![]() |
|
رد: "ايقونات" الثوره المصريه..(25 مصريا فى25يناير)
3 -عبد الجليل مصطفى
شارك فى الوقفة التى بدأت أمام دار القضاء العالى ثم تحولت إلى مظاهرة تحركت من إلى شارع رمسيس ومرت أمام دار الحكمة ثم إلى ميدان التحرير كان عضوا مؤسسا فى حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات وكان واحدا ممن حرضوا على قيام ثورة 25 يناير كتب- محمد الخولى: تاريخ طويل ملىء بالكفاح والنضال ضد نظام ديكتاتورى فاسد، هذا هو ملخص حياة المناضل والناشط السياسى الدكتور عبد الجليل مصطفى أحد المناضلين والداعين إلى قيام الثورة، ومشارك وشاهد على كل أحداثها منذ البداية. الناشط السياسى الذى شارك فى صنع الثورة منذ بدايتها، فكان من أول الموجودين بميدان التحرير يوم 25 يناير للثورة على نظام فاسد، كاد يرسل مصر إلى الجحيم والمطالبة بإطلاق سراح مصر للمصريين من أبنائها. ومع تزايد العنف والقتل وأساليب القمع الدنيئة التى استخدمتها قوات الأمن المركزى ضد المتظاهرين كان إصرار عبد الجليل على استكمال مشوار الثورة إلى النهاية يتزايد، فكان من أوائل الداعين إلى جمعة الغضب 28 يناير، التى بدأها بمسيرة من مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة إلى ميدان التحرير، بصحبة الدكتور محمد البرادعى وعدد من النشطاء السياسيين، جاعلا من مكتبه بميدان باب اللوق نقطة تجمع للتشاور حول الأفكار، والآراء المختلفة على مدار 18 يوما هى فترة عمر الثورة. عبد الجليل مصطفى الأستاذ بجامعة القاهرة، الذى رفض أن يسجن فى حدود الشخصية الأكاديمية المحافظة، تعرض للتنكيل والاعتقال أيضا فى ظل دولة بوليسية تعتمد على تقارير أمن الدولة، الأمر الذى لم يمنعه من المشاركة وتأسيس كثير من الحركات الاحتجاجية والنضالية ضد النظام، فكان عضوا مؤسسا فى حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، وكان واحدا ممن حرضوا على قيام ثورة 25 يناير، وواحدا أيضا ممن حافظوا على ثوريتهم، رافضا أن يقع فى فخ المجلس العسكرى كغيره من السياسيين. الثائر الذى رفض أن يقال إن ثورة 25 يناير صناعة غربية، ولم يكتب لها النجاح إلا بعد دعم ومساندة الغرب لها قائلا: «أمريكا ساندت حليفها فى بداية الثورة، وقالت وزيرة الخارجية إن نظام مبارك مستقر، ويمكنه البقاء»، معتبرا أنها ثورة شعبية مصرية خالصة ملك لكل المصريين، وكتبت شهادة نجاحها بدماء مصرية طاهرة سالت على أرض الميدان. منسق الجمعية الوطنية للتغيير، الذى أكد ضرورة الخروج فى الذكرى الأولى للثورة، واستكمال المسيرة لحين تحقيق جميع أهداف الثورة قائلا «نزول المصريين فى الذكرى الأولى للثورة واجب وطنى، لتأكيد مطالب الثورة واستكمال مسيرتها الإصلاحية للنهاية». عبد الجليل مصطفى، الذى أكد شرعية الميدان وضروريتها لاستكمال أهداف الثورة بعيدا عن شرعية البرلمان، قائلا «البرلمان لا يعادل شرعية الميدان، حيث إن لكل منهما شرعية مختلفة، وكل له حق فى السلطة ولا بد أن يصدر البرلمان قانون السلطة القضائية لتطهير مؤسسات الدولة من الفلول». رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، الذى رحب بالمبادرة التى طرحها الدكتور منصور حسن، رئيس المجلس الاستشارى، لإجراء حوار مع كل القوى والتيارات السياسية، مؤكدا ضرورة أن يسبق ذلك حصول تلك التيارات والثوار على تطمينات للتوقف عن التظاهر والاعتصام. معربا عن قلقه حول ما إذا كان الحوار سيقود إلى حلول موضوعية لتنفيذ مطالب الثوار أم سينتهى إلى مصير ما سبقه من دعوات للحوار. مشترطا أن تكون تلبية مطالب الناس مرافقة للحوار قائلا: «إذا كانت هناك رغبة فى الحوار، فلا بد أن يترافق معها تلبية مطالب الناس، وإيقاف العنف ضد شباب الثورة، وإن أقصر الطرق إلى الاستقرار هو تلبية المطالب العاجلة». السياسى، الذى طالب بتقديم موعد فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة، وكان من ضمن الداعين إلى وضع الدستور أولا قبل إجراء الانتخابات قائلا: «أنا مع وجوب وضع الدستور أولا حتى لا يتولى أحد الحكم مجددا بصلاحيات غير محدودة»، إضافة إلى مطالبته بإلغاء مجلس الشورى وانتخاباته قائلا: «إنه لم يفعل شيئا منذ قرار تأسيسه فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وكان من الضرورى أن يتم إلغاؤه منذ 12 فبراير الماضى، وإجراء انتخابات له حاليا هو نوع من إهدار الوقت والأموال بلا طائل». الليبرالى، الذى انتقد الخروج الكبير للتيار السلفى والإخوانى بعد الثورة قائلا: «يلفت نظرى أن هؤلاء كانوا يعتصمون بالصمت قبل الثورة، ويعرف الجميع ما قاله بعضهم حينما قامت الثورة أن الفساد لا يُصلح بالفساد وأن التظاهر نوع من الفتن، ثم وجدناهم التحقوا بالثورة بعد نجاحها». لافتا إلى أنه من الساعين إلى إقامة دولة القانون التى ترعى حريات الجميع وحقوقهم على قدم المساواة واحترام القانون من عدمه هو المعيار الذى يحدد ما نقبل وما لا يقبل الشعب فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأيضا الحرص البالغ على الوحدة الوطنية من جميع الفرقاء، قائلا: «أعتقد أن حماية الوحدة الوطنية من أى ممارسات ضارة بها هو واجب وطنى مقدس، علينا جميعا أن نرعاها ونحميها فى كل وقت |
رد: "ايقونات" الثوره المصريه..(25 مصريا فى25يناير)
4 - محمد البلتاجي
أبرز المعارضين فى برلمان 2005 وأكثر أعضاء الكتلة الإخوانية التصاقا بالقوى السياسية التى خرجت لرفض التوريث والتمديد لمبارك خرج فى مظاهرة كبيرة من دوران شبرا وسار فى هذه المظاهرة مسافة طويلة حتى دار القضاء العالى ومنه إلى ميدان التحرير الإخوانى الوحيد الذى يردد الآن فى كل مناسبة أن الثورة مستمرة وأن الأوضاع لن تستقر فى مصر إلا بتسليم السلطة للمدنيين كتب- عبد الرحمن عبادى: فى الوقت الذى انشغلت فيه جماعة الإخوان المسلمين بجمع غنائم انتخابات مجلس الشعب والترويج لاحتفالات مرور عام على الثورة. كتب هو على موقعه الإلكترونى: «25 يناير لن يكون لمشاعر احتفالية فلكلورية تفرغ المناسبة من مضمونها الثورى كما يريد البعض، ولا لنعيش معه حالة جنائزية مأتمية، لأننا لم نحقق شيئا كما يرى البعض، لكن لنرسل جميعا رسالة واضحة أن الملايين لا تزال محتشدة وراء الثورة، ومصرة على تحقيق مطالبها التى لم تتحقق بعد». وحده الدكتور محمد البلتاجى بين قيادات الإخوان الذى أعلن موقفه الواضح من 25 يناير «الثانى» كما كان وحده بين قياداتها الذى شارك منذ اللحظة الأولى فى الثورة، عندما خرج مع نفر قليل من أفراد جماعته وشبابها للمشاركة فى مسيرة القوى السياسية والمواطنين التى انطلقت من دوران شبرا نحو دار القضاء العالى ومنه إلى ميدان التحرير بعد كسر الحصار الأمنى المفروض عليها عصر الثلاثاء 25 يناير، ثم عاود الكَرّة من جديد يوم جمعة الغضب مع عدد أكبر ليستقر فى الميدان بشكل شبه دائم حتى رحيل مبارك عن الحكم. مواقف البلتاجى المحترمة قبل 25 يناير وبعده، جعلته على مسافة قريبة من مختلف القوى السياسية وأهَّلته ليكون معشوق شباب جماعة الإخوان الأول منذ عام 2001 عندما قاد مسيرات طلاب الإخوان الجامعية لإدانة العدوان الإسرائيلى فى الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مستعيدا ذاكرته الثورية، وقت أن شارك مع رموز العمل الطلابى بالجامعات المصرية فى توحيد موقف طلابى حاشد تأييدا لقضية الجندى المصرى سليمان خاطر، ومخاطبة الحكومة المصرية بالإفراج عنه لعدالة قضيته فى أثناء توليه منصب رئيس اتحاد طلاب جامعة الأزهر، وهى الذاكرة التى