رد: خبر سىء جدا:البرادعى ينسحب من سباق الرئاسه !!
ظهوره كان (قبلة حياة) لمستقبل كاد يشبه الماضى القريب .. تقويم صناعة التغيير ارتبط باسمه وبظهوره الذى صار .. معه ما كان أملا ممكنا وما كان مستحيلا واقعيا
البرادعي .. ربع ساعة من البرق الكاشف
الشروق
«مصر تمتلك حريتها ربع ساعة كل قرن» هكذا كان يحب الراحل محمود عوض أن يقول، وهكذا أحب أن أقول إن الفترة من بدء طرح اسم محمد البرادعى فى الساحة السياسية فى مثل هذا اليوم من عام 2009، وحتى قراره سحب ترشحه «المحتمل» من انتخابات رئاسية لم تتحدد معالمها وقواعدها بعد، ربما تكون هى «الربع ساعة» التى يتحرك فيها الزمن وتتقلب فيها مصر كما اعتاد فلاحوها أن يقلبوا تربتها بين زرعة وزرعة، لتقضى على ديدان الأرض الضارة، وتمهد التربة لثمرة جديدة.
مضى الرجل فى هذه المساحة كومضة برق أضاءت حولها، فانكشف أمامنا واقعا ربما كنا نراه من بعيد دون أن ندرك تفاصيله، أشياء تشبه السياسة لكنها ليست سياسة، وأحزاب تشبه الأحزاب لكنها ليست أحزابا، ومعارضة تشبه المعارضة لكنها ليست معارضة، وحراك يشبه الحراك لكنه ليس حراكا.
غادر الرجل سباق الرئاسة لكنه لم يغادر المشهد، وحين فرض نفسه عليه لم يكن حدثا عاديا على الإطلاق، كان حجرا رشيقا سقط فى بحيرة راكدة فحرك مياهها وأثار موجات وموجات من الدوامات المائية التى أظهرت ما فى قاع البحيرة من عفن وطفيليات وجزر منعزلة وسفينة مثقوبة اسمها النظام.
حتى تفهم أسباب ما حدث قبل يومين لابد أن تفهم أسباب ما حدث قبل عامين، وأن تربط ما جرى بما يجرى، ربما تعتقد لوهلة أن النظام لم يسقط لأن السياسات هى السياسات والأحزاب هى الأحزاب والانحيازات هى الانحيازات، ربما تحمله شخصيا المسئولية، تلك قناعاتك وحدك.
حاول أن تعود بالذاكرة.. انظر كيف استقبل المصريون عام 2009، مشروع توريث متوهج ومتقدم غير عابئ أو مكترث بمن حوله، نظام يواصل انفراده بالمستقبل كما انفرد بالماضى، أحزاب لا أمل فيها ولا رجاء، حركات احتجاجية فعلت أقصى ما فى وسعها، وانتهى بعضها تحت أسر الإحباط، والبعض الآخر تحت أسر التفكك والاختلاف، فيما كانت القبضات والاختراقات الأمنية حاضرة بين الجميع.
كان بحر السياسة فى مصر «جف»، كما قال الأستاذ هيكل فى وقت مبكر، وكان المصريون بطبيعة الحال ينتظرون الأمل فى مهدى منتظر، أو قضاء منتظر.
يومها كان البرادعى خيارا ناجحا، حين انطلقت الدعوة الأولى التى تم طرح اسمه فيها كبديل فى وقت كان الحديث عن افتقار مصر للبدائل يتزايد، وبمجرد أن سار اسمه على الألسنة ووسط الهمهمات، حتى احتشد خلف هذا الأمل العشرات ثم المئات والآلاف.
لم يبد الرجل استجابة سريعة لكنه ترك باب الأمل مشرعا، وترك حلم التغيير المرهون بشخص يملك الكفاءة والسمعة والشهرة، بين يدى شباب تلقفونه ليحولوه إلى مطلب شعبى، وسياسيون يضغطون به على النظام أو يحيون به أحلام كاد اليأس يفتك بها.
