/ 501 و 509. فأجاب رحمه الله
(الحمد لله. كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة مع شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائعه، كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة. وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما. فاتفق الصحابة رضي الله عنهم على القتال على حقوق الإسلام، عملا بالكتاب والسنة.
وكـذلك ثبـت عـن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج، وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة، مع قوله:«تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم» فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال. فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لاتكون فتنة. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب.
فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، والأموال، والخمر، والزنا، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته ــ التي لاعذر لأحد في جحودها وتركها ــ التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة تُقَاتَل عليها وإن كانت مقرة بها. وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء)
(مجموع الفتاوى) 28/ 502 ــ 503.
3 ــ العلامة ابن القيم رحمه الله (751 هـ)
قال ابن القيم
(وقد جاء القرآن، وصحّ الإجماع بأن دين الإسلام نسخ كل دين كان قبله، وأن من التزم ماجاءت به التوراة والإنجيل، ولم يتبع القرآن، فإنه كافر، وقد أبطل الله كل شريعة كانت في التوراة والإنجيل وسائر الملل، وافترض على الجن والإنس شرائع الإسلام، فلا حرام إلا ماحرمه الإسلام، ولا فرض إلا ماأوجبه الإسلام.) (أحكام أهل الذمة)
لابن القيم، جـ 1 صـ 259، ط دار العلم للملايين 1983م.
وقد نقلت من قبل كلام ابن حزم وابن تيمية الذي يشبه قول ابن القيم هذا في أن من التزم بأحكام الشرائع المنسوخة فقد كفر، فإذا كان هذا هو حكم من التزم بشرائع نزلت في أصلها من عند الله تعالى ولكن الإسلام نسخها، فكيف بمن التزم بقوانين من اختراع البشر كجوستنيان ونابليون وغيرهما، وكيف بمن فرض هذه القوانين على المسلمين؟، وسيأتي في كلام ابن كثير التالي إشارة إلى ذلك.
4 ــ الحافظ ابن كثير رحمه الله (774 هـ)
(أ) ذكر رحمه الله كتـاب الياسـق وبعـض ماورد فيه من أحكام وهو كتاب وضعه جنكيز خان ملك التتار وصار في بنيه شرعا متبعاً يحكمون به ويتحاكمون إليه مع دعواهم الإسلام، ثم قال ابن كثير
(وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزّلة على بعباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن ترك الشرع المحكم المنزّل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدَّمها عليه؟ من فعل ذلك كَفَر بإجماع المسلمين.
«أفحكم الجاهلية يبغون ومَن أحسن مِن الله حُكْماً لقوم يوقنون»، و
«فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لايجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً» صدق الله العظيم
) أهـ (البداية والنهاية) لابن كثير، 13/ 119.
(ب) وفي تفسير قوله تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون ومَن أحسن مِن الله حُكْماً لقوم يوقنون) المائدة 50، قال ابن كثير رحمه الله
(ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعَدَلَ إلى ماسواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكز خان الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم ســواه في قليــل ولاكثــير،
{ أفحكـم الجاهليـة يبغـون } أي يبتغون ويريدون وعن حكم الله يعدلون، (ومَن أحسن مِن الله حُكْماً لقوم يوقنون) أى ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها فإنه تعالى هو العالم بكل شيء القادر على كل شيء العادل في كل شيء)
(تفسير ابن كثير) 2/67.
