مصر موتورز مجتمع السيارات - ارشيف الاستراحة 2011

سيزيف: <o:p></o:p>

كثيرا ما يواتيني الحظ فأجلس مع واحد من هؤلاء الذين يخبرونك أن "الحياة صعبة" و "الكفاح المشترك" و "الناس ما بقتش زي زمان" و "النفوس مش صافية" وكل هذه العبارات التي تحولت، من فرط ما قيلت، إلى أكليشيهات كلامية تقال في كل وقت حتى أنني صرت أتساءل بحق، متى كانت "الحياة سهلة" و "الناس كويسة" وكل هذا الهراء.... <o:p></o:p>
ولكن دعني أخبرك بحقيقة مريرة وهي أن المشكلة في الشعب المصري نفسه... جرب مثلا أن تنزل إلى الجامعة – الله يرحم أيام الجامعة – وتجلس مع واحدة من هؤلاء الفتيات اللواتي ترتدي بنطالا أقسم بالله العظيم لولا أنه ملوّن لحسبته ليس موجودا، وجرب أن تسمعها وهي تحدثك في لهجة من يتحدث مثلا عن "نهج البردة" وتخبرك عن فيلم "تمورة" الجديد... جرب أن تجلس على مقهى شعبي وأنصت قليلا للألفاظ التي تقال من حولك طيلة الوقت... حسنا.... هذا هو شعبنا المصري العظيم شئنا أم أبينا.... جرب أن تنصت لخطبة من الخطب الدينية التي يتم تسجيلها على شرائط كاسيت لتجد الشيخ لا همّ له في الحياة إلا تفسير سورة يوسف والحديث عن الزنا أو، إن كان مجددا، تجده يحدثك عن المسيحيين الذين لا يكفون عن التدليس للمسلمين وعن أن كل هدفهم في الحياة هو تدمير المسلمين... ألم يسمح أحد هؤلاء "المشايخ" عن حديث صحيح يقول "من عادى ذميا فهو خصمي يوم القيامة"؟
على مستوى الانترنت تجد عجبا... المنتديات العربية هي المنتديات الوحيدة التي تجد فيها المنتدى الإسلامي وتحته مباشرة منتدى زواج المسيار.... ما الذي يحدث؟ في لقاء تليفزيوني ألقى الدكتور محمد المخزنجي سؤالا هو بحق الأجدى في هذه الأيام.... ما الذي حدث للمصريين؟ <o:p></o:p>
أذكر منذ سنوات قامت الدنيا ولم تقعد بسبب رواية "وليمة من أعشاب البحر" التي كانت بها مقاطع تجديف وبها كلام فاحش بشدة أثار حفيظة شعب كامل هو ذات الشعب الذي كانت أقدام الحكومة تطأه بالحذاء كل صباح دون أن يجرؤ على مجرد التنفس.... <o:p></o:p>
في أيام عبد الناصر كان الاتحاد السوفيتي هو الظهر القوي الذي يساندنا ولهذا انتشرت نغمة الشيوعية والاشتراكية بشدة، ثم أتى السادات من بعده ليخبرنا أن الاتحاد السوفيتي ليس سوى تاجر سلاح عديم الموهبة وقام بطرد الخبراء السوفييت من مصر ووقتها انخفضت نغمة الشيوعية والاشتراكية لتظهر نغمات الانفتاح الاقتصادي الذي لم يظهر إلا مع انكشاف ظهور ممثلات السينما وتقصير طول الجونلات التي ترتديها ميرفت أمين .... ومع مرور الوقت قلنا نبدأ من جديد لأن الانحلال الأخلاقي ليس هو الحل طبعا وأطلق السادات الأخوان المسلمين تحت مسمى التيار الإسلامي الذي اغتال السادات فيما بعد.. بعدها أتوا لنا بفكرة عبقرية كالعادة وهي الخصخصة وقالوا أنها هي الحل الأمثل لنبدأ من جديد في بناء دولة رأسمالية اقتصادية ودولة مؤسسات.... ثم قامت الثورة لتهد كل شيء ونبدأ من جديد مرة أخرى وكأننا كُتِب علينا هذا العذاب السيزيفي الجدير بالأساطير الإغريقية ... ومع وضوح نغمة البلطجية الحالية وقطاع الطريق و "أهل الفن" الذين يتحفونا دائما بأعمالهم الفنية في شهر رمضان الكريم لا أدري إلى أين .... لست أدري لماذا أرى الآن بعين الخيال سعد زغلول وهو يحاول جمع توقيعات أكثر من نصف شعب مصر ليكون المتحدث الرسمي أمام اللورد كرومر باسم مصر... كان يقول "ما الذي يفعلونه بك يا وطني؟" <o:p></o:p>
هامش أخير كتبته من قبل: <o:p></o:p>
"أطرف ما يحدث في شهر رمضان هو أنك بعد سماع أذان المغرب بصوت محمد رفعت وبعد دعاء الشعراوي الشهير، تجد المذيعة التي لطخت وجهها بالأصباغ وترتدي البلوزة التي تكشف عن نصف صدرها تقريبا لتخبرك أنها تتمنى لك صوما مقبولا وإفطارا شهيا". <o:p></o:p>