انطوت لسنوات انشغل فيها بعمله كطبيب متخصص فى علاج أمراض «الأنف والأذن والحنجرة»، والدفاع عن حقه فى التعيُّن بالجامعة بعد استبعاده أمنيا لمدة أربع سنوات نجح خلالها فى الحصول على حكم قضائى أعاده إلى الجامعة أستاذا لذلك التخصص بجامعة الأزهر، قبل أن يعود مرة أخرى لممارسة نشاطه العام بشكل أكبر فى انتخابات برلمان 2005 عندما نجح فى انتزاع مقعد الفئات عن دائرة قسم أول شبرا الخيمة بفارق 15 ألف صوت عن أقرب منافسيه بنشاطه الملحوظ فى العمل الخيرى بين أبناء الدائرة. فى يوم 20 نوفمبر الماضى، كان البلتاجى هو الإخوانى الوحيد الذى سارع بالنزول إلى ميدان التحرير لإدانة عنف الداخلية والشرطة العسكرية فى أحداث محمد محمود، وهو الإخوانى الوحيد الذى يردد الآن فى كل مناسبة أن الثورة مستمرة، وأن الأوضاع لن تستقر فى مصر إلا بتسليم السلطة للمدنيين ورحيل العسكر إلى ثكناتهم، حتى غمار معركته الانتخابية للعودة إلى مقعده بمجلس الشعب لم تشغله عن أحداث التحرير، رغم طرده من الميدان عقب أحداث محمد محمود تأثرا بموقف جماعة الإخوان المسلمين العائم من تلك الأحداث. مجلس الشعب كان نقطة انطلاق البلتاجى الحقيقية فى عالم السياسة، حيث كان من أبرز الأصوات المعارضة فى برلمان 2005 وأكثر أعضاء الكتلة الإخوانية التصاقا بالقوى السياسية التى خرجت فى تلك الفترة لرفض التوريث والتمديد لمبارك، حيث شوهد فى عشرات الوقفات التى نظمتها حركة «كفاية»، وباقى القوى السياسية، وارتبط اسمه بقضايا جماهيرية منها: عبّارة السلام، واستجواب أنفلونزا الطيور، وطوابير العيش، ورفض قانونَى المرور والضرائب العقارية، فضلا عن دفاعه البرلمانى عن استقلال السلطة القضائية، وحرية الصحافة، إضافة إلى مواقفه الرافضة لتشريعات: الحبس فى قضايا النشر، وتمديد حالة الطوارئ، والتعديلات الدستورية الجائرة فى 2007، والمحاكمات العسكرية للمدنيين. كما كانت له جولات فى الدفاع عن حقوق التعبير والتظاهر السلمى، حيث وقف بقوة ضد دعاوى القمع وإطلاق الرصاص على المتظاهرين التى أطلقها نائب الحزب الوطنى القصاص قبل شهور من الثورة، وعندما قررت كتلة المستقلين بالبرلمان الاعتصام احتجاجا على قمع أغلبية الوطنى البرلمانية كان فى مقدمة المعتصمين. التصاق البلتاجى بالقوى السياسية خلال فترة تأسيس الحملة المصرية ضد توريث الحكم لجمال مبارك جعل الجماعة تختاره ممثلا لها فى معظم اللقاءات التى تحتاج فيها إلى التنسيق مع القوى السياسية الأخرى، وهو ما جعله أحد المؤسسين الرئيسيين للجمعية الوطنية للتغيير، التى تأسست فى فبراير 2010 عقب عودة الدكتور محمد البرادعى من الخارج وانخراطه فى العمل العام لإنهاء حقبة مبارك. ثورية البلتاجى التى جعلته أحد المتحدثين الدائمين على منصة التحرير الرئيسية فى فترة الثورة، كانت حاضرة أيضا فى 30 مايو عام 2010 عندما لم يكتفِ بدوره فى تأسيس الحملة الشعبية المصرية لفك الحصار عن غزة، وشارك مع نشطاء دوليين فى قافلة السفينة «مرمرة» التركية التى سعت عمليا لكسر الحصار بحرا عن قطاع غزة، وهى السفينة التى هاجمها الكيان الصهيونى فى عُرض البحر فى عملية عسكرية أسفرت عن استشهاد تسعة من الناشطين، وجرح عشرات منهم، فضلا عن اعتقال جميع المشاركين على ظهر الأسطول، والإفراج عنهم فى وقت لاحق |
رد: "ايقونات" الثوره المصريه..(25 مصريا فى25يناير)
5 - أيمن نور
اعتقل أكثر من مرة فى بداية الثمانينيات، لكن السجن لم يستطع أن يحطم أفكار نور الليبرالية وجد مع المئات من المتظاهرين أمام دار القضاء العالى ثم تحرك مع المظاهرة فى شوارع وسط البلد حتى وصل إلى ميدان التحرير قاد مسيرة من مقر حزب الغد إلى جامع الفتح برمسيس حيث تعرض للاعتداء من قبل رجال الشرطة ثم ذهب إلى مستشفى العجوزة رمز للمعارضة فى زمن مبارك وأكثر الذين دفعوا ثمناً لذلك كتب- محمد أبو زيد: سيكتب التاريخ أن أول من قال «ارحل» هو الدكتور أيمن نور، أول من طالب الرئيس المخلوع حسنى مبارك، قبل قيام الثورة بثلاثة أيام بالرحيل، قالها أمام البرلمان الموازى، وهو مدرك أن نهاية الليل قادمة، وأن سقوط النظام الذى طغى وتجبّر قد آن. أيمن نور هو أحد رموز المعارضة فى زمن مبارك منذ أن كان محاميا، ثم قراره بأن ينشئ حزبا سياسيا معارضا، منذ حمل حلم الآلاف بالتغيير، فخاض تجربة الترشح للرئاسة ضد مبارك، وضد مرشحى الأحزاب الكارتونية، فى الانتخابات الرئاسية عام 2005، فى أول انتخابات تجرى بواسطة الاقتراع المباشر، وجاء فى المركز الثانى فى النتائج النهائية للانتخابات بعد مبارك، الذى زوّرت له الانتخابات بطبيعة الحال، لكن النظام السابق رفض أن يظل منافسو مبارك، فى النور، فتم تلفيق قضية التوكيلات المزوّرة له، ليدخل السجن، كأشهر سجين سياسى فى التسعينيات، دفع ثمن معارضته من سنوات عمره خلف السجون. حُكم على نور بالسجن لمدة 5 سنوات فى محاكمات سريعة ومثيرة للجدل، لم يكن الهدف فقط سجنه، بل أن يمنع من الترشح فى الانتخابات الرئاسية، التى كان من المفترض أن تجرى فى 2011، كان النظام خائفا ومرتعدا، بعد أن قام بقتل كل رجال الصف الثانى، فلا يبقى سوى مبارك وابنه، ينهشان لحم الوطن، تم الإفراج عن نور يوم 18 فبراير 2009، لأسباب صحية، بعد مناداة ناشطين وحقوقيين بالإفراج عنه بسبب إصابته بالسكر وأمراض أخرى. لم تكن هذه هى المرة الأولى له فى السجن، فقد اعتقل أكثر من مرة فى بداية الثمانينيات، لكن السجن لم يستطع أن يحطم أفكار نور الليبرالية، ولا معارضته، كان يسرّب مقالا يوميا، ينشره فى جريدة «الدستور»، قبل أن يقوم نظام مبارك بتصفيتها.. خرج من السجن ليكون أكثر قوة وعنادا وإصرارا على رحيل مبارك ونظامه. عمل نور فى المحاماة والصحافة فى آن واحد بعد قرار المحكمة الدستورية بالجمع بين نقابتين، وهو نائب بمجلس الشعب -دائرة باب الشعرية- وجاءت بداية عمله بالسياسة مبكرة، فقد كان والده نائبا من نواب مجلس الشعب، لذلك شارك أيمن نور فى إدارة الحملات الانتخابية لوالده، وبعد ذلك ترأس اتحاد طلاب الجمهورية، ثم انضم إلى حزب الوفد الذى أصبح بعد وقت قليل من أنشط كوادره. انضم بعد ذلك أيمن نور إلى حزب مصر، وهو امتداد للوسط، على اعتبار أن نور وسطى ليبرالى، وتم انتخابه رئيسا للحزب فى مؤتمر عام 2001، ثم بدأ نور بعد ذلك فى تأسيس حزب الغد الذى أصبح نور رئيسا وزعيما له، الذى أضحى فى فترة قصيرة من أقوى الأحزاب المعارضة داخل البرلمان المصرى. كان أيمن نور على رأس الخارجين يوم 25 يناير، يهتف «ارحل»، كلمته الأثيرة، ويهتف مع آلاف المواطنين الذين ساروا حوله «الشعب يريد إسقاط النظام»، أمام دار القضاء العالى وشارع رمسيس وجريدة «الجمهورية». فى الأيام التالية كان موجودا فى الميدان.. مساء الأربعاء 26 يناير، افترش آلاف المتظاهرين من مختلف القوى السياسية، أرضية ميدان التحرير، للمبيت به وسط حضور مكثف لرموز المعارضة والقوى السياسية المختلفة، وكان بينهم أيمن نور وجميلة إسماعيل والكاتب الصحفى الكبير إبراهيم عيسى، والمهندس الاستشارى ممدوح حمزة، والدكتور عبد الجليل مصطفى. كان الحلم فى بدايته، لكن أيمن نور كان مصرا على أن حلمه سيتحقق، كان يرى كل ما فعله النظام معه، من سجن وتعذيب وتشويه سمعة ومطاردة، كان يرى الفقر والرفض فى وجوه الجميع، كان ذلك دليلا بالنسبة إليه على اقتراب الحلم من تحقيقه، يوم 28 يناير، جمعة الغضب، أدرك أن النظام قد سقط لا ريب، كان هناك وسط الجموع، يشاهد الحلم الذى بدأ يتحقق. أيمن نور الذى أعلن تجميد حملته للرئاسة قبل يومين، عاد ليكرر كلمته الأثيرة مرة أخرى «ارحل»، لكنه هذه المرة وجهها إلى المجلس العسكرى، لأنه لم ير شيئا تغيّر، فقط تبديل أدوار لا أكثر، ربما لأن ما عانى منه أيام مبارك من إبعاد واتهامات عانى منه أيضا أيام المجلس العسكرى 6 - محمد أبو الغار كان موجودا فى الشارع قبل أن تزداد الأعداد وتتضاعف وقبل أن يعرف المنافقون أن كفة الثورة ستربح فيقررون السير معها كان حاضرا فى مظاهرة أمام دار القضاء العالى ثم تحرك باتجاه شارع القصر العينى قبل أن يتجه بالتظاهر فى ميدان التحرير أدى صلاة الجمعة فى مسجد الاستقامة بميدان الجيزة مع آلاف من الذين خرجوا للتظاهر وواجهتهم الشرطة بعنف واستخدموا القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه رائد فى تخصصه الطبى الدقيق ورائد فى تحركه النضالى لاستقلال الجامعة والوطن كتب- مصطفى شحاتة: إنها طلة الطبيب، تسيطر عليه وتتمكن منه تماما، حينما يحدّث مريضاته برفق، وبإخلاص لمهنة الرحمة، ومساعدة الناس على التغلب على الألم، من يمكنه أن يقاوم نظرة الرأفة فى عيون الرجل الكهل؟ دون السياسة.. محمد أبو الغار، رائد فى مجاله الأساسى.. طب النساء والولادة. يكفيه حنان الأبوة الذى يعامل به مريضاته وهدوؤه فى لومهن وعتابهن على التقصير فى حق جسدهن. أستاذ طب النساء والتوليد بجامعة القاهرة المولود بشبين الكوم عام 1940. جاء بتخصصه التخصيب الصناعى إلى مصر ليكتسب شهرة طبية واسعة فى أحد أهم المجالات الطبية على الإطلاق. وفى تخصص بدا نادرا فى مصر منذ فترة، رشحه كثيرون لتولى منصب وزير التعليم العالى لخبرته فى المجال العلمى والتعليمى، إلا أنه كان يرفض، حتى بعد الثورة عندما جاءت له وزارة الصحة رفضها مفضلا أن يكون فى موقع المواطن الذى يرى كل شىء بعين متخصصة. أما سياسيا فهو يعبر عن جيل من الأساتذة الجامعيين المحترمين، إنه أحد مؤسسى حركة 9 مارس، أو هو تحديدا الأب الروحى، بدأ التحرّك معهم وسط مجتمع طابعه أمنى إلى حد كبير هو الجامعة، حيث نظم أبو الغار مع زملائه من الأساتذة الجامعيين كثيرا من الوقفات الاحتجاجية داخل الجامعات، اعتراضا على التدخل الأمنى فى شؤونها وسوء إدارة قياداتها. نجحت كثيرا هذه الوقفات، وهى الحركة التى استطاعت أن تكسب قضية طرد الحرس الجامعى من داخل الجامعات، واستبدال أمن مدنى به. شارك أبو الغار فى الثورة من بدايتها، ففى يوم 25 يناير كان متظاهرا يقف أمام دار القضاء العالى، ثم أمام قصر العينى، ونقابة الأطباء. كان موجودا فى الشارع قبل أن تزداد الأعداد وتتضاعف وقبل أن يعرف المنافقون أن كفة الثورة ستربح، فيقررون السير معها. خلاف أبو الغار مع البرادعى لم يمنعه من استكمال المشاركة فى الثورة إلى جانبه يوم جمعة الغضب، فأدى الصلاة فى مسجد «الاستقامة» بالجيزة، وكان شاهدا على تعامل الأمن بوحشية مع المتظاهرين وأصيب يومها فى يده، حسبما ذكر فى حوار لإحدى الصحف: «تلقيت عصا غليظة أصبت بعدها بورم شديد ونزيف حاد، فقمت بتضميدها وعدت إلى التظاهر من جديد، واستمررنا 7 ساعات كاملة تعرضنا خلالها لكل أنواع الأسلحة والمطاردات، فالقنابل المسيلة للدموع كسرت نظارة البرادعى، وتعرضت زوجتى وابنتى الصغرى للإغماء، وعشنا ساعات من الكر والفر، إلا أن تصاعد وتيرة الاحتجاجات وانفجار ثورة الغضب جعلا الثورة تنتصر والشرطة تستسلم». وقام أبو الغار عقب الثورة بتأسيس الحزب المصرى الديمقراطى، معلنا بداية مرحلة سياسية جديدة فى حياته، عقد من خلالها عددا من التحالفات السياسية التى أدخلت الحزب إلى قائمة الكتلة المصرية فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وفاز الحزب مع القائمة بعدد من المقاعد، حيث حلت الكتلة فى المركز الرابع بعد الإخوان والسلفيين والوفد. وعلى عكس كثيرين يرى أستاذ «9 مارس» أن الجميع استفاد من الثورة لا الإخوان فقط: «كل المصريين استفادوا من الثورة وكلهم لهم الحق فى إدارة هذه الدولة لا الإخوان وحدهم، وعلى الرغم من اختلافى معهم فى الأفكار، فإننى أرى أن اعتقال الإخوان كان خطأ جسيما». بعد الانتخابات البرلمانية تأكد تماما صاحب سؤال «هل يمكن أن يحلم المصريون؟» أن ذلك ممكن فعلا، وأن ثورة 25 يناير رغم الصعاب قد استطاعت إلى حد ما الإجابة عن سؤاله وحلم المصريين، فعلا على الأقل أسقطوا الفلول سقوطا مدويا، وها هم -أيا كانت الاختلافات- يدخلون برلمان ما بعد الثورة باختيار أعضاء من الشعب فعلا، لا مندوبين عن السلطة |
رد: "ايقونات" الثوره المصريه..(25 مصريا فى25يناير)
7 - زكريا عبد العزيز
كان يواجه من يسأله عن هذا بابتسامة عريضة قائلا له: مكانى هنا.. مشيرا إلى منصة ميدان التحرير حضر بالقرب من مطعم «جروبى» الشهير حيث تم منعه من دخول دار القضاء العالى من قبل رجال الأمن فى شارع عرابى بالقرب من مسجد الفتح ظل فى صدر المظاهرات الضخمة التى خرجت من هناك حتى دخل ميدان التحرير فى الـ8:30 من مساء اليوم نفسه اختار مكانه وسط الشعب متنازلا عن برج القضاة العاجى كتب- عبد الرحمن عبادى: عندما ارتدى الوشاح متوجها فى مسيرة صوب دار القضاء العالى مع مجموعة من أشرف قضاة مصر عام 2005، دفاعا عن استقلال القضاء، كان يعلن بوضوح رفض ذهب المعز، أملا فى إعادة التوازن إلى ميزان العدالة الذى اختل فى أيدى القضاة بفعل فساد العهد البائد. لكنه عندما اعتلى منصة ميدان التحرير فى ساعات الثورة الأولى كان يضع رقبته على حد سيف لم ينقذه منه سوى سقوط رأس الفساد. بداية عام 2005 برز اسم المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى قضاة مصر السابق، فى خضم المعركة التى خاضتها مجموعة من أخلص قضاة مصر ضد تدخلات السلطة التنفيذية والنظام فى الشأن القضائى، ليبرز أكثر بعد قراره دعوة قضاة مصر إلى مسيرة حاشدة نحو دار القضاء العالى لرفض إحالة المستشارَين هشام البسطويسى وأحمد مكى إلى الصلاحية «جهة التحقيق مع القضاة»، بسبب كشفهما وصول الفساد إلى منصة القضاء، ثم فتحه أبواب نادى القضاة لاعتصام شباب القضاة المطالبين باستقلال القضاة دون النظر إلى الحسابات الانتخابية التى كانت تهدد استمراره فى منصبه كرئيس للنادى، أو موقعه القضائى كرئيس لمحكمة الجنايات. كان المستشار زكريا عبد العزيز يعلم جيدا أن نظام مبارك لن يتركه بعد إعادته الحيوية إلى المجتمع المصرى خلال فترة أزمة القضاء التى اضطرت أجهزة القمع المصرى إلى إغلاق منطقة وسط القاهرة بأكملها فى مشهد لم يسبق له مثيل، خوفا من انضمام المواطنين إلى القضاة المعتصمين فى ناديهم، أملا فى الحرية وبحثا عن استقلال أحكامهم، كل المؤشرات كانت تقول ذلك، لكنه كان يستقبل قلق زملائه عليه ببسمة واثقة من موقفه، حتى حين اختار عدد من زملائه الصمت وإحناء رؤوسهم للعاصفة التى أرسلها إليهم مبارك، ممثلة فى المستشار ممدوح مرعى مهندس انتخابات الرئاسة الهزلية عام 2005، رفض عبد العزيز العودة إلى صومعته القضائية والصعود إلى برج القضاة العاجى مرة أخرى، واستمر مدافعا عن موقفه فى حق القضاة فى التعبير عن آرائهم وإبداء انطباعاتهم عن الحياة السياسية.