العودة   مصر موتورز مجتمع السيارات > النادى الثقافى الاجتماعى > استراحة مصر موتورز


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #66  
قديم 23-02-2010, 03:33 AM
الصورة الرمزية king mimo20
king mimo20 king mimo20 غير متواجد حالياً
من انا؟: احمد طلعت سليمان
التخصص العملى: محاسب
هواياتي: البحث والاطلاع ولعب كرة القدم
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الموقع: فى ام الدنيا مصر
المشاركات: 859
king mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية

الاجمل ردك يا شريف باشا
__________________


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


من اهم مواضيعى

مصر بلد الوحوش
http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4


حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010

http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013


صور مضحكة من مصر !!!!!
http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756

لا اله الا الله محمد رسول الله
رد مع اقتباس
  #67  
قديم 28-02-2010, 06:33 PM
الصورة الرمزية king mimo20
king mimo20 king mimo20 غير متواجد حالياً
من انا؟: احمد طلعت سليمان
التخصص العملى: محاسب
هواياتي: البحث والاطلاع ولعب كرة القدم
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الموقع: فى ام الدنيا مصر
المشاركات: 859
king mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond repute
رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية

شاكر فاخوري>>> أحقر الجواسيس على الإطلاق..حلقة 1



قليلون جداً .. أولئك الخونة الذين أسلموا قيادهم .. برغبتهم .. الى مخابرات دولية معادية من أجل شهوة المال. . والتاريخ الطويل الحافل بالصراع بين المخابرات العربية والمخابرات الإسرائيلية، يحفظ لنا تفاصيل هذه القصص القليلة جداً، التي يطرق أبطالها أبواب السفارات الإسرائيلية في الخارج، ويعرضون "خدماتهم" ويكتبون بأيديهم وثيقة خيانتهم للوطن دون رغبة في الانتقام من نظام، أو تعويض خسائر معنوية، اللهم فقط – الحصول على المال الحرام بأسلوب سهل، دون أن يحسبوا حساباً لعيون المخابرات العربية التي ترصد ولا تنام.

وكان شاكر فاخوري، أحد هؤلاء الخونة الشواذ الذين قتلتهم النزوة .. نحو المال و غير المال !!!



. . في أعقاب نكسة يونيو 1967. . اشتد نزف الجرح العربي . . وخيمت قتامة قاسية وعم إحساس مرير بالمهانة. ولم تستطع وسائل الدعاية والإعلام العربية التغلب على سطوة هذا الشعور لفترة وطويلة.

فإسرائيل لم تكف عن اختراق حاجز الصوت بقاذفاتها كل يوم فس السماء العربية، دون رادع يوقفها. . وكأنما هي في رحلة ترفيهية آمنة، فتسخر بذلك من أجهزة الدفاع، ومن قوات العرب الت ياندحرت لاهثة أمام ضربات اليهود الفجائية. وتؤكد للعالم أن ادعاءات القوة العربية ضرب من الوهم والخيال.

وفي سكرة الصدمة القاتلة. . أصيبت الأمة العربية بصدمة أخرى يومي 9 و 10 يونيو 1967 وصفها في مذكراته الفريق أول محمد فوزي قائلاً:

(الإحساس بالضياع النفسي يملأني طوال إقامتي بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة بمدينة مصر. طوال هذين اليومين كانت مصر بلا قيادة فالقيادة السياسية غير قائمة بإعلان جمال عبد الناصر عن قرار التنحي، والقيادة العسكرية العليا أيضاً غير موجودة باعتزال المشير عبد الحكيم عامر وشمس بدران في منزليهما، بالإضافة الى قادة أفرع القوات المسلحة الرئيسية الذين قدموا استقالاتهم).

هذا هو الجو النفسي المحزن الذي خلفته الهزيمة .. التي أجبرت العرب على تنكيس أعلامهم حداداً على قتل الكرامة والعزة والكبرياء. وفي خضم هذه المأساة.. كانت إسرائيل على جانب آخر تراقب مراحل سقوط العرب . . وتعن بغطرسة استحالة قيامهم ثانية . . ولو حدث .. وقاموا . . فقيام مريض أشل يجر أعضاءه زاحفاً.

ومن هنا .. نشطت المخابرات الاسرائيلية وأعدت العدة جيداً لمراقبة الجسد العربي الصريع ومحاولات النهوض من جديد.

لذا . . فقد بثت العيون والجواسيس والأجهزة .. ترصد وتحلل وتحسب . . وتتوقع ما ستنبئ عنه الخطوة القادمة. . وكان رأي خبراء المخابرات الإسرائيلية الذي لم يحيدوا عنه . . أن هذه الضربة التي أفقدت العرب قوتهم وتوازنهم .. بل وصوابهم .. لا بد لها من رد فعل حتمي سيتأكد حدوثه في لحظة ما.

وهكذا لم يجلس رجال الموساد في انتظار الضربة المفاجئة.. بل عملوا على كشف تحركات واستعدادات العرب العسكرية والدبلوماسية للتكهن بنواياهم التي يضمرونها . . وكان لا بد من تلافي الضربة القادمة. . بالعمل على عدة محاور استراتيجية . . أهمها الإسراع بالبرنامج النووي الإسرائيلي لإرهاب العرب .. وإخضاعهم بالتخويف . . وإحباط عزيمتهم بالدعاية التي تصورهم كأنهم الأساطير . وكذلك بالعمل على تزويد الجيش اليهودي بأحدث مبتكرات تكنولوجيا السلاح العالمية .. لإظهار التفوق الكبير على جيوش عربية لا تستوعب السلاح الحديث. وأيضاً .. تنشيط الأقسام المختلفة في جهاز الاستخبارات الاسرائيلي بما يضمن الحصول على أدق الأسرار – العسكرية والاقتصادية والصناعية – من خلال شبكات متعددة من العملاء والجواسيس المهرة . . الذين زرعوا في غالبية المدن العربية، ينقلون لتل أبيب كل مشاهداتهم وتقاريرهم.

لذا . . فلا عجب إن لاحظنا كثرة أعداد الخونة الذين سقطوا في مصيدة الجاسوسية الإسرائيلية بعد نكسة يونيو 1967 .. في ذات الوقت الذي نشطت فيه المخابرات العربية للكشف عن هؤلاء الخونة الذين توالى سقوطهم وشنقهم. وكان من أبرزهم – شاكر فاخوري – الذي سعى بنفسه للدخول الى وكر الجواسيس طمعاً في المال .. !





حقير...شاذ...و أيضا..خائن...حلقة 2



نشأ شاكر فاخوري نشأة أولاد الأثرياء. فهو لم يعرف يوماً طعم الفقر .. ولم يذق مرارته.. وبرغم ذلك ظهرت بوادر الفشل في حياته أثناء دراسته الابتدائية فكان تعثره الدراسي يرهق بال أهله ويحيرهم.

وفي المرحلة الاعدادية وصم في محيطه بالفاشل . . وأحاطته حكايات تداولتها الألسنة عن سرقاته المتعددة لأموال والده.. وتخوف الأقارب من يده الطويلة حين زيارته لهم.

وبعدما ضج أهله وصرخوا من تصرفاته الطائشة الغبية .. الحقوه بمعهد مهني في روض الفرج .. فخرج منه كأنه لم يدخله. . واستدعى لتأدية الخدمة العسكرية فتهللت أسارير أسرته التي نكبت به .. ولحق بها الأذى من سلوكه المعوج.

وما إن أمضى مدة تجنيده في الدفاع الجوي.. حتى وجد نفسه بلا عمل.. ونظرات الحيرة والقلق تنهش جلده ممن يحيطون به. فحمل حقيبته المليئة بالفشل وسافر الى الكويت.. وعمل بإحدى الشركات الأجنبية في جزيرة فيلكه الواقعة بمدخل خليج الكويت.

كانت إقامته في كرافان معدني صغير مع فني أمريكية فرصة له . . ليتقرب من خلاله الى إدارة الشركة الأجنبية. . التي رأت عدة مرات الاستغناء عنه لافتقاره الى الخبرة الفنية.. وكان رفيق مسكنه – جون باليدر – مكلفاً بتدريبه على أعمال اللحام (ضغط عالي) لذلك .. كاد شاكر أن يقبل قدمي جون . . عندما أخطأ خطأً فنياً من شأنه إحداث أضرار جسيمة بأحد الأجهزة الدقيقة. لكن جون تدارك الخطأ سريعاً ثم صفعه على وجهه وبصق عليه.. فانفجر الرعب في وجه شاكر خوفاً من تقرير جون .. الذي بسببه سيطرد فوراً من الشركة ويعود الى مصر بفشله.

وحاول جاهداً استمالة جون والاعتذار له. لكن جون ظل لأكثر من ساعتين يكتب تقريره المفصل.. وبعدما فشلت محاولات شاكر .. بكى في ضعف فقام جون إليه وقال له:
أستطيع أن أمزق تقريري عنك ولكن في حالة واحدة فقط.

في ضراعة نظر شاكر إليه قائلاً:
لن أنس لك ذلك أبداً مستر جون .. ماذا تريد مني؟

اتجه جون الى مفتاح الإضاءة وأطفأ أنوار الكرافان .. وسمع شاكر حفيف ثياب تخلع وأنفاس تتلاحق . . فارتعش وانكمش في مكانه وقد ولت جرأته.

التصق به جون وقال له في صراحة:

لكي تستمر في العمل لا بد وأن تستجيب لي. لقد ألحقت تحت إمرتي بعد فشلك في عدة أقسام أخرى. وعدم رضائي عنك معناه الطرد. هيا .. هيا قرر الآن فوراً. . !!!

لم يطل الموقف المخزي كثيراً. . إذ قام شاكر "بالمطلوب" واستراح اليه جون .. وكتب فيه التقارير الكاذبة التي حسنت من وضعه أمام إدارة الشركة .. وجعلته يشعر بالأمن في جزيرة فيلكة الى حين.

لقد اشترى برجولته سكوت جون عن أخطائه في العمل ولم يكن ليتخيل أن يقوده الخوف من الطرد الى هذا الفعل الشائن. . وحاول أن ينسى ما حدث معتقداً أن جون سيتركه لحاله. . ولكن خاب اعتقاده وتكرر الأمر في اليوم التالي أيضاً . . وازدادت مطالب الشاذ الأمريكي يوماً بعد يوم .. بل وحدثت كارثة جديدة وضعت شاكر في مفترق طرق وخيار صعب يكاد يقضي عليه.

جاءه جون بمهندس قبرصي يدعى "روبرت هوب" يشغل وظيفة كبيرة في الشركة .. وطلب منه أن "يتعامل" معه بحرية. . ووجد شاكر نفسه مطالب بتلبية شذوذهما دون اعتراض... فزجره روبرت وتهدده بالرفد من الشركة التي رفعت من راتبه كثيراً بتوصيات دائمة منه ومن جون. ولم تمر عدة أيام حتى استدعاه مدير شؤون العاملين وأخبره بنبأ الاستغناء عنه، وواجه شاكر المفاجأة بخوار واهن وحاول أن يشرح للمسؤولين بالشركة حقيقة الأمر .. لكن صمتهم أخافه .. وكانت اللامبالاة إجابة للتساؤلات التي بعقله. .فكل الأمريكان بالشركة كانوا جون . . وروبرت. وبعد خمسة أشهر من العمل في الجزيرة حمل حقائبه ولكن الى بيروت لا الى القاهرة.



كانت بيروت في تلك الفترة تموج بالفن وبالانفتاح وبالحياة. إنها تختلف كلية عن سائر العواصم العربية بما فيها عواصم دول المغرب العربي المتحررة . فهي أكثر تحرراً وتحضراً. وصفعه إعلان غريب جداً في إحدى المجلات البيروتية لكازينو مشهور . . يعلن عن وجود "كبائن" خاصة للزبائن .. لقضاء أوقات "الراحة" بعيداً عن عيون المتطفلين. فترك حقائبه بحجرته ببنسيون "دعلون" بشارع بعلبك . . واستقل أول سيارة صادفته الى الكازينو.

غرق شاكر بين أحضان الحسان في بيروت مستهلكاً مدخراته التي وفرها في الكويت.. فالضياع الذي توج حياته كان مدعاة لأن يحس بالخواء وينزلق الى حالك في اندفاع غير محسوب . . وثمالة تغشاه بلا روية .. وتصادف أن تعرف على فتاة اسمها "أوفيليا" قالت له أنها يوغسلافية وإن كانت أمها في حلب.

كانت أوفيليا ذات جمال يسبي العقول .. وأنوثة طاغية تربك عمليات الفكر .. وتسري بجسدها البض دماء حارة تزيد من لسعات الرغبة. صادقته الفتاة ودارت به نهاراً بين جبال لبنان .. وليلاً بمواخيرها حتى نفذت نقوده. فتركته الى قبرص حيث تعمل في "لارنكا" بإحدى شركات التجارة الدولية. ومن هناك اتصلت تليفونياً به . . وأطلعته على صعوبة عثوره على عمل في قبرص وهو لازال ببيروت. فسافر إليها وأخذت تطوف معه أنحاء المدينة بحثاً عن عمل له وباءت محاولاتهما بالفشل. فقال له مازحة: "ليس لك إلا اللجوء لسفارة إسرائيل في نيقوسيا".

اندهش شاكر لعبارتها وفوجئ بها تخبره بأن سفارة إسرائيل بالفعل ستحل مشكلته. . كما حدث مع آخرين أغلقت في وجوههم أبواب الرزق في قبرص. فرتبت لهم أعمالاً مختلفة تتفق وميولهم، تأكيداً لنوايا إسرائيل الحسنة تجاه العرب. وعندما قال لها في استغراب: - هل يعد هذا السلوك خيانة لمصر؟

ضحكت عميلة الموساد وقالت في دلال:

أيها المغفل .. أنت خدمت في القوات الجوية في مصر. ولو أنك ذكرت ذلك للعاملين في سفارة إسرائيل فسيحملونك على أعناقهم. . لأنهم يريدون أصدقاء لهم في مصر على دراية بأوضاع الجيش . ولكنك لا تصلح لأن تكون جاسوساً أيها "الأبله".

وضحك شاكر وقال لها:

ولماذا لا أكون جاسوساً؟ إنني فشلت في كل حياتي ولم أفلح في أي عمل قط. .

وفي بنسيون "جونايكا" تمدد شاكر على ظهره. . وسلط عينيه الى نقطة وهمية بسقف الغرقة وقال لنفسه:

نعم .. أنا إنسان فاشل .. منذ صغري وتطاردني الخيبة تلو الخيبة. . حظي العاثر أوقعني في شرك الشواذ الأمريكيين في الكويت .. وطردت من العمل لأنني رفضت أن أمثل دور المرأة مع روبرت القذر. كنت أرحب بكوني "الرجل" والآن . . الآن ياليتني وافقت على ألعب "الدورين" معاً طالما وافقت على الاشتراك في تلك المهزلة . . وها أنا أعيش على "إعانة" من أوفيليا بعدما أبيعها رجولتي كل ليلة.. إعانة؟ ياليتها تكفي مصروفي هنا .. إنها تمنحني بمقدار ما أنفقه لأعيش بالكاد. حتى رجولتي شح نبعها وجف معينها أمام هذا النزف المستمر.

وقفز شاكر من فراشه يضمر أمراً .. وسحب حقيبته من الدولاب وأفرغ بها ملابسه وغادر لارنكا الى الشمال حتى نيقوسيا العاصمة.

من فوره قصد مبنى السفارة الإسرائيلية. . وعلى الباب الرئيسي تقدم الى موظف الاستعلامات وسأله عن ضابط المخابرات في السفارة.. دهش الموظف وطلب منه إبراز جواز سفره ليتأكد من جنسيته.. ورفع سماعة التليفون ولم تمض عدة دقائق إلا وكان بمكتب الضابط المسؤول الذي سأله عما يريد بالضبط. فقال له شاكر أنه مر في حياته بظروف صعبة . . وعانى كثيراً من جراء حظه السيء الذي صادفه في مصر والكويت. . وأنه الآن لا يملك ثمن تذكرة العودة الى مصر ويريد أن "يبيع" لإسرائيل معلومات عسكرية هامة قد تحتاجها وفي ذات الوقت إنه على استعداد للعمل معهم في المستقبل لإمدادهم بما يحتاجونه من معلومات عن مصر . . بالمقابل، بل وحدد شاكر نوعية المعلومات التي يستطيع إمدادهم بها بالتفصيل . . وهي معلومات تتعلق بالقوات الجوية التي خدم بين صفوفها لمدة طويلة.

أصيب الضابط بالدهشة وتركه يكتب بخط يده كل ما عنده من بيانات ومعلومات واستغرق شاكر في الكتابة ستة ساعات استطاع أن يكتب خلالها اثنتي عشرة صفحة فولسكاب تضمنت كل ما لديه. فطلب منه الضابط أن ينتظر بفندق واطسون حتى يستدعيه



احتضان خائن....حلقة 3



لازم شاكر حجرته بالفندق لمدة خمسة أيام . . اشتعلت بداخله أثناءها كل أنواع الظنون. وكان لبقائه بمفرده طوال هذه الأيام الخمسة سبب لا يعلمه بالطبع .. فالمخابرات الاسرائيلية لكي تدعم مدى صدق العميل الجديد .. تبحث في حياة العميل وشخصيته وتاريخ حياته.. ويترك العميل لفترة ما يقطع فيها الاتصال به. . وتتم في هذه الفترة أعمال التحريات والمراقبة والتحليل للتأكد من صدق النوايا. . وعندما استدعوه غمرته سعادة كبيرة .. وأسرع الى السفارة الاسرائيلية فاستقبله ضابط آخر اسمه "هيدار" وهو الضابط المسؤول عن التجسس في "الجمهورية العربية المتحدة".

