من المفيد والمطلوب لاكتمال عرض القضية وبيان كيفيية اهدار المال العام على جوائز لمن لا يستحقها
نعرض لكم جزءا من فكر الدكتور المعجزة الفكرية الجديدة!!
************************* **********************
ديمقراطية... "بلقيس"؟!
"يا أيها الملأ أفتوني في أمري". كان هذا هو خطاب ملكة سبأ لقومها حسب الرأي القرآني ، بعد أن أتاها كتاب سليمان. "أيها الملأ" والملأ هم المختارون من شعبهم لتمثيلهم أمام الملكة ، والملكة التي تورد الروايات باسم "بلقيس" هي في التصوير القرآني ، من تتوجه لممثلي الشعب تسألهم رأيهم فيما أتاها ، وبصياغة أخرى هي تقول لشعبها "إني ما كنت قاطعة أمرا إلا بكم وبرأيكم".
بلقيس كانت تعلم أن الرأي الفردي في شأن يخص الأمة هو رأي لا خير فيه. ورأت في الرجوع إلى الملأ اعترافا بقدرهم ، وتقديرا لشعبها في المواقف الحرجة ، ولم يعب القرآن هذا الشكل من الحكم ولم يرد به ، بل اهتم أن يحكيه للمسلمين بما في هذا الحكي من صدى لشعوب ، كانت ذات كلمة مسموعة تتمتع بالهيبة والكرامة وحق المواطنة الكامل.
لقد حكم سليمان حكما مطلقا بحسبانه نبيا ، لا يحكم من عنده إنما من عند الله ، حكم بالحكمة التي أعطاه الله إياها وأعلنها في آياته ، وهكذا إذن حكم الأنبياء ، لأنه يتصل بالسماء ، تشرف عليه وترعاه بعدل. وإن هذا الحكم هو اللائق ، وإلا كان القرآن قد قدح في طريقة حكم بلقيس ، أو أمر باتباع طريقة سليمان في الحكم ، وهو لم يفعل هذا ولا ذاك ، وهو ما يؤدي مباشرة إلى الدرس المبتغى في الآيات ، والذي يدعمه بشدة أن نعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وأن السماء لن ترسل هداة للبشر بعده ، و مع ذلك لا تخبر المسلمين بنظام الحكم الأمثل!.
لقد قرر القرآن رفع القداسة عن السياسة وتركها مشاعا للناس لأنها حياتهم ومصالحهم الذين هم أدرى بها حسبما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح.
انظر إلى الحوار الذي يحمل الإشارات الواضحات إلى نظام الحكم ، فبعد أن تشاور الملأ فعلا وليس قولا ، وبحثوا الأمر ونقبوا فيه من كافة جوانبه ، توجهوا إلى ملكتهم ليسلموا لها قرارهم وفيه يقولون: "نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ، والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين". لقد خيروها بين الأمرين بأدب الحديث مع الملوك: الأمر الأول هو أننا أقوياء وواثقون من قوتنا وأنت تعلمين ، وأننا على استعداد لخوض المعركة دفاعا عن بلادنا ضد المعتدي ، ولا يبقى سوى خيار ثان هو السلام ، لكن هذا السلام أو تلك الحرب معقودة دوما وفي النهاية في النظم الحضارية لقرار رئيس الدولة ، وهكذا أخبرنا القرآن وهكذا فعل ملأ بلقيس.
أخبرنا أنه رغم ثقتهم في أنفسهم وفي قوتهم لم يتجرأ أحدهم على إعلان الحرب أو القتال. هذا نظام ليس فوضويا إذن ، لأنهم أبناء حضارة لا يخرج فيها أحدهم ليحارب العالم رغما عن أنف الشعوب وعن أنف الحكام. الحضارة تقول إنه بعد وضع كل الاحتمالات أمام الحاكم فإنه هو من يتخذ قرار الحرب أو السلام. أترون مدى الاحترام المتبادل بين الحاكم والمحكوم؟ وألا ترون أن رأس السلطة في هذه المملكة الإنسانية "امرأة"؟.
ويستمر الدرس فترد بلقيس على ممثلي شعبها ، هي لا تتخذ القرار وتنفذه بعدما فوضوها وأعادوا إليها الأمر ، إنما هي ترد الاحترام باحترام مماثل فتقول لهم ما رأته: "وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون فلما جاء سليمان قال: أتمدوني بمال؟ فما آتاني الله خير مما آتاكم".
انظر بلقيس في خطوة تمهيدية ذات حنكة سياسية تختبر صدق نبوة سليمان فترسل له هدية ، فيرفضها ، فتدرك أنه قد آن أوان أن تتوجه بنفسها إليه لتسمع ما عنده.
رواية لطيفة وهادئة لا معنى لوجودها في القرآن لمجرد تسلية النبي في أوقات فراغه لأنها من عند عزيز حكيم ، إنها الدرس الذي نقارنه بحالنا لنجد ملأ بلقيس أكثر اعتبارا منا ولهم من دولتهم شأن ، وأنهم كانوا من السابقين إلى إدراك معان حقوقية لا تفرزها إلا الحضارة ولا تفرز إلا حضارة.
