الدليل الرابع :- حالات الركود الاقتصادي هي لعبة الرأسمالية
حالات الركود الاقتصادي التي تنتاب الأمم كل عام والعالم كله كل بضعة أعوام وتتسبب في إفقارعشرات الملايين من البشر ليس سببها نقص الانتاج بل الانتاج يتزايد باضطراد وإنما سببها أسواق المال والمضاربات.. فالأمر في الأسواق الرأسمالية يفتقر للمنطق كما يقول الخبير الأقتصادي الألماني مارسيل ستيم Marcel Stemme .
في عام 1988 قرر رونالد ريجان في لقاء سري في فندق بلازا في نيويورك مع مدراء مصارف اليابان وبريطانيا التدخل وخفض سعر الصرف مما يعني أرباحا ضخمة وبالفعل فجأة تم خفض سعر صرف الدولار بنسبة 30% مما كان يعني أن احتياطي الدولار في المؤسسات والمصارف العالمية قد فقد ثلث قيمته دون ذنب ترتكبه هذه المؤسسات وخرج جعفر بن حسين رئيس مصرف Negara الأعظم في ماليزيا معلنا عن غضبه مما لحق بالمؤسسة المالية الماليزية من خسائر كبرى فقرر بداية اللعبة الكبرى مع هذه المؤسسات العالمية وبتغطية من مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا وبلعبة بمنتهى الذكاء والحرص بدأ الماليزيون يبيعون إلى عشرات المصارف في وقت واحد مليارات الدولارات من عملة واحدة معينة مما يؤدي الى اهتزاز الثقة بتلك العملة وينهار سعر صرفها وهكذا وعندما ينهار سعر صرفها الى الحد المطلوب يقوم الماليزيون فجأة بشراء العملة مجددا بمليارات الدولارات فيحققون أرباحا دسمة عندما تعود لسعرها الحقيقي وهكذا وفي دقائق معدودة قاموا بضخ مليارات الجنيهات الاسترلينية في المصارف مما أدى إلى فقد الجنية الاسترليني خمسة سنتات أمريكية دفعة واحدة ثم قاموا بشرائها مجددا مما جعل المصرفيون البريطانيون يصابون بالجنون وهكذا أعطوا درسا للمؤسسات الغربية لكن الجميع كان يدرك من داخله ان الرأسمالية لعبة قذرة ..!!
المصدر: فخ العولمة GLOBAL TRAP..هانس بيتر مارتن – هارالد شومان ..ترجمة د.عدنان عباس علي .. عالم المعرفة اكتوبر 1998 ص127
ومن المعلوم أن جميع المجرمين يأخذوق بقواعد اقتصاد السوق كما يقول هيرمان ريجنزبرج Regensburger Herrman وزير الدولة للشئون الداخلية في بافاريا ... ولذا فقد أعلن ستيفن روش Stephan Roach رئيس الاقتصاديين لدى مصرف Morgan Stanley أعلن ردته عن الرأسمالية واعتبر أنه كان تحت مخدر أن الرأسمالية يمكن ان تؤدي الى الجنة .
لا يوجد تفسير واضح ومنطقي لإنهيارات المصـارف العالميـة لماذا حدث الانهيار الضخم في العقد الماضي في ثاني أقوى اقتصاد في العالم ( اليابان ) وفاقت تراجعات مؤشر نيكي ما تعرضت له أمريكا في ثلاثينيات القرن الماضي.. وفي عام 1995 عندما فرضت فرنسا حالات تقشفية شديدة وهي رابع أقوى اقتصاد في العالم ولولا التقشف لانهارت رغم أن إنتاجيـات تلك الدول تتزايد باطراد!! لماذا تخشى اليونان والبرتغال في عام 2011 الإفلاس وتفرضـان حالات من التقشف الشديدة مما ينذر بمظاهـرات عـارمة ؟؟
إن عدم الاستقرار المالي سمة أصيلة وجزء لا يتجزأ من الاقتصاد الرأسمالي ..!!
