[silverlite]

عود لأحمد الجيزاوى «2»


نوارة نجم


أروح لمن يا ربى؟
ولا أفهم سر التناحة المصرية فى السعى خلف حق أحمد الجيزاوى. لكننى أعرف العادة المصرية التى يتربى عليها الأطفال، حيث إن «الزبون دايما على حق»، وكما تمنع من دخول «أودة المسافرين» التى يختص بها الضيوف، ويحظر عليك الأكل من الحلويات اللى جبناها النهارده دى بتاعة الضيوف، فإن جُلّ ما يهم المصريين الآن: يا جماعة لَيكون أحمد الجيزاوى مهرب فعلا ويكسفنا!
بادئ ذى بدء، فإن المجرم المهرب القاتل اللئيم والمجرم الأثيم الذى هدم الحضارة، هدم المدنية والمعمار، له حق فى محاكمة عادلة. سنفترض أن الجيزاوى قتل عجوزا فى التسعين، واغتصب طفلة، وتاجَر فى أعضاء رضيع، فى أبشع من كده؟! فى حال ارتكابه هذه الجرائم الشنيعة على أرض أجنبية، فإن العهود والمواثيق الدولية تلزم سلطات البلد الأجنبى بإخطار سفارة هذا الوحش الآدمى فور إلقاء القبض عليه، وحضور مندوب من سفارة بلده التحقيقات كافة، وتوكيل محامٍ أو عدة محامين للدفاع عنه، وفقا لقانون البلد التى ارتُكب فيها الجريمة، وعلى سفارة ذلك المتهم أن تتأكد من حسن معاملته داخل السجن. سل نفسك لو أن أحمد الجيزاوى كان يحمل الجواز الأمريكى كيف كان سيعامَل فى السعودية، حتى وإن هرّب مفاعلا نوويا فى حقيبته؟
الإجراءات التى اعتُقل فى إطارها الجيزاوى كلها مخالفة للعهود والمواثيق الدولية، وقد تواطأت السفارة المصرية مع السلطات السعودية فى ذلك، وكما نعلم جميعا فإن الخارجية المصرية هى الأسوأ على الإطلاق، ولا أعلم سر تناحة كل المحامين الحقوقيين المصريين وعدم لجوئهم إلى التحكيم الدولى لإبطال الإجراءات التى اعترف فى إطارها الجيزاوى، ولا أفهم سر العادة المصرية فى إننا نطلع نطلع وننزل على مافيش، ولا أجد وسط كل هذه المجموعات مجموعة واحدة تتصرف بشكل مبرَّر سوى وفد المتسولين، أهو طلعوا لهم بمصلحة. هو فى كده ياخواتى؟ كلما وكلوا له محاميا خرج من عنده يقول: ﻻ ﻻ ﻻ ﻻ ﻻ… أنا ماكنتش أعرف إنه كده أبدا! كده اللى هو إيه؟ ليه محسسنى إنه بيتحرش بيكو؟
ثم إنك المواطن هذا الذى «طلع طلع ونزل على مافيش»، ما الرسالة التى يفهمها أى إنسان من هذا المسلك العجيب حين تتظاهر وتغضب وبمجرد أن يذهب وفد المتسولين إلى طال عمره ويعود محملا بتاج الجزيرة السلطانية فإذا بك تهدأ وتنسى الأمر؟ حط نفسك مطرحهم فى المملكة أنت.. سيقولون: كانوا يبتزوننا للحصول على المال. لها معنى تانى؟
وماذا يعنيك فى ما إذا كان الجيزاوى مذنبا أم غير مذنب؟ هل ما يجرى الآن هو محاكمة عادلة لشخص مذنب؟ ولو إنه مذنب لما اضطرت السلطات السعودية إلى الضغط على كل محام يتطوع للدفاع عنه ليتخلى عن القضية. ولو إنه مذنب لما أخفى مطار القاهرة بيان وزن أمتعته والفيديو الذى به صورة لحقائبه وخالف أمر النائب العام بمنح زوجته ومحاميه بيانا بوزن الأمتعة، وعدد الحقائب، وما إذا كان خرج بممنوعات من مصر. ولو إنه مذنب لما اضطرت السلطات السعودية إلى تغيير الموضوع والحديث عن «الأخوة العربية»، لأنهم ليس لديهم أى أدلة على إدانته لتقديمها للرأى العام، اللهم إلا صور علب جهينة والخطاب الذى كتبه بخط رجله يشكر فيه «مقام خادم الحرمين»! ما الذى فعله الجيزاوى حتى لا يستحق محام واحد للدفاع عنه ويضطر إلى الدفاع عن نفسه بنفسه؟ هل اقترف أكثر مما اقترف مبارك الذى لديه فريق دفاع مصرى وأجنبى مشكل؟ هل ارتكب ما ارتكبه بعض مرشحى الرئاسة من جرائم قتل وفساد بمشاركة النظام السابق ولولا الصمت الانتخابى لصرّحت بأسمائهم؟
إنتو تنحين ليه؟ واحنا كنا بنعمل مظاهرات عشان يدّونا فلوس ولّا إيه؟ إخص الله يكسفكو. آه.. فرحانين بالانتخابات.. ربنا يسعدكم ويطعمكم ما يحرمكم ويفرّح قلبكو، ولا يهرى كبدكو، ولا ينفخ فخدكو… أى انتخابات وأبناء مصر مهانين بالداخل والخارج وأحد مرشحى الرئاسة يهددنا بالقتل العلنى ويعلمنا بأن ما حدث فى العباسية كان «بروفة»؟ طب ضع نفسك مكان مرشح الرئاسة الذى كتب الله له ملك مصر وجريان الأنهار من تحته، حين يرانا نفرط فى حق 12 ألف سجين فى داخل مصر، وأكثر من 1500 سجين فى السعودية التى تتدخل فى كل تفصيلة من تفاصيل بلادنا بداية من الإعلام، مرورا بالانتخابات، حتى الأزمات السياسية، طب أنا مش باحب أبو إسماعيل، لكن ما شأن السلطات السعودية حتى تتدخل وتقول بإن والدته دخلت الأراضى السعودية بجواز أمريكى دون أن يطلب منها ذلك أحد؟ ماتيجى تنتخب أنت يابا.