عرض مشاركة واحدة
  #521  
قديم 20-02-2012, 07:29 AM
الصورة الرمزية silverlite
silverlite silverlite غير متواجد حالياً
من انا؟: بحاول اعيشها صح !
التخصص العملى: اداره اعمال
هواياتي: القراءه -المتاجره- السينما الجيده وخاصه التاريخيه-الافلام التسجيليه - السيارات
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الموقع: القــــــــــــاهره
المشاركات: 13,002
silverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond reputesilverlite has a reputation beyond repute
افتراضي رد: مخطط تصفيه الثوره ,,

بين الثورية والسفاهة

د.عز الدين شكرى فشير


بين الحرص والجبن شعرة. فمن الحرص تجنب استعداء الناس، خصوصا السفهاء منهم. لكن من الجبن تملق الناس والامتناع عن قول الحق كيلا تغضبهم. وليس أسهل على الكاتب -أى كاتب- من تملق الجمهور، فهو جالس فى بيته يكتب، ولن تكلفه المزايدة على الجمهور شيئا، بل على العكس تزيده شعبية وتوسع قاعدة التأييد له وتغدق عليه من التعليقات والأوصاف ما ينتشى له. ولا مسؤولية تقع عليه، فهو فى نهاية الأمر يقول رأيا، ولا يحاسب أحد على رأى. ومن ثم، الأسهل، والأرخص، والأريح أن يقول الكاتب ما يعرف أن جمهوره يريد أن يسمعه، أو على الأقل يتفادى
الخوض فى ما يعلم يقينا أنه سيغضبه. لكن بما أنى لا أرتزق من الكتابة، ولا أنوى ترشيح نفسى فى أى انتخابات، فباستطاعتى أن أذهب عكس التيار، وأقول للجمهور ما لا يحب سماعه. وباستطاعة الغاضب أن يسبنى كما يشاء، فالمسبة تعيب صاحبها.وهكذا، أذكر أطراف السجال القائم حول اختيار مرشح رئاسى لقوى الثورة أن هناك فارقا، خيطا رفيعا، بين الثورية وبين السفاهة. الثورية رفض قاطع للوضع القائم، فى السياسة والأخلاق والفكر وثقافة المجتمع، وتصميم على تغيير هذه الأوضاع بشكل جذرى، واستعداد للتضحية من أجل تحقيق ذلك. أما السفاهة فهى، وفقا للمعجم، «رداءة خلق، خِفَّة وطَيش، جهل وحُمق وخفّة عقل، وإسراف وتبذير، وضلالة عن الحق، إهلاك النفس، والتصرف بما يناقض الحكمة‏». هذه الأوصاف غير الجليلة تختلط بعضها ببعض أحيانا. فهناك من يشعر بأن الثورية تبيح السفاهة وتتضمنها، وأن رفض الوضع القائم والإصرار على تغييره يعطيه رخصة للخفة والطيش والإسراف والحماقة، بل وإهلاك النفس.
هناك انتخابات رئاسية قادمة، وهناك واقع سياسى مزرٍ يجعل اختيارات القوى الثورية الديمقراطية المدنية محدودة: إما تدفع بمرشحها الخاص وهى تعلم أن احتمالات فوزه ضعيفة أو تتفاوض مع القوتين الأخريين -أو إحداهما- على مرشح مشترك. لكل اختيار عيوب وميزات. ومن ثم يستدعى حسم هذا الاختيار تفكيرا ثوريا حكيما، لا انفعالات ثورية سفيهة.
الثورة خلق لإمكانيات لم تكن موجودة. السفاهة هدر للإمكانية، وخصم من قوة الثورة وقدراتها. الثورة فيها استعداد للتضحية بالنفس، السفاهة إهلاكها. الثورة فيها رفض للنفاق الأخلاقى الذى يقوم عليه المجتمع وأدبه الزائف، السفاهة استباحة الناس وشرفهم. الثورة فيها إقدام، وإفساح المجال للخيال ولتوقع غير المتوقع، السفاهة الانقياد خلف الضلالات النفسية حتى بعد تبين وهميتها. الثورة فيها رفض القديم وطلب الجديد، السفاهة رفض القديم ورفض ما لا نعرفه.
أدعو كل من أخذ موقفا فى السجال الرئاسى قبل أن يتبين الأمر أن يتمهل قليلا، ويفكر قليلا، ويتقصى الأمر والناس. ولنتذكر جميعا أن العقل والضمير يحتمان علينا التعرف على من نجهله قبل أن نصدر عليه أحكاما، خصوصا إن كان ذلك الذى نجهله قد قال وفعل أشياء فى الماضى. فليس من الثورية فى شىء جعل جهلنا بالناس معيارا لتقييمهم، ذلك إعلاء وتقديس للجهل الذى أصابنا، الذى هو علة ثورتنا فى الأساس. وليس من الثورية فى شىء الفتى بغير علم، واختراع تفسيرات ونظريات لما يحدث حولنا، وأخذ الأمور بالشبه وبالشبهة دون دليل سوى أضغاث أفكار. الثورة فيها توسيع للمشاركة بحيث تشمل الجميع، لا الاستسلام للغوغائية بحيث ننقاد للعواطف والصوت الأعلى وننحى العقل جانبا.
أعلم أن هذا المقال لن يكسبنى أصدقاء جددا، لكنى أسير وراء شاعر الشعب أحمد فؤاد نجم حين قال: «مر الكلام زى الحسام يقطع مكان ما يمر، أما المديح سهل ومريح يخدع لكن بيضر، والكلمة دين، من غير إيدين، بس الوفا ع الحر».
__________________

رد مع اقتباس