[silverlite]

هل يكرِّر منصور خطأ مبارك ومرسى؟


إبراهيم عيسى



أخشى أن يكرِّر الرئيس عدلى منصور خطأ سابقيه فينتهى بنا الأمر إلى ندم بعد فوات اللحظة وحيث لا يكون الندم مفيدًا، خصوصًا فى مصر، فالندم لا يعلِّم الحكام المصريين شيئًا، فهم يكررون أخطاء سابقيهم بمنتهى الامتياز.
لو كان مبارك قد اتخذ القرارات التى اتخذها مساء ٢٨ يناير فى ٢٥ يناير، أو لو كانت قراراته يوم أول فبراير قد اتخذها فى ٢٨ يناير، لأصبح المشهد مختلفًا، لكن خطأ الرؤية كان حتميًّا لأنه لم يكُن الأول أبدًا.
ولو كان المشير طنطاوى استجاب للرأى العامّ وصرخة «الدستور أولًا» بدلا من التمسك الحرفى الضيِّق بخارطة الطريق التى وضعها له الإخوان مأسورًا بهم وخائفًا من قوتهم المتوهَّمة لكانت مصر قد صارت مسارًا طبيعيًّا وعاقلًا، ولم نكُن قد عككنا إلى هذا الحدّ مع المجلس العسكرى.
ولو كان مرسى نفسه قد اتخذ القرارات التى أعلن عنها فى خطابه الأخير قبلها بأسبوعين لاختلفت المسألة وتَغيَّر الموقف، ولكن ماذا تقول وهذه إرادة الله، أن نخلص من مرسى وإخوانه بسبب عماهم وغبائهم وانفصالهم عن الواقع وغرورهم التافه؟
نصل إلى لحظتنا الراهنة، حيث نلهج بالقول لسيادة الرئيس منصور إن الإصرار على خريطة الطريق لا شىء فيه مفيد لمصر، فهى بترتيبها المفترَض طبقًا للواقع الحالى تشدّ مصر نحو الارتباك والتوتر أكثر مما تضعها فى طريق ممهَّد معبَّد، ولا تضيف هذه الخريطة شيئا للوطن إلا استمرار الرئيس المؤقت منصور ثلاثة أشهر إضافية!
تضجّ مصر بمرحلتها الانتقالية التى تطول فتضربها الأزمات والتوترات والابتزازات من كل جانب، مصر يا سيادة الرئيس فى حاجة إلى تقليص الفترة الانتقالية الضبابية المرتبكة البطيئة التى تتعرض لفِخَاخ وألغام طيلة الوقت تهدِّد بقلقلة وضعها المؤقت. مصر تحتاج إلى وضع مستقرّ عاجل يضع اقتصادها على مسار تصحيحى فورى، إذ لا يتحمل البلد أن يعيش على معونات ومساعدات ومِنح دول الخليج هذه المدة كلها.
نحن نحتاج -كما يحتاج المريض إلى جراحة عاجلة تنقذه من العجز- إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معًا فى يوم واحد، ولا أظنّ، طبقًا لمناقشات مطوَّلة مع أساتذة قانون، أن هناك ما يمنع إطلاقًا، فضلًا عن إمكانية إدارية وتنظيمية متاحة وكاملة طِبقًا لما صرَّح به خبراء متخصصون، بينما لو صمَّم البعض لأسباب يرونها قانونية عدم الجمع بين الانتخابين (وهو كلام بلا معنى إلا التنطُّع القانونى فاقد البوصلة السياسية تمامًا!) فإنه يبقى مهمًّا أن تكون الانتخابات الرئاسية أولًا، إذ سوف تنشر البرلمانية توتُّرًا وتفتُّتًا فى البلد لا تطيقه حالتنا الحالية وستسمح بالصفقات القذرة والتحالفات الرخيصة والثغرات التى يمر فيها مخرِّبو مصر وكارهوها، فضلًا عن تنازُعٍ هو سمة أساسية فى الانتخابات التشريعية بين عائلات وقبائل وقرى وتيارات وأحزاب وآلاف المتنافسين، وتنتهى غالبا بأن يصبح البلد أقل حصانة أمام الفتنة، وأقل مناعة أمام الأزمة، وكل طرف ينتقم لخسارته أو يفرض شروطه عقب انتصاره.
لا أعرف مَن الذى يستشيره الرئيس منصور حين يتخذ قراره، لكننى أعرف أن كل الرؤساء السابقين فشلوا فى تحديد مسارنا، وأخشى أن يكون الحكم الحالى مُخلِصًا للفشل نفسه.