موقع الكاتب
كهنة دولة الظلم<?XML:NAMESPACE PREFIX = O /><O:P></O:P>
«و قد أجمع العلماء على أن من أنكر معلوما من الدين بالضرورة.. فإنه يكفر بذلك ويمرق من الدين ، وعلى الإمام أن يطلب منه التوبة والإقلاع عن ضلاله ، وإلا طبقت عليه أحكام المرتدين».<O:P></O:P>
هذا النص الفاشي بامتياز هو من أقوال قرضاوي في كتابه «الإسلام والعلمانية» ص134. ورغم هذه الفاشية المتطرفة فإن قرضاوي يعلن للعالم المتحضر تمسكه بمبادئ الديمقراطية وقيمها وإيمانه بها ، وهو عارف عن يقين بالأسس التحتية للبناء الديمقراطي المتمثلة في حقوق للإنسان التي يجب أن يسلم بها من يقبل الديمقراطية منهجا ، وأول هذه الحقوق وأهمها هو حق الاعتقاد حرا مطلق السراح من أي شروط ، لأنه علاقة الإنسان بضميره حيث المساحة التي لا يمكن دخولها أو قهرها ، كذلك حق الاختلاف وإعلان الرأي المختلف على الناس بكل الوسائل السلمية المتاحة والممكنة.ومع ذلك فإن قرضاوي الديمقراطي يقرر علينا شيئا اسمه حد الردّة ، وهو المسمى والمعنى والشكل والمحتوى الذي لا يعرفه صحيح الإسلام البكر ، ولا وجود له في دين المسلمين حتى وفاة النبي «ص» وانقطاع الوحي.<O:P></O:P>
ومن العبارة القرضاوية لا يطبق هذا الحد فقط على من قرر وفق حق الاعتقاد الحر أن يخرج من الإسلام إلى ما يقبله قلبه ويرتاح إليه ضميره في دين آخر أو إلى لا شيء ، لا فرق ، بل إنه يطبق بالأساس على المسلم الذي يلتزم أوامر ونواهي دينه ، ويحترم هذا الدين ويرجو له السلامة ، لكنه يختلف مع سدنة الدين الذين عينوا أنفسهم كهنة للمسلمين وسموا أنفسهم بالعلماء دون وثائق ثبوتية تفيد موافقة المسلمين على هذا التعيين ، خاصة إذا كان هذا الاختلاف متعلقا بفهم شأن من شئون الإسلام التي قررها السدنة وليس الله على العباد ، لأنهم قرروا فهمهم للنصوص المقدسة فهما وحيدا هو الصح المطلق وعداه باطل مطلق. وتكون أي محاولة تفكير أو إعادة فهم أو إعلان رأي جديد من الشأن الديني خروجا على المستقر عبر تاريخنا بغض النظر عن كون هذا المستقر من صلب دين المسلمين ، أو عن كونه إضافات بشرية من نوع مكسبات الطعم واللون والرائحة المضافة ، لصالح فئات دون فئات ، ولمصالح دنيوية محض ، تحولت بالتقادم إلى مقدسات مضافة إلى الإسلام البكر الأول.<O:P></O:P>
ومن ثم يتم دفع أي محاولة فكرية جديدة في قراءة النصوص بالمروق والزيغ على القاعدة التي يقولون أنها إسلامية وهى «الخروج عن معلوم من الدين بالضرورة» ، رغم أنها ليست بقاعدة وليست بإسلامية.. <O:P></O:P>
وفق هذه القاعدة المبتكرة في زمن دولة الظلم الإسلامية تصبح عقوبة التفكير بفهم جديد أو إعلان رأي مختلف هي الموت!. <O:P></O:P>
لقد جمع قرضاوى في هذه العبارة كل مقومات الفاشية الإسلامية دفعة واحدة ، في كتاب لا يقرأه إلا المتهم بالكتاب القرضاوي ، ومن ثم فهو يعلن لقرائه هؤلاء التزامه بقواعدهم ، لكنه على الجانب الآخر يعلن لنا من دولة قطر تحت أزيز طائرات العم سام ونعال جنود المارينز إيمانه التام واليقيني بقيم العم سام ، ولأن وجود هذه القوة العظمى في منطقتنا لم يعد سامحا بأي مغامرات للوصول إلى الكرسي الأعظم ، ولا بأي أشكال انقلابية ، ولم يعد ممكنا سوى سلوك الطرح الأمريكي بقبول الديمقراطية لأنها أصبحت من الآن السبيل الوحيد والأقوم للوصول إلى الكرسي الكبير في الوطن. <O:P></O:P>
لكن عبارة قرضاوي هنا مع موقفه المعلن للديمقراطية وأصلها تكشف عن الوجه الحقيقي للفاشية ، حتى لو اختفى هذا الوجه وراء ألف قناع ، وهو اكتشاف يشير إلى مساحة في الضمير الرديء والتقية الخبيثة في إخواننا الإخوان ورجلهم المقدم قرضاوي ، الذي هو مرجعية الجميع ممن يسجل موقفه بالقلم تقيةً إلى من يسجل موقفه بالرشاش صراحة. <O:P></O:P>
وقد سبق لصاحب هذا القلم ولمفكرين آخرين أن قدموا أدلتهم الشرعية الدامغة على عدم وجود شيء في دين المسلمين اسمه حد الردة (ارجع لكتابنا شكرا بن لادن من ص197).. و رغم ذلك فإن قرضاوي وكل القرضاويين يصرون على إدخال الإسلام ما ليس فيه ، وهو موقف قد يبدو في ظاهره غير مفهوم إذا كانوا يطلبون الإسلام وربه وليس متاع الدنيا و مكاسبها ، لكنه سيكون مفهوما تماما لو كان الغرض هو هذا المتاع تحديدا أو تلك المكاسب بالذات. خاصة أن هذه المكاسب ستكون من أردأ ألوان المكاسب وأسوأها دينا وخلقا ، لأنها ستكون عائد التجارة بديننا وتزييفه على المسلمين البسطاء الطيبين ، طلبا لمكاسب وعوائد وبلهنية عظيمة عاش فيها فقهاء دولة الظلم والطغيان طوال عصورها ، فكانوا الكاسب العظيم من التجارة بالله وبالناس ، لأنهم دوما كانوا اللاعب الأوحد في الساحة.<O:P></O:P>
