مصر موتورز مجتمع السيارات - مخطط تصفيه الثوره ,,

الدعاية الدينية

نواره نجم

استخدام ما يحلو لك من شعار فى الحملات الانتخابية بهدف التأثير على الناخب حق من حقوقك الديمقراطية والسياسية، لكننى لا أظن أن مجلس الشورى أجاز استخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية، احترامًا لحقوق الإنسان السياسية والديمقراطية، إنما جاءت موافقة مجلس الشورى على ذلك القرار، لأن الأغلبية فى مجلس الشعب تنتمى إلى تيارات الإسلام السياسى.
لو أننا تناولنا الأمر من منطلق أخلاقى بحت، فإنه من حقك أن تستخدم ما يحلو لك من شعارات وشارات، حتى وإن أردت أن تضع شارة النازية أو الصهيونية، لأن ذلك هو حقك الطبيعى فى ممارسة حرية الرأى والتعبير، طالما أنك لا تستخدم خطابًا تحريضيًّا قد تنتج عنه جريمة قتل، ويختلف مفهوم التحريض باختلاف ثقافة المجتمعات، فلو أنك فى مجتمع يحترم حرية العقيدة، فإن اتهام خصومك بالكفر، لا يعد خطابًا تحريضيًّا، لأن ذاك الاتهام لن ينتج عنه أى ضرر مادى أو معنوى لخصمك، أما فى المجتمعات التى تعتبر أن قتل الكافر جهاد فى سبيل الله، فإن اتهامًا كهذا يعد تحريضًا مباشرًا على القتل. كما أنه من حقك محاولة التأثير على الناخب بكل الوسائل والطرق، طالما أنك لا تُكره الناخب إكراهًا ماديًّا أو معنويًّا، ومن حقك الاستعانة بما تشاء من تمويل لأى جهة كانت، طالما أنها جهة مشروعة ومعروفة، ومن حق الجهات المشروعة والمعروفة أن تمول مرشحًا معينًا تراه سيخدم مصالحها. لكن الإنسان الذى يعانى من ضغوطات غير إنسانية قد تجبره على الموافقة على ما لا يرضاه اضطرارا، لأنه يحتاج إلى تحصيل حق من حقوق المواطنة أو الإنسان لا يعد إنسانًا حرًّا. بقول آخر، فى مجتمعات تعانى من الفقر الذى وصل إلى حد بحث البعض عن طعامه فى المزابل، فإنه من الانحطاط الأخلاقى والإنسانى أن تستغل ظرفه المزرى ليعطيك صوته فى الانتخابات، لا أقول إن توزيع الزيت والسكر على من يحتاجه يعد انحطاطًا أخلاقيًّا وإنسانيًّا وسياسيًّا فحسب، بل إن استغلال هذا الظرف البائس بمداعبة المشاعر الدينية المتصلة بالضرورة بحالته الاقتصادية يعد أيضا انحطاطًا أخلاقيًّا.
فى دولة كمصر، يسمح القانون للنائب العام بترويع المواطن، وضبطه وإحضاره، واختراق حرمه، واستباحة ماله، لأنه قال مزحة مفادها: ممكن نعمل صلاة الجمعة يوم الأحد؟ فهل يمكن أن تستخدم الشارات الدينية مع ضمان أمان خصومك السياسيين؟ لو أن هناك مناظرة بين أحد مرشحى الجماعة وبين خصومه السياسيين، وقال أحد مرشحى الجماعة: الإسلام هو الحل، فأجاب الخصم: اللى انت بتقوله ده كلام فارغ، وشرع فى شرح وجهة نظره، هل سيتركه مرشح الجماعة يكمل حديثه أم سيقدم فيه بلاغًا كالذى قُدم فى باسم يوسف يتهمه بازدراء الدين الإسلامى؟ فى مجتمع يتطوع فيه من لا يعرف القراءة والكتابة لقتل أحد الكتاب، لأن شيخًا قال عنه إنه كافر، هل يضمن استخدام الشعارات الدينية فى الحملات الانتخابية سلامة حياة خصوم من يستخدمون تلك الشعارات؟ هتاف شهير جدا فى كل المظاهرات التى تخرج ضد الإخوان: «أنا مش كافر، أنا مش ملحد.. يسقط يسقط حكم المرشد». وكأن من يعارض حكم الجماعة أصبح بالضرورة مطالبا بإثبات إيمانه، وناهيك بعدم مشروعية مناقشة إيمان ودين الإنسان بالإيجاب أو السلب، فإن استخدام الجماعة الشعارات الدينية وضع كل من يعارضها سياسيًّا فى موضع المتهم فى دينه، مع أن الشهادة لله، وإن جيت للحق، مافيش حد متهم فى دينه قد الجماعة. إذن، فدون أن يشعر المعارضون للجماعة، وجدوا أنفسهم هم ذاتهم مضطرين لاستخدام شعارات دينية فى معارضتهم للجماعة التى يعارضونها لاستغلال الدين فى العملية السياسية.
هناك طرف آخر فى هذه المعادلة، لم يحسب أحد حسابهم، لأن الجماعة تعلن لهم العداوة والبغضاء بشكل سافر يصل إلى حد الكوميديا السوداء: المسيحيون. سؤال حقيقى مُلزَمة الجماعة بالإجابة عنه: هل ترغب الجماعة فى تفريغ مصر من المسيحيين؟ فإن كل ما تأتى به لا يؤدى سوى لذلك. لو كان المسيحى يظن أو يؤمن بأن الإسلام هو الحل لما بقى مسيحيًّا، فكيف لك أن ترفع شعارا كهذا وترغب فى أن تحظى بأصوات المسيحيين؟ ويبدو للجماعة أنها لا ترغب فى أصوات المسيحيين. وهل سيسمح لمرشح مسيحى أن يرفع شعار: المسيحية هى الحل؟ فى هذه الحالة لن ينتخبه سوى بعض المسيحيين، لأن عددا كبيرا من المسيحيين يرفضون هذا الشعار ابتداءً، وبذلك فهو ضمن السقوط فى الانتخابات.. طب دول ناس موجودين معانا، والقانون يكفل لهم حق المواطنة، فأين مكانهم فى الحملات الانتخابية؟ نسربهم يعنى؟