![]() |
|
رد: التحايل "الاخوانى"!!
|
رد: التحايل "الاخوانى"!!
|
رد: التحايل "الاخوانى"!!
«أئمة الشر».. الإخوان والشيعة
http://tahrirnews.com/images/Section...ئمة%20الشر.jpg ثروت الخرباوى ثروت الخرباوي يكشف: حكم الملالى وآيات الله قصة أول اتصال بين المخابرات الأمريكية وصاحب اللحية الذى سيصبح المرشد فى ما بعد خطة الـ«CIA» لمساعدة الإسلاميين للوصول إلى كرسى الحكم كانت تحت عنوان «?why not» عندما ارتجف قلب الطاغية وارتجف كرسى الحكم من تحته آل الحكم إلى زمرة الإسلاميين ودخلت البلاد إلى المرحلة الأولى من التجريف ضاق الشعب ذرعا بهذا الحاكم الغبى المتغطرس، يا له من حاكم مستبد جهول، أغلق أذنيه جيدا فلم يسمع صيحات الشعب وآلامه، ظن أن جهازه الأمنى المنيع سيحميه «فليصرخ من يريد الصراخ، ولينفعل من يريد الانفعال، فقد خلق الله لى أذنا من طين وأخرى من عجين» هكذا كان لسان حال هذا الحاكم الطاغية، ومع إحساسه بقوته راهن على أمريكا ورئيسها، أمريكا معى حيثما أكون، وأينما تكون مصلحتى فثم وجه أمريكا «لقد تلقيت وعودا منهم بحمايتى وحماية نظامى كله»، كان هذا الوعد طبيعيا ومنطقيا، فهو حليفهم القوى فى المنطقة، وهو أيضا أحد الكنوز الاستراتيجية لإسرائيل، فكيف يفرطون فيه؟! اندلعت الحوادث تترى فى البلاد، كان بعضها بسبب سوء الإدارة والفساد، وكان البعض الآخر بفعل فاعل، حرائق، كوارث، المئات يموتون حرقا فى حوادث مفجعة، والضحايا يسقطون وهم مخضبون بالدماء، يشتكون إلى الله هذا الحاكم وأعوانه، والمسؤولية التى من المفترض أن تكون فى رقبة هذا الطاغية المتبلد لا تحرك ضميره، يبدو أن السنوات الطويلة التى قضاها جالسا متيبسا على كرسى الحكم جعلت من جسده جدارا عازلا يفصل بين قلبه وشعبه، فهو ذلك الرجل خالى البال الذى لا يهتم، ينام ملء جفونه وشعبه يتحطم، أما هو ففى النعيم يقيم، وكيف لمن كان فى النعيم أن يطرف له جفن؟ الحكم من بعده سيؤول إلى ابنه، لا شك فى ذلك، أمريكا العظمى وعدته بهذا، مسؤول الأمن القومى بتلك الدولة العظمى قابله فى اجتماع خاص بنيويورك، كان معهما فى اللقاء الرئيس الأمريكى، وقتها قال له ذلك الرجل المتحكم فى أمن العالم: أمنك وسلامتك علينا، أعدك بأن ابنك سيكون خليفتك فى الحكم، نحن نضع الآن تصورا لكيفية تلك الخلافة، الأفضل أن تكون فى حياتك، لأنك إذا ما مت لا قدر الله فلن يسمح العسكر بتولية ابنك وسينقضون عليه، كما أن الشعب لا يتقبل توريث الحكم لابنك، سيحتاج هذا الأمر إلى جهود مضنية، ولكننا سننجح. ظهر من حوارهم أن أمريكا عارفة ما يحدث داخل البلاد، ولكنها لا تعيرها التفاتا، «مصلحتنا أن تظل فى الحكم، فأنت أفضل من يرعى مصالحنا»، كانت هذه هى كلمات الرئيس الأمريكى له، ولكن سقف المعارضة ارتفع فى البلاد بشكل غير مسبوق، ظهرت الحركات الاحتجاجية فى البلاد، ولكن لا ضير، فكل الأمور تحت السيطرة: «لدينا جهاز أمنى لا مثيل له»، كان مجرد ذكر هذا الجهاز الأمنى يثير الخوف والرعب فى النفوس، كانت هذه الأجهزة تستخدم التعذيب المفرط وهى تستجوب المتهمين السياسيين، حتى إن البعض كان يسقط قتيلا من جراء التعذيب، وقتها كان من السهل تلفيق التقارير الطبية التى تسند الوفاة إلى سبب آخر غير التعذيب، ورغم الخوف والرعب الذى سيطر على قطاع كبير من الشعب فإن البعض امتلك الشجاعة والقدرة على التضحية، استمر سقف المعارضة فى الارتفاع، بدأت الطبقة المتوسطة تخرج من مكامنها فى مظاهرات احتجاجية على تلك الوهدة التى وقعت فيها البلاد سياسيا واقتصاديا وأمنيا، كان الليبراليون والعلمانيون والطلبة هم الوقود الذى أجج حالة الغضب، يا له من حاكم كنود ذلك الذى لا يبالى بالبطالة والتضخم واستشراء الفساد، ولا يلتفت إلى غضبة شعبه، إن الشعوب إذا غضبت خرجت، وإذا خرجت سقطت الأنظمة، لن تنفعه أمريكا، ولن تبكى عليه. أما المفاجأة الكبرى فهى أن يد أمريكا لم تكن بعيدة عن تلك الاحتجاجات التى حدثت فى البلاد، أمريكا التى تساعد الحاكم وتدعمه، بل ظلت تدعمه عمره كله، فجأة ترتب للإطاحة به!! يا الله ما الذى يحدث فى هذا الكون؟ ما هذا العالم الغريب؟!! فى السياسة قد يستعصى الفهم فى بعض الأحايين، وفى السياسة أيضا قد لا تكون الصورة الخارجية هى الصورة الحقيقية، فللحقيقة أحيانا أكثر من وجه، وقد تكون كل الوجوه زائفة ما عدا الوجه الخفى الذى لا يراه أحد، الثورة قادمة قادمة، وإذا لم يكن من الثورة بد فمن الغباء أن تكون أمريكا بعيدة عنها. قبل الثورة بأعوام قليلة بدأت أمريكا فى تقديم يد المعاونة لبعض الحركات الاحتجاجية، كانت هذه المعاونة تتم فى الخفاء، كل شىء فى الخفاء، بعيدا عن العيون، حتى عن عيون بعض الكبار فى البيت الأبيض، هذا نظام سيسقط حقا، كل علوم السياسة والاجتماع تؤكد ذلك، وقد كانت للخطايا التى وقع فيها «الطاغية» أكبر الأثر فى دفع الأمور ناحية الحافة، هذه هى منظمة العفو الدولية «التابعة أصلا للأجهزة المخابراتية البريطانية» تضع التقارير التى تدين إهدار هذا الحاكم الطاغية حقوق الإنسان، والنظام الأمريكى يهتم ظاهرا بهذه الحقوق، ويتحدث كثيرا عن الديمقراطية، والتداول السلمى للسلطة، اللسان الأمريكى بارع فى الكلام عن الحقوق، والنظام الأمريكى بارع فى هضم هذه الحقوق!! أمريكا أمة التناقضات. كانت تقارير «العفو الدولية» بمنزلة حجر ثقيل، أمسكته جهات أمريكية كثيرة وأخذت تلوح به فى وجه هذا الحاكم المستبد، بدأت الأصوات فى أمريكا ترتفع: كيف لأمريكا راعية الحريات أن تدعم هذا الطاغية، ولكن الرسائل السرية التى كان يرسلها كبير مستشارى الأمن القومى فى أمريكا إلى هذا الحاكم كانت مطمئنة: «لا تجزع نحن معك، تلك الأصوات التى تهاجمك فى الإعلام الأمريكى لا تستهدف شيئا إلا الرأى العام فقط، إلا أن الناخب الأمريكى فى النهاية معنا فى سياسة دعمك لأننا كتبنا من خلال رجالنا فى الصحافة، وتحدثنا من خلال رجالنا فى الإعلام المرئى، أن بديلك هم الجماعات الإسلامية المتطرفة». هدأ بال الحاكم، وقر عينا بهذا الذكاء الأمريكى فى معالجة الحوادث والأحداث، وزاد هدوء باله عندما قرأ التقارير التى قدمتها له جهاته الأمنية: «الأمور مستقرة، ولا تهديد للحكم، هذه المعارضة ما هى إلا مجموعة قليلة ليس لها أى تأثير»، ولكن الحاكم الذى ظن أنه فهم السياسة الأمريكية أوصى رجاله وإعلامه بتصدير صورة معينة، ليس القصد أن يتم تصدير الصورة للشعب فى الداخل، فالشعب لا يهمه فى شىء، ولكن النظام الأمريكى كان هو مقصده: «أمريكا لا تحب الإسلاميين، هل هناك من يشك فى ذلك؟! قولوا إن البديل لى هم تلك الجماعات المتطرفة، اكتبوا هذا فى كل مكان، واتركوا لهؤلاء الإسلاميين مساحة صغيرة للحركة، يجب أن تعلم أمريكا يقينا أن مصالح إسرائيل مهددة إذا ما وصل هؤلاء إلى الحكم»، تكون الطامة كبرى حين يظن الغبى أنه ذكى، هل هذا رأيك أيها «الطاغية»؟ أمريكا لا تحب الإسلاميين!! والإسلاميون يهددون مصالح إسرائيل!! يا أخى يجب أن تعلم أن كل شىء تحت السيطرة، الآن ثبت عليك قول الشاعر «يقولون هذا عندنا رأى.. ومن أنتم حتى يكون لكم رأى»!! الأمور فى أمريكا مختلفة عن الذى يدور فى ذهن البسطاء، فقد كانت هناك ثمة اتصالات بالإسلاميين تجرى فى الخفاء، لا شىء فى العلن أبدا! وفى دائرة «البيت الأبيض» كانت هناك قلة هم من علموا بالاستراتيجية الكامنة وراء اتصالات المخابرات الأمريكية المستمرة برموز إسلامية، أعلاهم هو ذلك الرجل صاحب اللحية البيضاء، الذى سيصبح المرشد فى ما بعد، كانت المعلومات سرية للغاية، وليس من المقدر أن تصل هذه المعلومات إلى كل رجال السياسة فى إدارة الحكم، إذ كانت قاصرة على الرئيس الأمريكى وعدد محدود من المخابرات، ففى أروقة المخابرات لا تقدم المعلومات إلا على أساس «المعرفة على قدر الحاجة»، وعلى ذلك أدى بعض الموظفين فى درجات عادية لدى وزارة الخارجية، والبنتاجون، والمخابرات المركزية، عملهم فى إطار من السرية الجزئية أو التامة، وصلتهم التقارير الطبية التى تفيد أن الخازوق كما كانوا يطلقون عليه مريض بالسرطان، وأن جسده منهك بفعل المرض، وأن الذى يبقيه على قيد الحياة الرعاية الطبية الكبيرة التى يلقاها، الآن يجب ترتيب الأمور ليصل إلى الحكم حليف آخر، حليف سيبدو من صورته الظاهرة أنه من خصوم أمريكا، ومن أعداء إسرائيل، ولكن لا شىء فى السياسة محرم، والضرورات تبيح المحظورات، فلتستمر سياسة «الأقوال» فى طريقها الذى لا ينضب، فالأقوال لا تغير واقعا، وحين يصل الإسلاميون إلى الحكم لن يتغير شىء، وستستمر الحروب الكلامية، فقد تكون لهذه الحروب ضرورة أمريكية. خطة المخابرات الأمريكية لمساعدة الإسلاميين للوصول إلى كرسى الحكم كانت تحت عنوان «?Why not» كبير مستشارى الأمن القومى هو العقل المدبر لها، والمتمم لآلياتها، كانت محاور الخطة الرئيسية تقوم على ضرورة استخدام «البطاقة الإسلامية» لزرع الفتنة فى المنطقة وتقسيمها، وفى سبيل التمهيد لذلك طلب مستشار الأمن القومى رسميا من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إجراء «دراسة مستفيضة» على الأصولية الإسلامية، نظرا لما لها من «أثر سياسى متعاظم» فى أنحاء كثيرة من العالم، ووفقًا لما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» فإن مستشار الأمن القومى كان قبل ذلك قد وجه الأوساط الاستخبارية رسميا لعمل دراسة متعمقة على هذه الظاهرة. لم يكن من السهل أن يلمح أحد أن خطة «?why not» أقيمت على فكرة استقرأها الفيلسوف والمؤرخ الإنجليزى الشهير برتراند راسل المتوفى عام 1970، كتب فكرته فى كتابه الشهير «أثر العلوم فى المجتمع» الذى خرج إلى النور عام 1951، قال برتراند راسل: «يتزايد سكان العالم حاليا بمقدار ٥٨ ألف نسمة فى اليوم الواحد، ولم يكن للحرب -حتى الآن- أثر عظيم على الحد من هذه الزيادة، لقد ثبت أن الحرب مخيبة للآمال فى هذا الخصوص حتى الآن، لذلك يجب أن يبحث أصحاب العقول الراجحة عن وسائل بديلة للحرب بين الدول، حينئذ سيكون من السهل أن يتحول جزء كبير من العالم إلى قطعان من الفلاحين التى خبرها الأجداد فى القرون الوسطى، ويكون من السهل على الدول الصناعية الكبرى أن تقود العالم». فكرة «ترييف العالم» وجعله سلة غذاء للدول الصناعية الكبرى، هى الفكرة التى استحوذت على عقل الإدارة الأمريكية، يجب أن يتحول البشر فى معظم العالم إلى قطيع من الفلاحين الأجراء، أو العبيد، كل عملهم هو إعداد «مائدة الطعام» للسيد الصناعى الكبير. كيف تطورت فكرة برتراند راسل وأصبحت خطة كاملة؟ كان ذلك عام 1975، حيث «خرج إلى الوجود (مشروع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية لحقبة الثمانينيات)، وهو استقراء خططى للمستقبل جاء فى ثلاثين مجلدا، أما الذين شاركوا فى هذا العمل الضخم فهم أكبر العقول الاستراتيجية فى أمريكا، كان منهم سايروس فانس، وأنطونى سلومون، وهارولد براون، وبريجينيسكى». يتلخص هذا المجلد الضخم فى كلمتين، هما «التفكيك المنضبط» لاقتصاد العالم، فكرة التفكيك هذه تقوم على إشاعة الفوضى الاجتماعية، والحروب الإقليمية بين الجارات، والحروب الأهلية فى الدولة الواحدة، وسيترتب على هذا زيادة نسبة الوفيات فى العالم، فى ما يشبه الإبادة، وستكون هذه الإبادة بيد سكان كل منطقة، لا بيد الدول الصناعية الكبرى، ولكى يؤتى المشروع ثماره يجب أن يكون تفكيك دول المنطقة عن طريق إشاعة الفتن الدينية والعرقية والحدودية، فلينقسم الشرق الأوسط إلى «سنة» و«شيعة»، ثم فلينقسم العالم السنى إلى أنصار الدولة الإسلامية وخصومها، ومن الأفضل تضخيم الروح العنصرية بين أبناء الدولة الواحدة، وليكن ما يكون. ثم ماذا بعد؟ ما الذى سيحدث؟ وكيف سيستفيد «العالم الصناعى العملاق» من هذا الأمر؟ ستقوم حروب فى المنطقة لا شك، وفقا لنبوءة خطة التفكيك، وستشتعل فتن طائفية وعرقية حينما يتم تغذية مدخلاتها، وأكبر تغذية ستكون بتولية الإسلاميين الحكم فى بيئة صالحة للاضطراب والاشتباك العقائدى، ولكن هل ستجنى أمريكا من تلك الحروب أرباحا؟ الربح هو الذى يدير العقلية الأمريكية، هو المسيطر على طريقتها فى الإدارة، سواء كان الحكم عندهم «جمهوريا» أو «ديمقراطيا» فهو هو، أمريكا فى كل الأحوال هى المرابى «شيلوك» بصورته الحديثة المتطورة، هى المرابى الذى يريد اقتطاع أرطال اللحم من جسد العالم، وفى الشرق جسد على أتم الاستعداد لتقطيع لحمه، فكيف ستكسب أمريكا من سياسة تقسيم الشرق وتقطيع لحمه؟ كانت طريقة الاستفادة واضحة فى المجلدات التى احتوت على نبوءات أمريكا «الدولة الراسبوتينية» إذ ورد فى مجلدات النبوءة «أن النظام المالى والاقتصادى العالمى يحتاج إلى إصلاح كامل بما يضمن وقوعه تحت إدارة عالمية واحدة، بما يضمن القضاء على مفهوم الدولة الوطن وخلق مفهوم آخر يقوم على إشراف عالمى موحد يكون فى يد الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولى (الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولى هما فى الحقيقة جهات مخلوقة من رحم أمريكا الشيلوكية). ولكى يتحقق مفهوم الإشراف العالمى يجب أولاً تقسيم العالم إلى مناطق أو تكتلات منفصلة، ثم يتم إدخال منطقتنا فى أزمات اقتصادية طاحنة تستنفد موارده وثرواته، حينئذ تكون لصندوق النقد الدولى سيطرة شبه مطلقة على تدفق العملة الأمريكية والأوروبية، ولن يتم ذلك إلا إذا تم تقسيم دول الشرق إلى مناطق صغيرة متحاربة». استطردت النبوءة الراسبوتينية فى شرح النتائج، فقالت «سينشغل العالم الشرق أوسطى بنفسه، وسيندمج فى صراعاته، ولن يلتفت إلى تطوير نفسه وتحديث معارفه، وسيعود حتما للوراء