عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-07-2011, 06:02 AM
الصورة الرمزية دينا نبيل
دينا نبيل دينا نبيل غير متواجد حالياً
التخصص العملى: ليسانس آداب وتربية لغة إنجليزية
هواياتي: القراءة _ الكتاب _ الرسم
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
الموقع: الأسكندرية
المشاركات: 29
دينا نبيل is a jewel in the roughدينا نبيل is a jewel in the roughدينا نبيل is a jewel in the rough
افتراضي رد: روبابيكيا ...... قصة قصيرة

............
أخذ يفكر كيف سيكتب اسمه في التاريخ :" في يوم كذا عام كذا هبّ الوطني الغيور العم عطية من وسط ركام الهوان نافضا عن كاهل وطنه عفر الذل والخذلان فقد أتى بعمل عجيب في زمانه لا عجيب من أمثاله ، وكأن التاريخ يعيد نفسه فقد خرج بعربته ودابته تعدو من أمامه يشبه بذلك سالفه من الملوك بعربته الحربية وجياده ترمح من أمامه إلا أن الأخير طرد الغزاة وعم عطية دفن الروبابيكيا وفي غمار معركته لم يكن يكف عن الصراخ "روبابيكيا ... بيكيا !" ومن وقتها صارت بلادنا العزيزة مدينة لذاك البطل الهمام بما هي عليه الآن !"

ليس فقط التاريخ وإنما كم سيكتب عنه في الداخل والخارج وما سينظمه الشعراء في المفاخرة به والنصب التذكاري الذي سيخلد ذكراه المجيدة في العاصمة...
انتشت روحه لتوارد هذا العباب من الأفكار على رأسه فأخذ يرفع صوته "روبابيكيا "ويصدح أحيانا .". بيكيا !" ... لكن لا يزال الوقت مبكرا .. وكيف للناس أن يميزوه عن غيره من العربجية ! .. الإعلان :" أنا عم عطية .. صاحب الإعلان على الفيس بوك .." خرج شاب في عنفوان الشباب :

-- " أنت عم عطية .. أنا منتظرك ولم لأنم مذ قرأت إعلانك بالأمس
ثم دخل بيته وخرج حاملا جوالق ضخم " ما هذا؟ "
--" هذا جوالق إهمال .. خذه وخلصني منه .
هيا توكل على الله أمامك مشوار طويل !"
........
"أنا عم عطية ... روبابيكيا .. بيكيا ..."
خرجت امرأة ثائرة الشعر من نافذتها تدعك عينيها ..:" عم عطية ... الحاج محمد يسلم عليك ويرسل إليك هذه ..."
ثم ألقت من النافذة ثلاثة أكياس زرقاء ألصق عليها ورقة " وأنا مالي ! "
التقطها عم عطية وقذفها فوق العربة
.....
بلغت الشمس كبد السماء واستعرت جمراتها وازداد لفح الهواء أخرج منديله وبلله بالماء .." روبابيكيا " ... ثم عصبه فوق رأسه ... " بيكيا !"

وقف في إشارة مرور فلمح بجواره سيارة فارهة ففتح زجاجها الأسود وكشف عن رجل عليه مخايل الهيبة والوقار ثم أخرج من النافذة حقيبة
-- " خذ يا عم عطية ... هذه حقيبة " فوضوية " ... لكن احترس منها فهي تحب أن تفك أزرارها وتخرج ما فيها ! "
أسرع عم عطية يحملها بحرص محتضنا إياها ثم حشرها بين الأحمال على عربته ثم قال متعجبا :
-- " مهلا كيف عرفتني ؟! "
-- " صورتك وصورة الحمار الآن على الفيس بوك !"
......لون أخضر ... وانطلق ....
روبابيكيا ... عجل يدور ... وحمار يعدو ... وعربة تغوص في أعماق العاصمة لاصطياد الروبابيكيا ... وصوت يصدح " بيكيا " بلا تعب ولا كلل.
" عم عطية ... هذه كرتونة " استهبال "....ثقيلة جدا !
" عم عطية ... خذ جرابين " عدم المسئولية " ... لا مكان يكفيها !
أخذ يحاول زجها في الأحمال فما أفلح ... أفرغ العربة تماما ثم أعاد ترتيبها والكل يرمق قوة ساعديه بإعجاب كيف يحمل هذه الأثقال ويرفعها على عاتقه فتنثني ركبتيه تحت وطأة وزنه ووزن أحماله وتتصلب سمانتاه حتى إذا ما دنا من العربة أهوى بأحماله عليها فترتج العربة من فجأة الهوي وانتفاضة الحمار ...

وانطلق ... إنها الثالثة ... الجو يزداد قيظا وصخبا .... روبابيكيا
" عم عطية ... هاك اكياس أنانية
عم عطية ... خذ معك لفافة فهلوة وعدم إحترام .....
عم عطية .... عم عطية .... !
" ... خذ ... نزل يأخذ ، فما وجد مكانا يأخذ ... قد اكتظت العربة بالأحمال ... لكن هذا جراب الغش ... لن أتركه وإن حملته على رأسي ...

كانت الشمس قد قاربت الغروب ولا يزال عم عطية يدور بعربته ولكن لكل نفس طاقة ولكل حمولة كفاية وهو وحده بلا ساعد يعينه ... بح الصوت , وكلّ الساعد ، واعتلّ القدم ... حتى الحمار فأخذ يترنح من التعب وثقل الحمل والعربة بالكاد تتحرك وصارت تصدر أصواتا غريبة وحركات أغرب فحينا تمشي إلى الأمام وأحيانا أخرى إلى الخلف ...

لكن فرح قلبه بالانجاز أنساه كل عناء ، فنشوة الظفر أحيت في نفسه لا حب عمله فحسب وإنما حبه الجارف لبلده .. ذلك الحب الذي كان خاملا تحت رماد اللامبالاة والنسيان .. فما أن اتقدت جمرته في لحظة إخلاص إلا وانفجر بركانه فيحرق الرماد المتبقي لئلا يخبئه ثانية !
غابت الشمس ... وفكر عم عطية في السير حيد النهر علّ الهواء يلطف حر جسده ويهون عليه وعثاء الطريق
" ... عم عطية ... لا ... ما معي مكان ! .... غدا ...غدا إن شاء الله "
كان ينظر إلى النهر .. وفجأة انتبه إلى حماره يتمايل وتلتف قوائمه حول بعضها ... ورجع بالعربة إلى الوراء ... فقد عم عطية السيطرة عليه .. فأخرج سوطه لأول مرة في هذا اليوم وألهب ظهر الحمار ليتقدم إلى الأمام ,,,
ولكن أخذ يرجع ويرجع فاصطدمت العربة بالسور الخشبي للنهر وسقطت على منحدر قريب من الماء ... أسرع عم عطية يحل حماره من العربة وسحبه فوق المنحدر حتى أرجعه على الطريق ... وما إن التفت نحو العربة حتى وجدها قد سقطت في الماء وسريعا ما غاصت الأحمال في الماء وفي لحظات غاب كل شئ في قاع النهر
-- " يا خبر ... كيف العمل ؟ .... سقطت الحمولة في النهر ... وسيشربها الناس !"


رد مع اقتباس