استعرض معه هيدار تفاصيل ما جاء بتقريره. ولعدة ساعات أخرى خضع شاكر لامتحان صعب من الضابط الاسرائيلي الذي تعامل معه بلطف شديد وقال له "مرحباً بك في سفارة بلد صديق" وعليك أن تعلم جيداً أن الفن العسكري والسياسي .. يستقي قوته من المعلومات التي يوفرها جهاز المخابرات الفعال في شتى الميادين في زمن الحرب أو السلم.

فالمعلومات المستقاة من قبل دوائر المخابرات هي أهم ما يعتمد عليه واضعو السياسة .. والقادة العسكريون في كل دولة. تلك الخطط التي تكفل وتؤمن المفاجأة وإرباك العدو في المجالين العسكري والسياسي .

ومن أهم نجاحات رجال المخابرات . . ورود المعلومات في الوقت المناسب .. وبالقدر الكافي قبل بداية الالتحام. وقياساً عليه . . فإسرائيل لا يمكن لها أن تخطط لأي عملية دفاعية مع العرب .. إلا إذا تجمعت لديها كل المعلومات المطلوبة عن الدول العربية عامة .. والدول المجاورة لها خاصة.

واضاف "هيدار" بأن القسم الخاص بالدول العربية في المخابرات الاسرائيلية. . قد انتهج مناهج عديدة .. وطبق وسائل مختلفة لتحقيق انتصار دائم على العرب. وما حدث في يونيو 1967 هو نتاج المعلومات الغزيرة . . التي تجمعت وتسربت من البلاد العربية عن طريق عملاء إسرائيل المخلصين.

وأشد هيدار بدور هؤلاء العملاء موضحاً لشاكر صراحة أن إسرائيل دولة مزروعة في قلب الوطن العربي . . نتيجة لإرث قديم في أراضي فلسطين. . وأن المخابرات الاسرائيلية لا تترك عملاءها نهباً للمخاوف وللمخاطر .. بل تضحي بالكثير من أجلهم وتعمل جاهدة على استردادهم بتشى السبل .. ولا تبخل عليهم بشيء طالما هم مخلصون لإسرائيل محبون لها.

وأكد ضابط المخابرات المحنك . . أن الكثيرون يعتقدون بطريق الخطأ أن إسرائيل إنما تهدف فقط الى الحصول على معلومات عسكرية لها اتصال مباشر بالعمليات القتالية. ولكن المعركة العسكرية تعتمد على نواح كثيرة جداً لا تقل أهمية عن القوات. بل لها الأثر الفعال على كفاءتها مثل قدرة الدولة على الصناعة. . وتوافر الطاقة الانتاجية، والحالة الاقتصادية العامة للدولة، والحالة التموينية والاحتياطي العام والمخزون السلعي.. ومدى تماسك الجبهة الداخلية وصمودها .. وقدرة الدولة ومدى استعدادها لظروف الحرب.

كانت الظروف النفسية السيئة مضافاً إليها الحاجة الماسة الى المال سبباً مهماً في جلوس شاكر فاخوري أمام ضابط الاستخبارات الإسرائيلي .. فقد جلس أمامه لأوقات طويلة وعلى مدار أيام عدة كتلميذ ينتبه لإرشادت أستاذه . . وبرأسه تدور عشرات الأسئلة حول معاناته. . والمشكلات التي يمر بها . .

ووسوس له الشيطان أن إسرائيل تعرف كل شيء عن مصر .. وأن المعلومات التي قدمها لن تقدم أو تؤخر . . إنها مجرد معلومات عامة هامشية لا تحمل ضرراً ما لأمن وطنه.. أو تدينه أمام الجهات الأمنية إذا ما انكشف أمره.

وظلت تلك الأوهام تسيطر عليه حتى استحالت الى حقيقة. . يؤكدها ما كان يلقيه عليه هيدار بثقة . . واطمئنان.

لقد كانت جل أمانيه أن يخرج من بوتقة الفقر .. ويعيش بمصر آمناً معيشياً لا يسأل أحد أو يمر بضائقة مالية ترهق باله.

وأمام رغبته الملحة في الإثراء السريع المريح . . ونقص الدافع الوطني .. إضافة الى الإغراءات الخيالية التي صبت في أذنية صباً. . وتملكت منه . . وافق على أن يكون صديقاً للعدو .. أميناً في إمداده بكل ما يطلب منه من معلومات أو مهام. هكذا دخل شاكر برجليه وكر الجاسوسية راضياٌ قانعاً. . غير عابئ بالعواقب أو نهاية الطريق المظلم الحالك .. ووجدها رجال الموساد فرصة لا تعوض جاءتهم بلا تعب. . فاستغلوها وأجادوا تلقينه فنون اللعبة الخطرة . . وكانوا قانعين بأن من رضي باللعب مع الثعابين فحتماً – سيلدغ شر لدغة.

استوعب العميل الجديد مهامه التجسسية جيداً.. وامتلأت جيوبه الحاوية بأموال الموساد القذرة. وحمل حقائبه الى القاهرة لمدة شهر .. وعاد ثانية الى قبرص وأبلغ الضابط المسؤول بالسفارة الاسرائيلية بنتائج رحلته السريعة


إخلاص جاسوس...و نهايته...الحلقة الأخيرة



كتب شاكر في تقريره أنه لم يضيع وقتاً في القاهرة. بل شرع في الحال في ممارسة عمله بصدق . . وكون صداقات عديدة مع رجال ونساء من فئات مختلفة من رواد الملاهي والبارات. وأهم صداقاته كانت مع ضابط مصري يدعى (م. ش. أ) تعرف عليه بأحد الفنادق. وأغدق عليه بكثير من الهدايا دون سؤاله عن أي شيء حتى لا يثير مخاوفه.

وكان التقرير الذي سلمه شاكر لضابط الموساد متخماً بالمعلومات التي أذهلت الضابط . . فأرسله بدوره الى تل أبيب . . وجاءت الأوامر العاجلة بضرورة سفر شاكر لإسرائيل.

وتأكيداً لإخلاصه للموساد وافق شاكر بدون مناقشة، وتسلم جواز سفر إسرائيلي باسم (موشي إبراهام) . . وطار بطائرة العال الإسرائيلية الى مطار (اللد). . ليجد الضابط هيدار بانتظاره. . وكانت إقامته بتل أبيب في إحدى الشقق المعدة لأمثاله من الخونة .. وهي في العادة مجهزة بأحدث ميكروفونات التنصت والكاميرات الدقيقة.

وكعادة المخابرات الاسرائيلية لكي يضمنوا السيطرة على الجواسيس . . صوروه عارياً مع مديرة المنزل .. وهي فتاة في الثانية والعشرين خمرية اللون قالت له إن جذورها عربية. وأقامت معه الفتاة إقامة كاملة لخدمته ولراحته.

وفي مبنى المخابرات الاسرائيلية، اجتمع به عدة ضباط وخبراء ناقشوا معه التقرير المفصل الذي سلمه في قبرص، وكان بينهم الضابط هيدار . . وضابط آخر اسمه أبو يوسف . . وآخر مسؤول عن التجسس في لبنان، وبعد مناقشات طويلة، قال له كبير الخبراء:
لقد سعيت إلينا بنفسك في قبرص، والآن .. نريد أن نتأكد من إخلاصك للموساد .. وأنك لست ضابط مخابرات مصري مدسوس علينا . . وهذا ليس ببعيد على المخابرات المصرية التي زرعت خبراء لها في جهازنا مرات عديدة.

صراخ شاكر محتجاً، وأكد لهم أنه لا يعرف أين يقع مبنى المخابرات المصرية، وأنه بالفعل ذهب بنفسه الى سفارتهم في قبرص. . رغبة منه في إثبات أهميته ووجوده بعدما أحاطه الفشل من كل جانب. . وأيضاً ليحصل على أموال كثيرة تعينه على مجابهة أهله ومعارفه في مصر.

قال هيدار:

أنت هنا في تل أبيب لتثبت لنا ذلك، ولكي نعمل معاً بأمان، فسنفحصك بواسطة "جهاز كشف الكذب".

ولم يحتج شاكر هذه المرة. . بل أبدى رغبة جادة في تأكيد "إخلاصه" لهم بكل الطرق التي يرونها.

وأخضع بالفعل للفحص بواسطة الجهاز الامريكي.. الذي أكد صدق خيانته لوطنه وانتمائه للموساد قلباً وعقلاً.

عند ذلك. . ابتدأ تدريبه على أيدي أمهر ضباط المخابرات. . الذين صنعوا منه جاسوساً خبيراً بفنون التصوير، وتشفير الرسائل، والكتابة بالحبر السري، ومسح الأراضي "الطوبوغرافيا" وكيفية التعرف على الأسلحة الحربية برية وبحرية وجوية، وتحديد قدرة تسلحها وطاقتها ومداها المجدي، وأعطى عنواناً في روما ليبعث برسائله المشفرة.

ومن المعروف أن المخابرات الاسرائيلية تخصص لكل جاسوس يعمل لحسابها شفرة خاصة به .. باستخدام "رواية" عربية معروفة أو أجنبية متداولة. . تكون أساساً للإشارات الرمزية المتبادلة بينه وبين المخابرات الإسرائيلية .. ويجري تبديل هذه الرموز بين آن وآخر.

أيضاً تحدد المخابرات الاسرائيلية نوعية الحبر السري لكل جاسوس، فلكل حبر سري ميزات خاصة تؤكد أن صاحب الرسالة هو العميل نفسه المسلم إليه الحبر.



بعدما حصل شاكر فاخوري على دورات في التجسس، عاد ثانية الى نيقوسيا ثم الى القاهرة. وبدأ في الحال جمع معلومات وافية عن الجيش المصري والقوات الجوية بالذات .. وكذلك عن النشاط السوفييتي في مصر والخبراء العسكريين السوفييت، والأحوال عامة بعد غارات إسرائيل المستمرة على ضواحي القاهرة، وكان يستقي معلوماته من أفواه العامة من الناس . . على المقاهي وفي المواصلات العامة والنوادي الليلية في شارع الهرم .. حيث ترتادها كافة المستويات.

أما المعلومات العسكرية وأخبار الاستعدادات الحربية، ونشاط الخبراء السوفييت فكان يحصل عليها من العسكريين الذين يمتون اليه بصفة القرابة أو الجيرة. وأيضاً من خلال الضابط (م. ش. أ) الذي حمل اليه بعض الهدايا من قبرص على سبيل الذكرى.

لقد ركز شاكر كثيراً على هذا الضابط الذي استجاب له بسرعة .. وتبسط معه في الحديث وسرد الأخبار مما استتبع ملازمته لفترة طويلة طوال وجوده بالقاهرة، وعمل على منحه الدعوات المجانية للحفلات.. وبعض الهدايا الذهبية الثمينة في المناسبات المختلفة، والتي لا تتناسب وحجم علاقتهما.

كل ذلك أدى الى تخوف الضابط المصري من سلوك الشاب، فبادر على الفور بإبلاغ جهاز المخابرات بشكوكه. . ونقل الى المسؤولين بالجهاز كل ما دار بينه وبين الشاب من أحاديث وما تسلمه منه من هدايا مختلفة.

تم عمل الترتيبات الأمنية اللازمة .. وكان هناك حرص زائد على ضبطه ومعه أدلة إدانته .. وطلبوا من الضابط أن يتظاهر بصداقته، وألا يجعله يشك في نواياه.. وأن يطلعهم أولاً بأول على مجريات الأمور.

وبعدما اعتقد شاكر أنه اشترى الضابط المصري بهداياه .. انتهز فرصة مروره بضائقة مالية "مفتعلة"، وعرض عليه إمداده ببعض المال.

وحسب الخطة وافق على طلب شاكر بجلب بعض الوثائق العسكرية. . بحجة الاطلاع على استعدادات الجيش للحرب، ولبس الخائن ثياب الوطني المخلص الذي يحلم بيوم الثأر من إسرائيل، وبأن رؤية هذه الوثائق وشروحه عليها تسعده كثيراً. . وتشعره بمدى قوة الجيش المصري، خاصة والطيران الاسرائيلي، قد بدأ يتساقط كالعصافير بعد اكتمال حائط الصواريخ، ولم تعد لديه الشجاعة على اختراق المجال الجوي المصري. وأمده الضابط بمعرفة جهاز المخابرات ببعض الوثائق، ولما تضخمت لدى شاكر الوثائق المعدة سلفاً حملها سريعاً الى نيقوسيا، وامتلأت جيوبه عن آخرها بأموال الموساد، فعاد بها الى القاهرة يحمل رغبة الموساد في تجنيد الضابط المصري، وكل مهمته منحصرة في إقناعه بالسفر الى قبرص لعلاج ابنته، وهناك. . سيتولى رجال الموساد اصطياده بالسيطرة عليه بتصويره عارياً مع عميلة إسرائيلية، وبمنحه آلاف الجنيهات.

عندما عرض شاكر على الضابط فكرة السفر الى قبرص. . تظاهر بالموافقة، وأخذ يماطله وفقاً لطلب المخابرات متحججاً بدراسة الطلب في قيادة الجيش، حيث كانت طلبات السفر خارج مصر تخضع لظروف عدة بالنسبة للضباط.

ولما طالت مدة الانتظار، أراد شاكر أن يذهب بالضابط الى قبرص مجنداً. . وترتفع بذلك مكانته في جهاز الموساد. . وبالتالي يتعاظم رصيده المالي. . فمنح الضابط مبلغاً كبيراً لقاء بعض الخرائط العسكرية، موضحاً عليها مواقع صواريخ "سام 6"، وكذلك المواقع التبادلية، وخرائط أخرى تبين محطات الرادار الهيكلية والصواريخ، وأيضاً خطط السوفييت لحماية المواقع الحيوية، وخطط اصطياد الطيران الاسرائيلي المتسلل الى العمق المصري.

بل إن الخائن الذي اعتقد بالفعل أنه اشترى الضابط. . طلب منه تصوير مواقع عسكرية، وإمداده بوثائق عن الخطط الدفاعية والهجومية العسكرية والأسلحة الحديثة، واستأجر الجاسوس الخائن شقة جديدة من أموال الموساد، خصصها للقاءاته مع الضابط و "تخزين" المستندات والخرائط بها.

وبعد عدة سفرات الى قبرص بالمعلومات التي سربتها المخابرات المصرية اليه لينقلها الى الموساد .. يعود شاكر بالأموال الطائلة، ينفق منها على ملذاته، ويشتري الهدايا للضابط ولأسرته.

وذات مساء عاد مخموراً من سهرة فسق، وعندما امتدت يده بالمفتاح الى كالون الشقة، فوجئ بالباب ينفتح فجأة .. ويقف بالداخل عدة أشخاص كانوا بانتظاره ويترقبون مجيئه. .

جذبه أحدهم الى الداخل، وعلى المكتب رأى الأوراق التي جمعها.. خرائط .. ووثائق. . وتقارير كتبها بخط يده، وصور لبعض المواقع العسكرية، وعدة أفلام خام لم يجر تحميضها..

