البرادعي: مصر غير جاهزة للانتخابات... وأدعو الجميع إلي تحكيم ضمائرهم

[kimo10]

وائل قنديل: حدوتة البرادعى وخالد سعيد والثورة

يبدو أننا فى حاجة لإعادة سرد القصة من جديد، ذلك أن الذاكرة اللعوب توقع بعض الرءوس المنتفخة بزعامة مصطنعة فى غواية افتتاح التاريخ من اللحظة التى جاء أصحابها فيها.
ولكى لا يختال علينا أحد بأمجاد وبطولات لا أصل لها من المهم وضع حقائق التاريخ المجردة أمام الجميع.
ولو بدأت من الآخر وتحديدا قبل النطق بالحكم على الرئيس المخلوع بساعات ستجده يصب نيران غضبه على محمد البرادعى وفقا لما جرى تسريبه من المركز الطبى العالمى بقوله إن البرادعى ولعها واختفى.
أما لو بدأت من الأول فستجد الآتى: فى بدايات ٢٠١٠ استيقظت مصر على دوى قنبلة بإعلان البرادعى تفكيره فى الترشح على منصب رئاسة مصر ضد حسنى مبارك شريطة إجراء تعديلات دستورية وقانونية، وهو ما فتح عليه أبواب جهنم فانطلق هجامة النظام الساقط يوجهون إليه أقذع الشتائم وأحط البذاءات، معتبرين أنه يريد أن يكون رئيسا بشروطه، وهو ما رد عليه البرادعى فى أول حوار له مع الصحافة المصرية أجراه الأستاذ جميل مطر فى فيينا بقوله «ما أطالب به يتجاوز مصطلح تعديلات». إذا كنا نريد أن نبدأ بداية جديدة وجدية فى مصر، يجب أن نتوقف عن الحديث عن «تعديلات» لإزالة عوائق قانونية ودستورية فقط، لأن مثل هذه التعديلات قد تساعدنا فى انتخاب رئيس فى ظروف نزيهة فى عام 2011، إلا أنها تبقى مجرد عملية «ترقيع». المهم هو ما يأتى بعد ذلك، فالأمر لا يتعلق بشخص واحد فقط، وإنما بمصير وطن».
كانت هذه الكلمات التى أيقظت حلم التغيير والخلاص من ثلاثين عاما من الفساد والاستبداد، ورأينا الآلاف يفترشون أرضية مطار القاهرة استقبالا للبرادعى العائد من فيينا لتنطلق بعدها مسيرة إسقاط نظام حسنى مبارك بشكل جاد وعملى، حيث التفت مصر من اليمين إلى اليسار، حول مشروعه للتغيير ورأينا معارضين منهكين يتخذون أماكنهم تحت ظلال شجرة البرادعى، ملتحقين بقطاره للتغيير.
وفى تلك الأثناء فجر شاب من الإسكندرية اسمه خالد سعيد بركان غضب شعبى آخر، مدشنا بظروف استشهاده على أيدى زبانية التعذيب فى نظام مبارك مسيرة نضال شعبى آخر من أجل الحرية والكرامة الإنسانية وحق المصريين فى وطن إنسانى محترم.
وبشكل تلقائى وطبيعى، التقى الرافدان، مشروع البرادعى للتغيير، وانتفاضة الغضب من أجل خالد سعيد، ليكونا فيما بعد نهرا متدفقا بالرغبة فى إزاحة عصر الفساد والاستبداد، ولأول مرة تلتقط الأذن المصرية دعوة لمظاهرة مليونية، حين قال البرادعى بوضوح فى سبتمبر ٢٠١٠ إن مظاهرة مليونية واحدة تخرج للميادين ستكون الأولى والأخيرة فى عمر نظام مبارك، وكان ذلك ما حدث، مع ملاحظة أن مشروع البرادعى نجح فى جمع مليون توقيع على حتمية تغيير النظام.. وجاء يوم ٢٥ يناير ليتحول ما كان البعض يعتبره حلما مستحيلا وخيالا مجنحا إلى حقيقة وواقع شديد السطوع، فكانت ثورة أطاحت برأس النظام.
ولا يستطيع أحد أن يسقط من الرواية الدور الذى لعبته تيارات وحركات معارضة متناثرة منذ بداية العقد الأول من الألفية الثانية، وهنا تبرز حركة كفاية و٦ أبريل و٩ مارس وثورة عمال المحلة، غير أن الموضوعية تقتضى القول إنه هذا كله تحول إلى تيار منتظم بظهور البرادعى وخالد سعيد.
تلك هى القصة باختصار شديد، يجب أن تذكر ونحن نحتفل بالذكرى الثانية لاستشهاد خالد سعيد، وبمناسبة العودة الثانية لمحمد البرادعى من فيينا، فى وقت يبدو فيه البعض وكأنهم يحاولون تفصيل التاريخ على مقاساتهم