رد: من هو باراك اوباما ؟
لماذا فاز باراك أوباما؟
تقرير واشنطن - محمود عبده علي
رغم كونه أسودَ، ورغم أن عمره لم يتجاوز السابعة والأربعين، استطاع السيناتور الديمقراطي باراك أوباما أن يحقق انتصارًا تاريخيًّا، في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الرابع من نوفمبر الجاري، ليكون بذلك أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية فاستطاع الفوز بـ 364 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي، مقابل 163 صوتًا لمنافسه جون ماكين، علمًا بأن الفوز يتطلب فقط الحصول على 270 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي.
وشارك في الانتخابات حوالي 66% من الناخبين الأمريكيين، وهي أعلى نسبة شهدتها الانتخابات الأمريكية منذ عام 1908، فائقة بذلك انتخابات 1960 التي بلغت فيها نسبة المشاركة 63.1%. في حين بلغت نسبة المشاركة عام 2004، حوالي 55.3 %.
وتمكن أوباما من الفوز في كل من أوهايو وفلوريدا وفرجينيا وإيوا ونيو مكسيكو ونيفادا وكولورادو، وكلها ولايات فاز بها بوش في انتخابات عام 2004، كما استطاع تحقيق الانتصار في كل من فرجينيا وإنديانا، وهي ولايات لم يفز فيها أي مرشح ديمقراطي منذ ما يقرب من 44 عامًا.
التغيير. يطرق باب أمريكا
إذا كان هناك سبب أوحد يمكن إرجاع فوز أوباما إليه، فسيكون هذا السبب، ودون أدنى مبالغة، هو شعار التغيير الذي رفعه أوباما خلال حملته الانتخابية. ولا يتعلق الأمر بمجرد كلمة "التغيير"The Change التي رفعها أوباما، بل لأن الشعار جاء من الشخص المناسب (باراك أوباما)، وفي الوقت المناسب (احتدام الأزمات الأمريكية داخليًّا وخارجيًّا)، وبالطريقة المناسبة (حملة انتخابية منظمة استطاعت أن توظف الشعار كما ينبغي).
وبحسب كلمات روجر سيمون Roger Simon، في مقال له بتاريخ 5 نوفمبر تحت عنوان، انتصرت الجرأة Audacity wins، فإن النصر الذي حققه أوباما يشير إلى مدى النجاح الذي يحرزه الشخص المناسب، الذي يحمل الرسالة المناسبة في الوقت المناسب".
فشعار التغيير الذي رفعه أوباما حمل أكثر من معنى لأكثر من شخص، فبالنسبة للأمريكيين السود كان يعني نهاية سنوات من الاضطهاد والمرارة التي عاشوها في الولايات المتحدة والتي ما تزال تجد جذورها حتى الآن بين الأمريكيين.
وهو أمر اتضح من خلال الدعم الواضح الذي قدموه لأوباما خلال حملته الانتخابية، وردود أفعالهم بعد فوزه، فقد حصل أوباما على معظم، إن لم يكن كل أصوات السود في الانتخابات الرئيسة، وعلق جيسي جاكسون، رفيق مارتن لوثر كينج، على فوز أوباما، وقد سالت عيناه بالدموع، بالقول : "لم أكن أعلم متى، لكني لطالما اعتقدت أن ذلك أمرًا ممكنًا"، في إشارة منه إلى وصول أول رئيس أسود للبيت الأبيض. وقال جون لويس، أحد المناضلين السود ":إنني حقا ممتن لأنني ما زلت هنا أعيش هذه اللحظة التاريخية التي لا تصدق لبلادنا".