وبينما كانت الأيدي تمسك به، ويتجه الركب الى حيث ينتظره مصيره الذي خطه بنفسه .. أحس باندفاع بوله الدافئ بين ساقيه. . وقال لمرافقيه:
الى أين ستأخذونني؟

فقال أحدهم:

لتدفع ثمن خيانتك .. هذه الأرض التي تبولت عليها الآن رعباً .. منحتك الأمن والأمان فبعتها. . بعتها لأقذر كلاب الأرض نجاسة وخسة .. فتعال الى مصيرك المحتوم حيث لن ينقذك أحد من حبل المشنقة. .
__________________


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


من اهم مواضيعى

مصر بلد الوحوش
http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4


حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010

http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013


صور مضحكة من مصر !!!!!
http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756

لا اله الا الله محمد رسول الله
رد مع اقتباس
  #68  
قديم 28-02-2010, 06:37 PM
الصورة الرمزية king mimo20
king mimo20 king mimo20 غير متواجد حالياً
من انا؟: احمد طلعت سليمان
التخصص العملى: محاسب
هواياتي: البحث والاطلاع ولعب كرة القدم
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الموقع: فى ام الدنيا مصر
المشاركات: 859
king mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond repute
رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية

سمير وليم باسيلي ـ أول جاسوس يجند أباه للموساد..حلقة 1

عندما ورط ابراهيم شاهين زوجته انشراح وأولاده الثلاثة. . ودفعهم بحماس للتجسس لصالح الموساد.. لم يكن دافعه الانتقام منهم.
كذلك هبة سليم. . التي جرجرت خطيبها المقدم فاروق الفقي للخيانة العظمى.. بالرغم من علمها أنه يحبها لدرجة الجنون.. لم يكن دافعها الانتقام منه.
أما جاسوس الاسكندرية. . السيد محمود. . الذي احتال على شقيقه أمين المجند بالقوات المسلحة. . وأغرقه في أموال الموساد. . فهو أيضاً لم يكن يقصد الانتقام منه.
لكن سمير وليم فريد باسيلي. . كان يختلف كثيراً عن هؤلاء وغيرهم. . إذ دفع بوالده – عن عمد – الى وكر الجاسوسية . . للانتقام منه. . وتشفياً به. . وورطه في عمليات تجسس لحساب إسرائيل . . انتهت بمصير مهلك لكليهما.
كيف حدث ذلك. . ؟
علماء النفس تحيروا. . ووقفوا عاجزين أمام أحداث القصة المؤسفة.. وفشلوا تماماً في تحليل شخصية الابن المجرم. . كما فشلوا من قبل مع ابراهيم وانشراح . .الذين قال عنهما أستاذ علم النفس النمساوي "فردريش يوجان":
"أعتقد أنهما مصابان بمرض "الجنون ذي الوجهين Folie a double forme ".. وهو مجموعة أعراض إكلينيكية قوامها خفض نغمة المزاج الوقتي LOWERING OF MOOD – TONE وصعوبة التفكير الذي يغلفه القلق وتسلط الأفكار . . وتهيج بعض الأحزان والهموم . .
ولأن حالة سمير باسيلي حالة فريدة من نوعها. . خضعت للعديد من التحليلات النفسية . . وضعته في النهاية في مصاف المرضى .. وصنفه "يوجان" على أنه "الدوني السيكوباتي التكوين CONSTITUTIONAL PSYCHOPATHIC INFERIOR " . . والسيكوباتي هو دائماً في حالة توتر. . لا يستفيد إلا قليلاً جداً بالخبرة أو العقاب. . ولا يدين بأي ولاء حقيقي لأي مبدأ أو جماعة.
فلنقرأ معاً تفاصيل قصة سقوط سمير باسيلي. . ولا نتعجب لتحورات النفس البشرية وتقلباتها. . فتلك قضية شائكة معقدة .. ذلك لأن النفس البشرية سر لا يعلمه إلا خالقها سبحانه وتعالى.


سمير وليم باسيلي ـ أول جاسوس يجند أباه للموساد. حلقة 2



حصل سمير على الثانوية العامة بصعوبة شديدة عام 1960 وتوقف عن إكمال دراسته بأحد المعاهد. فالأب . . كان بخيلاً شديد البخل. . شرس الطباع في معاملته لأبنائه. . لا يترك قط مساحة ضئيلة من التفاهم تقربهم منه، وكره سمير في أبيه سلوكه فأدمن الخروج من المنزل والسهر مع أصحابه. . ولم تنطفئ برغم ذلك حرائق الصدام مع والده. لذلك فكر في السفر الى ألمانيا بعدما ضاقت به الحياة وعضه الجوع.
وعندما عرض الأمر على أبيه لم يسلم من تهكمه وسخريته اللاذعة. . وذكره بالفشل الذي أصبح سمة من سمات شخصيته.. رافضاً بشدة إمداده بنفقات السفر رغم توسط بعض أفراد الأسرة.
استدان سمير من أصدقائه ووجد نفسه فجأة على مقعده بالطائرة في طريقه الى ألمانيا، يتنفس الصعداء ويلعن الفقر. . ويسب والده الذي حطم كل الآمال لديه فأشعره باحتقاره لنفسه.. ودونيته.. وبث بأعماقه شعوراً مخجلاً بالضعف والحقارة.
لقد كان يبخل عليه بأبسط بوادر الحنان والأبوة. . وحرمه الحب. . فعاش معه مزوياً بلا هدف أو كيان. وأخذ سمير يجتر ذكرياته المرة مع والده البخيل .. الذي دأب على تسميم بدنه ليل نهار بالسباب والحط من شأنه. . وتحريض أمه على طرده من المنزل كلما عاد متأخراً وحرمانه من العشاء والهدوء. . مما أثار شجن الشاب الممزق.. وكثيراً ما كان يسأل نفسه أهو ابن شرعي لهذا الرجل أم لقيط وجدوه على الرصيف.
تحركت به الطائرة على الممر.. وقبل أن ترتفع مقدمتها عن أرض المطار. . أخرج سمير منديله وبصق على معاناته وآلامه وحظه، وكأنه يبصق على كل ما يذكره بأيامه الكئيبة. وظل يسرح طوال رحلته في خيال جميل أفاق منه على صراخ عجلات الطائرة وهي تنزلق على أرض مطار ميونيخ. وشرع من فوره في محاولة تحقيق الحلم. . فاتصل بمعارفه هناك لمساعدته.. وسريعاً حصل على وظيفة معقولة بشركة سيمونز الشهيرة فعاش حياة رائعة لم يكن خياله يقوى على وصفها أو يتخيلها.
مرت الأسابيع والشهور وفتانا منهمك في عمله لا يبغي سوى جمع المال. . وبدأ رويداً رويداً في استطلاع الحياة الجديدة. . التحرر الصاخب الذي يغش المجتمع من حوله. . وساعده المال الذي ادخره على المغامرة. . فانغمس في عالم آخر بعدما ضعف أمام إغراء المدينة الساحرة.. بحر هائج من اللذات لا ينتهي مد موجه أو يخمد.. أفرغ بين ضفتيه حياته السابقة لا يكاد يفيق من نشوته وسكرته إلا ويعود أكثر شراهة وطلباً.
ضمن له مرتبه الكبير التكيف مع حياته الجديدة. . ولأنه فقد هويته – أراد أن يرسم لنفسه هوية جديدة ابتدعها هو . . وهيأت له الظروف خطوطها لخدمة أحلامه وطموحاته. وتبلورت شخصيته الجديدة على مقهى برنسيس حيث الخمر والرقص والنساء.
وذات مساء وكان الزحام على أشده جلس بجواره رجل أنيق ودار حديث بينهما وفهم سمير أن نديمه ينتظر صديقته التي جاءت تخطر كظبي رشيق نفر الجمود والوخم .. وصاح "هاتز مولار" ينادي على صديقته "جينفيف يارد" في ترحاب زائد .. وعرفها على سمير باسيلي الذي غاص في الذهول والمفاجأة.
كانت أنوثتها الطاغية تقتل، وصدرها العاري ترتج لمرآة الخلايا، وسيقانها المرمرية المثيرة تُطيّر العقل.
وعندما قامت للرقص معه .. حرقته نيران الجسد. . وألهبته أنفاسها وهي ترسل تنهداً تسلل الى عقله فأوقفه ودمر مقاومته.. وكانت يداها كالقيد تطوقان رقبته تماماً كالقيد الذي كبل به مصيره ومشواره المقبل. وعندما صحبها هانز وخرجا لم يستطع سمير صبراً.. فلاحقهما بسيل من الاتصالات التليفونية تعمدا ألا يردا عليها لبعض الوقت. . الى أن أوشك الشاب العاشق على الجنون. . فدعاه "هانز" الى شقته وجاءت "جين" كفتنة تتحرك فتتحرك معها الرغبات وتثور معلنة عن نفسها.
ترك هانز الشقة إثر مكالمة تليفونية وتمنى سمير لحظتئذ لو منحها كل غال لديه للفوز بقطرة واحدة من شهد أنوثتها.. ولكن عندما أفاضت عليه بكئوس من النشوة خارت إرادته. . وود لو لم يفق من سكرته الى الأبد.
وكانت خطة السقوط التي رسمتها الموساد أغرب من الغرابة.



سمير وليم باسيلي ـ أول جاسوس يجند أباه للموساد. حلقة 3

قالت له جين :
أنت مصري رائع، أشعرتني بالحب كما لم أعرفه من قبل..
أجابها في ثقة:
هذا ما تعلمته منكم.

سألته في دلال:
ألم تكن لديك صديقة في مصر؟

قطب حاجبيه وأجاب بسرعة:
لا . . لا . . الجنس في مصر ****س بشكل متحرر في الخيال. . وفي السر فقط. والصداقة بين الجنسين لا تعرف الجنس .

في نعومة زائدة سألته وهي تفرك أذنه:
وماذا تقول عني أيها المصري الشقي؟

قال وهو يقبلها: أفردويت ابنة زيوس وهيرا التي ولدت من زبد الماء في بحر إيجه [
1]، وهي الان بأحضاني.
ردت وهي تحتضنه في تدلل:
لا تبالغ كثيراً!!.

ضغطها بين ذراعيه متولهاً وهو يقول:
أنت أروع فتاة عرفتها. . ولن أتركك أبداً.

تنهدت في حزن:
للأسف يا سمير . . سأتركك مضطرة خلال أيام.



انتفض منزعجاً وهو يبعد وجهها عن صدره ليتأمله:
جين ؟ ماذا تقولين؟ عندما عثرت عليك امتلكت الحياة وسأموت بدونك.

عانقته وهي تقبله في حنان بالغ:
فضلت أن أصارحك الآن قبل أن أغادر ميونيخ فجأة.

تشبث بذراعيها فتألمت وقال:
سأجيء معك حتى آخر الدنيا فلا دنيا لي سواك.
مستحيل. .

تنهد في زفرة طويلة وأردف:
سأثبت لك يا جين أن لا شيء مستحيل. .

وفي نعومة الحية قالت:
أرجوك . . أنت لا تعرف شيئاً. . فلا تضغط على أعصابي أكثر من ذلك.

هزها بين أحضانه وهو يردد:
أحبك لدرجة الجنون منذ رأيتك في البرنسيس يا أجمل برنسيس في الدنيا.

أحبك أيها المصري الأسمر "قالتها وهي تداعب شعره في ابتسامة عريضة".
مرت فترة صمت قبل أن يضيف:
تركت مصر وعندما رأيتك أحسست أنك وطن آخر. . نعم أنت الآن لي وطن وأهل وحياة . . ولن أتركك ترحلين فأغترب وأحترق.

تبدلت نبرتها الى نبرة حزن وهي تقول:
أنا أيضاً أعيش معذبة بعدما مات والدي منذ سنوات. إن الوحدة تقتلني وترهقني معاناة القتامة، لذلك فأنا أموت كل ليلة من التفكير والقلق. وبي حاجة الى صديق وحبيب يؤازرني.

تساءل:
أليس هانز صديقك؟

أجابت مفتعلة الصدق والألم:
لا .. إنه رئيسي في العمل وفي ذات الوقت ملكه. إنني مثل سلعة تافهة يروجونها مجاناً.

تجهم وجهه وقطب حاجبيه وهو يسألها:
من ؟ من هؤلاء الذين تقصدين؟

تلتصق به كالخائف الذي يلوذ بمن يحميه..
. . . . . . . . . . . . . . . . ؟

في لهجة جادة يعاود سؤالها:
أجيبيني من فضلك جين ..

تزداد جين التصاقاً به ويرتعش جسدها بين يديه وتهمس بصوت متهدج:
لا أستطيع . . لا أستطيع . . مستحيل أن تثق بي بعد ذلك.

في إلحاح مشوب بالعطف:
أرجوك جين .. أنا أحبك ولن أتركك أبداً. . من هؤلاء الذين تعملين معهم؟

ركزت نظراتها على عينيه موحية له بالأسف:
الموساد ..

موساد ؟ !!
ردد الاسم ويبدو أنه لم يفهم. . إذ اعتقد أنهم جماعة من جماعات الهيبز التي كانت قد بدأت تنتشر في أوروبا وتطوف بالميادين هناك والشوارع.
نعم الموساد .. ألا تعرف الموساد؟
نظرت في عينيه بعمق تستقرئ ما طرأ على فكره .. واقتربت بشفتيها منه وأذاقته رحيق قبلة ملتهبة أنهتها فجأة وقالت له:
إنها المخابرات الاسرائيلية.


ولما رأت جين أن حرارة تجاوبه لم تفتر . تعمدت ألا تحاول استقراء أفكاره، وهيأت رائعات اللذائذ، وأسبغت عليه أوصاف الفحولة والرجولة فأنسته اسمه ووطنه الذي هجره.. والذي خط بالقلم أول مواثيق خيانته.
وبعد أن هدأ قالت له بخبث:
هل ستتركني أرحل؟ بيدك أن أظل بجانبك أو أعود الى تل أبيب. أجاب كالمنوم:
بيدي أنا.. ؟ كيف ؟ لا أفهم شيئاً..

عانقته في ود مصطنع وبكت في براعة وهي تقول:
لقد كلفوني بالتعرف على الشباب العربي الوافد الى ميونيخ، خاصة المصريين منهم وكتابة تقارير عما أعرفه من خلال حوارنا في السياسة والاقتصاد .. لكنني فشلت فشلاً ذريعاً بسبب اللغة. فالمصري أولاً ضعيف في الانكليزية لأنه يهتم بالدويتش، وهم أمهلوني لمدة قصيرة وعلى ذلك لا مكان لي هنا.

وكان الأمر ثانوياً بالنسبة له:
ماذا بيدي لأقدمه لك؟

بتوسل شديد يغمسه الحنان قالت:
تترجم لي بعض التقارير الاقتصادية من الصحف المصرية والعربية وليس هذا بأمر صعب عليك.

أفاق قليلاً وقال:
وهل المخابرات الاسرائيلية تجهل ما بصحفنا لكي أقوم بالترجمة لها؟

أجابت في رقة:
يا حبيبي أريد فقط أن أؤكد لهم أنني ألتقي بمصريين وأقوم بعملي معهم.. ولا يهمني إن كانوا يترجمون صحفكم أو لا يترجمونها. أريد أن أظل بجانبك هنا في ميونيخ. .

وطال الحوال بينهما وعندما خافت جين من الفشل في تجنيده.. أجهشت بالبكاء وهي تردد:
لا حظ لي في الحب. . ويبدو أن صقيع الحياة سيظل يلازمني الى الأبد.

أخذتها نوبة بكاء هستيرية وهي تنعي حظها في الحب وافتقادها للدفء والحبيب. . فما كان منه إلا أنه جذبها الى صدره بقوة وهو يقول:
مهما كنت . . لن أتركك ترحلين.




سمير وليم باسيلي ـ أول جاسوس يجند أباه للموساد. حلقة 4

وأمام رغبته الجامحة وخدعة المشاعر. . أسلم مصيره لها تفعل به ما تشاء. . فجاءته بأوراق وكتب بخطه سيرة حياته. . ومعلومات عن معارفه وأقاربه ووظائفهم وعناوينهم في مصر. وطلبت منه بتدلل أن يمدها بأخبار مصر من خلال المصريين الوافدين الى ميونيخ. فلم يعترض بل كان شرطه الوحيد أن تظل بجانبه.
هكذا سقط سمير في براثن الموساد. وبعد أن غرق لأذنيه في مهامه التجسسية واستسهل المال الحرام. . تركته جين لتبحث عن غيره. . وانشغل هو باصطياد المصريين والتقاط الأخبار. . وقبع في مطار ميونيخ ينتظر الطائرات القادمة من مصر عارضاً خدماته على الوافدين للمرة الأولى.. الذين يسعدون بوجود مصري مثلهم يرافقهم الى حيث جاءوا . . ويقوم بتسهيل أعمالهم في المدينة.
أشهر قليلة . . واستطاع أن يقيم شبكة واسعة من العلاقات. . خاصة مع بعض موظفي مصر للطيران وبعض المضيفين والمضيفات. . ويعود الى مسكنه في المساء ليكتب تقريره اليومي المفصل . . الذي يتسلمه منه مندوب من الموساد كل صباح. . ويقبض آلاف الماركات مكافأة له.
وبعد أن استقرت أموره المالية كثيراً عرف أبوه طريقه.. فزاره في ميونيخ عدة مرات زاعماً أن المشاكل الاقتصادية في مصر تضخمت. . وأنه يطلب مساعدته في الإنفاق على أسرته.
كان سمير يتلذذ كثيراً بتوسلات والده. بل يرسل في طلبه خصيصاً ليستمع الى كلمات الرجاء تتردد على لسانه. . وليرى نظرات التودد تملأ وجهه. وتضخم الإحساس بالشماتة عند الابن تجاه أبيه حتى وصل الى درجة الانتقام.. وكان الانتقام بشعاً ويفوق كثيراً حجم الترسبات التي قبعت برأس الابن تجاه أبيه.
لقد دبر سمير كميناً محكماً لأبيه أوقعه في شراكه عندما صحبه الى مكتب هانز مولار ضابط المخابرات الإسرائيلية في ميونيخ. . والذي يبدو في ظاهره مكتباً للمقاولات.
ولأن وليم فريد باسيلي يعشق النقود .. أوضح له هانز أنه سبب الرفاهية التي يعيش فيها ابنه سمير. وأنه على استعداد أيضاً لبدء علاقة عمل بينهما وتأسيس شركة تجارية كبرى في القاهرة تدر عليهما ربحاً وفيراً. .
عندها . تخيل وليم شركته الجديدة والأموال التي ستغدق عليه. . تخيل أيضاً مقعده الوثير ومكتبه الفخم وسكرتيرته الجميلة وسيارته الحديثة.. وسافر بخياله يجوب شوارع القاهرة يختار موقع المكتب. فأيقظه هانز قائلاً إنه بحاجة الى معلومات اقتصادية عن السوق المصرية. . يستطيع من خلالها أن يحدد خطوطاً عريضة لنشاط الشركة. ولبى وليم الدعوة وجلس عدة ساعات يكتب تقريراً مفصلاً عن احتياجات السوق، وأحوال الاقتصاد في مصر.
دهش هانز لدقة المعلومات التي سردها وليم ومنحه فوراً 1000 مارك، ووعده بمبلغ أكبر مقابل كل تقرير يرسله من القاهرة.