ورغم أن لائحة النادى كانت تمنحه حق الترشح المفتوح لرئاسة مجلس إدارة النادى، فإنه اكتفى بدورتين انتخابيتين فقط، رافضا خوض انتخابات الدورة الثالثة، ليتحلل من قيود المنصب ويترك لنفسه عنان إعلان موقفه ورأيه فى مختلف القضايا السياسية التى عرضت لمصر خلال الفترة من 2005 حتى 2011، والظهور فى كل محفل للدفاع عن حق التعبير وفضح الانتهاكات القضائية، وهو ما تسبب فى حرمانه من كثير من المزايا المالية التى أغدقها ممدوح مرعى وزير العدل، على القضاة ضمن سياسة العصا والجزرة التى اتبعها فى إدارة شؤون الوزارة ومحاولات القضاء على تيار الاستقلال داخل الهيئات القضائية ونادى القضاة، ورغم نجاح مرعى فى ذلك، فإن ذات التيار عاد تحت قيادة زكريا عبد العزيز، ليقوم بدور العقل إبان أزمة القضاة والمحامين التى اشتعلت قبل الثورة بإحالة اثنين من المحامين إلى المحاكمة بتهمة التعدى على القضاة، لكن تسارع الأحداث لم يمّكنهم من ذلك لتدخل المواجهة منعطفا آخر بعد قيام الثورة واشتعال مواجهة قانون السلطة القضائية. الثمانية عشر يوما الفاصلة بين تنحى مبارك وخروج التظاهرات الحاشدة المطالبة برحيله، كانت فرصة جيدة لإعادة اكتشاف ذلك الرجل الذى لم يغب عن ساحة الميدان طوال اعتصام التحرير الأول، وهو ما شجع كثيرا من القضاة على الانضمام إلى معتصمى التحرير، وللمرة الأولى فى تاريخ القضاء المصرى ينخرط القضاة مع المحامين فى مسيرة حاشدة نحو قصر عابدين، للمطالبة برحيل مبارك وإسقاط النظام. ومع رحيل مبارك توقع كثيرون صعود نجم عبد العزيز وتكليفه بحقائب وزارية فى حكومتى الدكتور عصام شرف، وأنشأ البعض صفحات على «فيسبوك» ترشحه لتولى حقيبة العدل أو الداخلية، لكنه كان يواجه من يسأله عن هذا بابتسامة عريضة، قائلا له: مكانى هنا.. مشيرا إلى منصة ميدان التحرير، مقارنا ذلك بالصعود إلى منصة الميدان فعليا ملهبا حماس المتظاهرين بهتافاته عن استمرار الثورة إلى حين تحقيق المطالب التى خرج المصريون من أجلها. زكريا عبد العزيز الذى اختار مكانه وسط الشعب متنازلا عن برج القضاة العاجى، لم ينسِه انخراطه بهمّ الوطن قضيته الرئيسية فى المطالبة باستقلال القضاء، لكنه يعلم جيدا أن ذلك الاستقلال لن يتحقق أبدا قبل أن تحصل مصر على كامل استقلالها، ويتم نقل السلطة من يد العسكريين إلى مدنيين وفقا لدستور كافل لتداول السلطة، وضامن لحريات الشعب، ومؤمن بتعدد التيارات 8 - محمد عبد القدوس ألهب الجماهير بهتافه مما دفع الأمن إلى محاصرة نقابة الصحفيين من جميع المداخل ومنع الدخول أو الخروج منها أمام نقابة الصحفيين وهو يمسك بميكروفونه الشهير ويرفع علم مصر هاتفاً بسقوط النظام شارك فى المظاهرة التى حاولت دخول ميدان التحرير من جهة قصر النيل وكوبرى الجلاء التى أطلق فيها رجال الأمن المياه على المصلين فى أثناء أداء صلاة العصر كتب- عبد المجيد عبد العزيز: الميكروفون.. وعلم مصر.. وسلم نقابة الصحفيين.. وهتاف «يسقط حسنى مبارك».. وقبلها جميعا جنود الأمن المركزى التى تحاصر شارع عبد الخالق ثروت، كلها علامات مسجلة باسم «عمنا» محمد عبد القدوس. هو عضو مجلس «الصحفيين» الذى يعرف الجميع أنه سينجح فى انتخابات النقابة حتى ولو لم يترشح! فمصر كلها، لا الصحفيون فقط يختارون عبد القدوس فى كل انتخابات ليستمر فى منصبه مقررا للجنة الحريات، حريات مصر، التى حافظت على كرامة مهنة الصحافة، فى وجه مبارك أغلب سنوات حكمه القمعى، وحولت نقابة الصحفيين من مجرد نقابة مهنية، إلى قلعة يحتمى بها كل أصحاب المظالم والحاجات وأصحاب الحقوق والفكر والرأى، وجعل من «سلم النقابة» منبرا ملأ ربوع مصر كلها هتافا وضجيجا، بعدما اجتمعت حوله كل التيارات والحركات السياسية والأحزاب، وإن صح أن نقول إن الثورة انطلقت من نقطة محددة، فلن تكون إلا سلم نقابة الصحفيين. عبد القدوس له تاريخ طويل فى النضال ضد النظام الحاكم، فقد اشتهر منذ شبابه بجرأته وقوله الحق تحت أى ظرف، حتى إن والده الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، لم يستطع حمايته أو منع حبسه أيام الرئيس السادات، كما حبس أكثر من مرة فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ومع الوقت بدأ يتعامل معه النظام على أنه «شر» لا بد منه، ولا يعرف كيف يتخلص منه، حتى إنه فشل فى إسقاطه فى أى مرة من المرات التى ترشح فيها لمجلس نقابة الصحفيين. يقول الشاعر أحمد الهمامى: «على سلم نقابته قاعد ماسك ميكروفونه.. يشجب ويندب ويحكى عن همه وشجونه.. ما لكم بيه يا عساكر ما تسيبوه فى حاله.. لا تضربوه ولا تسحلوه وقولوا الله فى عونه»، حشد عبد القدوس للثورة، لم يبدأ قبلها بأيام، ودعوة الجماهير للنزول إلى الشارع فى وجه السلطان الجائر، لم يتبنَّها عبد القدوس مع ظهور دعوات 25 يناير، فهو الوحيد الذى جلس ينتظر اندلاع الثورة قبلها بسنوات على سلم النقابة، يهتف عبر الميكروفون الشهير «يشجب ويندب ويحكى عن همه وشجونه» ومصر التى يحلم بتغييرها إلى الأفضل، ويتحدث إلى المارة، كأنه يعرفهم، ينصحهم ويشرح لهم ويرجوهم، أن ينفضوا عن أنفسهم الذل والقهر، وينضموا إليه فى هتافه، رافعا علم مصر، مجسدا المعنى العميق لسلمية الثورة. يوم 25 يناير، لم يكن عبد القدوس قد شفى تماما، مما تعرض له فى مظاهرة «لن نورث بعد اليوم»، التى نظمها نشطاء أمام قصر عابدين فى ذكرى اندلاع الثورة العرابية، فقد قاد عبد القدوس المظاهرة، وهتف خلفه مئات المتظاهرين، مما دفع رجال أمن العادلى إلى الاعتداء عليه بشكل مبرح، وأحدثوا به إصابات عديدة لمنعه من الهتاف الذى ألهب مشاعر المتظاهرين، وقبل أن تلتئم تلك الجروح التى أحدثوها فيه، كان عبد القدوس قد عاد إلى الشارع مجددا يوم 25 يناير، يواجه الأمن وبطش مبارك، حيث انطلق ضمن مظاهرة من أمام نقابة الصحفيين، وصل بها إلى ميدان التحرير بعد اشتباكات وكرّ وفرّ، ولم تفلح القنابل المسيلة للدموع ولا الترهيب والمطاردات فى منعه من مواصلة السير إلى قلب الميدان، ليشارك المئات خروجهم العظيم ضد مبارك. بعد يوم شاق وتاريخى، عاد عبد القدوس مبكرا إلى نقابة الصحفيين يوم الأربعاء 26 يناير، ليسبق المئات الذين انضموا إليه فى مظاهرات «التقاط الأنفاس» قبل العودة الكبرى إلى الشارع فى جمعة الغضب، عبد القدوس فى هذا اليوم كان قد بدأ يشعر أن اللحظة قد اقتربت بشكل كبير، وتحت تأثير نشوة قرب الانتصار، ألهب عبد القدوس الجماهير بهتافه، مما دفع قوات الأمن إلى محاصرة نقابة الصحفيين من جميع المداخل ومنع الدخول أو الخروج منها، كما قام بإغلاق شارع عبد الخالق ثروت، وحوّله إلى ثكنة عسكرية، محاصرا المتظاهرين على سلالم النقابة، قبل أن يفقد النظام أعصابه، ويكشف إلى أى مدى وصل به الارتباك والخوف من الثورة، وتقوم قوات الأمن بالاعتداء على عبد القدوس مجددا، ويحمله أربعة جنود ويسحلونه على الأسفلت فى صورة نقلتها جميع وكالات الأنباء، كإشارة إلى قرب سقوط النظام المرعوب. قوات الأمن اعتقلت عبد القدوس فى هذا اليوم عدة ساعات، قبل أن تضطر إلى إطلاق سراحه، وقد ظنت أنها أنهكته واستنفدت قواه بعد الاعتداء المبرح عليه، ليفاجئ عبد القدوس الجميع مجددا، ويتقدم صفوف الثوار فى جمعة الغضب عقب انطلاق المظاهرات من جميع مساجد مصر، ويخوض أحد أشهر تلك المعارك، حينما شارك فى المظاهرة التى حاولت دخول ميدان التحرير من جهة قصر النيل وكوبرى الجلاء، التى أطلق فيها رجال الأمن المياه على المصلين فى أثناء أداء صلاة العصر، وأطلقوا قنابل الغاز والكربون بكثافة، كادت تقضى على عبد القدوس، الذى لم يمنعه كبر سنه من التراجع، وأصر على التقدم، حتى تمكن من دخول ميدان التحرير مع الثوار عند انطلاق أذان المغرب |
رد: "ايقونات" الثوره المصريه..(25 مصريا فى25يناير)
9 - محمد هاشم
