مصر موتورز مجتمع السيارات - مخطط تصفيه الثوره ,,

فعل الرجال ...

نشوى الحوفي

ما بين رحيل واصابة أبناء لنا في الكلية الحربية لا زلنا نعالج جروح النفس من فعل الارهاب بهم، وبين رحيل الخال عبد الرحمن الأبنودي بعد مقاومة لمرض أنهكه، تهب علينا نسمات الرجولة لتؤكد أنها ليست جنساً فكثير من الرجال عيال، لكنها هبة تمنح فقط لمن أراد الحياة بشرف حتى لو أضطر للسباحة ضد التيار....
فحينما تعلم أن أبنائنا في الكلية الحربية رفضوا النزول في الأجازات بالزي المدني كإجراء وقائي لحمايتهم من يد إرهاب غاشم بعد حادثة استشهاد ثلاثة منهم وإصابة آخرين في كفر الشيخ الاسبوع الماضي، مرددين أنهم لن يتنازلوا عن زيهم العسكري مهما حدث وأن ذهابهم و إيابهم لن يتم إلا بهذا الزي. فافخر أن في بلادك هؤلاء الأبناء الذين أحبوا التضحية و أدركوا وهم ما زالوا صغار أن الحياة اختيار، فاختاروا الرجولة. وتذكر حينما كان قادة الأخوان وعلى رأسهم بديع مرشدهم-لا عامتهم- يهربون من يد القانون متخفيين في زي النساء مرتدين النقاب خوفاً من القبض عليهم لا من اغتيالهم. وقارن بضمير بين شباب قدم روحه منذ اللحظة الأولى فداء لبلاده فيرفض خلع زيه العسكري حتى لو بغرض الحماية لحياته، و يستشعر الخزي في الفعل و يستمد من زيه روح التحدي، وبين فعل جماعة تاجر قادتها بدم المصريين جميعاً و بدين لا علاقة لهم به و بوطن لم يعنهم في شيء فقالوا عنه"طز".
وحينما يرحل الخال الأبنودي عن الحياة بعد أن ملأها ابداعاً بكلمه وفكرة وموقف، فاعلم أنه مات كالنخل ناظراً للسماء.رافضا الاذعان لمرض حاصره منذ سنوات، وفرض عليه إقامة جبرية في منزله بالاسماعيلية، فأبى الخال رفع راية الاستسلام. وواصل بث الأمل في النفوس عبر نسمات القول في عز الأزمات التي طحنتنا في السنوات الأربع الماضية. فاشترى وطناً رافضا خيبات النخبة وطنطنتها دون قدرة على فعل. مصراً على ممارسة مبارزة مرضه بمفرده بعيداً عن عيون الأحبة و الأصدقاء، رافضاً مطالبتهم برؤيته –فقط رؤيته-. عز عليه أن يروه ضعيفاً منهكاً. أراد أن يحتفظوا له بصورته بينهم قوياً شامخاً أيا ما كانت ملامح وجهه البادية عليه. غضباً أو حزناً أو فرحاً. وحينما قادتني الظروف صدفة لرؤيته في مستشفى الجلاء العسكري منذ نحو الشهر، انزعج و حزن لدخولي صومعة قتاله لمرضه، وطلب رحيلي مودعا اياي بالقول:"ما حبكيشي تشوفيني كده...إمشي وخللي بالك من روحك". أخرج مسرعة خوفاً من إرهاقه و إيلامه وأتذكر من يتاجرون بضعفهم ومرضهم ووهنهم استنزافاً لاهتمام الآخرين. وأدرك أن الرجولة معاني عاشها الخال بالطول والعرض في سنين حياته.
وهكذا يا سادة يقدم لنا الحزن معادن الرجال. ففي ظلمات الأحداث و لحظات الأسى تطل علينا مواقف الرجولة –أيا كان جنسها- لتجدد فينا روح الأمل و عزيمة النفس، فنصر على مواصلة الخُطى مهما كانت الصعوبات ومهما أنهكتنا أوجاع البعاد. فتحية للرجال أينما كانوا و أينما رحلوا أو فارقوا. تحية لرجال عاشوا رغم الموت فأكم من أناس ماتوا حولنا وفارقوا احترامنا رغم العيش بيننا... سلام سلاح.

https://fbcdn-sphotos-c-a.akamaihd.n...648fba04f8ace5