#1
|
![]() عاد سُليمان إلى بيته منتصف النهار بعد يوم عمل طويل ومرهق قضاه في عمل وبذل والقليل من الجدل . لم يستطع سليمان أن يخرج من جو العمل فدخل بيته شاحب الوجه متعب الملامح كانت عائلة سليمان المكونة من الزوجة والأولاد في شوق لوالدهم ولكن أباهم لم يستطع أن يخرج من مربع الحياة العملية إلى واحة الحياة الاسُرية فهو قلق ومتوتر ويفكر كثيراً في القضايا والملفات والقرارات والاجتماعات يريد إنهاء الغداء سريعاً ليأخذ قسطاً من النوم بعد يوم مزدحم . على سفرة الغداء ساد الوجوم وقل الكلام رغم أن الشوق غلاب وهناك الكثير من الأخبار والحوادث في جعبة الابناء وأمُهم . لكن سُليمان لا يريد فتح باب الحديث بحجة الإرهاق والتعب وحاجته حسب ما يدعي لهدوء تام انسحب الطفل الصغير من طاولة الطعام التي لا تمثل له إغراء يُذكر وفضل أن يتناول غدائه أمام التلفاز وبعد ذلك بدأت ابنت سليمان لا تحرص على تناول الغداء مع العائلة بحجة رغبتها في النوم فور عودتها من الجامعة . أما ابن سليمان الأوسط وهو الشاب اليافع صار يحبذ أن يتناول غدائه في أحد مطاعم الوجبات السريعة مع الأصدقاء قبل أن يعود للمنزل فهو يستمتع هناك كثيراً ويجد ما يفتقده في بيته !! أما الأم فهي حائرة بين الأب المزاجي والمتسلط وبين أبنائها الذين لا يجدون حرارة اللقاء ولا جاذبية المجالسة . العلاقة في المنزل تحوم بين افعل ولا تفعل , أمر ونهي وإن لم يكن فلهم الويل والثبور وعظائم الأمور . الأم هي كذلك دخلت في بحر لا تجيد السباحة فيه فهي ترى أن الأوامر والنواهي أعظم دورس التربية فهي غير قادرة على إدارة الموقف ولا التعامل معها ولم تحاول تطوير قدراتها في ذلك فاستكانة إلى الشكوى لمن حولها ورفعت العلم الأبيض بدل ان يكون لديها رغبة في صياغة الحلول والمخارج !! بدء العدد الذي يحضر اجتماع العائلة على الطعام يتناقص وصارت تلك الأجواء طارده بدل أن تكون جاذبة وممتعة وجامعه . وعلى الجانب الآخر حيث طاولة العشاء حيث نشاهد الأمر أكثر سوء وخطراً حيث يتناوله سليمان يومياً مع الاصدقاء في الاستراحة حيث يقضون المساء ثم يعود منتصف الليل إلى منزله لينام ويغادر في الصباح الباكر إلى العمل وكل يوم تُعاد هذه الرواية . هذه العائلة يصح لنا أن نطلق عليها لقب العائلة الفندقية قياس على الشقق الفندقية فهي أسرة بلا روابط أو حوار أو حُب أو دفئ في العلاقات , أسرة بلا روح مشتركة او مصير واحد أو اهتمامات متبادلة !! الكل ينظر إلى البيت على أنه مكان للراحة والتزود بالطعام فقط أما باقي الأنشطة والفعاليات والعلاقات وبذل الاوقات فهي تقضى مع دوائر أخُرى خارج الأسرة !! هذا النموذج لهذه الأسرة الفندقية نموذج خطير ومنتشر بكل أسف في مساحات واسعة من مجتمعاتنا ولكنه إن شاء الله ليس الغالب عليها فهناك حالة من غياب الود في بعض الاسر أو الجفاف العاطفي أو انخفاض لقيمة الأسرة عند بعض الوالدين وهروب من المسؤولية عن البعض الآخر مما يجعلنا أمام نموذج مفكك يقودنا إلى انحرافات