عشرات السنين، وبذلك سيظل فى حاجة شديدة إلى دعم أمريكا له عن طريق مؤسساتها، وسيظل تابعا ذليلا لا يستطيع أن يبرم أمرا إلا من خلالنا، وسنضع الرؤساء ونستقدم الحكام كما نشاء، وسيجبرهم صندوق النقد الدولى على اتباع السياسات الاقتصادية التى نريدها». انتهت الخطة المرسومة وجاء وقت التنفيذ، الآن جاءت ساعة الجد، وما كان يتم فى الخفاء جاء الأوان ليصبح فى العلن، فحين ظهر أن الطاغية سيرحل سيرحل، أعلن مستشار الأمن القومى عن رؤيته على الملأ، فقال: إن واشنطن سترحب بقوى الصحوة الإسلامية فى الشرق الأوسط، لأن القوة الإسلامية، كفكرة عامة أيديولوجية معارضة بطبيعتها للقوى السائدة فى المنطقة. وبعد هذا التصريح أرسل مستشار الأمن القومى للطاغية رسالة مفعمة بالمحبة: لا تقلق نحن معك، ولن يستطيع أحد تحريكك من فوق كرسى الحكم، نحن نرتب لكى يكون ابنك هو الحاكم القادم، إلا أن قلب الطاغية ارتجف لأول مرة، وكرسى الحكم من تحته ارتجف، وها هى الثورة تشتعل فى البلاد، خرجت الجماهير فى مظاهرات صاخبة فى ذات التوقيت فى كل المحافظات، وقفت المظاهرات فى الميادين الكبرى، لن يحركها أحد حتى يسقط الطاغية، كانت الهتافات الغاضبة تطالب بسقوط النظام، وترفع شعارات «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية» يبدو أن هذا الشعار كان موحدا فى كل الثورات، فقد كان هو بعينه نفس الشعار الذى هتفت به الجماهير الثائرة إبان ثورة الشعب الروسى عام 1917، لم تكن الثورة آنذاك «بلشفية»، ولكنها كانت لكل الشعب ثم استولى عليها الشيوعيون. الثورات مثل البركان، لا يستطيع أحد التحكم فى فوهتها إذا انطلقت، لذلك حينما تحركت مظاهرات ضخمة ضد الطاغية فى أواخر يناير، وازدادت حدة فى فبراير، قامت الثورة على «الطاغية» ونظامه، لم يستطع الأمن على كثرته إيقاف هذا الغضب الهادر، فكان أن سقط الطاغية، ومن بعده آل الحكم إلى زمرة الإسلاميين، لندخل إلى المرحلة الأولى من تجريف البلاد. انتظر لا تغادر هذه الصفحات سريعا، بل عد لقراءتها مرة ثانية، فالحديث لم يكن متعلقا بثورة مصر ضد نظام مبارك، ولكننى كنت أتحدث عن الثورة الإيرانية التى نشبت عام 1979 وترتب عليها حكم الملالى وآيات الله، أبطال هذه الحكاية الحقيقية هم شاه إيران محمد رضا بهلوى، والرئيس الأمريكى كارتر، وبريجنسكى كبير مستشارى الأمن القومى الأمريكى فى ظل حكم كارتر، وما زالت له حتى الآن هيمنة على سياسات الإدارة الأمريكية، جنبا إلى جنب مع كيسنجر الداهية، يبقى أن تعلم أن الجهاز الأمنى لبهلوى الذى كان يثير الرعب فى النفوس هو السافاك، والابن الذى كان محمد رضا بهلوى يريد توريث الحكم له هو ولى عهده الشاب وقتها «رضا بهلوى» ابن الإمبراطورة «فرح ديبا». أما طائفة الإسلاميين التى وصلت إلى الحكم من بعد بهلوى فهى مجموعات الملالى وعلى رأسها «الإمام الخمينى» وقطعا ستعلم أن الشيخ صاحب اللحية البيضاء الذى تواصلت معه أمريكا عن طريق أجهزة مخابراتها هو الخمينى الذى أطلق على نفسه بعد أن وصل إلى الحكم لقب «المرشد الأعلى»!!، وكان من تخطيط المخابرات الأمريكية لدعم الثورة الإيرانية التى أطلقوا عليها «الإسلامية» ترتيب لقاء بين الخمينى الذى كان فى منفاه فى فرنسا، وبين بعض قيادات الإخوان المسلمين كان على رأسهم يوسف ندا، صاحب الأدوار العالمية الغريبة، ومن بعد هذا اللقاء كان الدعم الإخوانى لثورة الخمينى، إذ لم يعرف العالم السنى تأييدا لهذه الثورة الشيعية من حركة تنتسب إلى أهل السنة غير الإخوان! وقد كان بريجنسكى كبير مستشارى الأمن القومى فى عهد كارتر هو صاحب خطة تسليم الحكم للإسلاميين والمشرف على تنفيذها. |
رد: التحايل "الاخوانى"!!
|
رد: التحايل "الاخوانى"!!
«أئمة الشر.. الإخوان والشيعة»
فلسفة الثعبان المقدس http://tahrirnews.com/images/Section...al/الخميني.jpg ثروت الخرباوى الثورة الإيرانية لم تنطلق من مساجد طهران لكنها بدأت من معهد «تايفيستوك» البريطانى للعلوم السلوكية وتصنيع الرأى العام متى بدأت إرهاصات الثورة الإيرانية؟ لم تبدأ من الشارع الإيرانى، ولم تبدأ من المساجد، إذ كانت الاحتجاجات خافتة الصوت والأثر، ولكن بدأت إرهاصات الثورة الخمينية من معهد «تافيستوك» البريطانى، الذى يضم نخبة متميزة من علماء «السلوك» وقد كان هذا المعهد من خلال خبرائه متخصصا فى تصنيع الرأى العام، وتشكيل الوعى فى الاتجاه الذى يريدون، وذلك من خلال وسائل غسيل مخ جماعية، وخلق حالات اجتماعية وسياسية يسهل من خلالها السيطرة على الجماهير، إذن ماذا فعل معهد «تافيستوك» بخصوص ثورة إيران؟ (بدأت فرق من الإخصائيين النفسيين الاجتماعيين من معهد تافيستوك فى تحديد خصائص «الثورة»، معتمدين فى ذلك على تجارب سابقة تخص عملية الغسل الشامل للأدمغة، وجد هذا المعهد إجابات لأسئلة كثيرة، كيف سيستجيب الإيرانيون إلى دعوة تصدر من ملا عاجز طاعن فى السن تحركهم للثورة؟ كيف سيستجيب لذلك أهل الريف، أو العمال المهرة أو الطبقة الوسطى، أو المفكرون؟ وأى أسلوب أنفع للطلاب للزجّ بهم فى الثورة؟ وما نقاط الضعف لدى الشرطة والقوات المسلحة؟ كل ذلك كان لا بد من تحليله ووضعه فى الاعتبار، وقد كان الفريق الذى أسندت إليه تلك القضية رجالا مخضرمين فى أساليب الحرب النفسية المتقدمة، وقد استقدموا فى معهدهم الخبير «مارفن زونيس» الأستاذ بجامعة شيكاغو الذى ألف كتاب (النخبة السياسية فى إيران) لوضع تقارير إيضاحية لطريقة التصرف التى يمكن أن تسلكها الطبقات الإيرانية ومجموعات معينة من الشعب تجاه تفعيل الاحتجاج ونقله إلى خانة الثورة). لا بد أن غطرسة الشاه وثقته بقوته وظنه أن إيران فى عهده هى جزيرة الاستقرار فى المنطقة، كان لها أكبر الأثر فى نجاح الثورة، كما أن ثقته التى كانت فى غير محلها فى جهازه الأمنى «السافاك» كانت هى التربة الخصبة التى تحركت فوقها الثورة، وكان اغترار الرجل بأمريكا هو المسمار الأخير فى تابوت جنازته! ولأن «السياسة خداع» فقد مارس الرئيس الأمريكى كارتر عملية خداع الشاه على أعلى مستوى، إذ قال فى عام 1978 وهو يناصر الشاه: إن إيران هى جزيرة الاستقرار فى الشرق الأوسط المضطرب، فهل من بعد تصريحات كارتر هذه مكان للقلق؟! فى السياسة يجب أن يتحول جسدك كله إلى عيون، فلا أمان للدول العظمى، ولا أمان للأصدقاء والرفاق، ولكن بهلوى كان يجهل هذا، لذلك غفل عن الذى كان يجرى فى السر، ووضع فى بطنه «بطيخة أمريكانى». ومن الغريب أن فريق بريجنسكى كان ينفذ على قدم وساق وقت تصريحات كارتر المطمئنة للشاة خطة (why not?) التى كانت تستهدف الإطاحة بالشاه صاحب التاج من فوق الحافة واستبدال العمائم السوداء به. وحين لا تحسب حسابا لشعبك فإنك مغادر بلا شك، لذلك فإن أمريكا ومخابراتها لم يكن فى إمكانها التخلص من الشاه لو