ثانيا:التيمم
وفيه أربع مباحث :
المبحث الأول : مشروعيته ، ولمن يشرع له ؟ :
أ – مشروعيته :
التيمم مشروع بالقرآن الكريم والسنة الشريفة المطهرة ،

: ( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط ، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) . وقال صلى الله عليه وسلم : ( الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ) .
ب – لمن يشرع :
يشرع التيمم لمن لم يجد الماء بعد طلبه طلباً لا يشق على مثله ، أو وجده ولم يقدر على استعماله لمرضٍ ، أو كان يخشى باستعماله زيادة المرض أو تأخر البرء ، أو كان لا يقدر على الحركة ولم يجد من يناوله إياه .
وأما من وجد قليلاً من الماء لا يكفيه لطهره كله فإنه يتوضأ به في بعض أعضائه ، ثم يتيمم لما بقي ، لقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) .
المبحث الثاني : فروض التيمم وسننه :
أ – فروض التيمم هي :
1- النية ، لحديث : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) فينوي التيمم استباحة الممنوع من صلاة ونحوها بفعله التيمم .
2- الصعيد الطاهر ، لقوله تعالى : ( فتيمموا صعيداً طيباً ) .
3- الضربة الأولى ، وهي وضع اليدين على التراب .
4- مسح الوجه والكفين ، لقوله تعالى : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) .
ب – سنن التيمم هي :
1- التسمية ، وهي قول : بسم الله ، إذ هي مشروعة في كل عمل ذي بال .
2- الضربة الثانية ، إذ الأولى فرض وتكفي فيه ، والثانية سنة .
3- مسح الذراعين مع الكفين ، إذ لو اقتصر على مسح الكفين لأجزأه ، وإنما يمسح الذراعين احتياطاً ، وذلك للخلاف في معنى اليدين في الآية ، هل هما الكفان وحدهما ، أو هما مع الذراعين إلى المرفقين؟ .
المبحث الثالث : فيما ينقض التيمم ، وما يباح به :
أ – ما ينقض التيمم :
ينقض التيمم شيئان :
1- كل ما ينقض الوضوء إذ هو بدل عنه .
2- وجود الماء لمن عدمه قبل أن يدخل في الصلاة أو أثنائها ، أما إذا فرغ من الصلاة فقد صحت صلاته ولا إعادة عليه إن وجد الماء ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ) رواه النسائي وأبو داود وأحمد وابن حبان .
ب – ما يباح به التيمم :
يباح بالتيمم كل ما كان ممنوعاً قبله من صلاة ، أو طواف ، أو مس مصحف ، أو قراءة قرآن ، أو مكث في مسجد .
المبحث الرابع : في كيفية التيمم :
كيفية التيمم هي :
أن يقول : بسم الله ، ناوياً استباحة ما يتيمم له بفعل التيمم ، ثم يضرب بكفيه وجه الأرض من تراب ، أو رمل ، أو حجارة ، أو سبخة ونحوها ولا بأس أن ينفض الغبار من كفيه نفضاً خفيفاً ، ثم يمسح وجهه مسحة واحدة ، ثم يضرب إن شاء بكفيه الأرض فيمسح كفيه مع ذراعيه إلى المرفقين إن شاء ، وإن اقتصر على الكفين أجزأه .
[ تنبيه ] : سؤال وجوابه :
السؤال : هل يصلي بالتيمم الواحد عدة صلوات إذا لم ينتقض تيممه ؟ .
الجواب : في المسألة خلاف منشأه اجتهاد أهل العلم ، إذ لم يوجد نص صريح في المسألة يثبت أحد جانبيها ويبطل الثاني ، والاحتياط يقضي بالتيمم لكل صلاة
ثالثا:المسح على الخفين والجبائر
وفيه ثلاث مباحث :
المبحث الأول : مشروعية المسح على الخفين ، والجبائر :
مشروعية المسح على الخفين وما في معناهما من الجوربين والموقين والتساخين ثابتة بالكتاب والسنة ، أما الكتاب فقد قرئ قوله تعالى : ( وأرجلكم ) بالجر عطفاً على وامسحوا برؤوسكم فدل هذا على جواز المسح ، وأما السنة المطهرة فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه فليمسح عليهما وليصل ، ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة ) رواه الدارقطني والحاكم . وما فيه من إطلاق عدم التوقيت فإنه مقيد بحديث التوقيت الآتي .
وأما مشروعية المسح على الجبائر فإنها ثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم في الذي شج رأسه فغسل رأسه فمات : ( إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) رواه أبو داود .
المبحث الثاني : في شروط المسح :
يشترط في المسح على الخفين وما في معناهما ، ما يلي :
1- أن يلبسهما على طهارة ، لقوله عليه الصلاة والسلام للمغيرة بن شعبة لما أراد أن ينـزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم ليغسل رجليه في وضوئه : ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) رواه البخاري ومسلم .
