مخطط تصفيه الثوره ,,

[silverlite]

المقاطعون يتحدثون


ناصر عبد الحميد


مما لا شك فيه أن ظاهرة تدنِّى مستوى المشاركة فى الانتخابات الرئاسية تستحق الوقوف أمامها بالدرس والتحليل، وهو ما كان لافتا للانتباه منذ اللحظة الأولى فغالبا ما تحمل الساعات الأولى مؤشرات النتائج وكذلك الاهتمام والمشاركة، إلا أن مرور اليومين قد أكد ذلك، والمفارقة هنا أن حوارات دارت حول هذه الظاهرة بين الكثير من المتابعين والسياسيين والمحللين واتفقنا أنها تستحق الدراسة بعد الانتخابات بفترة، ولكن فى مساء الأيام السابقة التى شهدت الاقتراع تحدثت مع عدد من سائقى التاكسى حول الانتخابات والتصويت، وأزعم أنهم لخصوا ما ستنتجه الدراسات عن هذه الظاهرة بعد الفراغ من الانتخابات وتنفيض اليدين الجلوس والتأمل.
قال أحدهم ردا على سؤالى عن مرشحه الذى سيعطيه صوته بأنه لن يذهب للتصويت ولما سألته لماذا هذا القرار الغريب؟ قال لى «رئيس إزاى ومافيش حاجة بتحكمه»، وكان يقصد أن الدستور لم تتم كتابته لأنه حدثنى عنه كثيرا وكان عفويا جدا فى ذلك، حتى ظننت أنه متابع للدكتور البرادعى على «تويتر» حيث موقفه المعروف بضرورة تحديد صلاحيات الرئيس أولا فى الدستور قبل انتخابه وطبعا الرجل لا يعلم عن البرادعى إلا أنه الراجل اللى شوهوه.
وبالطبع فإن هذا الإدراك الذى من الممكن أن نسميه فنيا فى الترتيبات السياسية يذكِّر الجميع بمدى حالة الوعى ودقتها فى رأس المصريين، فلا تفلح محاولات التحوير ولا التعتيم ولا التسطيح فى طمس الحقيقة أو تغييبها ففى النهاية تجدها واضحة جلية فى أذهانهم.
وقد أسهب المشاركون فى هذه الرؤى من السائقين فى صياغة باقى التحليل، وبشكل غير مباشر فإن أداء مجلس الشعب قد أثّر بالسلب على الكثيرين أيضا، وكان أحد أسباب عدم النزول، فحديثهم عن الذى تابعوه فى مجلس الشعب كان مليئا بالمرار والسخط أيضا، أما المرار فهو من الشكل والطريقة ونوعية الموضوعات التى تُناقش التى غالبا لم يتصورها أحد، فالناس كانت معلقة آمالا وأحلاما أن ترى فى هذا البرلمان أداءً على قدر ما جاء فى الحملات الانتخابية وعلى قدر الثورة أيضا، وعلى قدر الدين الذى تم الزج به والمفترض أنه لا يأتى إلا بالخير، أما السخط فهو بسبب النزعات الانتقامية التى استشعرها المواطن من تيارات الأغلبية والانتقامية هنا بمعنى أنه أنا ومن بعدى كل شىء وأنا صاحب الحق الأوحد نظرا إلى ما عانيته فى تاريخى ولكن الناس ليس لها علاقة بذلك ولكن هم لا يريدون أن يدفعوا ثمن ما لم يصنعوه أو أن يشعروا حتى بذلك، وأيضا السخط بسبب عامل مشترك أعظم وهو أحداث بورسعيد وأداء البرلمان تجاهها، فالشعور العام هو أن هناك تقصيرا ما حدث تجاه تلك القضية ولا تسأل السائق عن السبب أو التفصيلات فقط يكفيك الشعور العام.
السبب الآخر، الذى ظهر مرة أخرى بعدما فارقنا فى الانتخابات البرلمانية السابقة فهو توقُّع تولِّى أحد رموز النظام السابق مقاليد الحكم ولا تجد أبدا ردودًا مفصلة حول أسباب هذا التوقع أو هذا الشعور من شواهد أو ملاحظات، ودون أن يتضح لك حتى ما إذا كان هو يحب أن يحدث ذلك أم يمقته، فقط هو كلام يشبه «دول اللى هيمسكوا»، هكذا سهلة.
من الجائز أنه فى تحليل هذه الانتخابات بعد فترة على يد الخبراء تظهر تحليلات مختلفة لعدم المشاركة الكبيرة كالذى كان متوقعا عن تلك الأسباب التى ذكرها لى بعض سائقى التاكسى، ولكن فى النهاية تلك الانتخابات أظهرت أن الشعب المصرى يقدِّر جدا مَن يذهب إليه ويحدِّثه وأنه فى حالة عدم الرضا يمتنع عن الكلام، كما تتحدث نتائج السيد حمدين صباحى والدكتور أبو الفتوح أن فكرة الثورة تستطيع أن تحقق أرقاما بقليل من المجهود على الرغم من عدم امتلاكهم ماكينة انتخابية كالتى عند الإخوان أو الحزب الوطنى، وهذا له معنى وإيجابى ويلقى بالتبعية على الجميع مسؤولية العمل ثم العمل، لأن التربة الخصبة الموجودة والمحبة لهذه القيم يلزمها أن ترى وتشعر بأن ثمة عملا جديا حولها يجعلها تثق أكثر وأكثر، فها هى نتيجة الانتخابات تظهر لكل ذى عقل بعد تحليل نوعية الأصوات التى حازها المرشحون الخمسة الأوائل تقول إن الفكرة ما زالت قوية وستظل، ولكنها تحتاج إلى سياقات مختلفة وخطاب مختلف وعمل أكثر جدية.