وقد كان شعار التغيير يعني لأوباما نفسه كثيرًا، فقد ألمح إلى انتمائه العرقي عدة مرات، حيث وصف نفسه ذات مرة، قائلا: "أنا ابن لرجل أسود من كينيا وامرأة بيضاء من كنساس، لا يمكنني أن أنسى قصتي، لا يمكنني التنكر للمجتمع الأسود، ولا لجدتي البيضاء. وهي امرأة تحبني أكثر من أي شيء في العالم إلا أنها أقرت في يوم من الأيام أنها تخاف من الرجال السود الذين يمرون في الشارع". وعندما نال ترشيح الحزب الديمقراطي قال أوباما "من كان يتصور أن أسود في العقد الخامس من عمره اسمه باراك أوباما سيصبح يومًا مرشحا للحزب الديمقراطي".
ولم تكن معاني التغيير غائبة عن الأمريكيين من غير السود، فقد جاءت رسالة التغيير التي رفعها أوباما في وقتها المناسب، وطبقا لسيمون فإن أوباما كان بمثابة الرسول الملهم الذي جاء برسالة كانت مناسبة تمامًا لوقتها. فقد كان الأمريكيون يتطلعون بدورهم إلى التغيير، فهو يعني قطيعة مع ثماني سنوات من حكم الرئيس بوش، تعرضت خلالها مكانة الولايات المتحدة العالمية وأوضاعها الاقتصادية للتدهور الشديد.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن بلدهم تسير في الطريق الخاطئ، حيث أظهر آخر استطلاع لجالوب قبل يوم الانتخابات، الإثنين 3 من نوفمبر، أن 86% من الأمريكيين غير راضين عن الوضع الحالي لأمتهم، أو بعبارة أخرى يعتقدون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ.
الأزمة المالية. أنهت آمال ماكين
إذا كان شعار التغيير هو السبب الرئيس وراء فوز أوباما، فإن الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد الأمريكي، كان لها الدور الأكبر في تعزيز انتصار أوباما، وجعل التغيير الذي يدعو إليه أكثر إلحاحًا. فقبل أيام من حدوث الأزمة كانت استطلاعات الرأي تشير إلى التقارب في النقاط بينه وبين منافسه الجمهوري جون ماكين، ولكن الأمر تغير تمامًا عقب حدوث الأزمة.
وكما يرى سكوت ريد Scott Reed، أحد مستشاري الحزب الجمهوري، فإن الأزمة المالية أعادت هيكلة السباق الرئاسي، ووضعت ماكين في موقع الدفاع على طول الخط، مضيفًا "وإذا كان هذا (يقصد السباق بين أوباما وماكين) سباق سيارات، فإن الأزمة المالية بمثابة ثقب في إطار سيارة ماكين، لم يستطع أن يتغلب عليه أبدًا".
ويشير كل من إدوين تشين Edwin Chen وهانز نيكولاس Hans Nichols، في مقال لهما تخت عنوان "حملة ماكين تخرج عن مسارها بسبب السوق ، والأخطاء، والارتباط ببوش"، إلى أن ماكين أساء التعامل مع الأزمة المالية ما أفقده ثقة الأمريكيين.
فماكين هو الذي قال، بعد يوم من إفلاس بنك "ليمان براذرز"، رابع أكبر مصرف أميركي: "إن أسس اقتصادنا ما زالت قوية"، في وقت كان الذعر قد بدأ يسيطر على الأمريكيين، وهو الخطأ ذاته الذي ارتكبه أحد كبار مستشاريه، قبل ذلك ببضعة أشهر، حين وصف الأمريكيين بأنهم "أمة من البكائين. وأن الكساد هو كساد في عقولهم وليس في الاقتصاد"، بعد أن كانت موجة خسارة الأميركيين لبيوتهم قد بدأت بالتمدد.
وعملت حملة أوباما على ترسيخ صورة ماكين هذه لدى الأمريكيين، مركزة على تصريح كان ماكين أدلى به منذ ثلاث سنوات، واعترف فيه بأنه لا يفهم بالاقتصاد بالقدر ذاته الذي يفهم به السياسة الخارجية.