إذن قرضاوي يقرر علينا حد الردة وهو الحد الذي يشير إلى عدم الإيمان بأبسط حقوق الإنسان ناهيك عن بقية الحقوق التي تفترضها الديمقراطية مثل إبداء الرأي المختلف ، وهو أيضا الممنوع قرضاويا إذا تعلق بشأن إسلامي مستقر ، رغم أن هذا المستقر بكل كتبه التي تملأ أرفف المكتبة الإسلامية هو إضافات بشرية لا علاقة لها بالسماء. وبالذات هذا الذي يسميه حد الردة الذي لم يعرفه الإسلام والمسلمون إلا مع زمن الخليفة الأول أبى بكر ، وذلك لشأن سياسي تاريخي معلوم لكافة من اطلع ولو يسيرا على تاريخ تلك الفترة في جزيرة العرب ، وتم وضعه لتحقيق شأن سياسي لصالح خلافة أبى بكر وبهدف القضاء على المعارضين لخلافته باسم الإسلام ، والإسلام مما حدث براء. ويربطون حد الردة بقاعدة الخروج عن معلوم من الدين بالضرورة الذي هو بدوره قاعدة فقهية بشرية لا علاقة لها بزمن النبوة ، خاصة أن هذا المعلوم بالضرورة شيء مطاطي يتسع لكل التهم الممكنة والتي تبدأ عادة بطاعة أولى الأمر منا ، و أولو الأمر هم حلف السلطات والفقهاء في الدولة الإسلامية ، وهو حلف يقوم على مبدأ يقوله قرضاوي فصيحا «و من لا يستشير أهل العلم والدين من الحكام فعزله واجب ، ذاك ما لا خلاف عليه/ ص120». ومن قبيل التهم المعرّفة بالخروج على هذا المعلوم بالضرورة ما جاء عند الإخوانجي الأشهر السيد سابق في كتابه فقه السنة ، في تهمة لا تشكل معلوما ولا هي ضرورة في دين المسلمين ، ألا وهى «إنكار رؤية الله يوم القيامة».<O:P></O:P>
لذلك فمن أراد أن يقرأ نصوص القرآن بتأويل يترفع بالله إلى مستوى كماله فلا ينزله منزلة الحس المرئي وينكر عليه التجسد لما فيه من نقص ، يكون قد أنكر معلوما من الدين بالضرورة عند السدنة الكهنة. <O:P></O:P>
و يتضح هنا مدى الاتجار بالدين استقواء بالسياسة حيث فيها تبادل المنافع التحالفية مع السلطان ، إذ إن الإصرار على تجسيد الله هو مذهب أهل السنة وحدهم خاصة فرعها الحنبلي وتجديده الوهابي ، وهو ما تخالفهم فيه معظم فرق المسلمين طوال تاريخ المسلمين.<O:P></O:P>
و لكن لأن المذهب السني هو كان رفيق السلطان في دولة الإسلام ، وهو الذي انتصر على بقية المذاهب بانتصاره للسلطان ومنطق القوة ، فقد قرر أن يجعل من رأيه في شأن كهذا دينا وعقيدة مفروضة ، من ينكرها يكون قد أنكر معلوما من الدين بالضرورة. <O:P></O:P>
انظر في ذات الكتاب مثالا آخر لمثل تلك الإنكارات المؤدية إلى الذبح. أن ينكر المسلم الصراط الذي هو شعرة كالسيف يتسع للمؤمن ويحتد لغيره فيسقط في الجحيم ، وهي قصة تنكرها كثير من الفرق والتفاسير لعدم اتساقها مع باقي تفاصيل مواقف مشهد البعث والحساب حسب الرؤية الإسلامية. لكن إنكار هذا الشأن الفسيفسائي في مشهد كبير من مشاهد لم تأت بعد ، بل إنها من شئون الغيب المجهول ، هذا الإنكار يؤدي بالمسلم إلى الموت ، رغم أن المسلمين لم يتفقوا يوما على التسليم بهذه الروايات اللهم إلا السنة الحنبلية المنتصرة وحدها ، والتي فرضت على المسلمين مفاهيمها دينا. <O:P></O:P>
ثم يظل السؤال يلح على الإصرار على حد رهيب كحد الردة وهو ليس من الدين في شيء؟<O:P></O:P>
بالطبع لابد من العودة هنا إلى زمن حرب دولة المسلمين في الزمن البكري للمعارضين الذين منعوا الزكاة عن العاصمة وتم وصمهم بالردة ، ولأن أبا بكر أمر بقتالهم وقتلهم فكان الاستنتاج هو أن تكون عقوبة الردة هي القتل ، نسبة للفعل البكري. ومن الطبيعي أن يتساءل المسلم: هل كان أبو بكر شخصا مقدسا يمكن أن يضع للمسلمين شرائع جديدة وحدودا جديدة؟ ألا يعني ذلك أن الرسول قد قصر في تبليغ كامل رسالته فجاء بعده من يستكملها ، وهو ما لا يستقيم مع مفهوم أي رسالة ، وبالطبع لا يستقيم بالمرء مع قرار القرآن بختم اتصال السماء بالأرض بوفاة النبي الخاتم. هنا كانت مهمة فقهاء الحلف لتسويغ الفعل البكري بعد أن أثبت فعاليته في قمع المعارضة بالسيف ، وضرورة التسويغ لهذا الفعل الكبير كانت ضرورة لازمة لتأكيد شرعية الخليفة في الحكم رغم هذا الفعل الذي رفض فيه مشورة كبار الصحابة وعلى رأسهم ابن الخطاب وحارب مسلمين لم يتنكروا لإسلامهم وقاتلهم وقتلهم ومثل بهم ، هنا لم يكن باليد من حل سوى تقديس شخص الخليفة حتى تتقدس أفعاله ويصبح فعله شريعة إسلامية ، وهنا يقول قرضاوي بحسبانه استمرارا لذات المدرسة السياسية الإسلامية: «فما أجمله القرآن من أمور بينته السنة النبوية.. وأكدته سنة الراشدين المهديين ، الذين اعتبرت مواقفهم في فهم الإسلام وتطبيقه من السنن الواجب إتباعها لأنهم أقرب الناس إلى مدرسة النبوة/ 18 ، 19». <O:P></O:P>
