
10-10-2011, 05:53 PM
|
 |
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 95
|
|
مجرد نقاط
مجرد نقاط: يحتاج الوقت لفترة من التقاط الأنفاس والانتظار قليلا لتعيد ترتيب أفكارك بشأن ما يحدث من مظاهرات أمام ماسبيرو، وكذلك من أجل ترتيب الأوراق التي خلطها المجلس العسكري وحرقتها نفوس ضعيفة بحق... ويمكنك أن تضع النقاط التالية كنوع من ترتيب الأفكار فقط وليس على سبيل المقال:
1- المجلس العسكري تجاهل حالة الاحتقان الطائفي المتواجدة في الشعب المصري بشكل ملحوظ منذ حادث تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية في بداية عام 2011، مع العديد من النقاط الأخرى مثل حادث الأخت كاميليا وغيرها، دعك طبعا من حالات المد الوهابي والشيعي التي بدأت تغمر مصر منذ السبعينات، والغريب أنك في هذه الفترة بالذات تجد تزايدا ملحوظا في حالات رفع شعار الهلال والصليب معا وصور توضح البابا الفلاني يضحك ويحتضن الشيخ العلاني وكأنني بحاجة إلى أن أثبت أنني وشقيقي على وفاق... كلما ارتفعت صورة الهلال والصليب معا أشعر برائحة ما من النفاق... لا تحدثني أرجوك عن سلام الدولة وكيف أن لي جيران مسيحيين نعيش معا في رضا تام... كل هذه المظاهرات تثبت العكس... حالات القتل في الصعيد تثبت العكس... ما يحدث الآن أمام ماسبيرو يثبت العكس أيضا، ودعنا لا نخجل من فتح جروحنا وتطهيرها عندما تقبل معي – بكل ديمقراطية – أنت تفتح ملف الفتنة الطائفية.
2- ما هو دور الكنيسة بالضبط؟ المشكلة إن النظام السابق تعامل مع المسيحيين بتدليل تام والعكس تماما كان يحدث في الشارع... دعني احكي لك موقفين... كنا طلبة في كلية الآداب وقامت مشادة بين طالبين أحدهما مسيحي بطل كمال أجسام وكاد يفقأ عين الطالب المسلم، وتوجه كلاهما إلى مكتب الأمن وعندما علم ضابط الأمن بالموقف قام بإلغاء المحضر وطالبهما بالتصالح وديا قائلا بالحرف الواحد "مش عايزين مشاكل"... الموقف الثاني تحكيه سيدة فاضلة مسيحية تقول " ليست مشكلتي مع الحكومة... مشكلتي في الشارع مع مسجد يواجه بيتي يظل إمامه يلعن في المسيحيين ... مشكلتي مع سائق تاكسي ينظر إلى باحتقار إذا حاولت الركوب معه ورأى علامة الصليب على معصمي"... هذا بالضبط هو ما كان يحدث... تدليل تام من جانب الحكومة والنقيض تماما في الشارع... إن الحكومة المصرية لم تكن أبدا على نفس المسافة من الفريقين... من ناحية أخرى تجد أن الكنيسة لا رد لها على الإطلاق مما يؤدي إلى تفاقم الموقف... حكاية كاميليا مثلا.. لماذا لم تكلف الكنيسة نفسها ثلاث دقائق فقط لتخرج وتقول أن هذا الموقف حدث أو لم يحدث... ما هو دور الأزهر أيضا؟ يمكنني أن أعدد لك مائة مسجد في القليوبية وحدها يتردد عليها أئمة لا تتورع أبدا في مهاجمة كل ما هو على شكل صليب... يبدو أن التسامح الديني صار إهانة لدينا ويبدو أن هذه الجماعات يحلو لها أن تتناسى دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم "من عادى ذميا فهو خصمي يوم القيامة"... طرفان على النقيض تماما دون أن تجد للكنيسة دور بينهما أو للأزهر... الآن تقول قناة العربية أن أحد الشيوخ السلفيين ومعه حوالي ألف متظاهر انطلقوا إلى ميدان عبد المنعم رياض من بولاق وهم يرددون "إسلامية" بينما ما زال الأقباط عند ماسبيرو يهتفون "إرفع راسك فوق أنت قبطي"... إن التطرف هنا هو اسم اللعبة والمولوتوف هو سيد الموقف ولا أعتقد أن الجيش سيكون قادرا اليوم على احتواء الموقف، حتى ولو حدث ذلك فماذا عن الغد بعيدا عن القاهرة... إن صعيد مصر يكتظ بالطرفين المتطرفين ويمكنك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث هناك في ظل هذا الموقف الدامي.