أوجع هاشم بشجاعته ومواقفه وإبداعه مما كتب ونشر نظام مبارك كثيرا ثم إنه أوجع المجلس العسكرى أيضا لأن الرجل ظل محرضا بأعلى الصوت على رفض حكم العسكر خرج فى مظاهرة من شارع قصر النيل ومعه المئات وجاب شوارع وسط البلد حتى انتهى به الحال فى ميدان التحرير كتب- محمد هشام عبيه: معالم ميدان التحرير كثيرة، المجمع، المتحف، كوبرى قصر النيل، الجامعة الأمريكية، مسجد عمر مكرم، كنيسة قصر الدوبارة، و.. محمد هاشم بكل تأكيد. قبل 13 عاما تقريبا، كانت تلك الشقة الموجودة فى الدور الأول فى هذه العمارة العتيقة التى تحمل رقم «6 ب» فى شارع قصر النيل، مجرد شقة عادية، تصلح لأن تكون سكنا لأسرة متوسطة أو عيادة لطبيب يبدأ حياته، أو مكتبا للسفريات، لكن عندما اختارها محمد هاشم لتكون مقرا لدار النشر التى ستحمل اسمه ابنته الكبرى «ميريت»، اختلف الأمر كثيرا، وصار المكان جزيرة يتجمع فيها الأدباء والمثقفون «اللى بجد»، أصحاب الأعمال الروائية والقصصية المغايرة، وأرضا صخبة فيها من كل صنوف البشر أشكال وألوان، وروح قلقة تتطلع دوما لتغير حال البلد الذى لا يعجب سوى العدو فما بالنا بالحبيب؟ بجسده النحيل ونظارته السميكة وعيونه العميقة وابتسامته الخالصة واندفاعه فى الحق، ودخان السجائر الذى يلاحقه أينما ولّى وجهه، يبدو الناشر محمد هاشم شخصية خارجة لتوها من كتاب «المحرضون على الثورات»، والأمر لا يقف بكل تأكيد عند حدود الملامح الخارجية، لكن اتخاذه قرارا بتأسيس دار نشر مستقلة عام 1998 وفى وقت قرر فيه كثير من المثقفين الدخول بكامل إرادتهم الحرة إلى حظيرة الدولة، وانحيازه إلى حرية الرأى والإبداع عبر أكثر من 500 عنوان أصدرتها الدار فى هذه السنوات، إضافة إلى وقوفه فى الصفوف الأولى مع معارضى نظام مبارك فى زمن كانت المعارضة تعنى فيه قطع الأرزاق والملاحقة الأمنية ومعاملة الأعداء. هكذا كان محمد هاشم فى أول صفوف أولى مظاهرات حركة كفاية التى خرجت بنهاية عام 2004 لتكون ضد تمديد حكم مبارك الأب أو توريث الحكم لنجله جمال، ولما انبثق عنها حركة أدباء وفنانون من أجل التغيير كان هاشم موجودا أيضا داعيا ومحرضا على التغيير الذى كان وحده يمكن أن ينقذ مصر من مصائر سوداء، لكن انحياز هاشم للثورة حتى قبل أن تقع بدا واضحا فى الكتب الجريئة التى أقدم على نشرها رغم ما يمثله ذلك من مخاطرة، هكذا أصدرت ميريت العشرات من الأعمال الإبداعية التى تشرح مجتمع الفساد فى زمن مبارك، فخرجت من الدار مثلا الطبعة الأولى من الرواية فائقة الشهرة «عمارة يعقوبيان» للكاتب العالمى علاء الأسوانى عام 2002، وهى الرواية العمدة التى كانت من أولى الروايات التى نسجت خريطة للحياة فى مصر فى بدايات القرن الحادى والعشرين فى ذروة سطوة مبارك ونظامه، ثم أصدرت ميريت أيضا عددا آخر من الكتب الشجاعة لعل أبرزها «مصر والمصريين فى عصر مبارك» للدكتور العلامة جلال أمين، وهو الكتاب الذى يعد وثيقة علمية وأدبية فائقة المتعة لمن يريد معرفة ما فعله مبارك فى المصريين طوال سنوات حكمه، ولعلها مفارقة فى كونه صدر عام 2010 وهى آخر سنة حكم فيها مبارك مصر. هكذا كان طبيعيا جدا أن يكون محمد هاشم فى أوائل صفوف المتظاهرين الذين خرجوا يوم 25 يناير الماضى يهتفون «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، متحديا مع آلاف غيره هراوات رجال الأمن وعصيهم وتشكيلاتهم السوداء، ثم اعتصم مع المعتصمين فى قلب الميدان مساء اليوم ذاته، وقد أرسل المداد من بطاطين للتدفئة وزاد قليلا، يعين على مواجهة المجهول الذى لم يكن يعرفه أحد، فاتحا أبواب دار نشره على آخرها لكل من يريد بحثا عن شربة ماء أو شوية دخان سجاير يدفئ الصدر، أو للحصول على مدد نفْسى من أهل الدار، أو حتى مسترخيا على أريكة منزوعة القلب، أو كرسى خشبى قديم، ليظفر عليهما بدقائق نوم تعينه على المواجهات القادمة. لم يفعل محمد هاشم ذلك يوما واحدا أو يومين أو ثلاثة، وليس حتى طوال الثمانية عشر يوما التى تألقت فيها القاهرة والمحافظات بمظاهرات واعتصامات لإسقاط نظام مبارك، وإنما حتى يومنا هذا، مدركا أن الثورة مستمرة أبدا، وأن النظام لم يسقط بعد، فلماذا نعود إلى بيوتنا ونغلقها على أنفسنا؟ أوجع هاشم بشجاعته ومواقفه وإبداعه مما كتب ونشر، نظام مبارك كثيرا، ثم إنه أوجع المجلس العسكرى أيضا، لأن الرجل ظل محرضا بأعلى الصوت على رفض حكم العسكر، فكان لا بد من أن يخرج أحد لواءات المجلس ليتهم هاشم بأنه قدم دعما للمتظاهرين فى أحداث مجلس الوزراء، هى تهمة من وجهة نظره إذن، لكنه وسام استقبله هاشم -الذى فاز فى عام الثورة بجائزة هرمان كيستن وهى جائزة مرموقة يمنحها الاتحاد الدولى للكتب سنويا لأحد الناشرين البارزين فى العالم- بهدوء وكأن لسان حاله يقول «كيف أحرض الثوار وأنا واحد منهم؟!». 10 - حسام عيسى انحياز عيسى التام إلى الدولة المدنية ودولة الحريات والليبرالية لم يجعله ينساق خلف «المفزوعين» من سيطرة الإسلاميين فى مظاهرة عند شيراتون القاهرة حيث تم محاصرتهم ومنعهم من التوجه إلى الميدان حتى استطاع دخول ميدان التحرير والاعتصام فيه فى ميدان التحرير حيث أدى صلاة الجمعة فى مسجد عمر مكرم وظل بعدها فى الميدان لم يترك الميدان طوال أيام الثورة الثمانية عشرة التى يعتبرها أمجد أيام حياته «حياتى كلها لا تساوى أيام وجودى فى التحرير»، كلمات لا يتردد أو يمل الناشط السياسى، أستاذ القانون فى جامعة عين شمس، الدكتور حسام عيسى، فى تكرارها فى كل المناسبات. الرجل يرى أنه كان فى عداد الموتى، قبل سقوط مبارك وأعوانه وأركان نظامه الفاسد، على يد ثوار 25 يناير، الذين منحوه الحياة مجددا، بعد سنوات طويلة عانى فيها من مرارة الإحباط من إمكانية تغيير وجه مصر، ودفعها نحو الحرية والديمقراطية. عيسى لم يكن يترك الميدان، طوال أيام الثورة الثمانية عشرة، التى يعتبرها أمجد أيام حياته، بينما يصف نزول المصريين يومى 25 و28 يناير 2011، ومن بعدهما باقى أيام الثورة، بمثابة نسمة الأمل التى خرجت من رحم الكبت والقمع وبطش رجال السلطة، وعليه كان أول من ناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إعلان 25 يناير عيدا قوميا، حيث انطلقت فيه شرارة أهم ثورة فى تاريخ مصر. سر نجاح ثورة 25 يناير، من وجهة نظر عيسى، وكما لمسه فى قلب الميدان، وبين الثوار، كان فى توحيد صف جميع القوى السياسية، على اختلافها، وأن أى قرار كان يصدر بالإجماع، ومن أجل مصلحة الوطن، لا الأفراد أو الجماعات، أو الأحزاب، ومن ثم فهو يراهن على أن الاحتفاظ بتلك الروح الثورية النقية، هو الأمل فى تحقيق كل آمال المصريين. فى السابع من فبراير 2011، وقبل أربعة أيام فقط من قرار الرئيس المخلوع، حسنى مبارك، بالتخلى عن رئاسة الجمهورية، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، تشكلت «المجموعة القانونية لاسترداد ثروة مصر»، لتضم نخبة من كبار أساتذة القانون فى الجامعات المصرية، من بين هؤلاء كان الدكتور حسام عيسى. من الوهلة الأولى لعمل تلك اللجنة، بدا عيسى أنشط أعضائها، ولمَ لا وهو يتعامل مع ملف أموال مصر المنهوبة، سواء من قبل الرئيس المخلوع وولديه، أو من قبل أفراد عصابة نظامه المنهار، باعتباره مجرد قضية خاصة بمتابعة مصير تلك الأموال فى الداخل والخارج، والعمل على تجميدها لحين استردادها وإعادتها بالطرق القانونية، وإنما قضية تخص كرامة هذا الشعب، الذى وصل حد الاستهانة به فى زمن المخلوع، إلى سرقته علانية وبفجاجة، حتى أصبحت ثروة عائلة مبارك أكبر من ثروات كل ملوك مصر منذ تولى محمد على سدة الحكم فى مصر، فى عام 1805، الأمر الذى يجعل من إعدام مبارك، جراء جريمة سرقة وإفقار شعبه، أمرا بديهيا، تندرج أى محاولة لإعاقته