
19-04-2012, 03:33 PM
|
 |
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
|
|
رد: مخطط تصفيه الثوره ,,
العقل الصلصالى!
إبراهيم عيسى
لو ركزت قليلا فى كل مقابلات مقدمى التليفزيون مع المرشحين الأهم للرئاسة وفى كل مؤتمراتهم الانتخابية وحواراتهم الصحفية فلن تعثر على عنوان كتاب واحد تحدثوا عنه ولا جملة من مفكر واحد استندوا إليها ولا بيت شعر استشهدوا به على صحة آرائهم أو تحليلاتهم، هذا بعد مرور أكثر من عام على إعلانهم الترشح (دعك من الأسماء المجهولة فهى لا تزال مجهولة)، هناك طبعا ذِكر (مُلِحٌّ أحيانا) لآيات قرآنية وأحاديث نبوية، ولا تعرف هل هذا مغازلة للتيار الإسلامى أم تقرُّب إلى جمهور الدين التليفزيونى أم تعبير عن أفكار المرشحين فعلا!
طبعا نحن لا نريد مفكرا للرئاسة وإن كنا نتمنى، لكن الظاهرة كلها تعبير عن عدم اهتمام المجتمع بالوعى والثقافة والقراءة، حتى إن جمهور الناخبين والمؤيدين لأى مرشح من المطروحين لم يقلق من غياب برنامج مكتوب للمرشح فى معمعة السياسة الراهنة، لا المرشح مهموم بأن يبدو مثقفا ولا الجمهور يطيق أن يكون مرشحه كذلك.
على الناحية الأخرى كلما ينطق عضو فى المجلس العسكرى بجملة أو تصريح أو رأى تعرف أن آخر مرة قرأ فيها هذا اللواء كتابا كانت فى امتحان ترقية أركان الحرب، باستثناءات محدودة جدا يمكن أن أذكر لأصدقائى أسماءها على جنب، فلا شىء إطلاقا يوحى بأن هؤلاء اللواءات قراء بالمعنى العام أو مثقفون، بل إن معلومات الجميع وثقافتهم تستند فى الدين إلى الخطب والبرامج التليفزيونية، والثقافة السياسية تأتى من برامج المساء وضيوفها!
لا أريد لأسباب الزمالة والعشرة ولأن المسألة مش محتاجة إلى شرح أن أتحدث عن ثقافة مقدمى البرامج وصناع التليفزيون.
من هنا كان طبيعيا أن نقع كلنا فى شر جهلنا خلال العام الماضى بعد ثورة عظيمة رائعة كانت تحتاج إلى عقول واعية تتحرر، لكن العقول الجاهلة عندما تتحرر لا تضيف كثيرا إلى الحرية، بل تنتقص منها وتشوّهها، وهذا ما تشهده من ثلاثين مليون مصرى ذهبوا إلى صناديق الانتخابات ليختاروا ضد مصلحة بلادهم ومصلحتهم الشخصية، لأن الديمقراطية ليست تصويتا وصناديق فقط، وعندما تكون كذلك فقط تؤدى إلى انتخاب الاستبداد بحرية كاملة!
ولا يزال كما قلت سابقا يفاجئنى الدكتور أحمد زويل كلما وصل إلى مصر بمقابلة أو مكالمة يناقشنى خلالها تفصيلا وتفنيدا فى أحدث كتبى معجبا بما قلت أو مختلفا معى فى ما ذهبت إليه، يتابع بدأب ويقرأ بإخلاص، ليس الأمر متعلقا بكتبى فقط، بل نتشارك فى الحوار حول أحدث الروايات وأهم الكتب، هذا عالِم كبير وفذّ إذن ومشغول لشوشته، ومع ذلك يقرأ ويطّلع ويتحصل على معلومات وأفكار جديدة، وأول مشاويره فى القاهرة تكون فى مكتباتها مشتريا ومقتنيا أحدث ما صدر وأهم ما نُشر.
الحال نفسه مع مرموق ومشغول آخر هو الدكتور محمد البرادعى (بالمناسبة سيسافر بعد شهر للقاء دعا إليه رئيس مؤسسة «جوجل» يحضره ثلاثون شخصية فقط من العالم كله لمناقشة التحديات الحالية أمام الدول والشعوب فى ما يشبه «مجلس إدارة الكون»)، الدكتور البرادعى الذى يكاد يتلو غيبًا مقاطع من كتابات قرأها أو آراء توقف عندها لكاتب أو لفيلسوف.
آه.. هؤلاء ناس تقرأ، وهذا هو الفرق الفارق بينهم مثلا وبين نخبة مصرية أكاد أظنها متجاهلة لجهلها وسعيدة بأميتها، يتحفك سياسيون بارزون أو مسؤولون كثيرون أو إعلاميون مسيطرون أو فنانون ومبدعون بحجم الجهل المنتفخ المتسرطن كالورم فى كلامهم وحواراتهم وتصريحاتهم.
نعرف أن العرب لا يقرؤون، وطبعا ولا المصريون، ومن الصعب وربما من المستحيل أن تشاهد فى عربة مترو أو قطار راكبا يمسك كتابا ويقرأ فيه، قد تجده يقرأ فى المصحف مثلا، وهو للأسف قد لا يفهم فى الغالب معانى كلماته وتدبُّر آياته، فلم أصادف مصريا يقرأ فى تفسير القرآن فى المترو أو القطار أبدا كأننا أمام قراءة لا تدبُّر أو تلاوة ولا تفكُّر!
المشكلة ليست فى الشعب الذى لا يقرأ، بل فى أن النخبة التى تحكمه أو تدير حياته أو تشغل دماغه فى الإعلام هم خُشُبٌ مسنَّدة فى الثقافة، ومع هذا الجهل فمن الطبيعى أن ينتشر التعصب والتطرف والتسطح بين الشعب وفى الشعب ونهدر ثورة أعظم من قدرتنا على إهدارها بسهولة!
العائلة المصرية نفسها مؤسسة ضد الثقافة والقراءة؛ الأب يعاقب ابنه لو وجده يقرأ فى غير كتب الدراسة، والأم تنتفض ضد ابنها لو ضبطته يقرأ كتابا فى السياسة، المصريون يقرؤون -لو قرؤوا- كُتيِّبا عن الحجاب، أو عدة صفحات تشبه ملخصات ومذكرات الدروس الخصوصية تحمل عنوانا من نوعية التحذير من الشيعة أو أفضال السُّوَر والأدعية!
العقل المصرى عجينة لينة وطرية وصلصالية النزعة!
__________________
|