في غضون ساعات، سيمثل الرئيس السابق أمام هيئة المحكمة يرافقه نجليه، علاء يقف إلى جواره من ناحية، وفي الأخرى يقف جمال ممسكا بيديه مصحف، وعلى مقربة منه يجلس وزير داخليته بزيه الأزرق ومعاونيه الستة، ولا يبدي مبارك اهتماما بما يجري حوله داخل القاعة، التى ستشهد النطق بالحكم أخيرا بعد أشهر من الجدل والمرافعات والتكهنات، برغم معارضة كثير من حكومات وأنظمة الدول العربية، على رأسها دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت التى دعمت موقف مبارك بهيئة دفاع ضمت عشرة محامين، وهددت مرارا بأن محاكمة مبارك ستفسد العلاقات الودية التي بناها مبارك خلال سنوات حكمه الثلاثين مع دول الخليج، والتي عرض بعضها مبالغ خيالية، مقابل عدم محاكمته، وأعربت عن استعدادها لاستقباله للعيش بها، على عكس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي وقفت على الحياد من المحاكمة، واتجه بعضها إلى تأييد الشعب المصري في حقه في القصاص من قاتل أبنائه.
واتفق خبراء العلاقات الخارجية على أن العلاقات السياسية لن تتأثر بمحاكمة مبارك، وإن حذروا من احتمال تأثر الاقتصاد المصري وفقا طبيعة الحكم الذي ستصدره هيئة المحكمة، إذ يرى الدكتور سعيد اللاوندي الخبير بالشؤون الدولية، أن الدرس الأول في العلاقات الخارجية هو "لا صداقة إلا لمصلحة، ولا عداوة إلا لمصلحة أيضا"، وأن دول العالم وعلى رأسها دول الخليج لا يهمها سوى مصالحها الخاصة، ويوضح اللاوندي أن مبارك كان يراعي مصالح مصر مع دول الخليج، مثلما كان يراعيها مع إسرائيل والولايات المتحدة، ولهذا وضعته في مكانة خاصة بالنسبة لها.
ويضيف اللاوندي، أن الدول الأخرى استوعبت أن مصر تغيرت بعد ثورة 25 يناير تماما، ولن يهمها طبيعة الحكم الذي ستصدره هيئة المحكمة على مبارك ونجليه، وستحاول فتح علاقات جديدة مبنية على أساسين، الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة الاقتصادية والسياسية. وأكد أن دول الخليج باعتبارها أكثر الدول التي عارضت المحاكمة من البداية، وهددت مرارا بتقليص حجم استثماراتها، وطرد العمالة المصرية لا يهمها شخص الرئيس سواء كان حسني مبارك، أو المشير طنطاوي، أو شفيق، أو حتى مرسي، لأنها تعلم قدر مصر ودورها الفعال في المنطقة العربية، وجميع هذه الدول لا تستطيع إنكار دورنا الرائد كشعب مصري في ما وصلت له الآن من تقدم، وخاصة أن كثير من الشخصيات البارزة بالخليج تعلمت في مدارسنا وجامعاتنا، وينفي أن يكون للحكم أي تأثير، فالمصالح هي الأبقى وليس المحاكمات.
فيما قال الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تأثر العلاقات الخارجية المصرية بمحاكمة مبارك، تتوقف على مدى كفاءة القوى السياسية التي ستحكم مصر قريبا، وقدرتها على تحسين العلاقات التي أفسدها النظام السابق، وبناء علاقات مصرية خارجية تضمن السيادة المصرية بعيدا عن المصالح الشخصية لهذه القوى.
وأضاف أن العلاقات الاقتصادية هي التي ستتأثر فعليا تبعا للحكم بالإدانة أو البراءة على الرئيس السابق، وأرجع ذلك إلى أن مبارك كان يدير مصر بنظام الشركة الخاصة، وبالتالي فإن أغلب الاستثمارات والمشاريع مع الدول الأخرى، وخاصة دول الخليج العربي، كانت تدار تحت جناح عائلة مبارك والمقربين منها، وبالتالي ستتغير خريطة الاستثمارات في مصر في حالة الحكم المشدد على الرئيس السابق، لأن هذه الدول سترغب في الحفاظ على الصفقات الاقتصادية الخاصة التي أبرمتها مع "مصر مبارك" قبل الثورة. وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أنه من الخطأ الربط بين المسار القانوني والسياسي، وأن الجلسة المحجوزة للحكم في قضية هي الأهم عالميا، فلا داعي لانتظار اختيار رئيس الجمهورية نهاية الشهر الجاري.
منقول