وهو ما يعني تقديس أشخاص الراشدين الأربعة ، ومن ثم تقديس فعالهم التي تحولت إلى شرائع وحدود أضيفت للإسلام وتم تقديسها ، ومن ثم تصبح مصادر الإسلام لدى حضرات الكهنة هي القرآن وسنة نبيه وسنة الراشدين المهديين؟!.<O:P></O:P>
وليس هذا فقط بل سنة الكهنة بدورهم الذين قاموا باستثمار الوضع في إمكانية الإضافة لدين المسلمين فأضافوا بدورهم وجعلوا من فهمهم وتفسيرهم الذي تراكم على مر الأزمان إسلاما آخر غير ما بدأ ، و المسكوت عنه هنا في مصادر الإسلام مصدر رابع هو سنة الكهنة. وهكذا توطد الحلف عبر التاريخ ليعطى لدولة الإسلام شروط قيامها الشرعية ، وينعم الطرفان بنعيم الدنيا. وحسب تفاسيرهم أيضا هم أول من سينعم بنعيم الآخرة ، أما نحن وباقي خلق الله من المسلمين فلنا الصبر في الدنيا وربما في الآخرة أيضا ، ودون سلوان بالتأكيد. <O:P></O:P>
و ليس غريبا على خطابهم المخاتل مع علمهم بتاريخ المظالم في الدولة الإسلامية التي يتغنون بها ويريدون استعادتها رغم كل ما حدث فيها من أهوال أن يقول لنا قرضاوي عسى الغناء يعيدها «إن المسلمين التزموا بالشريعة قرونا طويلة ، فاستطاعوا أن يقيموا دولة العدل والإحسان ، وأن يشيدوا حضارة العلم والإيمان ، وأن ينشروا الإسلام في الآفاق في فارس والروم ومصر/ 144». و يشهد الله أن كل كلمة قالها فضيلته هنا هي زور وبهتان وتزوير على المسلمين الطيبين المصدقين لما يقوله الشيخ ، فقط من أجل تجييش الناس طلبا لعودة هذه الدولة ، فلا هي التزمت خلال تاريخها الطويل بالشريعة ، بل ولا من فجرها مع حروب الردة ، ولا هي أقامت دولة العدل و الإحسان ، ولا هي أقامت حضارة. فالحضارات لو سقطت تبقى منجزاتها مستمرة و فاعلة ، لكنها فقط ومضت ومضة أو ومضتين في زمن خلفاء مستنيرين كالمأمون وليس بسبب سادتنا الفقهاء ولا لأن الدولة كانت إسلامية ، إنما لتفاعل ثقافات شعوب الحضارات المفتوحة ، وهو ما تشهد عليه إضافات العرب لتلك العلوم التي كانت نقلا وترجمة. أما الإضافات الحقيقية فكانت من غير بني يعرب ، ولم يحدث ذلك لأن الشريعة كانت مطبقة ، لأنها لم تكن مطبقة ، ولأن الدولة لم تكن دولة العدل والإحسان بل دولة الظلم والطغيان والقهر لآدمية الإنسان وإذلال كرامة الناس والشعوب المقهورة منذ بدء الفتوحات حتى سقوط آل عثمان. <O:P></O:P>
فإن واجه قرضاوي هذه المعضلة صاغ اعترافه باللغة المراوغة القائلة: «وأنا لا أنكر أن هناك من أساء إلى الشريعة على امتداد التاريخ (لاحظ: على امتداد التاريخ هذه) فهما وعملا ، لكن هذا ليس ذنب الشريعة فهي منه براء/ 145». جميل.. يعنى الشأن شأن بشر حكموا بشرا بالظلم والقهر باسم الشريعة ، وهكذا كانت الشريعة مطبقة ، وهكذا كانت الشريعة بريئة ، فمن المسئول عما حدث للعباد في دولة الإسلام الذهبية؟ يكرر قرضاوي «إن أخطاء المسلمين وانحرافاتهم على مدار التاريخ (لاحظ مرة أخرى: على مدار التاريخ) إثمها على أصحابها ، ولا يتحمل الإسلام وزر شيء منها/ 23». جميل مرة أخرى ، لكن هل هكذا تكون الدولة الإسلامية المطلوب استعادتها دولة العدل والإحسان؟ وهل هكذا تم رد الحقوق والمظالم لأصحابها؟ قرضاوي مشغول بالدفاع عن الشريعة وليس الناس ، لأن أسلافه في الوظيفة كانوا هم القائمين عليها ، أما لو كان الإخلاص هو المقصد فلابد أن يلحق قرضاوي اعترافه باعتراف آخر: بأنها كانت دولة الظلم والطغيان وليست العدل والإحسان ،<O:P></O:P>
وأن عليه وعلى أمثاله كي يجدوا احتراما بين الناس أن يعلنوا هذه الأخطاء ويعتذروا لكل الأبرياء في تاريخنا وتاريخ من مسهم شرنا في الدنيا ، اعتذارا تاريخيا يجمعون عليه ، بدلا من خطابهم المراوغ المخاتل عن دولة العدل والإحسان التي امتلأت ظلما وجورا بتعبير عمر بن عبد العزيز لأنها طبقت الشريعة.. <O:P></O:P>
لكن الشريعة من ذلك براء؟! ابدأوا بالاعتذار أولا كخطوة تقربكم من الصدق يا سادة عما حدث لبنى يربوع على يد خالد بن الوليد لعلكم ترحمون ، اعتذروا يا سادة عما حدث من مجازر ومحارق في فتوح العراق وفلسطين ومصر والشام مع ذل الرجال بهتك عرض النساء. لكن ما لإخواننا مشايخ الإخوان وظلم العباد وقهر الرجال ، وذل النساء المذبوحات على موائد السبي بالاغتصاب العلني مادام كل شيء بالنسبة للفقيه على ما يرام وكل أهدافه ومصالحه متحققة.<O:P></O:P>