[silverlite]

مرة أخرى: قبل أن تنقرضوا !



وائل قنديل


الجميع إلى جحيم إن لم ننقذ الثورة، وهى الآن تخنق ويريدون مواراتها الثرى.. الاختيار الآن بين ثورة أو لا ثورة.. بين مصر جديدة ومصر مباركية مترهلة متآكلة متحللة.

نحمى الثورة من القتل أولا ثم نتعارك على الماضى.. ومرة أخرى الكرة فى ملعب الإخوان فى لحظة تشبه كثيرا لحظات الأسبوع الأول من فبراير الثورة، عندما كان الميدان واحدا موحدا متوحدا.. حتى وإن كان التحالف الآن هو تحالف الملجأ أو المضطر، فإنه واجب وفريضة.

قبل مليونية 20 أبريل الماضى كتبت «أحبوا بعضكم قبل أن تنقرضوا» واليوم أعيد نشر الكلمات ذاتها ولن أزيد:

ما المشكلة فى أن تتعدد المنصات فى ميدان التحرير، وما هى الأزمة حين تتنوع المطالب والغايات والمقاصد من الصعود إلى الميدان مجددا فى لحظة بدت فيها الثورة وكأنها تحارب معركتها الأخيرة ضد محاولات المحو والإبادة؟

إن مجرد اللقاء بالميدان فى حد ذاته شىء إيجابى ومطلوب، حتى وإن اختلف القادمون إليه حتى الاشتباك، وإن تباينت اللهجات فوق المنصات مادامت اللغة واحدة، وكما كان الراحل نزار قبانى يصرخ فى العرب حين كان مجرد جلوسهم فى قاعة واحدة مكسبا حضاريا وسياسيا «أحبوا بعضكم قبل أن تنقرضوا» ذلك أن مجرد التقاء الجلابيب بالجينزات والعمامة بالكاب، هو فى حد ذاته مشهد جميل ومفعم بالتفاؤل، ويبعث على الأمل فى إمكانية عودة الروح.

لقد تعددت الأسباب والميدان واحد، ورغم كل التقاطعات والتجاذبات والتباينات تبقى هناك قواسم مشتركة تصلح لكى تكون عيشا وملحا لكل المصريين المصرين على الاحتفاظ بثورتهم على قيد الحياة، ومن اليمين إلى اليسار، ومن الإسلامى إلى العلمانى، ومن الليبرالى إلى المحافظ، هناك ما يصلح لكى يصنع حلما مشتركا، وهدفا، بل أهدافا واحدة.

إن التصدى لمحاولات انقضاض فلول مبارك على المشهد مرة أخرى هو قضية إجماع بين كل شركاء الثورة الحقيقيين، حتى وإن بدوا فرقاء فى لحظة ما. كما أن اليقظة لخطورة أن يتحكم العسكر فى وضع الدستور القادم، وفرض رئيس بعينه على البلاد والعباد هذا إن أجريت الانتخابات أصلا هو أيضا أحد المشتركات الحيوية بين القوى الثورية، المدنية منها والتى تتخذ الإسلام السياسى نهجا.

كما أن استحضار أرواح شهداء كانوا يزرعون الميدان حياة وأملا حتى شهور مضت، وتذكر الدماء التى سالت، هو كذلك عنصر مهم لكى يخلع أهل الميدان أردية الخلاف ولو مؤقتا.

إن الخروج إلى الميدان أمس كان واجبا ثوريا بامتياز، مع خالص الاحترام للقاعدين والمتقاعدين من شيوخ وشباب كان فضل الميدان عليهم عظيما، عندما عبروا فوقه إلى البرلمان، فلما تبوأوا مقاعدهم صاروا يفتون من منازلهم بشأن صحة المشاركة فى مليونيات الثورة من خطئها.

ولا يستطيع أحد أن يؤاخذ المطلين على الميدان من شرفة حساباتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعى على تقاعدهم، لكن أن يقرر أحدهم الاستعلاء السفيه، ويحط من شأن العودة إلى الميدان، بكل ما فيها من خلافات تصل لحد الاشتباك أحيانا، فهذا ما لا يجوز، خاصة إذا كان من بين هؤلاء من كان قد اتخذ قرارا مبكرا بالاعتزال والاكتفاء بالجلوس فى استوديو تحليلى معلقا ومنظرا.

وإذا كانت الشهور الماضية قد شهدت اتساعا فى هوة الخلاف بين أهل الميدان، فإن مجرد تواجدهم معا فى لحظة واحدة يعد بادرة خير يمكن
البناء فوقها، وتبقى مسألة معالجة الخرق مرهونة بمدى إخلاص الراتق للثورة ومهارته.

[silverlite]

[kj1]

[kj1]