كان متحصنا بشعبه، لو كان عادلا وشريفا، ولكن الحكام فى معظم دولنا يتحصنون بأمنهم وجيشهم، ومن فوق هذا وذاك «أمهم أمريكا»، فإذا تآمر عليه جيشه وجهازه الأمنى، وتخلت عنه أمريكا، فإن الشعب الذى ضج منه سيخلعه كما يخلع الرجل خاتمه، لذلك أخذ موقف الشاه بهلوى يزداد سوءا بعد سوء قبل عام من الثورة حين سكت عن الفساد، وأصم أذنيه عن استقبال أصوات شعبه المطحون، ثم عمد إلى تغيير ببعض الوزراء من أصحاب الكفاءة والشعبية آخرين، كما كان الحال مع رئيس الوزراء عباس أمير هويدا، ليعين بدلا منه جمشيد أموزيجار الذى شغل من قبل مناصب وزارية متعددة، وحين وضع أموزيجار قدمه على رأس الوزارة اتبع سياسة تحويل الاستثمارات إلى الزراعة بعيدا عن الصناعة والتكنولوجيا المتطورة، وفوق ذلك كله اتخذ أموزيجار موقفا معاديا مستفزا تجاه رجال الدين الملالى، كأنه يريد إثارتهم وتحريك مشاعرهم ضد الشاه! وكان من سياساته الغريبة التى انتهجها هى وقف الأموال التى كان يدفعها النظام آنذاك إلى رجال الدين، وعلى ما يبدو كان أموزيجار مصمما على إدخال الشاه فى عش الدبابير! وبذلك خرج رجال الدين من كهوفهم وسراديبهم، وهجروا تحالفهم السرى مع الشاه الذى أخذ يناصبهم العداء من خلال رئيس وزرائه، وبهذا ضمنت المخابرات الأمريكية ومعها معهد تافيستوك البريطانى دخول رجال الدين إلى رقعة الثورة التى بدأت تزداد اتساعا، ولعل الصورة واضحة الآن، فرئيس الوزراء الجديد أموزيجار البهائى ذو الأصول اليهودية، الذى تلقى تعليمه فى أمريكا، والذى تخرج فى جامعة «كورنيل» بنيويورك، كان مبعوثا خفيا لتأجيج حالة الغضب ضد النظام، كانت تصرفاته الظاهرة تبدو للذى يرى الصورة الخارجية كأنه يدافع عن نظام سيده الشاه ضد «القوى الظلامية»، فى حين أن الصورة الخفية تختلف كثيرا فى تفاصيلها، ويبدو أن معهد تافيستوك «السلوكى»، كان بارعا فى توجيه أموزيجار لاتخاذ قرارات بعينها، من شأنها أن تزيد من حالة الغضب وتوسع من رقعته، وكان أسوء ما فعله أموزيجار ضد الشاه، وأفضل ما فعله لصالح الثورة، هو قيامه عام 1978 بإصدار أوامر للشرطة بالإغارة على منزل الزعيم الدينى «آية الله شريعتمدارى»، كان هذا الزعيم الدينى صاحب شعبية كبيرة، وهيمنة روحية على الشيعة، فقد كان مرجعا دانت له بالتبعية شيعة إيران والعراق ولبنان وباكستان والهند، فإذا بأموزيجار البهائى يوجه إهانة شديدة للشيعة باقتحام منزل رجل دين من طراز رفيع! كانت تصرفات أموزيجار دافعا كبيرا للثورة عن طريق إثارة سلوك المتدينين ودفعهم إلى الغضب، وكان أن أقال الشاه أموزيجار فى أغسطس عام 1978، إلا أن هذه الإقالة لم تساعد على تهدئة الشارع ولا تهدئة الملالى وتسكين ثائرتهم. كل ذلك كان مدعاة لتفجر السخط العارم، وقد بدا الشاه مع ذلك كأنه غير مبال بالبركان الذى ينشط على مقربة منه شيئا فشيئا، يكفيه اطمئنانا أن صديق طفولته حسين فردوست، هو الذى يدير جهاز المخابرات الإمبراطورية «السافاما» وقد كان قبلها وكيلا للجهاز الأمنى الخطير «السافاك» وفردوست رجل أمن من طراز رفيع، ومعه لا يمكن أن يخشى الشاه على ملكه، ولكن فى عالم السياسة لا ينبغى لحاكم أن يثق بصديق طفولته ثقة مطلقة، بل ينبغى أن يسير معه بعيون مفتوحة، فالقلب قُلَّب، والنفس قلابة، إلا أن الشاه لم يكن عارفا بعلوم النفس البشرية وخباياها، فظل على حاله يثق ثقة كاملة بجهاز السافاك، وجهاز السافاما، وكان ذلك هو أكبر أخطائه جميعا، ولا شك أن آلام الشاه كانت مضنية إلى حد كبير، لم يكن ألم الجسد الذى استشرت فيه الأورام السرطانية هو الذى يقض مضجعه ويسهر لياليه، ولكن ألم الخيانة هو الذى يدوم ولا ينقطع، تهون آلام الجسد أمام آلام النفس، فآلام الجسد مهما كانت تخدرها المسكنات، ولكن آلام النفس لا مُسكن لها. كان الخائن الآخر الذى اغتنم الفرصة وطعن الشاه هو صديقه بهبهايان، الذى كان يستثمر له أمواله فى أوروبا، كانت ثروة الشاه طائلة، وكان بهبهايان رجل تجارة حاذقا، وتابعا أمينا للشاه، ولكن هذا الصديق المخلص انتهك صاحبه، إذ بعد الثورة وفقا لشهادة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل قال للشاه: لقد ضاع من ثروتك سبعين مليون دولار، صرخ الشاه: ويلك، أين ذهبت؟ هل وقعت فى بلاعات المجارى! ولم يتلق الشاه إجابة فقد هرب صديقه بهبهايان وسكرتيرته وهو يحمل معه الملايين والمجوهرات، كأنه وقع على كنز «على بابا»، ولكننا لم نكن نعلم أن على بابا لص، نعم كان على بابا لصا ولكننا فرحنا بسرقاته لأنه كان يسرق من لصوص. هل التاريخ يكرر نفسه؟ لا أظن، ولكننا لا نعتبر من أخطاء السابقين فنقع فى مثل ما وقعوا فيه، فنكرر نحن التاريخ ولا يكرر هو نفسه، فى مسرحية «يوليوس قيصر» لشكسبير يقع قيصر مضرجا بدمائه من طعنات المتآمرين الذين دعوه إلى اجتماع فى مجلس الشيوخ، وكانت لحظة فارقة، ودهشة مذهلة أصيب بها قيصر عندما تقدم منه صديق عمره «بروتس» فيطعنه الطعنة القاتلة، تحشرج صوت يوليوس قيصر وهو ينظر بأسى وألم إلى صديق عمره، وأغمض عينيه حتى لا يرى الحقيقة وهو يقول: حتى أنت يا بروتس!! «Even you، Brutus» أراد بروتس أن يبرر لنفسه فعلته فقال: إنى أحبك ولكننى أحب روما أكثر، فارتسمت ابتسامة ساخرة على وجه قيصر الحزين وقال: إذن فليمت قيصر. ليس قيصر فقط هو الذى تعرض للخيانة، بل ظل البشر يكررون قصص الخيانة، ولا يزالون يكررون، فنظن أن التاريخ يُعيد نفسه، ولكننا نحن الذين نستعيده ولا يستعيد هو نفسه. ترى هل كان حسين فردوست صديق العمر للشاه هو بروتس العصر الحديث؟ ولد فردوست عام 1918 فى طهران من أسرة عريقة فى المجال العسكرى، إذ كان والده ضابطا فى قوات الدرك وكان هو مولعا منذ صغره بالعسكرية، وعندما حل عام 1925 التحق فردوست ابن السبع سنين بمدرسة «نظام» الابتدائية، وهى مدرسة كانت مخصصة لأبناء الصفوة، وفى العام نفسه التحق الطفل الصغير محمد رضا بذات المدرسة، ولأن الطفل الصغير رضا لم يكن له أصحاب، وكان والده قد أصبح إمبراطورا لإيران وأعطى لنفسه لقب «بهلوى»، وابن الإمبراطور ينبغى أن يكون له أصدقاء من أبناء «طبقة النبلاء والعسكريين الكبار»، فلذلك وقع الاختيار على الطفل حسين فردوست كى يكون صديقا لابن الإمبراطور، وكان من ضمن معايير اختيار فردوست لكى يكون صديقا لابن الإمبراطور أنه كان من أذكى تلاميذ المدرسة، ومنذ ذلك الحين أصبح فردوست صديقا لمحمد رضا ومخزنا لأسراره. ولأن لا شىء يبقى على حاله فى هذا العالم، والله سبحانه وتعالى يُغيّر ولا يتغير، جاء عام 1941 المؤلم للإمبراطور الأب رضا بهلوى، ففى هذا العام دخلت قوات الحلفاء إلى إيران فقامت هذه القوات بنفى الإمبراطور رضا خان بهلوى من البلاد، وحولت مسؤولية الجيش إلى الابن محمد رضا بهلوى، الذى قام بتشكيل لجنة عسكرية عليا لدراسة تقدم الحلفاء، وكان من الطبيعى أن يكون فردوست الصديق الصدوق لمحمد رضا عضوا رئيسيا فى هذه اللجنة العليا. كان نفى الإمبراطور مقدمة لخلعه من الحكم وتولية ابنه الشاب الصغير، وحدث هذا بالفعل، وأصبح الابن محمد رضا إمبراطورا لإيران، وحين نظر الإمبراطور حوله وقع فى حيرة، بمن يستعين؟ وعلى من يستند فى رحلة الحكم؟ إلا أن حيرته لم تدم طويلا، فقد كان برفقته الصديق المخلص حسين فردوست فكان أن جعله مديرا لمكتبه ومستشارا له وأنيسا لوحدته، ولم يخيب فردوست ظن الشاه الجديد فاضطلع بدور كبير فى رفع معنوياته ودعم نفسيته، ثم ارتقى لدور أكبر من ذلك فكان أن أصبح بين ليلة أو ضحاها همزة وصل بين الشاه قليل الخبرات وبين البريطانيين. ولم يمر عام على تولية الشاه الشاب الجديد حتى قام فردوست بتأسيس الحرس الملكى لحماية الشاه وقصوره، ومع مهام حراسة الشاه وقصوره وحكمه كله وضح أن ثقة الشاه بفردوست أصبحت متنامية فوصلت إلى مدى لا سقف له، وكان من ناتج هذه الثقة أن أسند له الشاة ملفات أخرى فأصبح ممثلا له إبان حركة تأميم النفط، وبعد انقلاب عام 1953 أدرك الشاه بتوصية من بريطانيا أن تأسيس جهاز أمنى سرى سياسى له أهمية قصوى للحفاظ على حكمه، فكان فردوست هو أحد الكبار الذين قاموا بتأسيس «السافاك»، وتلقى من أجل ذلك هو وآخرون تدريبات مكثفة فى المخابرات البريطانية، ومن وقتها أصبح فردوست وكيلا لـ«السافاك» وأصبحت المخابرات البريطانية هى المشرفة المباشرة على «السافاك»، وعندما استشعر الشاه أن الأمور فى إيران سريعة التأزم ففكر ودبر، ثم طلب من صديق عمره فردوست أن ينشئ جهازا مخابراتيا تكون سلطاته أعلى من «السافاك» نفسه، على أن تكون مهمته الرئيسية التجسس على الملالى والطبقات العليا فى المجتمع بكل أشكالها السياسية، فأنشأ فردوست جهاز السافاما، الذى كان بمثابة السياج الأمين للشاه، كان هذا الجهاز هو أعلى قمة الهرم الإدارى لجميع المؤسسات الأمنية والمخابراتية فى البلاد بما فى ذلك «السافاك»، لذلك كان «السافاما» هو عين وأذن محمد رضا بهلوى. ولكن من الذى قال إن حسين فردوست كان بروتس الذى طعن قيصر العصر الحديث محمد رضا بهلوى؟ أدرك الشاه متأخرا الدور الذى قام به صديقه فردوست فى تأجيج الثورة، عرف متأخرا أن فردوست كان يؤلب عليه كبار ضباط الجيش والمخابرات، وكان يقول لبعض من يثق بهم من تلك القيادات «لقد قرر الأمريكان التخلص من الشاه، علينا أن ننجو بأنفسنا، أتراك تلحق بنا؟». أدرك الشاه وأخته الأميرة «أشرف» بعد قيام الثورة أن الجنرال فردوست كان هو الخائن الأكبر، كان هو يهوذا الذى سلمهم لثورة الخمينى، وقد ذكرت الأميرة أشرف فى كتابها «وجوه فى المرآة»، الذى سجلت فيه أحداث الثورة وأسبابها: أن المساجد قبيل الثورة مباشرة كانت هى المسرب الذى تخرج منه المظاهرات المناوئة للشاه، ثم أضافت الأميرة أشرف وهى تبدى تعجبها: «الغريب أن (السافاك)، وهو البوليس السرى الذى يعمل لمصلحة الشاه، والمفترض أن يكون المصدر المخابراتى الذى على دراية ومعرفة بكل شىء، فضلا عن (السافاما)، الذى كان تحت قيادة مباشرة من فردوست لم يعد أى منهما تقارير عن المدى والأسلوب الذى اتبعه الملالى فى استغلال المنابر لتقويض العرش، وكان فردوست هو القناة التى تصل من خلالها المعلومات الحيوية العليا إلى أخى، وإننى على قناعة بأن فردوست كان يخفى معلومات حيوية على الشاه، وأنه إلى ذلك كان يجرى مداولات مكثفة مع الخمينى خلال السنوات الأخيرة للنظام». سقط الشاه، خرج من الرقعة، ومن سقوطه عرفنا أنه كان مجرد قطعة يحركها لاعب خارجى، وإذ خرج الشاه من اللعبة كان لا بد أن يدخل «الفيل صاحب اللحية» بدلا منه ليحركه أيضا ذات اللاعب ولكن بطريقة مختلفة، ففى كل حين تتغير قواعد اللعبة وقوانينها، ومن لا يدرك تلك القواعد لا بد أن يخرج، وقد يخرج حتى ولو كان مدركا ما دام دوره الذى كان يؤديه قد انتهى. لم يكن فردوست وحده هو أداة أمريكا والمخابرات البريطانية فى تنفيذ خطة «بريجنسكى»، فقد عرف الشاه وشقيقته القوية الأميرة أشرف أن بلاط الحكم كان قد امتلأ عن آخره بنسخ متكررة من بروتس، أو يهوذا، ولم يكن فى طوق الإمبراطور أن يتجنب طعناتهم، حتى بهبهايان الصديق الذى كان يستثمر الأموال كان أحد الطاعنين، إذن فليمت القيصر رضا بهلوى. فى ليلة مظلمة بينما الشاه فى منفاه ببنما، أخبره أحد الأصدقاء بأن محكمة أمريكية قد تم استدعاؤها ليلا على عجل لتحكم بتسليم الشاه للخمينى كى تساومه أمريكا على قضية الرهائن، تحير الشاه، كيف يتصرف؟! هو الآن فى بيت عتيق سمحت له به أمريكا، وبنما حليف تابع للأمريكان «الصديق الغادر» ألا يوجد صديق وفىّ فى هذا العالم؟! برق فى ذهنه خاطر، هناك أنور السادات رئيس مصر، هو رجل وفىّ وصديق مخلص، وله أخلاقيات نادرة فى هذا الزمن، أظنه لن يتوانى عن مساعدتى. توجه الشاه وأسرته إلى المطار فورا، وركب الطائرة إلى القاهرة بعد أن كان قد اتصل بالسادات، وفى المطار التقى السادات وبكى فى حضنه وهو يقول: هل تصدق أن أمريكا كانت تعتبرنى خازوقا، لقد عرفت هذا فى الطائرة التى أقلتنى إلى هنا، حيث أطلقوا على طريقة خروجى من إيران بعملية خروج الخازوق (من مقال لهيكل). دخل الشاه مستشفى المعادى، وخصص له السادات قصر القبة الرئاسى ليقيم فيه وأسرته، ولكن القدر لم يمهله ليرى ما الذى سيحدث فى بلاده، كان عمره قد انتهى فى الموعد والطريقة التى حددها الله سبحانه وتعالى، وكان الفيل الأسود صاحب اللحية والعمامة قد دخل إلى الرقعة، ليحركه اللاعب الخارجى بالطريقة التى يشاء، وليثير أشد القلاقل فى الخليج العربى، وليجعل القوس الخليجى فى احتياج دائم لشرطى العالم الذى لا يتحرك إلا بالوقود والمال، ليحميه من بلطجى المنطقة الذى يرفع راية «الشيعة»، فتقع قلوب العالم السنى ومركزه المملكة العربية السعودية خوفا من حيل الشيعة ودهائهم ورغبتهم العارمة فى تشييع أهل السنة، وفى الخليج أدرك أهلها أن الجيش الأمريكى سيتخذ الخمينى ذريعة لتوسيع وجوده فى المنطقة، ولكن ما قيمة الإدراك وقواعد اللعبة لا تحفل بالشعوب ولا الحكومات، ما قيمة الإدراك وخريطة العالم لا تهتم إلا بالقوى، فالرأى رأى القاهر الغلاب كما قال أبو القاسم الشابى فى قصيدته الرائعة «فلسفة الثعبان المقدس»، التى قال فيها: لا رأى للحق الضعيف ولا صدى *** والرَّأى رأى القاهر الغلاب كان تنصيب الخمينى والملالى على إيران بمثابة أنبوبة اختبار، كان فى أفكارهم أن الخمينى سيؤدى إلى تفسخ الشرق الأوسط بأكمله، ومن بعده يأتى الإخوان فى مصر ودول ثورات الربيع من السجن إلى القصر، فتستحيل المنطقة إلى حلبة مصارعة حرة دموية، فإذا ما تم لهم ذلك كان من السهل على الثعبان المقدس أن يبتلع الشحرور المغرد. |
رد: التحايل "الاخوانى"!!
