بعد حياة طويلة ومثمرة في شارع الصحافة, رحل أمس الكاتب الصحفي لبيب السباعي الأمين العام للمجلس الاعلي للصحافة وعضو المجلس الاستشاري ورئيس مجلس ادارة الاهرام السابق.
جاء خبررحيله المفاجيء بمثابة الصدمة لكل من عرف لبيب السباعي, فهو واحد من الأسماءالتي مرت في شارع الصحافة لكنها تركت من ورائها رصيدا كبيرا من المهنية والإنجازات والعطاء, وقبل كل ذلك جوانب انسانية عريضة تستوعب من يتفق معه في الرؤي ومن لا يتفق.
كان يتميز,وفي أصعب المواقف بالروح المرحة, كان سريع البديهة, حاضر الذهن.
تولي لبيب السباعي بعد ثورة25 يناير رئاسة مجلس ادارة الاهرام في اصعب الظروف والمواقف, غير انه قدم تجربة شديدة الخصوصية في علوم الادارة وفنون التعامل مع طبائع البشر المختلفة, وعبر بالأهرام إلي شاطيء الأمان.. قفزت معدلات التوزيع.. وفتح الاهرام ابوابة يستقبل رموزه التي كانت عازفaة للاستاذ لبيب السباعي.. لم يكن يشكو من اعراض مرضية من قبل.. فهو دائم الحركة والنشاط.. ويتفاعل مع الجميع من خلال التواصل الهاتفي او من خلال مواقع التواصل الإجتماعي.
كان حاضرا في المشهد الأهرامي والمشهد المصري بقوة يسدي النصيحة المتواضعة بمنطق الاخ الأكبر الذي يعيش الهموم ويتمني أن تكون الأوضاع في المسار الطبيعي. كان مهموما بوضع الصحافة وحريصا علي استقرار وتطور الأهرام.. رحب الصدر يتطلع دوما للامام.
لكن الإمتحان الإلهي ليس له موعد او ميعاد.. وتم نقله إلي المستشفي وخضع لعدد من الجراحات الحرجة.. توقفت في ثواني أجهزة الجسم الطبيعية وعاشت اسرته الصغيرة التي تتكون من زوجتة الزميلة الصحفية زينب حافظ, ونجليه الدبلوماسية شيماء وزياد الزميل بالاهرام لحظات صعبة ومؤثرة وهم يتابعون حالة الأب المعطاء داخل غرفة العناية المركزة.
كما عاشت اسرة الأهرام نفس المشاعر وهي تبتهل لله عز وجل
لم تكن الحالة الصحية تسمح بزيارته ومع هذا تقاطرت اعداد كبيرة من الزملاء والأصدقاء إلي المستشفي للإطمئنان عليه وكانت الدعوات هي الشيء الوحيد الذي يمكن ان يقدمه اي زائر في مثل هذه اللحظات له.
مشوار لبيب السباعي مع بلاط صاحبة الجلالة مشوار طويل وممتد بدا بعد تخرجة في قسم الصحافة في وكالة انباء الشرق الأوسط ثم انتقل إلي الأهرام وتخصص في متابعة اخبار ونشاط التعليم وبرع في ذلك واصبح محرر التعليم الأشهر في مصر
عاصر وزراء التعليم خلال نصف قرن من الزمان وكان صديقا للجميع لكنه حافظ علي المسافة الفاصلة التي تميز بين عمل الصحفي وضرورات المهنة وبين الصداقة.. كان حادا في النقد.. فجرعبر كتاباته ومقالاته حملات شهيرة تناولت واقع التعليم المرير والقت بظلالها علي انتشار الواسطة والمجاملات في اختيار المعيدين خصوصا في كلية الطب, لم يهادن في الحملة ولم يتراجع. عندما ترك موقعه كرئيس لمجلس ادارة الاهرام كان الامتحان الأصعب للمسئول..
يومها عبر ابناء الاهرام عن مشاعر فياضة من الحب والتقدير لكل جهد مخلص بذله السباعي في خدمة الاهرام.. ونظم ابناء الاهرام مظاهرة حب له في حضور رئيس مجلس ادارة الاهرام الجديد الكاتب الصحفي عبد الفتاح الجبالي.. وفي كلمات مؤثرة تحدث لبيب السباعي والدموع تغمر عينيه عن حبه للاهرام وعن شكره لكل من حضر ليقول له وداعا
لم تكن هناك مؤشرات من اي نوع عن ان لبيب قد يغادرنا.. كان يمتلئ بالحيوية والنشاط. مفعما بالأمل في الغد.. فرحا بعصر الثورة
وجاء التقدير سريعا بان تم اسناد منصب الامين العام للمجلس الأعلي للصحافة ثم عضوية المجلس الاستشاري. كان متواضعا حريصا علي ان يوضح الحقائق كما يعرفها.. يبادر بالسؤال حتي عندما تقلد منصب رئيس مجلس ادارة الاهرام لم تمنعه الشواغل الجمه عن الاتصال بالزملاء ودعوتهم إلي زيارته والاستماع إلي ارائهم.. رحل لبيب السباعي وهو لم يغادر الاهرام بقلمه ونشر الاهرام مقاله قبل الأخير أول امس وسيبقي دوما في قلب الاهرام وفي عقل ابناء الاهرام وفي ضمير مهنة.. الصحافة فارسا نبيلا
منقول