أيضا هروب رأس المال أمر بديهي وظهر مؤخرا ما يُعرف بأممية رأس المال حيث يهدد الرأسماليون الحكومات بهروب رأس المال ما لم تستجب لطلباتهم مثل تسهيلات ضريبية مشروعات تحتية مجانية إلغاء قوانين الحد الادنى للاجور .. وظهرت الرأسمالية القاتلة على حد وصف مجلة Newsweek
والمستثمرون يتراجعون بسرعة عند وجود خلل في السياسات الاقتصادية المحلية، فرأس المال جبان لذلك عندما يفقد المستثمرون ثقتهم في الاقتصاد، يتوقف ضخ رؤوس الأموال للداخل وتخرج تدفقات كبيرة، مما يؤدي إلي التعجيل بوقوع أزمة مالية، يمكن أن تمتد بسرعة لتصل إلي إقتصاديات دول أخرى. ولذا يقول هورست كوهلر Horst Koehler رئيس اتحاد صناديق الادخار الألمانية إن الأزمات المالية لا يمكن تشبيهها إلا بالانفجارات النووية لأنها تؤدي الى نفس الخسائر ونفس الكوارث وطالما أصر العالم على ان يكون ليبراليا رأسماليا فعليه ان يستعد كل بضعة سنوات لكارثة نووية رأسمالية ..
المصدر: فخ العولمة GLOBAL TRAP..هانس بيتر مارتن – هارالد شومان ..ترجمة د.عدنان عباس علي .. عالم المعرفة اكتوبر 1998 ص147
الدليل الخامس :- لقد قامت الرأسمالية بتركيع الطبقة العاملة ( البروليتاريا )
عندما استغلت الرأسمالية أوربا وبعد انهيار الشيوعية أظهرت الرأسمالية وجهها القبيح فأعلنت الخطة أوربا 92 والتي كانت تهدف لخصخصة المؤسسات الأوربية وأدت هذه الخطة التي أعجبت الطليعة الليبرالية إلى تسريح خمسة ملايين عامل على أدني تقدير وهذا في أوربا منجم فرص العمل والثروات .. وأصبح دليل رفع الجدارة وقدرة المؤسسة على المنافسة داخل البورصات العالمية يتناسب طرديا مع القدرة على تسريح أكبر عدد ممكن من العاملين..!!
وبسبب الترشيد الحاد وتقليص العمالة قدر الإمكان ضاعت في الفترة من 1991 الى 1995 في صناعة السيارات وحدهـا حوالي 300 ألف فرصة عمل في ألمانيا مع أن عدد السيارات المنتجة سنويا ظل ثابتا ..فالتسريح المباشر الذي يُعبَر عنه في لغة الساموراي بقطع الرأس هو أفضل ما لدى الرأسمالية من نمو ولم يعد من الحرمات الاجتماعية ... ولذا عندما قرر جويجن شريمب Juegen Schrempp مدير مؤسسة دايملر بنز العملاقة تسريح 56 ألف عامل ارتفعت اسهم الشركة بمقدار 20 % وصار الرجل ثوريا وكالت الصحف الاقتصادية المديح له باعتباره منقذ شركات ديملر بنز العالمية.
ولذا يَعتبر Frank Teichmueller رئيس نقابة الصلب بشمال المانيا ان الرأسماليين مجرد كلاب مسعورة ..!!
وأعلنت Bayer و Hoechst و BASF وهي مؤسسات عملاقة للصناعات الكيماوية أعلنوا أن ما حققوه من أرباح عام 1995 فاق ما حققوه طوال السنين الماضية إلا أنهم سيُسرحون مجددا عددا آخر من الايدي العاملة علاوة على 150 ألف فرصة عمل شطبوها قبل عام واحد فقط ويعترف رئيس مؤسسة Bayer السيد Manfred Schneider بأن هذا أمر متناقض لكنه واقعي .!!.
المصدر: فخ العولمة GLOBAL TRAP..هانس بيتر مارتن – هارالد شومان ..ترجمة د.عدنان عباس علي .. عالم المعرفة اكتوبر 1998 ص208
ربما لا يعرف الكثيرون أنه في الفترة من 1973 الى 1994 لم تُوفر قارة اوربا بأكملها فرصة عمل واحدة جديدة والإستغناء عن العاملين أصبح رد فعل تقليدي لأي حالة ركود فالمؤسسات الرأسماليه تسعى إذا أدارت مشروع إلى تقليل عدد العاملين فيه إلى أدنى حد وتسريح الباقين رغبة في زيادة الربحية لكن هذا الترشيد الاعمى للعمل يتجاهل كل القيم الاجتماعية والتكافلية ولا يراعي الاختلافات الثقافية والاجتماعية بين الدول .