تحت بند الخيانة العظمى. بهذا المنطق لا يخشى الرجل أحدا، ولا يتردد فى توجيه انتقاداته الحادة والعلنية إلى مسؤولى اللجنة القضائية المصرية لاسترداد الأموال المهربة فى الخارج، برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، والقول إننا نحتاج إلى ثلاثة آلاف لإنجاز تلك المهمة، استنادا إلى أن معركة استعادة الأموال، أشبه بامتحان لم نستعد له بعد، كما لم نوفر له أى إرادة سياسية تعين على النجاح. كلمات عيسى لم تعجب كثيرا من «مشتاقى ومتملقى» السلطة، فكان اتهامه مؤخرا، على طريقة سندوتشات التيك أوى الجاهزة، بتلقى تمويل خارجى، ما لم يعلق عليه الرجل سوى بضحكة أسى وسخرية، لإصرار البعض على محاولة تشويه صورته أمام الرأى العام، وطمس تاريخه فى العمل الوطنى والنضالى الممتد إلى قرابة ربع قرن على الأقل. محاولات تشويه عيسى لا تبدو بعيدة، عن مطالبته بمحاكمة كل من أطلق الرصاص على المتظاهرين، فى محمد محمود ومجلس الوزراء، فى محاكمات علنية، ناهيك بهجوم الرجل الشرس على المجلس العسكرى، لفشله الذريع وتخبطه فى إدارة البلاد، معتبرا أن الضباط الذين قاموا بسحل الفتاة وتعريتها، فى أحداث مجلس الوزراء، هم عار على مصر، ويمثلون إساءة إلى الجيش المصرى الذى نفتخر به. كما يبدو أن الهجوم الموضوعى، الذى يشنه عيسى على حكومة الدكتور كمال الجنزورى، ووصفه عددا من وزرائها بالموظفين، الذين يغيب عنهم روح الابتكار والحس السياسى، وبالأحرى تغيب عنهم أفكار الثورة، لا يعجب البعض، خصوصا بعدما منح ثوار التحرير لقب رئيس وزراء الميدان لحسام عيسى، وطرح اسمه من قبل عدد من القوى السياسية والثورية لقيادة الحكومة، بدلا من الجنزورى، الذى يشار إليه باعتباره أحد رجال نظام المخلوع. انحياز عيسى التام إلى الدولة المدنية، ودولة الحريات والليبرالية، لم يجعله ينساق خلف «المفزوعين»، من سيطرة الإسلاميين، على أول مجلس شعب منتخب، بعد ثورة 25 يناير، بل على العكس، يصف الانتخابات بـ«الحرة والنزيهة»، ويؤمن بأنها خطوة مهمة نحو بناء مؤسسات جديدة، وإخراج المجتمع المصرى من قهر التزوير المهين والفاجر لإرادة الأمة. كما أن انحيازه إلى قوى المعارضة الوطنية، وإيمانه بجهود رموزها، كان دافعا لمطالب مختلف القوى السياسية الفاعلة على الساحة الآن، للتوحد مع جميع قوى الشعب، بحيث تصبح يدا واحدة، وتوحد كلمتها، بعيدا عن الانشقاقات التى اعتبرها سببا لنكسة 25 يناير، وناشد جميع المخلصين التعاون والوقوف جنبا إلى جنب، فى مواجهة أى طغيان، حتى تهدأ أرواح الشهداء، وتدين الكلمة العليا فى مصر للثوار، لا لغيرهم |
رد: "ايقونات" الثوره المصريه..(25 مصريا فى25يناير)
11 - جميلة إسماعيل
نحَّت عاطفة الأمومة جانبا وتوجهت نحو معسكر الأمن المركزى مع مجموعة من المتظاهرين للمطالبة بالإفراج عن جميع المحتجزين فى مظاهرة أمام دار القضاء العالى قبل أن تتوجه إلى ميدان التحرير وتنضم للمعتصمين تحركت من منزلها فى الزمالك إلى جامعة الدول العربية حيث شاركت فى مسيرة إلى كوبرى قصر النيل واحدة من أهم وجوه ثورة يناير التى لم تتخلَّ أبدا عن أملها وحلمها كتب- عبد الرحمن عبادى: صوتها.. كان الصوت النسائى الوحيد الذى خرج عبر «ميكروفون» ميدان التحرير، مساء الثلاثاء 25 يناير 2011، معلنا الدخول فى اعتصام مفتوح بالميدان حتى رحيل مبارك فى وقت كان فيه كثيرون من السياسيين متحصنين بمنازلهم، محاولين استيعاب وفهم ما يحدث، أو مجتمعين حول مائدة فى أحد المقرات الحزبية لصياغة بيان هزيل وتافه لإمساك العصا من المنتصف، انتظارا لما ستسفر عنه الساعات التالية. لم تكن جميلة إسماعيل الناشطة السياسية والإعلامية تعرف إلى أين سيقودها ذلك المطلب الذى رددته عبر الميكروفون الوحيد الذى نُصب على عجل بميدان التحرير فى تلك الليلة.. وهى التى رأت مصير زوجها السابق أيمن نور، حينما غيبته سجون النظام السابق عن أسرته سنوات بتهم تافهة نتيجة خروجه عن النص بتنظيمه حملة حقيقية لمنافسة مبارك على الحكم فى انتخابات 2005. هجوم مدرعات الداخلية على الميدان بعد انتصاف ليل الثلاثاء، ونجاحها فى تفريق المتظاهرين بالقوة وقطع الاتصالات، واحتجاز ابنها فى معسكرات الأمن المركزى ضمن 40 متظاهرا آخر، كان كفيلا بنزع القوة عن تلك السيدة التى تخلت عن أضواء الإعلام ورفاهية النجوم طواعية، لتشغل نفسها طوال ثلاث سنوات كاملة بعرض قضية زوجها على المجتمع الدولى والانخراط فى العمل العام والسياسى والمشاركة فى المظاهرات المحدودة الرافضة لتوريث الحكم واستمرار مبارك.. لكنها قررت معاودة الكرة من جديد عندما عادت إلى الميدان مرة أخرى يوم جمعة الغضب، لتصبح واحدة من أهم وجوه ثورة يناير التى لم تتخلَّ أبدا عن أملها وحلمها فى رؤية مصر أفضل عند رحيل العسكر وتحقيق باقى مطالب الثورة. جميلة إسماعيل التى عرفها الشارع المصرى قبل 2005 مذيعة ناجحة فى التليفزيون المصرى، لم تكن بحاجة إلى إلقاء نفسها فى دوامة السياسة، التى طالها منها رذاذ قذر من الاتهامات المرسلة، بثها أذناب النظام المخلوع وذيوله قبل الثورة وبعد الثورة، فهى ابنة أسرة ثرية توفر لها من سبل العيش والحياة ما يغنيها عن المطالبة بالعدالة الاجتماعية للشعب المصرى.. لكنها اختارت الطريق الأصعب عندما دخلت فى منافسة شرسة فى انتخابات 2010 مع زعيم أغلبية الحزب الوطنى بمجلس الشورى محمد رجب، وهى الانتخابات التى أعادت تعريفها كسياسية لها قاعدة شعبية عريضة بعد ارتباط اسمها لسنوات بالنضال من أجل الإفراج عن أيمن نور، ولم تزدها خسارتها عضوية المجلس إلا صلابة جعلتها فى مقدمة صفوف المطالبين برحيل نظام مبارك فترة الثورة. حتى فى تلك اللحظات العصيبة التى كان من الممكن فيها أن تتغلب عليها عاطفة الأمومة عندما تلقت عرضا بالإفراج عن نجلها نور، فقط دون باقى المحتجزين فى أثناء فض اعتصام الميدان، نحَّت عاطفة الأمومة جانبا وتوجهت نحو معسكر الأمن المركزى مع مجموعة من المتظاهرين للمطالبة بالإفراج عن جميع المحتجزين، ولم تغادر موقعها قبل الإفراج عن جميع المحتجزين بعد نجاحها مع من معها فى اقتحام البوابة الرئيسية لمركز الاحتجاز. الدور الذى لعبته جميلة فى الموجة الأولى من الثورة، رغم ضخامته ونبله، لا يقارن بالدور الذى لعبته مؤخرا لإحياء روح الثورة مجددا، عندما دعت مع آخرين للاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية فى ميدان التحرير، لتعيد عشرات الألوف من المصريين إلى الميدان فى مشهد هز المشاعر والوجدان، عندما التحم المسلمون والمسيحيون معا فى مشهد حقيقى لوحدة الوطن، ردد خلاله الجميع الترانيم القبطية مع الأناشيد والأهازيج الصوفية وتخلل الجميعَ هتافاتُ المطالبة برحيل العسكرى عن الحكم، الأمر الذى جدد الأمل فى التفاف المصريين حول الثورة مجددا. كان من الممكن عقب تنحى مبارك أن تعود جميلة إلى التليفزيون المصرى وتتقلد أحد مناصبه القيادية، لكنها اختارت الرصيف المواجه لمبنى ماسبيرو، مقر التليفزيون المصرى، لتردد من خلاله مع الثوار الإعلاميين هتافات مطالبة بتطهير الإعلام من أذناب النظام السابق ورفض استمرار سيطرة السلطة على شاشة التليفزيون وميكروفون الإذاعة، مهاجمة المجلس العسكرى الذى استخدم آلة الإعلام بنفس أسلوب النظام المخلوع، مؤكدة أن معركة الثوار الحقيقية القادمة ستكون لتطهير الإعلام من بقايا الفكر البائد. خريجة كلية الإعلام والجامعة الأمريكية ذات التوجه الليبرالى لم تكن تعرف أنها ستتعرض لظروف شبيهة بما عانته فى انتخابات ما قبل الثورة عندما قررت خوض انتخابات مجلس الشعب الأخيرة مستقلة على المقعد الفردى بالدائرة فى مواجهة مرشحى «النور» و«الإخوان»، ردا على رفض الإخوان -الطرف الأقوى فى التحالف الديمقراطى الذى يضم حزبها- تصدُّرَها قائمة التحالف الانتخابية بدائرة بولاق أبو العلا والأزبكية والموسكى وعابدين.. ورغم خسارتها الانتخابات ومجيئها فى المركز الثالث بعد مرشحى «الكتلة» و«النور»، فإنها زادت من شعبيتها فى تلك الأحياء بعد تركيز جهودها مؤخرا لتقديم الخدمات الاجتماعية لأسر تلك المناطق وتنظيم حملات رعاية صحية للأهالى والعمل على حل مشكلات تلك الأحياء الفقيرة وإلقاء الضوء عليها ومناقشة مشكلاتهم اليومية عن طريق الخروج إلى الشارع ومناقشة الناس وعرض مشكلاتهم والمتاعب التى يواجهونها فى حياتهم اليومية. 