قصة قصيرة .. اتساع الجرح
الشتاء القارس وبرودة القلب و الجسد , البحر هائج تتلاطم أمواجه و تعلــــو و تصطدم بالصخور محدثه صوتا رهيبا , تتعانق السماء مع البحر في الافــــــــق و قرص الشمس يغوص تدريجيا . تلك الليله داخل القصر المهجور ,تكورت خلف زجاج النافذة المنبعث منها ضوء خافت , تراقب الطيور البحريه حين تتسابــــــق الى الشاطئ في جماعات ,تصل كل الطيور للشاطئ إلاهو ,تركها كسفينه بلا قبطان , تتأجج مقلتاها , تصرخ دموعها و هي تنساب رغما عنها كغدير ماء دافئ .
هكذا اتسع جرحها , كان عليها أن تعرف أن الأمواج التي تأتى بشده تنسحب بهدوء و لاتبقى أبدا .
تحسست أثر الزمن في وجهها , اعتدلت في جلستها و تحررت من ستائــــر جسدها , اسد لت شعرها , مدت قدميها على المقعد المواجه لها .حين داعبـــت النتوءات النافره فى جسدها , احست بنشوة تسري فى كيانها , احتضنت قطتهـــا تتلمس دفئها . لحظتها انسكب الماضى بداخلها , استعادت عـذابـاتـها و بــــروده لياليها ,حين اسلمت جسدها لرجلضل طريقه اليها , و تركها تصارع أمواجهـا , تذكرت حينما دخلا الصمت معا و تلاقت العيون , اقترب منها, أقتربت أكثرحتى تشممت أنفاسه الدافئه , ازدادت ضربات القلب , انصهر جليد الجسد حتى ذابـــت تمامـا, لثم شفتيها .
هكذا افاق الجسد , لكنه فى تلك اللحظات تخلى عنها , شعرت ببروده الهواء بينهما ,انتفضت تلعن كل الرجال , خرج يعدو الى الشاطئيلملم نفسه ويلعـــــنالشيطان . باغته صوت حادتضاعف صدى الصوت , إرتعب إرتمى أرضا و دفن رأسه بالرمال, فكر لو أنـه أحـد المردة .رفع رأسه بتثاقل و أطل بنصف عيـــنرأها ماثله امامه بصوره بشعه , لكنه أدرك أن البحر لا تأت منه سوى جنيـات .
تداخل الماضى و الحاضر بداخله , استعاد كلماتها و عذاباتها , فقد وعيـــــه , حينها بدأت الطيور البحريـــه تترك ثقوبـا داميه فى جسده و تلتهم أعضاءه .
هـدأت الرياح و الأمواج ,لاحت الشمـس فى الأفق و بدأت الطيور البحرية رحلتها .و هي لا تـزال جالسة فى مكانها خلف النافذة تستعيد حكاياتـها و تنتظــرالليلة التالية , أسد لت ستائر جسدهـا و تمنت لو تبزغ لها أجنحة .
يسري أبو الخير
ضمن مجموعتي القصصية ( اتساع الجرح )
نشرت بالصحف هذا الرابط http://yossri252.jeeran.com/نشربالصحف.html