2- أن يكونا ساترين لمحل الفرض .
3- أن يكونا سميكين لا تبدو البشرة من تحتهما .
4- أن لا تزيد مدة المسح على اليوم والليلة للمقيم ، ولا على ثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، لقول علي رضي الله عنه : ( جعل رسول الله ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوماً وليلة للمقيم ) رواه مسلم .
5- أن لا ينـزعهما بعد المسح ، فلو نزعهما وجب عليه غسل رجليه وإلا بطل وضوؤه .
6- وأما المسح على الجبيرة فلا يشترط له تقدم طهارة ، ولا التوقيت بزمن محدد وإنما يشترط له أن تكون غير زائدة على محل الجرح إلا بما لا بد منه للربط وأن لا تنـزع من مكانها وأن لا يبرأ الجرح ، فإن سقطت أو برئ الجرح بطل المسح ووجب الغسل .
[تنبيهات هامة] :
1- يجوز المسح على العمامة لضرورة بردٍ أو سفر ، لرواية مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ في سفره ، فمسح بناصيته وعلى العمامة ) . لكن مع مسح العمامة مسح بعض الناصية ، كما في الحديث .
2- لا فرق بين الرجل والمرأة في باب مسح الخفين والجبائر وغطاء الرأس ، كالعمامة ونحوها ، فما جاز للرجل جاز للمرأة على حد سواء .
المبحث الثالث : في كيفية المسح :
هو أن يبل يديه ، ثم يضع باطن كفه اليسرى تحت عقب الخف ، وكف اليمنى على أطراف أصابعه ، ثم يمرر اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى أطراف أصابعه ، ولو مسح أعلى الخف دون باطنه لأجزأه لقول علي رضي الله عنه : ( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى من أعلاه ) رواه أبو داود .
وأما المسح على الجبائر فإنه يبل يده ويمسح فوق الجبيرة كلها مرة واحدة .
رابعا:آداب قضاء الحاجة
وفيه ثلاث مباحث :
· المبحث الأول : فيما ينبغي قبل قضاء الحاجة وهو :
1- أن يطلب مكاناً خالياً من الناس بعيداً عن أنظارهم ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد ) رواه أبو داود والترمذي .
2- أن لا يدخل معه ما فيه ذكر الله تعالى ، لما روى أنه صلى الله عليه وسلم : ( لبس خاتم نقشه محمد رسول الله ، وكان إذا دخل الخلاء وضعه ) رواه الترمذي .
3- أن يقدم رجله اليسرى عند الدخول إلى الخلاء أو الحمام ، ويقول : ( بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) لما روى البخاري ، أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك .
4- أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ، ستراً لعورته المأمور به شرعاً .
5- أن لا يجلس للغائط أو البول مستقبل القبلة ، أو مستدبرها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تستقبلوا القبلة ، ولا تستدبروها بغائط أو بول ) رواه البخاري ومسلم .
6- أن لا يجلس لغائط أو بول في ظل الناس ، أو طريقهم ، أو مياههم أو أشجارهم المثمرة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الملاعن الثلاثة : البراز في الموارد وقارعة -وسط- الطريق ، والظل ) رواه الحاكم وقد ورد عنه كذلك النهي عن التبرز تحت الأشجار المثمرة .
7- أن لا يتكلم حال التبرز لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحدٍ منهما عن صاحبه ، ولا يتحدثا فإن الله يمقت على ذلك ) .
المبحث الثاني : فيما ينبغي في الإستجمار والإستنجاء :
1- أن لا يستجمر بعظم أو روث ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تستجمروا بالروث ولا بالعظام ، فإنه زاد إخوانكم من الجن ) . ولا بما فيه منفعة ككتان صالح للإستعمال وكورق ونحوه ولا بما كان ذا حرمة كمطعوم لأن تعطل المنافع وإفساد المصالح حرام .
2- أن لا يتمسح أو يستنجي بيمينه ، أو يمس ذكره بها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ) رواه البخاري ومسلم .
3- أن يقطع الإستجمار على وتر ، كأن يستجمر بثلاثة فإن لم يحصل له النقاء استجمر بخمس مثلاً ، لقول سلمان الفارسي رضي الله عنه : ( نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم ) رواه مسلم . والرجيع : هو روث البغال والحمير .
4- إن جمع بين الماء والحجارة قدم الحجارة أولاً ، ثم استنجي بالماء ، وإن اكتفى بأحدهما أجزأه ، غير أن الماء أطيب ، لقول عائشة رضي الله عنها : ( مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء ، فإني أستحييهم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله ) رواه الترمذي .
المبحث الثالث : فيما ينبغي بعد الإستجمار والإستنجاء :
1- أن يقدم رجله اليمنى عند خروجه من الخلاء لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- أن يقول : ( غفرانك ) رواه أبو داود والترمذي .
يتبع............