
04-03-2012, 11:27 AM
|
 |
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
|
|
رد: مخطط تصفيه الثوره ,,
دستور مصر بين يدى مستشار مبارك والمشير!
إبراهيم عيسى
الأمر لا يتطلب ربما أكثر من أن يرفع المشير طنطاوى أو الفريق عنان سماعة التليفون، ويكلم المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا، ويطلب منه البت الفورى فى دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب!
واضح أنها قد لا تأتى إلا بهذه الطريقة، حيث بات مفهوما ومعروفا ومسلما به أن «اللى عين ما اتحبسش»! فالرئيس السابق مبارك هو الذى عين المستشار الحالى فاروق سلطان، لكن السيد المستشار يبدو مخلصا لنفس طريقة عمله فى عصر الرئيس رغم حبس الرئيس شخصيا!
يجلس المستشار فاروق سلطان مثلنا جميعا، يشاهد أمس جلسة مجلسى الشعب والشورى، حيث يعرض أعضاء المجلسين اقتراحات تشكيل لجنة صياغة الدستور، بينما سلطان نفسه يعرف أن قلم الكتاب بالمحكمة الدستورية قد منح رقما فى جدول المحكمة للقضية التى أحيلت إليها من المحكمة الإدارية العليا للبت فى دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب، وأن القضية قد عرضت على المستشار سلطان شخصيا، ولا نعرف حتى الآن هل قدمها -كما يقتضى الإجراء المتبع- إلى رئيس هيئة المفوضين أم لا، أو ربما قدمها له موصيا بأن تأخذ دورها العادى كأى قضية، وكأنها غير متعلقة بمصير دستور مصر، بل وبمستقبل البلد، أو لعله قال له احتفظ بها لغاية ما نشوف ح نعمل فيها إيه، أو لغاية ما نعرف عايزين منها إيه، أو إمتى؟
المستشار فاروق سلطان يجلس على مقعده مرتاح البال والضمير، بينما فى درج محكمته ضمان إنقاذ البلد من عوار وعار، عوار أن يصوغ دستورها بعد الثورة مجلس شعب مطعون فى دستوريته وباطل بالثلاثة ولا يحق لأى نائب فيه أن يجلس على مقعده يوما، ثم عار أن يأتى دستور مصر القادم الدائم مشبوها بالبطلان ومشتبها بعدم دستورية من وضعه ومن اختار واضعيه!
إلى هذا الحد يبدو المستشار سلطان متسقا مع سيرته المهنية فى عصر مبارك، حيث أزهى عصور استقلال القضاء (استقلاله عن العدل، المعنى لا الوزارة، القيمة لا الوزير!)، ولعلك تتذكر أن تعيين المستشار فاروق سلطان لرئاسة المحكمة الدستورية العليا كان مفاجئا، حيث لم يكن من قضاتها، ولا من نواب رئيسها، ولا كان معروفا بتخصصه يوما فى الدستور وفقهه، بل كان سلطان رئيسا لمحكمة جنوب القاهرة والمشرف على اللجنة القضائية لانتخابات نقابة المحامين ونقابة المهندسين، وحدثت أزمات بينه وبين المهندسين بسبب رفضه تنفيذ أحكام قضائية خاصة بإجراء انتخابات النقابة مما جعلهم يقيمون دعاوى قضائية ضده، ثم كانت ترقيته إلى مساعد أول وزير العدل لشؤون المحاكم المتخصصة عقب الانتهاء من انتخابات نقابة المحامين بأيام قليلة، فى توقيت أثار جدلا واسعا فى الوسط القضائى، حتى إن المستشار ممدوح مرعى وزير العدل وقتها، أقام له احتفالا بمناسبة ترقيته إلى مساعد أول وزير بأحد فنادق القوات المسلحة بمدينة نصر، وقد جاء تعيين سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية خلفا لماهر عبد الواحد ولممدوح مرعى، وكلاهما آيتان فى رضا النظام عنهما ورضاهما عن النظام!
والمؤكد طبعا أن مبارك لم يكن ليعين رجلا فى هذا المنصب، قبل أن تباركه وتزكيه وتدعم اختياره تقارير مباحث أمن الدولة، التى نعرف جيدا عمن كانت توافق ولمن كانت تزكى!
ورغم أن قوى الثورة طالبت من اليوم التالى لتنحى مبارك بأن لا يبقى على مقاعد السلطة القضائية رجال اختارهم مبارك وجهاز أمن الدولة من شخصيات موصومة أو متهمة بالولاء وسماع التعليمات والاستجابة إلى التليفونات، فإن المجلس العسكرى كان مؤمنا بمبارك وبسياسته، وكان توأما لتفكيره وطريقة حكمه فحافظ على وجود رجال مبارك، بل لم يفكر حتى فى أن يضع رجالا ينتمون بالولاء إلى «العسكرى» مكانهم، إدراكا عميق المغزى أنه لا فرق، فمن يسمع كلام مبارك سيسمع كلام المشير، ومن اعتاد على انتظار التعليمات من نظام مبارك سينتظر التعليمات من مكتب المشير!
لهذا كله فإن المأساة مستمرة، ومصر المكلومة منذ تنحى مبارك بالعشوائية فى اتخاذ القرارات والارتجال فى تحديد المسار وانحناء الرجال أمام رغبات «العسكرى» أو أمام أغلبية الإخوان والطرمخة على الأخطاء والجرائم القانونية والسياسية والفهلوة فى ترقيع الثغرات وإخفاء العيوب والكروتة بحجة عايزين نخلص والبلد تمشى وانحطاط كفاءة صناع مستقبل البلد، وغفلة شبابها وثوارها عن الأولويات الرئيسية، وغرور وغطرسة تيارها الدينى، حتى إن قياداته مستعدة للتجاوز عن بطلان وعدم شرعية انتخابهم مقابل تمرير مطالبهم وتحقيق أهدافهم، وتفاهة الإعلام وغوغائيته وتبعية المؤسسات القضائية للدولة ولأوامرها، كل هذا يقود بلدا عظيما مثل مصر إلى مشهد مسف سياسيا ومؤسف حضاريا، فالبرلمان يضع دستور مصر، وهو المطعون فى شرعيته، والذى يمكن أن يكون منحلا بعد أسبوع لو وضع المستشار فاروق سلطان نظارته على عينيه فى مكتبه وخاطب ضميره وضمير محكمته، حيث لا يصح رمى قضية بطلان البرلمان فى درج لحين رنين التليفون أو لحين مجىء الدور.
مصر تستحق أفضل جدا من أن يعاملها رئيس المحكمة الدستورية العليا هذه المعاملة التى لا تليق بعليا المحكمة ولا بعلياء مصر!
__________________
|