أئمة الشر.. الإخوان والشيعة
الجماعة تريد «خلافة إخوانية» وليس خلافة إسلامية تستند إلى المنهج النبوى http://tahrirnews.com/images/Section...ئمة%20الشر.jpg رحلة وصول الإخوان إلى الحكم بدأت بفكرة خطرت على بال مدير المستعمرات البريطانى عام 1920 الجماعة كانت فى قبضة المخابرات البريطانية التى كانت تحركها كقطعة شطرنج لماذا قرر البنا أن يعمل فى مدينة الإسماعيلية التى كانت مقرًّا لشركة قناة السويس وإدارتها الأجنبية؟ قبل أن أدخل إلى قلب جماعة الإخوان، وبعد أن دخلت، وإلى اللحظة التى أكتب فيها هذه الكلمات، وحلم الخلافة واستعادتها هو الذى يسيطر على قلب الجماعة، عشنا فى هذا الحلم وانغمسنا فيه حتى النخاع، رسمنا فى ضمائرنا صورة وردية له، ما أجمل هذه الصورة وما أبهاها، أمن الممكن أن يتحول الحلم إلى حقيقة؟ الحلم الذى استولى على قلبى وقت أن كنت صغيرا وأنا أحث الخطى للدخول إلى تلك الجماعة هو أن ننشأ خلافة مثل الخلافة الراشدة، لكن أحيانا تكون أحلام الصغار كبيرة، وأحلام الكبار صغيرة، أحلام الصغار غالبا طاهرة خالية من المنافع والمصالح والدنيا، ممتدة بلا حدود، لا تعرف المستحيل، فهم فى سنهم هذه فى أوج العاطفة الدينية البريئة، أما أحلام الكبار سدنة المعبد ففيها مآرب أخرى، ولكى يستمر ركب الصغار فى مسيرتهم وراء السدنة يجب أن يظلوا على حلمهم الوردى، لا تبديل له، لذلك يظل الكبار على تصدير ذلك الحلم بصورته النقية إلى الأذهان وإلا انفض الجمع من حولهم. وبعد سنوات وحين يكبر الصغير أو يقترب من دائرة الكبار يجد أن الأمور كانت مختلفة، ويكتشف أنه كان يعيش فى حلمه الخاص، أسطورته الذاتية، وأن السدنة لهم رؤية أخرى وعالم آخر ليس من السهل أن يلج فيه الصغار، فإذا كبروا ذات يوم ودخلوا عرفوا، وإذا عرفوا إما أن يقبلوا الواقع الذى كانوا يجهلونه، وإما أن يتمردوا عليه، فإذا تمردوا عاشوا زمنا على وهم أن يكون حلمهم هو حلم الجماعة كلها بصغارها وكبارها، لكن ذات يوم يطولهم اليأس. الحقيقة التى تظل مخفية زمنا هى أنهم لا يريدون خلافة إسلامية، لكنهم يريدون خلافة إخوانية، الخلافة التى يريدها كبار الإخوان هى خلافة على شكل الخلافة الأولى ورسمها، دون أن تكون على منهاج النبوة، ويا لها من مسافة شاسعة، تلك التى بين الشكل والمنهج. لم تكن عقولنا حين كنا صغارا قد استوت على سوقها ونضجت، فلم نر إلا حلمنا ولم نر العالم كله، لم ندرك أن الواقع الآن غير واقع العصور الأولى، والأحكام تتغير بتغير الزمان، وشكل أنظمة الحكم فى العالم فى زمن الخلافة يختلف عن شكل أنظمة الحكم فى واقعنا، فإن كان لا ضير من أن ننشد توحدا للأمة «واعتصموا بحبل الله جميعا» إلا أن هذا الاعتصام ينبغى أن يكون أول ما يكون فى مقاصد الشريعة، فكيف تعود الخلافة على شكل الخلافة الأولى وهى تخاصمها فى العدل والمساواة والحرية، ستكون آنذاك كبيت العنكبوت، أو ستصبح «خلافة ضرارا» كمسجد الضرار، ستعود بنا إلى خلافة «الرجل المريض». ولأننا وقعنا تحت دائرة استخدام المصطلحات فى غير موضعها، فقد أطلقنا عبر تاريخنا مسمى الخلافة على شىء آخر لا علاقة له بالخلافة، الخلافة فقط كانت هى الخلافة الراشدة، وانتهت بقتل سيدنا على رضى الله عنه، أما ما جاء فى واقع الأمة بعد ذلك فلم يكن خلافة، لم يكن خلافة، لم يكن خلافة، ولكنه كان «حُكم أسَر» حيث حكمت الأسرة الأموية ثم العباسية، وكتبت نهاية حكم الأسر على يد الأسرة العثمانية، ولكننا كنا نطلق عبر تاريخنا على حكم الأسر هذا، دولة الخلافة!! لذلك فإن حلم السدنة هو أن ننشئ حكم «الأسرة الإخوانية» التى ستكون استعادة لا للخلافة الراشدة، ولكن لحكم الأسر التى حكمت تحت راية الخلافة، ولكى نكون أسرة ونحن لا يجمعنا أصل واحد فيجب أن تكون هناك رابطة تجمعنا، ولتكن رابطة الإخوة فى الله، وما أعظمها من رابطة، وللإخوة فى الله أحكام، لذلك فإن البناء القاعدى الأدنى فى الجماعة هو «الأسرة» فنعيش ردحا من الزمن على أننا فعلا أخوة، وأننا فى أسرة هى أقرب إلينا من حبل الوريد، أخى فى الأسرة أفضل عندى من أخى فى الدم ولكن أخوة الإخوان لا تدوم لأنها فى حقيقتها ليست أخوة فى الله، ولكن فى التنظيم، بحيث إذا خرج واحد من التنظيم خرج من دائرة الأخوة. عندما نشأت جماعة الإخوان عام 1928 كان حكم الأسرة العثمانية قد انقضى، إذ كان مصطفى أتاتورك قد فصم عراها، وساعده فى ذلك الضعف الذى اعترى الدولة العثمانية، وحين أنشأ حسن البنا الجماعة وضع لها «خارطة طريق» تغيرت الدنيا ولم تتغير الخارطة، زالت دول وقامت حروب عالمية وظهرت دول جديدة تسيدت العالم ونشأت «عصبة الأمم» ومن بعدها «الأمم المتحدة» وظهرت منظمات اتحادية كجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامى، ولم يتطور فكر الإخوان المسلمين، لا يزالون يتحدثون عن دولة الخلافة التى ستصل إلى أستاذية العالم، يصنعون منها كعبة، وما كانت كعبة ولكنها هى «الوعاء الإنسانى والمجتمعى» الذى من شأنه إقامة معانى الإسلام ومقاصده، بدِّلوا الوعاء وغيروا شكله كما شاء لكم الاجتهاد ولكن لا تهدموا المقاصد من أجل الأوعية، فما قيمة الوعاء إذا كان خاليا إلا أن تتزين به الموائد. وعاء الإخوان الخالى احتوى فى داخله اسم المُنتَج، لا تظن أن المُنتَج هو «نبحث عن حكم من أجل إقامة الدين واستعادة الخلافة»؟ ولكنه كان ولا يزال «نرفع شعار الدين والخلافة من أجل الحكم»؟ لذلك فإن رحلتهم لم تكن من أجل الدين والخلافة الإسلامية الراشدة أبدا، لكنها كانت من أجل الحكم وإقامة الخلافة الإخوانية، وفارق كبير بين هذا وذاك، وذات يوم وصلوا إلى الحكم! رحلة الوصول للحكم لم تكن سهلة ولا هينة، بل كانت طويلة وشاقة، وأشهد أن الجماعة كانت دؤوبة، لم تتوان عن استخدام كل الطرق من أجل مبتغاها، ولكنها فى كل مرة قبل أن تصل إلى القمة إذ بصخرة الحكم تنزلق من على ظهرها إلى أسفل الجبل، فتهبط هبوطا اضطراريا لتحمل الصخرة مرة أخرى وتصعد إلى قمة الجبل، وقبل أن تضع صخرة الحكم فى موضعها وتجلس متكأة عليها تعود الصخرة للانزلاق، تمام مثل سيزيف فى الأسطورة الإغريقية، ولكن سيزيف ظل فى عذابه هذا إلى الأبد بسبب غضب آلهته منه، بينما آلهة الإخوان أخذت موقفا مختلفا ورضيت عنهم فمهدت لهم الطريق ليكونوا على رأس الدولة المصرية وبعض الدول العربية المحددة. كانت رحلة الوصول للحكم التى قطعها الإخوان مكلفة لا شك فى ذلك، ولكنها أيضا كانت بمثابة فترة اختبار، فقد وضعتهم آلهتهم سنوات طويلة تحت اختبارات عديدة، وفى كل مرة كانت علاماتهم أقل من المتوسط، ولكنهم كانوا يكتسبون خبرات عديدة مرة بعد الأخرى، إلى أن حان الحين، ولكن هل كانت بداية الإخوان حقيقة قد بدأت عام 1928 أم أن البداية كانت قد بدأت سرا فى مكان ما؟. ذات يوم من الأيام الأولى من عام 1920 طرأت فكرة على خاطر ألفرد ملنر، مدير المستعمرات البريطانى، كان هذا الرجل شخصية محورية فى بريطانية، وكان قد عمل فى مصر فى نهاية القرن التاسع عشر مساعدا لوزير المالية الذى كان وقتها إنجليزيا، استمر ملنر فى مصر أربع سنوات كاملة أصبح خلالها عارفا بخريطة مصر الجغرافية والسياسية، وحين قامت الثورة المصرية الأولى عام 1919 تُطالب بالاستقلال، رأت إنجلترا أن ترسل هذا الرجل الذى كانت له مكانة سياسية كبيرة هناك إلى مصر على رأس وفد إنجليزى كى يدرس أسباب الثورة وكيفية تجنبها، هبط ملنر وهو يرتدى بزته الإنجليزية الأنيقة من سفينته إلى أرض مصر كى يقوم بمهمته هذه فى ديسمبر من عام 1919، وظل بها إلى آخر مارس 1920، تقابل خلالها مع عدد محدود من القيادات التنفيذية والسياسية فى مصر، كان منهم عدلى يكن باشا رئيس الوزراء، إذ أن سعد زغلول أرسل من منفاه إلى كل القيادات السياسية فى مصر طالبا منهم أن يقاطعوا لجنة ملنر، المقاطعة هى الحل، يجب أن ينقطع كل الشعب عن مقابلة هذا الرجل حتى نـُجبر الإنجليز على إعادة سعد زغلول من منفاه، لا تفاوض إلا مع سعد، كل من كان يقابله ملنر كان يقول له: اسأل سعد، سعد هو من يمثلنا، وحين ظن بعض الساسة والمؤرخين أن لجنة ملنر قد باءت بالفشل الذريع، كان ملنر قد حقق نجاحا مدويا إذ كان المثل القائل «كل الطرق تؤدى إلى روما» هو خط سيره فى مصر. حينما كان ملنر فى مصر جلس مع اللورد اللنبى المندوب السامى البريطانى، وتداولا، وتشعب بهما الحديث، ويبدو أن الفكرة اختمرت فى ذهنيهما آنذاك «فليكن لهما الاستقلال الذى يريدون» ولكننا سنخفى أمرا!!. عاد ملنر إلى بريطانيا، وتقابل مع رئيس الوزراء ديفيد لويد جورج وأفضى إليه بما حدث له فى مصر من إعراض، وأسرّ له بالفكرة التى اعتملت فى ذهنه بعدما التقى اللنبى وعندما خرج من مقابلة رئيس الوزراء أجرت معه جريدة «مانشستر جارديان» حوارا قصيرا، قال فيه: «إنه لا يمانع من منح مصر الاستقلال بشرط عدم تعريض مصالح بريطانيا للخطر» ثم أضاف: «إن اللورد اللنبى وافقنى على رأيى حتى ولو كنا سنمنح مصر استقلالا كاملا فإن هذا لا يضيرنا فى شىء». سألته الصحيفة: وما خطتكم فى الحفاظ على مصالح بريطانيا؟ أجاب: تكمن خطورة المصريين فى وحدتهم، ولذلك كانت ثورة سعد زغلول ورفاقه قوية لأن مصر أصبحت الكل فى واحد، هم يريدون بناء دولة حديثة لها استقلال كامل، وليكن، ولكننا لن ندعهم يكررون الكل فى واحد. قالت الصحيفة: كيف؟ رد ملنر: هناك من قال إن الدين أفيون، ولكننى أؤكد أن الدين قنبلة. الصحيفة: لم نفهم شيئا من إجابتك سيدى! ملنر: ملكوت الله فى السماء هكذا نعرف، وملكوت الناس فى الأرض، فلننزل لهم الرب ليحكم الأرض، ولكنه سيفرقهم. الصحيفة: هذا كلام فلسفى لكننا لا نفهم منه شيئا، كيف ستنزل لهم الرب من السماء؟ وماذا سيفعل لهم الرب؟ وهل الرب يعمل لمصلحة الملك؟ ملنر: لا أستطيع الإيضاح أكثر من ذلك، ولكن ليعلم الجميع أن الرب يعمل لمصلحة بريطانيا، وسيكون له دور فى استمرار وصايتنا على مصر حتى ولو حصلت على استقلال كامل. انتهى كلام ألفرد ملنر لصحيفة «مانشستر جارديان»، وقد أخرج صحفى اسمه جورج هيلر هذا الحوار فى كتاب طبعة 1932اسمه «بريطانيا والعالم» تحدث فيه عن سياسة بريطانيا فى مستعمراتها ومنها سياسة بريطانيا تجاه المملكة المصرية. الآن نستطيع إكمال المعلومات استقرائيا، فكما فى عالم كرة القدم مهنة قديمة اسمها «الكشاف» يقوم فيها هذا الكشاف بالترحال فى البلاد للبحث عن شاب صغير موهوب فى لعبة الكرة، فهناك فى عالم السياسة والمؤامرات والمخابرات كشاف يجوب العالم للبحث عن موهوب ينفذ خطة المدرب الأجنبى. الآن نستطيع الإجابة عن الأسئلة التى أوردها البنا فى مذكراته ولم نجد لها إجابة منطقية من قبل، وتلك الأسئلة التى ظلت تبحث عن إجابة: 1ـ لماذا قرر البنا عدم إكمال تعليمه العالى رغم تفوقه وقرر العمل بالتدريس بشهادته المتوسطة التى لا تبيح له إلا العمل كمدرس للخط العربى؟. 2ـ لماذا قرر البنا أن يعمل فى مدينة الإسماعيلية التى كانت مقرا لشركة قناة السويس وإدارتها الأجنبية؟ ولماذا فضل أن يبتعد عن أهله ومدينته أو حتى مدينة القاهرة التى كانت طموح الريفيين من أصحاب الهمم العالية والرغبة فى البذوخ؟. 3ـ من الذى وجهه لهذا الاختيار؟ 4ـ لماذا تبرعت الإدارة الأجنبية لشركة قناة السويس لحسن البنا بمبلغ خمسمئة جنيه وهو مبلغ ضخم بمعايير العشرينيات؟ ولماذا اعترض البنا على قلة قيمة هذا التبرع؟ رغم ضخامته! ولنعد إلى ثورة 1919 وما تلاها لنعرف كيف فكر ملنر، ولماذا وافقه رئيس الوزراء ديفيد لويد جورج. كانت مصر قد بدأت تأخذ خطواتها فى طريق المدنية الحديثة، وتعالت الأصوات من رجالها تطالب بالاستقلال الكامل، وخرجت النساء لأول مرة فى تاريخ مصر فى مظاهرات تشارك فيها الرجال فى المطالبة بالاستقلال ذلك الحلم المنشود لمصر، وها هو الشاعر الكبير حافظ إبراهيم يكتب قصيدته الشهيرة عن ثورة النساء: خرج الغوانى يحتججن... ورحت أرقب جمعهن كانت كل مصر وكأنها قد تجمعت على قلب واحد يقول: إن مصر دولة ذات حضارة ضاربة فى أعماق التاريخ، ولا ينبغى أبدا أن تظل رهينة فى يد الاحتلال، حتى ولو كانت إنجلترا أمبراطورية عظمى فإن مصر بتاريخها وعمقها الحضارى أعظم، لكن موازين القوة لا تعترف بالماضى، هى تعرف الحاضر فقط. ومع الرغبة الجارفة فى الاستقلال عن إنجلترا كانت هناك رغبة أخرى كامنة فى الضمير المصرى بالاستقلال عن الدولة العثمانية، لكن كان هناك أنصار للدولة العثمانية باعتبارها دولة خلافة إسلامية، والإسلام هو الحل، والخلافة فريضة. انتهت فاعليات الثورة وقبلت الحكومة البريطانية آراء ملنر، وأصدرت الحكومة البريطانية تصريح 28 فبراير 1922، الذى أعلن من طرف واحد استقلال مصر، إذ لم يكن هناك فى مصر وقتها من وافق على توقيع معاهدة مع الإنجليز. نزل هذا التصريح على قلب السلطان فؤاد بردا وسلاما، الآن يستطيع أن يتخذ لنفسه لقب «جلالة الملك» ويصبح كجورج الخامس ملك إنجلترا، فليس وحده هو الملك ولكن فؤاد أيضا كذلك، وفى 31 مارس 1923 خرجت أنفاس المصريين من صدورهم وهى تحمل زفير الفرحة، فقد تم فى هذا اليوم الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، فسافر سعد إلى فرنسا، ثم سُمح له بالعودة إلى مصر فعاد فى 18 سبتمبر 1923، وخرج المصريون فى كل المدن والقرى يغنون أغنية سيد درويش التى لحنها احتفالا بعودة سعد ولكنه قد مات قبل عودة سعد بثلاثة أيام وهى «سالمة يا سلامة رحتى وجيتى بالسلامة». وسط هذه الأحداث صدر دستور 1923، ووضح فيه أن مصر أخذت طريقها لبناء دولتها الدستورية الحديثة، انحاز الدستور إلى دولة يتم تنظيم مؤسساتها على النسق العالمى الحديث، لها جهات تشريعية تملك الحق فى التشريع لنفسها وإصدار القوانين، لها سلطة قضائية، تراقب تطبيق القانون وتعمل على تنفيذه على الوجه الصحيح، ولها سلطة تنفيذية تضبط كل ما يتعلق بإدارة البلاد، مصر الحديثة فى هذا الدستور قوميتها عربية. وفى عام 1925 خرج للوجود كتاب فَجّرَ مصر من الداخل، هو كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للشيخ على عبد الرازق، أثار الكتاب ضجة كبرى فى مصر والعالم العربى كله، حيث جاء فيه «إن الإسلام لم يضع لنا شكلا للحكم، ولم تكن الخلافة فريضة ولكنها كانت تناسب عصرها فقط.... ليس المهم عندنا شكل الحكم ولكن المهم هو أن يحقق نظام الحكم الذى نتخيره مقاصد الشريعة» كانت الطامة الكبرى عند البعض أن الشيخ على عبد الرازق تطرق للخلافة، ونفى فرضيتها أو فريضتها، فقام الأزهر الشريف بسحب شهادة العالمية منه عقابا له على رأيه، وكتب عشرات الكتاب منذ ذلك الحين إلى وقتنا هذا عشرات الكتب التى تحاول تفنيد رأى على عبد الرازق، وكتب العشرات أيضا كتبا تؤيده فى ما ذهب إليه. وضح من هذه المعركة أن مصر انقسمت فعلا إلى فريقين، فريق يقول: إن الخلافة فريضة، وهى فريضة حتمية، ولا خيار لنا فيها ولا حق لنا فى تبديلها ويجب أن تكون على شكل الخلافة الراشدة، وهى خلافة ممتدة لا حدود لها ولا أرض ولا وطن إذ المستهدف منها الوصول إلى غاية واحدة هى السيطرة على العالم كله، فحيثما كانت أى أرض يصدح فيها الآذان فهى تابعة للخلافة الإسلامية، لا فرق بين عربى ولا أعجمى، وطننا فى السماء، وطننا هو لا إله إلا الله، ولا عبرة بالأرض ولا الحدود، وكان هذا الفريق يقوده كبار علماء الدين مع بعض الوزراء والشخصيات العامة التابعة للملك فؤاد الأول الذى كان طامحا فى الخلافة بعد أن انقضت الدولة العثمانية. أما الفريق الآخر فيقول: «ليس هناك شكل للحكم، ونحن نعيش فى وطن عربى له أصول فرعونية، نستمد عاداتنا وتقاليدنا من تاريخنا ومجتمعنا، ولنا الحق فى أن ننشئ لأنفسنا نظام الحكم الذى يتوافق مع مصالحنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال «أنتم أعلم بشؤون دنياكم» وهذه هى دنيانا، لنا أن نضيف لها ما يتناسب مع العصر، ولسنا تابعين ولا ينبغى أن نكون تابعين لدولة أخرى تحت أى مسمى، بلادنا ليست فى السماء ولكنها فى الأرض ذات الحدود المعروفة لنا، والتى ندب عليها بأقدامنا، ندافع عنها بأرواحنا، أما موعدنا فى السماء فسيكون بعد الدنيا. انشغلت مصر سنوات بهذا الصراع وما زالت وبعد سنوات قليلة من احتدام هذا الصراع، ومن اتجاه جمهرة من المتدينين بالفطرة والعاطفة إلى «وجوب دولة الخلافة» ظهر شاب درعمى صغير فى طور الشباب الأول، ولد فى مدينة المحمودية، وسافر إلى مدينة الإسماعيلية البعيدة عن مدينته، ليعمل بها مدرسا وفقا لرغبته واختياره، وهناك حيث مجتمع يضم الموظفين الإنجليز والفرنسيين الذين يعملون فى شركة قناة السويس، ويضم أيضا أغلبية مصرية من الحرفيين وصغار التجار وصغار الموظفين، فى هذه البقعة المتنوعة يعلن الشاب الذى كان فى بداية العقد الثالث من عمره إنشاء جماعة دينية اسمها جماعة الإخوان المسلمين، هدفها الأسمى هو «استعادة دولة الخلافة» لا تعترف بالوطن الذى نعترف به، وتريد أن يكون وطنها هو الدين، وليس الطين، لم تكن هذه الجماعة بعيدة عن يد المخابرات البريطانية، بل كانت فى قبضتها وملك يمينها، كانت كقطعة من قطع الشطرنج تحركها يد اللاعب، ليس هذا الكلام من عندياتى ولكنه كلام «كيرتس الرهيب»! |
رد: التحايل "الاخوانى"!!
عندما اتى رجب طيب اردوغان الى مصر استقبله شباب الاخوان والسلفيين بالورود والطبول فى الطريق من مطار القاهرة ورفعوا لافتات تقول ( مرحبا خليفة المسلمين ) وفى اول كلمة القاها قال فيها ان العلمانية هى سر تقدم تركيا فهاجموه وقالوا له لا مرحبا بك ؛
وعندما اتى مهاتير محمد بالامس حدثهم عن تعدد الاجناس وتعدد الديانات فى ماليزيا وان المساواة والشراكة فى الوطن هى طريق النهضة وان صندوق النقد يفرض شروطا رفضتها ماليزيا وان مشروع الصكوك المالية مشروع فاشل ؛ فهل يستمعون ام يستكبرون !! |
الساعة الآن 05:02 AM. |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
www.MasrMotors.com ™ Copyright ©2008 - 2025
Egyptian Automotive Community
جميع الحقوق محفوظة - مصرموتورز 2008 - 2017