12 - مظهر شاهين شاهد عيان على كل الجرائم التى ارتكبها النظام ضد الثوار فى ميدان التحرير فقد فتح مسجده أمام المتظاهرين مسلمين وأقباطا كان فى مسجد عمر مكرم وحين علم بالمظاهرات وقف فوق سطح المسجد ونبَّه الشباب إلى وجود سيارات شرطة تقف خلف عمر مكرم تأخذ الشباب وتحتجزهم جاء له أمر بإغلاق مسجد عمر مكرم يومها لكنه رفض وصلى الجمعة مع 12 شخصا ثم صعد إلى سطح المسجد وبدأ فى مساندة المصابين أصر على إلقاء خطبة الجمعة يوم 4 فبراير رغم تحذيرات أن خطبته فى الميدان ثمنها «قطع الرقبة» كتب- عبد المجيد عبد العزيز: هو ليس عبد الله النديم.. ولا جمال الدين الأفغانى، ولا عمر مكرم، لكنه شاب فى الثلاثين من عمره، بشوش الوجه، يرتدى زيا أزهريا، ينطق بالحق.. كان الشيخ مظهر شاهين «خطيب الثورة» كما يلقبه شباب التحرير، من أوائل رجال الدين الذين ساندوا الثورة منذ يومها الأول فى الـ25 من يناير، وأصر على أن يقول كلمة حق فى وجه سلطان جائر، من فوق منبر المسجد الذى عينته وزارة الأوقاف إماما به، مسجد عمر مكرم، ولم يخش بطش أمن الدولة، الذى كان يختار أئمةالمساجد ويراقبهم ويملى عليهم خُطبهم، ليضفى على نظام مبارك تلك المسحة الدينية الزائفة. شاهين، رفض الانصياع إلى تعليمات الجهاز المنحل الذى طلب من كل خطباء المساجد الحديث عن حرمة قتل النفس، لوقف عمليات الانتحار حرقا التى شاعت قبل اندلاع الثورة، خوفا من تسببها فى هياج الجماهير، وفضل أن يقول ما يرضيه، لأنه يعلم أن الله سيحاسبه على كل كلمة تخرج منه، فخطب قبل الثورة من فوق منبره بمسجد عمر مكرم الكائن فى ميدان التحرير، متحدثا عن ظلم الحكام، وعاقبة البطش بالرعية، والعقاب الذى ينتظر الحاكم الظالم. يقول خطيب الثورة: «ساندت الثورة من أول يوم.. وأتذكر أن أمن الدولة طلب منى يوم 28 يناير أن أغلق المسجد، لكننى أصررت على فتحه وصليت الجمعة بـ12 فردا من العاملين فى المسجد وفتحته أمام الثوار وجهزت قاعة فيه كمطبخ لإطعامهم». شاهين، هو شاهد عيان على كل الجرائم التى ارتكبها النظام ضد الثوار فى ميدان التحرير، فقد فتح مسجده أمام المتظاهرين، مسلمين وأقباطا، وجعله ملاذا لهم من الموت الذى ينتظرهم فى الخارج، وفى الثانى من فبراير «موقعة الجمل»، صعد شاهين فوق المسجد، وأخذ يصرخ فى المتظاهرين، وينبههم كلما لاح خطر، ويحذرهم من هجمات البلطجية وأصحاب السوابق الذين استعان بهم جهاز الشرطة المتداعى لينتقم من الثوار، ولم يترك شاهين الميدان ولو للحظة واحدة، طوال أيام اعتصام الثوار التى بلغت 18 يوما قبل سقوط الرئيس المخلوع، فى الوقت الذى تخلى فيه رجال دين كثيرون عن الميدان، وبقوا إما على الحياد مرتبكين لا يعرفون أيا من الجانبين سيفوز حتى ينحازوا إليه، وإما مكابرين دفعهم نفاقهم للالتزام بجانب «فقهاء سلطان» نظام مبارك القمعى. فى جمعة الرحيل، 4 فبراير، وأمام أكثر من 2 مليون متظاهر، ألقى شاهين أولى خطبه على الثوار فى ميدان التحرير، وعن ذلك اليوم يقول خطيب الثورة: يوم 3 فبراير جاءنى الدكتور صفوت حجازى، وقال لى: «تطلع تخطب الجمعة؟»، فقلت له: نعم، فقال لى: بس خد بالك دى فيها قطع رقبة؟ فقلت له: الأعمار بيد الله، وكان ابنى الأول عمره 85 يوما فقط، يوم الجمعة صباحا جلست معه لنتحدث عما سأقوله فى الخطبة، ولم يكن أحد يتوقع وقتها نجاح الثورة، جلسنا وحددنا مطالب الثورة من تعديل الدستور ورحيل النظام وحل مباحث أمن الدولة، وعلمت وقتها أنهم طلبوا من بعض المشايخ أن يخطبوا الجمعة فى التحرير فرفضوا. بكلمات حماسية، صادقة، فاجأت الجميع، بدأ شاهين خطبته: «لن تكون هناك سلبية.. لن تكون هناك رجعة.. لن تكون هناك استكانة.. لا موت ولا اعتقال بعد اليوم.. أنتم على الحق.. وتسيرون على خطى الحبيب -صلى الله عليه وسلم- تأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر.. إننا جئنا نريد الحرية.. نريد أن نكون أعزة على تراب وطننا ونرفع رؤوسنا.. وتعود كرامتنا.. فلماذا يحاربوننا إذا ما طلبنا ذلك؟». وبهذه الخطبة التاريخية، أسهم شاهين فى صناعة «مليونيات يوم الجمعة»، التى توالت بعد ذلك، التى خطب فيها شاهين أيضا، والتى كانت سببا رئيسيا فى انهيار نظام المخلوع وتخليه عن السلطة، ليوقف زحف الجماهير التى انطلقت تجاه قصره عقب مليونية الرحيل، التى ألقى خطبتها أيضا خطيب الثورة الشاب مظهر شاهين. يقول شاهين: وصفى بخطيب الثورة لقب عزيز بل هو أعز لقب إلىّ.. فلا يلقب به رجل إلا كل ثورة، وقد تمر مئات السنين حتى تأتى ثورة أخرى |
رد: "ايقونات" الثوره المصريه..(25 مصريا فى25يناير)
13 - أحمد حرارة
غطى عينه المعطوبة بقطعة من الرصاص كتب عليها 28 يناير تاريخ إطفاء نورها دون أن يعلم أن عينه اليسرى أيضا ما زالت مستهدفة لم يشارك فى 25 يناير.. وشارك يومى 26 و27 بعدما اكتشف أن المظاهرات ضد نظام مبارك بأكمله، لا العادلى فقط فى ميدان التحرير فقد عينه اليمنى بعد أن تلقى رصاصة من أحد جنود الأمن المركزى فقد عينه 28 يناير 2011 ثم عاد 19 نوفمبر إلى التحرير للوقوف فى وجه نظام لم يسقط ففقد الثانية كتب- عبد المجيد عبد العزيز: هو عين الثورة وبصيرتها، وبوصلة الحق التى ترشد الثوار إلى طريقهم الذى بدا واضحا أنه ما زال ممتدا ومليئا بالعقبات. «أعيش كفيفا مرفوع الرأس وبكرامة، أفضل من أن أعيش مبصرا مكسور العين»، هكذا كان رد طبيب الأسنان أحمد حرارة البالغ من العمر 31 عاما، فى أول تعليق له، بعدما فقئت عينه اليسرى ليصبح فاقدا للبصر بشكل كامل، ليثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن «لسه النظام ماسقطش». كان الشاب أحمد حرارة أحد الثوار الذين عاشوا وكابدوا ظلم نظام مبارك منذ نعومة أظفارهم، تلقوا تعليما مشوها، وذاقوا طعاما مسرطنا، وشربوا ماء ملوثا، وضربوا فى أقسام الشرطة، وعرفوا معنى الخوف من «أمن الدولة» بعبع نظام المخلوع وذراعه الباطشة، فكان من الطبيعى أن يحلم باليوم الذى تخرج فيه مصر، وتصرخ فى وجه الظالم المستبد، وتطالب بحقها فى لقمة عيش نظيفة وحياة كريمة، يقول حرارة: «قبل الثورة كنت فقط أتكلم عن السياسة مع أصدقائى، كنا نقول ونحن جالسين على المقاهى إن الوضع الحالى غير مقبول، فالفقراء يزدادون فقرا، والأغنياء يزدادون غنى، لكنى لم أشارك فى أى احتجاجات أو أفعل شيئا حيال ذلك». حرارة تابع كغيره من شباب مصر ما حدث لشهيد الطوارئ خالد سعيد، والشاب السلفى سيد بلال، وكيف فقدا حياتهما نتيجة التعذيب، فقرر التوقف عن متابعة الأحداث عبر نشرات الأخبار، والخروج للمشاركة فى مظاهرات 25 يناير التى كانت قد انتشرت دعواتها على الـ«فيسبوك»، والمطالبة بإسقاط النظام. حرارة لم يشترك من أول يوم، وإنما من يوم الأربعاء 