كان الرجل قبلة حياة للسياسة، فى لحظة تاريخية كادت تموت فيها السياسة وتشيع لمثواها مع جلوس الوريث على مقعد الحكم ليأتى على البلاد مستقبل لا يشبه سوى الماضى القريب.
فى هذا الملف نترك شاهدى عيان يرويان ما جرى خلال عامين من ظهور البراداعى، الأول «محمد صلاح الشيخ» وهو قيادى من شباب حزب الوفد، كان من أول من تلقف اسم البرادعى وطرحه فى بيان مع زملائه لأول مرة فى 20 يناير من عام 2009، وظل شاهد عيان على الحراك الذى أحدثه الاسم ومن بعده قبول الشخص للفكرة داخل حزب الوفد، وبعض أحزاب المعارضة، هو هنا يسجل شهادته، ويحكى على لسانه ولسان من سمع منهم، حتى تعرف كيف كان دخول اسمه الملعب الراكد بداية لحراك ما بين الأحزاب وبين السلطة، قد تفهم منه بعض حقائق حول بنية المعارضة المصرية فى ذلك الوقت.
وبالتوازى مع ذلك كان دخول البرادعى إلى المشهد مدويا داخل الحزب الوطنى، تذهب بك «سمر الجمل» كشاهدة عيان على الحزب بين عامى 2009 و2010 بحكم عملها كمحررة شئون الحزب الذى كان حاكما.
الفارق كبير بين طرح التغيير كفكرة أو شعار، وبين صناعة التغيير، ربما كان التغيير مطروحا والحديث عنه متداولا قبل البرادعى، لكن تقويم صناعة التغيير دون شك مرتبط باسمه وبظهوره، الذى صار معه ما كان أملا ممكنا، وما كان مستحيلا واقعيا، وما كان مهملا مطروحا وبقوة.
من يناير 2009 حين جرى طرح اسمه كبديل فى وقت كان شباب من داخل حزب الوفد يبحثون عن بديل يتبناه الوفد فى مواجهة التوريث، ويناضلون لضبط مسار الحزب بعيدا عن بدائل جميعها كان من رحم النظام ومدرسته، وحتى سبتمبر من العام نفسه، الذى دشن فيه الناشط محمود عادل الحتة صفحة «البرادعى رئيسا» وصولا إلى فبراير 2010 حين وصل الرجل إلى مطار القاهرة، والتفاعل الذى حركه الاسم دون الجسد يتصاعد بإيجابية، ويؤثر على شكل الخطاب الرسمى، وعلى الاحتمالات القائمة ما بين الرئيس الأب والوريث الابن، وعلى شكل الخطاب داخل الأحزاب الرسمية التى رفضها الرجل من البداية فرفع عنها حرجا بالغا أمام صاحبها الأصلى الذى كان رابضا فى أمن الدولة، وبين هؤلاء كانت حرب التشويه قد بدأت، وكان شباب التغيير يشحذون الهمم لتلقفه والانطلاق معه.
رفض البرادعى أن يكون مخلصا مثل هؤلاء الذين ينتظرهم المقهورين دون حول أو قوة، لكنه دعاهم للحركة، وراهنهم أن نزولهم الشارع بالآلاف سيجلب التغيير، وقتها كان هناك من يسأل: ما قيمة التوكيلات والتوقيعات والاحتشادات الافتراضية، ولم يستوعب أكثرنا أن البروفات الالكترونية يمكن أن تتحول لواقع يصنع التغيير وكأنه نبوءة صاحب مقام.
وعندما حانت لحظة نزول الشارع كان متقدما الصفوف فى وقت لم يكن أحد يعرف إن خرج من داره هل يعود؟
ارتبك الأداء أو تراجع اشتعل وهجه أو خفت، طغت الأخلاقية على البرجماتية، تغلب صوت ضمير المصلح على صوت منفعة السياسى كن مع هذا الفريق أو ذاك، لكن هل تعتقد لحظة أن البرادعى لم يربح الرهان؟!
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة silverlite ; 20-01-2012 الساعة 06:06 PM
|