
الشهيد المبتسم اسمه «فلان الفلانى».. أطل علينا بضحكته، فباتت من أهم معالمه، لا اسم له ولا عنوان، كلما نظر أحد إليه قال «سبحان الرحمن»، دمه سال على وجهه، ولكنه لم يخف ابتسامته، انتظر شهرين بين جنبات ثلاجة الموتى، ينتظر أهله، نادى عليهم هل من مجيب، تغيرت ملامحه ولم تتغير شفتاه، رسمت ابتسامة غير مبالية بالانتظار، قال من حوله نسميه «مجهول»، ورقمه 11، فكان كل أهل مصر أهله، انتظروا لحظة دفنه وحملوه على الأعناق، وظل ينظر لهم متبسما، فقد أنعم الله عليه بنعمتين، نعمة الشهادة ونعمة حب الناس.
عندما يتحدث البعض عن قصص الشهداء، دائما ما تبدأ ببطولة نزوله المظاهرات، لكن الشهيد المبتسم سطر قصته من نهايتها، وفاة بطلق نارى فى الجهة اليسرى من الصدر، وبعض الكدمات بالوجه، ثم مستشفى لم ير أنفاسه فعندما وصله كان جثة هامدة، وابتسامة بدأت يوم جمعة الغضب بوفاته، وغابت يوم 2 أبريل بدفنه، وقصص كثيرة حول أسر تعرفوا عليه ولكن تحليل الحامض النووى أكد عدم نسبه إليهم، وكأنه اختار الأسرة الأكبر التى حملته من مشرحة زينهم إلى مسجد السيدة نفيسة حيث جنازته، ثم دفنه فى مقابر من إحدى المتبرعات.
طلق نارى فى الصدر.. وشهران فى ثلاجة الموتى.. ووجه مبتسم.. وجثمان يشيعه الشعب
قالت عنه إحدى الأمهات «ده أحمد ابنى الكبير»، فلما تبين عدم نسبه إليها عاد «مجهولا» وما هى إلا لحظات وعاد ليفرض على الجميع كلمته الأولى والأخيرة «أنا الشهيد المبتسم»، ملامحه التى تناقلتها الصحف فرضت على إمام جنازته أن يسهب فى خطبته متحدثا فقط عن الابتسامة، «إن بسمة الشهيد تعنى أن المؤمن يموت وفى جبيه العقد، وإذا ابتسم واستبشر فلا يملك العلماء إلا أن يبشروا لأن الشهيد قد رأى بشارة ربه بالجنة، ويكفيه فخرا وشرفا أنه رأى بشارة الجنة قبل أن ينزل إلى قبره».
لم يكن كغيره من الشهداء ينتظر ملء بياناته لاستخراج تصريح الدفن، فالاسم شهيد، السن عاش كل سنوات عمره تحت حكم الرئيس المخلوع، العنوان فى قلب كل مصرى، أما صفاته فكتب عنها أحد المدونين:
ابتسامة الشهيد يالها من ابتسامة
يشاهد منزلته فى دار المقامة
فى جنة الفردوس يالها من كرامة
قد زاده الاستشهاد جمالا ًونضارة
قد بذل الروح وقدمها عطية
وهو الآن ينال الآجر مضاعف مية
نم ياشهيد فى البرزخ فكأنه عشية
فقد نلت رضى الرحمن عندما أتتك المنية
منقول