5 ــ الشوكاني رحمه الله (محمد بن علي) رحمه الله (1250 هـ)
في رسالته (الدواء العاجل في دفع العدو الصائل) وصف أحوال أهل البلاد الخارجة عن سلطان الدولة في زمانه، فقال
(فلنبيّن لك حال القسم الثاني: وهو حكم أهل البلاد الخارجة عن أوامر الدولة ونواهيها ــ إلى قوله ــ منها أنهم يحكمون ويتحاكمون إلى من يعرف الأحكام الطاغوتية منهم في جميع الأمور التي تنوبهم وتعرض لهم من غير انكار ولا حياء من الله ولا من عباده ولايخافون من أحد بل قد يحكمون بذلك بين من يقدرون على الوصول إليهم من الرعايا ومن كان قريبا منهم. وهذا الأمر معلوم لكل أحد من الناس لايقدر أحد على انكاره ودفعه وهو أشهر من نار على علم. ولاشك ولاريب أن هذا كفر بالله سبحانه وتعالى وبشريعته التي أمر بها على لسان رسوله واختارها لعباده في كتابه وعلى لسان رسوله. بل كفروا بجميع الشرائع من عند آدم عليه السلام إلى الآن، وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ماهم فيه من الطواغيت الشيطانية. ــ إلى قوله ــ ومعلوم من قواعد الشريعة المطهرة ونصوصها أن من جرد نفسه لقتـال هـؤلاء واستعان بالله وأخلص له النية فهو منصور وله العاقبة فقد وعد الله بهذا في كتابه العزيز (ولينصرن الله من ينصره) (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) (والعاقبة للمتقين) ــ إلى أن قال ــ
فإن تَرَكَ من هو قادر على جهادهم فهو متعرض لنزول العقوبة مستحق لما أصابه، فقد سلط الله على أهل الإسلام طوائف عقوبة لهم حيث لم ينتهوا عن المنكرات ولم يحرصوا على العمل بالشريعة المطهرة، كما وقع من تسليط الخوارج في أول الإسلام، ثم تسليط القرامطة والباطنية بعدهم، ثم تسليط الترك حتى كادوا يطمسون الإسلام، وكما يقع كثيرا من تسليط الفرنج ونحوهم فاعتبروا ياأولي الأبصار إن في هذا لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.)
أهـ من رسالته (الدواء العاجل) صـ 33 ــ 35، ضمن (الرسائل السلفية) له، ط دار الكتب العلمية.
6 ــ الشـيخ عبداللطيـف بن عبدالرحمـن بن حسـن بن محمـد بن عبدالوهاب رحمهم الله.
ُسئل الشيخ عبداللطيف (1292هـ) عما يحكم به أهل السوالف من البوادي وغيرهم من عادات الآباء والأجداد، هل يُطلق عليهم بذلك الكفر بعد التعريف؟ فأجاب
(من تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد التعريف فهو كافر،
«ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»، و
«أفغير دين الله يبغون» الآية، و
«ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وماأنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وقد أِمروا أن يكفروا به» الآية، و
«ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت» الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة)
أهـ من (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) جمع عبدالرحمن بن قاسم، جـ 8 صـ 241، ط دار الإفتاء بالسعودية 1385هـ.
7 ــ الشـيخ حَمَـد بـن عتيـق النجـدي رحمـه الله (1301هـ).
في رسـالتـه (بيـان النجــاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك) ذكر ضمن نواقض الإسلام
(الأمر الرابع عشر: التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذكر الشيخ حَمَد فتوى ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى «أفحكم الجاهلية يبغون»، ثم قال: ومثل هؤلاء ماوقع فيه عامة البوادي ومن شابههم من تحكيم عادات آبائهم وما وضعه أوائلهم من الموضوعات الملعونة التي يُسَمُّونها شرع الرِّفاقة، يقدمونها على كتاب الله وسنة رسوله، ومن فعل ذلك فإنه كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله)
أهـ من (مجموعة التوحيد) لشيخي الإسلام، صـ 412، ط دار الفكر 1399 هـ.
8 ــ الشـيخ عبداللـه بن حميـد رحمـه اللـه:
قال
(ومــن أصـدر تشـريعـاً عـامـاً مُلـزمـاً للنــاس يتعارض مع حكم الله، فهذا يخرج من الملة كافراً)
نقلا عن كتاب (أهمية الجهاد) لعلي بن نفيع العلياني، صـ 196، ط دار طيبة 1405 هـ. ومناط التكفير في الصورة التي ذكرها هو التشريع من دون الله وهو المناط الثاني .
يتبع بأذن الله
مجدي المهدي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى مجدي المهدي
البحث عن المشاركات التي كتبها مجدي المهدي