انظر ما يقوله إخوانجي آخر هو الشيخ محمد الغزالي في كتابه «مائة سؤال عن الإسلام»: «إن الخلفاء والملوك الذين ولوا أمر المسلمين بطريقة غير صحيحة ، أعلنوا ولاءهم للإسلام.. واستأنفوا الجهاد الخارجي ، وتركوا للفقهاء حرية الحركة.. وأن العلم الديني مضى في طريقه يوسع الآفاق ويربي الجماهير ويقرر الحقائق الإسلامية كلها من الناحية النظرية (لاحظ مسألة: من الناحية النظرية تلك). وهكذا عند سادتنا لا مشكلة في دولة المسلمين ، لأنها وإن حكمها خلفاء غير شرعيين وبغير حتى شريعة الإسلام إلا أن هؤلاء الخلفاء قد أعلنوا ولاءهم للإسلام ، أي ولاءهم لسدنة الإسلام.. فماذا نريد أكثر من هذا؟ <O:P></O:P>
ثم إنهم استأنفوا الجهاد الخارجي.. يعنى مزيدا من الذبح والقتل للمسلمين وغير المسلمين كي يصب نهر الغنائم في قصر الخليفة ذهبا وفضة. فماذا نريد أكثر من ذلك مجدا وسؤددا بين الأمم؟ ثم إن هؤلاء الحكام الظلمة الفسقة الفجرة تركوا لرجال الدين حرية الحركة ، وهو بالطبع الغرض والمشتهى ، فهل بعد ذلك النظام السياسي الجميل نظام؟ لا ، بل إن هذا النظام سمح للإسلام كي يمضي في تربية الجماهير على يد رجال الدين ويقيم على الناس وصاية دولة الظلم بكل التبريرات الدينية الممكنة. <O:P></O:P>
أما الدين في ذاته فقد أمكن تقرير حقائقه ولكن فقط من الناحية النظرية!! أبشروا يا مسلمون.. هذه دولتكم المرتجاة المنتظرة ، وهذا مكانكم فيها ومكان دينكم فيها ، فأنتم ودينكم موجودون نظريا فلا أحد يأمن على نفسه من الاختفاء من الوجود بدون سبب ، في دولة الإسلام والشريعة ويسمونها «الدولة الإسلامية» وما أكثر ما ظلمنا الإسلام. أترون أين يريد سادتنا السدنة الكهنة أن يأخذونا؟ هل ترون مدى صدقهم في إعلان ديمقراطيتهم؟ المشكلة أنه إذا كان ذلك قد حدث وانتهى في أزمنة مخيفة ماضية سلكت المسلمين في سكة الندامة فانتهى بهم الحال إلى ما هم فيه ، فإن التفكير ، مجرد التفكير ، في استعادة هذه الدولة غير المأسوف عليها ، يسلكنا إلى سكة «اللي يروح ما يرجعش»!!<O:P></O:P>
نشرت فى روز اليوسف<O:P></O:P>
<O:P></O:P>
نشرت فى روز اليوسف<O:P></O:P>
<O:P></O:P>
<O:P></O:P>
حريـة الفوضى ومعنى المواطنة<O:P></O:P>
<O:P></O:P>
هل نحن جادون فى إجراء إصلاحات حقيقية فى الوطن؟<O:P></O:P>
أم سنظل على أوهامنا وأساليبنا ومناهجنا حتى نصحو يوما على المارينز يتجولون فى شوارعنا ليصلحوا لنا على طريقتهم؟ <O:P></O:P>
إذا كنا حقا نريد إصلاحاً فلماذا حتى الآن لا نرى سوى جعجعة بلا طحن؟ <O:P></O:P>
وكلام دون فعل؟ <O:P></O:P>
لماذا لا نرى شيئاً حقيقياً ملموساً فى إعلامنا حتى لا تنطفئ جذوة الأمل فى صدورنا فننكفئ على دواخلنا فى حالة اكتئاب وطنى ، أو يستغيث بعضنا بالرمضاء فى الداخل وبالنار فى الخارج؟ <O:P></O:P>
ألا ترون العالم كله إلى تغير متسارع لا يرحم المغفلين ولا الانتهازيين ولا المنتفعين؟ <O:P></O:P>
هل نكسر أقلامنا ونمزق أوراقنا مرة أخرى يأساً من الراقدين على صدورنا لا يريمون حراكاً؟ <O:P></O:P>
سيدى رئيس الجمهورية يعلن أن خروج أمريكا الآن من العراق يعنى تمزق العراق ، بينما أجهزتنا الإعلامية كلها تقول شيئاً آخر ، سيدى رئيس الجمهورية يتحدث عن الإصلاح ويقدم على الانتقال من زمن الاستفتاء إلى الانتخاب ، ويضع خريطة إصلاح تبدأ بتكريس المواطنة ، وإعلامنا كله فى واد آخر ، يكاد يشى إما بأنه لا يفهم معنى المواطنة بطول تباعده عنها ، وإما أنه لا يصدق المتغير الآتى ولا يتصور نتائجه ، وإما أنه يمارس حرية الفوضى وعدم الانضباط المدمر ، او ان سيدى الرئيس لايعنى بالفعل مايقول ، إن ما يصدر عن التلفزيون المصرى هو رائحة جثث تعفنت لا تملك لنفسها غير ما تبثه علينا من قبورها! <O:P></O:P>
هل يفهم التليفزيون فى بلدى ما يجرى؟ إنه بحاله الراهن يبدو خارج أى فهم ، لأن هذه كل قدراته ، وليس لديه ما هو أبعد مما هو فيه ، هل تفهم صحفنا القومية معنى المتغيرات المتلاحقة فى العالم ، وفى شرقنا البائس؟ يبدو أنها لا تفهم ولا تريد أن تفهم ، هل يفهم الأزهر؟.. إن نظرة سريعة على هذا كله تكشف أن كلاً من هذه الأجهزة يهيم فى وادى الأفاعى وأساطير علاء الدين ، وأن كلاً منها لا علاقة له بالآخر ، ولا بالأحداث المتلاحقة ، ولا حتى بالوطن ، لقد تكلس كل منها وتيبس حتى أصبح مصدرا للأذى والضرر والخرافة والتخلف ، وبدا أن كلا منها فى استقلالية فوضوية عن بقية المؤسسات ، فلا تعلم هل صحفنا الكبرى هى تابعة لوزارة الإعلام أم تابعة للأزهر أم لا تتبع شيئاً محدداً ، ولا تعلم هل التليفزيون المصرى كيان مؤسسى فى الدولة أم هو مركز قوة خاص؟ فمصر الوزارات والمناصب فيها عشائرية قبلية ، هل كل هذه الأجهزة والهيئات كيانات منفردة يعزف كل منها نشازا خاصا؟ <O:P></O:P>
