عرض مشاركة واحدة
  #1119  
قديم 12-03-2012, 02:16 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

حجة البليد البرلمانى (2)



جمال فهمي





تحدثت أمس عن حجة أن الإعلان الدستورى يجرد البرلمان من سلطة إسقاط الحكومة، وهى الحجة البليدة التى اكتشفتها فجأة الست «جماعة» الأكثرية فى مجلس الشعب واتخذتها ذريعة للتراجع ولحس تصريحات عنترية فارغة صدعتنا بها على مدى أسبوعين كاملين، وأنذرتنا فيها بأنها ستسحب ثقتها الغالية من وزارة الدكتور الجنزورى، ومن ثم ستقفز هى إلى سدة المسؤولية مكانها بدل قعدتها الطرية الحالية تشتم وتهجو وتأكل الفتة ولا تحكم ولا تظهر للناس الغلابة الذين انتخبوها شطارتها فى إدارة شؤون البلاد.
وختمت سطور أمس بوعد القراء الأعزاء أن أحكى لهم حكاية البرلمان الذى انطلقت منه شرارة الثورة الفرنسية (قبل يوم إسقاط الباستيل بأسابيع طويلة) رغم أنه لم يكن موصوما بتهمة «برلمان الثورة» التى يدعيها إخوانا سكان تلك السوق العشوائية المنصوبة عندنا حاليا فى شارع قصر العينى.. فإلى الحكاية:
حل عام 1789 بينما أوضاع فرنسا الاجتماعية والاقتصادية فى أسوأ حال، وقد كان الإفلاس المالى والانهيار الاقتصادى بلغا حدا خطيرا، ما جعل الملك لويس السادس عشر يفكر فى إجراء انتخابات تشريعية جديدة على أمل أن تفرز هذه الانتخابات برلمانا يكون من القوة، بحيث يتمكن من تمرير حزمة ضرائب تضيف المزيد من الأعباء على كاهل شعب تعانى أغلبيته الساحقة من شتى صنوف البؤس، بيد أنها الحل الملكى الوحيد لإنقاذ خزانة الدولة الخاوية.
وبالفعل أجريت الانتخابات فى شهر أبريل من العام نفسه، وعقد البرلمان أولى جلساته يوم 4 مايو بقصر فرساى بالقرب من باريس، وكان البرلمان أيامها ليس برلمانا موحدا بل مجلسا للطبقات موزعا على ثلاثة أقسام منفصلة تماما حتى فى أماكن جلوس النواب داخل القاعة، القسم الأول كان يتألف من ممثلين لطبقة النبلاء والأمراء، والثانى يضم ممثلين لطبقة رجال الدين، أما القسم الأخير فينحشر فيه من كانوا يسمونهم نواب «الطبقة الثالثة» أى جموع الشعب!!
غير أن ما حدث بعد يومين فقط (يوم 6 مايو) من قيام الملك بافتتاح دورة المجلس الجديد أن ممثلى طبقة الشعب اجتمعوا وقرروا التمرد على «الإرادة الملكية» التى كانت وقتها بمثابة «الدستور» بل ربما أعلى وأقوى إذ تكاد تكون «إرادة إلهية»، وأعلن جموع النواب هؤلاء أنهم من الآن فصاعدا لن يعود اسمهم نواب الطبقة الثالثة (أو بالأحرى «الدرجة الثالثة»)، إنما سيجتمعون دائما تحت اسم «مجلس العموم» أسوة باسم الغرفة الأولى فى البرلمان البريطانى.
ورغم عاصفة الغضب التى هبت من القصر الملكى أمعن نواب الشعب بعد ذلك فى التحدى والجرأة، وقرروا فى جلسة عقدوها بعد أقل من شهر ونصف الشهر (يوم 17 يونيو) بمشاركة أغلبية النواب الفقراء ممثلى مجلس طبقة رجال الدين تغيير وضع البرلمان برمته وإلغاء الفصل الطبقى بين أقسامه الثلاثة وتحويله من «مجلس للطبقات» إلى برلمان موحد يحمل مسمى «الجمعية الوطنية» أو «مجلس الأمة»، وهو الاسم نفسه الذى ما زال يتسمى به البرلمان الفرنسى حتى الآن، أكثر من ذلك صوت النواب بأغلبية كبيرة على عدم شرعية الضرائب التى قررها الملك، وقامت الحكومة بجبايتها.
وبعد أن أصبحت الأغلبية البرلمانية فى صف هذا التغيير الثورى الخطير الذى وحد تمثيل الأمة الفرنسية وأسقط هيبة الملك وإرادته، حاول هذا الأخير بضغط من النبلاء إجهاض ثورة نواب الشعب فأمر بإغلاق مبنى البرلمان ومنع النواب من دخوله وتأجيل أولى جلساته بعدما صار «جمعية وطنية»، وفوجئ رئيس البرلمان جان سيفان بالى صباح اليوم المقرر لانعقاد الجلسة (20 مايو) بالتشريفاتى الأول يأتيه فى منزله ويسلمه قرار الملك بإغلاق المبنى وتأجيل الاجتماع، ولم يكن عند بالى تفويض من النواب بالتصرف، فلما حل موعد الجلسة ذهب إلى المقر المغلق ومعه مئات الأعضاء الذين حاول بعضهم الدخول عنوة فتصدى لهم الحراس بالسلاح، وقال قائدهم «إنه ليس لديه أوامر باحترام الحصانة البرلمانية»، لكن الرئيس رد عليه بصوت عالٍ قائلا: «اجتماع البرلمان قائم، ولن يؤجل مهما كانت العقبات».
تداول النواب الغاضبون الأمر بعض الوقت إلى أن اقترح النائب جوزيف جيلوتان (الذى اخترع المقصلة) أن ينتقل الجميع إلى ملعب تنس قريب، ويعقدوا جلسة البرلمان هناك، وبالفعل تحرك الجمع المهيب نحو الملعب، واجتمعوا فيه وقوفا، ورددوا معا وبحماس ملتهب ذلك القسم الذى صاغه النائب جان جوزيف مونييه، وسجل فى التاريخ باعتباره البداية الحقيقية للثورة الفرنسية، وكان نصه: «نقسم أمام الله والوطن، أنه أيا كان المكان الذى نضطر للاجتماع فيه، فإن الجمعية الوطنية ستبقى جمعية وطنية، ولا شىء ولا إرادة تمنعها من استمرار عملها ومداولاتها من أجل الشعب، وأن تبقى موحدة ورمزا لوحدة الأمة، ولن تنفصل أو تنفصم أبدا».
هكذا تفعل البرلمانات الثورية الحقيقية لا «المضروبة» التعبانة البليدة.
__________________

رد مع اقتباس