3- المجلس العسكري... يتحدثون عن قانون الطوارئ، وتنطلق مظاهرات ترفض قانون الطوارئ دون أن ترى تطبيقا له على أرض الواقع... لماذا لا يخرج لنا المشير أو اللواء الرويني مثلا في بيان شديد اللهجة لهؤلاء المخربين مع وجود قوة عسكرية في الميدان، ولنترك موقفنا السلبي هذا قليلا... الموضوع بما فيه لا يقول سوى أن المجلس العسكري وقوات الشرطة تتواجد دائما في المكان الخاطئ ولا يمكنها – ولو مرة على سبيل التغيير – أن تتواجد في المكان الصحيح... أحد المتصلين المسحيين المتشددين يصرّح في التليفزيون أن الجيش هو من بدأ بالهجوم بينما تجد أمامك مجموعة من الجنود يحملون المصابين من الجيش... الاحتقان الطائفي في مصر حقيقة لا جدال فيها ولا يمكن تجاهلها، في ذات الوقت الذي يصر فيه الإعلام على رفع شعارات الهلال والصليب والمسلمون والمسيحيون إخوة في ذات الوطن بينما على أرض الواقع لا تجد تطبيقا على هذا أبدا...
4- من المستفيد من هذا الموقف؟ لا أعتقد أن المسلمين أو المسحيين يمكنهم الاستفادة من هذا الموقف بينما يمكنني أن أشعر بحق بتلك الأيدي من النظام السابق تعبث هنا وهناك، والغريب أن هذه الخلطة دائما ما تنجح مع مصر... دع أحد المشايخ يتحدث على اليوتيوب ويخبرك عن "حَمَلَة الصليب الكفار" لتجد ألف شاب ثائر... دع قسا أو قمصا من المسيحيين يخرج ليحدثك – كما فعل الأخ جميل – متوعدا الدولة بالويل ولسوف تجد كل يوم مظاهرات من هذا النوع... المستفيد الوحيد ليس مصري على الأقل لو أردت رأيي حتى ولو كان من أبناء هذا البلد، فالوطنية شيء أصيل ونبيل للغاية لا يمكنه أن ينمو في عقول متحجرة إلى هذه الدرجة وتصل بها الحماقة إلى الاعتداء على مؤسسات دولة يفترض أنهم هم مواطنوها.
5- الغد... هذا الموقف يبرهن لك بقوة على أن الشعراوي كان مصيبا للغاية في ذلك الفيديو المدمج المنتشر تحت عنوان الثائر الحق" عندما قال أن المشكلة أن الثائر يظل ثائرا على الدوام بينما الحق أن يثور المرء على الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد كما يقول الشعراوي العظيم... ليدخر هؤلاء الإخوة المتحمسين من الجانبين تلك العنصرية الغبية وليوجهوا ثورتهم ومظاهراتهم إلى من أهان دينهم واغتصب نسائهم وقتل أبنائهم بالفعل، أم أننا لا يمكن أن نتحلى بالاعتدال مرة واحدة في هذا البلد العجوز؟ نتحدث عن الديمقراطية وها هي نتيجة الديمقراطية التي وصلنا إليها وليس العيب في الديمقراطية أبدا... في كل يوم تحاول فيه أن تستبشر قليلا بالغد تجد أن الواقع لا يبشر بأي خير وتجد أن جرحك الدامي لا يمكن أن يتطهر أبدا ما دام هناك شيخ يصعد على المنبر ويسب المسيحيين وقسا يخرج بتصريحات غير مسئولة إلى هذه الدرجة.
6- ختامالا تحدثني أرجوك عن ثورة 25 يناير المجيدة وعن أن المسحيين والمسلمين كانوا معا يدا واحدة بحق وأن هناك أيد خفية هي من تفعل هذا... القس الذي يتحدث على اليوتيوب ويتوعد المسلمين بالويل... الشيخ الذي يصعد على المنبر ويلعن كل الأديان الأخرى... كل هذه الأمور تجعلك تعيد التفكير ألف مرة عندما تقول أن الموساد الإسرائيلي هو السبب أو دولة خارجية هي من تفعل هذا... الحقيقة أن مقولة الشاعر "بأيدينا جرحنا نفسنا وبنا إلينا جاءت الآلام" تصلح بشدة لهذا الموقف، ولو أردت رأيي دعنا نتكلم – على جنب – عن نتائج العزل السياسي ورفض دخول نواب الحزب الوطني الماضي للترشيح لمجلس الشعب ووقتها يمكننا أن نضع أيدينا على مصدر الجرح الحقيقي، وهذا أمر لا يمكن أن يحدث في ظل تباطؤ "أم أقول تواطؤ" المجلس العسكري... لن أقول أي شيء فالأيام سريعة للغاية في هذا البلد وغدا يأتي لنا مسئول ما ليصر على أن الجميع أخوة ويذيعوا الأغاني الوطنية قليلا لتسكين الجرح ثم نصحو من جديد على وجع آخر ما لم ننظر بجد إلى حقيقة مرعبة اسمها الفتنة الطائفية.
|