كما هو حال الأزهر الذى لا نفهم بالضبط موقعه من الإعراب فى الدولة ، أو كما هو حال دار الإفتاء ، أو كما هو حال النظام المرورى فى شوارع القاهرة الذى يثبت مدى حرية المواطن المصرى إلى حد الفوضى القاتلة؟ <O:P></O:P>
هل تمارس كل من هذه الأجهزة الإدارة والعمل كل على طريقتها الخاصة؟ إن الأجهزة الإعلامية الحديثة التى تسمى أجهزة التثقيف العام ، أو يفترض أنها كذلك ، قد اخترعها أهل العلم والاختراع لتحقيق مزيد من انخراط الناس فى ممارسة الدولة كلها من أجل التقدم ، لكن هذه الأجهزة فى بلادنا تم استثمارها لأغراض أخرى ، فسادها خطاب دينى متخلف انتكس بالعقل المصرى إلى زمن السرد الأسطورى ، لتجييش الناس وفق توجهات هى ضد الناس وضد الوطن وضد المستقبل ، ما حدث فى بلادى كان على عكس الغرض الذى من أجله اخترع المخترعون هذه الوسائط الإعلامية ، استخدم لمسح وعى الناس العقلى والعلمى ، وحولوا البشر إلى كائنات شرسة طائفية وعنصرية دون قيامهم بأى فعل منتج يرتقى بهم ، علموهم الطاعة والاستغراق فى أسوأ التوجهات الدينية ليهتموا بآخرتهم عوضا عن دنياهم ، وبالموت عن الحياة ، وبالانتحار عن سعادة الدنيا وبهجتها المنجزة المبدعة المنتجة ، وبالكراهية عن الحب والتعايش الإنسانى الراقى ، فكان أن ارتدت الكراهية إلى صدورنا ، فقمنا نقتل بعضنا بعضا ، وقام المواطن ليضرب وطنه وأبناء وطنه بدلا عن إنجاز يرتقى ويشرفنا. <O:P></O:P>
لكن اليوم قد اختلف عن الأمس بالكلية ، بينما وسائطنا الإعلامية لم تدرك بعد أن هناك شيئا جديدا يحدث وأن ما تدخله مصر الآن من تحولات قد يأخذ السفينة كلها إلى بحر الظلمات ، خاصة أن المعرفة بالجديد لم تعد حكرا على التليفزيون والصحف القومية والأزهر وجهاز التعليم المصرى ، شبابنا يدخل الإنترنت ويطالع ويعرف ويفهم حتى لا يكون أقل وأدنى من شعوب الدنيا ، رفضا للدونية واحتقارا للذات الصامتة المصمتة ، لكن هؤلاء هم الأقلية الذين إذا تحركوا انفلتت منهم الحركة الواعية ليركبها الفاشيون من عروبيين وإسلاميين بفضل إعلامنا نحن ، ومع الأسف وياللفجيعة أن يركب الإخوان والعروبيون شارعنا فى استعراض للقوة يثبت للقوى الكبرى فى العالم أنهم التنظيم الوحيد البديل الممكن. إن هذه الجماعات الفاشية ما كان ممكنا لها أن تركب حركة التغيير فى تظاهرات الشارع المصرى ، إلا عندما مهد لها إعلام الدولة وتعليمها كل السبل وهيأها لها ، وعندما يضبط النظام إيقاع الشارع على الإسلام ليحكمهم به ، فإن دعاة الأسلمة فى الشارع يكونون فى نظر الناس هم جحا الأولى بلحم ثوره. <O:P></O:P>
لقد راهن إعلامنا عبر أكثر من خمسة عقود على مسح وعى الناس السياسى بالدين لتسكين الأحوال فى الداخل لحكم الناس بالدين عن رضى منهم وقناعة ، والمصيبة الواضحة لكل ذى عينين أن كل من راهن هذا الرهان قد خسر بالعشرة ، لأن الحد الآخر للخنجر قد أثبت أنه الأقوى والأمضى ، فعلتها أمريكا عندما دعمت الصحوة الإسلامية دعما بلا شبيه ولا نظير فى تاريخها ، فبقرت الصحوة بطنها وأخرجت أمعاءها فى مانهاتن وواشنطن ، وراهنت السعودية وها هى تلملم كل يوم أشلاء أهلها أو ضيوفها من الأبرياء ، راهنت الجزائر بعد بعثات الشعراوى والغزالى وبقية ميامين الأزهر ، وها هى تذبح كل يوم ، راهنت مصر بالإسلام على قيادة المنطقة فى منافستها مع السعودية فى الزمن الناصرى ، فأعاد الحجاز فتح مصر على يد أتباع ابن عبدالوهاب ومازالت مصر تراهن رغم ضربات الإرهاب الإجرامية التى تذبح أبناء الوطن وضيوفه واقتصاده قربانا لرب لا نعرفه ولم نعرفه فى إسلامنا قبل صحوتنا الإسلامية. <O:P></O:P>
وتستمر مراهنة مصر لتكون الخسائر أكثر دمارا ودموية ، لأنه مع استمرار مناهجنا الإعلامية المخترقة بالفاشية الدينية والعروبية قد تم تأهيل الشارع المصرى ليسقط فى حجر الإخوان ، ذات يوم كارثى منتظر ومترقب فى انتخابات لا يعلم إلا الله حجم نتائجها على بلادنا ، وإذا لم يتغير هذا الخطاب الإعلامى اليوم وفوراً فإن المستقبل سيحاكمه فى الزمن الآتى ، بحسبانه كان المجرم الأعظم فى حق مصر والمصريين. <O:P></O:P>
