محمد حسن الالفى
للسعوديين: معكم كما كنتم معنا
تبدو صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية المؤثرة بسبب من صلاتها الوثيقة بالبيت الأبيض وأجهزة المعلومات، شديدة الحساسية تجاه أزمة اختفاء أو قتل الكاتب السعودي المعارض جمال خاشقجي، الذي انضم إلى هيئة كتاب الأعمدة فيها منذ عام تقريبا. يتصور المرء حين يتابع بإمعان أعمدة الرأس في الصحيفة، وتغطيتها الإخبارية حول الحادث ما بين إسطنبول والرياض وواشنطن، يحسب أنها في حرب صليبية مقدسة دفاعا عن حرية التعبير وسلامة كاتب مشارك طرأ عليها قبل عام، بالفعل يمكن القول إن هذه الصحيفة تتخذ موقفا متطرفا من الإدارة السعودية، وتعتبر نفسها في حرب من أجل جمال خاشقجي.ويطالب أعضاء في الكونجرس، ومن بينهم السناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، بمحاسبة المملكة العربية السعودية عن مقتل خاشقجي لأنه كان يقيم في الولاية!
والغريب أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشعبوى المكارثي معا، الذي دخل على خط الابتزاز قبل يومين لم يلبث أن لان موقفه تجاه أزمة خاشقي وبرر تراجعه أن المعارض السعودي لم يكن مواطنا أمريكيا، ولا هو اختفى أو قتل على أرض أمريكية، إنما اختفى أو قتل في أرض بعيدة عن اليابسة الأمريكية.على الفور هاجمت الصحيفة موقف ترامب وتعجبت من تراجعه، واندهشت كيف يفعل ذلك، ويواصل ضخ السلاح إلى السعودية تنفيذا للاتفاقيات المبرمة (100 مليار دولار)، رغم أن الأتراك قدموا أدلة قتل جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، بالصوت والصورة، ورغم إعلان المخابرات المركزية الأمريكية فإنها اعترضت اتصالات لمسئولين سعوديين تناقش القبض على المعارض المر للنظام السعودي، ذلك موقف هذه الصحيفة الذي أسسته كله على سببين غريبين: أنه كاتب عمود مشارك لديها، وأنه كان من سكان ولاية فرجينيا.
كيف يمكن تفسير الموقف المتباين ما بين الصحيفة وثيقة الصلة بالبيت الأبيض وبين تراجع ترامب؟ توزيع خطة الابتزاز ليس إلا حمائم وصقور، عصا وجزرة.. أما الهدف الرئيسي فهو المحفظة المالية السعودية!
شغل تاجر فاجر!
خاشقجي يحمل الجنسية الإخوانية والديانة الإخوانية، وليس مواطنا أمريكيا، ولا هو من صحفيي الجريدة، إنما كل مؤهلاته أنه من أنصار ودعاة الفوضى الخلاقة وتمكين تتار الخوارج!
جمال خاشقجي قلم مغلول، منقوع في الحقد والعداوة، وسافر بعيدا في عدائه لاستقرار بلاده، والأهم أنه كان واحدا من الأقلام القذرة في التعامل مع ثورة الشرف المصرية في الثلاثين من يونيو 2013، لا يمكن حساب خاشقجي حيا أو ميتا على أية وطنية، بل هو من غلاة الدعاة إلى الإخوانية، واستتر بشعارات كاذبة لم يؤمن بها مثل نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط عبر تمكين الإخوان.
ارتفع خلال اليومين الماضيين مد الهجوم على الشقيقة السعودية، وبدا أن كرة النار تتدحرج رويدا رويدا من خلال خطة تركية قطرية أمريكية للزج بالدولة السعودية في أتون الفوضى.
سيناريو زعزعة استقرار دولة رئيسية عربية مسلمة لن يتحقق له قط النجاح، لسبب جوهري هو رسوخ إيمان الشعب السعودي باختياره وبمؤسسات دولته، وهذا بالضبط ما حفظ مصر من الخطة السوداء لتدمير الدولة المصرية، فالشعب ملتف حول دولته كيانا تلو كيان، ولم يسمح أبدا بتفكيك الأجهزة ولا الوزارات، ولا بناء أجهزة موازية كما أراد الإخوان الإرهابيون، السعوديون كذلك. هم على قلب رجل واحد وتجاه نظامهم ومليكهم ودولتهم ولن يسمحوا أبدا بالتفرق والتشرذم والتخريب.. وهي دولة واعية مدركة لأبعاد المخطط القطري التركي والدولة العميقة في أمريكا.
وفي كل الأحوال، فإن المصريين، حين أحسوا بالخطر يقترب من البيت السعودي، وجبت قلوبهم خوفا وقلقا، للدفاع عن وطن وقف بجانب مصر في أحلك أيامها وأشدها ضعفا.
نحن نقف جنبا إلى جنب مع الدولة السعودية، ولا يمكن قط تصور السذاجة المطروحة لعملية التخلص من معارض لا يمثل الخطر الذري اللانهائي على دولة مستقرة، بئس قطر وبئس مصيرها الوشيك!
