#1
|
||||
|
||||
![]() البرتقالة الآلية: في فيلم ستانلي كوبريك الغريب Clockwork Orange يتناول المخرج قصة شاب مراهق يرتكب شتى أعمال العنف ويكون عصابة تمارس كل الموبقات التي قد تخطر لك على بال، ولكنه يدخل السجن ويتم إخضاعه لبرامج إعادة تأهيل وغسيل مخ عندما اجتازها أصبح يكاد يتقيأ كلما سمع عن العنف... الغريب أن الموسيقى التصويرية كانت من مقطوعات فائقة الشهرة لبيتهوفن... بالمناسبة الفيلم يعتبر من الأفلام الممنوعة وهو من إنتاج 1971 ولكنه كأي شيء ممنوع يمكنك أن تشاهده في أي مكان وهو متداول على الانترنت بكثرة على كل حال. يبدو المشهد في مصر هذه الأيام غاية في القتامة حتى أنك عندما تتفقد الأوضاع المصرية على كل المستويات قد لا ترى أي بصيص أمل في ظل انفلات غير مسبوق وتداعيات لا يمكن أبدا استقراء أي نتيجة وردية – أو حتى عادية – لها بداية من جلسات مجلس الشعب التي لا تنعقد إلا وتبدأ بعبارة أننا لابد لنا من اتخاذ قرار بشأن حقوق الشهداء وتنتهي بوعد باستكمال حدوتة شهداء الثورة – واغفر لي فظاظة اللفظ – في الجلسة القادمة ويؤكد الأخ الكتاتني أنه يجيد إدارة المجلس في كل جلسة، بينما الشارع المصري يحترق بين أزمات البوتاجاز وأزمة البنزين وأزمة المرور... لا أحتاج الآن لكثير من الذكاء والقدرة على التخيل لكي أتخيل ضحكة مبارك العالية وهو على فراشه يتابع الأحداث بشماتة ويؤكد على أنه قال "إما أنا أو الفوضى" ومن المؤسف بحق أن الرجل كان صادقا لدرجة لم يكن يعرفها هو شخصيا. لا تتحدث معي أرجوك عن الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية بين شعب يحارب نفسه... ذات مرة قرأت لهيكل تعليقا لا أذكر في أي كتاب له وكان يقول فيه (لا يمكن لإسرائيل أن تفعل بنا أكثر مما نفعله بأنفسنا)... ومن جديد يمكنك أن ترى معي صدق الرجل وأنت تتابع اليوم ما حدث في مباراة كرة القدم بين الأهلي والمصري وكل هذا الكم من اللهب والمفرقعات والإخوة (الشبيحة) الذين يقدمون للعالم كله أبعادا جديدة للفظة "الحرية".... ماذا حدث للمصريين؟ هذا هو السؤال الذي ألقاه العظيم جلال أمين منذ فترة تقريبا وهو ذات السؤال الذي ألقاه محمد المخزنجي بعد محاولات لاستقراء الشارع المصري والفرد المصري بشكل خاص.... هناك سؤال آخر هو عنوان مجموعة مقالات لعلاء الأسواني هو (هل نستحق الديمقراطية؟)... لو كنت قد قرأت هذه المقالات، فهل يمكنك أن تنكر أن حبيب العادلي كان بعيد النظر فعلا؟ أعرف أن هناك 85 مليون سياسي في مصر الآن سوف يتهمونني بالتهمة الرائجة هذه الأيام وهي تهمة الفلول ولكن مع كل يوم يمضي وبعد مرور عام كامل على الثورة لا يمكنك أن ترى أي جديد في الوضع في مصر... كيف يمكن أن تتحدث عن النهوض الاقتصادي في بلد بلا أمن تقريبا؟ مجلس الشعب ما زال يواصل جلساته ليقول نفس الكلام في كل جلسة ولم نر جديدا لا على مستوى الموضوع المتناول في هذه الجلسات (حقوق شهداء الثورة) ولا على أي مستوى آخر سوى محاولات النواب العباقرة للتعبير عن رأي الشارع في قيامهم بالمهمة القومية الهائة وهي التعديل في قسم نائب مجلس الشعب والمطالبة بحذف أسماء رموز النظام السابق عن المؤسسات.... ذكرني من فضلك من قال أن الشعوب بحاجة إلى قدوة وليس إلى خطبة.... هل كان جيفارا؟ من تابع المباراة يدرك جيدا أن المباراة كانت واجبة الإلغاء من البداية مع كل هذه المناوشات التي دارت بين الشوطين ويرى هؤلاء (الثوار) الذي يجرون حاملين الشماريخ من هنا وهناك بينما يقف الأمن عاجزا عن فعل أي شيء ولا ألومه على كل حال، فلو كان أحد أفراد الأمن قد تجرأ لجاءت صحف الغد تتحدث عن الديمقراطية والحرية... لا أرى فيما حدث أي نوع من الحرية بل لا أرى – ولعلك تتفق معي – أنك لم تر إلا البلطجة.... غدا سوف نقرأ بعض الهراء المعتاد الذي لا تكف الصحف عن تناوله عن الأيدي الخفية واللهو الخفي ولعل البعض يجدد في الموضوع قليلا فيحدثك عن القلة المندسة.... لماذا لا نعترف بالأمر؟ إن ما حدث في المباراة بحاجة ماسة إلى تحليل نفسي ليتحدث عن التطورات المرعبة في نفسية شعب بلغت به الحماقة ليبدأ في التقاتل بسبب مباراة كرة قدم... قالها المستكاوي العظيم منذ زمن (كل الشعوب المتخلفة تضفي أهمية قومية على مباريات كرة القدم).... لماذا لم يحاول هؤلاء الإخوة (ذوي الدم الحامي) محاولة حماية البلد من البلطجية مثلا واسترجاع الأمن ما داموا بهذه القوة والعنفوان؟ الخلاصة أن الثورة حولتنا إلى ما تحول إليه بطل فيلم البرتقالة الميكانيكية ولكن بصورة عكسية ... لقد تحولنا من الفرد الخانغ الضعيف الجبان إلى المجرم الذي يشبعه إلى الدمار في كل مكان... فهنيئا لنا جميعا ما تمخضت عنه أحداث المباراة ولعل الأمر لا ينتهي عند هذا الحد ونرى إجراءات فعالة بدلا من حرف السين المنتشر هذه الأيام على لسان كل مسئول عند مناقشة أمر كهذا فيقول لك (سنقضي على الإجرام – سنبحث القضية – سنشكل لجنة تقصي حقائق – سنضرب بيد من حديد) .... أرجوكم .. كرهنا حرف السين. |
![]() |
|
|