وعندما أعلنت شركة Caterpillar العملاقة لتصنيع المعدات والآلات والجرارات في عام 1992عن تخفيض أُجور العمال بنسبة 20% وزيادة ساعات العمل ساعتين إضافيتين قام العمال بإضراب استمر 18 شهرا وبعد أن خسرت نقابة العمال 300 مليون دولار لتوفير المعيشة للمضربين طوال فترة الإضراب لم تحقق الشركة شيئا من مطالب العمال وقالت من الأفضل أن يعودوا لعملهم متى أرادوا وفق شروط زيادة ساعات العمل وخفض الرواتب وعاد العمال مضطرين إلى أعمالهم ..فما أسهل أن يتم الاستعاضة عن المضربين بعمال جُدد كما يقول Donald Fites مدير الشركة .
ولذا يقول ليستر ثورو Lester Thurow الاقتصادي بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا :- ( بوسع المرء الآن أن يدعي أن رأسماليو أمريكا قد أعلنوا الحرب على عمالهم وأنهم قد فازوا بها إنها حرب طبقية .)
وأصبح العامل يحصل في امريكا على أجر يقل عما كان يتقاضاه منذ عشرون عاما
عندما وعد بيل كلينتون أمريكا أنه سيُصلح التعليم والصحة مما يعني إنفاق حكومي متزايد وهذا ما لا يرضاه الرأسماليون وتحالفوا ضد مشروعه فأخذت سندات الدين الحكومي الأمريكي في الانخفاض وأصبحت مشروعات بيل كلينتون الإصلاحية في خبر كان
وقال مستشار بيل كلينتون James Carville في ذلك الوقت :- ( في السابق كنت أُمنى نفسي وأتمنى ان أولد رئيسا أو بابا أما الأن فإني أود أن أكون رأسماليا إذ بإمكاني أن أُهدد من أشاء .)
المصدر: 1995,10,7 The Economist
ومن خلال هذا المنظور يمكننا استيعاب همجية تصريحات ليبرالي رأسمالي مصري مثل نجيب ساويرس فهو يُهدد ويقاطع ويُصرح ويُنشيء أحزاب ويقيم تكتلات ويُمول دول معادية ( تمويل جنوب السودان واقامة علاقات مع السابق جون قرنق ) ويُنشيء مؤسسات إعلامية كل هذا في انتظار أن تتحول مصر إلى دولة رأسمالية ليبرالية حيث سيكون ساعتها الرئيس الفعلي لمصر هم الأثرياء وليس البسطاء الذين تم انتخابهم عبر صناديق الاقتراع ... حقا لا يزال يحق لكل مواطن التصويت في الدولة الليبرالية ويحق له أن يقف ويصرخ في المظاهرات كما يحلو له لكن ما يتحقق بعد الإنتخابات يقرره الرأسماليون والقائمون على سوق المال ..
وقد صدق هيلفردينغ إذ قال: «إن الرأسمال المالي لا يريد الحرية، بل السيطرة».وقد نشأت الإمبريالية بإعتبارها تطورا واستمرارا مباشرا لما فُطرت عليه الرأسمالية بوجه عام من خصائص أساسية.
الدليل السادس :- إغراء الليبرالية
مُشكلتنا مع الغرب ليست في أخلاقياته فهو في الأصل لا أخلاقي ويؤمن بنسبية الاخلاق ( نصف الحوامل حملهن غير شرعي - 60% من الجيش الأمريكي شواذ جنسيا – مافيا عابرة للقارات – كارتالات عملاقة للمخدرات.) ومشكلتنا مع الغرب ليست في القيم والمعيارية فهو في الأصل بلا قيم وبلا معيارية ومشكلتنـا مع الغرب ليست في مرجعيته فهو بلا مرجعية ... مشكلتنا الحقيقية مع الغرب هي في إغوائه واغرائه المتكرر لنا بقبول رؤيته للكون كرؤية كُلية وحقيقية وشاملة .
فحتى أبو الهول يُحملق مباشرة في لافتة بالنيون في محل حاصل على ترخيص مطاعم كنتاكي فالجميع يتطلع الى الغرب وإلى الثروة. وإذا لم يكن الانسان حيوان اقتصادي فباطلة هي الليبرالية الرأسمالية وباطلة هي جهود الإغواء الغربية من أجل تقبُل الليبرالية .
في قلب الأمازون وفي الأكواخ العفنة على ضفاف نهر Rio Purus وفي وسط هجين خلفه تزاوج بقايا الهنود الحمر مع المستعبدين السود من أفريقيا وقفت المؤسسات الدعائية الليبرالية وشركات البناء العملاقة مثل Mendes Juniorمندس يونيور بحملات واسعة للحياة المريحة تُصور الغرب الفردوسي وصور الفيلات الشبيهة بالنمط الأمريكي ويتم اهداء المواطنين أشرطة فيديو رومانسية من إنتاج هوليود وفي النهاية تقوم هذه المؤسسات الدعائية بإقتلاع ما تبقى من اشجار الخشب الماهجوني النادر Baeume Mahagoni بينما السكان الاصليون غارقون في أحلام العولمة التي ستُطل عليهم يوما ما .
