الموضوع: حذاء الإسكافى
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-06-2011, 11:22 AM
الصورة الرمزية نبيل عبدالرحمن
نبيل عبدالرحمن نبيل عبدالرحمن غير متواجد حالياً
مدير عام المنتدى
من انا؟: مهندس انشائى بالمعاش
التخصص العملى: خبير مدير عام مساعد بقطاع البترول سابقاً
هواياتي: رياضة التجديف وألعاب القوى ( أيام الشباب طبعاً )
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الموقع: اسكندرية
المشاركات: 4,555
نبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond repute
افتراضي حذاء الإسكافى

قصة قصيرة من أعمال ابنتى دينا نبيل
أخذ قطعة الجلد البنية التي اشتراها من المدبغة صباح ذلك اليوم ...وانطلق نحو منزله ليبيت ليلته. كانت ليلة ظلماء شديدة الحلكة باردة شديدة الزمهرير حتى أنه أخذ يعدو في الطريق ابتغاء الدفئ واتقاءا لمطر محتسب. وصل إلى منزله في حارة متواضعة ... بيوتها متواضعة ... أزقتها متواضعة ...بلغت من تواضعها أنها خلت من الأرصفة واغطية البالوعات التي توجد في أي شارع يقطن جنباته البشر

وصل منزله ... وصعد السلم المتواضع ... الذي من شدة تواضعه أن تشقق وانفصل شبرا عن جدار البيت ..ولشدة تواضعه أيضا تكسر من كثرة الأقدام التي دعسته وأهلكته ضربا بلا إيلام وفتت في أحجاره بلا رحمة حتى أفقدته لونه وملمسه.. وأفقده الزمن قيمته.. فلا ضير من افتراشه من قبل بعض المشردين الذين استبدلت ملامحهم الصغيرة بملامح الحرمان والأسى فاكسبتها عمرا فوق العمر..وأفقده الزمن قيمته أيضا بأنه لا يمانع إن اصطحبت امرأة بادنة وابورا وحلة بها كل ما تأكله عائلتها الكبيرة وافترشت إحدى درجاته لتنشر روائح طعامها في كافة أرجاء البيت ،فيشمها القاصي والداني والصاعد والنازل وتنشر هي عليهم نظراتها..واكسبه الزمن قيمة أخرى فأصبح نزلا لبعض الهوام من القطط والكلاب ومكانا لهم لتلبية نداء الطبيعة!... فأكسبه الزمن قيمة وأفقده قيم...

صعد الإسكافي السلم معتمدا على سور السلم بيده اليسرى قابضا بالأخرى على قطعة الجلد وأثناء صعوده.. تعثرت قدمه في شئ مغطى بالسواد طريحا على الأرض .. ارتجف قلب الإسكافي كما يرتجف جسمه من البرد وهم يتلمس هذا الشئ فإذا به يتحرك ويظهر من تحت غطاءه عينان يغطيهما التراب يحسبهما الرائي من بعيد عينين كبيرتين ..." يا إلهي إنه طفل!"... امتقع وجه الإسكافي وهم بايقاظه لكنه تردد .." لعل السلم أراف به من الشارع"... مد يده الباردة في جيبه ،فأخرج بعض وريقات النقود المتهدلة ووضعها بجانب الطفل... وصعد السلم... " لم ينجب الانسان أطفالا طالما سيلقي بهم إلى الشارع...... ما هذه الرائحة؟!" .... إنها صاحبة الحلة قد أخذت عدتها وعتادها لتبدأ الطهي .، وحينما لمحته قالت ضاحكة.. " لا مؤاخذة بندفئ السلم ..." تجاوزها الإسكافي لكن عينيها ماتجاوزتاه فما كاد يغيب عنهما حتى همست في سرها .." عجبي ع الرجالة !"

وصل الإسكافي الطابق الأخير أخيرا حيث غرفته إن جاز تسميتها كذلك إلا أن وظيفتها كذلك...وقف مستندا إلى الحائط يلتقط أنفاسه ويبحث عن المفتاح .. دخل... وأشعل النور واتجه نحو منضدة في منتصف الغرفة مباشرة لاحتساء بعض الماء... ثم انطلق نحو السرير لينام... قابضا على قطعة الجلد.

دقت العاشرة... يتقلب في السرير... العاشرة والنصف ... يتقلب به السرير...الحادية عشرة ..ينهض من السرير ..." لا أستطيع أن أنام ....وهذه الساعة تدق وتدق تنخر في رأسي!!"
اتجه نحو النافذة يفتحها ملتمسا بعض الهواء البارد ... استنشق جرعة كبيرة بأنفه .. وفيه كأنما يريد ابتلاعها ..." لا فائدة .. لا نوم ...سأرجع إلى الحانوت.. أين قطعة الجلد؟ " لم يتكبد عناء البحث فقد كانت بجواره على السرير طيلة الوقت.. أخذها وأغلق النافذة والنور وخرج وأغلق الباب
نزل مسرعا بضعة درجات ..ولكنه فجأة يتوقف...لا يرى باقي السلم .. الظلام قد أسدل ستا ئره على جنباته والصمت قد شاع سكونه في كل اتجاه.. ما من امرأة ذات حلة .....ولا طفل صغير ......ولا هوام سائحات .. الصمت والظلام وحدهما... ماذا قد يفرخان ؟! .... نزل متمهلا خشية التعثر في حجر ملقاة أو درجة مكسورة .. " يا ربي .. أقبر هذا؟!.." خلا من الأصداء والأجواء ولم يعد فيه إلا صمت السكون أو سكون الصمت ...... ظلمة السواد أو سواد الظلام ! ... أخذ يتمتم ببعض الآيات مسمعا نفسه إياها علها تطمئن سمعه وفؤاده ....حتى خرج من البيت.. " الحمد لله .. ربنا يتوب علينا من هذا البيت وممن فيه !"
كان البرد قارسا قد ازدادت برودته عن ساعتين مضت مذ كان بالشارع ... أخذ يجري في طريقه إلى حانوته .. يجري حينا .. ويثب أحيانا..وما مرت لحظات حتى أبرقت السماء فأرعدت... ثم أمطرت، أسرع في خطاه أكثرفما معه شيئ يحتمي به من المطر سوى قطعة الجلد ... فردها وغطي بها رأسه
وصل الحانوت أخيرا ... دخل بسرعة وغلقه خلفه وخلع ملابسه المبتلة وحذاءه المبتل كذلك .." إسكافي ويبتل حذائي" ابتدر منشفة ملقاة على كرسيه الذي يعمل عليه يجفف الماء عن جسمه ..وعن قطعة الجلد ... يقلبها ويمسح الماء عنها وينفخ فيها ليجففها بدفئ أنفاسه ... ثم فردها على المنضدة


يتبع
__________________

م . نبيل عبد الرحمن
مصر موتورز
الإسكندرية
رد مع اقتباس