سمير وليم باسيلي ـ أول جاسوس يجند أباه للموساد. حلقة 5

نشط الجاسوس الجديد في كتابة التقارير وإرسالها الى ألمانيا وفي الزيارة التالية لميونيخ فوجئ وليم بثورة هانز بسبب سطحية تقاريره المرسلة اليه. وقال له إن المكتب الرئيسي على استعداد لدفع خمسة آلاف مارك للتقارير المهمة وأنه على استعداد لتدريبه على كيفية جمع المعلومات وكتابتها بعد تصنيفها. وعندما سأله وليم عن المكتب الرئيسي أجابه بأنه في تل أبيب، وهو مكتب مختص بالشؤون الاقتصادية في دول العالم الثالث.
ارتبك وليم فناوله هانز خمسة آلاف مارك في مظروف مغلق قائلاً إنه هدية من إسرائيل من أجل التعاون المخلص. أما التقارير فلها مقابل أيضاً. . وتسلم وليم خمسة آلاف أخرى فانكمش في مقعهده بعدما أدرك حقيقة موقفه ووضعه.
طمأنه هانز بأن علاقتهما لن تكشفها المخابرات المصرية، لأن هذه التقارير ليست مادة سرية فهي موجودة في الصحف القاهرية. وشيئاً فشيئاً. . تطورت العلاقة بين هانز ووليم الى علاقة بين ضابط مخابرات وجاسوس خائن، تحددت بدورات تدريبية خاضها الأب على يد ضباط فنيين، وانتفخت جيوبه بآلاف من الماركات بعدما كثرت تقاريره التي كان يجيد كتابتها بعد تحليلها. . وتعمده مصادقة ضباط القوات المسلحة والعسكريين المسرحين من المحيطين به.
وفي كل زيارة لميونيخ كان هانز يحذره من قراءة قضايا التجسس في الصحف المصرية حتى لا يرتبك ويقع في قبضة المخابرات المصرية التي لا ترحم الخونة. وطمأنه على أسلوب عملهم الذي لا تستطيع المخابرات العربية كشفه. وحتى وإن حدث. . فهم سيتولون رعاية أبنائه والإنفاق عليهم من بعده "وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل تتنصل من الخونة بعد سقوطهم وأنها تأخذ فقط وتمنح قبل السقوط.
أما الابن سمير . . فقد اتسعت دائرة نشاطه في التعرف على المصريين الوافدين وتصيد الأخبار منهم من خلال الدردشة العادية.. وهؤلاء الذين فشلوا في الحصول على عمل. . وشرع بالفعل في تجنيد ثلاثة من المصريين. استطاعوا الرجوع الى مصر وأخبروا جهاز المخابرات المصرية بتصرفات سمير .. ودوره في محاولات الإيقاع بهم لصالح المخابرات الإسرائيلية.. بواسطة فتيات جميلات يجدن استعمال لغة الجسد.
لقد جاءت البلاغات الثلاثة في فترة قصيرة ومن أشخاص لا يعرفون بعضهم، وكانت خطة المخابرات المصرية لاصطياد سمير وابيه محسوبة بدقة بالغة . . وإحكام.





سمير وليم باسيلي ـ أول جاسوس يجند أباه للموساد. النهاية

كان وليم قد افتتح مكتباً كبيراً للمقاولات في القاهرة استطاع من خلاله أن ****س عمله في التجسس . . وجعل منه مقراً للقاءاته بالأشخاص الذين يستمد منهم معلوماته.. خاصة من العسكريين الذين أنهوا خدمتهم . حيث إنهم في الغالب يتفاخرون دائماً بدورهم وبعملهم السابق بصراحة مطلقة. . أمام الأشخاص الذين يبدون انبهاراً بما يقولونه ويسردونه من أسرار عسكرية وتفاصيل دقيقة.
وفي أحد الأيام . . فوجئ وليم برجل ثري عائد من الخليج.. يريد الاستفسار عن إمكانية فتح مشاريع استثمارية وعمرانية كبيرة.
كان الرجل قد أمضى في الخليج سنوات طويلة ويجهل حاجة السوق المصرية للمشروعات. . وتباهى وليم في سرد خبراته مستعيناً بإحصائيات تؤكد صدق حديثه.. واستطاع إقناع المصري الثري بقدرته على اكتشاف حاجات السوق وإدارة المشاريع. وبدا أن الرجل قد استشعر ذلك بالفعل إلا أن حجم ثروته ورغبته في عمل مشاريع عملاقة. . استدعى من وليم الاستعانة بخبرة سمير فكتب له يطلب مجيئه وألح عليه في ذلك. . وجاءه الرد من ابنه يخبره بميعاد قدومه.
وما هي إلا أيام حتى جاء الابن الى القاهرة.. بصحبته شاب ألماني وصديقته أرادا التعرف على الآثار الفرعونية . . فصحبهما سمير الى الأقصر حيث نزلوا بفندق سافوي الشهير على النيل .. ثم مكثوا يومين في أسوان وعادوا الى القاهرة.
كان سمير طوال رحلته مع صديقيه يقوم باستعمال كاميرا حديثة ذات عدسة زووم في تصوير المصانع والمنشآت العسكرية طوال رحلة الذهاب والعودة. . وفي محطة باب الحديد حيث الزحام وامتزاج البشر من جميع الجنسيات . . وقف سمير امام كشك الصحف واشترى عدة جرائد. وبعدما هموا بالانصراف. . استوقفه شاب انيق يرتدي نظارة سوداء برفقته أربعة آخرين وطلب منه أن يسير بجانبه في هدوء.
ارتسمت على وجه سمير علامات الرعب .. وحاول أن يغلفها ببعض علامات الدهشة والاستفهام لكنه كان بالفعل يرتجف.
اعتذر الرجل الأنيق للضيف الألماني وصديقته. . وودعهما سمير بلطف ومشى باتجاه البوابة الى ميدان رمسيس يجر ساقيه جراً محاولاً أن يتماسك. . لكن هيهات فالموقف صعب وعسير.
وعندما دلف الى داخل السيارة سأله الرجل الأنيق ذو النظارة:
أتريد أن تعرف الى أين تذهب؟

أجاب بصوت مخنوق:
أعرف !!

وعندما فكر في مصيره المحتوم . . أجهش بالبكاء. . ثم أغمى عليه بعدما تملكه الرعب وأصابه الهلع. . وحملوه منهاراً الى مبنى المخابرات العامة ليجد والده هناك. . نظراته أكثر هلعاً وصراخه لا يتوقف وهو يردد:
سمير هو السبب !!

واكتشف وليم أن الثري القادم من الخليج ما هو الا ضابط مخابرات . . واكتشف أيضاً أن تقاريره التي كان يرسلها الى الخارج تملأ ملفاً كبيراً.
ولم يستغرق الأمر كثيراً. فالأدلة دامغة والاعتراف صريح. وكان الحكم في مايو 1971 عادلاً لكليهما. الإعدام للإبن و15 عاماً أشغال شاقة للأب. . وعار أبدي للأسرة حتى الجيل المائة .. وكانت النهاية الطبيعية لكل خائن باع النفس والوطن
__________________


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


من اهم مواضيعى

مصر بلد الوحوش
http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4


حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010

http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013


صور مضحكة من مصر !!!!!
http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756

لا اله الا الله محمد رسول الله
رد مع اقتباس
  #69  
قديم 28-02-2010, 06:41 PM
الصورة الرمزية king mimo20
king mimo20 king mimo20 غير متواجد حالياً
من انا؟: احمد طلعت سليمان
التخصص العملى: محاسب
هواياتي: البحث والاطلاع ولعب كرة القدم
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الموقع: فى ام الدنيا مصر
المشاركات: 859
king mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond reputeking mimo20 has a reputation beyond repute
رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية

السيد محمود .. علّم أخوه التجسس فاحترف!!


عالم المخابرات والجاسوسية عجيب كل العجب. إنه بالفعل يفتقد العواطف. . ولا تصنف أبداً تحت سمائه، حتى وإن بدت المشاعر مشتعلة متأججة – فهي زائفة في مضمونها، ووجودها فقط لخدمة الموقف ثم تنتهي الى أفول.

