اللواء منصور العيسوي محافظ المنيا السابق
لـ«الغد» قانون الطوارئ وصمة عار في جبين مصر
يحمل الكثير من الحنكة السياسية والخبرة الأمنية ولديه فلسفة خاصة في كيفية انضباط الشارع المصري واعتقاد راسخ بأن الجريمة في مصر هي الشذوذ عن القاعدة .. إنه اللواء المنضبط منصور العيسوي مدير أمن القاهرة والجيزة السابق ومحافظ المنيا قبل تقاعده للمعاش حل علينا ضيفاً هادئاً مسالماً في حزب الغد وأفضي إلينا بحوار أقل ما يوصف به أمني منضبط من الدرجة الأولي.
تمت الموافقة علي تمديد العمل بقانون الطوارئ وإرجاء اعتماد قانون الإرهاب لبضعة أشهر.. برأيك هل تعتقد أن قانون الطوارئ يناسب المرحلة القادمة؟
تمديد قانون الطوارئ بالقطع أمر خاطئ فكان يتعين علي الحزب الوطني باعتباره الحزب المتقدم بمشروعات القوانين ان يدرس قانوناً يندرج تحت القانون العام للعقوبات مثل معظم دول العالم لكن وضع قانون خاص يقيد به حريات الناس أمر خطر والإرهاب بالفعل أصبح أمراً واقعا ولابد من وضع قانون خاص به لتقيده والحد منه لكن هذا القانون الخاص لابد أن يكون ضمن القانون العام ويدور في فلكه لا ينفصل عنه ولدينا منظومة متميزة من القوانين التي تنظم كافة نواحي الحياة سواء المدني أو الأحوال الشخصية وغيرها أما ما نشاهده الآن من إسهال في إصدار القوانين الجديدة فهو أمر غير مطلوب لأنه يخل بنظام القضاء المصري وهو نظام أصيل ومتميز جداً فكان ينبغي أن يناقش قانون مكافحة الإرهاب في الحزب الوطني ثم في مجلس الشعب ويتم إقراره سريعاً وتنتهي بذلك قصة الطوارئ التي استمرت طويلاً.. << هل لديك بعض المآخذ علي قانون الإرهاب المزمع إقراره في مجلس الشعب والذي يتخوف منه البعض؟
< أنا ضد قانون الطوارئ لأنه وصمة عار في جبين مصر والشعب المصري شعب بطبعه مسالم والجريمة ليست متأصلة فيه ولو دللنا علي ذلك فيحضرني مثالين ففي وقت ما حصل عطل في خطوط كهرباء السد العالي من أسوان إلي الإسكندرية وتوقفت الإنارة عن القاهرة لمدة ثلاثة أيام ولم ترصد أجهزة الأمن حينها جريمة واحدة لو أن حدثا كهذا وقع في أمريكا مثلاً لزادت السرقة والنهب والقتل وغير ذلك من الجرائم..
< والمثل الثاني أيام أحداث الأمن المركزي«18 ـ 19 يناير» لم تكن الشرطة موجودة في الشارع وكانت القوات المسلحة في الميادين الرئيسية فقط ولم تقع حادثة واحدة، فالشعب المصري تحكمه النزعة الدينية الراسخة في وجدانه وظاهرة الإرهاب في مصر لكن قانون الطوارئ يمس عددا كبيرا جداً فهو لا يقتصر علي الإرهاب فقط . <<
البعض يصف قانون الإرهاب بأنه لا يختلف كثيراً عن الطوارئ وإنما نفس الإجراءات ولكن مع اختلاف المسميات فما رأيك؟
<لا نريد أن نسبق الأحداث ونحكم علي قانون الإرهاب قبل طرحه فلا يمكن الحكم علي القانون في صورته المؤقتة إذا كان سيئاً أم لا، لكن المفترض أن يحقق توازناً كاملاً بين حريات المواطنين ونفرق بين المواطن العادي الذي يسير في الشارع وليس له أي اتجاهات دينية وسياسية ولا يحمل أية نزعة من نزعات التطرف والعنف وبين مواطن دفعته نزعة التطرف إلي ارهاب الآخرين. << بما أنك كنت محافظا للمنيا فهل أنت راض عن النقلة التنموية التي شهدتها محافظات الوجه القبلي في السنوات العشر الأخيرة والتي قادها عدد من المحافظين أمثالك؟
< أنا أتابع النقلة التي حدثت في محافظتي وفي قنا بقيادة عادل لبيب المحافظ الحالي للإسكندرية وكنت أقول قبل لبيب أن قنا اسوأ عاصمة لأسوأ محافظة بسبب انعدام الخدمات وتأخر التطوير ولكن لبيب أحدث نقلة نوعية وحضارية من الطراز الأول وبعد ذلك يأتي د/ سمير فرج في محافظة الأقصر.. وما لم يشارك الشعب في التنمية لن يفلح المحافظ وحده في التطوير ولا أقصد المشاركة المادية وإنما أتمني المشاركة المعنوية بمعني أن ينضبط المواطن في الشارع ويلتزم بالقواعد والقوانين ويترسخ بداخله احساس أن الشارع ملكه وعليه أن يحافظ عليه ويهتم بنظافته تماماً مثل بيته .
