رد: مخطط تصفيه الثوره ,,
افتعال قضية الشريعة
عمرو الشوبكي
نزل بضع مئات من المصريين للتظاهر أمس الأول من أجل الشريعة، وسواء بقى هذا العدد على حاله أو زاد قليلاً فى الجمعة المقبل، فإن التظاهر من أجل تطبيق الشريعة هو تظاهر من أجل قضية مفتعلة لم يختلف عليها عموم المصريين.
...إن افتعال بعض الجماعات السلفية قضية الشريعة يثير علامات استفهام متعددة، خاصة أنه يأتى فى وقت تعانى فيه البلاد من أزمات اجتماعية وسياسية عميقة، وبدلاً من مناقشتها اتجه البعض لافتعال قضية عقائدية غير مطروحة للتشكيك ولا للنقاش.
والحقيقة أن حراس العقيدة والشريعة والثورة والأيديولوجيا، الذين اعتادوا أن يحيلوا الناس إلى قضايا كلية لا علاقة لها بتفاصيل الواقع، هم من صنعوا تجارب الاستبداد والفشل فى العالم كله، فحراس الشريعة فى السودان هم الذين قسّموا البلد وبنوا نظاماً استبدادياً، وحراس العقيدة فى أفغانستان هم الذى بنوا نظاماً ظلامياً كان حجة الأمريكيين لغزو البلاد.
المعضلة ليست فى النص الدينى ولا العقائدى ولا السياسى، وإنما فى وسائل تطبيقه، فالنظم التى أنجزت هى التى انطلقت من قيمة عليا، وفى عالمنا العربى هى مبادئ الشريعة الإسلامية، وفى التطبيق التزمت بالديمقراطية، فأنجزت اقتصادياً واجتماعياً.
لا يوجد فى التاريخ حكم إسلامى نقى خال من أهواء البشر ويختلف عما سمى النظم المادية الاشتراكية أو الليبرالية، لأن هذا الحكم سيطبقه بشر وليس ملائكة، وبالتالى هو فى قلب السياسة بمعناها النسبى وأحياناً المراوغ وليس الدينى والمقدس، وهو ما يستلزم رقابة قانونية وديمقراطية لا تقبل الاختباء خلف خطاب الشريعة.
لا يوجد أى نظام سياسى فى أى بلد ديمقراطى يعتبر أن مشروعه الوحيد هو تبنى قيمة عليا مثل الشريعة، فهو هنا لن يختلف عن النظم الشمولية التى رفعت رايات الشيوعية أو العلمانية، فالنتيجة على الأرض ستكون واحدة، بل التاريخ يقول لنا إن النظم التى حكمت باسم الدين واعتبرت نفسها أفضل وأسمى من باقى الأمم هى الأكثر فشلاً واستبداداً، فى حين أن النظم التى انطلقت من قيم عليا وتركت الناس بمحض إرادتهم يتوافقون عليها وبنت نظماً ديمقراطية هى التى تقدمت.
|