وكان من نتيجة ذلك أن قفز الاقتصاد إلى قمة أولويات الناخب الأمريكي، لتتراجع الموضوعات المتعلقة بالأمن القومي، مثل الحرب على الإرهاب والعراق، والتي كان ماكين يعول عليها كثيرًا لتحقيق النصر.
وأبرز دليل على ذلك، نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته كل من شبكة "سي إن إن" ووكالة "أسوشيتد برس"، على عينة أولية تضم 2400 من الناخبين الأميركيين الذين أدلوا الثلاثاء بأصواتهم، حيث أعرب ما يقرب من 63% ممن شملهم الاستطلاع أن الاقتصاد احتل أولوية لديهم، متفوقًا بذلك على غيره من القضايا سواء داخلية أو خارجية، مثل العراق وأفغانستان و"الحرب على الإرهاب" والرعاية الصحية، حيث لم تحظ لدى الناخبين بأولوية كبيرة كما يشير الاستطلاع.
وقال 6 من كل 10 ناخبين، : إن الاقتصاد القضية الأكثر أهمية التي تواجه أمريكا، ووسط الناخبين الذين قالوا: إن الاقتصاد أولوية كبرى، قال نحو 9 من بين 10 ناخبين :إنهم يدعمون أوباما، فيما قال 9 من بين 10 ناخبين من هذه المجموعة: إن حالة الاقتصاد سيئة جدًّا، وإن الاقتصاد يحتاج إلى توجه جدي .
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الموقف من الحرب في العراق وأفغانستان حظي بأهمية لدى 10% فقط من الناخبين، بينما لم تحتل الحرب على الإرهاب أي أولوية إلا لدى 9% من الناخبين، ولا يختلف الأمر بالنسبة للرعاية الصحية، فـ 9% فقط ممن استطلعت آراؤهم صوتوا اعتمادًا على هذا الموضوع.
الحملة الانتخابية المنظمة.قوة دفع
كان هناك عددٌ من الأسباب الأخرى التي أسهمت في فوز أوباما، منها نجاحه في إدارة حملة منظمة، وهو ما عبر عنه هوارد دين، رئيس اللجنة القومية للحزب الديمقراطي، بالقول :"لم أر في حياتي حملة انتخابية للحزب الديمقراطي أكثر تنظيمًا من هذه الحملة".
وكما قال كل من بن سميث Ben Smith، وجوناثان مارتن Jonathan Martin، في مقال لهما بعنوان لماذا فاز أوباما Why Obama won?، فكما أن انتصار أوباما هو نتيجة لشعار التغيير الذي طرحه، فإنه أيضًا نتيجة للإدارة المنظمة والواثقة التي اتبعها في حملته الانتخابية، سواء من حيث التمويل أو اجتذاب الناخبين الجدد، والتي تعتبر نسبة مشاركتهم في هذه الانتخابات من أعلى النسب التي شهدتها الانتخابات الأمريكية طيلة القرن الماضي.
فطبقًا لأسوشيتد برس فإن واحدًا من كل عشرة أدلوا بأصواتهم، كان ناخبًا جديدًا، فضلاً عن اجتذاب أوباما لأصوات الشباب، حيث حصل أوباما على 70% من أصوات الشباب مقابل 29% لجون ماكين .
ويعتبر الربط بين بوش وماكين من الأسباب الأخرى التي أسهمت في فوز أوباما، فقد نظر إلى ماكين على أنه امتداد لبوش وأن ولايته الرئاسية ستكون ولاية ثالثة لبوش، وهو انطباع عززته بعض مواقف ماكين، حيث كان من المؤيدين لقرار الرئيس الأمريكي لغزو العراق.
__________________
اخر موضوعاتى
قريباً تقرير وتجربة اداء دايهاتسو تريوس * تويوتا راش
التعديل الأخير تم بواسطة AbOnOrA ; 15-11-2008 الساعة 01:11 AM
|