<< كيف تصف الأوضاع الأمنية في القاهرة وفي مصر عموماً وخصوصاً أن البعض يصف الوضع الأمني الراهن بأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة وأحداث المحلة الأخيرة قد تكون التأكيد علي هذا القول؟
< الأمن في مصر أفضل من مثله بالخارج مليون مرة والذي يقول غير هذا فإنه يتجني وأنا لا أقول ذلك باعتباري رجل شرطة وهذا التفوق رغم فارق الإمكانات سواء المرتبات أو طريقة التشغيل فلا يوجد ضابط في العالم يعمل 24 ساعة إلا في مصر وحدها وما حدث من أحداث في المحلة ليس فوران أمن وإنما هو فوران شعبي تتحمل مسئوليته الحكومة وليست الأجهزة الأمنية..
<< يري بعض المفكرين أنه لضمان تحقيق كامل الأمن لابد من الإصلاح الاقتصادي وتوفير حد معقول من العدالة في توزيع الدخل كضمان لاستمرار الأمن في حين أن الممارسات القمعية لا تضمن استمرار هذا الأمن..فما تعليقك؟
< هذا كلام صحيح 100% فتحسين المستوي المعيشي سوف يقلل من حجم الأعباء الملقاة علي عاتق الشرطة، والشرطة للأسف تتحمل أعباء جسيمة جداً ليست من اختصاصاتها ودائماً تظهر في الصف الأول باعتبارها حائط الصد الأول ولذلك فهي تتلقي الصدمات في حين أنه في حقيقة الأمر أن الشرطة هي حائط الصد الأخير عندما تعجز الوسائل الأخري وهو ما يجعل الضابط مكروها ..
<< ما رأيك في الانتهاكات الإنسانية داخل أقسام الشرطة؟
< إذا أردنا تقييم جهاز الشرطة والأجهزة الأخري في الدولة سنجد أن أكثر الأجهزة انضباطاً في الأداء وبدون تحيز هو جهاز الشرطة فالتجاوزات في كل العالم وفي كل الأجهزة الأخري التابعة للدولة .
<< ماذا عن تحقيق مستوي معقول من الأمن في الشارع المصري؟
< لقمة العيش ترغم الإنسان علي فعل أي شئ وفي مصر المواطن البسيط يعيش علي حد الكفاف فلو توفرت له لقمة العيش بشكل يضمن كرامته فلن تشهد مصر جريمة واحدة إلا في استثناءات نادرة جداً ومصر من أفضل الأماكن التي يتحقق فيها الأمن والانضباط بسهولة لأن الخوف من الله سبحانه وتعالي راسخ في عقيدة المصري سواء المسيحي أو المسلم فهو لا يرتكب فعل يعصي به الله سبحانه وتعالي سيحاسب عليه وهذا الأمر ما يسهل عمل رجل الشرطة بنسبة كبيرة لكن إذا ضاق به العيش فلن يضمن أحد في هذا البلد رد فعل الناس وسوف تقودنا هذه الحالة إلي تمرد وانفجار وسوف تتكرر أحداث 18 ـ 19 يناير فقد كانت اتفاقية شعبية حقيقية لارتفاع الأسعار وخرج الجميع منتقضاً ورافضاً لهذا القرار.
الـــغـــد
كنت وزيراً
مع اللواء منصور العيسوي محافظ المنيا الاسبق