اخلاقية وسلوكية وعقلية كثيرة في لبنة من لبنات المجتمع وهم أبناء وبنات الوطن وعماد الأمة والغريب في الأمر أن عدد لا بأس به من الآباء والامهات عندما يواجه ابنائهم الكثير من التحديات أو يعانون من الضعف أو التعثر أو لا قدر الله الانحراف يتساءلون لماذا وما الأسباب ويرددون إننا اصبحنا غير قادرين عليهم وهي كلمة تستخدم لتبرئة الساحة من المسؤولية وهذا أمر في غاية الخطورة . أما ملئ البيت بالأطعمة أو توفير السكن أو الموصلات أو الرعاية الصحية أو نحوها فهي لا تمثل مفهوم التربية لدينا بل هي رعاية وهنا فرق كبير بين التربية والرعاية وأرى أن الكثير يخلطون بينهما . فالبعض يعتقد أن دوره انتهى بمليء البطون وكسوة الملابس وتوفير السكن ونحوه ويغب عنهم أهمية الحوار والتحفيز والمتابعة والاشراف والتدخل في حل وقوع المشكلات وبث مشاعر الحب والعاطفة و اشباع أجواء المنزل بها وقيادة الأسرة إلى واقع اجمل وارقي وافضل في الابعاد الدينية الاخلاقية والاجتماعية والسلوكية والمالية والعملية والعلمية . إن نموذج الأب المتوازن والأم المتوازنة هو المطلب المهم في هذا الوقت بالذات فالنجاح في العمل أو التجارة أو العلاقات الاجتماعية أو الحياة الشخصية شرف وعزة ومحل فخر ولاشك ولكن أن نبني في مكان ونهدم في آخر فهذا مما يحتاج منا لمراجعة عاجلة وتأمل عميق . إن الكثير من الآباء والامهات يريدون أن يكون أبنائهم أفضل الناس وأحسنهم وينتظرون الساعة التي يفتخرون بهم وبصنيعهم ونجاحهم وأعمالهم والمراتب العليا التي وصلوا اليها ولكن عليهم أن يعوا أنهم المعنيين بهذا الإعداد والتأهيل وأن أوضاع أبنائهم الحالية ناتجة إما عن بيئة صالحة ونقية ومحفزة أو بيئة عائلية فاسدة ومفككه ومتناحرة وهنا يقع الخطر وتنفتح أبواب المشاكل والمفاجأة الغير سارة على الأسرة وتؤكد لنا الدراسات أن الكثير من حالات الطلاق التي تقع في مجتمعاتنا يكون السبب الرئيس فيها هو ضعف الإعداد والتأهيل والذي تلعب فيه الاسرة دوراً كبيراً بالإضافة الى الدورات التدريبية والتثقيف الذاتي وأنظمة التعليم والإعلام . ونقيس على ذلك أيضاً الضعف الدراسي والانحراف الاخلاقي والعقدي أو فقدان الثقة بالنفس والرهاب الاجتماعي وضعف الهمة والطموح وسطحية التفكير والارتباك النفسي وغيرها من الظواهر المقلقة والمهددة للفرد و الاسرة و المجتمع . " محبرة الحكيم " لسنا بحاجة لأسرة فندقية لا قيمة لها , بل نحتاج لأسرة ماسية تلمع حبٌاً وتجتمع شوقاً وتتعاون بناءً وتتسابق في الإنجاز والبر والإحسان والعمل الصالح . منقول
__________________
م . نبيل عبد الرحمن مصر موتورز الإسكندرية
|
#2
|
|||
|
|||
![]()
حضرتك معاك حق في كل اللي قلته .. بس اوقات كتير مع الاسف هو ده اللي بيحصل لان الضغوط اللي في الحياة العملية بتكون اكتر من اي احتمال و اكبر من انك تتجاهلها ببساطة و ترميها ورا ضهرك و تستمتع بالحياة الاسرية ...الف شكر لحضرتك علي الموضوع
__________________
My Dream |
![]() |
|
|