26 يناير، وعن ذلك يقول: «يوم 25 يناير، لم أكن أنوى الانضمام إلى الاحتجاجات، لأنهم كانوا ينادون أساسا بالإطاحة بحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، وإنهاء حالة الطوارئ، وكذلك رفع الحد الأدنى للأجور، وأنا لا أرى أن تغيير وزير واحد سيحدث فرقا فى النظام نفسه، لكن عندما رأيت فى الـ«فيسبوك» عبارة (الشعب يريد إسقاط النظام)، ذهبت إلى هناك، ميدان التحرير، يومى 26 و27 يناير». يوم 28 يناير، هو يوم لن ينساه حرارة طوال عمره، فبعدما شارك فى مظاهرات اليومين السابقين، أيقن أن النظام يتداعى، وأن مبارك ورجاله على وشك السقوط، فى هذا اليوم، خرج وكله عزم وإصرار على عدم العودة إلى منزله إلا بعد الحصول على حريته وحرية مصر، وفى أثناء الاشتباكات الدامية التى وقعت، التى استخدمت فيها شرطة العادلى جميع أساليب القتل والاعتداء، فقد حرارة عينه اليمنى، بعدما أصابه جندى أمن مركزى برصاصة أصابت عنقه وعينه اليمنى، بعدما اخترقت القرنية ٤ شظايا، حيث أصيب حرارة بـ64 إصابة فى وجهه، و6 فى عنقه، و4 فى رئتيه، وهو ما تسبب فى حدوث نزيف فى الرئة أدخله فى غيبوبة لمدة ثلاثة أيام فى المستشفى، وبعد خروجه ظل فى منزله مدة شهرين لإتمام العلاج. حرارة، بعد إصابته، غطى عينه المعطوبة بقطعة من الرصاص كتب عليها 28 يناير، تاريخ إطفاء نورها، دون أن يعلم أن عينه اليسرى أيضا ما زالت مستهدفة من قبل بقايا رجال العادلى. ففى 19 نوفمبر الماضى، عاد حرارة إلى التحرير مجددا، للوقوف فى وجه النظام الذى اكتشف أنه لم يسقط بعد، وفى أثناء المواجهات الدامية التى وقعت فى شارع محمد محمود بين جنود الشرطة وبين المتظاهرين، عقب اعتداء الأمن المركزى على مصابى الثورة وطردهم من الميدان بالقوة، فقأت رصاصة مطاطية عين حرارة الثانية، ليفقد بذلك بصره كلية، ليثبت أن مبارك ما زال يحكم. هل كانت تخشى «الداخلية» من أحمد حرارة؟ يبدو أن مجند الأمن المركزى الذى أصابه فى عينه اليمنى، كان يعلم أن حرارة رآه، وأنه يبحث عنه ليثأر لنفسه فى 25 يناير 2012، فسعى لأن يفقده عينه اليسرى، ليصبح بذلك حرارة فاقدا للبصر تماما، لتنام الداخلية هادئة، بينما لا تعلم، أنها منحت حرارة البصيرة التى ستفضح كل القتلة والمتواطئين، والسؤال الذى يفرض نفسه الآن: إذا حاسبنا مبارك والعادلى على ضياع عين أحمد حرارة اليمنى.. فمن نحاسب على ضياع عينه اليسرى؟ 14 - إبراهيم عيسى تعرضت الصحف التى رأس تحريرها للإغلاق والتضييق ولاحقته العشرات من القضايا التى رفعها مؤيدو وداعمو النظام السابق تحرك فى المظاهرات المتجهة من كوبرى الجلاء إلى كوبرى قصر النيل ومنه إلى ميدان التحرير فى مسجد الاستقامة فى الجيزة وبعد الاصطدام بالأمن كان فى مقدمة مظاهرة ضمت نصف مليون مواطن جاءوا من الهرم وشوارع الجيزة وانطلقت حتى دخلت ميدان التحرير فى السابعة مساء بعد مرورها بمعركة قصر النيل كتب عمرو صلاح: قبل الخامس والعشرين من يناير كان عيسى كعادته على تواصل بشباب من الحركات الاحتجاجية، يدرس معهم ما ينوون القيام به، ويسعوون إلى تنفيذه. انضم إلى مسيراتهم الحاشدة يوم الخامس والعشرين عند كوبرى الجلاء، ليشق طريقه معهم إلى ميدان التحرير، ويجد لنفسه موقعا على أحد الأرصفة ليستقر عليه وقد أنهكه التعب، مشاركا النشطاء أولى محاولات إقامة اعتصام بالميدان فى ليلة انتهت بتفريقهم بالقوة من خلال قنابل الغاز والرصاص المطاطى. وفى يومى السادس والعشرين والسابع والعشرين، كان عيسى على تواصل مع تلك المجموعة التى وضعت خارطة التحركات ليوم الثامن والعشرين من يناير، واختار وقتها أن يكون موجودا ضمن المجموعة التى سوف تخرج مع الدكتور محمد البرادعى من مسجد الاستقامة بميدان الجيزة، حيث واجههم مئات الجنود بالرصاص المطاطى وقنابل الغاز والماء الكبريتى. وخاض عيسى مع مدير الأمن وقتها اللواء أسامة المراسى -الذى يخضع للمحاكمة الآن- حديثا نقاشيا حينما سأله المراسى بعد ساعات من الضرب «ماذا تريدون؟»، فأجابه عيسى «الشعب يريد إسقاط النظام»، لتنطلق يومها الجموع الثائرة من مسجد الاستقامة، وتلتقى بجموع أخرى قادمة من شارع الهرم، ومن مناطق مختلفة بالجيزة، فى ظل استمرار الضرب وإطلاق قنابل الغاز والرصاص المطاطى، ولتلتحم المسيرة التى صارت أضخم بمسيرات أخرى فى ميدان الدقى، ومن ثم تنطلق إلى ميدان التحرير، الذى كان ساحة لمواجهات دامية وقتها، سقط فيها المئات من الشهداء والمصابين، وانتهت بالسيطرة النهائية والمحكمة على الميدان من قبل الثوار. الدور الذى لعبه عيسى على الصعيد الصحفى لم يكن ببعيد عن دور لعبه من هم مثله منذ عقود سعيا إلى الحرية، ففى فترة الاحتلال الإنجليزى لمصر كان هناك ما يعرف وقتها بالدور الوطنى من الصحافة المصرية، وهو نوع من الصحافة سخَّر كتابه أقلامهم فى مواجهة هذا الاحتلال والمطالبة برحيله. وقد تعرض أصحاب تلك المدرسة للتضييق المستمر من الاحتلال أوقاتا كثيرة، ومن القصر فى أوقات أخرى، إلا أن هذا التضييق والمصادرة للصحف وملاحقة الكتاب لم يثن هؤلاء يوما عن استمرار النضال ومواصلته، حتى رحل الاحتلال نهائيا. هذا هو النهج نفسه الذى سار عليه إبراهيم عيسى. هذا الكاتب الذى سخَّر قلمه ومدرسته الصحفية فى مواجهة التشدد تارة فى التسعينيات، وفى مواجهة مبارك ونظامه فى خلال العقود الأخيرة، وقد تعرضت الصحف التى رأس تحريرها للإغلاق، والتضييق، ولاحقته العشرات من القضايا التى رفعها مؤيدو وداعمو النظام السابق فى محاولة لإثنائه عن خط واضح اتسم بالحدة والعنف، ضاربا عرض الحائط بخطوط حمراء كثيرة، ورافضا أن يختار طريق ما عرف «بالصحافة المحايدة» وهو مصطلح ربما اتخذه كثيرون وسيلة لتبرير مواقفهم العائمة التى كانت تخشى الخوض فى معارك مباشرة مع مبارك ورجاله. وقد مثلت تجربة الدستور الأصلى خلال السنوات الخمس الأخيرة بشبابها من الصحفيين خطا داعما باستمرار لحركات التغيير والاحتجاج، إذ كانت فاعلياتهم تحظى بما يشبه إعلانات يومية بلا مقابل، وكانت صور نشطائهم والتذكير بهم فى حالة اعتقالهم موضعا للحديث اليومى بتلك الصحيفة بما لا يسمح بنسيانهم ويوعى الناس بنضالاتهم، حتى إن البعض كان يطلق على الجريدة لقب المنشور الثورى الوحيد فى مصر، وهو ما مثل دعما وسندا لكل الجماعات الاحتجاجية والسياسية المحظورة فى عهد مبارك بما فى ذلك جماعة الإخوان المسلمين، وأتاح لنداءات التغيير ودعواته ظهيرا إعلاميا قويا على الرغم من الضربات المتلاحقة التى حاولت تحطيم هذا الظهير وكان آخرها ما عرف بقضية «صحة الرئيس» وإغلاق جريدة «الدستور» بعد محاولة السيطرة عليها من السيد البدوى رئيس حزب الوفد فى عام 2010. والواقع أنه لولا تحطيم الخطوط الحمراء من قبل مدرسة إبراهيم عيسى والمدارس التى على شاكلتها لما استطاعت وسائل إعلام كثيرة إيجاد مساحة أكبر تنتزعها تدريجيا لتقف فى مواجهة إعلام حكومى ومستقل كاذب ومنافق زيَّف الوعى العام على مدار عقود. إبراهيم عيسى لم يكن يكتفى بدوره الإعلامى فحسب، إذ كان نموذجا أيضا للمثقف النشيط، الذى كان بمثابة مستشار لشباب الحركات الاحتجاجية ومخزن للأفكار والمقترحات التى استرشد بها هؤلاء، مطالبا إياهم دائما بقراءة التاريخ كى يكونوا على أهبة الاستعداد لحظة وقوع التغيير الذى يحلمون به |
الساعة الآن 04:27 PM. |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
www.MasrMotors.com ™ Copyright ©2008 - 2025
Egyptian Automotive Community
جميع الحقوق محفوظة - مصرموتورز 2008 - 2017