عرض مشاركة واحدة
  #1196  
قديم 15-03-2012, 02:24 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

العاصفة الكاملة


د.عز الدين شكرى فشير



الظاهرة المعروفة باسم «العاصفة الكاملة» ليست مجرد ريح عاتية تهبّ أو مطر غزير ينهمر، بل نظام معقد ومتكامل تتداخل فيه حركة الرياح مع حرارة الكتلة الأرضية والبحر مع الضغط الجوى وتحركه مع درجة الجفاف والرطوبة مع غيرها من عناصر المناخ المتغيرة. أحيانا تتراصّ هذه العناصر بأشكال معينة، وتتسلسل بترتيب معين، وتتفاعل مع ظواهر مناخية أخرى، أعاصير أو عواصف أو زعابيب، فينشأ عن هذا التفاعل والتراص والتسلسل اتحاد لهذه العواصف والتقلبات واندماج بينها فتنتج، عبر عدة أيام من التصاعد والتداخل، ما يسمى «العاصفة الكاملة». هذا النوع من العواصف المركبة -يمكنك أن تسميها أُم العواصف إن شئت- نادر الحدوث، لكنه إن وقع فلا يُنسى، بما يخلفه من أثر.
أدعوك إذن للنظر إلى الثورة، لا على أنها مشروع خطّط لتنفيذه «أصحاب الثورة»، وإنما باعتبارها عاصفة كاملة، تنشأ من اتحاد تقلبات مناخية متعددة، قد لا يكون هناك علاقة بينها فى البداية، لكنها سرعان ما تتداخل وتندمج فينتج عن ذلك شىء أكبر وأعظم تأثيرا -ودمارا أيضا- من أى من مكوناتها، وتكتسب هى نفسها آليات خاصة بها، ويصبح لها إيقاع وحركة خاصَّان بها، بحيث تفقد العناصر التى شاركت فى صنعها السيطرة على حركتها تلك وعلى اتجاهها. وتظل العاصفة الكاملة منطلقة فى طريقها الخاص حتى تستنفد قواها فتهدأ وتموت، فى وقتها هى، بغض النظر عما تخلفه من ورائها.
إحباط مترسخ ومتزايد لدى الأغلبية، إحساس عام بالفشل وبالمهانة، انسداد الأفق، تفشى الظلم الاجتماعى والاقتصادى والإنسانى، التضييق على الخلق، فشل أجهزة الدولة فى أداء وظائفها الرئيسية، تدهور وانهيار الخدمات الأساسية، تفشى المحسوبية وتأصلها، عقم النظام السياسى وانسداد شرايينه ونمو القوى السياسية خارجه، تغير ثقافة أغلبية المجتمع وبقاء نظمه كلها عتيقة منبتة الصلة بالواقع، تغير العالم من حول مؤسسات الدولة التى ماتت وهى واقفة فى مكانها تتظاهر بالحياة، تزايد الاستخفاف بالناس، تزايد الاستخفاف بالدولة، وتهميش أكثر من ثلاثة أرباع المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا. ليس هذه قائمة حصرية بالتقلبات المناخية التى سادت مصر منذ نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، وإنى على ثقة بقدرة القارئ على إضافة الكثير إليها مما رأى وعايش.
ليست هذه مجرد «ظروف مواتية»، بل كان ولا تزال هناك عواصف وزعابيب وأمطار وتقلبات صغيرة ومتفرقة، بوتيرة غير ثابتة، لكنها متقاربة، ربما كان آخرها إعصار خالد سعيد ثم طوفان تونس. ومن 25 يناير وحتى 11 فبراير، وهذه التقلبات تتحد وتتداخل وتندمج وتتصارع حتى أفرزت ما أفرزت. من المؤكد أن الإخوان المسلمين كان لديهم تصور أو مشروع أو خطة، وأن الدول الأجنبية كان لديها تصور أو مشروع أو خطة، وأن مؤسسات الدولة كان لديها مشروع أو تصور أو خطة، وأن مجموعات الشباب المنظمة كان لديها مشروع أو تصور أو خطة، لكن العاصفة الكاملة هى الثورة المناخية الكبرى التى تداخلت فيها كل تلك الخطط والمشروعات والتصورات وأصبحت كائنا أكبر من كل هذه الخطط، يتغذى بها ويتضمنها، لكنه لا يتبع أيا منها، بل يكتسب آليات وحيوية خاصة، وينطلق فى طريق هو محصلة الصراع بين كل هذه المشروعات وكل الظروف التى أنشأتها.
إن تخلينا عن رؤية الثورة كأنها خطة لجهة ما تعرف إلى أين تأخذنا، ونظرنا إليها باعتبارها عاصفة كبرى، لتغير السؤال الذى نسأله لأنفسنا. فإن كانت الثورة عاصفة كاملة ناتجة عن اتحاد عواصف أصغر وتقلبات مناخية متعددة، وإن كانت لا تخضع لسيطرة جهة محددة، فإن السؤال الأهم يصبح: إلى أين تأخذنا هذه الثورة العاصفة؟ وإلى متى؟ وهل نحن فى أولها أم فى آخرها أم أننا يا ترى فى المنتصف؟ هل ما شهدناه هو العاصفة الكاملة أم مجرد جزء من تجمع الرياح والحرارة والضغط والرطوبة وهم فى طريقهم الآن لتصادم أكبر وعاصفة أشد؟
__________________

رد مع اقتباس