إذا كنا حريصين على هذا الوطن الجميل الذى زيناه بالقبح والكراهية والتخلف ، وإذا كنا نريد له إنقاذا قبل أن يسقط فى هوة بلا قرار ، فعليكم بخطاب مدنى يستهدف مصر لا الإسلام ، فللإسلام رب يحميه ، أما الوطن فهو فى حماية أهله ، وما أكثر ما أصبنا إسلامنا بالضرر بما فعل السفهاء منا. نريد خطابا مدنيا وطنيا لا طائفيا ولا عنصريا ، لا إسلاميا ولا مسيحيا ولا عروبيا ولا أعجميا ، نريد إعلاما يتحدث كما يتحدث العالم ، أن يتحدث لغة العلم والحرية والحضارة ، ومع شديد الأسف ولوعة الكبد أن كل هذا لم تبد له أية آثار واضحة أمامنا حتى اللحظة الراهنة. <O:P></O:P>
إن ما نراه أمامنا إعلام يعيش زمن الخيل والليل والبعير وتكريس علاقاتنا الدبلوماسية بدولة الجن والعفاريت ، ومشهد مذيعاتنا ومذيعينا الفضيحة لمصر كلها ، هل تطالعون القناة الثقافية وما فيها من ثقافة؟ هل تشاهدون قناة التنوير وما فيها من تنوير؟ إن مبنى ماسبيرو نفسه قد تم إنشاؤه بعقلية الخمسينيات ليليق بتكنولوجيا الخمسينيات وزمنها ، ولم يعد يستوعب الجديد من أنظمة وتجهيزات وآلات ، وهو بما فيه من بشر وآلات لن يستوعب أى جديد ، وعندما يتحدث هذا الجهاز عن الإصلاح يصيب المشاهد بالرثاء لما آلت إليه أحوال مصر الجميلة ، وما أصابها من قبح فى التفكير وفى المنهج وفى القول<O:P></O:P>
لأن إعلامنا ليس إعلاما إنما هو إعلان يروج لبضاعة فاسدة ، لا نسمع فيها سوى التمجيد لفلسفات الكهوف والصحراء ، هى فلسفات تم تصميمها زمن الغزو العربى ليتمكن الغزاة من السيطرة على عقل الوطن لتركيع الأمة المصرية ، وسلاسة قيادتها ، فألقى تاريخها ولغتها وهويتها وأدخلها فى تبعية إجبارية لفلسفة اعبودية لة إن جاز تسميتها فلسفة ، ثم عادت الفتوح مرة أخرى بالصحوة المباركة لنتبع شيئا لا هو مصر ولا هو المستقبل ولا هو هويتنا ، ولا هو الإسلام الذى نعرفه ونؤمن به ونحترمه ونحبه. <O:P></O:P>
مع تطور البشرية وارتقائها بنظمها الحديثة فى الحكم والتفكير ، ديمقراطية ومنهجا علميا ، وثبوت نجاحها أمام أعيننا وتفوقها الذى لا يقارن بخير أمة أخرجت للناس ، قام إعلامنا يفسح 35% من مساحات إرساله «بحسب إعلان وزير الإعلام السابق صفوت الشريف» للدين وحده ، هذا ناهيك عن بقية البرامج من دراما وحوارات وعلم وإيمان ، هى أيضا تطبيق عملى للفكر الوهابى ، عبر عمليات ترقيع لهذا الفكر بما وصلت إليه الإنسانية من فكر وعلم ، لنقول أن ما نعتقده خير مما هو عند الغرب وأكثر أصالة ، فأصبح لدينا شيء مهلهل لا هو فكر ولا هو علم ولا هو إسلام ، أصبحنا أمام ابن غير شرعى لا يمت بقرابة لأبيه وأجداده ، أصبحنا أمام شىء لقيط كان الأجدر بنا أن ننسبه إلى الفراش ، إلى أبيه الفعلى النشيط المبدع الذى نأخذ عنه جديده ، ولا نقول أنه كان قديمنا ، فننسبه زورا إلى الزوج المخدوع العقيم العجوز المشلول. <O:P></O:P>
إن تمجيد الملبس الباكستانى ، ولحية أبى لهب ، وكحل عتبة بن شيبة ، ومسبحة أبى جهل ، والقتل صبرا بحسبانه مقاومة ، والتمييز بين الدم المسلم والدم غير المسلم ، والتمييز فى الهيئة بالحجاب وإضافته فريضة إلى فرائض الإسلام الخمس ، حتى يعرف المسلم من غير المسلم ، بذات الفلسفة التى كان يميز فيها الذمى بجز مقدمة الرأس ، وختم الرقبة بالرصاص ، وشد الزنار على الوسط ، والاستئثار بالوظائف والمناصب ، هو لون من إعادة الفتح والاحتلال وضرب المواطنة فى مقتل ، هو سقوط فى فاشية فاضحة يجب فضحها والتشهير بها على الملأ لتنبيه الناس ، وليس تمجيدها وتكريسها فى النفوس الضائعة. إن تكريس هذه القيم العنصرية والطائفية فى زمن تحول خطر ، سيتم فيه استغلال الشارع للوصول إلى قيم لا علاقة لها بالديمقراطية المنتظرة ، ولن يفوز بها إلا صاحب هذه القيم بركوب شارع طائفى عنصرى ، لأن نموذج التخلف هو النموذج الأوحد المطروح فى السوق والذى لا يسمح بعرض غيره ، ولم يسمح حتى الآن!! سادتى أهل القدرة على الفعل فى وطنى ، إن أقررتم بضرورة الإصلاح فهو ما يعنى أن بضاعتكم المعروضة حتى الآن هى بضاعة فاسدة ، وهو ما يعنى ضرورة الاعتراف بهذا عمليا وعلنيا وإعلاميا ، وهو ما يعنى ترك المساحة للقول الجديد المختلف حتى يتمكن المواطن من المقارنة والفرز<O:P></O:P>
وهو ما يعنى ألا تواجهونا طوال الوقت بأن ربنا قال.... ، وأن نبينا قال .... ، لأنه فى هذه الحال لن يكون هناك قول آخر ممكن أو قابل للطرح أمام الله ونبيه ، لا تركبوا الدين لأغراض ليست دينا ، إنما سياسة ، واجهونا بقول البشر ليسمح بقولنا أمام قولكم ، ولأن الله لن يأتى بنفسه ليصلح ، ولأن النبى قد مات منذ أزمان طويلة ، ولأن ما تقولون ليس قول الله ولا قول النبى ، ولا تبتغون به وجه أحدهما بقدر ما هى مصالحكم منذ مات نبينا وركبتم أعناقنا وسيطرتم على مقدراتنا. <O:P></O:P>
