جوبلز والأهرام الثلاثة وشبه العلم
جوبلز والأهرام الثلاثة وشبه العلم:
يبدو أن هناك مشكلة لدى البعض منّا في المسلّمات من الأمور....اعتدتُ منذ فترة على وجود مقالات على الانترنت تقول جميعها أن الأهرامات الثلاثة ليست من تراث المصريين ولم يبنها المصريين القدماء، ولكن بناها قوم عاد ... دائما ما يكون هذا المقال مصحوبا بعدة صور لعامل حفر سعودي يستخرج من بين الرمال هيكل عظمي عملاق.... الغريب أن الصورة ظاهرة "الفبركة" بشكل واضح جدا يدركه أي مبتدئ لبرنامج فوتوشوب.... حسنا ... يمكن دحض هذه المقالات بكلمة واحدة، وهي أن قوم عاد، كما ينص القرآن الكريم، مكانهم في الأحقاف، فما علاقة قوم عاد بمصر ليبنوا الأهرام بها؟ يبدو أن هناك مشكلة حقيقية لدى البعض – وهم كثير بيننا – في أن تكون الأهرامات مصرية ...قد تكون يهودية وقد تكون هدية من غزو فضائي وقد تكون من تراث قوم عاد ولكن لا يمكن أن تكون مصرية.... هذا ما يودون قوله بأي شكل.
جوبلز هو وزير دعاية هتلر الشهير، وهو صاحب عبارتين فائقتا الشهرة وتعبران بصدق عن فلسفة كل أجهزة الإعلام في الأنظمة الديكتاتورية وهاتان العبارتين هما: "كلما سمعتُ كلمة ثقافة تحسست مسدسي" و "يجب أن تكون الكذبة كبيرة جدا لتصدقها الجماهير سريعا" كما يمكنني هنا أن أعيد بحق كلمة هتلر الفائقة الذكاء وهي "لا يمكن أن يكتشف رجل عظيم عن طريق الجماهير".... في الغرب هناك كاتب ومحامي "ابن ×××" (واغفروا فظاظة اللغة) هو الأخ المصري موريس صادق، وهو ينشر ثقافة غريبة جدا في الوسط الأمريكي وهي أن المسلمين يتقربون إلى الله كل يوم جمعة بقتل المسيحيين.... هذا هو النوع من الكذب الذي أتحدث عنه.... الكذب الكبير جدا... ضع نفسك مكان واحد من الإخوة في مانهاتن وهو يقرأ هذا الكلام الذي يكتبه شخص مصري أصلا... حسنا، يمكنني بسهولة أن أتخيل مدى كرهك للمسلمين...
بنفس الطريقة السابقة يأتي لنا النظام السابق بكلام مشابه عن وائل غنيم.... كلنا رأينا وائل غنيم في المظاهرة.. وكلنا شاهدناه يبكي بعد بيان الرئيس السابق محمد حسني مبارك... حسنا.... هذا رجل لا ينافق .... هناك من يعلَق على كونه مولودا في دبيّ ولم يجرب "بلاوي" النظام السابق لهذا يجب أن يكون مداهنا... مداهنا لمن؟ هذه هي النقطة التي يغفل الجميع عن ذكرها؟ مداهنا لطالب كلية الحقوق أم لموظف السكة الحديد أم لعامل النظافة أم لتلامذة الثانوية العامة؟ أليسوا هؤلاء من قاموا بالثورة؟ أحب هذه العقول التي تغفل في قمة كذبها أبسط الحقائق فقط لكي تكون الكذبة كبيرة جدا لتصدقها الجماهير.
المشكلة لدينا جميعا هي إيماننا المطلق بنظرية المؤامرة.... من الغريب أن تكون الضحية هي القاتل دائما يا سادة...
اليوم وصلتني رسالة عبر البريد الالكتروني عن الأخ وائل غنيم وصاحب الرسالة يدعي أنه ماسوني وأنه يقبض الكثير من الدولارات من العم سام لينصب على المصريين لتتحول مصر إلى لبنان أخرى فقط لأن وائل غنيم يرتدي الحظاظة في رسغ يده... بالنسبة للصور الموجودة في هذه الرسائل البريدية ليست دليلا على أي شيء... أنا شخصيا أرتدي "الحظاظة" في رسغ يدي كثيرا نظرا لأني أعاني كثيرا من شد في أربطة الرسغ نتيجة التمارين الرياضية ... لا يهمني اللون إطلاقا ولا يعني هذا أنني ماسوني مثلا.... كل المسلمين – مثلا – يحاولون إتباع السنة النبوية الشريفة ولكن لا يعني هذا أنهم جميعا أنبياء ولا أنهم جميعا شرفاء.. أما بالنسبة لشعار الأسد الفرنسي على تي شيرت وائل غنيم فلماذا لا تعتبره نفس الأسد الذي تتخذه شركة بيجو مثلا شعارا لها... لماذا لا تعتبر وائل غنيم مثل أي شاب مصري خرج في المظاهرة ... أنا عن نفسي أحب القرضاوي كثيرا جدا ولكني أكره فكرة الإسلام السياسي... ولا يؤثر هذا على حبي للقرضاوي.... أنا من أشد المعجبين بجيفارا ولكن لن يصل بي الأمر أن أمشي حاملا مطواتي في جيبي لأقطع بها السيجار الكوبي نصفين كما كان جيفارا يفعلها.... أعرف كثيرا من البلطجية الذين يمشون في الشوارع حاملين مطواتهم في جيبهم ولا تقل لي من فضلك أنهم يفعلون ذلك حبا في جيفارا.... لهذا لا يعني ارتداء وائل غنيم "للحظاظة" أنه ماسوني ..لماذا لا يكون يعاني من شد في أربطة الرسغ مثلي يا أخي؟ يعني هو كفر؟
في النهاية أقول لماذا لا نكون محترمين مرة واحدة... مرة واحدة فقط ونسمح للآخرين بالتعبير عن آرائهم كما نمنح لنفسنا الحق في التعبير عن رأينا ... أم أننا خرجنا من بوتقة القهر السابق لنبدأ حقبة قهرنا الخاصة ... لماذا لا تتسلل الرحمة مرة واحدة إلى قلب الضحية إذا منحه أحد سوط الصياد.... قالها نجيب محفوظ العظيم منذ زمن بعيد "آه من الكلب حين يستأسد".... لست أدري لماذا أتذكر هذه الكلمة الآن... هل تعرف أنت؟
التعديل الأخير تم بواسطة حازم شاهين ; 05-08-2011 الساعة 04:07 PM
|