جاسوس من جواسيس الاسكندرية، استغل شقيقه المجند بالقوات المسلحة، وجنده ليحصل من وراء معلوماته العسكرية على مال وفير.
كلها قصص تؤكد أن علاقات الدم والرحم ومشاعر الحب – تتوه بين غمام عالم الجاسوسية الغامض . . وتمحي . . في لحظة يغيب فيها العقل .. ويغتال الانتماء.. !! الصدمة الفجائية
بالرغم من التنسيق الاستخباري الامريكي الصهيوني الذي وصل الى أعلى المستويات . .فقد جاءت حرب أكتوبر 1973 لتثبت عجز المخابرات الاسرائيلية والامريكية وهزيمتها معاً إزاء هذه الحرب المفاجئة. فقد طار زيفي زامير رئيس الموساد (كما طار من قبله مائير عميت قبل حرب يونيو 1967) الى كل من أوروبا وأمريكا بمهمة سرية.. ليحاول التحقق من المعلومات التي وردت اليهم قبل حرب أكتوبر باستعدادات العرب للهجوم على إسرائيل.
وفي صباح السادس من أكتوبر بعث ببرقية محمومة من نيويورك الى جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل تقول: "إن الحرب ستبدأ اليوم". وكان الأوان قد فات. وكانت مفاجأة الحرب التي منيت بها إسرائيل، نتيجة "الفكرة" الخاطئة التي يتمسك بها القادة الإسرائيليون، والمستندة الى أن الحرب لن تقع بسبب عجز العرب عن القيام باتخاذ قرار الهجوم ضدهم.
كقد كانت هذه "الفكرة" متأصلة الجذور في أذهان العسكريين الإسرائيليين، حتى أن الجنرال "إلياهو زعيرا" – الذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية – ذهب في ظهر ذلك اليوم الى مؤتمر صحفي في تل أبيب وهو مطمئن الى حقيقة "الفكرة".
وعندما تكلم بهدوء وثقة الى الصحفيين قائلاً: "لن تقع الحرب". اقتحم المكان ضابط برتبة ميجر ودفع ببرقية الى الجنرال زعيرا في غرفة المؤتمر الصحفي، وعندما قرأها هذا، خرج من الغرفة ولم ينبس ببنت شفة، ولم يعد مرة أخرى. وأدرك الصحفيون الحقيقة على الفور، فقد وقعت الحرب، وفي جمع أرجاء تل أبيب. . أخذت صفارات الإنذار ترسل صيحاتها.
هذا التقييم الغير صحيح للمعلومات التي تجمعت لدى المخابرات الاسرائيلية، والتي وصلتها قبل الحرب بمدة كافية وتتعلق بالحشود المصرية والسورية، أكد على تقصير المخابرات الاسرائيلية في تحليل النوايا العربية. . والاستعدادات العسكرية التي سارت بخطوات دقيقة وسرية للغاية، وخدعت أجهزة المخابرات الصهيونية والأمريكية، بما يدل على جهل هذه الأجهزة بمؤشرات الحروب والأزمات .. مما أدى الى تفويض نظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على قوة جهاز مخابراتها، وعلى عنصر إنجاح الطيران في تنفيذ الضربة الوقائية وإفشال الاستعدادات العربية.
وبعد توقف الحرب، عمدت الحكومة الاسرائيلية الى التحقيق في كارثة يوم الغفران وشكلت لجنة "إغرانات" لتحديد موضع الخلل والتقصير. . وقد رأت اللجنة أن الاستخبارات العسكرية هي المسؤولة عن تقييم نوايا وقدرات القوات العربية. . وأشارت الى أربعة مسؤولين بها غير مرغوب فيهم ويفضل تسريحهم. . كان على رأسهم بالطبع إلياهو زعيرا رئيس المخابرات العسكرية.
ولذلك، نشطت أجهزة المخابرات الاسرائيلية المختلفة. . وعملت على تلافي هذا الخطأ المدمر الذي راح ضحية له آلاف الجنود والضباط، وسبب الذعر في كل أرجاء إسرائيل، وقررت ألا تترك معلومة، ولو تافهة صغيرة، إلا وحللتها وتأكدت من صحة ما جاء بها. وذلك من خلال تجنيد طابور طويل من العملاء والجواسيس في كل البلاد العربية. . يمدون إسرائيل بجسر متصل من المعلومات السرية يومياً، فتستطيع بذلك تدارك أية كوارث أخرى قبل وقوعها. وكان لا بد من القيام بعدة انتصارات هامة. . تعيد الثقة الى هذا الجهاز الذي أثبت فشله في التنبؤ بحرب أكتوبر.
وعلى هذا الأساس .. صعّدت قيادة جديدة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، تتعطش لإثبات جدارتها ومقدرتها، وأخذت على نفسها أمر حماية إسرائيل من الخطر الدائم المحيط بها. ورصدت ملايين الدولارات تحت تصرف هذه الأجهزة. وكان للموساد الإسرائيلي نصيب أكبر منها لتجنيد العملاء والجواسيس، وشراء ضعاف النفوس في كل مكان.
ولم تعد المخابرات الاسرائيلية تلقى بالاً للعناصر التي تعيش على هامش الحياة، بل سعت لتجنيد البارزين في المجتمع، ومن ذوي المراكز الدقيقة الهامة. إذ لم يعد عمل الجواسيس مقصوراً على الإنصات الى ثرثرات سكير في حفل كوكتيل. . أو تخاويف جاهل بالأمور يدعى المعرفة بكك شيء، وإنما أصبحت مهمة الجاسوس تتعلق الى حد بعيد بالحصول على الوثاقئق السرية وتصويرها . . وإعادتها الى مكانها الذي أخذت منه. . ومن ثم إرسال ما صوره الى مركز اتصاله.
وأيقنت المخابرات الاسرائيلية أن المعلومات المجموعة .. سواء بالوسائل البشرية أو التكتيكية، لا تكتسب قيمتها الكاملة .. إلا بعد الدراسة والتحليل والتركيب والاستقراء م نقبل خبراء أخصائيين على مستوى عال من العلم والخبرة.
وبسبب الخوف من "مفاجآت" العرب الغير سارة – أطلقت إسرائيل جواسيسها داخل البلاد العربية، يجمعون لها الأسرار العسكرية والصناعية. . وكل ما يتصل بأ/ور الحياة اليومية بما فيها أرقام هواتف وعناوين المسؤولين.
وهذا ليس عبثاً من جانب العدو، إنما هو عمل مخابراتي أصيل، وتخريبي يؤدي الى نتائج خطيرة فيما لو أتيح استعمال هذه المعلومات. . فعملاء إسرائيل السريين لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة مهما كانت حقارتها لتحقيق أهدافهم ومهامهم.
ويبدو أن المخابرات العربية قد تفهمت بحق تغير أسلوب جهاز المخابرات الاسرائيلي. . خاصة بعد تجديد دماء رؤسائه ومديري أقسامه المختلفة .. والحرص على اصطياد الخونة العرب في كل مكان .. ودفعهم الى بلادهم بعد دورات تدريبية ينشطون بها مداركهم. . ويوقظون لديهم الحاسة الأمنية .. ويزرعون بداخلهم الولاء لإسرائيل بإغراءات المال والجنس، وبالتهديد أحياناً كثيرة.
لذلك .. فقد كان على المخابرات العربية أن تنشط هي الأخرى لتواجه هذا النشاط المضاد. وكان أن أعلن مسؤول كبير في المخابرات المصرية في 10/10/1974 بأن أي مواطن مصري تورط تحت أي ظروف مع جهاز المخابرات الإسرائيلي، فإنه في حالة التبليغ عن ذلك فور وصوله الى البلاد أو لأي سفارة من سفاراة مصر. . فسوف يعفى نهائياً من أية مسؤولية جنائية. . ولا توجد له أي تهمة مهما كانت درجة تورطه.
وأضاف المسؤول: إن المخابرات المصرية تعلم الأساليب التي تتبعها المخابرات الاسرائيلية .. والظروف التي يقع تحتها المواطن مرغماً، مما يغفر له ما وقع فيه مادام قد قام بالإبلاغ خدمة لوطنه.
وفي نهاية البيان . . أعلن المسؤول الكبير نبأ القبض على جاسوسين شقيقين يقومان بالتجسس لصالح المخابرات الاسرائيلية .. وأنهما بين أيدي المحققين لاستجوابهما. . وسوف يحالان للمحكمة المختصة فور انتهاء التحقيق.
فلنفتح ملف القضية ونقرأ ما به.
دراسة الحالة
في الثاني عشر من مارس 1929 ولد "السيد محمد محمود محمد" بالاسكندرية لأسرة ثرية يعمل معظم أفرادها في "البحر". وانصرف السيد عن دراسته مبكراً ولم يحصل على الشهادة الاعدادية، فكان شغفه بالبحر أعظم من فصل المدرسة لديه.
لذا .. فقد أثمر هذا الحب لكل ما هو "بحري" عن خبير بالشؤون البحرية يشهد له الجميع بذلك. وكان عمله في ميناء الاسكندرية قد أتاح له – من خلال عائلته – الارتباط بصداقات عديدة بالعاملين بالميناء، ومعرفة أدق التفاصيل عنه.
وفي الثانية والعشرين من عمره .. أحب ابنة صديق للأسرة يعمل في الميناء أيضاً. وتزوج من "إخلاص" وعاشت معه في شقة رائعة بمنطقة سيدي جابر.
ومرت به الأعوام وهو يكبر بين أصحاب المهنة وتتسع علاقاته واتصالاته. وينجح في عمله الى مدى بعيد. فاستثمر هذا النجاح وامتلك 40% من الباخرة التجارية اللبنانية "م. باهي" وترك العمل على الشاطئ لينتقل الى عمق البحر، إذ عمل مساعداً للقبطان. . وبدأ يبتعد كثيراً عن الاسكندرية في رحلاته الى موانئ العالم. . فزداد الماماً بعلوم البحر والطقس .. وامتلأت جيوبه بالمال فاستثمره هذه المرة في الزواج من فتاة صغيرة رائعة الجمال .. كان قد التقى بها في المعمورة ورآها "غادة" حسناء تمرح على الشاطئ كأنها عروس البحر.
لقد كلفه الزواج منها مبالغ طائلة أرهقت ميزانيته. وتورط بسببها حتى اضطربت أحواله المادية أكثر بعدما احتاجت الباخرة لـ "عمرة" كاملة، كان عليه أن يدفع 40% من تكلفتها، فقد كانت بينهم وبين شركة التأمين مشاكل طائلة أدت الى تعسرهم مالياً.
وأمام أزمته الطاحنة .. اضطر السيد محمود الى "رهن" نسبة من نصيبه في الباخرة، وكان من تلك الفترة قد دخل بكل قوة الى دائرة الإفلاس التي تضيق حوله وتعتصره.
كان السيد محمود قد قارب الأربعين من عمره، وسيم أنيق المظهر، خبير بالأمور البحرية. . وأعلى خبرة بشؤون النساء وأنواع الخمور. . وكان لا ييأس إذا ما صدته امرأة أو تجاهلته فتاة جميلة. فهو يملك من وسائل اجتذابها ما يحير العقول، يساعده على ذلك لسان زلف رقيق، وعينان بريقهما عجيب كل العجب يسهل له مسعاه، وكانت علاقاته النسائية متعددة برغم زواجه من اثنتين.. ولا يكف عن إثبات ذاته أمام الفتيات الصغيرات اللاتي ينجذبن سريعاً لطلاوة حديثه وجرأته، ولقدرته الفائقة على احتوائهن.
كان أيضاً يستغل المال في شراء النساء بالهدايا القيمة التي يجلبها من الخارج كلما عاد محملاً بها. . في وقت كانت الأسواق المحلية تفتقر الى البضائع المستوردة التي تلقى إقبالاً شديداً خاصة حوائج النساء.
كل ذلك ساعد بطريقة أو بأخرى على تعدد علاقاته النسائية ومفاخرته بذلك أمام أصدقائه الذين طالما حسدوه لحظه الواسع من الجنس اللطيف.
هذه المغامرات . . خلافاً لليالي الأنس والفرفشة. . التي كان يقيمها في شقة خاصة في سبورتنج .. كانت تستنزف منه أموالاً كثيرة أيضاً، وأدت الى ابتعاده – مؤقتاً – عن هوايته في تصيد النساء .. التي أرهقت مدخراته وإن كانت قد قضت عليها بالفعل.
وأثناء توقف الباخرة للإصلاح بميناء نابولي الايطالي. . ذهب السيد محمود الى روما. . وبالمصادفة قابله هناك صديق قديم من يهود الاسكندرية اسمه فيتورا . . قال له إنه يعمل ضابطاً إدارياً في شركة السفن التجارية الايطالية.
وعلى مدار جلسات طويلة بينهما. . استعرضا مراحل حياتيهما الماضية والحاضرة. وشكا له فيتورا شوقه الشديد لزيارة الاسكندرية، فدعاه السيد محمود لزيارته هنا وهو على ثقة بأنه لن يلبي دعوته. . لكن خاب ظنه عندما فوجئ به يزوره بالاسكندرية.
وخلال هذه الزيارة الغير المتوقعة .. تكشف لفيتورا أمر صاحبه ومدى معاناته. . بسبب أزمته المادية الحرجة التي تنغص عليه حياته، وتتهدد مستقبله كله. خاصة وهو صاحب بيتين وزوجتين . . وحجم المصروفات يزداد كل يوم يمر. وصارحه السيد بمدى يأسه من صلاح حاله والسفينة قد فتحت فاها ولا تريد إغلاقه، وأنه أخيراً باع نصيبه بالديون التي تراكمت عليه وتضخمت. وطلب من صديقه اليهودي راجياً أن يبحث له عن عمل في أي مكان من العالم.
وبعد تفكير .. أخبره فيتورا أنه سيعمل على تقديمه لصديق إنجليزي يعمل صحفياً على منظمة "حلف شمال الأطلسي" ويقيم في أمستردام بهولندا. وعندما سأله السيد عن نوع العمل الذي قد يقوم به مع صديقه الصحفي، أخبره فيتورا أن مجال الصحافة ليس له حدود. لأنه يتدخل في شتى المجالات وليس قاصراً على معلومات بعينها.
ولما أكد له أن الصحافة الأجنبية تدفع كثيراً. . تهلل السيد محمود فرحاً. . وطلب بإلحاح من فيتورا أن يسعى عند صديقه الانجليزي، وأنه مستعد للتعامل معه كمراسل صحفي بالشكل الذي يرضاه.
وفي اليوم التالي ادعى فيتوار أنه اتصل بصديقه في أمستردام وعرض عليه الأمر، فوافق وطلب موافاته بعدة تقارير اقتصادية وتجارية وسياسية. . مع التركيز على ميناء الاسكندرية وكتابة بيانات شاملة عنه وعن الحركة التجارية والملاحية والتسويقية من خلاله.
فرح السيد محمود كثيراً واستغرق عدة أيام في كتابة التقارير بعدما زار الميناء الحيوي للاستعانة بصداقاته هناك في الحصول على إجابات وافرة على العديد من التساؤلات. . ثم حزم حقيبته وسافر برفقة صديقه الى أمستردام رأساً حيث نزلا بفندق "أمريكا" الفخم.
وفي الفندق. . زاره الصحفي البريطاني "ميشيل جاي طومسون" – الذي هو في الأصل ضابط مخابرات إسرائيلي – واستغرق وقتاً طويلاً في الحديث معه ومناقشته فيما جاء بتقاريره الهامة. . ووجد السيد محمود نفسه يعيش حياته السابقة من جديد حيث الخمر والنساء الجميلات.. وبخاصة كريستينا الرائعة التي قدمها له طومسون كصحفية تعمل معه. وغاب عن ليومين تاركاً كريستينا معه وتحت أمرته.
الجاسوس المغيب العقل
كانت الفتاة اليهودية المثيرة تعلم أنه زوج لاثنتين. وزير نساء خبير بأمورهن، ولذا كان عليها أن تكون مختلفة عن كل النساء اللاتي عرفهن. فأبدعت في إثارته الى درجة الهوس. وفي حجرته بالفندق لم تسكره الخمر بقدر ما أسكره دلالها. . وجسدها الأنثوي الذي تفوح منه رائحة الرغبة. . فكانت تدعوه اليها وتتمنع، وكلما اقترب منها زادته لسعات النشوة ليمتشق سلاح الصبر وما صبر لديه، فيهوى سكراناً بين يديها، يمتص معتق الخمر من نهر الحياة بين نهديها، وترتجف خلجاته نشوانة لفعل اللذة الساحرة، ويقسم بأنه ما ذاق من قبل طعم امرأة، ولا ذهب عقله بلا خمر إلا معها.
فتضحك العميلة المدربة في نعومة آسرة، وتخبره بأنها تعمل مع طومسون لصالح المخابرات الامريكية. . إضافة الى عملها في "حلف شمال الأطلسي" فلم يندهش العاشق الغارق بين أحضانها أو يحس بمدى الخطر الذي يحيط به. وعندما جاءه طومسون . .أبلغه تحيات فيتورا الذي سافر الى استراليا، "حيث انتهت مهمته الى هنا".
رجع السيد الى القاهرة ومعه مئات الدولارات. . والعديد من الهدايا التي حرم من حملها لفترة طويلة. وأيضاً – يحمل عدة تكليفات محددة عليه الكتابة عنها بتفصيل. وأغراه ضابط الموساد بمبلغ كبير لكل تقرير مفصل. . يحوي معلومات قيمة لا تتوافر في المادة الصحفية المنشورة في الصحف المصرية.
وما هي إلا أسابيع حتى سافر الى أمستردام مرة ثانية بحقيبته عدة تقارير غاية في الأهمية. وإحصائيات عن حركة ميناء الاسكندرية اليومية.
اندهش طومسون لغزارة المعلومات التي جلبها تلميذ الجاسوسية الجديد. واهدى اليه كريستينا لعدة أيام مكافأة له، فغيبت عقله وحركت بداخله كل إرهاصات النشوة وتياراتها المتلاحقة.
نوع آخر من النساء هي. دربها خبراء الموساد على التعامل مع المطلوب تجنيده بأساليب شتى تجعله يعشق الجنس. . ويدمنه . . فكانت تزرع لديه اعتقادات الفحولة التي لا يتمتع بها سواه. وبنعومة الحية تنسج معه قصة حب ملتهبة مفعمة بالرومانسية الخالصة ثم تمتزج بالجنس فيختلط الأمرين ويقع الضحية فريسة الرغبة الشديدة في الارتواء والتي عادة ما تنطفئ أو تخمد.
فالعميلة المدربة تملك سلاح تأججها الدائم. والقدرة على السيطرة على الضحية بسلاح الضعف وعدم إيثار اللذات. . هكذا تفعل عميلة الموساد التي تخرجت من أكاديمية الجواسيس في إسرائيل برتبة عسكرية . . وترتقي وظيفياً كلما أجادت استخدام لغة الجسد في "العمل".
فالجسد الانثوي – مادة خصبة تجتذب ضعاف النفوس . . أمثال السيد محمود الذي نظر في بلاهة الى فتاته العارية وهي تقترب من لحظات الذروة . . حينما تصرخ وتخبره في ضعف أنها إسرائيلية تحبه وتعشقه وتعبده. ويكمل صعود المرتفع وحين يهبط.. تكرر عليه القول فلا يهتم. وتفهم من ذلك أنه سقط. . سقط لآخره في عشقها وحبائلها. . ولأنه مغيب العقل فلا مفر من استسلامه. وبعد عدة أيام – كان في طريقه الى الاسكندرية – عميلاً للموساد الاسرائيلي، فهناك أحاديث سجلت له، وأفلام فاضحة تظهر لحظات ضعفه وشذوذه مع العميلة المدربة، وهناك ما هو أهم – التقارير الخطيرة التي كتبها بخط يده.
أغمض عينيه ولم يهتم بالنداءات المستمرة التي كانت تصدر عن جهاز المخابرات المصرية. . والتي تعفي أي مصري تورط مع الموساد بشرط الإبلاغ الفوري . . وتجاهل كل تلك النداءات لظنه أن إبلاغهم بالأمر. . معناه حرمانه من آلاف الجنيهات التي يحصل عليها مقابل عدة تقارير لا يبذل في جمعها مجهوداً يذكر . . فالمعلومات متوفرة بكثافة وكل معلومة لها ثمن يحدده هو حسب أهميتها. عليه إذن أن يبحث عن كل ما هو مهم لتزداد مكافآته. ويكبر راتبه الشهري الذي حددوه له بـ 500 دولار .. مبلغ كبير بلا شك من أين له بمثله إذا امتهن أية مهنة؟
كان يكتب تقاريره التفصيلية وبضمنها كل المعلومات التي تصل إليه. . ويتوقع أرقاماً معينة ثمناً لها.. ويسرع بالسفر الى أمستردام كلما تضخمت لديه المعلومات ليجد في انتظاره كريستينا وطومسون. هي تمنحه جسدها، وتزيل عنه أعباء الخوف الذي يتملكه عندما تنشر الصحف المصرية قصة القبض على جاسوس لإسرائيل. . وطومسون يعمل على إزالة الخوف منه بتدريبه على استخدام الشيفرة في الكتابة بالحبر السري، وعلى استعمال الراديو لاستقبال التعليمات من خلاله بالشيفرة وطريقة حلها وأسلوب تنفيذها. . وتدريبه أيضاً على كيفية تمييز الأسلحة بالنظر. وكان طومسون يؤكد له بصفة مستمرة. . أن التدريب الجيد فيه تأمين له .. وحصانة ضد الخطأ الذي قد يوقع به . . ويحثه دائماً على الالتجاء الى العلم. . والى التزود بالحس الأمني العالي لحماية نفسه.
المصير الأسود
ومع جرعة التدريب العالية التي نالها. . عاد السيد لاستئناف نشاطه بشهية مفتوحة ومحفظته متخمة بالأموال . . وحقائبه ملأى بالهدايا. . وعرف أكثر وأكثر قيمة كل معلومة يجمعها. خاصة المعلومات العسكرية.
ولما كانت مصادر معلوماته العسكرية معدومة.. فكر في تجنيد شقيقه الأصغر "أمين" المجند بالقوات المسلحة. فاستغل حاجته الى النقود فترة تجنيده. . للإنفاق على نفسه على حبيبته التي يستعد للزواج منها، ولعب على هذا الوتر، وكلما أمد شقيقه بالنقود كلما أخضعه له.
لم يكن الأمر صعباً على أمين هو الآخر، فببعض معلومات عسكرية لا قيمة لها عنده . . يمنحه السيد مقابلاً كبيراً لها .. وعندما سأله أمين ذات مرة ضاحكاً: - هه يا أخي . .هل تعمل جاسوساً؟‍!
انتفض كالملسوع واكفهر وجهه وقام على الفور وصفعه بشدة قائلاً:
إياك أن تخبر أحداً بهذا الأمر . . أنا أعطيك مبالغ طائلة مقابل معلوماتك، وكلمة واحدة وتنتهي حياتنا الى الأبد.
وانخرس أمين ولملم جرأته وانغمس مضطراً بسبب المال الى الاستمرار في إمداد شقيقه بالمعلومات.
وذات مرة .. عرض عليه السيد أن يجلب له خرائط عسكرية. . ولوحات هندسية لتصميمات بعض المواقع الهامة. وتخوف أمين في البداية، وأمام إغراءات المال استجاب أخيراً ولكنه ساومه على الثمن، وتفاصلا في المبلغ حتى اتفقا.
وعندما رأى طومسون الصور العسكرية واللوحات البالغة السرية. . احتضن الجاسوس الخائن وقال له "سأكتب حالاً بذلك الى إسرائيل وسأطلب لك مكافأة سخية" وجاء الرد من تل أبيب يفيض كرماً وسخاءً.
هذه المرة .. لم يهتم السيد كثيراً بعشيقته التي لم تأت لمقابلته، بل انحصر اهتمامه في القيمة المادية التي سيتحصل عليها ثمناً لما أمدهم به، ولم يمكث كثيراً بأوروبا إذ عاد على وجه السرعة. . حيث جاءه مولود جديد من زوجته غادة بعد محاولات فاشلة سابقة، وحيث ينتظره أخوه أمين . .الذي يجهز شقته استعداداً للزواج من حبيبته "توحة".
كانت حرب أكتوبر قد انتهت. وكثف أمين من نشاطه في تصوير المستندات العسكرية والخرائط قبل خروجه من الجيش الى الحياة المدنية. وحرمانه من المبالغ الخيالية التي يحصل عليها من شقيقه، وهذا ما أوقع بالخائن وبشقيقه في قبضة المخابرات المصرية. .
فقد حامت شكوك حوله مصادر المال الذي ينفقه أمين بشراهة، ولفت انتباه أحد زملائه اهتمامه بالحجرة التي تحوي تصميمات هندسية سرية لممرات الطائرات في المطارات الحربية. . وقواعد يجري إنشائها في عدة مواقع سرية.
ووصلت الشكوك الى القائد الذي جمع التحريات عن الجندي أمين . . فاتضح له أنه يغدق بالهدايا على زملائه. .وأقام صداقات قوية للحصول على أجازات من القوات المسلحة يقضيها في اللهو والمجون.
وبوضعه تحت المراقبة هو وشقيقه السيد، وكانت النتيجة الحتمية سقوطهما في قبضة المخابرات المصرية وهما في غفلة من الزمن لا يتصوران أن أمرهما قد ينكشف في يوم من الأيام.
هكذا فاجأ فريق من رجال المخابرات العسكرية شقة أمين. . وتم العثور على وثائق عسكرية هامة، تحوي خرائط ولوحات لمواقع استراتيجية، اعترف أمين في الحال أنه جلبها لشقيقه السيد مقابل مائة جنيه. . وبمداهمة شقة السيد وجدوه يخبئ وثائق أخرى بجيب سحري بقاع حقيبته. . فانهار لا يصدق . .وأخذ يلطم خديه ويردد: - الطمع والنسوان ضيعوني . . وأنا أستاهل.
وضبطت لديه كل أدوات التجسس . . الأحبار السرية. . جهاز الراديو .. جدول الشيفرة .. الكاميرا. . الخ.
واستمر التحقيق معهما، ابتداء من 28 مارس 1974 حتى ديسمبر 1974 حيث اعترفا خلاله بتهمة التجسس لصالح المخابرات الاسرائيلية..
وعندما نطق القاضي بالحكم، دوت صرخات عالية في القاعة من ثلاثة نساء، كن إخلاص وغادة وتوحة، واقتيد السيد محمود ليقضي 25 عاماً في أحد سجون الصحراء، وكان منظراً عجيباً في قفص المتهمين بالمحكمة، إذ أمسك أمين بتلابيب شقيقه الأكبر وغرس فيه أظافره وأنيابه وهو يصرخ:
إنت السبب يا مجرم، أنا ح اقتلك. . ح اقتلك. . ضيعت خمستاشر سنة من عمري أونطة يا . . . . . وباعدوا بينهما واقتيد كل منهما في عربة مصفحة حيث ينتظرهما مصير أسود .. لا ضوء فيه ولا شعاع. .
فالطريق غامض تحفه المخاطر والأهوال . . !!