ارتفعوا بإعلامنا عن عنصرية العربى الفاشى والمتأسلم ، اللاعب بديننا ووطننا ، بإلغاء كل مظاهر الأسلمة والعربجة ، فإعلامنا مازال مطعما للبيض لا يدخله السود ، مازال بنكا لا يودع فيه غير المسلم ، مازال بنكا إسلاميا مضحكا هزليا يضحك على ذقون المسلمين ، وهم يعلمون ويحيلون الإثم فيه عليه <O:P></O:P>
ارتفعوا بإعلامنا عن لغة الكراهية التى لا تؤدى إلا لخيانة مصرنا ، لقد شققتم مجتمعنا شقا ، وحاكمتمونا (كاتب هذة السطور) بتهم منها إذكاء الفتنة الطائفية ، وأنتم رمزها الأوضح والأسوأ والأبشع. وإذا كان القانون لا يجيز منح الشرعية لقيام أى تشكيل أو تنظيم أو تكتل أو تحزب يقوم على العصبية العرقية أو الطائفية الدينية أو على الجنس أو اللون ، بما يفاضل ويمايز بين المواطنين ............. فلماذا أنتم هنا علنا ودون خجل ودون محاسبة قانونية؟ <O:P></O:P>
إن الإخوان يقولون نحن جماعة المؤمنين وهو ما يعنى أنهم وحدهم المسلمون الأتقياء ، وهو ما يعنى أن بقية أفراد الوطن ليسوا كذلك ، وإذا كانت الحكومة قد منعت عنهم الشرعية لهذا السبب تحديداً فلماذا إعلامنا عنصرى عرقى طائفى؟ ولماذا هو شرعى فى ذات الوقت؟ <O:P></O:P>
لقد أسقط إعلامنا قيم الحق والخير والجمال لصالح قيم الحلال والحرام ، لتصبح قيمة عنصرية بالتمام ، لأنه الحلال والحرام من وجهة نظر دين واحد من أديان المواطنين ، بينما قيم الحق والخير والجمال قيم إنسانية لكل الملل والنحل والعناصر ، وهى أهم القيم التى تكون شخصية المواطن وتحدد أسلوب تعامله مع مجتمعه ومع الدنيا ، وهى القيم التى لا يشكلها الدين ، إنما يشكلها الفن الراقى والآداب بصنوفها والفلسفة بمنطقها ليحكم الإنسان بها على الأشياء حكما محايداً دقيقاً ، فيتخذ المواقف المناسبة ويواجه بها ما يعرض له من مشكلات. إن الإنسان فنان بالفطرة فإن قتلنا فيه الفن قتلنا فيه إنسانيته ، لكن الفن عندنا كافر ، تعلو عليه قيم الصحراء كرا وفرا وسلبا ونهبا وقتلا وتوحشا وافتراسا. <O:P></O:P>
إن إعلامنا من طرف خفى يعلى من شأن فناناتنا التائبات عن الفن؟! هل يأملون أن يصبحوا أنبياء؟ أو قديسات؟ بعد أن ذهبت تلك الأمانى بذهاب خاتم الأنبياء والمرسلين؟ <O:P></O:P>
لماذا يوجد المشايخ فى الإعلام؟ <O:P></O:P>
هل هذا هو دور الإعلام؟ <O:P></O:P>
إنهم فيه ليشيروا إلينا : <O:P></O:P>
هذا هو ربنا ليصادروا عقولنا مقابل تعريفنا بالله ، <O:P></O:P>
ليفكروا لنا نيابة عنه ، وعنا ، <O:P></O:P>
والبيعة بهذا الشكل خسرانة تقع علينا كشعب بالخسارة ، <O:P></O:P>
لأنهم هم من يأكلون الثمار دنيا واخرة و"سعيد الدنيا سعيد الأخرة ". <O:P></O:P>
لقد سبق أن عرفونا بالإسلام عند الفتح فأسلمنا ، والحمد لله ، لقد وضعوا أساس العمارة ، فلماذا هم موجودون عند التحديث بالتشطيب والديكورات الإصلاحية الجديدة؟ <O:P></O:P>
لقد أدوا دورهم التاريخى فى زمنهم كأى دور آخر له زمنه ، وانتهى دورهم ، ومع ذلك يملأون علينا صفحات صحفنا القومية مقررات يومية ، وشاشات التلفزة والإذاعة ، ولا يكتفون بإذاعة القرآن الكريم..<O:P></O:P>
لماذا؟ لديكم إذاعة فاذهبوا إليها ولا تخرجوا لنا من كل صحيفة ولا تدخلوا علينا بيوتنا من شاشة التلفاز ، فنحن نعرف ربنا وإسلامنا ولم نعد بحاجة إليكم. <O:P></O:P>
أنتم تقولون لنا خطبا جميلة لا شك ومواعظ لطيفة لا شك ، لكن عندما تحكموننا هل ستحكموننا بهذه الخطب والمواعظ أم كما حكم السلف؟ بالفقه وسيفه الذى لم يتغير مطلقا ولم يتطور منذ عصور الظلام ، وحتى اليوم؟ <O:P></O:P>
وهل ستعيدون إلينا الرقيق مرة أخرى؟ <O:P></O:P>
أم سنكون نحن الرقيق؟ <O:P></O:P>
وهل ستطبقون علينا الجلد والرجم والقطع والسلخ والجز؟ <O:P></O:P>
أم ستأخذون بحق الإنسان فى حرية الاعتقاد وبحقوق المرأة الكاملة الأهلية على التساوى مع الرجل؟ <O:P></O:P>
إذا كنتم ستأخذون بالحقوق الإنسانية الحديثة فلسنا بحاجة إليكم لأن لها أصولها وفلسفاتها المعمول بها فى العالم كله ولم يكن لكم فيها أى دور ، وإذا كنتم ستطبقون ما فعله السلف من سلخ وجز رقاب ، فلسنا أيضا بحاجة إليكم ، وسيكون أولى بكم كهوف تورا بورا أو إلى جوانتنامو وبئس المصير وساءت مرتفقا.