عرض مشاركة واحدة
  #1071  
قديم 10-03-2012, 03:04 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

يا زمن لا ترجع.. ولو كنت حلوًا


وائل عبد الفتاح



تردد الشيخ.. وتلعثم.. قبل أن يقول بصوت منخفض: «تعرف.. أنه.. عندنا.. أى فى الإسلام.. صوت المرأة عورة..». الشيخ بكامل أناقته الأزهرية.. وفى صحن الجامع… مرتبك وهو يعلق على حكاية قديمة عندما رفض الأزهر تسجيل القرآن بصوت أم كلثوم. لماذا ارتبك الشيخ؟ هل شعر بالخجل؟ كان هذا واضحا على ملامحه.. وصوت أم كلثوم يدور أمامه على جهاز «البيك أب» وهى تقرأ القرآن لتلفت انتباه حبيبها وسيدها الكاره للغناء فى فيلم «سلاّمة».. وبينما تنسحب صورة الشيخ الخجول.. تظهر بالتدريج تفاصيل الخروج المجنون للناس فى الشارع لتودّع «سيدة الغناء». هنا تظهر سيدة عجوز… معتنية بهندامها.. شعرها مصبوغ باللون الأسود.. وتجلس فى مهابة لافتة لا تغيب فتنتها رغم سنوات العمر (الطويل). صوتها ما زال يمتلك بحة لافتة للنظر.. إنها منيرة المهدية.. سلطانة الطرب كما كانوا يسمونها بفرح ودلال فى العشرينيات والثلاثينيات.. وربما حتى أوائل الأربعينيات أيضا.. هى فعلا وفى حوار تقول فيه: «.. نعم أنا حججت إلى بيت الله 6 مرات».. صوت نسائى يأتى من بعيد يتعجب: «6 مرات؟!».. وهى تضحك عاليا: «..أيوه ست مرات، وكان جوزى معايا.. وكان بيحاول يخلينى أعتزل.. ويقول لى صوت المرأة عورة». الصوت النسائى المتعجب يضحك فى دلال وقور: «عورة؟ وأنتِ صدقتِه؟». تقول منيرة بعفوية: «كان عاوز يخوّفنى.. وسألت عن الموضوع»، «وقالوا لك إيه؟!» «قالوا لى.. عورة فعلا.. لكنى فضلت أغنّى». كان صوت منيرة المهدية هنا فى حالة ابتهاج حتى إن بحتها الشهيرة عادت أكثر شبابا.. وسمعتها تغنى: «أسمر ملك روحى.. آه يا روحى تعالى بالعجل»! إنهما: منيرة المهدية وأم كلثوم.. سيدة الغناء.. وسلطانة الطرب.. كل منهما امرأة اصبحت «أسطورة» تدور حولها مصائر ورجال.. كل منهما «ست» كبيرة صنعت مكانتها بصوتها الذى ما زال المهووسون دينيا يهتفون بأنه «عورة».. انتهت الحرب بينهما على عرش «المغنّية الأولى» بصعود أم كلثوم وانسحاب منيرة إلى عوّامتها الشهيرة وحيدة مع قطها الأسود. هذه المشاهد فى فيلم وثائقى أحبه أعادت ماريان خورى عرضه هذا الأسبوع.
الفيلم اسمه «عندما تغنى المرأة» (إنتاج 2004). مخرجه (مصطفى الحسناوى) رحل منذ فترة قصيرة، هو تونسى لكنه مغرم بالحكايات الخاصة عن القاهرة. فيلمه الأول عن سيرة عائلة عاشت عصورا مختلفة فى المدينة. وفيلم «عندما تغنى المرأة» يبدأ بمشاهد من محكمة الأحوال الشخصية (زنانيرى).. نساء حزينات.. على أطراف هستيريا دموع وآهات.. جميلة على مشارف الأربعين تعدل هندامها وهى تدخل من باب المحكمة ببدلة أنيقة.. أخرى تغادر العشرين غطت وجهها سحابة دموع أمطرت سيولا.. وثالثة توقفت الكاميرا وهى تتحدث بأسى يبدو باردا: «عايزاه يخلّصنى».. حائرات فى ظل صور مختلفة لسلطة الرجل الحامى: الأب أو المحامى.. والعسكرى وحاجب المحكمة الذى يصدر أوامر بإخلاء الممرات.. وفجأة يتسرب صوت الأغنية القديمة «أبوها راضى وأنا راضى.. ومالك إنت بقى ومالنا يا قاضى».. «إنه صوت الشيخ صالح عبد الحى، وكما تقول الدكتورة رتيبة الحفنى فى الفيلم: «الأغنية كانت اعتراضا على قرار الحكومة بتحديد سن الزواج للبنت»، وكانت تعبر عن رأى الرجال أصحاب السلطة الوحيدة فى مجتمع مصر خلال السنوات الأولى من القرن العشرين. هذا هو موضوع الفيلم: «كيف كانت الأغنية مرآة لما يحدث فى المجتمع؟ كيف تغيرت النظرة إلى المرأة عبر الأغنية؟ كيف عبرت المرأة عن آلامها فى الغناء؟ ماذا يحدث عندما تغنى المرأة؟! يلعب الفيلم على الربط الخفيف بين تعبير المرأة عن موقعها فى المجتمع من خلال الغناء، وسيرة منيرة المهدية وأم كلثوم أشهر امرأتين تحولت كل منهما إلى «رمز» زمن كامل. هذا الربط غير المباشر بين ما حدث فى الماضى وما يحدث الآن.. موديل متميز للأفلام الوثائقية، خصوصا عندما يمكن أن تخدش صور الماضى أوهاما كثيرة استقرت فى أذهان الناس الآن. ربما لى قصة مع صوت أم كلثوم التى عدت من سنوات إلى سماع صوتها بعد هروب طويل من سطوتها وديكتاتوريتها.. وتجذبنى سيرة منيرة المهدية الخارجة عن كل سياق.. والتى تعيش على حريتها ضد كل سلطة سياسية أو اجتماعية. لكننى لا أريد عودة واحدة منهما الآن. أريد فقط أن يذهب كل من يقول إن «صوت المرأة عورة» إلى فاترينة متحف الكائنات المنقرضة.
لا أريد عودة زمن الليبرالية الجميل فى الأربعينيات.
ولا زمن قوة مصر الجميل فى الستينيات.
نريد زمنا جديدا لا نعتذر فيه عن حياتنا الحديثة.
__________________

رد مع اقتباس