المصدر: فخ العولمة GLOBAL TRAP..هانس بيتر مارتن – هارالد شومان ..ترجمة د.عدنان عباس علي .. عالم المعرفة اكتوبر 1998 ص42
ولذا يصف بنجامين باربر Benjam R. Barber بجامعة رتجرز الدعاية الامريكية بأنها دعاية الكذب والبهتان فميزانية صناعة الدعاية كلفت الولايات المتحدة 250 مليار دولار وهذا المبلغ بحد ذاته يكفي لسداد ديون الدول الفقيرة مجتمعة
فيلا على البحر الكاريبي ومستوى رفاهية سويدية وسيارة Cabriolet هي متطلبات مشروعة لهؤلاء كما تصور المؤسسات الدعائية الليبرالية مع أن هذا مستحيل أرضيا لأن قُدرات الارض المادية لا تسمح بتوفير هذا الكم من المواد الخام ولو تصورنا أن عدد السيارات في الولايات المتحدة كان بنفس المعدل في الصين فإننا بحاجة لستة كواكب بحجم الارض لتوفير مواد خام منها (نسبة السيارات في الولايات المتحدة سيارتان لكل ثلاثة مواطنين بينما في الصين سيارة لكل عشرين مواطن .) والولايات المتحدة استهلكت خلال القرن الماضي من المواد الطبيعية ما يفوق ما استهلكه الجنس البشري عبر تاريخه كله .. ويستهلك الامريكي ما يستهلكه الف هندي .
وال20 % من دول العالم تستهلك من المواد الطبيعية المحدودة للأرض 85% من إجمالي المجموع الكلي فلن يكون بداهة بوسع كل سكان المعمورة الوصول لمرحلة الاستهلاك الغربي مهما ضحوا بالغالي والنفيس اللهم إلا لو رُزقوا بستة كرات ارضية جديدة ولذا فمن أكثر المانشيتات التي تراها حاليا في الصحف هي المانشيت المتكرر :- ( لقد عاشت القارة الأوربية عيشة لا تتناسب مع إمكاناتها : تدابير تقشف جديدة ترعب أوربا .)
وصار مجتمع الجنوب يتحمل سنويا 125 كارثة طبيعية سببها تلوث المناخ وارتفاع حرارة الارض بسبب استهلاك الشمال مما ادى الى عواصف وفيضانات مقررة بانتظام على الجنوب
فالغرب يريد كل يومين عدد من الضحايا يعادل ضحايا هيروشيما حتى يضمن تقدمه وثبات معدلات الاستهلاك ..
المصدر: أمريكا طليعة الإنحطاط ..روجيه جارودي ..ترجمة:- عمرو زهيري ..دار الشروق الطبعة الأولى 1999 ص140
لكن دعونا نتسائل بصراحة هل لو تقدم الشرق سيفرح الغرب؟
عندما حاول محمد على أن يؤسس لمصر الحديثة مع احتفاظه بالقيم والتقاليد الخاصة بالشعب ضُرب بيد من حديد من أصدقائه الغربيين وظهر مفهوم عبء الرجل الأبيض .. ثم مَن الذي يدعم الأنظمة الإستبدادية في بلادنا العربية أليس الغرب بمخابراته ومؤسسـاته ؟
بل وكلمة حكومـة عميلـة .. هذه الكلمة تعني أول ما تعني أن لهذه الحكومـة اتصال بالغرب الليبرالي العلماني منه تستمد حمايتها وتسلطها وإليه تهرب ساعة قيام الشرفاء بالإطـاحة بها
يقول روجيه جارودي :- ( إن شرط نمو الغرب إنما كان بالضرورة وليد نهب ثروات العالم الثالث ونقلها إلى أوربا وأمريكا الشمالية فالغرب هو الذي جعل العالم الثالث متخلفا .......... النمو والتخلف عنصرا منظومة الرأسمالية .) فما تحقق في الغرب لم يكن تراكم رأسمالي وانما تراكم امبريالي استعماري .. فإغراء الغرب هو إغراء إمبريـالي توَّسُعي .
و البقية تأتى تباعا