عرض مشاركة واحدة
  #1158  
قديم 13-03-2012, 02:18 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

اختراع الأصول


د.عز الدين شكرى فشير



حين قلت إن مكافحة الفساد تتطلب بناء معايير موضوعية لتمييز العمل الجيد من الردىء تحل محل شبكة الولاء والحماية التى تقوم عليها الأنظمة الحالية، وإصلاح هياكل الأجور وهياكل الوظيفة العامة بشكل عام، ذكرنى بعض القرّاء بالفساد الكبير، أى نهب موارد البلاد وأموال العباد بمئات الآلاف والملايين. وطبعا المواطن الذى يغوص قلبه بين أضلعه وهو يسمع عن أرقام الفساد الكبير يركز كل تفكيره عليه، ويريد قوانين وعقوبات مغلظة ضد السرقة والنهب. وهذا ضرورى، وأكمل عليه ضرورة وجود نظم مالية ورقابية تقلل من قدرة الناهبين على النهب. ولكن هذا جانب واحد من الفساد، وموجود فى كل البلاد وكل الأنظمة، والقضاء عليه أو مكافحته عملية مستمرة، لكنها لن تقضى على الجوانب الأخرى -والأخطر- لفساد الأنظمة المصرية، وهى فشلها وعدم قدرتها على القيام بمهامها، وقيامها على معايير فاسدة مرتبطة بالولاء من جانب المرؤوس والحماية من جانب الرئيس أكثر مما هى مرتبطة بإنجاز أو جودة فى الأداء.
وهذان الجانبان لا يمكن إصلاحهما بقوانين وعقوبات، بل الأمر أعقد وأصعب من ذلك بكثير. فحين تنهار الأصول التى يتبعها الناس، كيف تخلق لهم أصولا جديدة وتدفعهم للالتزام بها؟ كيف تخلق معايير موضوعية للجودة والأداء يمكن للناس الرجوع إليها فى المجالات المختلفة بدلا من معايير الولاء والشللية والقبلية والحظوة والاستلطاف والدلال وبقية القائمة المشينة؟ كيف نخلق «أصولا» لكل مهنة ونشاط فى المجتمع، فى الطب والهندسة والصحافة والسياسة والفنون والحرف اليدوية؟
عادة تنشأ هذه الأصول عبر الزمن، مع الممارسة وتطور المجتمع. لكن الأصول التى نشأت عندنا وتجذرت فاسدة، فكيف نخلق أصولا أخرى صالحة، وهذه الأشياء لا تنشأ بقرار أو قانون؟ هناك طريقتان لا أرى ثالثة لهما: الأولى، هى النقل عن غيرنا ممن لديهم نظم تنجز مهامها بنجاح، والثانية، هى فتح أبواب المنافسة فى كل المجالات وبأكبر قدر ممكن.
نقل معايير حسن الأداء والإنجاز والتميز من غيرنا لا يعنى طبعا إغفال ظروفنا الخاصة، ولا الانقياد الأعمى للغير، ولكن أصبح من الضرورى فعلا أن نصارح أنفسنا بحقيقة الفساد والعطب المستشرى فى مؤسساتنا. لم يعد من المقبول أن نواصل الطبطبة على أنفسنا، وتكرار أننا لسنا دولة فاشلة، وأننا علّمنا الأمم، وأن لدينا خبراء فى كل المجالات إلى آخر هذه القائمة السقيمة. نعم لدينا عقول وخبرات عظيمة، لكن للأسف لدينا مؤسسات فاشلة، وإن لم نحدث نوعا من القطيعة مع فشلها ونقف منها موقفا نقديا صارما، فإننا سنهدر المستقبل لصالح كبرياء زائف لا يخدع غيرنا. البيت متهدم يا سادة، والمطلوب بناء بيت جديد بأسس جديدة. نعم، بعض الأثاث القديم يصلح، وبعضه له قيمة رمزية، الكرسى الذى كان يجلس عليه الجد، وصورة العائلة، وكتبنا القديمة وملابسنا. يجب أن نحمل كل هذا إلى بيتنا الجديد، لا التراب ومواسير المياه الصدئة وشبكة الصرف المتهالكة. نحتاج إلى شبكات جديدة وجدران وسقف وتصميم جدد.
ونحتاج إلى فتح باب المنافسة من أجل تشجيع الإنجاز وخنق الشللية وإخواتها. ويعنى ذلك عمليا إغلاق المحميات التى لا يمكن الدخول فيها إلا بإذن القائم عليها، سواء كانت محميات الدولة أم احتكارات خاصة. مؤسسات الدولة التى لا تعطيك فرصة إلا لو كنت حسيبا لمديرها يجب حلها، وإخراج النشاط الذى تحتكره إلى المنافسة المفتوحة وتحويل الإنفاق العام على هذه المؤسسات لدعم المبادرات الخاصة فى ذات المجال. الاحتكارات الخاصة يجب تحطيمها: سواء بالقانون أو بتمويل مبادرات منافسة فى نفس مجالاتها. فتح باب المنافسة سيضعف الشللية والمحسوبية وبقية صور فساد المعايير. ومع فتح أبواب المنافسة فى كل المجالات وتشجيع نقل معايير الإنجاز وجودة الأداء من غيرنا، ومع الوقت والمساءلة والمشاكسة من قِبل الناس، سنبنى معايير ومؤسسات أفضل.
__________________

رد مع اقتباس