قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم، وإن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق.
"بيد أن الله -عز وجل- حينما أوجب على الرعية أن تطيع ولاة الأمور لم يجعل هذه الطاعة مطلقة من كل قيد؛ بل قيدها بضوابط وشروط، أهمها: ألا تكون في معصية الله؛ ذلك لأن الحاكم والمحكوم كلهم عبيد لله -عز وجل- وواجب عليهم طاعته وامتثال أوامره؛ لأنه هو الحاكم وحده، فإذا قصرت الرعية في حق من حقوق الله تعالى فعلى الحاكم تقويمها بالترغيب والترهيب حتى تستقيم على الطريق، وكذلك الحاكم إذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة له. وإنما على الأمة نصحه وإرشاده، والسعي بأي وسيلة إلى إرجاعه إلى الحق شريطة ألا يكون في ذلك مفسدة أعظم من مصلحة تقويمه، وإلا فعلى الرعية الصبر حتى يقضي الله فيه بأمره".