عبدالله الشيعي . . جاسوس الموساد الدميم..!!

من النيل الى الفرات، خريطة تحتل مساحة كبيرة على أحد جدران الكنيست الاسرائيلي تذكر اليهود بحلم دولة إسرائيل الكبرى، الذي لم يزل يراود خيالهم. فأرض فلسطين المغتصبة ليست جل آمالهم، فقط هي نقطة بداية وارتكاز، يعقبها انطلاق، وزحف في غفلة منا، لتحقيق الحلم الأعظم.
هكذا . . وعملاً بالتعاليم والأهداف اليهودية، تفشت ظاهرة الخيانة بين يهودي العراق، واستفحل هذا الداء واستشرى، خاصة في الستينيات من القرن العشرين، الذي نشطت فيه الحروب السرية بشكل لم يسبق له مثيل، إذ كلما ضبطت الأجهزة الأمنية في العراق إحدى شبكات الجاسوسية، تكونت بدلاً منها شبكتان، كأن الجاسوسية حالة إدمان يصعب شفاؤها.
وبرغم الأحكام القاسية والمفترض أن تكون رادعة، في ظل قانون حاسم قوي لا يرحم، إلا أن الخونة أخذوا في الازدياد والتكاثر، لا ترهبهم قصص الجواسيس المنشورة بالصحف، أو أحكام الإعدام التي تنفذ، فالدعاية اليهودية كانت تروج الأكاذيب، وتدعي أن محاكمات "العملاء" محض افتراء ودعاية محسوبة، لتخويف المتعاونين المخلصين مع الموساد، وإرباك تحركاتهم ونشاطاتهم، وبالتالي الوقوع في أخطاء قد تقودهم لحبل المشنقة.
من بين هؤلاء الخونة الذين صدقوا الأكذوبة الإسرائيلية.. عبدالله سليمان الشيعي العراقي ذو الجذور اليهودية.
ولد عام 1931 بمدينة "الحلة" الواقعة على نهر الحلة لأب عراقي وأم إيرانية كان أبوها يهودياً أعلن إسلامه كذباً. . وعندما وعى عبد الله الحياة، اكتشف حقارة مهنة أبيه "جسّاس المواشي" . لذلك سعى بشدة للتفوق في دراسته ليلتحق بجامعة بغداد، بعيداً عن الحلة التي كره الإقامة بها، وتحقق حلمه بعد طول معاناة.
فبعد أربعة أعوام في الجامعة حصل على ليسانس الآداب، وعمل بالتدريس بإحدى مدارس العاصمة، وكان عمره في ذلك الوقت خمسة وعشرين عاماً تقريباً.
لم يذق عبد الله للحب طعماً في الجامعة أو قبلها، فوجهه ذو الأنف الضخم، الذي يشبه أنف سيرانودي برجراك ، وفكه البارز جداً أبعد عنه الفتيات، بل وأخاف الأطفال منه، لذلك فقد افتقد الحب والصديق، وانطوى على نفسه تغلفه الوحدة، وتقتله الحسرة والكراهية.
لقد بدأت معاناته الحقيقية بمأساته في طفولته المبكرة، وفي المدرسة الاعدادية بحي الأعظمية، اكتشف دمامة أخرى في صوته، جعلت من مخارج الحروف نشازاً يضحك زملاءه بالمدرسة، ويجعله مصدر سخرية مؤلمة دائماً، فاهتزت ثقته بنفسه وملأه الحقد على كل من حوله، وود لو أنه يمتلك المال الذي يعوض دمامته، لكنه سرعان ما يدرك مدى افتقاده للاثنين معاً، ولم يكن من السهل عليه أن يفك عقده النفسية، أو يحس ببعض الرضا، فشرنقة من العقد أحاطته، وحبسته داخل ظلمة لا حدود لها، حجبت عنه الأمل في إشراقة تتبدل معها حياته.




عبدالله الشيعي..جاسوس الموساد الدميم...حلقة 2

إنسان على شاكلته يعيش منفرداً، مزوياً في أركان المجتمع، لم يجد له منفثاً إلا في "الكولية" حيث عثر على ذاته بين أحضان عاهرة بالغت في الاهتمام به كزبون دائم لا يضاجع سواها.
ذات مرة .. سألها عما دفعها لتمتهن الدعارة، فحكت له الكثير عن مأساتها، وكيف هربت من أهلها بعدما خدعها الحبيب، الذي مات في إحدى الحملات العسكرية على الأكراد، وكانت حاملاً منه، فلم تجد ملاذاً إلا بيت الكولية.
دموعها وهي تروي قصتها أوهمته بأنه أحبها. وسيطر عليه هذا الشعور الجميل، فلم ير غضاضة في عرض فكرة الزواج منها، ولكم كانت صدمته أشد قسوة رفضته العاهرة . . بسبب دمامته.
حينئذ . . تصاعدت مأساته الى ذروتها، وغادر بيت الكولية يجرجر خيبة أمله، تفوح منه الكراهية للحياة ولسائر الناس، وفي حجرته وقف أمام المرآة يتأمل وجهه، واستغرقه ذلك وقتاً طويلاً ليفيق على حقيقة أكدها لنفسه، أن الثراء أمر حتمي سيقرب الناس منه، ويجعلهم يتغاضون عن ملامحه الغير مقبولة فإن للمال سحراً خاصاً ووهجاً حلو المذاق يدير الرؤوس، فلا بد إذن من الوصول اليه مهما كانت المصاعب، وبدأ في تنفيذ سياسة تقشف كتلك التي تلجأ اليها الدول النامية لتحسين أوضاعها، وأقسم على ألا يفسد خطة حياته المستقبلية، في أحلك الأزمات عنفاً، بإنفاق دينار في غير مكانه.
كانت الدنانير الستة والثلاثين، وهي كل راتبه، مبلغاً محترماً في ذلك الوقت، وحسب الخطة التقشفية التي وضعها لنفسه، استطاع أن يدخر نصف راتبه، ممتنعاً عن أبسط مظاهر الرفاهية.
ومرت به خمس سنوات عجاف، اعتاد خلالها الحرمان والجوع والبرد، ضارباً بكل إغراءات الحياة عرض الحائط. حتى أقدم على خطبة فتاة فقيرة اسمها "سهيلة"، عاندها الحظ في اللحاق بقطار الزواج لحول واضح بعينيها، فوافقت على الزواج منه راضية بما قسم لها، وعاشا معاً بمسكن متواضع بحي الكاظمية، كلاهما يشعر ببساطة حظه في الحياة، واغتراب ليس بمرتحل.




عبدالله الشيعي..جاسوس الموساد الدميم...حلقة 3

بعدما استنزف الزواج غالبية مدخراته، هاجت لديه أحلام الثراء من جديد، فانبرى بسهيلة ذات ليلة يذيقها معسول الكلام، ثم فاتحها بفكرة راودته طويلاً من قبل، وهي استئجار مطعم صغير بثمن مصاغها، تقوم على إدارته بنفسها طوال تواجده بعمله، لكنها بدلاً من الموافقة أعلنته بخبر مولودهما القادم، فزلزله الأمر وغرق في تفكير عميق، فمن أين له بمصاريف الضيف القادم؟ وأخيراً لم يجد مفراً من العمل فترة مسائية، فجاب شوارع بغداد يسعى الى عمل إضافي، الى أن اهتدى ليهودي اسمه خوجه زلخا، كلفه بمساعدة ابنته المعاقة في دروسها.
سر عبد الله كثيراً ولم يضيع وقتاً، وقال في نفسه إنها فرصة طيبة يجب أن يستغلها جيداً، إذ ربما تفتح له أبواباً أخرى للرزق.
قادته الخطى الى حي الرصافة بوسط بغداد، حيث بيوت الأثرياء ذات الحدائق والأسوار، وقصور طالما مر أمامها كثيراً فتثور برأسه آلاف الأسئلة، ويردد: هل ساكنوها تسلعهم أحياناً عضات الجوع والعوز؟
أي أناس هم؟
وكيف يعيشون على ضفة دجلة؟
أفاق أمام منزل خوجة زلخا، وقاده خادم عجوز الى حجرة الصالون، فراعه كل ما وقعت عيناه عليه، وانتبه لخطوات تبدو قادمة، فقام مسرعاً وتهيأ للقاء، وبينما يهذب قميصه ويتحسس هندامه، كانت هي بالباب تبتسم، اقتربت منه محيية مرحبة في لطف، وعندما مدت يدها اليسرى للسلام، لاحظ قصراً كبيراً بيدها اليمنى، ناتجاً عن عيب سببه لها شلل الأطفال، دخل في إثرها زلخا مرحباً ودوداً، وهتف قائلاً: "ابنتي إيرينا" التي جئت من أجلها، أريدك أن تعلمها الإملاء والحساب، ودعاه لزيارة تلميذته في أي وقت، ولا يبخل عليها بعلمه الغزير.
جلس عبدالله كالتلميذ أمام إيرينا ذات السبعة عشر ربيعاً، ألجم حسنها لسانه، وانتشى لبشاشتها معه وتبسطها في الحديث، ولم يلحظ في عينيها تلك النظرة الموجعة التي اعتادها طوال سني عمره الـ 35، فأحاط نفسه بأفكار وأوهام عديدة، صورت له خيالات الحب وارتعاشات نبضاته، وود لو أنه لثم أظافرها في خلوتهما التي تطول وتطول، فلكم كان يتمنى ألا يمضي الوقت لينصرف مغادراً قصر الأحلام ومليكته، الى منزله الرطب الموحش ووجه سهيلة الحولاء.
اختلس ذات مرة لمسة من يدها، بدت كما لو أنه يعلمها ضبط الحروف، فاقترب بوجهه منها،
غابت الصغيرة بين أحضانه مستسلمة وهو يداعب أنوثتها، ويوقظ لديها رغبات دفينة تأججت نيرانها، وعاد بعدها زاحفاً الى بيته لا يدري كيف حملت ساقاه سكيراً لم يذق خمراً. . !؟
لقد نشأ منذ البداية هشاً كارهاً للناس، ناقماً على ظروفه ودمامته، يحلم بالمال الذي سيجلب له العطف والحب، وعندما أدركهما عند إيرينا المراهقة اليهودية، أسلم قياده بل حياته كلها رخيصة لأجل لحظة حب.
هكذا يسقط الضعفاء سقوطاً مدوياً سهلاً وقد عصرتهم المعاناة بأشكالها المختلفة، فهم تمردوا على واقعهم وداسوا القيم، لأجل لذة ما حرموا منها، والبحث عن هؤلاء في خضم البشر المتماوج، هين عند الخبراء وصائدي الجواسيس، ذوي الأنوف الماهرة في التقاط رائحة الضعف لديهم.
وقد يتساءل القارئ: ماذا سيقدم هذا الدميم المزوي المنبوذ الى المخابرات الاسرائيلية؟ والمتتبع جيداً لقصص الخونة، سيرى أن حالة عبدالله الشيعي ليست فريدة في عالم الجاسوسية، فالموساد كغيرها من أجهزة المخابرات العالمية الأخرى، تتخير جواسيسها من كل الفئات والألوان والثقافات دون تمييز، فما يهم هنا هو الإخلاص في العمل. . والولاء اللانهائي.
فقد كان هناك الجاسوس المصري سليمان سلمان، راعي الإبل ابن سيناء، الذي كان لا يقرأ ولا يكتب، جندته الموساد بعدما محت أميته، ودربته تدريباً مكثفاً على فنون التجسس، وابتركت له شفرة خاصة تعتمد على الحروف الأبجدية العربية والصور، يستطيع بها بث رسائله من خلال جهاز اللاسلكي المتطور الذي سلموه له، فماذا كانت الموساد تنتظر من هذا الأمي، الذي سقط وأعدم بسبب خيانته وغبائه؟ إذن فلا نندهش أمام حالة هذا الجاسوس العراقي الدميم. . !!



عبدالله الشيعي..جاسوس الموساد الدميم...حلقة 4

فعالم الجاسوسية الغامض المثير مليء بالأسرار والمتناقضات، لذا. . فهي حقاً مثيرة جداً، قصص الخونة والجواسيس، تستهوي العقول على اختلاف مداركها وثقافاتها، وتنقلها الى عوالم غريبة، مختلفة، تضج بعجائب الخلق وشواذ الأنفس، فعلماء الإجتماع والسلوك عجزوا في فهم أولئك الخونة، وفشلوا في الكشف عن بذور الخيانة لديهم، أين توجد؟ .. وكيف تمددت لتتشبث جذورها بالشرايين عندهم والخلايا وتتحول في لحظات الى أحراش مظلمة بأعماقهم؟ فلكل جاسوس قصة، ولكل خائن حكاية غلفها العجب، وسربلها الجنون، وإنني بالرغم من مئات الكتب والدراسات التي قرأتها عن هذا العالم الغامض المثير، لا زلت أشعر بجهلي الشديد أمام طلاسمه، ويزيد يقيني بأن وراء كل خائن سراً غامضاً وداءاً مجهولاً لسنا ندركه، ودائماً هناك السؤال: خلايا الخيانة عند البشر . . أهي مثل الذرة تنشطر حتى تغلب العقل كله فتدمره وتسحق الضمير . . ؟!!


لم يدر بخلد عبد الله الشيعي أن هناك عقولاً تخطط كي يسقط، أو أن إيرينا الصغيرة التي بشت له، كانت وسيلة جره واصطياده، وكانت بشاشتها وملاحتها مجرد طعم لاستدراجه الى وكر الجاسوسية، فبعدما احتواها في المرة الأولى، استعذب مذاقها وطمع في المزيد، فنهرته بلطف أقرب الى تمنع الرغبة.
ففي بيتها التقى باليهودي الإيراني عوازي سليمان، عميل الموساد المدرب، ودارت بينهما الأحاديث المطولة، التي استشف منها العميل أن عبد الله لا يحلم سوى بالثراء، فلعب جيداً على هذا الوتر، وطير بخياله الى أحلام طالما عايشته في اليقظة، فتهفت نفسه الى صعود درجات الغنى، مهما كان الثمن فادحاً.
ولتكتمل خطوط القصة. . أوهمه عوازي بأنه يمتلك عقلية فذة، وهو بحاجة اليه لإدارة إحدى مؤسساته التجارية التي يزمع إقامتها في بغداد، ومنحه مائتي دينار مقابل عمل دراسة اقتصادية للسوق.
نشط عبدالله في البحث والتحري، وكتابة تقارير اقتصادية مستمدة من ملفات وزارة الاقتصاد، حصل عليها بمساعدة زميل دراسة اسمه جواد مقابل أربعين ديناراً.
أدهشت التقارير عميل الموساد، إلا أنه أخفى دهشته وادعى تفاهتها، وفوجئ عندما صارحته إيرينا في انفرادهما بأنها تحبه، وطلبت منه أن يبذل قصارى جهده في التعاون مع عوازي، كي تنتعش أحواله المادية فيتزوجا. فقد عقله أمام اعترافها بحبه، ولم يسأل نفسه لماذا؟ أعبقرية فجائية ظهرت عليه؟ أم أن دمامته تبدلت بوسامة جون كونري، وجاذبية كلارك جيبل؟ خاضعاً وعدها بألا يتوانى في العمل من أجل الفوز بها، عازماً على خوض الصعاب بلا ضجر أو كلل، هكذا كانت البداية. ومن هنا تبدأ عملية صناعة الجاسوس !!


