عرض مشاركة واحدة
  #736  
قديم 01-03-2012, 01:32 PM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,001
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

الإنجاز

د.عز الدين شكرى فشير


ثورة مصر التى بدأت فى يناير ولم تكتمل فصولها بعد أطاحت بكتالوج التصرفات السليمة القديم. بل أطاحت بمبدأ الكتالوج نفسه وأرست لنفسها قاعدة جديدة لقياس سلامة السلوك، ولهذا فهى ثورة ثقافية فى الأساس. ما القاعدة الجديدة؟ هى تحديد مدى سلامة السلوك قياسا على نتائجه المتوقعة -قدرته على إنجاز الهدف- لا وفقا لمطابقته لكتالوج متوارَث يحدد الصواب من الخطأ. الفارق ضخم: هل تنظر إلى الوراء كى تحدد أين تذهب أم تنظر للأمام؟ هل تحدد سلوكك وفقا لمبدأ ثابت أورثك إياه من خلّفك أم وفقا للأثر الذى تتوقع أن يؤدى إليه هذا السلوك فى تفاعله مع الواقع من حولك؟ قد يبدو الفارق للبعض نظريا أو تافها، لكنه فى الحقيقة فارق ثقافى ضخم له أبلغ الأثر على حياة الناس، أو موتهم.
الفارق بين القياس بناء على إنجاز الهدف أو القياس بناء على التوافق مع كتالوج السلوك السليم هو الذى يميز الثقافة العملية عن الثقافة التقليدية. المجتع التقليدى يسوده المنهج القائم على الرجوع إلى الكتالوج الموروث لتحديد السلوك. المجتمع العملى يسوده أناس يقيسون الأفعال بنتائجها المتوقعة. ماذا نفعل إن قصف العدو منطقة الحدود؟ هل نردّ عليه عسكريا أم نبحث عن حل سياسى؟ الإجابة لدى التقليديين تعتمد على مبادئ السلوك السليم التى ورثوها، فإن كانت تقول إن الشرف الرفيع لا يُصان حتى يراقَ على جوانبه الدم لحظة النيل منه فإن السلوك السليم هو الرد العسكرى، وبذل الغالى والرخيص حتى لو فنينا عن آخر رجل منا، لأننا حينئذ نموت شرفاء، وفيين لمبادئنا. أصحاب التفكير العملى سيسألون عن النتيجة المتوقعة للدخول فى الحرب الآن، ويقارنونها بالنتائج المتوقعة للوسائل السياسية، ثم يقررون أيها أفضل وفقا لحسابات المكسب والخسارة، لأن صيانة الشرف لديهم مرتبطة بالنصر وصيانة النفس، لا باحترام مبدأ «العين بالعين» فى حد ذاته.
لست هنا فى معرض المفاضلة بين الثقافتين، بل فى تحديد اتجاه الثقافة المصرية -والعربية- المتغيرة. والذى أرصده من متابعة أسلوب تفكير وتنظيم وتحرك الذين قادوا الحركات الاحتجاجية منذ 2005، والمجموعات التى احتلت ميدان التحرير عند اندلاع الثورة، وهؤلاء الذين يقودون التيار الثورى، من حركة «6 أبريل» حتى حملة «كاذبون»، هو أنهم جميعا من أبناء الثقافة العملية. هذا التيار، بطريقة عمله واختياراته وأسلوبه المتجدد لم يكن من الممكن أن يولَد من رحم ثقافة تقليدية تختار سلوكها السياسى وفقا لمبادئ موروثة، بل هم أصحاب ثقافة مغايرة، تختار سلوكها وفقا لقدرتها على إنجاز أهدافها فى ظل الواقع القائم.
وليس ضروريا أن يكون هذا الشباب واعيا بذلك، بل يأتيه الأمر بصورة تلقائية، وهذا فى حد ذاته مؤشر على عمق التغيير الثقافى الذى حدث فى مصر. فأن يكون لدينا مليون شاب يفكرون ويتصرفون بهذه الطريقة معناه أن هناك ملايين أخرى تفكر بنفس الطريقة، لكنها لسبب أو لآخر لا تشاركهم العمل السياسى. فالموضوع لا يتعلق بالتوجه بل بالطريقة: قد يكون المرء فلولا وعمليا فى الوقت نفسه. وكثير من شباب الإخوان المسلمين بل ومن السلفيين يتبنون هذا المنهج العملى فى التفكير. فليست العملية نقيضا للمبادئ، وإنما مثلما قلت هى قياس السلوك بناء على قدرته على إنجاز الهدف، أيا كان هذا الهدف. وأبلغ مثال على تبنى بعض السلفيين منهجا عمليا هو تغيير موقفهم من الديمقراطية. فبدلا من تقرير إن كانت حراما أو حلالا وفقا لمطابقتها مبادئ الكتالوج (أى القراءة السلفية لتعاليم الدين)، أصبحوا يقررون موقفهم منها حسب قدرتها على إنجاز هدفهم، إن قربت المجتمع من تطبيق الشريعة أخذوها، وإن أبعدته عن ذلك تركوها.
هل يعنى ذلك أن الثقافة المصرية تغيرت بالفعل؟ نعم، ولكن تغييرا لم يكتمل بعد. فهو مثل الثورة، يفور ويفرز موجاته الأولى. يلقى مقاومة من أتباع التفكير التقليدى، ويثور صراع بين هؤلاء وهؤلاء. لكن عمر القديم ما انتصر على الجديد، إلا إلى حين
__________________

رد مع اقتباس