رد: مخطط تصفيه الثوره ,,
نشوى الحوفي
صناعة «القرار» وصناعة «الدواجن»!!
كنت أظن -وبعض الظن إثم- أن الحكومة فى بلادى تفتقر فقط لبعض من خيال سياسى يُمكنها من تصور نتائج ما تتخذه من قرارات، وما عليها مناقشته من بدائل، إلا أن قرارات الحكومة غير الرشيدة تثبت لى يوماً بعد يوم افتقارها حتى للحوار القائم على الأرقام والبيانات لحماية الواقع قبل الخيال، ولذا بتنا نستيقظ كل بضعة أيام على قرار صادم تسبب فى أزمة وراء أزمة، يلحقها تصريح رئيس الوزراء بأنه يتابع إصلاح تلك الأزمة!!!
فمنذ أيام كانت أزمة أحداث النوبة التى أخطأ فيها رئيس الوزراء وحكومته قبل خطأ الأهالى، حينما تجاهلوا كل معطيات الصورة فى بقعة من أرض بلادى يعلمون كم الأيادى اللاعبة بها، وما يتم فيها من شحن النفوس بمظلومية غير حقيقية، كان يمكن تجنبها لو أن قرار الاستثمار فى النوبة سبقه توجه وزراء الاستثمار والتخطيط والتنمية المحلية والقوى العاملة ومحافظ أسوان وأعضاء مجلس النواب -وربما أخذوا معهم رئيس الحكومة نفسه- لأهالى النوبة لشرح خريطة الاستثمار فى أسوان ككل وما سيقام على أرضها من مشاريع وإعلان أولوية التوظيف والاستثمار لأبناء المحافظة لا أهالى النوبة فقط. وحصر الأيدى العاملة هناك وإعلان خطة تدريبهم للعمل فيما سيتم إقامته من مشروعات. إلا أن خيال الحكومة لم يسعفها لفهم الصورة هكذا بكل أبعادها وفضل السادة الوزراء إصدار قراراتهم من خلال مكاتبهم بالقاهرة دون حساب نتائجها، فكان ما كان.
ثم وفجأة صحت مصر على قرار الحكومة بإلغاء الجمارك على استيراد الدواجن التى تم استيرادها أو سيتم استيرادها فى الفترة من 10 نوفمبر الماضى وحتى 31 مايو المقبل. وعلى الرغم من شبهات تحوم على القرار الذى يبدو وكأنه صُنع من «أجلك أنت» أياً كان شخص هذا الــ«أنت» الخفى الذى حصل على مميزات قرار بأثر رجعى، فالقرار مجحف وضار بصناعة وطنية لا تحقق فقط اكتفاءً ذاتياً بنسبة 90% من حجم استهلاك المصريين للحوم الدواجن، و100% من استهلاك البيض، ولكن يعمل بها أيضاً عدد كبير من العاملين قدّرهم رئيس اتحاد منتجى الدواجن فى تصريحاته بنحو 3 ملايين عامل، وباستثمارات تزيد على 60 مليار جنيه، فلمصلحة من يتم الإضرار بصناعة وطنية كتلك ودعم المستورد بإلغاء الجمارك عليه؟ ولو افترضنا صحة مبررات الحكومة فى أن مصلحة المواطن هى التى تقف وراء القرار لمنحه سعراً أقل، فالرد على هذا المبرر الخائب بسيط، ويتمثل فى أن الحكومة بقرارها استغنت عن مورد مالى لخزانة الدولة بإلغائها للجمارك، وبالتالى كان يمكنها دعم منتجى الدواجن أنفسهم، إما بإلغاء الجمارك على العلف والأغذية المستوردة لصناعة الدواجن، أو بتقليل الضرائب على هذه الصناعة، وإجبار المصنعين على تقليل أسعارها، هذا إن أرادت مصلحة المواطن والوطن. وبخاصة فى ظل تصريحات رئيس اتحاد منتجى الدواجن بأنهم عرضوا على الحكومة توقيع بروتوكول تخفيض السعر! وهو ما يزيد تعجبك وضيقك فى ذات الوقت من قرار يثبت أننا أمام مجموعة من المسئولين لا يدركون أبعاد ما يتم مناقشته أو هدفهم فى الصالح العام.
نعم يغيب عن الحكومة ومسئوليها أسس صناعة القرار ودراسة نتائجه واستعراض البدائل الخاصة به. نعم تفتقد حكومة نيام نيام -كما وصفتها من قبل- لاستراتيجيات الشفافية فى الطرح والحوار بين أعضائها للوصول إلى القرار الأمثل. نعم، لا تمتلك الحكومة الفهم الواضح للفرق بين تحقيق الهدف والنجاح فى الاستراتيجيات المتكاملة للدولة، فتفتقد لرؤية متكاملة يسبقها حوار بين كافة قطاعات اتخاذ الحوار، وهذا يا سادة هو قمة الفساد بشكله وغبائه، فالفاسد ليس المرتشى أو المستغل لنفوذ أو المتاجر بأقوات الجماهير وحسب، ولكنه أيضاً المتسبب فى أزمات بإدارته والمعطل لمسيرة دولة والمخفق فى تحقيق الهدف، فلا يدرك ما وراء صناعة «الفراخ» كما لا يدرك الهدف من صناعة «القرار»، فهل من منقذ لبلادى مما باتت تعانى منه؟
__________________
من مواضيع kj1 التاريخ الأسود لجماعة الأرهاب الأسود ليه لا وليس نعم مصر الجميلة الغائبة الأن
|