عبدالله الشيعي..جاسوس الموساد الدميم...حلقة 5

كان على قناعة تامة بأنه "أخضر" لم يشب بعد، ولذلك استسلم لمعلمه عوازي يشرب على يديه حرفته الجديدة، فأخضعه لدورات أولية في جس نبض الشارع، واستطلاع آراء العامة من الناس في السياسة والاقتصاد، وكيفية تلقط الأخبار والأسرار، زاعماً له أن هذا مفيد جداً للمؤسسة التجارية، حريصاً على ألا يتفهم الجاسوس الجديد طبيعة مهمته، حتى لا يتصرف بحماقة فتفشل المهمة.
وانطلق عبد الله بجمع المعلومات ويحصدها حصداً، لعله ينال رضا إيرينا وعوازي فتتبدل حياته، ويقترب من تحقيق الحلم، وللمرة الثانية يتهمه العميل الاسرائيلي، بأنه يجلب معلومات مهمشة لا قيمة لها ولا نفع، فيسأله عبد الله سؤالاً ساذجاً: ما لهذه الأمور والمؤسسات التجارية؟
وكأنه ضغط على مفتاح تفجير الديناميت بسؤاله البريء، ما الذي جرى؟ سألت إيرينا محتدة . . تلعثمت الإجابة على لسانه، وعاوده شعوره القديم بالخوف والضياع، وصرخت به ثانية تسأله: ماذا فعلت؟ لم ينطق. الدهشة الممزوجة بتقلصات التوتر تملأ وجهه. يتركهما عوازي ويخرج فتعاوده جرأته شيئاً فشيئاً فيسأل إيرينا: ما العمل؟ تتركه هي الأخرى يغرق في اضطرابه، وتلحق بعوازي في حديقة المنزل.
كان عوازي هادئاً مبتسماً على عكس حاله مع عبدالله منذ ثوان. وحدثها ببضع كلمات فعادت الى تلميذها الخائب، فما ألطفه من تلميذ يجلس على حافة المقعد يفرك يديه قلقاً. . تستغيث بها نظراته اللهفى..
برقة فيها ملاحة وذكاء، أفهمته مدى الخطأ الذي ارتكبه عندما سأل عوازي، وطلبت منه ألا يعاود السؤال مرة أخرى عما يطلب منه من معلومات أو إيضاحات. فالعمل التجاري سوف يفشل إذا لم تكن هناك دراسة متأنية عن أحوال البلد تجارياً. . واقتصادياً .. وعسكرياً..
دخل عوازي الغرفة في تلك اللحظة ليقرأ دهشة عبد الله فيعقب: نعم يا صديقي، مهم جداً أن نعرف كل شيء كي لا نضحي بأموالنا هباء. نحن مجموعة من رجال الأعمال الإيرانيين، نود إقامة مشروعنا في أمان، فماذا لو أن هناك اضطرابات في السوق العراقي؟ ألا يجب أن نطمئن لنعمل بثقة؟ فاستقرار السوق هنا واضطرابه له صلة وثيقة بالسياسة. والجيش يتحرك ويتطور تبعاً للسياسة.
وضحت المسألة إذن؟ سألت إيرينا وأردفت: قم معي عبدالله اشتقت الآن لدروسي.
أغلقت حجرتها وراءهما قبل أن تستجيب لقبلاته، وطالبته راجية بألا يقصر في مهمته التي ستعود عليهما معاً بالخير الوفير !!
منذ ذلك الحين انطلق عبدالله بلا أدنى خوف أو قلق، تدفعه رجاءات إيرينا ولهفته عليها، وبعد أربعة أشهر اكتشف حقيقة مهمته وظن أنه يعمل لصالح السافاك في إيران، وبرغم ذلك. . لم يتوقف أو يتخذ مساراً عكسياً، فقد كان المال وما يزال حلمه الأول الذي يسعى اليه، أما إيرينا فكانت حلمه الثاني الذي لن يتحقق إلا بالأول.
تعهده عوازي في كل زيارة له بدورات تصقل موهبته في إدارة الحوار، وملاحظة الأشياء بعيني جاسوس فاهم، وكانت لقاءاتهما تتم كالعادة في منزل خوجة زلخا، الذي اصطحب أسرته على حين فجأة الى إيران، ودون أن تودعه الحبيبة الصغيرة إيرينا الوداع الأخير.
صدمته كانت قاسية برغم تأكيدات أستاذه بعودتهم، إلا أن إحساساً تملكه بأن لن يراها مرة ثانية، فقد وقعت نكسة 1967 واتسع جرح الألم العربي، وظلت زوجته لأيام طوال تبكي فتعجب لأمرها، وقال لنفسه: لو لم تكن هذه الحرب ما هربت إيرينا، ألا ينتهي هذا الصراع وتتوقف الحروب؟


عبدالله الشيعي..جاسوس الموساد الدميم...الحلقة الأخيرة

ليس من السهل شراء الذمم فجأة. بل يتم ذلك بعد دراسة مستفيضة لكل الظروف النفسية والاحتمالات، هكذا يقر خبراء أجهزة المخابرات السوفييتية، أول من وضعوا قواعد علمية ثابتة للسيطرة على الجواسيس.إلا أن رجال الموساد – في حالات كثيرة – يرفضون العمل بنظرياتهم، فبينما يرى السوفييت أن محاصرة الشخص المطلوب تجنيده ومباغتته في أسرع وقت، دون أن يجد فرصة للتفكير، أسهل وسيلة لإخضاعه إذا ما كانت هناك أدلة – ولو ضعيفة – تدينه. ونجحوا في تأكيد ذلك من خلال تجنيد دبلوماسيين غربيين ذوي شأن، سقطوا بسهولة مدهشة في قبضتهم دونما مقاومة.
على النقيض من ذلك نجد أن الموساد قد تلجأ لوسائل وحيل غريبة، تستغرق وقتاً أطول من اللازم لإخضاع الجواسيس، والثقة في نظرية "تليين الهدف المتدرج" وعدم اللعب بأعصابه، أمر مهم عند الموساد.
فهناك خونة كثيرون سقطوا في براثنها دون أن يعلموا بأنهم عملاء لها. إنه إذن في الإقناع والايحاء، ودراسة سلوك العميل ومداركه واعتقاداته، والمقدرة على تشكيل آرائه وثقافته من جديد، بما يخدم قضيتهم التوسعية وأمنهم.
هذا التباين في أسلوب السيطرة ومدته، نلحظه أيضاً في شتى أجهزة الاستخبارات. فلكل جهاز أسلوبه القائم على نظريات وضعها خبراء متخصصون، ولكنه يؤدي في النهاية الى اصطياد العملاء وتجنيد الجواسيس، وهذا هو المهم. خطا عبد الله خطواته الأولى كجاسوس، يعتقد بأنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية "السافاك" ونشط جاهداً في البحث عن أخبار القواعد الجوية القريبة من بغداد – وبالأخص قاعدة الرشيد الجوية -، وملاحظة التغييرات والتجديدات بها. واستطاع أن يتوصل لأسماء أنواع جديدة من الرادارات السوفييتية، وعندما حمل كاميرا التصوير الصغيرة، التي في شكل ساعة اليد، عجز عن تشغيلها بمهارة وارتجف ساعده، وخبأ الميكروفيلم بقاع سحري بحقيبة يد صغيرة.
وفي رحلة أخرى لمعاودة التصوير اصطحب معه زوجته، وفي الطريق بقرب إحدى القواعد العسكرية، لاحظت سهيلة توتره وإتيانه بحركات غريبة ويده على كتفها.
لم تفهم في بادئ الأمر، ولما حدقت في الساعة الغريبة بعيني فاحصة، أدركت الحقيقة. فكتمت سرها وراحت تراقب أفعاله وتصرفاته. . حتى اكتشفت مخبأ "الساعة الكاميرا" في كعب حذائه الجديد، فأسرعت الى مخفر الشرطة بالقرب من المسكن، ولم يصدق الضابط الصغير اعترافها، فأبلغ فوراً الأجهزة الأمنية المختصة. وتقوم حملة مفاجئة تكتسح الدار فجراً أثناء نومها، فترشد سهيلة عن الكاميرا، ويصعق عبدالله لا يصدق أنها النهاية، وبينما عملية التفتيش مستمرة يغافل حراسه ويضرب راسه في عنف بالحائط، ويحملونه بأنهار دمائه الى التحقيق، وكانت أدلة خيانته المضبوطة، بالإضافة الى اعترافه، تذكرة دخوله لحجرة الاعدام.
هكذا غاصت أحلام الدميم في قاع الوهم، وظل طيلة أشهر المحاكمة مصراً على أنه متورط مع السافاك لا مع إسرائيل، لكن القرائن كلها كانت تدينه، وتؤكد عمالته للموساد. إنها الحالة الأولى لجاسوس عراقي، خدعه أستاذه وأقنعه بأنه عميل لإيران، أو لنقل أنه ربما ادعى ذلك حتى آخر لحظة لينجو من الإعدام.
أيضاً. . إنها إحدى الحالات القليلة لجواسيس يعملون منفردين في العراق بلا شركاء، أو شبكة من العملاء المحليين.
وفي زنزانته الانفرادية الضيقة قبل إعدامه بأيام قليلة، أصيب بمغص حاد كاد يفتك به فنقلوه الى المستشفى وأجروا له عملية الزائدة الدودية، ثم عاد الى السجن ليعدم شنقاً في 28/3/1968، وعثروا في زنزانته على دفتر صغير سجل به مذكراته، وضمنه أدق تفاصيل حياته وآماله التي لم تتحقق، وقد أفرد مساحة كبيرة لوصف حبه لإيرينا، وثقته بأنها أحبته كما أحبها.
لقد عاش عبدالله سليمان معقداً. . مطحوناً. . واهماً. .
وأعدم وهو ما يزال واهماً .. تحفه خرافات المشاعر، يأبى أن يصدق أنه كان غبياً.. أبلهاً..
أما سهيلة. . فقد وصلت أمنيتها لمسؤول كبير، فأرسل بها الى "يوغوسلافيا" لإجراء عملية جراحية تقضي على "الحول" نهائياً، وزف اليها خبر إعدام عبدالله، فعادت الى منزلها تترقرق بعينيها الدموع .. دموع الحسرة، على مصير رفيق حياتها . .الخائن .. !!



__________________


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


من اهم مواضيعى

مصر بلد الوحوش
http://www.masrmotors.com/vb/showthr...E1%E6%CD%E6%D4


حصرى لمصر موتورز تقرير عن هوندا بايلوت 2010

http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=17013


صور مضحكة من مصر !!!!!
http://www.masrmotors.com/vb/showthread.php?t=24756

لا اله الا الله محمد رسول الله
رد مع اقتباس
  #70  
قديم 06-03-2010, 07:53 PM
الصورة الرمزية نبيل عبدالرحمن
نبيل عبدالرحمن نبيل عبدالرحمن غير متواجد حالياً
مدير عام المنتدى
من انا؟: مهندس انشائى بالمعاش
التخصص العملى: خبير مدير عام مساعد بقطاع البترول سابقاً
هواياتي: رياضة التجديف وألعاب القوى ( أيام الشباب طبعاً )
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الموقع: اسكندرية
المشاركات: 4,555
نبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond reputeنبيل عبدالرحمن has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ابطال و خونة غير معروفين ملفات من المخابرات المصرية

الجاسوسة التي بكت عليها جولدا مائيرهبة سليم
بكت جولدا مائير على مصير هبة التي وصفتها بأنها "قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل"

وعندما جاء هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي ليرجو السادات تخفيف الحكم عليها. .






كانت هبة تقبع في زنزانة انفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة الوزير الامريكي.
لقد تنبه السادات فجأة الى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فوراً،


ليسدل الستار على قصة الجاسوسة التي باعت مصر ليس من أجل المال أو العقيدة. .


إنما الوهم الذي سيطر على عقلها وصور لها بأن إسرائيل دولة عظمى لن يقهرها العرب.
آمنت هبة بكل هذه الخرافات، ولم يستطع والدها – وكيل الوزارة بالتربية والتعليم – أن يمحو أوهامها
ولأنها تعيش في حي المهندسين وتحمل عضوية في نادي "الجزيرة"–


فقد اندمجت في وسط شبابي لا تثقل عقله سوى أحاديث الموضة والمغامرات
وعندما حصلت على الثانوية العامة ألحت على والدها للسفر الى باريس لإكمال تعليمها الجامعي،
وأمام ضغوط الفتاة الجميلة وافق الأب وهو يلعن هذا الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه
ولأنها درست الفرنسية منذ طفولتها فقد كان من السهل عليها أيضاً أن تتأقلم بسرعة مع هذا الخليط العجيب من البشر.


إنها الحرية بمعناها الحقيقي، الحرية في القول والتعبير .
جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها،

وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لكونها مصرية جريئة
لقد أعلنت صراحة في شقة البولندية أنها تكره الحرب، وتتمنى لو أن السلام عم المنطقة.

وفي زيارة أخرى أطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية في إسرائيل،

وأسلوب الحياة في "الكيبوتز" وأخذت تصف لها كيف أنهم ليسوا وحوشاً آدمية كما يصورهم الإعلام العربي،

بل هم أناس على درجة عالية من التحضر والديموقراطية.


وعلى مدار لقاءات طويلة مع الشباب اليهودي. .

استطاعت هبة أن تستخلص عدة نتائج كحقائق ثابتة. أهم هذه النتائج أن إسرائيل قوية جداً وأقوى من كل العرب.

وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل في يوم من الأيام بالسلاح الشرقي.. ففي ذلك هزيمة لها.
آمنت هبة أيضاً بأن العرب يتكلمون أكثر مما يعملون. وقادتها هذه النتائج الى حقد دفين على العرب
وثقت هبة أيضاً في أحاديث ضابط الموساد الذي التقت به في شقة صديقتها. .

وأوهمها باستحالة أن ينتصر العرب على إسرائيل وهم على خلاف دائم وتمزق خطير،

في حين تلقى إسرائيل الدعم اللازم في جميع المجالات من أوروبا وأمريكا.
كانت هذه الأفكار والمعتقدات التي اقتنعت بها الفتاة سبباً رئيسياً لتجنيدها للعمل لصالح الموساد ..

دون إغراءات مادية أو عاطفية أثرت فيها، مع ثقة أكيدة في قدرة إسرائيل على حماية "أصدقائها"
هكذا عاشت الفتاة أحلام الوهم والبطولة، وأرادت أن تقدم خدماتها لإسرائيل طواعية ولكن.. كيف؟
فقط تذكرت فجأة المقدم فاروق الفقي الذي كان يطاردها في نادي الجزيرة،

.وإظهار إعجابه الشديد ورغبته الملحة في الارتباط بها
وتذكرت وظيفته الهامة في مكان حساس في القوات المسلحة المصرية
وفي أول أجازة لها بمصر. . كانت مهمتها الأساسية تنحصر في تجنيده ، وكان الثمن خطبتها له.

وفرح الضابط العاشق بعروسه وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية. .

وبالذات مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا. .

فكان يتباهى أمامها بأهميته ويتكلم في أدق الأسرار العسكرية، ويجيء بها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل.


أرسلت هبة سليم على الفور بعدة خطابات الى باريس بما لديها من معلومات ولما تبينت إسرائيل خطورة وصحة ما تبلغه هذه الفتاة لهم..

اهتموا بها اهتماماً فوق الوصف. وبدأوا في توجيهها الى الأهم في تسليح ومواقع القوات المسلحة. .

وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها،
وسافرت هبة الى باريس مرة ثانية تحمل بحقيبتها عدة صفحات. .

دونت بها معلومات غاية في السرية والأهمية للدرجة التي حيرت المخابرات الاسرائيلية.

فماذا سيقدمون مكافأة للفتاة الصديقة؟
سؤال كانت إجابته عشرة آلاف فرنك فرنسي حملها ضابط الموساد الى الفتاة ..

مع وعد بمبالغ أكبر وهدايا ثمينة وحياة رغدة في باريس.

رفضت هبة النقود بشدة وقبلت فقط السفر الى القاهرة على نفقة الموساد بعد ثلاثة أشهر من إقامتها بباريس
لم يكن المقدم فاروق الفقي بحاجة الى التفكير في التراجع، إذ أن الحبيبة الرائعة هبة كانت تعشش بقلبه وتستحوذ على عقله..

ولم يعد يملك عقلاً ليفكر، بل يملك طاعة عمياء.وعندما أخذها في سيارته الفيات 124 الى صحراء الهرم..

كان خجولاً ويتبعها أينما سارت. . وسقط ضابط الجيش المصري في بئر الخيانة ،

ليصير في النهاية عميلاً للموساد تمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية..

موضحاً عليها منصات الصواريخ "سام 6" المضادة للطائرات. .

التي كانت القوات المسلحة تسعى ليلى نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الاسرائيلية.
لقد تلاحظ للقيادة العامة للقوات المسلحة ولجهازي المخابرات العامة والحربية،

أن مواقع الصواريخ الجديد تدمر أولاً بأول بواسطة الطيران الإسرائيلي. حتى قبل أن يجف الأسمنت المسلح بها،

وحودث خسائر جسيمة في الأرواح، وتعطيل في تقدم العمل وإنجاز الخطة التي وضعت لإقامة حائط الصواريخ المضادة للطائرات.
تزامنت الأحداث مع وصول معلومات لرجال المخابرات المصرية. . بوجود عميل "عسكري" قام بتسريب معلومات سرية جداً الى إسرائيل.

