مصر موتورز مجتمع السيارات - مخطط تصفيه الثوره ,,

نشوى الحوفي ..
توقفت كثيرا أمام تصريحات رئيس الوزراء التركي علي يلدريم منذ عدة أيام التي أعلن فيها أنه ليس لتركيا أية أطماع في شبر من أشبار المنطقة، مؤكداً أن بلاده تحمي دول الجوار من سايكس بيكو جديدة يُراد بها. جاءت تلك التصريحات في إطار الخلاف التركي العراقي نتيجة تدخل تركيا بقوات عسكرية في الموصل بدعوى المشاركة في محاربة داعش وتحرير المدينة من يد الإرهاب وحمايتها من سيطرة شيعية تُخل بالتوازن الديني للمنطقة ككل. بطبيعة الحال فإن مبررات رئيس الوزراء التركي واهية لا علاقة لها بالواقع حيث أن المعروف أن تركيا كانت على مدار السنوات الأخيرة المدخل الرئيسي لكل المنضويين تحت لواء داعش في العراق وسوريا، وانها كانت منفذ جيد لسياسات الناتو -التي هي عضو به منذ العام 1951 - الماضية في تقسيم المنطقة طائفياً. كما أن هاجسها الأول في جنوب حدودها هم الأكراد حيث أن علاقاتها بإيران منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في العام 2002 جيدة للغاية الى حد القيام بدور الوسيط في بعض الاحيان بين طهران وواشنطن. ولكن ما يستوقفك هو كلمة "حماية تركيا للمنطقة من سايكس بيكو جديد يُراد بها". ولذا كان لابد من عودة مرة اخرى للتاريخ فبه تجد دوماً الإجابة لأحداث متجددة.
تقول صفحات التاريخ يا سادة أن الموصل كأي مدينة عربية كانت تقع في إطار الدولة العثمانية التي انهارت بعد الحرب العالمية الأولى وتم تقسيم املاكها وإعادة ترتيب حدود البلاد التي كانت تابعة لها وفق اتفاقات بريطانيا وفرنسا في العام 1916 فيما عرف تاريخيا باسم"سايكس-بيكو" نسبة الى البريطاني "مارك سايكس" و الفرنسي "فرنسوا بيكو". ولكن لم تكن الموصل مجرد مدينة عادية بالنسبة للدولة العثمانية التي اعتبرتها عاصمة اقتصادية لها لموقعها الواصل على خط التجارة الى الهند ومواردها المتمثلة في زراعات عده على رأسها القطن، الى جانب ما تم اكتشافه بها من آبار بترول عُرفت أهميته قبل الحرب العالمية الاولى. هنا اشتعل الخلاف المتوتر بين تركيا الوليدة بعد الحرب العالمية الاولى رغم حروبها الداخلية، وبين بريطانيا حول الموصل رغم توقيعهما على اتفاقية للهدنة فيما بينهما عرفت باسم "اتفاقية مودروس" عام 1918. لتجتاح القوات البريطانية الموصل ويكون لها السيطرة عليها بعد هزيمة العثمانيين فيها. لكن الصراع لم يتوقف حيث واصل أتاتورك بعد تأسيس الجمهورية عام 1923 مطالبته بريطانيا بالموصل ووصل الخلاف بينهما الى عصبة الأمم المتحدة وقتها والتي حكمت بعدم احقية تركيا في الموصل وتبعيتها للنفوذ البريطاني في العراق مقابل 10% من نفط الموصل لتركيا.
وهكذا يا سادة يفسر التاريخ كما هي العادة سر الاهتمام التركي بالموصل الى حد الصراع مع العراق وعدم الاعتداد بالموقف الدولي من تواجده العسكري به. وهكذا يثبت الأتراك مطامعهم في المنطقة بمنطق يكاد المريب يقول خذوني بتبرير مواقفهم على انها حماية للمنطقة من سايكس بيكو جديدة. وهكذا يثبتون أن عقدة تلك الاتفاقية التي أنهت عصر الخلافة العثمانية لا تزال قابعة في نفوسهم تؤجج أوهام العودة للخلافة مجدداً حتى لو على أنقاض الدول التي لم تقاوم يوما ما في التاريخ للبقاء في ظلهم.
فتركيا المدركة لمظاهر الصراع الطائفي في تلك المنطقة الواقعة في الشمال العراقي بين شيعة وأكراد و سنة، والمدركة لأهمية موقعها في حدودها الجنوبية و مقابلتها للحدود الشرقية السورية وما بها من ثروة بترولية، سعت لوضع خطوة لأقدامها فيها منذ أن وعت لفرصتها في استعادة ماض منحته الطائفية قبلة الحياة في المنطقة. ليس هذا وحسب بل أن نجاح تركيا في السيطرة على شريط حدودي بين حدودها الجنوبية والحدود السورية أعاد لها الأمل في مزيد من الأراضي التي تمنحها نفوذا في الجنوب يمنع امتداد النفوذ الكردي المدعوم من واشنطن.
مرة اخرى تتأكد ملامح مؤامرة ينكرها البعض بحمق ويسردها البعض بجهل لتتوه أراضينا في غياهب رؤية وتخطيط من رأوا أن شرذمتنا خير دعم لاستقوائهم. فهل نقرأ تاريخ؟....