وبدأ شك مجنون في كل شخص ذي أهمية في القوات المسلحة، وفي مثل هذه الحالات لا يستثنى أحد بالمرة بدءاً من وزير الدفاع.
"اتسعت دائرة الرقابة التليفزيونية والبريدية لتشمل دولاً كثيرة أخرى، مع رفع نسبة المراجعة والرقابة الى مائة في المائة من الخطابات وغيرها،

كل ذلك لمحاولة كشف الكيفية التي تصل بها هذه المعلومات الى الخارج.

كما بدأت رقابة قوية وصارمة على حياة وتصرفات كل من تتداول أيديهم هذه المعلومات من القادة،

وكانت رقابة لصيقة وكاملة. وقد تبينت طهارتهم ونقاءهم.
ثم أدخل موظفو مكاتبهم في دائرة الرقابة. . ومساعدوهم ومديرو مكاتبهم .. وكل من يحيط بهم مهما صغرت أو كبرت رتبته".
وفي تلك الأثناء كانت هبة سليم تعيش حياتها بالطول وبالعرض في باريس. وعرفت الخمر والتدخين وعاشت الحياة الاوروبية بكل تفاصيلها..
لقد نزفت عروبتها نزفاً من شرايين حياتها، وتهللت بشراً عندما عرض عليها ضابط الموساد زيارة إسرائيل،

فلم تكن لتصدق أبداً أنها مهمة الى هذه الدرجة،

ووصفت هي بنفسها تلك الرحلة قائلة: "طائرتان حربيتان رافقتا طائرتي كحارس شرف وتحية لي.

وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبداً إلا لرؤساء وملوك الدول الزائرين
في مطار تل أبيب كان ينتظرني عدد من الضباط اصطفوا بجوار سيارة ليموزين سوداء تقف أسفل جناح الطائرة،

وعندما أدوا التحية العسكرية لي تملكني شعور قوي بالزهو.

واستقبلني بمكتبه مائير عاميت رئيس جهاز الموساد ،

وأقام لي حفل استقبال ضخماً ضم نخبة من كبار ضباط الموساد على رأسهم مايك هراري الأسطورة (2)،

وعندما عرضوا تلبية كل "أوامري". . طلبت مقابلة جولدا مائير رئيسة الوزراء التي هزمت العرب ومرغت كرامتهم،

ووجدت على مدخل مكتبها صفاً من عشرة جنرالات إسرائيليين أدوا لي التحية العسكرية. .

وقابلتني مسز مائير ببشاشة ورقة وقدمتني اليهم قائلة: "إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين".
وبعد عدة أيام عدت الى باريس. . وكنت لا أصدق أن هذه الجنة "إسرائيل" يتربص بها العرب ليدمروها!!

سفر بلا عودة
وفي القاهرة . كان البحث لا يزال جارياً على أوسع نطاق، والشكوك تحوم حول الجميع،

الى أن اكتشف أحد مراقبي الخطابات الأذكياء "من المخابرات المصرية" خطاباً عادياً مرسلاً الى فتاة مصرية في باريس سطوره تفيض بالعواطف من حبيبها.

لكن الذي لفت انتباه المراقب الذكي عبارة كتبها مرسل الخطاب تقولن أنه قام بتركيب إيريال الراديو الذي عنده،

ذلك أن عصر إيريال الراديو قد انتهى. إذن .. فالإيريال يخص جهازاً لاسلكياً للإرسال والاستقبال.
وانقلبت الدنيا في جهازي المخابرات الحربية والمخابرات العامة وعند ضباط البوليس الحربي،

وتشكلت عدة لجان من أمهر رجال المخابرات، ومع كل لجنة وكيل نيابة ليصدر الأمر القانوني بفتح أي مسكن وتفتيشه.

وكانت الأعصاب مشدودة حتى أعلى المستويات في انتظار نتائج اللجان، حتى عثروا على جهاز الإيريال فوق إحدى العمارات..

واتصل الضباط في الحال باللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية وأبلغوه باسم صاحب الشقة. .

فقام بإبلاغ الفريق أول أحمد اسماعيل وزير الدفاع "قبل أن يصبح مشيراً" الذي قام بدوره بإبلاغ الرئيس السادات.
حيث تبين أن الشقة تخص المقدم فاروق الفقي ، وكان بحكم موقعه مطلعاً على أدق الأسرار العسكرية،

فضلاً عن دوره الحيوي في منظمة سيناء
وكان الضابط الجاسوس أثناء ذلك في مهمة عسكرية بعيداً عن القاهرة.


وعندما اجتمع اللواء فؤاد نصار بقائد الضابط الخائن. رفض القائد أن يتصور حدوث خيانة بين أحد ضباط مكتبه.

خاصة وأن المقدم فاروق يعمل معه منذ تسع سنوات، بل وقرر أن يستقيل من منصبه إذا ما ظهر أن رئيس مكتبه جاسوس للموساد.
وعندما دخل الخائن الى مكتبه.. كان اللواء حسن عبد الغني نائب مدير المخابرات الحربية ينتظره جالساً خلف مكتبه بوجه صارم وعينين قاسيتين

فارتجف رعباً وقد جحظت عيناه وقال في الحال "هو أنت عرفتوا؟؟".
وعندما ألقى القبض عليه استقال قائده على الفور، ولزم بيته حزيناً على خيانة فاروق والمعلومات الثمينة التي قدمها للعدو.
وفي التحقيق اعترف الضابط الخائن تفصيلياً بأن خطيبته جندته ..

وأنه رغم إطلاعه على أسرار عسكرية كثيرة إلا أنه لم يكن يعلم أنها ستفيد العدو.
وعند تفتيش شقته أمكن العثور على جهاز اللاسلكي المتطور الذي يبث من خلاله رسائله،

وكذا جهاز الراديو ونوتة الشفرة، والحبر السري الذي كان بزجاجة دواء للسعال. ضبطت أيضاً عدة صفحات تشكل مسودة بمعلومات هامة جداً معدة للبث،

ووجدت خرائط عسكرية بالغة السرية لأحشاء الجيش المصري وشرايينه، تضم مواقع القواعد الجوية والممرات والرادارات والصواريخ ومرابص الدفاعات الهامة.
وفي سرية تامة . . قدم سريعاً للمحاكمة العسكرية التي أدانته بالإعدام رمياً بالرصاص..

واستولى عليه ندم شديد عندما أخبروه بأنه تسبب في مقتل العديد من العسكريين من زملائه من جراء الغارات الاسرائيلية.

وأخذوه في جولة ليرى بعينه نتائج تجسسه. فأبدى استعداده مرات عديدة لأن يقوم بأي عمل يأمرونه به.
ووجدوا – بعد دراسة الأمر بعناية – أن يستفيدوا من المركز الكبير والثقة الكاملة التي يضعها الاسرائيليون في هذا الثنائي.

وذلك بأن يستمر في نشاطه كالمعتاد خاصة والفتاة لم تعلم بعد بأمر القبض عليه والحكم بإعدامه.


وفي خطة بارعة من مخابراتنا الحربية، أخذوه الى فيلا محاطة بحراسة مشددة،

وبداخلها نخبة من أذكى وألمع رجال المخابرات المصرية تتولى "إدارة" الجاسوس وتوجيهه،

وإرسال الرسائل بواسطة جهاز اللاسلكي الذي أحضرته له الفتاة ودربته عليه.

وكانت المعلومات التي ترسل هي بالطبع من صنع المخابرات الحربية، وتم توظيفها بدقة متناهية في تحقيق المخطط للخداع،

حيث كانت حرب أكتوبر قد اقتربت، وهذه هي إحدى العمليات الرئيسية للخداع التي ستترتب عليها أمور استراتيجية مهمة بعد ذلك.
لقد كان من الضروري الإبقاء على هبة في باريس والتعامل معها بواسطة الضابط العاشق،

واستمر الاتصال معها بعد القبض عليه لمدة شهرين، ولما استشعرت القيادة العامة أن الأمر أخذ كفايته..

وأن القيادة الإسرائيلية قد وثقت بخطة الخداع المصرية وابتلعت الطعم، تقرر استدراج الفتاة الى القاهرة بهدوء..

لكي لا تهرب الى إسرائيل إذا ما اكتشف أمر خطيبها المعتقل.
وفي اجتماع موسع.. وضعت خطة القبض على هبة. .

وعهد الى اللواء حسن عبد الغني ومعه ضابط آخر بالتوجه الى ليبيا لمقابلة والدها في طرابلس حيث كان يشغل وظيفة كبيرة هناك.

وعرفاه على شخصيتهما وشرحا له أن ابنته هبة التي تدرس في باريس تورطت في عملية اختطاف طائرة مع منظمة فلسطينية،

وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها . .

وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها، ولمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الارهابية.

وطلبا منه أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته حيث أنه مصاب بذبحة صدرية.
أرسل الوالد برقية عاجلة لابنته. . فجاء ردها سريعاً ببرقية تطلب منه أن يغادر طرابلس الى باريس. .

حيث إنها حجزت له في أكبر المستشفيات هناك وأنها ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار. .

وأن جميع الترتيبات للمحافظة على صحته قد تم اتخاذها.
ولكي لا تترك المخابرات المصرية ثغرة واحدة قد تكشف الخطة بأكملها. .

فقد تم إبلاغ السلطات الليبية بالقصة الحقيقية، فتعاونت بإخلاص مع الضابطين من أجل اعتقال الجاسوسة المصرية.

وتم حجز غرفة في مستشفى طرابلس وإفهام الأطباء المسؤولين مهمتهم وما سيقومون به بالضبط.
وبعدما أرسل والدها رداً بعدم استطاعته السفر الى باريس لصعوبة حالته. . صح ما توقعه الضابطان،

إذ حضر شخصان من باريس للتأكد من صحة البرقية وخطورة المرض، وسارت الخطة كما هو مرسوم لها،

وذهب الاسرائيليان الى المستشفى وتأكدا من الخبر،

فاتصلا في الحال بالفتاة التي ركبت الطائرة الليبية في اليوم التالي الى طرابلس.



وعلى سلم الطائرة عندما نزلت هبة عدة درجات كان الضابطان المصريان في انتظارها،

وصحباها الى حيث تقف الطائرة المصرية على بعد عدة أمتار من الطائرة الليبية. . فسألتهما:
إحنا رايحين فين؟
فرد أحدهما:
المقدم فاروق عايز يشوفك.
فقالت:
هو فين؟.
فقال لها:
ف القاهرة.
صمتت برهة ثم سألت:
أمال إنتم مين؟
فقال اللواء حسن عبد الغني:
إحنا المخابرات المصرية.
وعندما أوشكت أن تسقط على الأرض.. أمسكا بها وحملاها حملاً الى الطائرة التي أقلعت في الحال،

بعد أن تأخرت ساعة عن موعد إقلاعها في انتظار الطائرة القادمة من باريس بالهدية الغالية.
لقد تعاونت شرطة المطار الليببي في تأمين انتقال الفتاة لعدة أمتار حيث تقف الطائرة المصرية. .

وذلك تحسباً من وجود مراقب أو أكثر صاحب الفتاة في رحلتها بالطائرة من باريس..

قد يقدم على قتل الفتاة قبل أن تكشف أسرار علاقتها بالموساد.
وبلا شك. . فاعتقال الفتاة بهذا الأسلوب الماهر جعلها تتساءل عن القيمة الحقيقية للوهم الذي عاشته مع الإسرائيليين.

فقد تأكدت أنهم غير قادرين على حمايتها أو إنقاذها من حبل المشنقة. وهذا ما جعلها تعترف بكل شيء بسهولة بالتفصيل. .

منذ أن بدأ التحقيق معها في الطائرة بعد إقلاعها مباشرة.

وبعد أيام قليلة من اعتقالها تبين لها وللجميع عجز الإسرائيليين عن حماية إسرائيل نفسها وعدم قدرتهم على إنقاذها.
فقد جاءت حرب أكتوبر وتدمير خط بارليف بمثابة الصدمة التي أذهلت أمريكا قبل إسرائيل.

فالخداع المصري كان على أعلى مستوى من الدقة والذكاء. وكانت الضربة صائبة غذ أربكت العدو أشلته. .

لولا المدد العسكري الأمريكي.. والأسلحة المتطورة.. والصواريخ السرية. . والمعونات. . وإرسال الطيارين والفنيين الأمريكان كمتطوعين .
لقد خسرت إسرائيل في ذلك الوقت من المعركة حوالي مائتي طائرة حربية.

ولم تكن تلك الخسارة تهم القيادة الاسرائيلية بقدر ما خسرته من طيارين ذوي كفاءة عالية قتلوا في طائراتهم،

أو انهارت أعصاب بعضهم ولم يعودوا صالحين للقتال.

ولقد سبب سقوط الطائرات الاسرائيلية بالعشرات حالة من الرعب بعد عدة أيام من بدء المعركة. .

الى أن وصلت المعونات الامريكية لإسرائيل في شكل طيارين وفنيين ووسائل إعاقة وتشويش حديثة.

لا أحد يعرف
تبخرت أوهام الجاسوسة هبة سليم. .

وأيقنت أنها كانت ضحية الوهم الذي سيطر على فكرها وسرى بشرايينها لمدة طويلة للدرجة التي ظنت أنها تعيش الواقع من خلاله. .

لكن.. ها هي الحقائق تتضح بلا رتوش أو أكاذيب.
لقد حكم عليها بالإعدام شنقاً بعد محاكمة منصفة اعترفت صراحة أمامها بجريمتها..

وأبدت ندماً كبيراً على خيانتها. وتقدمت بالتماس لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة ولكن التماسها رفض.
وكانت تعيش أحلك أيامها بالسجن تنتظر تنفيذ الحكم. .

عندما وصل هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي – اليهودي الديانة – لمقابلة الرئيس السادات في أسوان في أول زيارة له الى مصر بعد حرب أكتوبر..

وحملته جولدا مائير رسالة الى السادات ترجوه تخفيف الحكم على الفتاة.

ومن المؤكد أن كيسنجر كان على استعداد لوضع ثقله كله وثقل دولته خلف هذا الطلب.

وتنبه الرئيس السادات الذي يعلم بتفاصيل التحقيقات مع الفتاة وصدور الحكم بإعدامها..

الى أنها ستصبح مشكلة كبيرة في طريق السلام.

فنظر الى كيسنجر قائلاً: "تخفيف حكم؟ .. ولكنها أعدمت.. !!".
دهش كيسنجر وسأل الرئيس: "متى.. ؟"
ودون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية قال السادات كلمة واحدة: "النهاردة".


وفعلاً .. تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في هبة سليم في اليوم نفسه في أحد سجون القاهرة.
أما الضابط العاشق – المقدم فاروق عبد الحميد الفقي – فقد استقال قائده من منصبه لأنه اعتبر نفسه مسؤولاً عنه بالكامل.
وعندما طلبت منه القيادة العامة سحب استقالته، رفض بشدة وأمام إصرار القيادة على ضرورة سحب استقالته..

خاصة والحرب وشيكة. .اشترط القائد للموافقة على ذلك أن يقوم هو بتنفيذ حكم الإعدام في الضابط الخائن.

ولما كان هذا الشرط لا يتفق والتقاليد العسكرية. .وما يتبع في مثل هذه الأحوال. .

فقد رفع طلبه الى وزير الدفاع "الحربية" الذي عرض الأمر على الرئيس السادات "القائد الأعلى للقوات المسلحة" فوافق فوراً ودون تردد.
وعندما جاء وقت تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في الضابط الخائن. .

لا أحد يعرف ماذا كان شعور قائده وهو يتقدم ببطء. . يسترجع في شريط سريع تسع سنوات مرت عليهما في مكتب واحد. .

تسع سنوات كان بعضها في سواد الليل. . وبعضها تتلألأ خلاله ومضات الأمل قادمة من بعيد. .

الأمل في الانتصار على اليهود الخنازير القتلة السفاحين..

وبينما كان يخطط لحرب أكتوبر كان بمكتبه هذا الخائن الذي باع الوطن والأمن وقتل بخيانته أبرياء..
لا أحد يعرف ماذا قال القائد له. . وماذا كان رد الضابط عليه. . لا أحد يعرف.
هل طلب منه أن ينطق بالشهادتين، وأن يطلب المغفرة من الله؟. . . لا أحد يعرف.

لكن المؤكد أنه أخرج مسدسه من جرابه. . وصوبه على رأس الضابط وأطلق طلقتني عليه كما تقضي التعليمات العسكرية في حالة الإعدام
وقد تم تحويل هذه القصة لفيلم سينمائى قامت بدور البطولة فيه النجمة الراحلة مديحة كامل وهو فيلم "الصعود للهاوية"
__________________

م . نبيل عبد الرحمن
مصر موتورز
الإسكندرية

التعديل الأخير تم بواسطة نبيل عبدالرحمن ; 06-03-2010 الساعة 08:00 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

 MasrMotors غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي MasrMotors ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر


الساعة الآن 08:15 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
www.MasrMotors.com ™ Copyright ©2008 - 2024
Egyptian Automotive Community
جميع الحقوق محفوظة - مصرموتورز 2008 - 2017